مع تفاقم ظاهرة تزويج الصغيرات لرجال في أرذل العمر سوف يأتي اليوم الذي تعين فيه
وزارة التربية والتعليم طبيبة نساء وولادة في كل مدرسة ابتدائية للبنات!، ومن المؤسف
حقا أن الكثيرين ما زالوا يقفون بصلابة في وجه سن قانون واضح يوقف هذه المهزلة ا
لإنسانية، ظنا منهم أنهم بهذه الطريقة يدافعون عن تعاليم الإسلام!، فهل يعقل أن ديننا ا
لعظيم يمكن أن يوافق على تزويج طفلة في العاشرة لشيخ ثمانيني تحقيقا لأطماع وليها ا
لمالية؟!.
هل يقبل هؤلاء المعترضون على القانون تزويج بناتهم بهذه الطريقة البشعة؟، الإجابة:
لا وألف لا، هل يستطيع هؤلاء أن ينكروا وجود قانون يمنع زواج السعودي بغير ا
لسعودية إلا بأذن؟، الأجابة: لا وألف لا، هل يريد هؤلاء إقناعنا بأن الإسلام يقف حائلا أ
مام قيام الدولة بحماية الأطفال من عبث أوليائهم بمصيرهم؟، الإجابة: لا أدري!.
كلنا نعرف أن هذه الزيجات هي عمليات بيع علنية للأطفال، فلماذا نضيع الوقت في
تحديد سن بلوغ المرأة، ونتساءل: هل يأتيها الحيض في التاسعة من عمرها أم في
العاشرة؟، وكلنا نعرف أن هذه الزيجات لا يمكن أن توافق عليها الأغلبية الساحقة من
الأسر السعودية، فلماذا نتردد في اتخاذ هذا القرار تجاه أقلية شاذة تشوه صورة الإسلام،
وتشوه صورة الرجل السعودي وتظهره كأنه وحش بلا قلب يستمتع بصرخات طفلة في ا
لعاشرة من عمرها!.
إن مواجهة كل زيجة من هذه الزيجات البشعة على حدة لن تجدي نفعا، ولا بد من سن
قانون يمنع زواج الصغيرات، خصوصا أن المملكة وقعت على اتفاقية حماية الطفولة،
ووزارة الصحة حذرت أكثر من مرة و(شكت لطوب الأرض) من المخاطر الصحية لزواج
الصغيرات، فأيهما أفضل: أن يجتمع علماؤنا وخبراؤنا لوضع قانون ينظم هذه المسألة أم
نقضي العمر ونحن نحارب المنظمات الدولية التي تطالب بحماية صغيراتنا؟.
أما الادعاء بأن هذه الزيجات تحدث بسبب العادات المتحجرة، فهو ادعاء كاذب لأن
العربي الحر لا يقبل بيع ابنته، حيث لم يعرف الناس هذه الزيجات العجيبة إلا بعد ظهور
البترول وانتشار الجشع وحب جمع المال، واسمحوا لي أن أروي لكم قصة شاعر من
قومي هو هليل بن حمدان ــ رحمه الله ــ الذي عاش أغلب حياته بدويا، ولم يستقر في
المدينة إلا وهو شيخ طاعن في السن، فوجد الناس يقولون بأن فلانا زوج ابنته بمائة
ألف ريال وفلانا زوج ابنته بمائتي ألف ريال!،
فتذكر ابنته (غريبه) التي ما زالت طفلة فعاد اليها يداعبها بقصيده مطلعها:
(يا غريب الزين بنتي يا غريبه .. يا حسين الدل يا عنق المهاتي ..
بنت عود ما تحيّل في نسيبه .. ولا تحيّل بالعلوم الخايباتي .
. حالف عن بيعها والله رقيبه .. وأقمحوا ياللي تبيعون البناتي).
. وبعد أن يواصل قصيدته الجميلة ــ
الموجودة في العديد من كتب التراث ــ يختتمها مؤكدا أن هذه الظاهرة دخيلة على عادات
العرب:
(بيعهن عند النشامى ما سعيبه ... ما خبرنا بالسلوم الأولاتي)!.