| رواية اسى الهجران | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 8:39 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباحاتكم أروع وأدفأ من قلوبكم الرائعة الدافئة . . اليوم نثرثر لكم شوي عن صياغة البارت نفسه هناك من نبضات قلبي من تطالب بصياغة معينة للبارت مثلا زيدي من حضور هذه الشخصية أو من حوار تلك الشخصية أو من وصف مشاعر تيك الشخصية كل أراءكم على رأسي وعيني وتسعدني فوق ما تتخيلون وأنا يا بنات لي طريقة معينة ومقصودة جدا في صياغة البارت وتقسيمه وصنع حواراته وسرده ووصفه وما أنزل أي بارت إلا بعد ما أكون راضية عنه أنا يعني والله أنا ما أقصد أني ما أرضيكم لكن صياغة البارت لازم تصدر من رؤية وحدة هي رؤيتي أنا حتى تستمر الرواية على نفس المنهج والمستوى صح أو أنا غلطانة يا نبضات القلب؟!!! . . بارت اليوم غريب شوي وعميق كثير أتمنى يعجبكم يرتكز على زوجين وزوجين وضعا في نفس الموقف ولكن من زوايا مختلفة ومشاعر متباينة جدا فبينما الكبرياء والشك يحضر بين زوج فإن العذوبة والشجن تحضر بين الزوج الآخر . . يالله استلموا . . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . . أسى الهجران/ الجزء السادس والثمانون
رجلان اثنان يجتاحهما شوقهما واحتياجهما لنصفهما الآخر مثقلان بالأسى والأذى ومصدران للأسى والأذى يحتاجان لحيلة ما لخلق الحصار.. وإعادة الحوار لِـمَ لا؟؟ كل شيء مباح في الحب والحرب فكيف حينما يكون هو الحب المباح والمتاح والمحال؟!!!!!
**********
واشنطن بيت يوسف
يوسف غادر البيت بعد أن وضع حقيبة باكينام في غرفته وهاهي باكينام تصعد بخطوات مترددة وصلت للغرفة.. جالت فيها بعينيها.. ليلة واحدة قضتها في هذه الغرفة ليلة واحدة بذكريات قرن كامل.. ألما ووجعا ويأسا ماذا وجدت من يوسف إلا الإهانة والتجريح ؟!! كل ما يرتبط بيوسف يجرحها لأبعد حد ويشجيها لأقصى حد ويهزها بلا حد
اقتربت أكثر قميصه ملقً على السرير..تناولته قربته من أنفها وهي تستنشق رائحته بعمق عبق رائحة يوسف!!!
احتضنت القميص وهي تشعر أن جروح قلبها لا تتوقف عن النزيف فهل لهذا النزف من آخر؟!! وهل لأوجاعها من نهاية؟!!
انتزعها من الموقف رنين هاتفها انتفضت بعنف وهي تلتقطه.. تنهدت وهي ترد: خوفتيني يا بت يا هيا
هيا بمرح: بسم الله عليش.. وينش؟؟ أنا في السكن ومشعل راح وخلاني بتجين أو أتصل فيه يرجع علي
باكينام بحرج: أنا في بيت يوسف
هيا انفجرت ضاحكة: نعم.. نعم.. عيدي ما سمعت
باكينام بغيظ: بلاش عبط يا هيا.. أنا مش نئصاكي
هيا مازالت تضحك: لا جد جد.. قولي لي أشلون صادش يوسف وسحبش لبيته ثم أردفت هيا بخبث: أو يمكن أنتي تبين تنصادين
باكينام بغيظ أكبر: بس يا عبيطة.. أنا صفية وستي فيكتوريا جايين لواشنطن عاوزاهم يجوو يلائوني طافشة من بيت جوزي وأنا ماليش تلات أسابيع متجوزة
هيا بصدمة: جداتش كلهم جايين.. فيه اجتماع للامم المتحدة بيصير في واشنطن؟؟
باكينام تضحك باصطناع: زريفة أوي يا بت ما تنسيش لازم تيجي تسلمي عليهم
هيا تبتسم: أكيد بدون ما تقولين.. خليهم الحين يرتاحون.. وبكرة بأخذ منش العنوان وأخلي مشعل يجيبني
*************************
بيت عبدالله بن مشعل باحة البيت الأمامية الساعة 9 صباحا
سيارة ناصر تتوقف في الباحة ومشاعل تنزل بعباءتها ونقابها بخطوات مترددة ثقيلة يغمرها طوفان من الخجل والارتباك............ والشوق
وقفت بجوار سيارة ناصر ناصر أنزل الزجاج وهو يهمس بحزم: اركبي
مشاعل توجهت للباب الخلفي ناصر بحزم أكبر: وين رايحة.. تراني ماني بسواقش.. رجالش يا مدام
مشاعل تنهدت وهي تتوجه للركوب جواره ركبت بصمت ورائحة عطرها الرقيق تخترقه بكثافة هي تعطرت بعفوية لأنها ذاهبة لنساء فقط أو...... ربما تعطرت من أجل من تجلس جواره ويغتالها اشتياقها له؟!!!
ناصر تحرك وهو يهمس بهدوء: مافيه سلام حتى؟؟
مشاعل بخجل: السلام عليكم
ناصر بذات الهدوء الذي لا يُعلم ما خلفه: وعليكم السلام.. أشفيش زعلانة؟؟
مشاعل بخجل حقيقي: بصراحة محرجة ومستحية.. وش تبي هلي يقولون علي أقول لهم ماني براجعة بيته.. ثم أروح معك وأرجع عليهم؟!!
ناصر بابتسامة جانبية وهما يصلان للمدرسة القريبة: محلولة يا بنت الحلال.. أنتي الحين خلصي مقابلتش وأنا أتناش هنا
************************
واشنطن بيت يوسف
باكينام استحمت ورتبت شعرها وتأنقت لأقصى حد لا تعلم هل هي تتأنق أمام جدتيها لتظهر بمظهر العروس أم تتأنق من أجله؟!!!
متوترة كثيرا تعود لبيت يوسف.. وفي وجود جدتيها الدقيقتي الملاحظة أي عذاب نفسي هذا؟!!!
نزلت للأسفل وهي تحمل زجاجة عطرها لتكون قريبة منها توجهت للمطبخ أشرق وجه ماريا بسعادة: أهلا بعروسنا الهاربة
باكينام تبتسم: أرجوكِ ماريا لا أريد أن تعلم جدتاي أنني لم أكن هنا أنا هنا منذ اليوم الأول لوصولنا واشنطن
ماريا تبتسم: لا تخشي شيئا.. جو أخبرني وأخبر سانتياغو.. تأكدي أننا حريصان عليكما ولكن أتمنى ألا تعاودي الهروب مرة أخرى
باكينام تبتسم: أخشى أني سأهرب فور عودة جدتيّ كلٌ لبلدها
ماريا بجزع: أرجوكِ لا تفعلي... جو كان غاية في الاكتئاب طيلة الأيام الماضية أرجوك ابنتي لا تضغطي عليه أكثر.. فهو على وشك إنهاء دراسته ويحتاج للتركيز.. وغيابك شتته تماما.. غالبا أدخل عليه لأجده مستغرقا في التفكير والحزن على محياه
باكينام شعرت بحزن شديد يخترم فؤادها.. لم تتوقع أن هذا المتوحش المدعو يوسف قد يتأثر من أجل غيابها
( وما أدراني أنه متأثر لغيابي قد يكون تأثره لأي سبب آخر فهو لا يحبني حتى يحزن لغيابي ويكتئب)
(وحتى وإن كان هناك سبب آخر لحزنه أليس ذلك السبب يكفيه.. حتى آتي أنا لأزيد همه هما)
(لست أنا سبب همومه بل هو السبب في كل شيء.. كل شيء)
***************************
الدوحة
سيارة ناصر
مشاعل أنهت مقابلتها وعادت لناصر الذي كان ينتظرها ركبت بهدوء يخفي أعاصير قلبها وناصر كان من تكلم: وش قالوا لش؟؟
مشاعل بهدوء: يبوني أدوام الأسبوع الجاي
ناصر بثبات : خير إن شاء الله
مشاعل همست بخجل.. وحزن ما يغمر فؤادها.. بالكاد رأته : خلاص رجعني
ناصر ابتسم وهما يقتربان من البيت: حاضرين
ولكنه بدل أن يدخل داخل سور بيت عمه عبدالله.. دخل إلى داخل بيت والده
مشاعل برعب: ناصر احنا ليش جايين هنا؟؟
ناصر بابتسامة شاسعة: بيتش يا قلبي
ناصر أصبح يعرف بجميع مخاوف مشاعل من لطيفة.. ولطيفة قررت مصارحة ناصر لأنها شعرت فعلا بعمق حبه لمشاعل ورغبته العميقة في عودتها إليه وناصر يرى أن تأجيل حل المشكلة سيأزمها وكلما تأجلت عودتها إليه.. ستجد أن العودة تصبح أصعب وأصعب وخصوصا أنه حتى الكلام ماعادا يتكلمان سويا
لذا لابد أن يضع مشاعل أمام المدفع.. ويجبرها أن تراه وتعرفه كما هو حقيقة ناصر بشخصيته الفعلية ليس ناصر القاسي الذي عرفته بعد عودته من الإصابة وليس شبح مخاوفها من تجارب شقيقتيها لطيفة وموضي أن يداوي هو جروح قلبها النازف وهي بقربه
مشاعل بغضب: عيب عليك ناصر تكذب علي.. أنت قلت إنك بترجعني البيت
ناصر يلتفت لها وهو يبتسم: أنتي اللي لا تكذبين علي أنا ماقلت نهائي إني بأرجعش لبيت عمي
مشاعل تعصر مخها تفكيرا وتذكرا لتجد جملة تدينها فيه.. ولكنه بالفعل لم يصرح أنه سيعيدها لبيت والدها بعد انتهاء مقابلتها
ورغم ذلك لم تنزل وهي تقول بغضب طفولي: ودني لبيت هلي أو بأروح بروحي
ناصر من بيت أسنانه: مشاعل انزلي قدامي.. أو بأجي لش أشلش وأنزلش
مشاعل بخوف: ماني بنازلة
ناصر نزل وهو يغلق بابه بصوت مسموع ..ويتجه لبابها ويفتحه.. قبل أن تنجح في محاولته المرتبكة لاغلاقه وهو يشدها ليحملها فعليا
مشاعل صرخت بخفوت مرتعب: خلاص ناصر بأنزل بروحي لا تفضحني
مشاعل نزلت بخطوات مترددة: وين أروح؟؟
ناصر بحزم: داخل البيت
مشاعل بمناشدة: حرام عليك تفشلني كذا في هلك
ناصر بذات الحزم: البيت الحين فاضي.. يالله قدامي مريم في الدوام.. وأمي وأبي رايحين الكَبرة..
مشاعل تتعثر في خطواتها وهي تفكر أنه حينما يرجع ناصر لعمله ستعود هي لبيت أهلها قبل أن ينتبه أحد ولكن ناصر قطع عليها خط الرجعة وهو يقودها للأعلى ويتصل في ذات الوقت بوالده ووالدها ثم بجدته ويبلغهم جميعا أن مشاعل عادت برضاها لبيتها المفترض
شعرت بيأس عميق أنه خطط لكل هذا.. تحبه ومشتاقة له ولكنها لا تريد العودة قبل شفاء جروح قلبها ولا تريد العودة بهذه الطريقة الإجبارية
وصلا للأعلى ناصر فتح لها باب إحدى الغرف كانت غرفتان واسعتان مفتوحتين على بعضهما ومأثثتان بذوق رفيع جدا هما غرفته وغرفة راكان السابقتان.. بعد أن أستأذن راكان في هذا التبادل وبدا هذا التبادل لراكان أكثر راحة مع فكرة الزواج الصوري السخيف المعقود بينه وبين موضي.. حتى يتلافى التمثيل أمام أهله
مشاعل دخلت بتردد وهي تقول بتوتر: زين وأغراضي؟؟
ناصر يبتسم: كلها هنا من كم يوم.. لطيفة جابتها
مشاعل بعتب عميق: يعني متفقين علي
ناصر يقترب منها وهو يمسح بظهر سبابته على خدها ولكنها ابتعدت لتترك سبابته معلقة في الهواء
تنهد ناصر.. يعلم أن مهمته صعبة.. وكأنهما في معركة بين شد وجذب همس لها بهدوء حازم: أنتي تبيني وإلا لا؟؟
صمتت مشاعل.. وردها واضح في صمتها
ناصر همس لها بحنان: وأنا أموت فيش... وش ذا العبط واحنا مسوين فيلم هندي وكل واحد يعذب في الثاني
مشاعل بألم: بس فيه شيء في نفسي انكسر
ناصر بعمق: الكسر نجبره.. وهالمرة بكل صدق ماني بجابرش على شيء بس خلش جنبي.. تعبت من بعدش خلش هنا واعرفيني عدل لين تشوفين إنه أنتي مستعدة تبدين معي حياة جديدة ننسى فيها كل اللي فات
*************************
واشنطن بيت يوسف
باكينام تنتظر بترقب وصول جدتيها.. مشتاقة لهما كثيرا وروحها الممزقة تحتاجهما لجوارها
وقتها كانت سيارة يوسف تتوقف في الخارج وهو يبتسم ويلتفت للعجوزين القويتين اللطيفتين الذكيتين ويهمس بالعربية ثم بالانجليزية: كما اتفقنا.. أنتما قادمتان لمفاجأة باكينام لا أريدها أن تعلم أني من طلبت حضوركما حتى لا تغضب مني فأنا رأيت أنها حزينة وتفتقدكما وأنتما تعلمان أن الفتيات يتأثرن في بداية الزواج لفراق أهلهن لذا أردتها أن تشعر أنكما تفكران بها.. كما هي تفكر بكما
العجوزان تبادلتا النظرات الخاصة فهما منذ وجودهما في القاهرة معا وكانت فيكتوريا تستعد للعودة لبريطانيا ووصلهما اتصال يوسف مع هذه الحكاية اللطيفة المحبوكة عن الزوج المحب المهتم بعروسه وهما تعلمان أن هناك ماهو أكبر بكثير وخصوصا مع استعجال يوسف وتوظيفه لمعارفه حتى ينجز لأنا صفية فيزا الدخول لأمريكا لأن فيكتوريا بجنسيتها البريطانية لا تحتاج لفيزا لذا قررت الاثنتان الحضور وبرأس كل منهما ذات التفكير "ما بها باكينام؟؟؟"
ما أن دخلت العجوزان حتى قفزت باكينام لترتمي في أحضانهما وهي تنخرط في بكاء جنائزي حاد موجع الجدتان ويوسف معهما انصدموا جميعا بل فُجعوا.. فبكينام القوية كانت تشهق بشكل مأساوي يوسف شعر بالتمزق وهو يتمنى أن ينتزع باكينام من أحضان جدتيها ليزرعها في أحضانه هو.. لم يتخيل أنه قد يرى هذه الأنثى الاستثنائية القوية تبكي يوما
باكينام نفسها لم تتوقع أنها قد تبكي ولكنها مرهقة.. مرهقة تماما موجوعة.. ومجروحة.. ورؤيتها لجدتيها فجرت كل أوجاعها
الجدتان تبادلتا النظرات ثم نظرتا ليوسف بعتب عميق وكأنهما تحملانه ألم صغيرتهما
صفية همست بحزم: بس بت باكينام.. دموع لا
وفيكتوريا تهمس بحزم مشابه: الدموع للضعفاء وأنتِ لستِ ضعيفة
باكينام تشعر بالألم.. وتريد أن تكون ضعيفة.. وتريد من يحتوي ضعفها ووجعها وانهزام روحها ولكنها لابد أن تبدو قوية أمامهما.. مسحت وجهها وهي تبتسم: أنا اشتقت لكما فقط . وحشتيني آوي يا أنّا
حينها يوسف اقترب ووضع يده على كتفيها.. انتفضت بعنف وذهول وهي تشعر بثقل ذراعه ودفئها على كتفيها ثم شعرت بقشعريرة باردة وهو يهمس في أذنها بدفء عميق: البكا مش عيب... سيبك من جنان الاتراك والايرلنديين احنا عرب وعندنا مشاعر سخنة مش عندهم
باكينام التفتت له بعينيها الغائمتين التي غرزت حزنا غائما في روحه ولكنه التفت للعجوزين وذراعه مازالت على كتفي باكينام وهو يقربها منه ويبتسم: كده تزعلوا عروستي وتخلوها تعيط
أنّا صفية من أجابت بحزم: أديك ئلتها.. عروستك لأنه بنتنا ما بتعيطش
يوسف طبع قبلة على شعر باكينام وهو يأخذ نفسا عميقا رغم أنه حاول أن يجعل قبلته عفوية وهو يهمس بمرح: أحلى عروسة.. ربنا ما يحرمنيش منها
باكينام مازالت مذهولة.. ماذا يخطط هذا اليوسف؟؟ ربما يريد فقط أن يبدوا عريسين طبيعيين أمام جدتيها
ربما!!!
باكينام أعادت الترحيب بجدتيها بحرارة وهي تريهما غرفتهما ليبدلا ملابسهما استعدادا للعشاء
ثم عادت ليوسف وهي تهمس له بغضب: ممكن أعرف إيه لزمة التمسيل ده؟؟
يوسف جلس وهو يرد عليها ببرود: أديكي ئلتيها.. تمسيل عاوزاني أديكي ألمين مسلا عشان تنبسطي
باكينام بغضب: أنته مخلوء غير مهيأ للتفاهم الإنساني خالص
يوسف يرفع حاجبا وينزل الآخر: سبنا التفاهم الإنساني والنفسي ليكي ما أنتي خبيرة في التفاهم الإنساني... والنفسي خصوصا
باكينام شعرت بألم إهانة حاد لأنها فهمت أنه يعرض بعلاقتها المفترضة مع حمد ويوسف تنهد وهو يشعر بألم عميق.. يبدو أن كل محاولاته للتناسي باءت بالفشل مع أول حوار بينهما سيبقى شكه فيها حاضرا كوحش مرعب يقف بينهما لا يستطيع أن ينسى بل يستحيل مادامت هي لم تبرر له شيئا.. ولم تدافع عن نفسها وهاهو الحائط يزداد ارتفاعا بينهما والجرح يزداد تعمقا
مضت فترة العشاء على خير الجدتان أشعلتا أبراج المراقبة وهما تتفحصان علاقة باكينام بيوسف ويوسف علم أنه لعب لعبة خطرة بإحضار العجوزين فلو علمتا أن باكينام غاضبة منه فهو يعلم أنهما ستقفان في صفها وقد يجبرانه على تركها ولكن كان احضارهما حله الوحيد لإجبار باكينام على العودة إلى حياته يعلم أنه يلعب بالنار.. ولكنه سيستخدم كل ذكائه لإكمال اللعبة باكينام لن تخرج من سجنه.. يشك بها!!.. يحتقرها!!.. ولكنه يريدها!! ومجنون بها
باكينام حاولت أن تبدو طبيعية جدا أمام جدتيها وأنها سعيدة مع يوسف وتحبه رغم أنها أبعد ما تكون عن الطبيعية والسعادة ولكن ماذا عن الحب؟؟ نعم.. تحبه في هذا لم تكذب ولم تمثل..
انتهى العشاء والعجوزان استأذنتا للراحة والنوم فهما متعبتان من الرحلة الطويلة تبقى يوسف وباكينام.. يطوف حولهما جو مشحون تماما حرب نظرات صامتة مشتعلة تستعر بينهما وكانت باكينام من أنهت هذه الحرب حين نهضت وتوجهت للأعلى تريد الهرب من أمامه تخشى فتح حوار ينتهي بتجريحه لها
يوسف كان يريد التحجج بإطروحته ليتركها ولكنه لم يستطع تركها تغيب عن عينيه فهو لم يرتوي من النظر إلى محياها العذب بعد
تبعها للأعلى
فور وصولهما.. التفتت له وهي تقول بحدة: إياك تفكر تلمسني
اقترب منها يوسف بهدوء وهو يثبت عينيه على عينيها ويهمس ببرود: لو فكرت ألمسك دا حئ من أبسط حئوئي.. وأنتي مالكيش حئ تمنعيني
باكينام تتنهد بعمق: أنا عاوزة أعرف انته ليه بتكون كويس لحد ما توصل عندي وكل البشاعة اللي فيك بتطلعها فيا
اقترب منها أكثر واحتضن وجهها بين كفيه وهمس لها من قرب بدفء حقيقي عميق: وحشتيني
باكينام شعرت بالتبعثر ودفء صوته يتسلل لروحها وأحرف كلمة (وحشتيني) تخترقها بكل العنفوان ولكنها همست بألم: وحشتك بأي معنى؟؟ وحشتك كروح بتنبسط بإهانتها؟؟ أو وحشتك كجسد رخيص للاستهلاك الحيواني؟؟
يوسف تنهد بعمق وهو يشدها ليدفنها بكل قوته بين أضلاعه: باكينام أنتي ما بتتعبيش من الحرب؟!!! هدنة ادينا هدنة سيبك من وحشيتي وسيبك من غرورك وادينا هدنة.. وحشتيني وخلاص.. ليه عاوزة تخربي كل احساس جميل بيننا
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 8:51 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباح الورد والفل والياسمين . تدرون بنات كان فيه شيء في علاقة موضي وراكان توقعت إن بعض قارئاتي الذكيات بينتبهون له بس ماحد انتبه مثل الطريقة اللي انا توقعت انه البعض قد يلاحظها
ما تلاحظون يا بنات أني أكثر من مرة شددت إن موضي مملوحة لكنها ليست بجمال أيا من شقيقتيها ولا حتى مشاعل اللي جمالها هادي بينما راكان شافها جميلة إلى حد الإبهار ما أدري.. ما أوحى لكم هذا بفكرة معينة قد تكون خاطئة أو صائبة الله أعلم بس أنا الموقف نفسه كان مقصود عندي وتوقعت تنتبهون له بس ماصار!!
تكلمت عن موضي وراكان لأن قفلة اليوم عليهم قفلة انتظرتوها من زماااااااااان واليوم تصير بطريقة ما أعتقد انكم توقعتوها . استلموا . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله أسى الهجران/ الجزء السابع والثمانون
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل الجديدة بعد صلاة الظهر وقبل الغداء
مشاعل متوترة جدا.. تعلم أن ناصر على وصول بعد أن غادرها صباحا وعاد لعمله تشعر بخجل كاسح لم تتحرك من الغرفة مطلقا ولا تستطيع وضع عينيها في عيني أي أحد من أهل البيت
طرقات رقيقة على الباب مشاعل بخجل: من؟؟
من خلف الباب بصوتها الهادئ: مريم
مشاعل قفزت لتفتح الباب بسرعة رغم أنه مفتوح ولكن احتراما لمريم ومكانتها عندها
سلمت على مريم.. ومريم احتضنتها بحنو وهي تهمس بترحيب حقيقي دافئ: تو ما نور بيتنا.. حتى لو أنا ما شفت النور بس حاسه فيه إن شاء الله عجبش مكانش الجديد؟؟
مشاعل بخجل: الحمدلله فديتش..كل شيء زين
مريم بحنان: زين انزلي تغدي معنا أنا وأمي
مشاعل بحرج وصدق: بصراحة مستحية يا مريم.. منحرجة أحط عيني في عين عمي وإلا أمي أم مشعل
مريم بهدوء عذب: اسمعيني مشاعل.. هونها وتهون يعني إذا أنتي كبرتيها تكبر.. وإذا أنتي صغرتيها تصغر يعني دامش بتحطين السالفة كبيرة وانش منحرجة.. بتخلين ابي وامي يلاحظون انه فيه فعلا شيء كبير بينما لو نزلتي عادي وتعاملتي مع الوضع عادي.. بتحسسينهم إن الموضوع بسيط واللي صار بينش وبين ناصر مجرد خلاف عادي مثل اللي يصير بين كل المتزوجين
مشاعل ابتسمت برقة: خلاص مريم ألبس وأنزل..
مريم نزلت ومشاعل انشغلت في تغيير ملابسها والتأنق وهي أمام المرآة دخل ناصر توترت سلم.. ردت عليه بتوتر
ناصر ابتسم دون أن يقترب منها رغم أن شوقه لها يغتاله ويهزه بعنف: مايصير كل ما تشوفيني كنش شايفة جني
مشاعل ابتسمت: عطني وقت لين أتعود..
ناصر وهو يتجه للدولاب: زين أنا بأبدل.. وبأتغدى في المجلس وعقبه بأرجع للشغل عندنا مؤتمر.. وماني براجع إلا في الليل
مشاعل باهتمام: مهوب تعب عليك؟؟
ناصر بمرح: خلش تخلصين من غثاي اليوم
************************
الدوحة بيت فارس بن سعود
غرفة فارس والعنود بعد الغداء
فارس يفتح الباب بهدوء فهو أصبح يعرف بخيبة أمل العنود اليوم بعد انتهاء فحوصها.. ومن ناحية أخرى هو قلق عليها وعلى إرهاقها ويشعر أنه قد يكون أرهقها بكثرة التنقلات والتحركات والجولات حينما كانا في تركيا تطوف دائما في مخيلته بعذوبتها ورقتها وأنوثتها المصفاة وكأنها قد تنكسر من شدة رقتها ولكنها تفاجئه دائما بقوتها الشفافة
دخل بخطوات ثابتة هادئة كانت تتمدد على سريرها.. حين رأته جلست وهي تبتسم له ابتسامتها التي تأسره وتأسر روحه على أطراف شفتيها
جلس جوارها وهو يهمس لها بحنان: سلامات ياقلبي
ابتسمت العنود: مافيني إلا العافية ثم أردفت بنبرة حزن: ولو أني تأملت إنه يكون فيه شيء ثاني
فارس شدها برقة واحتضنها وهمس في أذنها بعمق: ياقلبي تو الناس على ويش مستعجلة؟؟ تبين حد يشغلش عني يعني؟؟
العنود رفعت رأسها عن صدره وهي تهمس بضعف: يعني جد منت بمتضايق؟؟
نهض فارس ليبدل ملابسه وهو يهمس لها بصدق شاسع ووله مصفى: إذا قدش جنبي.. ما أبي من الدنيا شيء ثم أردف باهتمام: المهم الحين تواضبين على كورس علاجش.. أنا اتصلت في المركز وحطيت مواعيدش كلها المسا... عشان أنا اللي أوديش
**************************
دبي وقت الغداء مدينة جميرا
راكان وموضي أنهيا غداءهما وهاهما يجلسان على إطلالة رائعة من إطلالات مدينة جميرا
راكان بهدوء فخم: موضي ترا ناصر أستاذني يبي يأخذ هو غرفتنا واحنا نأخذ قمسه وأنا رخصت له.. أتمنى ما يكون عندش مانع
موضي توترت نوعا ما.. وجودها معه في مكان منفرد.. أعاد لها ذكريات انفراد حمد بها وهي تصرخ دون أمل في أن ينقذها أحد من براثنه ولكن رقته الفخمة وهو يقول (غرفتنا) رغم أنها لم تكن يوما غرفتها.. أذابت شيئا ما في روحها بعفوية غضة
موضي ابتسمت: أفا عليك راكان.. وهو عقب كلامك كلام.. أو تظن إني بارادك في شيء أنت عطيته..
راكان يبتسم لها بدفء: على العموم قسم ناصر أحسن.. والشيء الثاني أنا عقب رجعتنا للدوحة بشوي مسافر لسنغافورة عندنا بطولة آسيا للرماية تقدرين تروحين بيت هلش لو حبيتي لين أرجع
شعرت موضي بما يشبه إحساس ضياع موجع.. فهي طوال أكثر من أسبوع كانت ملتصقة به كظله فكيف ستتوازن بعد سفره؟!!
هزت رأسها وهي تهرب من أسر أفكارها.. لتبتسم وتهمس له برقة: إن شاء الله الذهبية ذا المرة
راكان ضحك: يعني تذكريني إني و لا مرة خذت ذهبية أولمبية
موضي تبتسم: بس خذت أكثر من ذهبية محلية وخليجية وعربية فما فيه داعي للتواضع على غير سنع
راكان يبتسم: بس ذهبية القارة غير
موضي تعاود الابتسام: بس خذت فضية وبرونزية قبل كم سنة في الدورة اللي فاتت... لا تصير طماع
راكان يعاود الضحك: ماشاء الله عليش.. حافظة ميدالياتي أكثر مني
موضي تضحك بخفوت عذب: في هذي لا تصير مغرور.. لاني حافظة ميداليات ناصر بعد ماعندنا أبطال غيرك أنت وياه
راكان بعمق: ادعي لي ذا المرة أجيب الذهبية.. كل مرة أكون قريب.. قريب.. يصير في الأخير اللي يخرب علي أحس أحيانا كأنه الفرح كثير علي
موضي بجزع: تكفى راكان ما تقول كذا.. قلبي عورني مع كلمتك والله العظيم
راكان ابتسم: بس أكيد الحظ ابتسم لي يوم بعث لي ربي خوي سفر مثلش
موضي بحزن شفاف: شكرا على المجاملة.. ولو أنك ما ضبطتها
*****************************
واشنطن دي سي بيت يوسف قبل الظهر بقليل
باكينام فتحت عينيها بكسل مازالت لم تستوعب مكانها وهي تظن أن أحداث الأمس كلها ليست سوى حلم طويل مليء بالهلوسات رائحة عطر رجالي فخم تحيط بها فتحت عينيها لتجد رأسها على صدر يوسف انتفضت وهي تقفز مبتعدة بجزع
نظرت من بعيد ليوسف المستغرق في نومه فهما لم يناما حتى صليا الفجر مثقلان بالجرح والحب
تنهدت باكينام بعمق (أي كابوس جميل هذا؟!! كابوس وجميل؟؟!! أي تناقض تسقيني إياه يا يوسف؟!!)
غيرت ملابسها وارتدت فستانا زهريا لمنتصف ساقيها ماسكرا بلون أخضر داكن.. وبعضا من ملمع شفاه زهري لتبدو طلتها كزهرة صباح مشبعة بالندى
نزلت وهي تشعر بخجل عميق من جدتيها لأنها تأخرت في النوم لابد أنهما صحتا منذ وقت مبكر
وبالفعل كانت الجدتان تجلسان في الأسفل بالقرب من المدفأة الحجرية ويرتشفان قهوة ساخنة أعدتها لهما ماريا فمازال الجو شديد البرودة في واشنطن مع أواخر شهر فبراير ولكن البيوت غالبا مدفأة بتدفئة مركزية كما هو حال بيت يوسف ولكن الجدتين أرادتا الاستمتاع بدفء أكبر قرب النار
باكينام تنهدت وهي تسلم بمرح: صباح الخير لأحلى جدتين على الكرة الأرضية
كل جمل باكينام تقولها مرتين بالعربية مرة وبالانجليزية مرة أخرى
الجدتان نظرتا لها بتفحص.. وكأنهما تريدان سبر أغوارها صفية ابتسمت: صباح نادي يا عروسة وشك زي ورد النهاردة مش زي امبارح دبلان وتعبان حتى وانتي حاطة مكياج امبارح كان باين تعبان بس دلوئتي زي ئمر
كحت باكينام بحرج.. أ يكون لقرب يوسف هذا التأثير الواضح عليها حتى في شكلها؟!! روحها تتفتح كزهرة نيسان في قربه ووجهها يشرق في حضرته وكأنها زهرة دوار الشمس التي تتجه للشمس ويوسف هو شمسها التي تمدها بالإشراق والحياة
فيكتوريا أشارت لها أن تجلس جوارها جلست بجوار فيكتوريا التي احتضنت كتفيها وهمست لها: كيف هو جو معكِ؟؟ هل أنت سعيدة معه؟؟
ابتسمت باكينام وهي تجيبها بصدق: أحبه
ابتسمت فيكتوريا: لا تلاعبيني يا فتاة فحبك له واضح حتى لمن لا عينان له لم أسألك إن كنت تحبينه سألتكِ هل أنتِ سعيدة معه؟؟
عاودت باكينام الإبتسام: سعيدة
فيكتوريا تنهدت: سأكتفي اليوم بإجابتك الأولى لأنها أكثر صدقا
صفية همست بتقطيب: مالك بتتساسري أنتي وأنتك الخوجاية؟؟
باكينام ابتسمت: انتو مش بئيتو صحاب خلاص؟؟
صفية تبتسم: آه صحاب ولا حد فينا فاهم التاني.. بنتكلم بالإشارة
باكينام بحماس: اليوم هألف بيكم واشنطن كلها.. حتى البيت الأبيض هأخليكم تزوروه (ذات الجملة أعادتها بالانجليزية)
فيكتوريا تبتسم: زرت واشنطن عدة مرات مع ويليام
باكينام تبتسم: رأيتي واشنطن بعين ويليام.. اليوم ترينها بعيني
وهما في حواراتهن.. رن هاتف باكينام.. كانت هيا
باكينام بمرح: اهلا يا هيا
هيا برقة: هلا فيش.. عطيني عنوانكم بأصلي الظهر وبأجيكم وتراني بأجيب غداكم معي
باكينام بحرج: ايه تجيبي غدا معاكي؟؟ مالوش لزمة
هيا تبتسم: عيب عليش.. انتي شبعتي عندي اكل خليجي خليني أذوق جداتش ويوسف وعلى فكرة ترا مشعل بيجي معي يتعرف على يوسف فحطي في بالش تجهزين لهم مكان بعيد عنا
باكينام بترحيب حقيقي: اهلا وسهلا فيكي وفي الدكتور مشعل ويوسف هينبسط كتير انو يتعرف عليه
(قالت هذه الجملة وهي لا تعلم حقيقة هل يوسف يرحب أو لأ)
جهزت مكتب يوسف لاستقبال مشعل ثم صعدت لتصلي الظهر ولتخبر يوسف
حين دخلت كان يوسف يتوضأ للذهاب للمسجد
خرج.. نظر لها بتمعن.. وعيناه تمسحان إطلالتها التي تعذبه همس بنصف ابتسامة: الحلاوة دي كلها عشان أنّا وفيكتوريا؟؟
باكينام بتوتر غير مفهوم: تئدر تئول كده؟؟
كان يرتدي ملابسه وهي تدور في الغرفة.. وواضح تماما أنها تريد أن تقول شيئا
يوسف كان يتناول جاكيته وهو يهمس لها بهدوء: فيه إيه باكي؟؟
باكينام بتردد: صاحبتي هيا جايه تزورني وتسلم على ستاتي وجوزها جاي معاها يتعرف عليك هو طالب دكتوراة وهيخلص ئريب زيك تمام ممكن تكون كويس معاه؟؟
يوسف نظر لها باستغراب: أنتي فكراني همجي بجد وإلا إيه؟؟ الراجل جاي لحد بيتي.. دنا أحطه فوء دماغي.. مش عشانك.. لكن عشانه ضيفي أنا
ثم أردف بضيق وهو يعطيها ظهره ويحكم إغلاق سحاب الجاكيت و يخطر له خاطر مؤذٍ: وإلا تكوني فاكرة إني هاشوف في كل راجل خليجي صورة غريم يفكرني بحبيب الئلب؟!!
تنهدت باكينام بألم عميق.. وهي تسحب أنفاسها بألم أكبر هذه المرة الإهانة كانت حادة.. حادة.. موجعة لأبعد حد (لماذا يوسف؟؟ لماذا تستمتع بتعذيبي وأذيتي لهذا الحد؟!! ماذا فعلت لك لأستحق منك هذا التجريح؟!! هل تعلم يوسف لست نادمة أبدا أني لم أخبرك الحقيقة لست نادمة أنت تستحق كل الألم الذي تعيشه فمهما كان ألمك فهو ليس بمقدار ألمي احترق يوسف.. احترق أكثر.. وأكثر)
باكينام ردت عليه ببرود رغم أنها تغلي في داخلها: تعرف أنك أحقر راجل على وش الأرض مادمت بتشك فيني وتحتقرني.. متمسك فيا ليه؟؟ بتئربني منك ليه؟؟ بتتنازل تلمسني ليه؟؟ اعتئني.. اعتئني.. وارتاح مني
يوسف يمسك ذراعها ويشدها إليه وهو يهمس من بين أسنانه: ولا تحلمي في يوم إني ممكن أسيبك تبعدي عني أنا وأنتي خلاص اتربطنا ببعض والحاجة التانية أوعي تطولي لسانك عليا مرة تانية
ثم أفلتها وهي تدعك ذراعها الذي يألمها تنهد بعمق وهو يغادر للصلاة ويهمس لها: ضيوفك هم ضيوفي ما تخافيش مش هأحرجك بهمجيتي
**************************
بيت محمد بن مشعل بعد المغرب
جمعة عائلية نسائية بمناسبة عودة مشاعل وإن كان أحدا لم يصرح بأن هذا هو السبب حتى لا يحرجن مشاعل المحرجة أصلا
أم مشعل هتفت بصوت عال: يا جماعة ترا راكان وموضي بيوصلون بكرة في الليل وإن شاء الله بسوي لموضي عشاء كبير بعد بكرة.. عشان كن البنيات يبون يتجهزون
معالي كانت أول من تكلم وهي تقول بحماس مفتعل وإن بدا للكل حقيقيا: الله يهداش خالتي توش تقولين يا الله إن شاء الله بكرة يكفينا نتجهز
معالي سارعت للكلام حتى تصرف الانتباه عن وجه والدتها وشقيقتيها اللاتي غمرهن حزن شفاف فمازال موضوع زواج موضي من راكان يسبب الألم لهن وخصوصا مع معرفتهن أن حمد سيعود قريبا تعلمن أنها ماعادت تحل لحمد حتى ولو لم تكن تزوجت.. ولكنهن يعلمن أيضا أن هذا لن يمنع حمد من الشعور بالحزن العميق فهن كن يعلمن تماما ولعه الجنوني بموضي وحبه اللا محدود لها..
الجدة ردت على معالي وهي تنهرها: قصري حسش يا بنت.. وش ذا الفلاج؟؟ ماتعرفين السحا؟!!
معالي جلست جوار جدتها وهي تحتضن ذراعها وتقبل كتفها: كذا يا هويه تفشلين بنتش المزيونة
الجدة ابتسمت وهي تقرص ذراع معالي: أما مزيونة وتفشلت.. فكثري منها يأمش
معالي تدعك القرصة: وأنا أقول أمي من وين متعلمة تقبص كذا.. أثرها خذت كورس عند الرأس الكبيرة
الجدة بخبث لطيف: أمش كانت قبصتها غير.. أنتو يا بنات ذا الزمن مدلعات لو أقبصش مثل ما كنت أقبص أمش.. كان فضحتينا بصياحش
زاوية أخرى العنود تجلس بجوار مريم مريم بحنان: سلامتش ياقلبي.. كله من اهمالش لأكلش الله يهداش
العنود تبتسم: لا تسوين لي مثل فارس..كل كبدي من كثر ما يوصيني: كلي كلي.. هذا أنا بأخذ الأبر وأصير أحسن
مريم بتساءل حذر حنون: مبسوطة مع فارس؟؟
العنود بصدق: مبسوطة فوق ما تتخيلين.. فارس إذا كان رايق يجنن يجنن فديته الله يبعد عنا بس عصبيته وغيرته ويكون كل شيء تمام
مريم تبتسم وهي تحتضن كف العنود: وأنتي لا تسوين شيء يخليه يعصب وإلا يغير ويكون كل شيء تمام
زاوية ثالثة لطيفة ومشاعل
مشاعل بعتب: كذا يا لطيفة تتفقين مع ناصر علي
لطيفة تبتسم: أبي أسوي فيش خير.. شوفي حتى لو سويتي روحش زعلانة أدري أنش مبسوطة.. شوفي عيونش أشلون تلمع
مشاعل كحت بحرج
ولطيفة تكمل بذات الابتسامة: أنتي على قولت عجايزنا "اغصبني واتغيصب"
مشاعل بصدمة وخجل: أنا؟؟
لطيفة تضحك: ميشو مهوب علي... أنا مربيتش يا بنت خلي التمنان والدلع لناصر مهوب لي يا بنت الحلال تدلعي عليه وأنتي عنده... خلونا من غرام المراسلة الفاشل ولا تطولين الدلع.. أنا مشتاقة لبيبي صغنون ألاعبه وجودي شبعت من الدلال.. خل يجي ولد عمها وخالتها ويخرب عليها
مشاعل شرقت وكلماتها تخرج متناثرة بصوت خافت مكتوم: لطيفة أنتي شكلش كبرتي وخرفتي
***********************
دبي جناح راكان وموضي بعد صلاة العشاء
عاد الاثنان للفندق ليصليا ويغيرا ملابسهما ليعاودا الخروج للعشاء خارجا ثم يتمشيان قليلا على الخور فالليلة ليلتهما الأخيرة في دبي
موضي كانت تصلي في الغرفة بينما راكان ذهب للمسجد حينما انتهت كان راكان يعود همس لها بهدوء: أنا بأخذ شاور على ما تلبسين
موضي توجهت للمرآة وهي تتناول كريما من حقيبتها فتحت أزارار قميصها وهي تكشف عن كتفها الأيسر كانت تتأمل الأثر الواضح بألم شاسع مهما حاولت التناسي.. لا تستطيع أن تنسى الطبيبة أخبرتها أن لون الأثر سيخف مع الوقت ومع العلاج ولكنه لا يخف.. والجرح بروحها يتعمق
(إلى متى ؟؟ إلى متى وهذا الوجع يستوطن روحي وشراييني؟!! كم أتمنى أن يأتي اليوم الذي أنسى فيه كل هذا.. وأحلق أحلق أحلق حتى حد النجوم.. وأداعب وجنات القمر متى أعود كما كنت؟؟ مخلوق معجون بالحياة والإشراق والتألق روح محلقة محلقة محلقة!!)
تنهدت وهي تعود من أفكارها ومدت يدها للكريم لتأخذ منه بعض النقاط لتمدها على الأثر ولكن قبل أن تصل للعلبة التي وضعتها على التسريحة فُجعت بيد قوية تمسك بمعصمها وصوته يصلها هادرا عميقا موجعا: لفي خليني أشوف كتفش
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رد: رواية اسى الهجران الجمعة يناير 27, 2012 9:01 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباحكم إشراق وسعادة وقرب ومودة . بارت اليوم من بارتاتي القريبة جدا جدا جدا من قلبي قد يكون موجعا بعمق ولكنه ذاك الوجع العميق الذي يثري الروح . لن أطيل استلمو . قراءة ممتعة مقدما . بعد أذنكم سأغيب ليومين اجباريا وموعدنا صباح السبت إن شاء الله . لا حول ولا قوة إلا بالله . . أسى الهجران/ الجزء الثامن والثمانون
دبي جناح راكان وموضي بعد صلاة العشاء
عاد الاثنان للفندق ليصليا ويغيرا ملابسهما ليعاودا الخروج للعشاء خارجا ثم يتمشيان قليلا على الخور فالليلة ليلتهما الأخيرة في دبي
موضي كانت تصلي في الغرفة بينما راكان ذهب للمسجد حينما انتهت كان راكان يعود همس لها بهدوء: أنا بأخذ شاور على ما تلبسين
موضي توجهت للمرآة وهي تتناول كريما من حقيبتها فتحت أزارار قميصها وهي تكشف عن كتفها الأيسر كانت تتأمل الأثر الواضح بألم شاسع مهما حاولت التناسي.. لا تستطيع أن تنسى الطبيبة أخبرتها أن لون الأثر سيخف مع الوقت ومع العلاج ولكنه لا يخف.. والجرح بروحها يتعمق
(إلى متى ؟؟ إلى متى وهذا الوجع يستوطن روحي وشراييني؟!! كم أتمنى أن يأتي اليوم الذي أنسى فيه كل هذا.. وأحلق أحلق أحلق حتى حد النجوم.. وأداعب وجنات القمر متى أعود كما كنت؟؟ مخلوق معجون بالحياة والإشراق والتألق روح محلقة محلقة محلقة!!)
تنهدت وهي تعود من أفكارها ومدت يدها للكريم لتأخذ منه بعض النقاط لتمدها على الأثر ولكن قبل أن تصل للعلبة التي وضعتها على التسريحة فُجعت بيد قوية تمسك بمعصمها وصوته يصلها هادرا عميقا موجعا: لفي خليني أشوف كتفش
موضي انتفضت برعب وهي تحاول شد طرف قميصها لتستر كتفها العاري عن نظرات راكان الغامضة العميقة والموجعة كانت نظراته خليط من غضب ويأس وألم مر.. ومشاعر أخرى عميقة ومجهولة
(الله يأخذني.. الله يأخذني أشلون ما انتبهت إنه طلع من الحمام وهو ليش طلع بسرعة كذا؟!!)
كانت تنظر له برعب موجع وهو يقف أمامها عار الصدر إلا من ضمادة كتفه التي أصبحت أصغر حجما بعد تحسن حالته وهو يقيد يديها الاثنتين ليمنعها من محاولة تغطية كتفها ويهمس لها بعمق غاضب ناري مختلف لأبعد حد اشتعالا وعمقا: منه؟؟ صح؟؟
صمتت وعيناها تغرقان في بحر من الدموع.. دموعها نحرت روحه وهي تهمس برجاء موجع : تكفى راكان.. هدني
راكان أطلق أسار يديها مجبرا من أجل رجائها الذي لم يستطع رده وسارعت لاغلاق أزرار قميصها حتى آخر عنقها كانت تريد الهرب من أمامه ولكنه لم يمنحها الفرصة وهو يثبتها في مكانها و يحكم إمساك عضديها بقوة كانت تنظر للأسفل ووجهها غارق في دموعها الصامتة همس لها بعمق: موضي طالعيني
لم تستطع رفع عينيها إليه.. شدها وأجلسها على السرير وجلس جوارها مد سبابته لذقنها ورفع وجهها برقة.. همس لها بألم لم يستطع إخفاءه: ليش تبكين؟؟
وهمست له بألم لم تحاول إخفاءه: وأنت ليش طلعت من الحمام بسرعة؟؟
راكان تنهد بعمق: رغم أن هذا مهوب جواب.. بس طلعت لأني نسيت أجيب ضمادة عشان أغير هذي إذا تسبحت..(قالها وهو يشير لضمادته)
راكان رغم تحكمه الكبير بأعصابه.. إلا أنه كان يعاني غضبا صاخبا يثور في أعماقه كالبراكين كانت حمم غضبه تتدفق في موجات متتالية بكاءها وانكسارها ووجيعتها جعلته مستعدا حتى للقتل حتى يمحي نظراتها المبللة بالدموع
راكان مد يده لأزرار قميصها ليفتحه وهو يهمس بعمقه الخاص الذي لا يشبه أحدا سواه: خليني أشوف يا موضي
موضي قفزت مبتعدة وهي تضم جيبها بيدها الاثنتين راكان وقف في طريقها ليمنعها من الهروب للمرة الثانية همس لها بذات العمق الموجع: موضي ليش تعقدين نفسش على شيء ما يستاهل؟!! عشان أثر بسيط في كتفش؟؟!! هذا أنا عندي أثر أقوى في كتفي
(قالها وهو ينتزع ضمادته بحدة لتظهر علامات غائرة في كتفه مكان أنياب الذئب)
موضي بألم عميق جارح: وتقارن نفسك فيني؟؟.. أنت رجال ما يعيبك أي شيء لكن أنا غير.. غير
راكان يمسك بمعصمها ويشدها قليلا باتجاهه وهو يجيبها بعمق شاسع مذهل: أنا وأنتي ما بيننا فرق.. مثل ما أنتي تشوفين إنه ما يعيبني شيء أنا أشوف إنه ما يعيبش أي شيء مهما كان.. فشلون بأثر سخيف تافه مثل هذا؟!! ليش الحياة يعني ما تقوم إلا على جسد مثالي خالي من العيوب؟؟ ونغدي حن عبيد أجساد مسعورين؟؟
الإنسان كله مخلوق مليان عيوب في روحه اللي هي العماد فشلون وأنتي وروحش وحتى في شكلش كاملة والكامل وجه الله.. الأثر هذا اعتبريه كفارة لكمالش
موضي ماعادت تحتمل كل هذا.. كل هذا كثير عليها.. كثير
انخرطت في بكاء حاد هستيري وهي تنهار على الأرض راكان فُجع وهو يراها تسقط أمامه وتنهار في عاصفة من الدموع شدها للأعلى بقوة وحنان ليزرعها بين أضلاعه وهو يحتضنها بقوة متملكة وحنان مصفى موضي شعرت بانهيار فعلي وأحاسيس ثورية تغتال مشاعرها وهي تستكين بأمان في أحضان راكان شعرت أنها أخرى.. في مكان آخر.. في زمن آخر أهدرت كل طاقة بكائها ونشيجها وهي بين أحضانه أغرقت صدره بدموعها الغزيرة حين تعبت من العويل صمتت وهي تشهق بخفوت.. وهو لم يفلتها مطلقا حتى هدأت تماما حينها أبعدها قليلا لينظر إلى وجهها الذي تورم من البكاء بدت له أكثر جمالا وعذوبة مما يمكن أن يحتمل مخلوق بشري أكثر رقة وفتنة من أي تصور خيالي موغل في الخيال
مسح بأنامله دموعها التي لا تتوقف سيولها..مسحها بكل الحنان المتجسد الذي قد يوجد على الكرة الأرضية وهو يمعن النظر في رموشها المبتلة وشفتيها المرتجفتين وخديها المحمرين
ثم.. احتضن وجهها بين كفيه لترفرف قبلاته العميقة الدافئة على مختلف أجزاء وجهها ودموعها مستمرة بالانهمار في صمت
*************************
واشنطن أمام بيت يوسف الساعة الواحدة والنصف ظهرا
كانت سيارة مشعل تتوقف.. ويلتفت لهيا ليقول بهدوء يخفي حرجه: هيا يمكن الرجال مشغول.. انزلي انتي عند رفيقتش وجداتها وأنا بجي لش إذا خلصتي
هيا بمناشدة عميقة: تكفى مشعل أبيك تعرف على يوسف عشان خاطري
تنهد مشعل وهو يستعد للنزول: يا كثر حنتش بس.. إذا حطيتي شيء في رأسش الله يعين عليش
هيا ابتسمت: فديت اللي دايما جابر بخاطري..
مشعل يبتسم: إيه العبي علي.. تدرين أخق عند أقل كلمة تقولينها لي.. ماشفت خير
الاثنان نزلا ومشعل يحمل حقيبة طعام ضخمة تحتوي قدور الغداء الذي أعدته هيا وتركته مغلقا بإحكام في قدوره
طرقا الباب ومشعل يتأخر للخلف باكينام فتحت الباب بعد أن أبدلت ملابسها وارتدت عباءة خضراء مطرزة مع حجابها وهي ترحب بهما بحرارة الاثنتان دخلتا ويوسف خرج لمشعل وهو يرحب به ترحيبا كبيرا ويحمل الحقيبة عنه ليدخلها المطبخ ويقوده إلى مكتبه
هيا سلمت على العجوزين وكانت سعيدة جدا بهما.. هذه ليست المرة الأولى التي تراهما فيها فقد رأتهما في بريطانيا عدة مرات كانت ترى فيهما شبها كبيرا من باكينام.. فباكينام أخذت من الاثنتين الكثير من الصفات شكلا ومضمونا ورؤيتهما ذكرتها بجدتها هيا التي اشتاقت لها كثيرا
فيكتوريا بترحيب: أهلا بكِ ياصغيرتي.. ومبارك زواجكِ وحملكِ أيضا
هيا بمودة: شكرا على لطفكِ.. يبدو أن باكينام أخبرتكم بكل شيء
فيكتوريا برقة: أتمنى كما غارت منك باكينام وتزوجت بعدك.. أن تغار منك وتنجب لنا حفيدا صغيرا
كانت باكينام حينها تمد يدها لهيا بفنجان قهوة.. انتفضت يدها.. لتنسكب قطرات من القهوة على يدها
صفية قفزت وهي تأخذ الفنجان من يد باكينام: خدت شر وراحت ماعلش بت هيا هأصب لك واحد تاني
باكينام بتوتر أخفته خلف هدوءها: ماعلش أنّا.. أنا اللي هأصب.. ائعدي أنتي بس زي البرنسيسات
تفكير باكينام يتجه لاتجاه مرعب.. ماذا لو حملت.. أو كانت حتى حاملا فهي لم تتخذ أيه احتياطات أو موانع أ يعقل أن تحمل طفلا من يوسف المتوحش؟!! أي طفل هذا الذي سيكون نتاجا للاهانات والتحقير والوجع والقسوة؟!! مادامت في بيته.. فهي لا تستطيع منعه من حقوقه عليها فماذا تفعل؟؟ ماذا تفعل؟؟
تنهدت بعمق وهي تميل على هيا وتهمس لها: هيا ممكن أروح أنا وأنتي للدكتورة بعد الغداء
هيا نظرت لها بعينين لامعتين وهي تغمز بصمت وتهز لها رأسها
***************************
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل الجديدة الساعة العاشرة مساء
ناصر يعود بعد يوم العمل الذي كان طويلا ومرهقا تماما
كانت مشاعل تنتظره وهي تشعر بتوتر عميق.. كيف سيكون تعامله معه بعد أن عادا للسكن معا هل سيعاود القسوة عليها؟؟ هل سيكون عاشقا رقيقا كما كان حين عادت لبيت أهلها؟!! هل سيطالبها بثمن رقته وحنانه معها؟؟
ناصر يبتسم لها فور دخوله يسلم.. وترد عليه السلام بذات التوتر
يسألها بحنان واهتمام: أشلون مكانش الجديد؟؟ عسى مرتاحة؟؟
مشاعل بخجل: الحمدلله
جلس قريبا منها رغم أنه كان يتمنى بكل الوجع أن يجلس جوارها ويأخذها في أحضانه ولكنه كان يفكر بمنطق (كل شيء في وقته حلو) سألها باهتمام عن أحوالها وأخبرها عن أحداث يومه كان يحاول أن يبدأ بإدخالها إلى عوالمه كزوجين فعليين يتشاركان في كل شيء ويعرفان عن بعضهما كل شيء قضيا فترة يتحدثان وبينهما نوع من الحذر
ثم استأذنها ليتوجه للحمام ليتوضأ ويصلي قيامه فهو مستهلك من التعب ويريد أن ينام ومن ناحية أخرى لا يريد أن يثقل على مشاعل يريدها أن تشعر بالراحة والاطمئنان ولا يريد أن يستعجلها في أي شيء فيكفي ما عاشاه من الآم منذ اليوم الأول لزواجهما لا يريد تكرار أخطائه يريدها أن تقتنع به تماما هو كما هو بكل عيوبه وميزاته هو ..ناصر الحقيقي.. في مكانه الطبيعي
حينما أنهى الصلاة جلس على السرير ليخلع ساقه كانت المرة الأولى التي ستراه فيها يفعل هذه المهمة الروتينية كانت قد نسيت تماما أمر هذه الساق فهو كان أمامها طيلة الأيام الماضية رجلا كاملا فعليا ولكنها الآن لابد أن تتقبل وتتعود على هذا الروتين المؤلم
همست له برقة وهي تقترب: تبي أساعدك بشيء؟؟
ناصر رفع رأسه بعد أن أنهى فك الساق ووضعها تحت السرير ابتسم لها بحنان: لا ياقلبي شكرا.. بادهن مكان البتر وبس فتح الجارور المجاور لسريره وتناول الكريم منه شعرت مشاعل بألم شاسع وهي ترى مكان البتر ولكنها لم تعلق مطلقا.. فهي لا تريد أن تشعره أن هناك شيئا مختلفا
دارت حول السرير لتجلس على الطرف الآخر فعليا لم تكن تريد النوم بجواره ولكن ستبدو سخيفة إن توجهت للنوم في مكان آخر بعد أن كانت طوال فترة معيشتهما معا تنام إلى جواره
ناصر غطى ساقيه ثم ألتفت لها وهو يبتسم ويقول بوله: وأخيرا بأنام على شوفت وجهش.. وأصحا عليه اشتقت لش ياقلبي.. والله ما تتخيلين أشلون اشتقت اشتقت اشتقت واشتقت...
*****************************
دبي جناح موضي وراكان وقت ما بعد صلاة العشاء وقبل منتصف الليل
كل واحد منهما معتصم بأقصى ناحية من طرفي السرير ويعطي للآخر ظهره شعور غامض عميق يلفهما.. وشعور بالحزن يغتال مشاعرهما لِمَ هما غير سعيدين هكذا؟؟ هل لأن ماحدث كان يجب ألا يحدث؟!! أم لأن ماحدث كان مجرد نداء فسيولوجي طبيعي لم يكن للحب دور فيه؟!! ولكن أ حقا لم يكن للحب دور فيه؟!!!!
راكان همس بعمق وهو مازال يعطيها ظهره: أنا آسف يا موضي
موضي بخفوت موجع وكأنها تحادث نفسها: ليش تعتذر راكان؟؟ اللي صار أنت ما جبرتني عليه.. صار برضاي وموافقتي
راكان بذات العمق: كاره نفسي.. أحس أني استغليت ضعفش
موضي بذات الخفوت العميق: وليش ما تقول أني أنا استغليت شهامتك وشفقتك
مازال الحوار يدور وكل واحد منهما عاجز عن النظر للآخر راكان يظن أنها تجاوبت معه لأنها كانت تشعر بالضعف وهو قدم لها المساندة والاحتواء.. ولأنها تحترمه وتقدره لم ترد أن تجرحه برفضها له..بينما هي في داخلها غير متقبلة لأي لمسة منه
بينما موضي تظن أن ماحدث ليس سوى محاولة فاشلة من راكان لتعزيز ثقتها بنفسها وأنها أنثى كاملة قد تجذب أي رجل
وماحدث وفقا لأفكار كل طرف كان مؤذيا وموجعا لأبعد حد.. بل بلا حدود لمساحات الأذى والوجع المتشعبة
راكان همس بشفافية: موضي أنتي شيء كبير عندي.. ومابي اللي صار يخرب علاقتي فيش
موضي تتنهد: اعتبر انه ماصار شيء.. خلاص ننساه لأنه أنت عندي شيء أكبر مما تتخيل
احتكم الصمت لعدة دقائق قام بعدها راكان ليستحم بينما موضي حينما تأكدت أنه دخل للحمام وأغلق على نفسه.. سمحت لأنهار دموعها المحبوسة بالانهمار
**************************
واشنطن شقة مشعل
هيا ومشعل يعودان لشقتهما بعد الزيارة الطويلة لبيت يوسف والتي توطدت فيا علاقة مشعل بيوسف
مشعل بهدوء: وين رحتي أنتي وباكينام يوم استأذنتي تطلعون مشوار عقب الغداء؟؟
هيا بعمق وأفكار مستجدة تخطر ببالها: رحنا للدكتورة
هيا أصرت أن يتعرف مشعل على يوسف حتى تطلب من مشعل أن يخبر يوسف عن حمد حين يصبح الوقت مناسبا ولكنها أصبحت ترى أنها لابد أن تتصرف بشكل أسرع فبكينام تتألم وحالتها يرثى لها
كانت تتذكر مشوراهما للطبيبة وهي تهمس لبكينام: ليه تبين الدكتورة؟؟
باكينام بهدوء: عاوزاها تفحصني وتكتب لي برشام منع حمل
هيا بهدوء: طيب مهوب المفروض تسوين فحص حمل قبل
باكينام بألم: أنا بأتمنى من كل ئلبي ما أكونش حامل.. لكن لو كنت مش هيبان من تست عادي لازم أعمل فحص دم لأنه هأكون في أسابيع بس وادينا رايحين وهاشوف هاعمل ايه
هيا بمنطقية: طيب مهوب مفروض تستأذنين يوسف قبل ما تأخذين الحبوب؟؟
باكينام بضيق: هاستأزن.. بس خلينا نشوف الدكتورة هتئول ايه
كانت هيا تراقب وجه باكينام والدكتورة تخبرها أنها غير حامل وأنها لابد أن تنتظر دورتها القادمة التي سيحين موعدها التقريبي بعد يومين للبدء بتناول الأقراص
تعلم هيا أن باكينام حاولت أن تظهر سعادتها بالخبر ولكنها في داخلها لم تكن سعيدة فهي في عقلها الباطن كانت تتمنى أن تكون حاملا.. حتى تجد سببا يجبرها على الارتباط بيوسف إلى الأبد تريد أن تدعي أنها مجبرة عليه بينما هي تكاد تجن من مجرد التفكير أنه قد يأتي يوم لا تكون فيه زوجة ليوسف
هيا تشعر تماما بكل الآمها.. وتشعر جزئيا بالمسئولية لأنها من طلبت من باكينام أن تزور ابن عمتها القضية الآن أن مشعلا لا يعرف بوجود حمد في مصر للعلاج.. ولا يعرف حتى بضربه لموضي يعتقد أنه في دورة في مصر
هيا بعد تفكير عميق قررت أن تخبر مشعلا فقط بجزئية العلاج وكيف أنها طلبت من باكينام أن تزوره من أجل عمتها.. ثم ماحدث بعد ذلك
هيا أخبرت مشعلا بكل هذا ومشعل ثار وغضب كثيرا من هيا: كذا تورطين بنت الناس في مشاكلنا وتسوين لها مشكلة مع رجّالها
هيا بضعف: هي اللي مارضت تقول له عشان نفسها عزت عليها
مشعل بذات الغضب: خلاص باتصل في يوسف وأقول له كل شيء
هيا بجزع: لا لا مشعل تكفى.. مايصير كذا خبط لزق شتقول له؟؟ إنه شكك في مرتك ماله أساس ويدري إنها قالت لي على مشاكلهم
مشعل بنفس الغضب: زين وشتبيني أقول له؟؟
هيا تنهدت: إذا قابلته المرة الجاية قل له بشكل طبيعي في نص الكلام: انه مرتك سوت فينا معروف كانت تطمننا على ولد عمتي.. وعمتي وهيا جننوها من كثر ما يطلبون منها تطمنهم عليه وهي والله ماقصرت مع انشغالها وقتها في تجهيز عرسها مثل ماقالت لي زوجتي
مشعل يتنهد: خلاص بكرة أنا وهو تواعدنا نتلاقى في الجامعة أقول له بكرة ثم تذكر شيئا: بس خليني أتأكد من موعد سفر سعيد لأنه احتمال بكرة
************************
ذات الوقت في بيت يوسف
العجوزان قامتا لترتاحان قليلا وتبقى يوسف وباكينام جالسين
يوسف بهدوء: ممكن أعرف رحتي فين.. أو هتعمليها قضية الشرق الأوسط؟؟
باكينام بهدوء مماثل: رحت للدكتورة
يوسف شعر بقلق لم يظهر في صوته البارد: ليه يعني؟؟
باكينام تتنهد: عشان تكتب لي برشام منع حمل بعد ازن حضرتك
يوسف بهدوء أكبر: وممكن أعرف السبب
باكينام تنظر له بشكل مباشر وهي تقول بحدة باردة كالصقيع: كان ممكن أقول عشان انا وانته بندرس وده مش وئته بس ده هيبئى جواب مالوش معنى مع انه حئيئة لأنو الحئيئة انو مش عاوزة حاجة تربطني بيك انا عارفة انه هيجي يوم وتزهئ من اللعبة اللي اسمها باكينام وئتها مش عاوزة نبئى لعبتين.. أنا وابنك
يوسف وقف بشكل حاد مفاجئ ليمد يده وينتزعها من مقعدها وينظر لها بشكل مباشر وعيناه تشتعلان بكل معنى الكلمة: لو كنتي ئلتي لي السبب اللي مالوش معنى مع انه حئيئة كنت هاوافق تعملي اللي عاوزاه وتاخدي أي مانع انتي عاوزاه لكن انتي ما يريحيكيش الا تجرحيني عشان تنبسطني عشان كده بائول لك: لأ.. ولو فكرتي تاخديه من ورايا.. هتشوفي اللي عمرك ماشفتيه
#أنفاس_قطر# . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 9:16 am | |
| أسى الهجران/ الجزء التاسع والثمانون
اليوم التالي على كل الجبهات الدوحة.. دبي.. واشنطن
ترقب.. ثورات... وتغييرات
دبي جناح موضي وراكان الساعة 10 صباحا
موضي نهضت منذ وقت صلت ضحاها ومنذ ذلك الوقت وهي تجلس على مقعد منفرد وتراقب راكان المستغرق في نومه على الأريكة
(حتى وهو نائم يبدو عظيما ورائعا!! كانت علاقة رائعة ومريحة تلك التي ربطتني بك لماذا أفسدناها؟؟ لماذا؟؟ هل نستطيع فعلا إصلاح ما اهتز بيننا؟!! لماذا كان يجب أن تضغط على نفسك لتكون رقيقا وعذبا ومجاملا لأبعد حد؟!!)
تنهدت بعمق وهي تستعيد شريط البارحة الذي استعادته الآف المرات لا تشعر بالضيق ولكنها تشعر بالشجن وبحزن شفاف غامض
البارحة حين خرج راكان من الحمام.. ارتدى ملابسه وخرج بعد أن أستأذنها وقال لها بكل صراحة وشفافية إنه محرج من إساءته لها ومن إخلافه لوعده معها ويحتاج لبعض وقت يمشي فيه وحيدا ولن يطيل عليها.. سيمشي لساعة ويعود
وبالفعل بعد ساعة عاد
كانت موضي استحمت وصلت قيامها وجلست تنتظره
جلس قريبا منها ثم همس لها بعمق: توعديني تحاولين تسامحيني على الأقل تحاولين
موضي ابتسمت له بشجن: ماسويت لي شيء أسامحك عليه ولا زعلت منك أساسا عشان أسامحك أنا زعلانة من روحي بس أحس أني استنزفت مشاعرك وتعاطفك.. بكيت بكاء عمري في حياتي ما بكيته وأنت لقيت نفسك متورط فيني
راكان بجزع فخم كفخامة عباراته: تكفين موضي لا تقولين كذا إذا أنتي ورطة.. ليتني أعيش عمري كله متورط
خرجت العبارة عفوية..عميقة .. محملة بعشرات التاؤيلات.. ولكن كلا الطرفين بشفافيتهما العميقة لم يحملاها أكثر مما تحتمل.. وإن كانت تحتمل الكثير الكثير!!!
ابتسم راكان وهو يهمس لها بعمق حنون: يعني أصحاب؟؟
أجابته موضي بابتسامة عذبة: أصحاب
وهاهي موضي الآن تجلس مقابلة له وتنظر له بعمق وهي تهمس في داخلها: أصحاب.. أصحاب.. أصحاب... لتقنع نفسها أنهما فعلا لم يكونا أكثر من أصدقاء ومازالا أصدقاء
راكان فتح عينيه ببطء.. رآها تجلس أمامه.. ابتسم بعمق وعاد لإغلاق عينيه كان يعتقد أنه يحلم عاود فتح عينيه ورآها مازالت تجلس أمامه.. فعاود الابتسام ومد كفه لها وهو مازال متمددا استجابت لدعوته بتلقائية وهي تضع أناملها المرتجفة في كفه المحتوية احتضن أناملها بحنان وتملك.. طريقة خاصة براكان باتت تكتشفها وتثير قشعريرة حادة تهز كل فقرات عمودها الفقري بعنف
همس لها بصوته الناعس العميق: بعدنا أصحاب؟؟ أو غيرتي رأيش وتبين تزعلين علي؟؟
موضي ابتسمت: قلت لك أصحاب.. احنا نسوان كلمتنا وحدة ما نثينها
راكان أفلت يدها وهو يستوي جالسا: خوش نسوان أحدث طراز
موضي بعذوبة: أجهز شناطنا؟؟
راكان بهدوء: جهزيها.. بس خلي لي غيار واحد برا
************************
الدوحة الساعة 10 ونصف صباحا
شركة مشعل بن محمد مكتبه تحديدا
يجلس خلف مكتبه بهدوء ورزانة وتجلس معه فاتن الفرج
الباب مفتوح كما اعتاد مشعل في كل لقاءاته مع سيدات الأعمال
فاتن أنهت حديثها معه في العمل.. ومشعل ينتظر أن تغادر لأن لديه موعد آخر بعد قليل مع سعد الذي اتصل به وأصر على مقابلته
فاتن صمتت قليلا ثم همست بعذوبة رزينة: ما تخيلت أم محمد حلوة كذا.. ماشاء الله
مشعل بهدوء: الجمال هو أبسط صفات أم محمد.. فيها من الأخلاق والسنع اللي يفوق الزين بواجد
فاتن شعرت بضيق ما (شكله متولع فيها.. بس يالله المرحلة الثانية) عاودت الكلام بتلقائية مدروسة: تشتغل أم محمد؟؟
مشعل بهدوء رغم ضيقه من تدخلها في خصوصيات بيته: لا كفاية عليها بيتها..
فاتن بذات التلقائية: طيب شنو تخصصت؟؟
مشعل ببرود: مادخلت جامعة
فاتن ابتسمت ابتسامة لا تكاد تبين: طيب اشلون تفاهمون وأنت خريج اقتصاد؟؟
مشعل ابتسم بثقل: كفاية علي شغلي.. في بيتي أبي أريح رأسي من حوارات الشغل والاقتصاد والشيء الثاني أنا اللي ما رضيت أم محمد تدخل جامعة مع أنها جابت في الثانوية 93 في المية وتذكرين تيك الأيام الثانوية العامة كانت صعبة ..امتحان واحد آخر السنة والكتاب كامل الفصلين ثم أكمل بخبث: أنا جبت 79 على هذاك النظام.. أنتي كم جبتي؟؟
فاتن شعرت بحرج حقيقي ولكنها نهضت وهي تقول بلباقة احترافية اعتادت عليها: اسمح لي أستاذن.... عندي موعد في شركتي بعد نص ساعة
غادرت وهي تقرر نقل معركتها لمستوى آخر.. ولكنها ليست من تخسر معاركها
**********************
واشنطن بيت يوسف الصباح الباكر
يوسف يصحو من نومه.. مد يده بحذر قبل أن يفتح عينيه حين اصطدمت بجسد لين طري.. تنهد بعمق وهو يكف يده ويفتح عينيه لينظر لها بعمق وهي مستغرقة في نومها يعيش مع هاجس مرعب أنه سيصحو يوما ليجدها هربت كما فعلت بعد ليلتهما الأولى في واشنطن
(آه يا ملاكي الشرير.. لا أعلم كيف من تمتلك هذه الملامح الملائكية بداخلها كل هذا الشر والقسوة؟!! وكيف من بداخلها كل هذا الشر والقسوة قادرة على إذابة قلبي بكل جبروت ورقة؟!! تعبت حبيبتي تعبت.. أقسم أني متعب ويائس ومطعون بالألم حتى أقصى خلاياي . أخبريني كيف أستطيع أن أقيدك إلي حتى أمنعك من مجرد التفكير في الهرب وتركي؟!! كيف أستطيع الاستيلاء على قلبك الذي وهبته لغيري؟!! ولِمَ تكونين أنتِ حبي الأول والأخير؟!! وأكون أنا المهجور أبدا والمجروح أبدا والمخدوع أبدا لا تتركيني باكي.. لا تتركيني قربكِ عذاب وبعدكِ عذاب ولكن العذاب مع النظر إلى محياكِ هو بحد ذاته نعمة فلا تحرميني هذه النعمة حبيبتي... لا تبتعدي عن أسواري وقسوتي وجبروتي)
تذكر يوسف أن لديه موعدا اليوم مع مشعل مد يده لهاتفه لينظر للساعة فوجد رسالة من مشعل يعتذر فيها عن مقابلته لأن اليوم موعد سفر صديقه النهائي للدوحة
وبالفعل كان اليوم هو يوم عودة سعيد للدوحة ومشعل سينشغل معه
تنهد يوسف براحة وهو يعاود التمدد والنظر لوجه باكينام تكفيه هذه اللذة عن كل ملذات الدنيا أن يتمتع بالنظر إلى كل تفصيل دقيق في تضاريس وجهها دون توتر أو توجس أو خوفا من ثورتها أو انفعالها أن يستمع إلى سيمفونية أنفاسها العذبة وهي تتردد شهيقا وزفيرا لتنبئه أن هذا العالم مسكون بالسحر والمباهج مسكون بحورية خيالية اسمها حبيبته!!!!!!
*******************
عودة لمكتب مشعل بن محمد في الدوحة الساعة 11 صباحا
سعد يجلس مع مشعل وأنهيا تناول قهوتيهما
مشعل بمودة أخوية: دام أنك صممت تشوفني مستعجل وما انتظرت لين نتقابل في المجلس عقب المغرب فأكيد أنك تبي شيء.. امرني يا أخيك قاصرك شيء؟؟ تبي شيء؟؟ تبي فلوس؟؟ ترا الجيب واحد طال عمرك في الطاعة
سعد ابتسم: كل شيء عندكم يأهل الدراهم فلوس لا.. جعلني ماذوق حزنك.. الخير واجد والرب كريم.. كنك انت تبي فلوس تراني حاضر
مشعل ابتسم: يا شين ملاغتك.. زين خلني اتمدح
سعد بعمق خبيث شفاف: سوو لي اللي أنا أبغي.. وبأكتب فيك معلقة مدح وأعلقها على طوفة بيتي واسميها المعلقة المشعلية
مشعل بابتسامة: آمر
سعد تنهد: تذكر قبل حوالي عشر أيام قبل مايرجع راكان من لندن قلت لك عن تحديد موعد العرس إذا خلصت مريم دوامها نص شهر 5 وانت رديت علي ليلة عشاء راكان بالموافقة وانا انحرجت أقول لك شيء وقتها انا اخترت ذا الموعد المتأخر عشانك قلت لي انه لازم عرسنا عقب عرس راكان ومادريت ان راكان بيسوي عشاه عقب ردته من لندن على طول وراكان هذا هو تزوج وخلص وماشاء الله الوالدة الحين معها في البيت ثنتين من بنات عبدالله ومثل ما قالت لي أم فارس.. مريم ما تبي أصلا حجز قاعة.. وتبي عشاء عائلي بسيط وبس فأنا أشوف انه التأجيل خلاص ماله معنى وخصوصا أن المهر عند العروس من زمان بصراحة يا أخيك أنا بالي مشغول على فهيدان مجنني.. أبي أتفرغ له وأبي بالي يكون مرتاح
قد يكون في الأسباب التي قالها سعد جانب كبير من الصحة ولكن أيا منها لم يكن السبب الأساسي فسعد خلال الفترة الاخيرة بات يشعر أنه قد يكون استعجل في خطبته لمريم فهو خطبها تحت وطأة إحساسه المتزايد بالوحدة وفي مقابلته الوحيدة لها حركت مريم بعمق صوتها ورقة عباراتها وزانتها شيئا غافيا في أعماقه ولكن هل تكفي أحاسيس مشوشة مجهولة لصنع حياة زوجية ناجحة تترتب عليها مسؤليات..حقوق وواجبات؟!! فمريم قد تصبح عبئا عليه يُضاف إلى أعباء أبنائه المتزايدة وفي خلال تواجدها مع ابنائه لن تعرف مطلقا ما الذي قد يفعلونه ليس من وراءها.. ولكن حتى أمام عينيها ماذا يشاهدون؟؟ مع من يتحادثون؟؟ ماذا حتى يرتدون؟؟
وحتى يهرب سعد من هذه الأفكار قبل أن تستولي عليه قرر تقديم موعد زواجه حتى يضع نفسه أمام الأمر الواقع فهو لا يستطيع مطلقا أن يُحرج نفسه مع ابن عمه محمد وفي ذات الوقت بات يخشى وطأة أفكاره عليه
مشعل أجابه بهدوء: يعني متى تبيه؟؟
سعد بهدوء حذر: بعد أسبوعين ثلاثة بالكثير
مشعل بنفس هدوءه: ما تشوف أنك مستعجل؟!!
سعد يتنهد: لا مستعجل ولا شيء السالفة كلها عشاء بسيط أنا حتى خدامات مريم اللي جبتهم لها صار لهم فترة عند أم فارس وبأقدم لأم صبري فيزه عشان تجي خلال ذا الأسبوعين يعني ما أشوف سبب للتأجيل
مشعل يبتسم: ولا يهمك.. أشور العرب وارد عليك
سعد بابتسامة: ما أبيك تشورهم وبس أبيك تشغل مخك التجاري وتساعد أخيك المسلم اليتيم المدعو سعد لازم تحاول تقنعهم..
***************************
بيت يوسف بعد الغداء
يوسف يشعر بالاختناق فعلا.. فالعجوزان بدئتا بالملاحظة فباكينام طوال فترة الغداء كانت غالبا مشغولة التفكير ويبدو الهم على وجهها فإن كان هو قادر على التحكم في انفعالاته فهي باتت عاجزة عن التحكم وروحها تغرق في الهم أكثر وأكثر
هاهم يجلسون يشربون الشاي بعد الغداء العجوزان تجلسان متجاورتين وعلى جبينيهما علامات تقطيب تتبادلان النظرات ثم تنظران ليوسف وباكينام التي كانت غير منتبهة لشيء وملامحها غارقة في الحزن
يوسف نهض من مكانه وجلس جوار باكينام تناول كفها وقبلها بعمق انتفضت باكينام بعنف ولكن ردة فعلها كانت أغرب فهي أراحت رأسها على صدر يوسف رغم تفاجئ يوسف العميق من ردة فعلها ولكنه احتضن كتفها ومشاعر دافئة تستولي على روحه وهو يمسد شعرها حيث ارتاح رأسها على صدره لأول مرة باختيارها و همس في أذنها بهدوء خافت: باكينام ربنا يخليكي.. فكيها شوية أنتي مش شايفة ستاتك بيبصوا لي ازاي زي ما اكون مجرم حرب
باكينام لا تعلم لماذا وضعت رأسها على صدره.. اقنعت نفسها أنها تمثل من أجل جدتيها همست باختناق: تعبانة يا يوسف والله تعبانة أنته اللي ربنا يخليك خليني أروح لأوتيل أنا وستاتي
يوسف شدها بحنان ليوقفها ثم يتوجه للجدات بالحديث: عن أزنكم هأروح أنا وباكينام لمكتبي شوية وأنتو ممكن تتجهزوا عشان نخرج بعد شوية كلنا هأوديكم لمتاحف سميث سميثونيان.. هي مجموعة متاحف.. للتاريخ الطبيعي والتاريخ الأمريكي، ومتحف للطوابع .. ومتحف للفنون.. بس هتعجبكم خالص
باكينام بالفعل مستنزفة من التعب والإرهاق والألم ماعاد بها قدرة على الصمود ولكن يستحيل أيضا أن تستسلم وتتخلى عن كبرياءها العتيد
دخلا لمكتبه همس يوسف بهدوء واثق: ايه حكاية الاوتيل دي؟؟
باكينام بهدوء مرهق: انا تعبت من الحياة اللي احنا عايشينها
يوسف باستغراب: تعبتي؟؟ ومن يومين ثم أكمل بنبرة غضب: والحيطة الهبيطة اللي سايباه تلات أسابيع مشاعره مالهاش أي احترام
باكينام بتساءل مؤلم مفاجئ: انته عندك مشاعر يايوسف؟؟
يوسف بصدمة: نعم؟؟
باكينام أعادت سؤالها بهدوء موجع: أنت عندك مشاعر زي كل بائي مخاليئ ربنا؟؟
صمت وهو يعيد النظر إليها بعمق.. ثم قال لها بصوت غائر يبدو كما لو كان قادما من بئر عميقة: عندي مشاعر للي يستاهلها وبس
صمتت.. لن تسأل.. فهي تعرف جوابه وهي ليست مستعدة لمزيد من الإهانات والتجريح والألم
صمت أعمق احتكم بينهما بعدها همس يوسف بهدوء: البسي خلينا نودي ضيوفنا نمشيهم ولما يسافروا.. ابئي فكري تطفشي براحتك ما أنتي ما تئدريش تحلي مشاكلك الا بالهروب منها
باكينام هذه المرة هي من ردت بصدمة: أنا؟؟
يوسف ببرود ملتهب: آه أنتي.. فالحة بس تتعنطزي عالفاضي بس وئت الجد.. هتطفشي وتسيبي كل حاجة عندنا مشاكل زي كل المتجوزين؟؟ ممكن نحلها بالتصافي والتفاهم لكن انتي جبانة.. ومش مستعدة توئفي ئدامي وتتفاهمي بلغة حوار طبيعية غير غرورك الفاضي
باكينام تنهدت بعمق.. ثم زمت شفتيها بحزم وهي تقول: مش باكينام الرشيدي اللي يتئال لها جبانة انا طالعة ألبس وئاعدة معاك بدال الشهر سنة.. وخلينا نشوف ازي الحوار هينفع مع مخ مئفل زي مخك
هي غادرت وهو بقي في مكتبه وعلى شفتي كل منهما ارتسمت ابتسامة شاسعة
فكل منهما حصل على مبتغاه هو استفزها.. حتى حصل على وعد منها أنها لن تغادره وهي وجدت لها غطاء يرضي غرورها واعتقادها انه تبقى معه مجبرة على البقاء
***************************
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل بعد الغداء
ناصر يدخل عائدا من عمله ومن الغداء في المجلس مازال الحذر يرسم دوره في علاقته مع مشاعل فكلاهما يخشيان تكرار الجرح والألم.. يخشيان أن يقتربا أكثر.. فينتج عن الاقتراب جرح أعمق كلاهما باتا غير قادرين على الابتعاد.. وفي ذات الوقت غير قادرين على الاقتراب
وضعهما كما لو كانا يعيشان داخل فقاعتي صابون الفقاعتان شفافتان متلاصقتان.. لذا كل منهما مستمع برؤية الآخر.. ولكنهما يخشيان تفجر الفقاعتين.. وما ينتج عن هذا التفجر هل يتمازجان ليصبحا في فقاعة واحدة؟؟ أم يسقطان أرضا لتُدك عظامهما؟!!
لم يجد ناصر مشاعل حين دخل توتر فهو لم يراها في الأسفل مع والدته ومريم ولم تستأذنه في الذهاب لمكان ما هل يعقل أن تكون ذهبت لبيت والدها تحول التوتر لنوع من الغضب.. أيعقل أن تفعلها؟؟!!
اغتسل وأبدل ملابسه وتمدد على سريره بكلا ساقيه.. فهو لا يخلع ساقه إلا ليلا ثم رن على هاتفها رن الهاتف عنده.. فهاتفها كان موجودا في الغرفة إذن أين هي مختفية؟؟
بعد دقائق دخلت مشاعل بخطواتها الرقيقة المترددة ابتسم وهو يراها تدخل وهمس لها بمرح: لو تأخرتي 5 دقايق بعد كان بلغت الشرطة وقلت مرتي مخطوفة
ابتسمت بعذوبة: كنت في المطبخ خبرك موضي بتوصل الليلة.. وحبيت أسوي شوي حلويات
ناصر ابتسم: لموضي بس؟؟
مشاعل بابتسامة دافئة: وراكان بعد
ناصر مستمر في أسئلته المرحة: وبس؟؟
مشاعل برقة مدروسة: وبس
ناصر بانكسار مصطنع: يا حرام وأبو نص رجل ماله شيء؟!!
مشاعل بجزع عميق: تكفى ناصر ما تقول كذا على روحك
ناصر يضحك: أنتي الحين مسكتي في التسمية وخليتي الموضوع الأساسي وين نصيبي؟؟
مشاعل بعفوية: كلي لك يا ابن الحلال
ناصر بنبرة أبعد ما تكون عن العفوية: أكيد كلش لي؟!!
مشاعل قفزت وكلماتها تتبعثر بحرج عميق: نسيت الصينية في الفرن
ابتسم ناصر وهي يراها تهرب كمجرم أمسكوه بالجرم المشهود (يا حبي لش بس فديت المستحية ياناس تدللي يا بنت عبدالله القلب ملعبش)
في الوقت الذي بدأ ناصر يعود فيه إلى طبيعته فإن مشاعل بدأت بالعودة إلى طبيعتها أيضا
قبل أسابيع.. بعد عودة ناصر من الإصابة كانت مشاعل مطمئنة في عقلها الباطن أنها مهما تقربت من ناصر فهو لن يقترب منها.. ولكنها الآن تعلم أنه ينتظر إشارة صغيرة منها.. مجرد إشارة لا تريد أن تطيل انتظاره لهذه الإشارة ولكنها فعلا تشعر بخجل عميق.. هو خجلها الطبيعي بعد أن عادت لقواعدها سالمة التي أعادها لها رؤيتها لناصر بشخصيته الطبيعية المرحة الدافئة بالتأكيد ليس خجلها المرضي.. ولكنه الخجل الأنثوي الرقيق!!
****************************
بيت محمد بن مشعل بعد صلاة العصر
كانت مريم تنتهي من صلاتها وتريد البدء في وردها سمعت طرقات هادئة على الباب همست بهدوء مرحب: تفضل يابو محمد
مشعل دخل وهو يبتسم.. بعد السلام.. همس بمرح: تدرين يا السكنية إني مغير عطري اليوم أبي أفاجئش مرة ..وكل مرة تصيديني
مريم تبتسم: هالمرة عرفتك من الدقة..
مشعل بمودة عميقة: مافيش حيلة
مريم برقة: شأخبارك مع لطيفة؟؟
مشعل بعمق: مستانس فوق ما تخيلين.. لأول مرة أكون مبسوط بحياتي الزوجية مثل أنا ذا الأيام
مريم بسعادة: دوم يارب.. أنا فعلا كنت مستغربة منك لما قلت لي إنك مهوب مبسوط مع لطيفة لطيفة جنة وقربها جنة.. الله يديم السعادة عليكم
مشعل بود: آمين.. والحين خليش مني ولطيفة.. وخلينا فيش أنتي وسعد
مريم ببساطة عميقة موجعة صادرة من العمق : يبي يطلقني صح؟؟
مشعل بجزع غاضب: يطلقش؟؟ ليه نلعب حن؟؟
مريم بذات هدوئها: لا تعصب مشعل أنا سألت سؤال.. والسؤال يرد عليه بجواب.. مهوب بسؤال مثله
مشعل تنهد ليسيطر على غضبه: لا طبعا.. يبي يقدم موعد العرس يخليه بعد أسبوعين أو ثلاثة وأنا أقول بعد ثلاثة أحسن.. عشان يكون راكان رجع من سنغافورة لكن وش اللي طرا الطلاق عليك؟؟
مريم بعمق: إحساس بس
مشعل بمودة حازمة: إحساسش غلط.. وين حد يلقى مثلش ويطلقها
مريم برقة حازمة: أنت آخر من يتكلم يا مشعل.. كان عندك جوهرة وتبي تتزوج عليها أشلون بسعد اللي تورط بوحدة ضريرة...؟؟!! أم فارس تقول سعد صاير متضايق من مشاكل ولده الصغير والواحد يوم يتزوج يبي له سند..وش نوع المساندة اللي بأقدمها لسعد؟؟ أخذ من الوقت المخصص لعياله؟؟ أزيد مشاكله مشاكل..؟؟ يطلع من البيت وهو خايف إن الضريرة اللي وراه تخبط في طوفه وإلا تطيح من الدرج؟؟
مشعل باستغراب: مريم وش فيش؟؟ وش ذا الكلام اللي تقولينه؟؟ يعني هذا أنتي عمرش ما خبطتي في طوفة هنا؟؟
مريم بعمق موجع: هنا عشت عمر..حفظت كل شبر في البيت لكن بيت سعد عمري ما دخلته
مشعل بعمق مشابه: مريم أنتي خايفة؟؟
مريم بوجع: وحرام أخاف يا مشعل؟؟ أنا خايفة على نفسي وخايفة من نفسي وخايفة على سعد وخايفة منه وخايفة على عياله وخايفة منهم خايفة من كل شيء
مشعل بمؤازرة وهو يحتضن كفها: أي واحد يقدم على خطوة جديدة لازم يكون خايف
مريم بحزن: الخوف إحساس بسيط تافه قدام اللي أنا حاسة فيه ثم أردفت بمناشدة: تكفى مشعل عشان خاطري قل لسعد إذا هو يبي يتراجع عن العرس ويطلقني.. ترا الزواج مهوب قضية وقتية هذي قضية مصيرية
مشعل قفز وهو يقول بغضب: مريم مع حبي واحترامي لش لكن شكلش استخفيتي
مريم بمناشدة عميقة: تكفى يا مشعل عشان خاطري لو لي خاطر عندك عشان قلبي يرتاح وعشان لو صار بيني وبينه شيء عقب ما ألوم نفسي.. لأني عطيته فرصة للتراجع
مشعل يحاول التماسك والهدوء: سعد أعرفه أكثر من نفسي مستحيل يتراجع
مريم بمناشدة أخيرة عميقة: أرجوك مشعل قل له... وقل له إني جادة أنا صاير عندي إحساس عميق إنه يمكن يكون ذا الزواج كله مشروع فاشل وأنا في وضعي وعمري.. ما عدت حمل مشاريع فاشلة
************************
واشنطن شقة مشعل
مشعل يدخل بهدوء يسلم على هيا التي كانت تجلس في الصالة وتدرس يخلع جاكيته.. ويجلس جوارها وعلى محياه علائم ضيق عميق
هيا تحتضن كفه وتهمس برقة: وشفيك حبيبي؟؟
مشعل بهدوء عميق رغم ضيقه: متضايق شوي عشان سفر سعيد الفال لنا ونرجع بالسلامة
هيا بذات الرقة: آمين
مشعل بسكون: والله سعيد مكانه بين.. مع أنه ماله إلا سنة هنا.. وأنا قبله بثلاث سنين.. بس كان قريب مني واجد
هيا بعتب: يعني أنا ما أكفي
مشعل يحتضن كتفيها ويهمس بحنان: أنتي تكفيني عن العالم كله ثم أردف بعمق: بس الغربة كسرت ظهري.. الله يعدي ذا الكم شهر على خير ونرجع لأهلنا سالمين غانمين..
***********************
بعد المغرب السعودية.. الطريق الصحراوي بين الحدود الأماراتية والحدود القطرية المنطقة حيث تعرض راكان لهجوم الذئب
موضي بألم: نفسي انكتمت علي صرت أكره ذا المكان
راكان يبتسم: بس أنا صرت أحبه صار له عندي ذكرى
موضي أنفاسها تتسارع بضيق: والله جد أتكلم راكان متضايقة من المكان
راكان يتجه بالحديث لاتجاه آخر: تسمعين شيلة ببلاش واحنا رايحين سمعتش لتركي الميزاني الحين وشرايش سلمان الميزاني؟؟
موضي تعلم أنه يريد إشغالها عن أفكارها الكئيبة.. ولن تفوت فرصة سماعه مرة أخرى فهما منذ خروجهما من دبي كانا مع سيارة أجرة.. وحديثهما بينهما بصوت خافت حتى أخذ راكان سيارته من المركز الإماراتي ومن لحظتها وهي تتمنى أن تسمع شيلة بصوته لذا همست: وليش ما تكون قصيدة لك
راكان بهدوء: الحين مهوب طاري على شيء من قصايدي
(لم يكن هذا عو السبب والسبب أن كل القصائد التي تواردت على خاطره اسم موضي منصوص فيها لذا قرر أن يشيل أول شيلة خطرت بباله ويحفظها)
موضي بعذوبة: خلاص سلمان الميزاني..و النعم
تنهد راكان ثم خلع غترته ووضعها جواره.. وبدأ في جر القصيدة الموجعة الآخرى.. ماهو سر خياراتك يا راكان؟!!:
لا خيرفي رَجل(ن) قصار(ن) شبوحه ولا خير في سيف(ن) نثر دم راعيه
ماجيت أبي مد اليدين الشحوحه ولاجيت ضامي في رجاء الغير يسقيه
سرتني أقـدار الليال اللحوحه لو كان مسرايه على شي مابيه
والهم وطعون الزمان وجروحه تجمعت في خافقي واسكنت فيه
واللي غموضه يختلف عن وضوحه اجبرني اركب مركب التيه واتيه
أستاذنك يا خاطري والسموحه لا عاد تلحقني ملام ومشاريه
سري وسرك لازم إنّا نبوحه ونودعه توديع غالي لغاليه
لو إن دمعات الموادع فضوحه تطري علي البعد وأنا ما أدانيه
لكن يا سر(ن) توفى طموحه نقلك يعذبني ولاني بقاويه
ركزت في صدري سهوم(ن) ذبوحه وعلمتني في شي ماني بناسيه وعلمتني في شي ماني بناسيه وعلمتني في شي ماني بناسيه
يا الله كيف يكون لجبروت صوته هذه السطوة في هز أوتار قلبها المتساقط ارتجافا واعياءً!! تكاد أن تشهق ألما وشجنا.. تنزف كل دماء روحها بلا تفكير أي رجل أنت يا هذا؟؟!! أي رجل؟!!
صمت راكان وهمست موضي: وصدق يا راكان.. منت بقاويه؟؟
ابتسم راكان: وش هو؟؟
موضي بعمق: سرك..
ابتسم راكان وهمس بشفافية: أقواه وأقوى غيره.. مهوب راكان اللي سده قريب
ألتفتت موضي لزجاج نافذتها وهي تهمس بارتجاف: ماظنيت غير كذا!!
(أي ألم بات سرك يبعثه في أوصالي؟!! في البداية كنت أشعر بالفضول من هي؟؟ من تكون؟!! الآن أشعر بالألم.. الكثير من الألم رغم أن السؤال مازال ذات السؤال من هي؟؟ ومن تكون؟؟)
راكان انتبه لارتجاف صوتها.. همس بقلق: موضي وش فيش؟؟
موضي تبعده عن المقصود الفعلي إلى شيء آخر هو قلق فعلي أيضا همست بضيق: ما أدري وش بأسوي إذا رجعنا للدوحة.. متوترة.. أخاف أسوي شيء يضايقك مني
ابتسم راكان وهو يقول برجولة: لا تخافين من شيء وأنتي معي ثم أردف بمودة حازمة: خلينا نتفق.. لو أنا ضايقتش أو أنتي ضايقتيني على طول نتصارح.. مافيه داعي نحط بيننا حواجز
موضي بشجن: اتفقنا..ومن يقدر يحط بينه وبين روحك الصافية حواجز
راكان بعمق: أنتي حطيتي
موضي بألم: راكان بلاه ذا الموضوع
راكان بمصارحة شفافة: موضي أنا مستوجع فوق ما تتخيلين لو شفت هذاك الكلب الحقير بأقطعه.. مهوب لأن الاثر له أي أهمية عندي.. لكن لأنه أذاش وخلاش تتعقدين من نفسش بذا الطريقة
موضي بجزع: راكان تكفى.. لا تنسى أنه ولد عمتنا.. وعمتي نورة وبناتها ماعندهم غيره
راكان ببرود يشتعل تحته ولا يعلم سبب هذا الاشتعال.. يشعر بألم مشتعل يحرث روحه بمناجله: مهتمة فيه؟؟
موضي باستنكار جازع: يخسى.. والله ولا همني.. بس حشمة لعمتي نورة وخالي جابر
راكان يحاول الهرب من وطأة أفكاره وهو يهمس لها بهدوء شديد الحزم: إذا تبيني أسامحه فأنتي لازم تحاولين تتجاوزين كل اللي هو سواه فيش.. لكن دامني أشوفش مستوجعة.. والله ما أسامحه.. واللي رفع السما وبسط الأرض لأخليه يدفع ثمن كل دمعة بكيتيها
موضي بجزع: خلاص أحاول
راكان بحزم: لا.. أوعديني
موضي تضغط على نفسها: أوعدك
راكان يبتسم وهو يهمس بشفافية: وأنتي على قولتش: من نسوان كلمتهم ما تصير ثنتين وأنتي وعدتيني
موضي تبتسم: على قولتك: نسوان أحدث طراز.. وأنا وعدتك
***********************
بيت فارس بن سعود غرفة فارس والعنود
الساعة 8 مساء
العنود تنهي زينتها.. تريد التوجه لبيت أهلها استعدادا لوصول موضي وراكان
يدخل عليها فارس مستعجلا وهو يفتح الدولاب باستعجال
العنود تنظر له بفضول واستغراب حتى رأته يتناول مسدسه ويضعه في جيبه ليتحول الفضول لرعب والاستغراب لجزع قلق
العنود تختنق بكلماتها: فارس وين بتروح؟؟
فارس بنبرة اعتيادية حازمة: الشرطة طالبيني في مداهمة ولأني مدني ما يعطوني سلاح.. بس عندي سلاحي هذا مرخص..
العنود تقف أمامه لتقول بمناشدة: تكفى فارس ما تروح
فارس بغضب: نعم..
أمسكت بذراعه لتمنعه.. ولكنه دفعها بحدة وخرج..
لم ينتبه أن دفعته كانت أقوى مما تحتمل رقتها وضعف بنيتها ولم يعلم أنها سقطت أرضا لأنها دفعها وخرج.. وهو يعتقد أنه أزاحها فقط عن طريقها يعلم أن دفعته كانت قاسية نوعا ما ولكنه لا وقت لديه للأخذ والرد والمداهمة بعد أقل من نصف ساعة
العنود بقيت مذهولة للحظات لم تستوعب أنه دفعها ولم تستوعب أنها وقعت أرضا ومع الاستيعاب حضر الألم
(تمد يدك علي يا فارس؟!! أنا تمد يدك علي؟؟!! عمري ماحد صرخ علي في بيتنا صرخت أنت علي... وتحملت اليوم تدزني وش بيصير عقب؟؟ تضربني؟؟؟ بس ماعليه يا فارس ماعليه.. خلك ترجع بالسلامة.. ونتفاهم)
#أنفاس_قطر# . . | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 10:00 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سوري ياجماعة على التاخير والله مهوب قصدي راحت علي نومة... والحين أنفاسوه بتقص رقبتي معطتني ألف تحذير ما اتاخر عن الموعد.. والله يا بنات شكلي باهاجر واهج.. جننتني بدقتها في الكتابة وهي تخليني أعيد اللي هي تمليني عشرين مرة... ثم تطلع لي أخطاء بعد... إيه وش عليها هي منسدحة على جنبها وأنا اللي أكتب.. ونزلي ذا وارفعي ذا وحطي مسافة يووووووووه.. يالله ما أبي أطول عليكم.... السموحة على التاخير والبارت الجاي عقب صلاة الجمعة حوالي الساعة وحدة الظهر
أسى الهجران/ الجزء التسعون
بيت محمد بن مشعل صالة البيت الرئيسية الساعة 9 مساء
أم مشعل وبناتها مريم والعنود كن في الانتظار ومعهن مشاعل ولطيفة
في ذلك الوقت كانت سيارة راكان تتوقف في باحة البيت راكان يلتفت لموضي المتوترة جواره يتناول كفها ويحتضنه بحنو وتملك ويهمس لها: ترا مافيه حد داخل غير الناس اللي أنتي خابره ماحد منهم تغير.. ليش التوتر؟؟
موضي بقلق: بس يمكن أنا تغيرت
شد كفها بقوة أكبر وحنان أعظم: وش اتفقنا عليه؟؟
للمرة الأولى تبادر موضي وتشد هي كفه التي تحتضن كفها شعر راكان بألم غير مفهوم في عمق فؤاده مع ضغط أناملها الرقيقة همست برجاء: ادخل معي
هز أعماقه بعنف امتدادها القوة منه ورغبتها في الاحتماء به تمنى لو يستطيع أن يخبئها بين رموش عينيه لو استطاع
همس لها بهدوء حانٍ: كان ودي ادخل معش.. بس شوفي جودي واقفة عند الباب معناته لطيفة داخل مهوب أمي وخواتي بس أنا بأروح المجلس.. الرياجيل ينتظروني على العشاء وباجيكم عقب
موضي تنهدت وهي تسمي بسم الله وتنزل بخطوات مترددة عكس خطوات راكان الواثقة الواسعة وهو يتجه لجود ويحملها ويغمرها بالكثير من قبلاته ثم ينزلها ويتوجه للمجلس وجود تركض لناحية خالتها وترمي نفسها عليها لتحتضنها موضي بحنان وهي تحملها وتقبلها بعمق ثم تدخلها معها لداخل البيت
بعد حوالي ساعة انتهى العشاء عند كلا الطرفين النساء والرجال
مجلس الحريم في بيت محمد بن مشعل
لطيفة وموضي متجاورتان مريم والعنود ومشاعل يشتبكن في الحديث معا وأم مشعل استأذنت لتناول أدويتها
لطيفة تبتسم وهي تهمس لموضي بخفوت: غريبة شايفتش مستحية.. مهوب عوايدش بالعادة شاقه القاع وقايلة باع
موضي تبتسم: يا شين أمثلتش بس.. يأ أختي خليني أمثل مستحية.. وش عليش
لطيفة بنبرة مقصودة: المشكلة أنش ما تمثلين يا موضي.. مستحية صدق
صمتت موضي
ولطيفة أكملت حديثها: شالسالفة موضي؟؟ ما عمرش دسيتي علي شيء لا تكونين منتي بمبسوطة مع راكان؟؟
موضي بجزع عفوي: لا والله.. ياحظها اللي يصير راكان لها.. مامثله في الرياجيل اثنين
لطيفة باستغراب: ياحظها؟!! ليه هو صار حق حد غيرش؟؟!!
موضي بحرج: ما أقصد.. لا تصيدين علي كل كلمة
لطيفة تتنهد: براحتش موضي.. أظني إنش تعرفيني.. اذا صار في خاطرش شيء تقولينه تراني حاضرة
عاودت موضي الصمت في حياتها مع حمد.. كانت تخبر لطيفة بكل شيء ولكنها الآن غير مستعدة لإدخال أحد في عالمها هي وراكان.. العالم الغريب والعميق والمجهول والمثير
همست موضي بعد دقيقة بهدوء: قومي معي أروح أسلم على أمي وجدتي.. ألحق أرجع قبل يجي راكان
على الجانب الآخر مشاعل تهمس برقة: عنودة وش فيش؟؟ ليش مكتمة كذا؟؟
العنود بنبرة مصطنعة: مافيني شيء
مريم بهدوء عميق: من حيث فيش.. فأكيد فيش..
مشاعل ابتسمت: يا الله وهذي مريم ساندتني بعد
العنود تحاول أن تبتسم: ياشينكم.. ما أسرع اتفقتو.. الله يكفي شركم أصلا كل وحدة منكم حاستها السادسة رادار.. اتفقتو يعني مافيكم حيلة
مريم تبتسم: والمعنى أنه فيه شيء فيش..
العنود ببساطة: مافيه شيء.. فارس عصب علي شوي قبل أجي.. عشان كذا متضايقة
(جزء من الحقيقة ولكنها ليست الحقيقة)
مشاعل بحنان: ياقلبي يا العنود.. عشرين ألف مرة قايلة لش.. فارس يعصب بس والله قلبه طيب
العنود بضيق: أدري.. بس ما أقدر أمنع نفسي ما أتضايق
مريم بعمق: وأنا قلت لش لا عاد تسوين شيء يخليه يعصب
العنود تتنهد: خلاص خير.. الموضوع كله بسيط.. أنا وهو نعرف نتفاهم
ذات الوقت.. مجلس آل مشعل
راكان وناصر
ناصر بمرح: هاه وشرايك في الحياة الزوجية يالعريس؟؟
راكان يبتسم: مالك شغل.. ما نعطي كورسات للبزارين
ناصر يضحك بصوت خافت: عشتو.. أظني إني معرس قبلك يا أخ أنت
راكان بابتسامة: وأظني أكبر منك يا أخ أنت..
ناصر بمودة ومرح: حتى لو ما قلت.. باين عليك متشقق.. من يوم دخلت علينا وابتسامتك شاقة.. بالعادة تبتسم في المناسبات الرسمية والعيدين..
راكان مازال مبتسما: ياملغك بس
(أحقا ماعدت قادرا على السيطرة حتى على ابتسامتي؟!! ولكني بالفعل سعيد لا أعلم سببا لهذه السعادة ولكنها سعادة جديدة بدأت تتسلل لروحي المثقلة هناك ما ينغصها.. نعم ولكنها تبقى سعادة عميقة لأول مرة ..سعادة بهذا العمق ترفرف في كل أنحاء روحي)
رن هاتف ناصر.. رد بصوت خافت..ثم أنهى المكالمة وألتفت لراكان ليقول باستغراب: أختك دلوعتنا مهيب صاحية متصلة فيني تسألني عن رجالها أقول لها ليه ما تتصلين فيه تقول جواله مقفل شكلها تتدلع عليه
ابتسم راكان وهمس بحنان:خلها تدلع الغالية.. الدلع أصلا ماخلق إلا لها ثم أردف باهتمام: بس فارس كنه تأخر أنا تعبان من السواقة وأبي أنام بس أبي أشوفه الأول
ناصر (بعيارة): عدال.. تعبان من السواقة وإلا مستعجل على شوفت بنت عبدالله؟؟
راكان بغضب شفاف: نويصر تحشم
ناصر يضحك: ياشين دور الأخ الكبير عليك.. لازم تكعمني يعني (تكعمني/تجعمني/ تأنبني وتسكتني) فارس توه اتصل فيني من دقايق.. يقول خلص شغله وجاي في الطريق
ومع انهاءه لجملته كان فارس يدخل المجلس وناصر يكمل بمرح: ليتنا طرينا مليون ريال بدال وجه رجال أختك الودر ذا
قبل ذلك بقليل زاوية أخرى سعد ومشعل
مشعل أخبر سعد بما طلبته منه مريم
سعد يرد غاضبا: مشعل أنت شايفني بزر أسوي شيء ماني بمقتنع فيه
مشعل بهدوء: هدي أعصابك.. أنا قلت لمريم كذا بس هي تقول هذا زواج.. وعشرة عمر وهي وحدة ضريرة وتخاف إنها تكون حمل عليك مع مسؤوليات عيالك وتقول إنها حاسة أنه.... والله ما أدري أشلون أقولها لك... إنه... يمكن يكون ذا الزواج مشروع فاشل ووحدة في عمرها ووضعها ماتستحمل مشاريع فاشلة
سعد بصدمة: زواجها مني مشروع فاشل؟!!!
مشعل يتنهد: يا ابن الحلال لا تفهمها بذا الطريقة الفشل من ناحيتها مهوب من ناحيتك أنت رجال كامل.. والكامل وجه الله لكن هي متحسسة من ناحية إنها ماتشوف.. وتخاف تكون حمل عليك
سحب سعد نفسا عميقا ثم همس لمشعل: مريم عمرها كانت حمل عليكم؟؟
مشعل يبتسم: لا والله حن اللي حمل عليها.. وإلا هي ماعمرها ثقلت على حد
سعد يبتسم: خلاص عشانا عقب رجعة راكان من سنغافورة.. الخميس اللي عقب 3 أسابيع
***************************
قسم ناصر الذي أصبح لراكان الساعة 11 مساء
لطيفة تدخل مع موضي للبيت موضي تخطو للداخل بتردد ولطيفة تحمل جود التي تشعر بالنعاس وتهمس بخفوت: شوفي أنا رتبت كل أغراضش وأغراض راكان أنا رتبت مثل ما أعرف إنش تحبين ترتبين أغراضش لو ما عجبش شيء خلاص بكيفش رتبي مثل ما تبين
موضي بعذوبة: مشكورة يأم محمد.. ومن اللي ما يعجبه ترتيبش ثم أردفت: ايه لطيفة.. كنت أبي أسألش الكنبة اللي تنفتح اللي في صالة غرفتش من وين اشتريتيها؟؟ عاجبتني
لطيفة باستغراب: ليه وش تبين فيها؟؟
موضي بحرج: أبي أرتب الغرفة الثانية بأحط فيها مكتب لي ولراكان وأبي أحطها فيها
لطيفة نظرت لها بنصف عين: لا تكونين ناوية تطردين راكان
موضي بحرج أشد: الشرهة علي اللي سألتش
لطيفة باستعجال: خلاص لا تطنقرين (تزعلين) علينا.. إذا بغيتي تشترين وديتش والحين لازم أروح.. تأخرت على بيتي أنا ساحبة فاطمة من بيت هلي عشان تقعد عند عيالي اللي رقدتهم قبل أجي الحين فاطمة بتسطرني.. كل مرة تلاغيني تقول أنا أشتغل عند أنتي وإلا عند ماما؟؟
ثم أردفت وهي تخرج: بكرة بأجي لش مع الكوافيرة عقب صلاة المغرب
موضي دخلت للداخل بخطوات مترددة.. تعرف المكان جيدا فهي جاءت مع لطيفة عدة مرات لترتيب أغراض مشاعل هنا
علقت عباءتها التي كانت بيدها وقررت أن تستحم أولا لتهدئة أعصابها المستنزفة ثم خرجت ملتفة برداء الحمام فتحت الدولايب لتختار لها ما تلبسه شعرت بالتوتر يتزايد تريد أن تلبس شيئا أقل تزمتا مما كانت ترتديه أمام راكان طيلة الأيام الماضية ليس لأنها تريد فلو كان الأمر برغبتها لبقيت ربما بعباءتها وشيلتها ولكن لأنها لابد أن تفعل ذلك.. حتى تقنع راكان أنها تحاول تجاوز مافعله حمد بها فراكان كالبقية لا يعلم أن حمد يعاني من مرض نفسي يتعالج منه في مصر ومن يعلم هن لطيفة ووالدتها وموضي وهيا ووالد حمد فقط وموضي لا تريد أن تخبر أحدا بسر علاجه ومن ناحية أخرى لا تريد أن يظن راكان أنه بقي لحمد أي تفكير في مخيلتها
استقرت على اختيار معين لملابسها ارتدت ملابسها ثم ارتدت ثوب الصلاة فوقها وصلت قيامها
بعدها توجهت للتسريحة شعرت برغبة ملحة غير مفهومة أن تتعطر.. تتزين.. بعضا من أحمر شفاه فاتح ربما تعطرت بكثافة وعطرت شعرها ولكنها قررت أن تتوقف عن فكرة التزين التي بدت لها لا داع لها بل ومبتذلة وتركت وجهها صافيا خاليا من المساحيق
ثم توجهت للصالة لتجلس فيها انتظارا لراكان لم يطل انتظارها فبعد دقائق كان يدخل بخطواته الثقيلة الثابتة قادما من بيت والده بعد أن سلم على والدته وشقيقاته.. توقف للحظات وكأن الزمن توقف معه وهو ينظر للبهاء المكتمل الجالس أمامه ارتعش شيء ما في داخله.. شيء ما!! ولكن هذه الرعشة لم تتجاوز داخله مطلقا
كانت تجلس أمامه ببيجامة أنيقة قميصها (التوب) القطني بدون أكمام (هاي نك) باللون الفستقي الكامل وبنطلونها الحريري (برمودا) لتحت الركبة بقليل حرير مشجر باللونين الفستقي والابيض.. وشعرها المستحيل متناثر على كتفيها ويلتف حول رأسها عصابة حريرية من نفس لون وقماش بنطلون البيجامة وترتدي خفين فستقيين برباطين يعقدان عند الكاحل
كانت طلتها مثيرة ورقيقة.. وموجعة.. وصادمة.. فهو لم يراها طيلة الأيام الماضية سوى بلباس غاية في الرسمية والاحتشام حتى البيجامات كانت ترتدي فقط البيجامات الكلاسيكية الحريرية موحدة اللون بعد أن اشترت منها عدة قطع من أحد مجمعات دبي..
بقي مذهولا للحظات لم تشعر بها موضي ولكنه هو من شعر بها ولكنه تماسك بسرعة وهو يبتسم ويسلم ثم يجلس قريبا منها لتخترقه رائحة عطرها المختلط برائحتها العذبة تنهد وهو يقول لنفسه (أنا اللي جبته لنفسي ) راكان يشعر بألم غير مفهوم فهي توقظ فيه الرجل ولكن أين العاشق؟؟ يستحيل أن ينظر إليها كما ينظر أي رجل لأي أنثى فليس هو بأي رجل وليست هي بأي أنثى بل هما راكان وموضي!!
ابتسم وهو يسألها: زال توتر المقابلة الأولى؟؟
ابتسمت وهي ترفع عينيها له: زال.. وترى جدتي تسأل عنك
راكان يضرب على جبينه: يوه.. والله حسبتها نايمة.. الحين وش بيرضي هويه علي .. بتقص رقبتي
موضي بمرح رقيق: خلك من المهايط.. ومن اللي يقدر عليك أنت بالذات جدتي عمرها مازعلت عليك زعلت من كل عيال عيالها إلا أنت.. ما أدري وش مسوي لها؟!!
راكان بابتسامة: وهم ليه يزعلونها؟؟
موضي بعذوبة: ولو أن هذا مهوب جواب على قولتك بس تدري أمي هيا تحب تجرب غلاها
راكان بمودة: وهي تدري إنها عندي غالية..ومافيه داعي تجرب
وقفت موضي وهي تهمس بمرح: ماشاء الله.. ماحد يقدر عليك في الحكي
كانت موضي تريد التحرك.. لولا أن يد راكان الجالس أطبقت على أناملها بقوة لتوقفها مكانها ارتعشت موضي بعنف.. لاحظ ارتعاشها وأناملها الساكنة بين أناملة تنتفض كعصفور بلله القطر ولكنه تجاوز ارتعاشها رغم تأثره به وهو يهمس لها بحنان: وين بتروحين؟؟
موضي بصوت مرتعش: بأروح أجيب لي ماي.. تبي أجيب لك شيء.. أو أسوي لك شيء
راكان بهدوء حانٍ: لا.. مشكورة.. أنا بأقوم أصلي.. ثم بأرجع ثم أردف بشفافية: مشتهي أسولف معش
(فأنا لم أرتوي بعد من النظر إلى محياكِ ولا من سماع همسكِ ولكن هل سأرتوي يوما؟!! هل؟؟ لا أريد أن أرتوي.. لا أريد أريد أن أعيش مابقي من أيامي ضارعا إلى عينيكِ غارقا بين همساتكِ . . . راكان ما الذي يحدث لك؟؟ أي جنون أصابك؟!! يبدو أنني فقدت السيطرة المنطقية على تفكيري!! لا أريد أن أخسر موضي كإنسان وصديق نادر وأنا وعدتها بالحماية والاحتواء . . ولكني لم أمارس أي تجاوز لعلاقتنا كأصدقاء فهل هناك أحب إلى الإنسان من النظر إلى وجه صديقه والاستماع إلى حديثه؟!!)
**************************
بيت فارس بن سعود الساعة 12 مساء غرفة فارس والعنود
العنود بعد أن اطمأنت إلى عودة فارس سالما من شقيقها ناصر استعادت شعور غضبها منه قد تكون تحملت منه الكثير ولكنه أيضا تغير كثيرا من أجلها.. وهي تعلم ذلك من رغبة بالزواج حتى يأدبها على تطويلها لسانها عليه إلى عاشق متيم ولكن هل حقا كان يرغب في تأديبها أو في تأديب نفسه المتجبرة القاسية؟!! رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" النساء يغلبن الكريم ويغلبهن اللئيم" وفارس ليس لئيما أبدا بل هو رجل كريم النفس واليد ومن نسل كريم وهكذا حين تحكم العروق الطيبة..يحضر الطيب وتفوح روائحه العطرة ولكن هذه العروق الطيبة بها كبرياء متأصل عتيد أيضا!! فكيف التلاقي بين الطيب.. والطيب؟!!
و من ناحيتهاالعنود لا تريد أن تكون من مكفرات العشير.. اللاتي ما أن يبدر من أزواجهن أي إساءة لهن.. حتى ينكرن عشرتهم وينفين كل طيبهم معهن
ولكنها على الجانب الآخر تعلم أنها لن تحتمل مرة قادمة قد يمد يده عليها فيها
دخل فارس بهدوء.. كان خالي الذهن تماما فهو لم يظن للحظة أن العنود قد تكون غاضبة منه
دخل وهو يتلفت بحثا عن طيف فاتنته كانت تجلس على مكتبها مقابلة لحاسوبها تعد ورقة عمل مطلوبة منها
اقترب منها وهي اضطربت وبدأت طباعتها تتحول إلى سلسلة من الأخطاء لم يكن اضطرابها خوفا.. ولكن تبعثرا فحضوره يبعثرها غصبا عنها وقف خلفها وهو يسلم وهي ردت السلام بخفوت انحنى عليها وهو يرفع شعرها عن عنقها ويميل أكثر ليطبع قبلته عليه ولكنها وقفت قبل أن تصل شفتيه إليها وشعرها يفلت من بين أنامله
فارس نظر لها باستغراب وتقطيب وهو يراها تبتعد لتجلس على الأريكة اقترب وجلس قريبا منها وليس جوارها وهمس بهدوء: وش فيش؟؟
العنود تهمس بحزن دون أن تنظر له: إسأل روحك
فارس بهدوء حازم: وش الجريمة اللي سويتها حتى تكلميني بدون ماتطالعيني؟!! إذا صار عندش شيء تقولينه حطي عينش في عيني وكلميني أو احتفظي بكلامش كله لنفسش
العنود رفعت عينيها له وهي تهمس بحزن أكبر: ليه أنت منت بداري حتى وش سويت؟؟
فارس بنبرة حادة نوعا ما: العنود بلاها حركات الدلع.. أنا ما سويت شيء إذا أنتي عندش شيء قوليه
حينها بدأت عيناها تغيمان بالدموع.. وهو شعر بالجزع.. قد يحتمل كل شيء إلا دموعها حينها وقف وجلس جوارها واحتضن كفها وهمس بحنان: ودموع بعد حبيبتي تكفين قولي اللي تبينه بس من غير دموع.. تدرين ما أستحمل دموعش
حينها أسندت العنود رأسها لكتفه وهو احتضنها بحنو وهو يهمس: يالله قولي لي وش مزعلش على فارس ثقيل الدم؟؟
العنود تحاول السيطرة على سيول دموعها وحتى لا تبدأ بالشهقات فإن كان لا يحتمل دموعها.. فهي لا تحتمل نبرة الحنان الدافئة المختلفة في صوته همست بخفوت: الليلة لما طلعت للمداهمة.. تقدر تفهمني اللي تبي بدون ما تمد يدك علي مد اليد للبهايم وأنا ماني ببهيمة.. وعمري ماخالفتك
شعرت العنود بعضلات صدره تتصلب بقوة تحت خدها وهو يهتف باستنكار: أنا مديت يدي عليش؟؟
العنود رفعت رأسها وهي تهمس بألم: أجل وش تسمي إنك تدزني وتطيحني على الأرض
فارس بذات نبرة الاستنكار: أنا؟؟
العنود تحكي له الموقف باختصار وفارس يتنهد ويهمس بهدوء: حتى لو كان صار.. فأعتقد إنش عارفة إني مستحيل أقصد أمد يدي عليش وأنتي المفروض ما تصغرين عقلش وتحملين الموضوع أكثر من احتماله
العنود بعتب: الحين أنا الغلطانة.. بدل ما تطيب خاطري.. تطلعني الغلطانة
فارس بحزم رقيق: اسميني العنود.. أنا يوم غلطت في حقش اعتذرت وما تشاينتها بس أنتي مهوب تطالبيني أعتذر حتى لو ما غلطت..لأنه مستحيل يصير أصلا الاعتذار صعب علي يوم أكون أنا الغلطان فاشلون وأنا ما غلطت
العنود وقفت وهي تقول بغضب حزين: خلاص لا تعتذر ولا تراضيني بس هذا أنت صار عندك خبر.. ومرة ثانية تمد يدك علي انسى إن لك مره أساسا
فارس وقف وهو يقول بغضب حقيقي: العنود لا تهدديني.. واتقي شري
العنود صمتت.. فهي تعلم أنها استفزته بما فيه الكفاية.. وتعلم أنها ليست ندا لغضبه هي توجهت لسريرها وتمددت وهو توجه للحمام ليستحم ويهدئ غضبه حين خرج من الحمام ..صلى قيامه.. ثم تمدد جوارها
كلاهما يشعر بالألم الكثير منه فبرغم كثرة ماكان يثور عليها ويتخاصمان إلا أن خصامهما لا يطول مطلقا ولم تمر عليهما ليلة باتا فيها وهما متخاصمان فكيف سينامان الليلة؟!!!
*************************
بيت مشعل بن محمد غرفة مشعل ولطيفة الساعة 12 إلا ربع
مشعل يدخل ليجد لطيفة تدرس على مكتبها يسلم وترد عليه السلام لتقف وتتجه ناحيته وتأخذ غترته منه تحتضنها وهي تشمها وتهمس برقة: مغير عطرك؟؟
مشعل يجلس وهو يبتسم: مغيره أبي أقص على مريم السكنية.. بس صادتني
لطيفة تضع غترته في سلة الغسيل وتعود وتجلس جواره وهي تهمس بمودة: ياحليلها مريم.. تعرف كل واحد فينا مهوب بس بالريحة.. حتى بالخطوة والمشية
مشعل يهمس بهدوء: وعلى طاري مريم ترا عرسها الخميس اللي عقب 3 أسابيع مجرد عشاء بسيط لكم يا النسوان.. مثل ما مريم تبي بس الرياجيل سعد بيسوي عشاء كبير في مجلسه
لطيفة باستغراب: وليش قدموه كذا؟؟
مشعل حكى لها عن رغبة سعد باختصار.. ولطيفة ردت: ليش لا.. عنده حق على كذا بانشغل الأيام الجاية أتشرا لمريم
مشعل يقبل رأسها وهو يقول بتقدير عميق: طول عمرش أم الجميع يأم محمد
لطيفة بحنان: مريم بالذات غلاها غير..
مشعل يبتسم: وأبو محمد وش علومه من الغلا؟؟ ماله نصيب؟؟
لطيفة تحتضن ذراعه وتقبل كتفه: الغلا كله للعيار أبو محمد وهو داري
مشعل بجدية رقيقة: ويوم أبو محمد غالي.. بأطلب منش شيء ولا تقولين لأ
لطيقة بعذوبة: عيوني لك
مشعل بحنان: تسلم العيون وراعيتها.. أشرايش نروح أنا وأنتي عمرة.. وعقب نقعد كم يوم في جدة.. أنا صار لي فترة مضغوط في الشغل.. وابي أغير جو وأنتي العطلة خلصت مارحتي مكان.. خلصي سوق مريم ذا الأسبوع.. ونروح الأسبوع الجاي
لطيفة بهدوء: ومن اللي يعيي من العمرة.. بس عيالي عندهم مدارس وش أسوي فيهم.. وجودي خبرك متعلقة فيني واجد
مشعل يقاطعها: ومتعلقة في موضي بعد
لطيفة بذوق: ما أقدر أخليها عند موضي وموضي عروس مالها عشرة أيام وش تبي راكان يقول علينا؟؟
مشعل بهدوء: أصلا أنا اخترت ذا الموعد بالذات لأنه راكان بيروح الأسبوع الجاي بطولة في سنغافورة وبيغيب أسبوع.. أكيد موضي بتروح بيت هلش.. نخلي العيال عندهم هاه وشتقولين؟؟ خليني أخلص من عيالش لو مرة..وأسافر أنا وأنتي بروحنا
لطيفة تبتسم: خلاص شورك وهداية الله...
***********************
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل الساعة 11 ونصف
ناصر كان قد جاء مع راكان الذي جاء للسلام على أمه وشقيقتيه دخل أولا.. ونبه مشاعل أن راكان سيدخل لذا صعدت للأعلى كان هذا قبل أكثر من نصف ساعة وخلال هذه النصف ساعة أبدلت مشاعل ملابسها وصلت قيامها وجلست تنتظر ناصر وهي تقلب في دليل مهامها الموكلة إليها من المدرسة التي ستبدأ العمل فيها خلال الأسبوع القادم
حين دخل ناصر ارتبكت كعادتها ابتسم ناصر وهو يسلم ويهمس لها بمرح: طالبش بلاها ذا النظرة أحس أني كني طالع عليش من فيلم رعب عشان أخوفش
صمتت مشاعل بخجل وناصر جلس بالقرب منها وهو يسألها بمودة: أشلونها موضي؟؟ عساها مبسوطة؟؟
مشاعل برقة: الحمدلله
ناصر بشفافية: تدرين يا قلبي.. أنا الليلة مستانس فوق ما تتخيلين
مشاعل ابتسمت بتلقائية وهي تشعر بسعادة لسعادته: الله يونسك بالعافية ودوم يارب
ناصر بابتسامة واسعة: أول مرة أحس راكان مبسوط كذا.. طول عمره شايل هم خلق الله وما يفكر بروحه الليلة حسيت فعلا وجهه منور وعيونه تلمع.. شيء متغير فيه فعلا والله أختش هذي جبارة.. ودي أحب رأسها والله العظيم
مشاعل شهقت وهي ترفع عينيها له: نعم.. تحب رأسها؟؟
ناصر خطر بباله الخبث.. لذا رد بانكسار مصطنع: إيه أحب رأسها وش أسوي؟؟ ما عندي حد أحب رأسه
مشاعل أُخرست وهي تنظر لأناملها وتدعكها بخجل
وناصر تنهد وهو يقول في داخله (ماعليه.. أقله ما هربت تطور ملحوظ عقبال ما تجي تهرب تطيح في حظني يارب)
************************
قسم راكان وموضي الصالة الساعة الواحدة والنصف ليلا
أخذهما الحديث وتشعب.. تحدثا كعادتهما مؤخرا في كل شيء.. واللاشيء المهم أن يتحدثا وكل واحد منهما مأخوذ بطريقة الآخر في الحديث.. نبرة صوته.. صياغته لعباراته وأفكاره إعجاب متبادل وعميق.. عميق لأبعد حد
موضي تنظر للساعة وراكان ينظر لها ويهمس: تمللتي مني؟؟
موضي تبتسم: ياحلات ثقل الدم عليك
راكان يبتسم: تدرين في شغلنا في الديوان البروتوكول والاتيكيت مهم عندنا ويعطونا دورات خاصة فيه النظر للساعة دليل تملل.. أو إشارة للرغبة في إنهاء الحديث والطرف الثاني لابد يراعي هالشيء ويخفف استعدادا لإنهاء الحوار
موضي برقة: وبعد شيقولون لكم؟؟
راكان بهدوء:
موضي بابتسامة: بس أنا لما كنت أشوف الساعة عشان أحس إني أنا نسيت نفسي في السوالف وطولت عليك لأنه أنت اللي كنت تسوق وتونا واصلين الليلة وما بعد ارتحت
راكان يضحك: حلوة الترقيعة.. بس ما مشى حالها
موضي تضحك برقة: والله ما أرقع.. تدري.. بكيفك.. خلنا قاعدين لين صلاة الصبح.. بس لا تشتكي لي بكرة إنك تعبان
راكان بعمق شفاف: لو أقعد مقابلش عمري كله.. وأنتي بس تسولفين علي عمري ما اشتكي
موضي همست بحرج: مهوب كنك تجاوزت المجاملة للنفاق الاجتماعي يا نصير البرتوكول
راكان ابتسم: أنا قلت لش هم يعلمونا البروتوكول كأسس.. بس حن غير ملزمين نجامل.. وأنا قلت لش قبل إني ما أجامل ثم أكمل بعمق شفاف: خصوصا معش.. أحس فعلا إني على سجيتي.. واللي في خاطري أقوله
موضي بشجن مؤلم: تكفى راكان ما تكون رقيق ورائع وشفاف لذا الدرجة.. والله وقتها جد أحس بالوجيعة عشانك.. وإني أنا جنيت عليك بفكرة زواجنا
راكان وقف بحدة وهو يتنهد بعمق وكأنه يعد من الواحد إلى العشرة ثم يقول من بين أسنانه ويرص على كل حرف: أكثر من مرة طلبت منش تنسين ذا الكلام السخيف وأنتي تدرين إنه يضايقني.. أفهم يعني إنش تعمدين تضايقيني؟!! تدرين الأحسن نوقف الليلة كلام.. ومافيه داعي تقولين أي شيء.. عشان أنا لحد الحين مسيطر على أعصابي وأنا حذرتش قبل إني لو عصبت بتمنين عمرش ماشفتي عصبيتي
راكان أنهى كلامه وتوجه للداخل وموضي شعرت أن كلماته سهام مسنونة انغرزت في جسدها ليس من أجل نفسها ولكن من أجله.. كيف تتسبب له بالألم وهي تتمنى لو تحمل كل الألم عنه؟!! كيف تضايقه وهي تتمنى لو تتلقى كل أذى العالم نيابة عنه؟!! قد تكون تألمت كثيرا في حياتها ولكنها الآن مستعدة وبصدق غريب غير مفسر أن تتألم أضعافا مضاعفة مقابل فقط أن تزيل نظرة الضيق التي شوهت عمق نظراته الحانية
************************
واشنطن مساء بيت يوسف
يوسف وباكينام والجدتان يصلون جميعا للبيت بعد إنهائهم لجولتهم السياحية كانت جولة طويلة وممتعة للغاية هدنة رقيقة ربطت جميع الأطراف ويوسف كان دليلا رائعا ومضيافا ومتحدثا لبقا شاسع الثقافة العجوزان استمتعتا كثيرا بزيارة المتاحف ووجدتاها فرصة لهوايتهما الأثيرة: تمجيد مآثر شعبيهما العريقين.. أفضل شعوب الأرض قاطبة.. كما هما يرونهما!!!
أما باكينام فكانت أكثر الأطراف سعادة بهذه الهدنة وإن كانت لم تظهر هذه السعادة لطف يوسف ورقته وأريحيتيه بعثت سعادة عميقة في روحها وخصوصا أنه طوال الجولة وهو يحتضن كفها وكلاهما يدعي أنه يمثل أمام العجوزين ولكن ما أن يفلت أحدهما يد الآخر حتى يبدأ في بحثه المحموم عن دفء أنامل الآخر حتى تعاود أصابعهما الالتقاء وأرواحهما السكون
عادوا جميعا للمنزل بعد أن تغدوا وتعشوا خارجا العجوزان مستنزفتان من الإرهاق فاستأذنتا الذهاب لغرفتهما
باكينام صعدت لغرفتها.. ويوسف توجه للمسجد ليصلي العشاء وعاد بعد أن صلت باكينام واستبدلت ملابسها
كانت أمام المرآة تمشط شعرها حين دخل يوسف ابتسمت بتلقائية فابتسم لها وهو يقول بحنان تلقائي: ضحكتك حلوة أوي مش حرام عليكي حرماني منها
حينها قطبت بتلقائية أيضا فهمس بشجن: خلاص سحبت كلامي المهم تضحكي
حينها التفتت له وهي تبتسم وتهمي برقة: ميرسي عالنهار الحلو ده ستاتي انبسطوا خالص.. مش عارفة أشكرك أزاي
حينها همس يوسف بتساءل: ستاتك هم اللي انبسطوا بس؟؟
صمتت باكينام وهي تتوجه للأريكة وتجلس عليها تحرك يوسف باتجاهها وجلس جوارها تناول كفها واحتضنها: أنا عارف إن الهدنة عندك ما بتطولش بس حاولي تطوليها ئد ما تئدري
باكينام شددت احتضانها لكفه وهمست بشجن: أعتقد أنو أنا اللي مفروض أئول لك كده
يوسف ترك كفها ليحتضن كتفيها وهي أرحت رأسها على صدره ومضى زمن ما.. غير محدد بدقائق أو لحظات والاثنان يغوصان في بحر عاصف من المشاعر التي اتعبها الكتمان وتغيير الاتجاهات ولي أعناقها
قطع جوهما الغريب والمشحون رنين هاتف يوسف.. ونهوضه للرد عليه
************************
قبل ذلك بقليل شقة مشعل
مشعل يدخل إلى شقته قادما من صلاة العشاء في المسجد وجد هيا تتمدد على الأريكة في الصالة توجه ناحيتها ورفع رأسها ليضعه على فخذه ويجلس.. ليهمس لها بحنان: عادش قرفانة من غرفتنا؟؟
هيا تقطب جبينها: ايه والله قرفانة منها.. زين ما انقرفت من غرفتي القديمة وإلا من البيت كله
مشعل يبتسم وهو يمرر أنامله عبر خصلات شعرها: يا خوفي بكرة تنقرفين مني مثل أمي في وحامها الأخير بريم.. أكثر وقتها كانت قاعدة في بيت خالي جابر صحيح هي كانت تستحي تقول قرفانة من شيبتها.. بس حن كنا دارين
هيا تضحك برقة: أكيد من حبها لعمي عبدالله فديته.. أصلا يقولون العجايز.. المرة اللي تحب رجّالها يجي وحامها فيه وأنا بعد أحبك وأموت فيك
مشعل يضحك: ما أبيش تحبيني.. دخيل الله اكرهيني.. المهم ما تنقرفين مني
موضوع الحب والكراهية أعاد لهيا ذكرى الاثنين الراقصين على حبال الحب والكراهية: باكينام ويوسف فهمست بعذوبة: مشعل حبيبي متى بتشوف يوسف
مشعل بتذكر: زين ذكرتيني.. خلاص بأقوم أتصل فيه.. وأتواعد أنا وهو نتقابل بكرة
**************************
اليوم التالي على كل الجبهات
الدوحة قسم راكان وموضي الساعة العاشرة والنصف صباحا
موضي أعدت الفطور لراكان ثم أبدلت ملابسها وتأنقت لأقصى حد وهاهي تجلس في انتظار أن يصحو من نومه فهي تريد أن تقدم اعتذارا بطريقة غير مباشرة.. رغم أنها قدمت البارحة اعتذار مباشرا.. وتصافيا
البارحة حين غضب منها راكان ودخل للداخل لم تجرؤ مطلقا على اللحاق به أو فتح أي باب للحوار وهو عاد بعد دقائق وهو يحمل مخدة وغطاء وتمدد على الأريكة وتغطى دون أن يوجه لها الحديث
تعلم أنه لا يريد أن يتكلم وهو غاضب منها ولكنها لا تستطيع النوم وهو غاضب وهما اتفقا على المصارحة وألا يضعا أي حواجز بينهما لذا اقتربت منه بخطوات مترددة جلست على الأرض وهي تقف على ركبتيها بجواره نقرت كتفه بحنان وهي تهمس برقة: راكان.. راكان
راكان أزال الغطاء عن وجهه وهو يلف لناحيتها.. كان يتوقع أنها واقفة لذا صُدم وهو يرى وجهها على هذا القرب ولكنه اعتصم بالصمت وهو مازال متمددا ويتأمل عينيها من هذا القرب القريب همست موضي بشفافية: راكان حن اتفقنا على الصراحة وأنا مستحيل أقدر أنام وأنا عارفة أنك ماخذ على خاطرك مني خلاص راكان والله العظيم ما عاد اجيب سيرة ذا الموضوع اللي يضايقك وينقص لساني لو فتحته مرة ثانية
لم يرد عليها.. ولكنه مد ظهر سبابته ليلمس شفتيها ثم يمررها على وجنتها وموضي شعرت كما لو كانت قنبلة موقوتة ما على وشك تمزيق وجهها لشدة توترها وهي تشعر بدفء سبابته على بشرتها ثم لتشعر بما يشبه الطعنة العذبة وهي ترى راكان يعيد سبابته لشفتيه ويقبلها ثم يبتسم لها ويغطي رأسه لم يحتاجا للحديث بعد كل منهما فهم ما أراد وفق ما يريد وكلاهما نام مرتاحا مطمئنا حتى صلاة الفجر
بعد عودة راكان من الصلاة أستأذنها أن يفرش فراشا في الغرفة لينام لسبيين السبب الأول وبكل صراحة: أنه اعتاد على وجودها معه في ذات المكان والسبب الثاني أنه يخشى أن يأتيهما أحد ويجده نائما في الصالة
وهاهي موضي تجلس في الصالة انتظارا لنهوضه وهي تفكر قوله الرقيق أنه اعتاد وجودها معه جعلها تعيد التفكير في طريقة تأثيث الغرفة الأخرى شتان بين فكرتها عن زواجها براكان قبل أن يتزوجا فعليا وما يحدث الآن فهي لم تتوقع حتى للحظات أن علاقتها براكان ستتعمق لهذه الدرجة وبهذه السرعة الوضع بات ملبسا وغريبا وماعادت حتى تعرف ماهي حدودها في هذه العلاقة التي تحمل اسم زواج وهي لصداقة غريبة عميقة أقرب
(السلام عليكم) صوته العميق المختلط ببقايا نعاس انتزعها من أفكارها
همست بابتسامة: وعليكم السلام
كان ينظر لها إليها بتمعن ثم همس بعمق رقيق: الدوحة تخلي الناس حلوين كذا؟؟
موضي ابتسمت بخجل: عيونك هي اللي تشوف الناس حلوين
راكان بابتسامة: والله قبل دقايق كنت أشوف لي وجه في المرايه حاولت عيوني تخليه حلو بس بدون فايدة
موضي بعذوبة مرحة: يبقى عيونك ماعندها سالفة اللي ماشافت ذاك الوجه حلو
كان مازال واقفا.. توجه ناحيتها وجلس جوارها ارتعشت موضي وهي تشعر بثقل جسده جوارها ثم احتكاك كتفه بكتفها راكان تساءل بهدوء: تضايقش جلستي جنبش؟؟
موضي بشفافية: تضايقني لا.. استحي يمكن
راكان يلف بجسده قليلا ناحيتها لينظر لها بأكبر درجة من الوضوح وهو يقول: دامها ما تضايقش باقعد.. تستحين مني لأ
موضي ابتسمت له برقة: زين منت بمتريق؟؟.. قاعدة انتظرك
راكان بهدوء: نتريق ليش لأ.. ولو أن شوفة وجهش تكفي عن كل شيء وياويلش لو قلتي لي إني أجامل
كانت تنتظر أن يقف ليتوجها لطاولة الطعام حيث رتبت الفطور ولكنه فاجأها بتناوله لكفها وفاجأها أكثر بتقريب يدها من شفتيه ليطبع على كل إصبع من أصابعها قبلة رقيقة دافئة وطويلة موضي شعرت بدقات قلبها تتسارع وتتسارع حتى أصبحت عاجزة عن سحب أنفاسها وهي تدعو الله بعمق أن يتوقف قبل أن يبدر منها تصرف يضايقه كأن تنتزع يدها بعنف منه فهي تتوتر من لمساته وهو يعلم هذا..
بينما هو عاجز عن التوقف.. عاجز عن المضي عاجز عن الفهم.. عاجز عن التفسير
ولكنه أجبر نفسه على التوقف... وهو يعيد احتضان كفها ويصمت التفسير لا معنى له.. وسيحيل تيار المشاعر المهول هذا إلى الابتذال والتسطيح لذا احتضن كفها وهو يقف ويشدها لتقف معه.. ثم أفلت يدها وهمس بهدوء يخفي خلفه توتر عارم وقلق عظيم لهذه المشاعر المجهولة التي بات عاجزا عن السيطرة عليها: يالله نتريق
***************************
اليوم التالي في واشنطن
مشعل ويوسف تواعدا على الإلتقاء في المقهى حيث كان يوسف يعمل
طاقم الخدمة رحب بهما ترحيبا عميقا من أجل زميلهما القديم جو
ويوسف أخبر مشعلا أنه كان يعمل هنا كنادل
مشعل ابتسم: زين وليه اشتغلت هنا؟؟ يعني ما اعتقد أنك كنت محتاج الراتب
يوسف يضحك: وليه لأ.. الفلوس حلوة ثم همس بنبرة جدية: بس أنا اشتغلت هنا عشان أعمل دراسة ميدانية لرسالة الدكتوراة بتاعتي زي منت عارف أنا علم اجتماع.. ورسالتي عن التغير الاجتماعي عند العرب سكان أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر يعني ازاي اتغيروا.. واتغيرت أفكارهم.. حتى طريقتهم الاجتماعية في التواصل اتغيرت وشغلي هنا في الكوفي اداني فرصة أراقب الطلاب العرب هنا.. بدون ما يتحسسوا إني عربي زيهم.. لأنه الغالبية كانوا فاكرين إني مكسيكان وأنا كل اللي اشتغلته هنا تلات شهور تقريبا من نص شهر 9 لنص شهر 12
مشعل بابتسامة: تدري إنك غريب بس بالصورة الإيجابية مهيب السلبية يعني شغل مثل هذا بصراحة مايقدر عليه أي حد وخصوصا لو كان واحد عنده خير
يوسف يبتسم: بس كان له نواحي ايجابية كتير أهمها إني تعرفت على مراتي هنا
مشعل تنهد .. فالحديث وصل وبسرعة لمربط الفرس كما يقال.. مشعل بدأ بترتيب أفكاره وتركيز عباراته واختيار ألفاظه لذا همس بنبرة تقدير مقصودة: والنعم بمرتك مثل ما يقولون عندنا أنا أشهد أنه أمثالها قليل... تدري قبل كم شهر توفت أم زوجتي هنا والله وقفت معنا وقفة حتى الرجال ما يوقفونها
ابتسم يوسف بشجن مؤلم.. كم هي عظيمة!! وكم أذاها وآلمها!! وكم آذته وآلمته أيضا!!
ومشعل يكمل كلامه بذات النبرة المقصودة: حتى في مصر ما خليناها في حالها وهي ما ترد أحد.. ولا ترفض طلب أحد كانت تزور ولد عمتي حمد في المصحة........
يوسف حين سمع اسم حمد توتر وغضب عارم تصاعد في روحه
ومشعل يستكمل كلامه: يعني المسكينة كانت تقول لزوجتي إنها مشغولة في تجهيز عرسها ومع كذا ظلت تزوره وتطمننا عليه لأنه زوجتي وعمتي جننوها من كثر ما يطلبون منها تزوره وهي والله ما قصرت ولا تقصر
عينا يوسف كانتا ترمشان بسرعة وهو يغلقهما ويفتح ثم همس لمشعل بتساءل مفجوع: نعم؟؟ ممكن تعيد الحكاية دي لو سمحت أنا لسه ما استوعبتش...
#أنفاس_قطر# . . . | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 10:26 am | |
| نبضات قلبي فيه كلام مهم يا ليت تقرونه قبل ماتقرون البارت . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وحشتوني يا قلبي.. وحشتوني وحشتوني كثير.. عساكم كلكم بخير الله لا يحرمني منكم . بارت اليوم أنا اللي طبعته بنفسي لسببين السبب الأول إن الآنسة الرقيقة أختي الصغيرة تمللت وتعبت أول بارت طبعته كانت مبسوطة لأنها كان مثلها مثلكم تقرأ البارت لما ينزل فكانت مبسوطة إنها تعرف الحدث قبل ما يصير ثاني بارت بدت تملل من تشديدي عليها في الطباعة ودقتي مع كثرة الأخطاء اللي تطلع عندها وأنا اليوم حابة أشكرها شكر خاص وأقول الله لا يحرمني منك ياغزالتي واستحمليني شوي
السبب الثاني لطباعتي بارت اليوم إنه بارت اليوم بارت مهم جدا جدا..بارت مفصلي جوهري يعتمد عليه كثير من مسمى الرواية كل كلمة وكل حرف وكل موقف مقصودين لأبعد حد أنا أعرف إن بعض قارئاتي وصديقاتي وممكن أذكرهم بالاسم بيلتقطون كل الإشارات اللي في البارت البارت هذا من زمان وأن أجهز له فكريا وتراتبيا يعني كثير من الأحداث اللي صارت في البارتات الماضية كانت تهيئة لبارت اليوم
ثلاث مواقف ستكون مؤلمة وموجعة ومقصودة أعرف أنه البعض قد يقول إنها قد تكون مبالغة أن تجتمع المواقف الثلاثة في بارت واحد ولكن هذه المبالغة كانت مقصودة جدا جدا جدا وأنا تعبت فوق ما تتخيلون في صناعة الأحداث وترتيبها حتى أوصل المواقف الثلاثة إنها تكون في بارت واحد . . همسة: أحيانا المرأة قد تتسبب أن يمد زوجها يده عليها ولكن الشرع قال أن تأديب الزوجة على 3 مراحل الزجر.. ثم الهجر.. ثم الضرب غير المبرح فلو أن كل رجل اتبع المراحل الثلاث.. لم يكونوا أبدا ليصلوا للمرحلة الثالثة التي تجرح وتهين وتمتهن وتكسر كثيرا من المشاعر الرائعة . . نجي لبارت اليوم مرة ثانية اسمعوني يا نبضات قلبي والله العظيم إني توني خلصت كتابة البارت قبل عشر دقايق.. ولو كان عندي حرف زيادة كنت نزلته وهذا أنا أحاول أمشي معكم لين نوصل رمضان.. وفي رمضان بأوقف لاني بأكون دخلت الشهر التاسع اللهم أعنا على حسن صيامه وقيامه وجعلنا من عتقاءه يا أرحم الراحمين والشيء الثاني يا بنات تأكدوا إني مستحيل أختصر في القصة ومستحيل أمطط مثل ما قررت لها من البداية بأكمل دون زيادة أو نقصان لأن أسى الهجران تستحق إنها تستمر وتنتهي مثل مابدت . . وفيما يخص بارت اليوم.. أنا باحذر تحذير صغنون.. اللي قلبها ضعيف وما تستحمل ضغط الأحداث ثم القفلات لا تقرأ لين ينزل البارت الجاي وتقرأهم كلهم مع بعض والبارت الجاي والله العظيم مابعد كتبت فيه حرف واحد.. لأني لي فترة أكتب كل بارت ببارته فموعدنا إن شاء الله يوم الاثنين الساعة وحدة الظهر نفس هالوقت . . استلمو قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . . أسى الهجران/ الجزء الحادي والتسعون
بيت محمد بن مشعل بعد الغداء
موضي ومشاعل تجلسان متجاورتان تتهامسان بعد أن غادرت أم مشعل لغرفتها لترتاح واستأذنت مريم متحججة برغبتها بالراحة بعد عودتها من عملها والسبب الحقيقي هو شعورها بالتوتر من موعد زواجها القريب الذي يتزايد شيئا فشيئا
موضي همست لمشاعل: هاه بشريني عنش أنت وناصر.. شأخباركم الحين؟؟
مشاعل صمتت بحرج
موضي ابتسمت: شكلها علوم
مشاعل بتردد: بصراحة محتاجة النصيحة.. أنا ماقلت للطيفة لأني عارفة إنها بتغسل شراعي هي قالت لي تدلعي على ناصر بس لا تطولين الدلع لكن أنا طولت الدلع.. طولته بزيادة.. بس غصبا عني والله مستحية وهو مخليني على كيفي.. يعني يمكن لو هو بادر شوي أنا أتجرأ شوي
ثم أردفت مشاعل بحزن: تدرين موضي أنا والله العظيم أحب ناصر.. أحبه فوق ما تتخيلين ونفسي أعوضه عن اللي شافه مني ومن ذا الدنيا وهو يستاهل كل خير.. بس والله ما أدري وش أسوي
موضي غمزت بعينها: عطيه إشارة
مشاعل بجزع خجول شهقت: إشارة؟؟ أنا؟؟
موضي ضحكت بخفوت: إذا كذا من أولها.. ما منش فايدة
مشاعل بتردد: زين أنتي قولي وأنا بأفكر
موضي بحزم رقيق: لا ما فيه تفكرين.. تبين مساعدة.. أنا بأقول وأنتي تنفذين
مشاعل تنهدت: أنفذ شنو
التمعت عينا موضي وهي تهمس بحماس: مخطط على كبير أول خطوة قومي نروح مشوار الحين ثاني شيء استأذني ناصر تنامين في بيت هلي الليلة
مشاعل بتردد: المشوار مقدور عليه.. ولو أن ناصر مايحب أطلع من البيت وهو موجود.. وهو راجع الحين من الغداء في المجلس بس بيات في بيت هلي.. ماظني يرضى
موضي تقف وهي تلبس جلالها على رأسها وتغطي وجهها به وتهمس بحماس طفولي: أهم شيء فكرة النوم عند هلي اقنعيه فيها لازم ضروري.. وأنتي وشطارتش وانا رايحة بيتي بأستاذن راكان عشان الطلعة.. شوفي نص ساعة تقريبا ونطلع.. تجهزي
موضي عادت لبيتها وجدت راكان جالسا في الصالة يتصفح الجريدة
خلعت جلالها ووضعته على المقعد وسلمت رد عليها السلام وابتسم: طولتو في غداكم
موضي بابتسامة: خبرك غداء وعقبه مباحثات رسمية ومداولات
راكان بابتسامة: والمدوالات لازم ينتج عنها قررات.. إلا لو كانت مداولات قمة عربية
موضي تجلس وهي تضحك بعذوبة: أكيد قرارات سريعة وغير قابلة للتأجيل وتنتظر موافقة حضرتكم للبدء في التنفيذ
راكان بمودة: آمري
موضب بذوق: بروح أنا ومشاعل مشوار صغير.. خبرك أمي أم مشعل مسوية عشا الليلة ونبي شوي أغراض
راكان بهدوء: زين أنا أوديش
موضي برفض رقيق: مشاعل بتروح معي.. وهي تستحي واجد بنروح مع سواق بيت هلي وبتروح معنا فاطمة
راكان بهدوء: زين مشاعل أختي الصغيرة.. وشو له تستحي مني؟؟
موضي بمناشدة: خلاص راكان تكفى.. ساعة ساعتين بالكثير ونرجع
راكان يتمدد على الكنبة ويقول بهدوء حازم: خلاص خذي فلوس من بوكي في ثوبي المعلق وحاولي ما تتأخرين
موضي وهي تدخل للداخل لتأخذ عباءتها همست: معي فلوس.. تسلم
كانت تجلس أمام التسريحة لتمسح زينتها حين فوجئت براكان يدخل خلفها ويتوجه لثوبه المعلق ليخرج محفظته وهو يهمس لها بحزم: خلاص موضي.. قلت لش خذي فلوس.. اخذي.. وشو له المرادد؟!!
موضي تبتسم: أنت ناسي إني قبل سفرة لندن بفترة بادية شغلي.. وراتبي كبير.. وأنت توك حاط مهري في حسابي.. وش بأسوي بذا الفلوس كلها
راكان يبتسم: فلوسش لش.. كيفش فيها يا الله توكلي على الله
موضي شرعت في ارتداء نقابها وشيلتها وعباءتها على عجل.. وانتبه إلى أنها مسحت كامل زينتها قبل أن تلبس
لا يجد شيئا ينبهها له..دائما تتصرف كما يريدها أن تتصرف تماما فهو حين دخل خلفها ليعطيها المال كان يريد أن يأمرها بمسح زينتها قبل أن تخرج قد تكون فعلا لا يظهر منها أدنى شيء مع إضفاءها لعباءتها عليها ولكنه في ذات الوقت لا يستطيع منع نفسه من الشعور بالضيق أن هناك عينا ما قد تلمح شيئا من زينتها هو حق له لـــه فقط.. لم يعد يطالب نفسه بتفسيرات.. فغرابته -كما يراها- أصبحت عصية على كل تفسير والغرابة الأكثر غرابة هو رغبته التي يشعر بها الآن يتمنى وهو يراها الآن تستعد للخروج وتضع محفظتها وهاتفها في حقيبتها أن يستوقفها ليحتضنها بكل قوته ليدفنها بين ضلوعه ويهمس في أذنها : "عاجز عن شكرك بالفعل عاجز لولا تلك الليلة الاستثنائية التي أجبت فيها استثنائيا على هاتف مشعل لتصدميني بطلب استثنائي مستحيل هو إعادتكِ إلى بؤرة حياتي لم أكن لأشعر بكل هذه السعادة التي اعتقدتها حلما بعيدا المنال عاجز عن التفسير وماعدت أبحث عن التفسير يكفيني وجودكِ في حياتي وبأي صورة أنتِ ترتضينها)
ولكن الأمنية تبقى أمنية.. وموضي خرجت خالية الوفاض من حلم احتضان
وراكان أبدل ملابسه بعد خروجها وارتدى ملابس التدريب ليخرج لميدان الرماية
قبل ذلك بقليل على الجبهة الأخرى
مشاعل في غرفتها تنتظر ناصر حين دخل قفزت تستأذنه في الذهاب مع موضي
همس بهدوء وهو يخلع ثوبه ثم يتوجه للتمدد على سريره: يعني أنا ما أقعد عندش إلا شوي الظهر وشوي أخر الليل وأحب أشوفش قدامي اصبروا لعقب صلاة العصر وروحو
مشاعل بخجل: تكفى فديتك.. ماراح نتأخر شوي وبنرجع
ناصر ابتسم: قلتي لي فديتك.. خلاص أنا رحت وطي روحي حبيبتي.. وأنا الله يعيني.. وش أسوي
مشاعل بتردد: وشيء ثاني
ناصر يضع رأسه على المخدة ويهمس بمودة مصفاة: تدللي ياقلب ناصر
مشاعل تختنق بكلماتها: أبي أبات الليلة في بيت هلي
ناصر قفز جالسا وهو يقول بنبرة حادة: نعم؟؟ رجعنا على طير يا اللي
مشاعل تراجعت خطوة للخلف وهي تقول بضعف: تكفى ناصر.. بس الليلة.. تكفى
نحرت روحها نظرة خيبة الأمل التي جللت محياه وهو يعاود التمدد ويقول ببرود موجع: مافيه داعين ترّجين براحتش مشاعل.. باتي كثر ماتبين.. وبيتش تدلينه إذا شبعتي من بيت هلش حياش الله
ثم أردف بألم لم يستطع منعه من التسلل لنبرات صوته العميقة: أنا تعبت في رجا وصلش.. وكل يوم أصبر روحي وأقول بكرة وانتي ما احترمتي ولا قدرتي إن اللي قدامش رجّال كبته لمشاعره ورغباته شيء فوق الاحتمال وأخرتها تبين تروحين بيت هلش وأنتي مالش كم يوم راجعة عندي خلاص مشاعل الرسالة وصلت ومشكورة
مشاعل شعرت بألم عميق وهي تسب نفسها كانت تنزف ألما بكل معنى الكلمة.. ألما مزق روحها الشفافة لأنها تعلم أنها -وفقا لتفكيره- جرحته جرحا عميقا وكأنها تخبره برفضها لقربه بطريقة مبطنة (ليتني ما طعت موضي الحين وش بيرضيه علي أنا ماصدقت نتصافي لا حول ولاقوة إلا بالله يعني ابي أكحلها عميتها)
ارتدت عباءتها بآلية وهي تحاول ألا تنخرط في البكاء أمامه ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها وآخر ما تراه هو ظهره الطويل المتمدد على السرير ونزلت بهدوء حتى وصلت للسيارة وركبت جوار موضي ما إن تحركت السيارة حتى انكبت على كتف موضي تبكي بهستيرية
************************
بيت فارس بن سعود بعد الغداء الجو مشحون تماما في البيت منذ ليلة البارحة حتى إن أم فارس لاحظت فالعنود لأول مرة لم تنزل مع فارس صباحا قبل ذهابه لعمله
والمشكلة أنه ليس هناك مشكلة سوى عِند الطرفين وكل طرف يرى أن الطرف الآخر هو من يضخم الحكاية العنود لا تريد أن يستهين فارس بمده ليده عليها.. حتى وإن كان لم يقصد ولكنه بات يعلم أنه دفعها وأوقعها أرضا وأقل ما يستوجب فعله أن يعتذر لها ويطيب خاطرها ولكن أن يرفض حتى الاعتراف بخطئه.. وكأن هذا التصرف شيء اعتيادي فهذا الشيء هي لا ترتضيه لنفسها لأنها إن سمحت له أن يستهين بها منذ البداية فالاستهانة قد تمتد لمستويات أخرى
وفارس من ناحيته يرى أنها بالغت في الدلال فهو لم يفعل ما يستوجب أن تغضب منه فهي تعلم أنه يستحيل أن يمد يده عليها متعمدا وهي تعلم أنه تغير كثيرا من أجلها لذا فلابد أن تتقبل طباعه المتأصلة وتتأقلم عليها ومن ناحية أخرى يرى أنها مدللة كثيرا وهي لم تعد طفلة صغيرة بل هي سيدة متزوجة لابد أن تتقبل أن الحياة الزوجية لن تكون فصل ربيع مستمر بنسيم عليل بل قد تعتوره فصول مختلفة وأعاصير ورياح وأنواء وإن كانت قد اعتصمت بغضب طفولي من موضوع تافه مثل هذا فكيف ستتصرف في مشاكل الحياة الأكبر؟!!
كانت العنود في غرفتها تفاضل بين عدة فساتين لتختار واحدا تلبسه الليلة
دخل عليها.. سلم بهدوء.. وردت عليه بذات الهدوء
جلس على السرير يراقبها تقوم بمهمتها التي باتت ثقيلة جدا على قلبها تحت مراقبة عينيه
وهو يشعر بثقل أكبر وهو يتمنى أن ينهي هذه السخافة غير المبررة ليزرعها بين أضلاعه ويغمر وجهها بقبلاته
بعد أن طال الصمت همست العنود بخفوت: ممكن أروح الصالون العصر
فارس بكلمة واحدة حادة: لا
العنود تعرف أنه يرفض مطلقا ذهابها للصالونات ومراكز التجميل ففارس الغيور يرفض أن تخلع عباءتها أو شيلتها في مكان غير بيتها.. وهي اعتادت منذ زواجهما الاتصال بالخبيرات وهن يأتينها للبيت
ولكنها هذه المرة وجدتهن جميعا مشغولات.. لذا همست برجاء: فارس بأروح الصالون القريب بس بأسوي شعري وأرجع بسرعة
فارس بغضب: العنود أنا ما أحكي هندي.. أظني قلت لش لا وهالموضوع متفقين عليه من بداية زواجنا وش اللي تغير اليوم؟؟ ثم أردف بنبرة مقصودة: أو وش اللي تغير من البارحة؟؟
صمتت العنود وهي تشعر بتأثر عميق من نبرته الحادة معه إلى متى وهذه النبرة مستمرة في الحضور بينهما؟!! هل سيكتب عليها أن تعيش حياتها كلها مع عصبيته وغضبه وغيرته؟!! وهل ستحتمل هي؟!! وهل لديها جَلد احتمال فعلي حتى وإن كانت تحبه كل هذا الحب؟!!
*******************************
واشنطن بعد صلاة الظهر بيت يوسف
يوسف يدخل إلى بيته .. كان وجهه متغيرا.. محمرا.. متفجرا.. غامضا.. مريبا..مرعبا.. متألما يمور بعشرات الانفعالات
كانت باكينام مع جدتيها تجلسن عند المدفأة
يوسف دخل كالسهم وهو يصعد للأعلى لم يلقِ السلام حتى.. ولم يتوقف
شعرت باكينام بالقلق المتزايد ترددت .. هل تصعد خلفه؟؟ أو تتركه؟؟ عقلها قال لها أن تتركه.. فيوسف شديد التحكم في أعصابه واعتاد على التمثيل ببراعة أمام جدتيها ومادام هذه المرة ولأول مرة لا يمثل أمامهما فمعنى ذلك أن هناك غضب تجاوز الحد يعصف به
ولكن قلبها أمرها أن تصعد وراءه لا تستطيع تركه وهي رأت كيف كان وجهه مشبعا بالأسى قلقها يمزقها عليه
لذا استجابت لقلبها وهي تصعد بخطوات مترددة له وليتها استجابت لعقلها لأن يوسف ذاته لم يكن يريد الاحتكاك به وهو غاضب هكذا أو ربما أراد!!! لذا عاد للبيت مباشرة بعد مقابلته لمشعل
ولكن دائما لنداء العقل منطقيته فلوكانت استجابت لنداء عقلها لم تكن لتتلقى جواب يوسف عن سؤالها
حين صعدت وجدته يدور في الغرفة كالأسد الحبيس.. وكأن نيران الحرائق تنفث دخانا من أذنيه
توجهت ناحيته وهمست بقلق: فيه إيه يا يوسف؟؟؟
كان رده المباشر عليها
صفعة حادة مباشرة قوية على خدها الأيسر ألقت بها على الأرض بعنف
وكان ردها على صفعته أن نهضت عن الأرض بكل هدوء وهي تتجه للسرير وتخرج حقيبتها الفارغة من أسفله وتضعها على السرير لتبدأ بوضع ملابسها فيها
يوسف انتبه لفعلته الشنيعة وهو ينظر بذهول ليمناه الضخمة التي تركت أثرا شديد الوضوح على بياض خدها زالت السكرة وحلت الفكرة فرغ طاقة غضبه الأولي وبأبسط طريقة ولكن أشنع طريقة
توجه للباب وأغلقه بالمفتاح ووضع المفتاح في جيب بنطاله يبدو أن فضيحتهما أمام العجوزين قادمة قادمة أما أنهما ستريان أثار كفه على وجه باكينام وحينها ستندلع الحرب العالمية الثالثة عليه بتحالف تركي إيرلندي وأما أنهما ستسمعان صوت المعركة التي ستندلع الآن ولكن أقله أنه هنا يغلق على باكينام وسيحاول أن يتحكم بتعالي صوتيهما
توجه لباكينام بوجهها المحمر وهي تحاول مغالبة دموعها وهي تضع ملابسها في الحقيبة بحركة سريعة جنونية
اقترب منها وأمسك بمعصميها ومنعها من التحرك.. حينها بدأت بالصراخ: سيبني أنا بأكرهك.. بأكرهك أنا تضربني بالألم ياحقير.. ياندل
حينها أدارها ناحيته ليلصق ظهرها بصدره ووضع يده على فمها ليسكت سيل شتائمها المنهال بعنف ويده الأخرى كتف بها جسدها
بدأت ترفس بعنف وهي تحاول عض يده ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل مع قوته الجسدية التي لم تأثر فيها مطلقا محاولاتها البائسة رفست مطولا حتى انهارت من التعب حينها جلس بها يوسف على أرضية الغرفة وهما على نفس الوضعية ثم مدد ساقيه وأجلسها عليهما وهمس في أذنها: بس يا مجنونة.. هلكتيني شوفي أنا هاسيبك بس أوعي تصوطي
ما أن أفلتها حتى انهارت في البكاء وهي تبتعد عنه وتبكي و تدفن وجهها بين ركبتيها وهي جالسة على الأرض حينها اقترب منها وهمس بعمق: أنا آسف ومش آسف
رفعت وجهها المحمر له وهي تهمس بغضب بين دموعها: وأنا مش عاوزة أسفك وعدم أسفك أنا باكرهك.. باكرهك.. باكرهك.. ولو فيه حاجة فوء الكره تبئ شعوري ناحيتك
يوسف تنهد بعمق وألم وهو يمد يده ليمسح وجهها ولكنه لطمت يده وابعدتها عنها
يوسف يشعر بألم عميق كثيف ومعقد.. يعرف الآن أنها لم تخنه.. ولم تحب أحدا قبله.. ولكنها لا تحبه هو أيضا.. ومافعله الآن أنهى أي مساحة أو أمل للحب في قلبها
منذ البداية لم تعطه أي دليل على رغبتها في الاستمرار معه حتى أنها لم تحاول أن تبرئ ساحتها أمامه تركته يحترق مع شكوكه جعلته يعيش في أسوأ كابوس قد يعيشه رجل ما "العيش مع امرأة خائنة .. تفكر في سواه بينما هو يذوب في هواها"
بل تعايش مع مشاعر أشد قسوة ووحشية تعايش مع احتقاره لنفسه فهو منذ ظنه بوجود علاقة بينها وبين آخر تمنى في داخله أن يطلقها وينهي علاقته بها ولكن قلبه لم يسمح له بهذا.. وأجبره أن يتنازل عن كرامته واحترامه لذاته ليرتبط بامرأة يحتقرها ويحتقر حبه الجنوني لها ثم استولت عليه جسدا وروحا ليكره جسده الذي اكتوى بقربها ويكره روحه التي ذابت في أطياف روحها عاش عذابا مأساويا لا يمكن أن يخطر ببال بشر بين عشقه واحتقاره لها وكراهيته واحتقاره لنفسه
ثم يكتشف وبكل بساطة أنه لا شيء يربطها بسواه.. وأن كل العذاب الذي عاشه هو نتيجة لغرورها وكبرياءها الذي رفض التنازل والتبرير أو ربما كان السبب ببساطة أنها تكرهه ووجدت لها طريقة مجانية لتعذيبه والانتقام منه على إجبارها على الزواج به
*****************************
الدوحة سيارة بيت عبدالله بن مشعل
مازالت مشاعل مستمرة في البكاء بعد أن حكت لموضي كل شيء موضي تبتسم: بس يا الخبلة.. بسش بكاء.. تنفخين وجهش وتخربين مخططي علي
مشاعل بين شهقاتها: أي مخطط وناصر زعلان علي.. ويظن إني رحت أبيت عند هلي عشاني ما أبيه
موضي تغمز: ليه أنتي صدقتي أنه أنتي بتبيتين عند هلي؟!!
مشاعل ترفع رأسها: عجل ويش؟؟
موضي بنبرة خبث مقصودة: المهم هو يصدق بس اللي أنتي بتسوينه شيء ثاني
مشاعل باستغراب: ويش؟؟
موضي تتنهد وابتسامتها تتسع: خطة ثورية (ميد ان موضيز مايند) اسمعي ومخخي
*************************
بيت فارس بن سعود غرفة العنود وفارس
بعد صلاة العصر بساعة
العنود تستخرج مكواة السيراميك الخاصة بها وتقرر البدء في فرد شعرها فهي أساسا شديدة المهارة في عمل الزينة والشعر ولكنها كانت مرهقة لأنها لم تنم جيدا منذ البارحة وكانت تتمنى أن يكفيها أحد عناء المهمة ولكنها في غنى عن إغضاب فارس ولسبب تافه تنهدت بعمق.. فبما أن فارس نهاها عن الذهاب لمكان معين.. فيجب أن تطيعه حتى وإن كانت غير مقتنعة
كانت تنتظر أن تسخن المكواة رن هاتفها.. ابتسمت وهي ترد: هلا علوي
معالي بنبرتها الحماسية المعتادة: هلا مدام فارس..تروحين معنا؟؟
العنود بتساءل: وين؟؟
معالي: بأروح للصالون.. أمانة امشي معي.. بنبسط سوا
العنود برفض: لا ما أقدر
معالي برجاء: تكفين عنودة.. خواتي شعورهم حرير.. ماشاء مهوب محتاجين أنا الكشة.. ثم أكملت (بعيارة): وبعدين أمي بتروح معنا بودي جارد
العنود بتردد: ما أقدر علوي
معالي تحايلها: يا الله يا الدبة.. كلها شغلة ساعة بنروح الصالون القريب ونرجع يا الله البسي.. احنا جاينش
لم تعطها معالي فرصة للرد وهي تغلق الهاتف والعنود تفكر أن فارس لن يعود سوى ليلا وحتى إن لم يجدها سيظنها ذهبت لبيت أهلها فلِمَ لا تذهب مع معالي وعمتها؟!! لذا أعدت أغراضها لتذهب معهم.. وأخذت الفستان لتتركه في السيارة وتطلب منهم أن ينزلوها عند بيت أهلها
ولكن ما لم تعلمه العنود أن المخططات لا تسير دائما كما خُطط له وأن طريق السلامة هو طريق السلامة والمرأة حينما ينهاها زوجها من أي شيء مهما كانت ترى أو تظن أن هذا الشيء تافها فطاعته واجبة
فحينها كان فارس عائدا للبيت.. ولأي سبب؟؟ كان معه هدية للعنود فهو قرر ختاما أن يكون من يحتوي دلالها لأنه كان قاسيا عليها وهي ما اعتادت على هذه القسوة وهو يعلم يقينا أنه يتنفس هواها.. ويذوب من نظرة عينيها وترتعش عروقه من همساتها فلِـمَ المكابرة؟؟ إن كان فعلا دفعها أسقطها أرضا..فهي تستحق أن يرضيها فليس لها علاقة بنواياه.. ولكن بما حدث فعلا وما حدث أنه كان عنيفا معها حتى وإن لم يقصد هذا العنف وماهدف له في البداية لابد أن يكون وصلها..وهو أنها لا بد أن تكون أكثر تقبلا لتصرفاته وتكون أكثر جلدا ومسؤولية
رأى سيارة بيت عمته تخرج من بيتهم.. صعد لغرفته ولم يجد العنود اتصل بها.. فلم ترد.. فالعنود التي ارتعشت بعنف وهي ترى اسمه يضيء شاشة هاتفها تمنت لو تستطيع العودة للبيت الآن وهي تشعر بعظم جريمتها التي ارتكبتها.. فلو علم فارس بمخالفتها أوامره فهي لا تستطيع تخيل ردة فعله فهو يغضب ويحتد دون سبب فعلي.. فكيف عندما يجد له سببا.. وسببا وجيها أيضا
فارس حين لم ترد عليه ترك الهدية على السرير حتى تجدها حينما تعود ثم قرر الاتصال بعمته ليسألها عن سبب الزيارة ولِـمَ لم تبقَ حتى يراها؟؟
كانت العمة نورة حينها قد أصبحت في الصالون وتجلس في صالة انتظاره رن هاتفها - السلام عليكم ياعمة - هلا ياقلب عمتك - أشلونش يالغالية؟؟ - طيبة فديتك - شفتش طالعة من بيتي.. ليه ماقعدتي لين أواجهش أسلم عليش؟؟ - تدل بيتي يأمك والحق لي.. وأنا كنت جاية مستعجلة أبي أخذ العنود - تأخذينها وين؟؟ (جأتها النبرة غامضة متحفزة مستعدة للانفجار) - الصالون يأمك
***************************
بعد صلاة العشاء
حديقة بيت محمد بن مشعل الجو منعش لأبعد حد ويميل لبرودة خفيفة غاية في اللطف أجواء أواخر شهر فبراير المثالية الكشافات مسلطة على الحديقة التي امتلئت حتى أخرها بالحاضرات وأميرات آل مشعل غاية في التألق ولكن أكثرهن تألقا الليلة اثنتين موضي...... ومشاعل
بينما أكثرهن انطفاء وعلى غير العادة... العنود العنود كانت تشعر بتوجس كاتم لم يسبق لها مطلقا أن خالفت والدها أو أشقائها حتى فارس منذ بداية زواجهما لم تخالفه في شيء مطلقا فماذا استفادت من مخالفته؟؟ قلبها مقبوض.. وعاجزة عن التنفس عاجزة عن تخيل ردة فعله لو علم بما فعلته.. فهو لم يعاود الاتصال بها بعد مكالمته الأخيرة ولكنها حاولت التبرير أنه مازال يعاند بعد موقفهما البارحة فمن أين سيعلم أنها ذهبت؟؟!!!!!!
زاوية في الحديقة لطيفة وشيخة لطيفة بمودة: يعني شيوخ ما أشوفش إلا في مناسبة أو عزيمة يأختي سيري علي.. خلي عيالش يلعبون عيالي
شيخة بمرح: يأختي خبرش طلال داخل صف أول ابتدائي.. جنني على الواجبات الواجب كله صفحة نقعد عليه من الظهر لين ننام وسميتش ليتني ما سميتها عليش.. أبيها تطلع ذكية مثلش.. طلعت بقرة بعيد عن السامعين.. مهما أدرس فيها ما تفهم
لطيفة تضحك بخفوت: عاد حدش كله ولا لطوف.. حبيبتي هذي ثم أردفت لطيفة بنبرة جدية: تدرين شيخة اللي يشوف خفة دمش ما يصدق صكتش على ذا البزران حرام يأختي هلكتيهم بالدراسة.. وهم ماشاء الله مستواهم زين.. والله يخليهم لش ماشفت مثل أدبهم وشطارتهم.. لا تعقدينهم
شيخة برنة حزن غير معتادة: أخاف عليهم يا لطيفة من كل شيء.. وأبي لهم الأحسن.. أنا ما طلعت من الدنيا إلا بذا البزرين أخاف ربي يحاسبني إذا قصرت في حق ذا الأيتام..
لطيفة تبتسم: ليت كل الأمهات مثلش.. ما يلحقش قصور يأم طلال..
شيخة تبتسم: قلت لي أم طلال ذكرتيني بمسؤولياتي.. خليني أبقق عويناتي أشوف البنات المزايين.. يمكن ألاقي وحدة ترضى في القرد اللي عندي في البيت
لطيفة تضحك: الله يعين راشد عليش
زاوية أخرى معالي ومشاعل
معالي (بعيارة): ميشو لا يكون حد قص عليش وقال إنش العروس وش ذا الزين يا بنية؟؟ ما خليتي للآنسات طالبات النصيب مثلي شي النسوان يسألون عنش أنتي وأنا ماحد طل في وجهي
مشاعل بحرج: ياحبش للمبالغة بس
معالي تغمز بعينها: أنا أبالغ.. ليه ماطالعتي المرايه.. أو.. أكملت بخبث: أو.. ما سألتي الخيّال راعي الجليلة؟؟
مشاعل تهرب بخجل: بأروح أشوف النسوان اللي هناك تقهوا وإلا لأ
زاوية ثالثة موضي ومريم موضي تجلس بجوار مريم التي كانت مستغرقة في أفكارها العميقة تهمس بمودة مرحة: وش فيها عروستنا مكتمة؟؟
مريم تنتبه وترد بعذوبة: العروس أنتي
موضي تبتسم: لا خلاص راحت علي.. خربتي علي.. كلتي الجو علينا
صمتت مريم وهي تتنهد بعمق
موضي احتضنت كف مريم واقتربت منها هامسة: ترا سعد رجّال كلن يمدحه أكيد التوتر شر لا بد منه بس المهم ما تخلين التوتر يخرب عليش ويضايقش
مريم ربتت على كف موضي وهي تهمس بهدوء عميق: أنا ماني بمتوترة أنا قلقة يا موضي أنا مرة كبيرة وضريرة..يعني التغيير شيء مرعب بالنسبة لي أنا كنت عايشة طول عمري على نظام معين تعودت عليه وتناسيت جانبي الأنثوي أو أني أنثى حتى والضغط والخوف اللي أنا حاسة فيه ذابحني.. حياة جديدة تلزمها أنثى جديدة بمسؤوليات جديدة وأنا خايفة أكون حمل ثقيل على سعد
موضي بمودة وعمق: عمرنا مااعتبرناش ضريرة يامريم.. بالعكس كلنا نحس إنش تشوفين أحسن منا كلنا وأنتي تستحقين كل الخير والسعادة في حياتش مع سعد.. لا تحسسين سعد إنه أنتي حمل لأنه أنتي عمرش ماكنتي حمل على حد.. ماشاء الله عليش مريم
مريم تتنهد: الكلام مافيه أسهل منه ياموضي.. وأنا اكثر من مارس مهارات الكلام.. بس وقت الفعل.. كل الكلام يتبخر إذا ماكان تحته استعداد للفعل
سكتت موضي وجملة مريم ترن في رأسها (وقت الفعل.. كل الكلام يتبخر إذا ما كان تحته استعداد للفعل) لا تعلم لِـمَ بدت لها هذه الجملة موجعة حادة عميقة...... وغريبة.. ربما كانت تحتاج هذه الجملة في حياتها ولكن من يحتاجها الليلة فعلا هي مشاعل فهي حشت رأس مشاعل بالكلام والنصائح ولكن حين يحين أوان الفعل.. تخشى أن تخذلها مشاعل وتهرب
جبهة قريبة مجلس آل مشعل
مشعل يهمس لراكان الجالس جواره: وش فيهم فارس وناصر مكتمين الليلة؟؟
راكان بهدوء: والله ما أدري.. سألتهم.. وكل واحد منهم يقول مافيه شيء
مشعل باستغراب: يعني فارس بنعديها... أحيانا يكتم بدون سبب معروف ومستحيل حد يعرف وش اللي وراه.. تربيتي وعارفه بس ناصر مهوب عوايده أبد
راكان بمودة: يا ابن الحلال لا تشغل بالك.. إذا حد منهم عنده مشكلة أو متضايق يعرف يتصرف ولو حبوا يتكلمون احنا حاضرين.. خلنا فيك.. الوالد يقول أنك تبتي تعتمر على خير الأسبوع الجاي
مشعل يبتسم: إيه طال عمرك.. أتناك توكل على الله وتروح بطولتك عشان نقط عيالنا على مرتك.. ونروح أنا وأم محمد شهر عسل جديد
راكان يبتسم: يا سلام عليكم.. أنت وأم محمد تروحون شهر عسل جديد وتقطون شواذيكم على مرتي.. أرجع ألاقيها مستخفة من عيالك
مشعل يضحك: ياويلك من ربي.. عيالي ملايكة مثل ابيهم
راكان بابتسامة: أمّا ملايكة ومثل ابيهم فكثر منها طال عمرك
عودة لحفل النساء
مازالت لطيفة تجلس بجوار شيخة.. رن هاتفها برقم غريب ومميز ردت بحذر: ألو جاءها الصوت الأنثوي الواثق الذي عرفته جيدا: هلا أم محمد
لطيفة بذوق رغم استغرابها: هلا أم علي
فاتن بشكل مباشر: عندج 5 دقايق نتكلم؟؟
لطيفة بحذر: دقيقة واتصل لش
لطيفة استاذنت من شيخة وتوجهت للداخل وأغلقت على نفسها في غرفة فارغة واتصلت بفاتن: هلا أم علي.. أخدمش بشيء؟؟
فاتن بثقة: أتمنى إنج تقدرين تخدميني
لطيفة بحذر وتحفز: تفضلي
فاتن بمهنية: اسمعيني يأم محمد.. أنا بيزنس ومن.. وكل شيء في حياتي واحد زائد واحد يساوي اثنين إلا ولدي علي.. هو عندي كل شيء وعشانه مستعدة أسوي كل شيء.. واعترف إني فاشلة في تربيته لأني دللته زيادة عن اللزوم علي محتاي ريال شديد يحكمه..
لطيفة باستغراب رغم انها بدئت تشتم رائحة غير مريحة: طيب أم علي.. وأنا بويش أقدر أخدمش؟؟
أم علي بثقة: أنا في كل رجال الأعمال اللي عرفتهم.. ماشفت حد مثل أبو محمد وشفت بنفسي أشلون يتعامل مع عياله.. وعياله سابقين سنهم خليني أكمل ولا تعصبين.. أنا أتكلم في بيزنس از بيزنس.. لأنه بيني وبين مشعل شغل وايد أدري أبو محمد يحبج وايد.. وأنا بعد التفكير شفت إنه هالشي أريح لي أنا أصلا موب حمل زوج ولا اتحمل تحكم ريل فيني... أنا أبي أبو لولدي وبس..حد ولدي يخاف منه ويعمل حسابه....
كانت فاتن مازالت ستكمل شرح وجهة نظرها الغريبة لولا أن لطيفة قاطعتها وهي تقول ببرود: بصراحة عمري ماشفت قلة حيا كذا.. متصلة تبيني أوافق أنش تزوجين رجّالي وأكيد إنش ما اتصلتي لي إلا عقب ما فشلت محاولاتش مع مشعل وماعطاش وجه.. فتبين تدخلين له عن طريقي اسمعيني يام علي..دام انش منتي بعارفة تربين ولدش.. ولاهية في مشاريعش ومطاردة الرياجيل..و تبين حد يربي ولدش.. هذا أنتي عندش فلوس وخير... دخلي ولدش أكاديمية القادة وأنا متأكدة أنهم بيحكونه لش ويطلعونه رجّال ومشعل مالش شغل فيه.. واحترمي نفسش وولدش
ثم أنهت لطيفة الاتصال وهي تغلي من الغضب.. فمجرد تفكيرها أن فاتن عرضت نفسها على مشعل أشعل غيرتها لاقصى حد وهاهي لطيفة تشتعل.. وتشتعل.. وعلى وشك الانفجار نعم هي كانت تظن أن فاتن قد تكون تخطط على مشعل.. لذا كانت تستعيذ بالله من سوء الظن.. ولكن أن تتيقن أن الظن أصبح حقيقة فهذا شيء لا يمكن أن تحتمله.. لا يمكن
(أكاديمية القادة.. لمن هم خارج قطر.. هي مدرسة أولاد داخلية بنظام عسكري صارم.. تستقبل الطلاب من الصف السابع حتى ينهون الصف الثاني عشر بنظام البكلوريا الدولية)
*******************************
انتهى الحفل وعاد الجميع كلٌ إلى بيته وهناك أربع جبهات اثنتين منها على وشك الاشتعال واثنتين على أبواب التحفز
راكان وناصر كلاهما يدخلان باحة البيت قادمان من المجلس ناصر لو كان الأمر بيده لم يكن ليرجع للبيت.. فهو يشعر بضيق عميق كلما اعتاد على وجودها العذب جواره استكثرت عليه حتى هذا الوجود استكثرت عليه متعته بمجرد وجودها جواره أي حياة هذه؟؟!! أي حياة؟!! وإلى متى ستكتب عليه هذه الحياة الجافة؟!! تكاد عروق قلبه تجدب من الجفاف والقحط تكاد مشاعره تذوي وتضمحل يأسا واشتياقا
راكان يدخل إلى بيته وهو يشير لناصر بالتحية بينما ناصر توجه لداخل البيت بخطوات ثقيلة مثقلة وهو يصعد الدرج متوجها لغرفته
**********************
بيت فارس بن سعود غرفة فارس والعنود
العنود وصلت أولا.. فهي لم تستطع البقاء حتى انتهاء العشاء حتى فشعورها بالضيق والندم خنقاها لذا قررت القدوم مبكرة لانتظار فارس والاعتذار له عن خروجها اليوم دون أذنه فالخطأ يُبنى عليه أخطاء وهي غير مستعدة لبناء حياتها مع فارس على سلسلة من الأخطاء ولطالما كانت قادرة على امتصاص غضبه بلباقتها ورقتها فلتحاول هذه المرة.. وبجدية
دخلت بخطوات متوترة مترددة وجدت كيسا فخما على السرير شعرت بتوتر أكبر اقتربت وفتحت البطاقة المعلقة على الكيس كان خطه الأنيق يتلوى بفخامة على الفضاء الأبيض لينغرز في عمق قلبها الموجوع والنادم والمتوتر
"لحبيبتي اللي مايهون علي زعلها الله لا يحرمني منها
فارس"
لم تستطع فتح الهدية فهي تمددت على سريرها وانخرطت في بكاء حاد فالألم كان أكبر من احتمال قلبها الغض بكت كثيرا ومطولا.. لم تعلم كم مضى عليها وهي تبكي نص ساعة!! ساعة ربما
حتى تعبت من البكاء.. وحان أوان الفعل نهضت من سريرها وقررت أن تستحم فوجهها اختلطت ألوانه وشعرها أصبحت تكره تسريحته التي كانت سبب خروجها بدون إذن فارس وهاهي تريد أن تعيد شعرها لطبيعته
استحمت ثم صلت ارتدت قميص نوم أنيقا وتأنقت كما لم تتأنق قبلا
ثم عادت بخطوات مترددة لفتح الهدية فهي قررت أن تلبسها حتى يراها فارس عليها عندما يعود فتحت العلبة بأنامل ترتجف كانت سلسلة ناعمة من الذهب الأبيض يتدلى منها قلب ماسي يحتضن كلمة ألماسية مرصعة بالألماس (أحـــبــــك)
شعرت بألم أكبر.. وأكبر والكلمة تنغرز في عمق قلبها المثقل (أحبك)
(وأنا أيضا أحبك فارس أحبك أكثر مما يمكنك أن تتخيل أعلم أنك قاسٍ وأنا مدللة ونختلف كثيرا ولكني أحبك حتى آخر نبض وشريان أقسم أني أحبك)
كانت تريد العودة للبكاء وتأثرها العميق يغلبها ويهز مشاعرها ولكنها حاولت مغالبة دموعها وهي تتناول السلسلة بارتعاش وترتديها كان منظر السلسة على نحرها الرائع أكثر من مبهر ولكنها شعرت كما لو أن ملامسة المعدن لبشرتها كملمس النار وهي تنظر لانعكاس صورتها في المرآة حينها دخل عليها فارس
*************************
بيت مشعل بن محمد غرفة لطيفة ومشعل
لطيفة عادت أيضا أولا من أجل أولادها تأكدت أنهم ناموا جميعا ثم بدأت تدور في البيت كالأسد الحبيس قررت أن تستحم لتهدئ أعصابها ثم صلت ولكن أعصابها مازالت تشتعل فهي تعلم تماما أن فاتن لم تكن لتتوجه إليها لو لم تكن يأست من استجابة مشعل لطيفة لا تشك مطلقا في مشعل ربما لو كان هذا الموقف حدث قبل عدة أشهر لكانت لطيفة شعرت بالجزع ولكنها تعلم الآن أنها تحكم سيطرتها على قلب مشعل ولكن كل هذا لا يمنعها من الاحتراق غيرة.. الاحتراق حتى الترمد فلطيفة مغرمة حتى أقصى خلاياها وشرايينها بمشعل وفاتن قررت أن تلعب بورق مكشوف.. ولطيفة لا تحتمل مطلقا فكرة وجودها قريبا من مشعل بعد أن أعلنت نواياها.. حتى وإن كان لمجرد العمل فالمثل الشعبي يقول (كثر الدق يفك اللِحام) ولطيفة تخشى أن يكون قرب فاتن من مشعل "هو الدق اللي يفك اللِحام"
لطيفة كانت جالسة على الأريكة.. غارقة في أفكارها دخل عليها مشعل لم تنتبه لدخوله ولا حتى للسلام الذي ألقاه لم تنتبه حتى شعرت باحتكاك شعيرات عارضه بخدها وهو يلصق خده بخدها ويهمس: اللي ماخذ عقلش
تنهدت لطيفة: أنت اللي ماخذ عقلي..
ابتسم مشعل: ياحظي اللي خذت عقل شيخة الحريم
عاودت لطيفة التنهد: اقعد حبيبي أبيك في موضوع مهم
مشعل جلس جوارها واحتضن كفها: آمريني ياقلبي
لطيفة تحاول التمسك بالهدوء: مشعل أنا عمري ما تدخلت في شغلك.. صح؟؟
مشعل بهدوء: صح
لطيفة بذات الهدوء: بس لما شغلك يتدخل في بيتي وحياتي.. ما أقدر أسكت
مشعل بحذر: والمعنى؟؟
لطيفة تتنهد بعمق ثم تلقي جملتها كالقنبلة: أبيك تفسخ كل شغل بينك وبين فاتن الفرج
مشعل بغضب مفاجئ: نعم؟؟
لطيفة بهدوء مازالت تحاول التمسك به: أظني أنك سمعتني عدل
مشعل يعاود البرود: آسف ما أقدر
لطيفة هذه المرة من ردت بغضب مفاجئ: نعم؟؟
مشعل بهدوء بارد: أظني إنش أنتي الحين سمعتيني عدل
لطيفة من بين أسنانها: وممكن أعرف السبب
مشعل بهدوء: لطيفة أنا ماني بمستعد أخلي غيرة النسوان تخرب شغلي يعني قال لش إني ماني بمنبه لحركات فاتن من سنين ولو أنا بعطيها وجه كان عطيتها من زمان.. يعني أنا ما التفتت لها قبل ما نتصافى ألتفت لها الحين
لطيفة بمناشدة: تكفى مشعل عشان خاطري.. أدري إنك أنت منت بمتفكر فيها بس أنا باجن من الغيرة وانا عارفة إنها طامعة فيك وجنبك
مشعل بهدوء وهو يقف كاعلان لإنهاء الحوار: أنا آسف لطيفة أنا ما أشوف في ففاتن إلا شريك شغل مثلها مثل أي رجّال وبيني وبينها شغل بالملايين.. هذي عقود وسلفيات بنك وشروط جزائية.. مهوب لعب والمجمع الأخير اللي نسويه لها بيقفز بشركتي قدام.. ماني بمستعد أخاطر بذا كله عشان أفكار في رأسش أنتي أنتي تاكدي إن القلب مافيه غيرش.. بس شغلي مالش دخل فيه
حينها لطيفة تنهدت بحزم: مشعل أنا ماني بغبية أدري إنك تقدر تحول شغل مجمعها لأي شركة وأي شركة تتمنى تسوي مجمع مثل ذا
حينها رد مشعل عليها بحزم أكبر: وأنا بعد ماني بغبي وهذا أنتي قلتيها ..أي شركة تتمنى تسوي مجمع مثل مجمعها.. فليش أعطيه لأي شركة على طبق من ذهب عقب ما مهندسيني أنا خلصوا تصاميمه وخلصنا تعقيدات تراخيصه.. وبدينا الأساسات.. وش استفدت أنا؟؟ عدا أنه تحويله لشركة ثانية لازم فاتن توافق عليه عشان ما تقاضيني.. مهوب قراري بروحي
لطيفة بغضب: يعني ويش؟؟ خايف منها؟؟ وإلا خايف على مشاعرها؟؟
مشعل يتناول غترته ويقول بحزم غاضب: أنتي اللي ما أدري أشلون تسمعيني أقول لش خساير مالها حد لشركتي.. وأنتي راسش مافيه إلا فاتن أنا بأروح للمجلس ساعة وأرجع.. تكونين فكرتي وهديتي قبل ما أعصب أنا.. وأقول شيء يزعلش مني
مشعل خرج من الغرفة ولكن لطيفة المرأة المطعونة بوهم الغيرة كانت مازالت تشتعل فكل ما خرجت به من الحوار العقيم من وجهة نظرها هو أن عمل مشعل مستمر مع فاتن.. وهذا الشيء يستحيل أن تحتمله كان مشعل قد وصل لأسفل الدرج وتبقى سلمتين اثنتين حين وصلته وأمسكت بعضده وهو تهمس من بين أسنانها بخفوت والغضب والغيرة يحولان تفكيرها في اتجاه كلمات لا تقصدها بحذافيرها: وقف كلمني مثل الرياجيل مهوب تطق وتخليني احترق
حينها التفت لها مشعل بحدة وعيناه تطلقان شررا مرعبا وصوته يشتعل وهو يصر على أسنانه.. فرغم الغضب الذي التهم الاثنين إلا أن ابنائهما كان حاضرين في تفكيريهما كلاهما ..وهما يخفضان أصواتهما حتى لايسمعونهما: هذي اخرتها لطيفة.. أنا ماني برجّال عشان أوقف أكلمش مثل الرياجيل
لطيفة بغضب عارم حمله صوتها المكتوم: لا منت برجال.. لو أنك رجّال ماكان خفت من مرة
كان رد مشعل عليها
ولأول مرة
وبعد أكثر من ثلاثة عشر عاما من العشرة
صفعة قوية جعلتها تتعثر عبر السلمتين الباقيتين لتسقطها على الأرض بحدة
*****************************
عودة لغرفة فارس والعنود
كان منظر السلسة على نحرها الرائع أكثر من مبهر ولكنها شعرت كما لو أن ملامسة المعدن لبشرتها كملمس النار وهي تنظر لانعكاس صورتها في المرآة حينها دخل عليها فارس
انتفضت بعنف حين دخل وانتفضت بعنف أكبر وهي ترى وجهه المتغير وقبضته التي كان يعتصرها ويبدو كما لو كان يحاول مغالبة غضب لا حدود له
توجه ناحيتها وهو يقترب منها بخطوات ثابتة والعنود تتراجع للخلف وهي تشعر برعب حقيقي مؤلم كانت تتراجع وهو يتقدم حتى حجزها السرير فوقعت جالسة عليه حينها أنحنى وهو يغرز أصابع كفيه في عضديها العاريين ليوقفها بحدة تقافزت دموعها من عينيها وهي تشعر بألم اعتصاره لعضديها وترى عن قرب عينيه الناعستين وهما تشتعلان غضبا متوحشا همس بصوت بارد حاد غاضب: وين رحتي اليوم بدون حتى ما تعطيني خبر؟؟
حينها انفجرت في البكاء : آسفة فارس.. آسفة والله ما أعيدها.. والله ما أعيدها
كان رده عليها كرد من رباه.. رغم اختلاف موقف المرأتين فإن كانت الأولى تحدت وأهانت بدون خوف فإن الثانية كانت تذوب خوفا ووجلا وهي تناشد وتترجى وتعتذر وإن كان من رباه حاول بالفعل أن يتفادى هذا الرد فإن فارس كان يتقدم إليها وهذا الرد هو كل ما يلتهم تفكيره وهو بظنه ما سيطفئ نار غضبه عليها
كان صوتها الباكي.. صوتها الساحرالذي لطالما أذاب قلبه عامرا بالرجاءات الموجعة: آسفة حبيبي.. والله إني ندمانة.. تكفى لا تزعل علي.. أمنتك الله تسامحني والله ما أعيدها.. تنقص رجلي لو خطيت برا البيت من غير أذنك أو رحت مكان أنت ما ترضاه آسفة.. والله إني آسفة .................
قطع سيل كلماتها الموجع
صفعة موجعة ألقت بها على السرير
#أنفاس_قطر# . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 11:06 am | |
| green]18]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نهارات الإشراق والبهجة والإشتياق كتب الله لكم في كل خطوة توفيق ورحمة ومغفرة وسعادة وجعل أيامكم ولياليكم عامرة بالبركة والرحمات . . اليوم نوقف شوي عند الغوالي اللي قالوا إن استفزاز لطيفة لمشعل تصرف يختلف عن شخصية لطيفة مثل ما أنا رسمتها لهالغوالي أقول: أنا قد ما أقدر حريصة جدا في رسم الحوار وصنع كل شخصية وحتى تناقضاتها على المدى البعيد أكيد هذا عمل انساني ولازم يصير فيه نقص لكني أحاول قد ما أقدر أكون دقيقة وأنا كثير أعطي إشارات لأشياء بتصير عقب.. ارجعو للبارتات الأولى أيام زعلة لطيفة من مشعل تذكرون ثاني مرة عصبت عليه؟؟ طولت لسانها عليه واتهمته إنه عمرها ما احترمها ولا قدرها فهو قال لها اتقي الله لا تبهتيني وتكونين من مكفرات العشير وعقبه سبته وقالت له ياحقير.. فهو قال لها: أنا سمحت لش تعصبين بس ما اسمح لش تسبين وذا المرة باعديها لش بس ثاني مرة لا
يعني يا نبضات القلب لطيفة موب أول مرة يخونها التفكير المنطقي عند مشعل وغيرتها عليه ومشعل سبق له حذرها ما تطول لسانها عليه . . ونجي عند توقع قديم جدا أنا ما هضمته من أول مرة واستغربت رجعته الحين وأنا قبل ما تكلمت عنه لأني ما أحب أوجه تفكيركم لكني كنت مستغربة إنه كثير من قارئاتي العتيدات الأثيرات توقعوه زمان لكن إنه يستمر حتى الحين... فغريبة!!! فاليوم باتكلم عنه (زواج راكان من معالي) نبضات القلب اللي شافو معالي تناسب راكان الحين بنت مراهقة في ثاني ثانوي عمرها 17 سنة فيها تهور الشباب وانطلاقه تناسب راكان اللي عمره 30 وشخصيته تتسم بالهدوء والعمق؟؟؟!!! لا وتذكرون إن راكان قال لموضي إن طبيعة شغله تفرض على زوجته مجاملة زوجات زملائه في الديوان هل تعتقدون إن معالي تنفع لحياة الاتيكيت هذه والقيود والمجاملات ؟؟أو تنفع قبلها أن تكون زوجة تحتوي راكان ووجعه وعمقه؟؟!! . . بارت اليوم بارت صغنون شوي بس كثيف وموعدكم الجاي ماراح يكون بعيد إن شاء الله بيكون بعد بكرة الأربعاء الساعة 11 قبل الظهر وبيكون البارت الأخير قبل رمضان إن شاء الله وهذا أنا كتبت منه كثير لكني أبيه يكون جزء طويل طويل عشان يرضيكم والله العظيم باشتاق لكم . . قراءة ممتعة مقدما . . لا حول ولا قوة إلا بالله . .
أسى الهجران/ الجزء الثاني والتسعون
واشنطن بيت يوسف غرفته تحديدا
مازال الاثنان يجلسان على الأرض باكينام تسند ظهرها للحائط.. تحتضن ساقيها المثنيتين وتدفن وجهها بين ركبتيها وتبكي بكت كما لم تبكِ طوال عمرها ويوسف كان يجلس جوارها وهو يمدد ساقيه الطويلتين وينظر أمامه إلى اللاشيء وصوت بكاءها يمزق أوردته وينثر دماءها
لم يعلما كم مضى عليهما من الوقت وهما على هذا الوضع البائس المحزن وكلاهما غارق في أساه وبحر مشاعره المتلاطم الأمواج
كان يوسف أول من تحرك وهو يحرك جسده ليجلس جوار بكينام بشكل معاكس وهو يثني ركبتيه ويلصق قدميه بالحائط ثم يمد يديه ليرفع رأسها حاولت أن تقاومه بشدة ولكنها لم تستطع منعه وهو يرفع وجهها إجباريا وتغرق عيناه في بحر عينيها الخضراوين التي أصبح بياضهما إحمرارا موجعا وخطان لا يتوقفان يسيلان على خديها وأثر كفه بدا شديد الوضوح والاحمرار على صفحة خدها الثلجي
ثبت وجهها بكفيه ثم همس لها من قرب بنبرة شديدة العمق ومغرقة في الوجع: أنا بحبك يا باكينام
انتفضت باكينام بعنف وشرايين قلبها تتهاوى وهي تسمع اعترافا لم تتوقع أنها قد تسمعه يوما الاعتراف المستحيل وجعا وألما وشجنا الاعتراف الذي حلمت به وتمنته.. وظنته حلما بعيدا المنال هاهي تسمعه من رجل حياتها وبنبرته الموجعة
ولكنها سمعته في وقت متأخر... متأخر جدا ربما لو كان اعترف لها بمشاعره من قبل.. لكانت اعترفت بعشقها له وأنه الرجل الأول والأخير في حياتها ولكن الآن.. لا.. لا لا.. لا..
اقترب أكثر وهو يهمس بعمق أكبر ويشدد احتضانه لوجهها حتى لا يسمح لها بإبعاد عينيها عن مدى عينيه: أنا مش بحبك بس أنا بعشئك.. باتنفسك.. كل نبض في ئلبي ليكي وكل نئطة دم اسمك مكتوب عليها
حاولت باكينام أن تهرب من كلماته التي لا تريد سماعها.. تتأخر للخلف لولا أن الحائط احتجزها ووجهها الساكن بين كفيه مثبت بين أنامله قرب وجهه من وجهها ليمنعها من محاولة الهرب وليغمره بقبلاته لكنها حينها بدأت بالصراخ: لأ.. لأ الوش اللي ضربته ما تحلمش ترجع تبوسه
يوسف وضع يده على فمها وهو يهتف بحزم: باكي ما تفضحيناش في ستاتك
باكينام أزالت يده بغضب: هو أنته هامك فضيحة وإلا غيرها لحد هنا وكفاية يا يوسف ليلة جوازنا واحنا لسه في مصر لما شديت شعري.. ئلت لك لو مديت إيدك عليا تاني هاخربها وائعد على تلها.. ولا يهمني بنت دبلوماسي ولا ابن عمدة واديك الليلة مش مديت ايدك بس اديتني بالألم على وشي ومن غير سبب خلاص خلي ستاتي يعرفوا كل حاجة.. لأنك الليلة هتطلئني هتطلئني
يوسف يتجاهل كل ماقالته ويهمس بعمق موجوع: ليه ما ئلتيليش إن الراجل اللي كنت بتزوريه يبئى ابن عمة صاحبتك؟؟ هان عليكي تعزبيني بالشك كل ده؟!!
باكينام انتفضت بغضب: كده يا هيا.. طيب حسابك معايا ده وأنا منبهه عليها ما تئولش ليك
يوسف بصدمة: وكمان منبهة عليها ما تئولش.. للدرجة دي بتكرهيني؟؟!! وكنتي مبسوطة وأنا بتعزب؟!!
باكينام بحدة: وئتها ماكنتش باكرهك.. وكان عندي استعداد أعيش معاك لكن أنته سمحت لنفسك تشك فيا وأنا كان مستحيل أسمح لك تحطني في موضع شك لأنو عمري ما كنتش موضع شك.. واخلائي فوء مستوى أي شك ومفترض إنه البنت اللي انته حفيت عشان تتجوزها وغصبت عليها تتجوزك وسلمتها اسمك وشرفك يكون عندك ثقة فيها
يوسف من بين أسنانه: ومفترض إنه الست المتجوزة لما جوزها يسألها تجاوبه وتكون ئد ثقته فيها يعني كان هينئص منك رجل والا إيد لو كنتي ئلتي لي إنه مافيش حاجة بينك وبينه
باكينام ببرود ساخر: وأديك عرفت.. كان مكافئتي على محافظتي على شرفك الغالي إيه؟؟ ضربتني زي كلبة
يوسف بغضب موجع: أنا مجروح أوي من اللي عملتيه فيا.. وفي النهاية يكون كل عزابي من غير سبب حرام عليكي اللي عملتيه فيا.. انا اتعزبت عزاب مستحيل يخطر ببالك
باكينام بغضب موجع مشابه: وأنا تعزبت أكثر ومش مستعدة أكمل حياتي في العزاب ده طلئني يا يوسف.. طلئني
*****************************
بيت مشعل بن محمد الصالة السفلية
فور وقوع لطيفة الموجع على الأرض انتفض مشعل بجزع وهو يركض لينحني عليها ويهمس لها بجزع حقيقي: لطيفة حبيبتي أنتي بخير؟؟
لطيفة اعتدلت ومشعل يساعدها وهي تجلس بشكل مائل على وركها وتستند على كفها دون أن تنظر ناحيته
مشعل بألم: الله يهداش لطيفة أنتي شايفتني معصب وأبي أخلي البيت وأنتي إلا تلحقيني وتستفزيني.. السموحة يأم محمد.. تنقص يدي لو مديتها عليش مرة ثانية السموحة يالغالية
لطيفة مازالت عاجزة عن النظر ناحيته تجلس على ذات الوضعية وهي تشعر بألم حاد في أسفل بطنها وأسفل ظهرها ولكن كل الآلام الجسدية تهون أمام ألم الروح الذي لا حدود له ولا مساحات ألم الروح الذي تشعر به يخنقها.... يبعثرها..... ينهيها
لم يخطر ببالها ولا حتى في أسوأ كوابيسها أن مشعلا قد يضربها يوما وبعد مرور كل هذه السنوات وبعد هذه العشرة الطويلة يمد يده عليها تعلم أنها أخطأت باستفزازه.. ولكنها لم تظن أنه مهما غضب قد يضربها يوما شيء ما انكسر في روحها شيء عظيم وثمين وشديد السمو
مشعل مازال هو من يتكلم: تكفين يا قلبي ردي علي..
لطيفة تكلمت أخيرا.. بصوت خال من الحياة: مشعل روح الحين خلني لين أهدأ
مشعل بتردد موجوع: بس لطيفة...
قاطعته بنفس النبرة الميتة وهي تستند على الأرض بكف وتضع الكف الأخرى على أسفل بطنها: خلاص مشعل.. إذا لي خاطر عندك.. روح
************************
بيت فارس بن سعود غرفة فارس والعنود الغرفة التي ستصبح لفارس وحده الليلة
مرت لحظات ساكنة مثقلة العنود ترتمي على السرير وأثر كف فارس واضح جزئيا على صفحة خدها الناعم بينما فارس واقف كتمثال حجري دون أن ينظر ناحيتها كان يعتصر كفه وندم عميق عميق يتسلل لروحه يتذكر الآن رجاءاتها الموجعة وبكاءها المؤلم يشعر بالألم والندم يمزقان روحه فهي لم تكن مطلقا بالعنيدة أو المكابرة على الخطأ اعترفت فورا بخطئها..وبكت بكاءها الذي ينحره كان يستطيع تأنيبها بالكلام.. ويعلم أنها حتى الكلام بالكاد تحتمله لشدة رقتها فلماذا يجرحها ويهينها بصفعها على وجهها؟؟!! ألم يجد له حلا آخر؟؟ أو وسيلة أخرى؟؟
العنود نهضت دون أن تنظر إليه.. دون أن تعاتب.. دون أن تبكي.. دون أن تتكلم توجهت لدولاب عباءاتها وارتدت عباءة مغلقة كالثوب فوق قميص نومها فارس فُجع وهو يراها ترتدي العباءة.. ولكنه لم يتحرك من مكانه.. ولم ينطق بحرف وعزة نفسه تمنعه من التنازل أو التصرف وهو يراقبها بطرف عينه ارتدت شيلتها كيفما اتفق على رأسها
ثم توجهت بخطوات ثابتة هادئة لباب الغرفة خرجت وأغلقته خلفها بذات الهدوء
**************************
واشنطن شقة مشعل
مشعل يعود للشقة بعد مقابلته مع يوسف ثم توجهه للجامعة
يدخل بهدوء وهو يبحث عن هيا.. وجدها في المطبخ.. تضع الملح في قدر الغداء
سلم بمودة وردت عليه وهي تبتسم.. اقترب منها واحتضنها من الخلف ثم همس في أذنها: يا قلبي يا هيا ألف مرة قايل لش لا عاد تعبين نفسش
وضعت كفها على خده وهي تهمس برقة: والله العظيم انطونيا توها طالعة الحين استأذنت تبي تجيب ولدها من المدرسة توديه للبيت وبترجع.. يعني هي قطعت كل شيء وغسلت كل شيء.. وهي اللي حمست أنا بس بهرت وملحت
مشعل بابتسامة شاسعة: زين تعالي للصالة عندي لش بشارتين
هيا خلعت المريلة وتوجهت خلفه جلست قريبا منه وهمست بفضول: يالله بشرني
مشعل بابتسامة دافئة: البشارة الأولى.. خلصنا من موضوع يوسف والرجّال بان عليه التأثر واجد ولو أنه حاول عقب يبين أنه الموضوع عادي
هيا بسعادة: الحمدلله.. والله العظيم انبسطت بذا الخبر
مشعل بمودة وسعادة حقيقية: انتظري الخبر الثاني وانبسطي أكثر
هيا بفضول أكبر: يالله حبيبي بلاها حرقة الأعصاب ذي
مشعل بابتسامة شاسعة: موعد مناقشتي قدموه من شهر 7 لشهر 5 يعني بأخلص معش وبنرجع للدوحة قبل موعدنا بشهرين
هيا قفزت لترتمي في حضنه وتحتضن عنقه وهي تهتف بسعادة: جد مشعل؟؟ جد؟؟
مشعل يحتضنها بحنو ويهمس: وهذا موضوع فيه مزح
*****************************
بيت محمد بن مشعل قسم راكان
راكان دخل بخطوات هادئة رزينة وهو ينادي: موضي موضي
ولكنه لم يحضَ بجواب دخل للداخل وهو ينادي ويبحث عنها ولكنه لم يجدها
استغرب.. أين ستذهب في هذا الوقت المتأخر من الليل؟؟
توتر نوعا ما.. وقلق ما يتسلل لروحه كان على وشك الاتصال بهاتفها لولا أنه سمع صوت باب البيت يُفتح
توجه للصالة كانت تعطيه ظهرها وهي تخلع جلالها بخفة وتطويه
التفتت لتجده أمامها انتفضت بخفة.. ثم ابتسمت: خوفتني.. تنحنح.. قل شيء
بقي صامتا للحظة وعيناه تطوفان بكل تفاصيلها لا يعلم لِـمَ منظرها الفاتن أشعره بالألم.. الكثير من الألم ألم عميق في قرارة قلبه.. في أعمق نقطة في قلبه.. يراها تحفة فنية نادرة غاية في البهاء.. يشتهي فقط أن يتحسس وجهها حاجبيها.. أهدابها.. حد أنفها .. خديها.. شفتيها.. ذقنها أن تعانق أنامله تفاصيلها الباذخة روعة الموغلة حسنا أن يفكك خُصل شعرها الملتفة في حلقات لولبية خصلة خصلة
ولكنها كأي تحفة ثمينة كُتب عليها "ممنوع اللمس" لذا فلابد أن يكتفي مجبرا بمجرد النظر
ابتسم لها وهو يرد بعمق ودود: بصراحة أنتي اللي خوفتيني
موضي باستغراب: أنا؟؟
راكان بابتسامة: ايه أنتي.. ولسببين أول شيء خفت عليش لما لقيتش
موضي تبتسم: كان عندي مهمة في البيت العود.. خلصتها وجيت وش ثاني شيء؟؟
راكان بنبرة عمق مقصودة: ثاني شيء خفت منش لما لقيتش
موضي بحرج حزين وهي تلف إحدى خصلاتها على أصبعها بتوتر: شكلي يخرع يعني؟؟ ما عجبتك؟؟
راكان اقترب منها حتى وقف خلفها ثم همس في أذنها بعمق موجع: ماعجبتيني؟!! صاحية أنتي؟!! أنتي الليلة جمالش خطير ويخوف
موضي تبتعد عنه وعن دفء أنفاسه على أذنها الذي بعث قشعريرة حادة في كل جسدها وتهمس بخجل: دايما تحب ترفع معنوياتي
راكان يبتسم وهو يجلس: رفع المعنويات للي يحتاجونه.. لكن أنتي ما تحتاجين
موضي جلست وهي تبتسم لتسأله بمودة: شأخبار التدريب اليوم؟؟
راكان بهدوء: تمام.. دعواتش بالذهبية
موضي تبتسم: إذا على الدعاء أنا بأدعي لك واجد اللهم استجب المهم تكون مستعد
راكان بثبات: وأنا مستعد إن شاء الله ثم أردف: أقولش سر؟؟
موضي بحذر: قول
راكان بجدية: هذي البطولة بتكون آخر بطولة أشارك فيها عقبها باعتزل البطولات.. عشان كذا أقول يا الله ذهبية.. عشان يكون اعتزال مشرف
موضي باستغراب: توك راكان على الاعتزال يعني الرماية مهيب رياضة مرتبطة بالعمر مثل الكورة وإلا السباحة دام يدك ثابتة تقدر تشارك.. يعني ممكن توصل 45 سنة وأنت تشارك في البطولات
راكان هز كتفيه وابتسم: خلاص كفاية علي شغلي.. وانا توني استلمت رئاسة قسم وكفاية علي من ناحية ثانية الشطرنج.. ولو أني ناوي بعد أقلل مبارياتي فيها
موضي بعفوية: أحسن.. خلك جنبي
موضي شعرت بحرج بعد خروج جملتها العفوية وراكان ينظر لها بعمق تحججت بتبديل ملابسها لتهرب من أسر نظراته
وراكان تنهد وهي يرى خيالها الهارب (ليتكِ تعلمين أن هذا هو السبب الوحيد أريد البقاء إلى جانبكِ أريد التخلص من كل ماقد يبعدني عنكِ سابقا كنت أريد ما يشغلني ليملأ خواء حياتي ويشغلني عن برودة أيامي ولكني أشعر الآن أن حياتي ممتلئة.. ممتلئة تماما ممتلئة بكِ ومن أجلكِ لم أعد أعرف سر هذه الغرابة أو ماذا فعلتي بي وماعاد يهمني المهم أن نبقى معا.. وتبقين لي وحدي لي وحدي فقط)
*****************************
قبل ذلك بوقت بيت محمد بن مشعل
ناصر يصعد بخطوات مثقلة كانت موضي تغادر غرفته للتو حين سمعت صوت الخطوات على الدرج.. اختبئت حتى تأكدت من دخول ناصر لغرفته وهي تحمدالله على خروجها قبل وصول ناصر وإلا كانت كل مخططاتها باءت بالفشل التفت بجلالها وهي تنزل الدرج بسرعة لتتوجه لبيتها بعد أن وصت مشاعل أن تقول لناصر أن المخطط كاملا هو من تخطيطها هي وألا تذكر اسم موضي حتى يتأكد أنه هو من يشغل تفكيرها فقط
قبل ذلك بلحظات
ناصر يقف أمام باب غرفته يتنهد بعمق يشعر بضيق عميق.. ويتمنى لو يعود أدراجه ولكنه وصل إلى باب الغرفة.. وليس لديه رغبة بالذهاب إلى أي مكان ويبدو أنه مجبر الليلة على البقاء مع ذكرى أطيافها الموجعة
فتح الباب وأغلقه دون أن ينتبه للغرفة أولا صدمته الرائحة العطرة العذبة والكثيفة ثم حين تلفت حوله شعر بالغرابة وهو يظن أنه ربما أخطأ بالغرفة فالغرفة كانت مطفأة الأنوار..وتغرق في أضواء عشرات الشموع بمختلف الأحجام والأشكال عدا عن صفين من شموع صغيرة كانت تصنع مسارا محددا بدءا من باب الغرفة والباب يفتح أولا على الصالة ثم غرفة النوم وكلاهما شاسعتان لأنهما كانتا أساسا غرفته وغرفة راكان
ناصر شعر بالغرابة تتزايد وهو يتتبع مسار الشموع من وضع كل هذه الشموع؟؟ ولماذا؟؟ مشى ناصر في المسار حتى وصل غرفة النوم ليجد المفاجأة الصادمة أمامه المفاجأة العصية على التصديق والتخيل
فتح عينيه وأغلقهما عشرات المرات.. كان عاجزا عن تصديق مايراه أمامه بل كان عاجزا عن مجرد التخيل كانت مشاعل تقف أمامه يلتهمها خجلها وتوترها ولم يكن هذا هو سبب عجزه عن التخيل بل ما كانت ترتديه
فمشاعل كانت تقف أمامه بفستان عروس أبيض حقيقي غاية في الرقي والنعومة وبطرحتها الطويلة الناعمة بل وحتى مسكة الورد بين يديها
#أنفاس_قطر# . . .[/size] | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 11:14 am | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباح الألق والروعة واستكمال الفرح والوجع كما وعدتكن بالأمس جزء صغير مجتزأ من بارت الغد فيه كثير من البهجة وكثير من الألم وهكذا الحياة!! إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى...ضمئت، وأي الناس تصفو مشاربه؟!! . . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولاقوة إلا بالله . .
إيه قبل البارت أحب أقول ألف حمدلله على سلامة جاكلين اللي تابعتنا وهي حامل وتوها ولدت من أربع أيام جعله الله أو جعلها عبدا صالحا مباركا ورزقك الله وإياه العفو والعافية . .
أسى الهجران/ الجزء الثالث التسعون
بيت محمد بن مشعل
ناصر يقف أمام باب غرفته يتنهد بعمق يشعر بضيق عميق.. ويتمنى لو يعود أدراجه ولكنه وصل إلى باب الغرفة.. وليس لديه رغبة بالذهاب إلى أي مكان ويبدو أنه مجبر الليلة على البقاء مع ذكرى أطيافها الموجعة
فتح الباب وأغلقه دون أن ينتبه للغرفة أولا صدمته الرائحة العطرة العذبة والكثيفة ثم حين تلفت حوله شعر بالغرابة وهو يظن أنه ربما أخطأ بالغرفة فالغرفة كانت مطفأة الأنوار..وتغرق في أضواء عشرات الشموع بمختلف الأحجام والأشكال عدا عن صفين من شموع صغيرة كانت تصنع مسارا محددا بدءا من باب الغرفة والباب يفتح أولا على الصالة ثم غرفة النوم وكلاهما شاسعتان لأنهما كانتا أساسا غرفته وغرفة راكان
ناصر شعر بالغرابة تتزايد وهو يتتبع مسار الشموع من وضع كل هذه الشموع؟؟ ولماذا؟؟ مشى ناصر في المسار حتى وصل غرفة النوم ليجد المفاجأة الصادمة أمامه المفاجأة العصية على التصديق والتخيل
فتح عينيه وأغلقهما عشرات المرات.. كان عاجزا عن تصديق مايراه أمامه بل كان عاجزا عن مجرد التخيل كانت مشاعل تقف أمامه يلتهمها خجلها وتوترها ولم يكن هذا هو سبب عجزه عن التخيل بل ما كانت ترتديه
فمشاعل كانت تقف أمامه بفستان عروس أبيض حقيقي غاية في الرقي والنعومة وبطرحتها الطويلة الناعمة بل وحتى مسكة الورد بين يديها
ناصر تقدم أكثر حتى وقف أمامها فهو خطر بباله أنه من المؤكد أنه يهلوس وأن اشتياقه لمشاعل صور له وجودها أمامه وبهذه الصورة الموغلة في العذوبة والتعذيب
كان ينظر لها بتمعن وهو مازال يظن أنه يحلم كانت عروسا حقيقية بكل معنى الكلمة بل أجمل وأبهى من ليلة زواجهما قبل شهرين كانت رقيقة إلى حد الوجع وفاتنة إلى حد الهلوسة
كانت مشاعل هي من تكلمت وهي تهمس بصوت مرتعش: ناصر ترا بيغمى علي من الحرج لا تقعد تخزني كذا كررت سالفة الحمام وخربت الدنيا
ناصر انتفض بخفة وهو يهمس بعمق ويمد يده ليتحسس خدها ليتأكد أنها أمامه فعلا: أنتي قدامي صدق وإلا أنا أحلم إن كنت أحلم تكفين لا تصحيني وإن كنت صاحي يا ويلش تجيبين لي طاري الحمام
مشاعل بخجل: ما أدري تحلم حلم حلو وإلا كابوس؟؟
ناصر اقترب أكثر ليتناول الورد من يدها ويضعه على السرير ويمسك بكفها ويحتضنها ويهمس بعمق دافئ: أخاف من كثر ماهو حلو أشرق بحلاه
مشاعل صمتت وخجلها يحتويها ودقات قلبها تتصاعد وهي تدعو الله بعمق ألا تخذل ناصر وتفسد فرحته
ناصر رفع كفها لشفتيه وهو يطبع في باطن كفها ومعصمها قبلات دافئة رقيقة مشتاقة ثم أفلت يدها فجأة وهو يهمس بمرح مقصود: دقيقة باروح أقفل باب الغرفة ثم أسحب كل المفاتيح وخصوصا مفاتيح الحمامات لا وعندنا حمامين هنا.. على أي حمام بألحق لو قررتي تستخدمينها كلها
مشاعل بصدمة رقيقة: ناصر أنت من جدك؟؟
ناصر تحرك وهو ينفذ ماقاله: إيه والله من جدي
وبالفعل أغلق ناصر باب الغرفة ثم سحب المفتاح وتوجه للحمامات وسحب مفاتيحها وهو في هذا يقصد إلى إثارة مرح يمتص به توتر مشاعل وخجلها لأنه لاحظ شدة ارتعاش يدها بين يديه
ثم تذكر شيئا هاما بالفعل وهمس لها بمرح: شكلش وأنتي عروس صدق.. ذكرني بشيء كان المفروض عطيتش إياه قبل شهرين بس تيك الليلة الله لا يعيدها مخي اختبص.. وعقب نسيت أو يمكن ماجات فرصة
وبالفعل بدأت مشاعل تتخلص من توترها وهي ترى أن ناصر يفسح ويترك لها مجالا للتنفس ويثير فضولها
ناصر وضع المفاتيح على التسريحة ثم توجه لحقيبة رسمية كانت تقبع فوق الدولاب مد قامته الرفيعة ثم أنزلها بخفة أدار أرقامها ثم فتحها.. استخرج علبة مغلفة بتغليف شديد الفخامة والأناقة ثم اقترب من مشاعل وشدها بلطف وأجلسها على السرير وجلس جوارها ثم وضع العلبة بين يديها وهمس بعمق لطيف: هذي هدية عرسش متأخرة شوي ثم أردف بنبرة مقصودة: أو يمكن في وقتها
ابتسمت مشاعل وهي تفتح الغلاف: تدري إني كنت أقول اللي ماعنده ذوق ماجاب لي شيء
ناصر ضحك: بعد تبين أجيب لش هدية وأنتي مخليتني أنام على باب الحمام
مشاعل ضحكت برقة مصفاة وهي تكاد تفتح الهدية: مهوب شغلي.. الهدية حقي لو وين ما نمت
ناصر وضع يده على قلبه: يا ويل قلبي.. اضحكي بعد مرة.. بعد مرة تكفين
ولكنها لم تكن تضحك ولا حتى تبتسم...بل تغرغرت عيناها بالدموع وهي ترى الهدية
ناصر بشجن: ياحبيبتي.. وشو له الدموع بعد؟؟ حرام عليش.. أقول سمعيني ضحكتش اللي تذبح.. تبكين
مشاعل ارتمت على صدره وهي تبكي: أنا أسفة يا ناصر.. آسفة على كل شيء والله أنا ما أستاهلك.. ما أستاهلك
ناصر احتضنها بحنو وهو يطبع قبلاته على شعرها: بس يا قلبي.. وش ذا الكلام؟؟
رفعت رأسها عن صدره وهي تمسح وجهها وتهمس بتأثر: وهذا أنا خربت المكياج ووصخت ثوبك بعد
ناصر بعمق حنون: أنتي عندي أحلى من شافت عيني.. ويفداش الثوب وراعيه والحين عطيني يدش ألبسش الساعة
ناصر مد يده للعلبة واستخرج الساعة البلاتينية الأنيقة التي حُفر على ميناها الداخلي حرفان مرصعان بالألماس n&m ليغلف بها معصمها الرقيق
*******************************
ذات الوقت وذات المكان بيت محمد بن مشعل
العنود وصلت ولكنها قررت ألا تدخل من الباب الأمامي بل توجهت إلى غرف الخادمات بجوار المطبخ الخارجي فالعنود رغم الحزن الموجع الذي يثقل روحها إلا أنها لا تريد إثارة فضيحة في هذا الليل ولا تريد أن يتعارك أشقائها مع ابن عمهم وتكون هي سببا لشرخ في العلاقة بين شباب آل مشعل التي كانت دائما مضربا للمثل في القوة والمتانة فهي تعلم يقينا أن والدها وأشقائها لن يرضوا مطلقا بضرب فارس لها لو لم يضربها لبقي الحق معه.. ولكنه بضربها منحها كل الحق.. وجعلها في موقع القوة
طرقت الباب على الخادمات حتى فتحن الباب.. نادت سونيا سائقة مريم وطلبت من البقية العودة للنوم ثم توجهت للمطبخ دون أن تلتفت للسائقة حتى لا ترى وجهها ثم طلبت منها أن تتوجه لغرفتها لتحضر لها بجامة فدخول سائقة مريم للبيت في وقت متأخر ليس مستغربا والعنود لا تريد إثارة ريبة أحد فسونيا تبقى أحيانا مع مريم لوقت متأخر.. ترتب معها أغراضها أو حتى تحادثها سونيا توجهت للداخل وهي تعرف أن هناك خطب ما ولكنها وبعد سنوات من العمل مع مريم تعودت أن تصمت أكثر مما تتكلم بينما العنود غسلت ما تبقى من زينتها عن وجهها ثم تناولت ثلجا من الثلاجة وبدأت بتدليك خدها به فأثر كف فارس على وجهها لم يكن قويا.. وهي تتمنى أن يزول قبل صباح الغد
سونيا أحضرت البيجامة وعادت وهي تتسحب حتى لا يراها أحد
العنود همست لها بخفوت: حد شافش؟؟
سونيا بنبرة محايدة: نو ثم عادت لغرفتها
بينما العنود أغلقت عليها باب المطبخ وأبدلت ملابسها ثم طوت قميصها وعباءتها ووضعتهما في كيس قمامة وربطته ثم ألقته في القمامة فهي ماعادت تريد شيئا يذكرها بهذه الليلة المرعبة ثم عادت لتدليك وجهها بالثلج لفترة من الزمن وهي غارقة في أفكارها.. حزنها.. ومرارتها
تعلم يقينا أنها أخطأت خطئا كبيرا.. وتعلم يقينا كذلك أن فارس قاسٍ ولكنها اعترفت بخطئها وندمت عليه واعتذرت فلماذا يهينها بهذه الطريقة؟؟ لماذا يجرحها بهذه الطريقة؟؟ كيف هانت عليه حبيبته العنود؟!! هل تغلبت القسوة في قلبه على حبها؟!! هذه ليست القشة التي قصمت ظهر البعير ولكنها الجبل الذي طحن البعير طحنا تعلم أنه يحبها وهي أيضا تحبه ولكنها لا تستطيع أن تكمل حياتها معه.. لا تستطيع فالحب في قلبها سيموت ويجف مع قسوته مع خوفها منه الخوف ينحر الحب.. ولا يمكن أن يتعايشا معا الحب نبتة تحتاج للشعور بالأمان حتى تعيش وتترعرع وتقوى وتزهر ومع فارس بدأ شعورها بالأمان يهتز لذا لن تعود.. لن تعود..
كانت أفكارها تذهب بها للبعيد في دوامات سريعة وعميقة حتى سمعت أذان الفجر حينها تنهدت بعمق وهي تنزل شعرها على وجهها ثم تتوجه للداخل بثقة زائفة وهي تستعد لاخبار من سيراها أنها باتت هنا أساسا بعد سهرة البارحة
***************************
قبل ذلك بيت مشعل بن محمد
مشعل يعود للبيت بعد نصف ساعة من مغادرته له فهو لم يستطع ترك لطيفة أكثر من هذا وهو يعلم أنه جرحها وأهانها وكأنه جرح نفسه وأهانها يشعر بألم عميق متجذر.. يتمنى بالفعل لو استطاع قطع يده التي امتدت على لطيفة فلطيفة ليست مجرد زوجة أو حتى حبيبة هي أمه وأم أطفاله ورفيقة دربه.. كانت معه في كل شيء.. في فشله ونجاحاته في كل مامر به في حياته كانت معه لا يستطيع الآن أن يتذكر شيئا في حياته لم تكن معه فيه حتى أيام بروده معها.. لم يكن يستطيع الاستغناء عنها أو عن وجودها جواره
دخل للبيت على عجل فوجئ بأضواء الصالة السفلية جميعها منارة ثم فُجع بمنظر أحد الخادمات وهي تمسح الرخام مكان سقوط لطيفة
سألها بحدة: وش تسوين؟؟
الخادمة بخوف: أنظف دم
مشعل برعب حقيقي موجوع: نعم؟؟ دم؟؟
ثم فُجع أكثر بل تمزق وهو يرى نقاط دم متباعدة بين مكان سقوط لطيفة والمطبخ الداخلي حيث تسندت لطيفة حتى وصلت للمطبخ ونقرت على جرس الاستدعاء
مشعل شعر قلبه يهوي ويهوي من علو وهو يتوجه للخادمة بالسؤال بنبرة مرعبة: وين مدام؟؟
ثم شعر قلبه يصل الأرض ليتحطم شظايا متناثرة والخادمة تجيبه: روح مع درايفر ونور تو ومن هوسبيتال
مشعل توجه بسرعة جنونية لسيارته ليقود بسرعة أكثر جنونا متوجها لمستشفى النساء وهو يشعر بالاستغراب المشبع بالألم لماذا مستشفى النساء وليس مستشفى حمد؟؟؟
كان يتصل بهاتف لطيفة ولكن لا مجيب ثم اتصل بهاتف السائق الذي أخبره أنه أنزل لطيفة ومعها الخادمة في طوارئ مستشفى النساء
استغرق وصوله للمستشفى أقل من ربع ساعة مع سرعته الجنونية توجه من فوره لسؤال الاستقبال عن لطيفة أجابته الموظفة بنبرة مهنية رتيبة: توها دخلت الحين تسقيط عادي.. بس يسوون لها تنظيف ونطلعها فوق
مشعل جلس بتثاقل على أقرب مقعد الموظفة وصفته بـ "تسقيط عادي" لكنه بدا له "جريمة قتل غير عادية" هل قتل طفله حقا؟؟ هل قتله؟!! هذا الجنين رغم أنه لم يعلم به.. ولكنه تمناه.. تمناه بكل القوة والوجع فهذا الجنين بالذات هو ثمرة حب مصفى وولع وغرام لا متناهي فلماذا ذهب؟؟ لماذا؟؟ ولماذا يذهب بسببه.. بسببه هو؟!!
خطرت له فكرة مرعبة.. موجعة..متوحشة في ألمها.. ولا يعلم لها سببا
"هل موت ثمرة الحب يعني موت الحب نفسه؟!!"
*******************************
بيت فارس بن سعود قبل أذان الفجر بقليل غرفة فارس
جالس في الصالة.. يسند رأسه إلى كفيه وأنامله تتخلل خصلات شعره مشبع بالأسى بل هو مشبع فوق الإشباع يرفع رأسه للمرة الألف ليجول بنظره في المكان ليس سوى صحراء قاحلة دون عطر أنفاسها ورقة خطواتها أي جناية جناها على نفسها؟!! أي جناية؟!!
يعلم أنها تحبه كثيرا ولكنه يعلم أيضا أنه يحبها أكثر مما تحبه.. أكثر بكثير ستصبر هي على بعده ولكن هو كيف سيصبر؟؟ كيف؟؟ سيموت بعيدا عنها.. سيموت
وعلى الطرف الآخر يعلم يقينا أن كبرياءه الأحمق لن يسمح له أن يقف أمام عمه وأبناء عمه في موقف المذنب لطلب السماح لوكان لم يمد يده عليها لكان الحق معه ولكان عمه وأبناء عمه وقفوا معه فهي أخطأت بخروجها دون أذنه ولمكان نهاها عنه ولكنه بمد يده لم يترك له حقا عليها... ففي عرفهم لم يكن الضرب يوما هو وسيلة للتفاهم أو العقاب يستطيع تماما معرفة مشاعر أبناء عمه فهو رغم محبته لهم جميعا على استعداد تام أن يمزق من سيمد منهم يده على لطيفة أو موضي أو مشاعل بل هو يكاد يجن من مجرد فكرة أن واحدا منهم قد يمد يده على زوجته العنود لأي سبب وبأي طريقة فكيف وهو من فعلها؟؟ هو من فعلها!!
مثقل بالتفكير والحزن واليأس يريدها أن تعود اليوم قبل الغد قبل أن ينحره غيابها سينحره غيابها فهو مجنون بها.. عاشق متيم.. مدله في الغرام حتى أقصى عروقه وخلاياه وأنفاسه ولكن كيف يعيدها؟؟ كيف؟؟
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 12:02 pm | |
| [size=18]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباحات الاختلاف والعمق والانثيال كاختلاف جزء اليوم وعمقه وانثياله جزء اليوم استنفذني تماما نفسيا وجسديا وفكريا . نفسيا لأني أنفعل مع شخصيات الرواية.. وكل الشخصيات في هذا الجزء تهزها انفعالات عنيفة شخصيات تغرق في الأسى وشخصيات تعيش سعادتها الخاصة وشخصيات تتمايل على الحافة بين الأسى والسعادة وأنا مع كل شخصية أعاني وأنفعل . فكريا لأني حاولت الإحاطة بكل شخصيات الرواية أما مواقفا وأما ذكرا وأرهقت تماما في صناعة المواقف وإحكامها وتنويعها وتوزيعها . جسديا لأنه كان جزءا طويلا جدا كتبته في وقت قصير وفي ذات الوقت أردته أن يليق بكم مستوى ومشاعرا وحجما بما أنه سيكون الأخير قبل رمضان لذا كان مهلكا ومرهقا . أتمنى أن يعجبكم وأن يليق بكم... وسامحوني على القصور . للمرة الثانية: الجزء 93 نزل أمس الساعة 11 صباحا لأنه كثير من البنات ما عرفوا . موعدنا بعد رمضان إن شاء الله الجمعة 25 /9 /2009 في منتصف الليل تماما إن أحيانا الله وحينها سأكون أنا وطفلي معكم إن شاء الله اللهم هونها علي وأجعله سليما معافى واجعله من عبادك الصالحين الحافظين لكتابك الكريم . . بارك الله لكم في رمضان وجعلكم من عتقائه وممن يحسنون صيامه وقيامه . باشتاق لكم كثير يانبضات قلبي الله يديم المودة بيننا . استلموا قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولاقوة إلا بالله . .
أسى الهجران/الجزء الرابع والتسعون
مستشفى النساء والولادة غرفة في الطابق الخامس بعد صلاة الفجر وقبل شروق الشمس
يجلس جوارها ويحتضن كفها بين كفيه ويرفعه بين الفينة والفينة ليطبع عليه قبلة عميقة مثقلة بالندم والوجع: تكفين لطيفة سامحيني أنا ماني بقادر أسامح روحي بس أنتي طول عمرش قلبش كبير أنا ما أقدر أتخيل حياتي وأنتي زعلانة علي الدكتورة طمنتي على صحتش.. والله يعوضنا عن اللي راح العوض بسلامتش يأم محمد
لم ترد عليه.. ولكنه يعلم أنها واعية وتسمعه.. غاضبة؟؟.. عاتبة؟؟؟ مستعد لإرضاءها حتى آخر يوم في عمره المهم ألا تجفوه.. أو تبعده عن دفء حنانها
استمر مشعل يتحدث مطولا يسترضيها حينا.. ويناجيها حينا آخر حتى همست بنبرة رتيبة وعيناها مغلقتان: عيالي حد عندهم؟؟
ابتسم مشعل: أمي عندهم كلهم نايمين.. مابعد حد منهم صحا من نومه
حينها لفت جسدها قليلا لتعطيه ظهرها وهي تهمس بذات النبرة الرتيبة: شوف إذا الدكتورة ممكن تكتب لي خروج مافيني شيء يستلزم التنويم
*************************
واشنطن بيت يوسف
مازال يوسف يغلق عليه وعلى باكينام باب غرفتهما يحاول امتصاص غضبها من غير جدوى هو يراها مخطئة وتبالغ في الخطأ ولكنه لا يستطيع تركها بل يستحيل إذا كان أساسا كان رافضا لتركها وهو يشك بها فكيف بعد أن تأكد من براءتها؟!! إطلاق إسارها هو رابع المستحيلات
يوسف يتنهد بعمق: خلينا نتفاهم
باكينام ترفع حاجبا وتنزل الآخر: نعم؟؟ نتفاهم؟؟ انته بتعرف تتفاهم؟!! أنته مخلوء همجي.. وأنا مستحيل أعيش معاك
يوسف يعاود التنهد ثم يرد عليها ببرود: وأنا مستحيل أطلئك
باكينام بغضب: ما تخلينيش أدخل بابا وعمو طاهر
يوسف يهز كتفيه ثم يتوجه للجلوس على السرير ويقول بهدوء متمكن: دخليهم لعلمك ولو كنتي ناسية أنا راجل في التلاتين.. مش عيل ومافيش حد هيجبرني أطلئ مراتي
باكينام بتحدي ولثاني مرة تقولها بعد زواجها من يوسف: هأخلعك
يوسف بابتسامة: ومالو.. وأنا هأعين محامي شاطر.. وكل ما يحكمو لك هأستأنف لا وهاديله وكالة عن الموضوع ومش هاحضر الجلسات وهاريح دماغي والمحاكم حبالها طويلة
عدا أنه عشان ترفعي قضية الخلع لازم نكون في مصر فاصبري لحد ما نرجع مصر.. هدنة يا باكينام هدنة ربنا يخليكي
باكينام بصدمة: وأعيش معاك لحد ما نرجع مصر.. مستحيل.. مستحيل ثم أردفت بألم: والهدنة مش أنا اللي خربتها
قالتها وهي تلمس خدها المشتعل احمرار
يوسف يتنهد: اسمعيني باكي.. أنا وأنتي كلها 3 شهور ونخلص دراسة حرام عليكي تشغليني وتشغلي نفسك خلينا نخلص بالطول أو بالعرض
باكينام برفض: وأعيش معاك في نفس المكان.. مستحيل مستحيل
يوسف بهدوء: خلاص أنا اللي هامشي.. بس أنتي ما تسيبيش البيت اديني بس ربع ساعة هأخذ لي كم غيار.. واخذ أوراقي واللابتوب بتاعي من المكتب وأمشي بس ما تنزليش لحد ما أمشي أنا مش حمل ستاتك وزعلهم
يوسف تناول حقيبة صغيرة ووضع فيها بعض الملابس ثم توجه للباب ولكنه مر بباكينام أولا وقف أمامها يتأملها للحظات وهي تنظر له بتحدٍ مشبع بالألم حينها مد يده وهي انتفضت برعب أن يكون سيودعها بصفعة ولكنه ربت على خدها المحمر وهمس بعمق وهي تبتعد عن مدى يده: أنا آسف يا باكي وبحبك.. بحبك بجد وعلى ئد ما بحبك وأغير عليكي كان تصرفي متطرف وغير متوقع حاولي تحطي نفسك مكاني
مازلنا في بيت يوسف
العجوزان تجلسان في الأسفل تتبادلان النظرات المستغربة فباكينام أطالت غيابها في الأعلى
نزل يوسف لم يتحادث معهما توجه لمكتبه وغاب قليلا ثم عاد لهما وقف أمامهما ثم همس باحترام: هناك مشكلة صغيرة بيني وبين باكينام وأنا سأغادر المنزل وأنتما اعتبرا نفسيكما في بيتكما وماريا وسانتياغو في خدمتكما في أي شيء
ثم حمل حقيبته وغادر بعد دقائق نزلت باكينام كانت تنزل بثقة وهي ترفع رأسها ما أن رأتها العجوزان حتى قفزتا وكل واحدة منهما تفتح عيناها للحد الأقصى ثم بدأت العبارات الحادة بالانهيال.. خليط قديم وجديد من كلمات عربية وتركية وانجليزية وايرلندية بين لغة الأصل ولغة الممارسة: الحقير.. يقول مشكلة صغيرة كل هذا ومشكلة صغيرة؟؟ ثم يهرب كالجبان.. إلى أين ذهب الحقير؟؟ العربي الهمجي اتصلي به ليعود.. إذا كان ضربك ونحن هنا فماذا فعل بكِ وأنتِ وحدكِ؟!!
باكينام أوقفت سيل الشتائم والغضب المتدفق وهي تقول بحزم: بس تعرفي يأنّا أنتي وفيكتوريا.. أنتو أخر حد يتكلم الرجاله الاتراك في المركز الاول بين شعوب العالم في ضرب ستاتهم . والرجال الإيرلنديون النساء عندهم كالأحذية التي يرتدونها في أقدامهم . يوسف أول مرة يمد ايده عليا وأنا اللي غلطت عليه وماحدش يتدخل بيني وبين جوزي .
العجوزان انقلب حالهما للنقيض فجأة وهما تبتسمان ثم تربتان على كتف باكينام: هذه ابنتنا فعلا
باكينام تنهدت وجلست لم تكن تريد الدفاع عن يوسف ولكنها تعرف جدتيها تماما.. لو سمحت لهما بالتدخل سيحيلان حياتها جحيما حربيا لذا فلابد أن تحرص من البداية على تنحيتهما عن مشاكلها حتى تريح رأسها أن تفعل كما فعلتا هما فكلتاهما لم تسمحا لأهلهما بالتدخل في حياتهما أو مشاكلهما مع زوجيهما
*****************************
اليوم التالي على كل الجبهات انجلاء غبار المعارك
*******************************
قسم راكان
موضي لم تنم إلا قليلا فهي من بعد صلاة الفجر لم تنم أعدت فطور راكان ثم التهت على جهازها المحمول لتعد بعض البرامج المطلوبة منها لعملها لأنها تريد الذهاب للعمل لتسليمها ثم تطالب بتمديد إجازتها لأسبوعين آخرين رغم أنها كانت تريد العودة للعمل لتلتهي عن غياب راكان من ناحية وحتى تثبت أقدامها في عملها الجديد من ناحية أخرى ولكنها الآن ستلتهي مع أولاد لطيفة بعد سفرها للعمرة ولابد أن تتفرغ لهم
أنهت عملها حوالي الساعة التاسعة ثم توجهت لراكان النائم على فراشه الأرضي جلست جواره وهمست بخفوت رقيق: راكان.. راكان
فتح عينيه ببطء ثم ابتسم وهمس بنعاس: تدرين أحلى صباح عندي لما أفتح عيني ويكون أول شيء أشوفه وجهش
موضي ابتسمت: الكلام هذا تقوله وأنت بكامل قواك العقلية؟؟!! أو مازلت تحت تأثير النعاس وكوابيس خرعة البارحة علي ومني؟؟
راكان اعتدل جالسا وهو يبتسم: منش أحلى خرعة.. خوفيني كل يوم
مازال كلاهما جالسين على الأرض.. همست برقة: زين ياالخواف.. توديني للدوام مثل ماقلت لي البارحة؟؟
راكان بحنان عذب: أودي مندوبش لو جاني
أنزلت موضي برأسها بخجل.. دائما يخجلها بلباقته ولطفه وكلامه مع انخفاض رأسها للأسفل تساقطت بعض خصلها الناعمة على وجهها مد راكان يده ورفع الخصل ودفعها لما خلف أذنها وهو يلمس خدها بطريقة عفوية لم تكن عفوية كلاهما التمس والتبس وشررات كهربائية تندلع بين الخد واليد موضي نهضت بارتباك وهي تهمس: يالله غسل عشان نتريق.. انتظرك برا
راكان تنهد بعمق مازال عاجزا عن تفهم مايحدث له ولكنه يعلم أن السيطرة على نفسه باتت مرهقة ومؤلمة لا يريد إحراجها أو إيذاءها ولكنه بات يتحرق إلى ملامستها بأي طريقة سيكتفي بمجرد معانقة أناملها أوحتى لمس أطراف أهدابها شيء من عبقها يعطر أنامله ويبرد بعضا من النار التي باتت تستعر في جوفه ولكنه لا يستطيع أن يتناسى أنها قالت: أنها لا تحتمل لمسات أي رجل لذا لجأت له ليكون هو من يحتوي ضعفها ويأسها.. لن يخذلها مرة أخرى ويكفي رسوبه وبجدارة في الاختبار لمرة.. رغم روعة ذلك الرسوب في مخيلته المثقلة
ابتسم لمجرد الذكرى وهو يقف ليتوجه للحمام
بعد حوالي 40 دقيقة الاثنان في سيارة راكان متوجهان لمكان عمل موضي ويدور بينهما كالعادة حديث ممتع كلاهما مستمتع به لأبعد حد رن هاتف راكان التقطه وهمس بمودة واحترام: هلا والله بأبو محمد .................... ليش؟؟ (تغير وجه راكان) .................... الحين جايينكم (قالها بحزم مخلوط بالقلق) .....................
موضي شعرت بالقلق من المكالمة المريبة همست لراكان بخفوت وقلق: راكان وش فيه؟؟
راكان بهدوء حازم: بسيطة إن شاء الله أم محمد سقطت البارحة.. بس هي طيبة وبخير وفي بيتها الحين وبأوديش تشوفينها
موضي بنبرة موجوعة متناثرة: لطيفة سقطت.. ليه هي كانت حامل؟!!
**************************
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل الساعة 11 إلا ربع صباحا
ناصر يفتح عينيه على صوت حفيف خافت ابتسم بعمق وهو ينظر لها منهمكة في عملها بدت له كالملاك العذب مع طلتها الصباحية الأنيقة.. وشعرها الحريري القصير يتحرك مع حركتها الدؤوبة كانت تسحب صندوقا بخفة حتى لا توقظ ناصر وتضع فيه الشموع المتناثرة في زوايا الغرفة ابتسم ناصر وهو يرفع رأسه ويسنده على كفه ويهمس بصوت عميق مثقل ببقايا النعاس: صباح الخير يا قلبي
التفتت مشاعل وابتسمت برقة: صباح النور
ناصر بعمق ودود: كنها الشمس شرقت عندنا اليوم في الغرفة وصباح النور حاف ما يمشي حالها
مشاعل بخجل عذب: صباح النور.. حبيبي
ابتسم ناصر: شاطرة وبعدين وش ذا الأشغال الشاقة اللي بادية فيها نهارش؟؟
مشاعل برقة: وش أسوي؟؟ مايصير أخليها منثرة في الغرفة كذا
ناصر باستغراب: إذا أنا هلكت البارحة وأنا أطفيهم أشلون أنتي شلتيهم وفرقتيهم وولعتيهم بروحش
مشاعل تتذكر نصيحة موضي تبتسم وترد بعذوبة: عشان رضاك أسوي أي شيء
ناصر بشجن: راضي يا قلب ناصر.. والله العظيم راضي.. ولو فيه شيء فوق الرضا راضي..
مشاعل أنهت مهمتها وتريد حمل الصندوق ولم تستطع لثقله
ناصر هتف لها بهدوء: خليه حبيبتي .. بأركب ساقي وأشيله أنا قالها وهو يمد يده تحت السرير ليسحب ساقه
حينها توجهت مشاعل ناحيته وجلست على الأرض وهي تتناول الساق من يده وهمست بحنان: أنا بأركبها.. وكل يوم أنا اللي باركبها وأفكها إذا الله أحيانا وعطانا العمر
ناصر ضغط على يديها الممسكتين بالساق وهمس بحنان موجوع: مهيب سهلة يامشاعل.. خلي منش أنا تعودت خلاص
مشاعل وضعت الساق في حضنها ومدت يديها لساقه المبتورة لتجذبها ناحيتها: خلاص حبيبي تكفى.. لا تحط بيننا حواجز
لم تكن المهمة سهلة مطلقا على مشاعل الرقيقة وعلى قلبها الرقيق.. أن ترى مكان البتر من هذا القرب وبهذا الوضوح ثم تركب هي الساق... ولكنها ماعادت تريد شيئا يبعد ناصر عنها أو يبعدها عنه تريد أن يتمازجا ويتماهيا للحد الأقصى.. ومادام سيحتفظ بتركيب الساق وفكها لنفسه ستبقى حاجزا بينهما.. وهذا ما لن ترضى فيه تريده أن يعلم انها تتقبله بل وفخورة به على كل حالاته.. بساقه أو بدونها
حاولت أن تقوم بالمهمة على الوجه الأكمل تحت بصر ناصر الذي كان ينظر لها بتأثر وشجن كبيرين أنهت مهمتها بإتقان وسرعة رغم أنها محاولتها الأولى ولكن مالم يعلمه ناصر ولن يعلمه أنها حفظت دليل تركيب الساق عن ظهر قلب وكان قد بقي لها أن تجرب.. لذا كانت تجربتها ناجحة تماما
ابتسم ناصر وهو يمد يديه ليمسك بعضديها ويرفعها بخفة ليجلسها جواره ويهمس: ماشاء الله عليش.. كنش متعودة على تركيبها
أنزلت رأسها بخجل.. مد ناصر يده لوجهها ووضع سبابته أسفل ذقنها ورفعه بحنان ثم همس بخفوت: إشرايش نسافر حبيبتي؟؟
مشاعل باستغراب: نسافر؟؟
ناصر ابتسم: إيه نسافر شهر عسل مثل كل الناس.. هذا فارس والعنود سافروا عقب عرسهم بأسبوعين إحنا نسافر عقب عرسنا بشهرين.. ليش لأ
مشاعل بتردد: وشغلي اللي المفروض أبداه ذا الأسبوع؟؟
ناصر بابتسامة: زحلقيه أسبوعين.. أو تدرين؟؟ خليش ذا الفصل عندي ما أبي شيء يشغلش عني ووعد علي أجيب لش الوظيفة اللي تبينها في المدرسة اللي تبينها مع بداية السنة الجايه
مشاعل ابتسمت وهزت كتفيها: خلاص بكيفك نسافر.. بس سالفة الشغل خلها لين نرجع ونتناقش فيها
ناصر بمرح حنون: حاضرين.. ويا الله تدللي وين تبين تسافرين.. بس أشري
مشاعل بخجل: بكيفك
ناصر يبتسم: كيفي لا.. أنا أصلا كنت مرتب لش خوش برنامج وحاجز قبل شهرين بس تفركش كل شيء.. ذا المرة ذوقش واختيارش
مشاعل ابتسمت: خلاص خلني أفكر
ناصر وقف وتحرك بناحية الصندوق: فكري ياقلبي بس لا تطولين
انحنى على الصندوق وحمله بخفة وهمس بهدوء: وين أحطه؟؟
مشاعل برقة: تحت السرير
ناصر بمرح: ومتي بيطلع من تحت السرير؟؟
مشاعل ابتسمت: السنة الجاية نفس تاريخ البارحة إن شاء الله
ناصر يضحك: وعد؟؟
مشاعل ضحكت بخفوت وعذوبة: وعد
***********************
جبهة فارس والعنود
أم مشعل تفاجأت بوجود العنود عندها في البيت ولكن العنود بررت وجودها مبدئيا أنها تأخرت في سهرة البارحة مع بنات عمها فاستأذنت فارس في المبيت استغربت أم فارس قليلا.. ففارس مطلقا لم يسمح لها أن تبيت من قبل حتى عندما كانت تتأخر في السهرة عندهم كان يحضر بنفسه لإحضارها لأنه يخشى أن يخيفها شيء وهي تعبر الباب الواصل في وقت متأخر
العنود كانت متوترة بشدة وتريد تأجيل لحظة المواجهة قليلا
عندما عادت مريم من عملها.. سألتها والدتها : تدرين إن العنود أمست هنا البارحة؟؟
مريم باستغراب وهي تخلع عباءتها وشيلتها وتعطيها لسونيا: لا.. ليه هي أمست هنا؟؟
أم مشعل تتنهد: إيه.. مريم يأمش روحي شوفي وش فيها.. أصلا شكلها متغير وما ترفع عينها فيني أنا خايفة إنه صاير شيء بينها وبين رجّالها.. لو كان صاير شيء صحيح.. عقليها وخليها ترجع قدام يدري أبيش وأخوانش
مريم تنهدت بعمق.. كانت تعلم أن هذه اللحظة قادمة لا محالة ولكنها جاءت مبكرة كثيرا.. لم يمضِ على زواجهما إلا شهرين فقط تعلم أنها أحسنت تربية العنود ولكنها تعلم أيضا أنها مدللة ورقيقة وأنها احتملت من قسوة فارس الكثير ولكن ليس لها جَلد احتمال طويل لذا ربما حانت لحظة انهيارها
مريم وقفت على باب العنود.. طرقته برقة.. ثم دخلت وقتها كانت العنود تتمدد على سريرها ما أن رأت مريم حتى قفزت عن سريرها وارتمت في حضنها باكية فهي منذ البارحة لم تبكِ مطلقا وهي تشعر بالصدمة والقهر والجمود وتحاول إدعاء القوة لذا ما أن رأت مريم حتى انهارت كل مقاومتها وانخرطت في بكاء حاد
مريم جلست هي وإياها على السرير وتركتها تبكي حتى أفرغت كل ثورتها الحزينة ثم همست لها بحنان: شاللي صار يا قلبي؟؟
العنود بين شهقاتها الموجوعة: ضربني... ضربني
مريم شهقت بجزع: ويش؟؟ ضربش
مريم رغم صدمتها الحقيقية وجزعها من مجرد الفكرة.. أن يكون فارس ضرب العنود لأس سبب كان ولكنها في ذات الوقت لا تريد تكبير رأسها حتى تعرف ماهو أساس المشكلة لذا تنهدت وهمست بهدوء: ضربش بدون سبب؟؟
العنود بخجل: لا.. أنا غلطانة.. بس والله العظيم اعتذرت له وقلت له والله ما أعيدها.. ومع كذا ضربني
مريم برزانة: زين قولي لي السالفة كلها
العنود حكت الحكاية كاملة وبكل صدق لمريم تنهدت مريم بعمق وتفكيرها يتشتت لأول مرة.. أختها أخطأت ولكنها ترى ردة فارس مبالغ فيها كثيرا فالعنود اعتذرت له وطلبت منه السماح ومع ذلك تناسى ذلك وقرر تأديبها بأسوأ طريقة وأبشعها.. الضرب لو كان تجاهل العنود وتعامل معها ببرود وأشعرها أنها أخطأت وهجرها وهجر حتى التحدث معها كان لهذا العقاب أن يكون بالغ الأثر على العنود ولكن أن يلجأ فورا للضرب وهو يعلم يقينا أن هذا الأسلوب مرفوض وأن أحدا لن يقبله منه أو يبحث له عن عذر فهذا الأمر كان خطأ كبيرا منه
تنهدت مريم وهي تربت على كتف العنود: أنتي الحين خلش عندنا.. ريحي يومين وعقبها محلولة إن شاء الله فارس بيعرف إنه غلط يوم مد يده عليش وأنتي بعد عرفتي إنه المرة المفروض ما تعصى رجّالها والمرة مالها إلا بيت رجّالها
العنود بحزم غريب عليها: لا مريم.. أنا ماني براجعة لفارس.. والشيء الثاني ما أبي حد يعرف إنه ضربني ما أبي مشاكل بينه وبين أخواني
*************************
بيت فارس بن سعود الصالة السفلية بعد الغداء
فارس يعود من الغداء في المجلس الوضع كان طبيعيا هناك ويبدو أن عمه وأبناء عمه لم يعرفوا بما حدث فقط مشعل كان يبدو عليه الضيق الشديد وعلم فارس أن السبب هو إجهاض لطيفة لذا قرر أن يزورها بعد صلاة المغرب
حين دخل وجد والدته جالسة في الصالة ألقى السلام ثم انحنى يقبل رأسها وجلس جوارها
همست أم فارس بهدوء: فارس وين مرتك؟؟
فارس بهدوء: في بيت أهلها
أم فارس بذات النبرة الساكنة: متى راحت لبيت أهلها؟؟ إذا هي البارحة رجعت البيت قدام أرجع أنا وأنا اليوم من صبح قاعدة وماحد مر علي غيرك وأنت رايح دوامك
فارس يتنهد: أحيانا يمه تسألين أسئلة وأنتي مبين إنش عارفة أجوبتها
أم فارس بحزم: زين خلنا من الأسئلة والأجوبة وندخل في المفيد متى بترجع العنود؟؟
فارس ينهض وهو يقول بهدوء: ما أدري.. خلها لين تشبع من الزعل ثم بترجع
أم فارس أمسكت بكف فارس وهمست بهدوء: اقعد يأمك
عاود فارس الجلوس رغم أنه لا يريد الجلوس.. فما يشعر به من الضيق أكثر من كافٍ.. أكثر بكثير
همس باحترام: لبيه يمه
أم فارس احتضنت كفه بحنان: يأمك يافارس.. مافيه حد يزعل بدون زعل ولا يرضى بدون ماحد يرضيه إذا أنت غلطت على بنت عمك لازم إنك ترضيها
فارس تنهد: يمه تكفين ريحي رأسش من ذا الموضوع.. مشاكلي أنا ومرتي أنا باحلها لا تشغلين بالش جعلني فداش
أم فارس بحزن: أشلون ما أشغل بالي يأمك.. عقب ما الله رزقني بنية ترادني الصوت ومالية البيت علي ..تبي البيت يرجع خالي علي؟؟ اليوم ما اشتهيت لا ريوق ولا غداء عشانها مهيب عندي وعشاني دريت إنه غيبتها مهيب طبيعية
تنهد فارس بألم لم يظهر في صوته وهو يهمس بهدوء ثابت ويقف: يصير خير يمه يصير خير
(ياه يمه.. ياااااه إذا أنتي فاقدتها.. أنا وش أقول؟؟ من البارحة وأنا حتى النفس أحسه صعب علي والوسيعة ضايقة علي وقلبي مهوب في مكانه راح معها وخلاني وش يبي فيني وهو ملكها وطوع أمرها؟!! ياه يا العنود تدرين إني عصبي وقاسي ومتكبر.. لا تكسريني سامحيني وارجعي يهون عليش فارس وأنتي متأكدة إنش الهوا اللي يتنفسه أهون عليش ياقلبي؟؟ أهون عليش؟!!)
*******************************
بعد المغرب بيت مشعل بن محمد مجلس الحريم
نساء عائلة آل مشعل جميعن عند لطيفة بعد معرفتهن بخبر إجهاضها ومعهن بعض جارات لطيفة وضع لطيفة الصحي مستقر تماما فالحمل كان شهرا بالكاد وحتى هي لم تكن تعلم بوجوده ولا تعلم هل كانت فوضى الهرمونات هي من تسببت بجنونها البارحة؟!!أو ماذا؟!! ولكن ما تعلمه أن وضعها النفسي كان شديد السوء ليس من أجل الإجهاض فقط فهذه ليست المرة الأولى التي تجهض فيها فهي أجهضت مرة بين مريم وعبدالله وليس من أجل أن مشعلا هو من تسبب في الإجهاض فهي مؤمنة بقضاء الله وقدره.. وتعلم أنه لم يكتب هذا الحمل لها سواء كان السبب مشعلا أو غيره ولكن أن يحدث هذا الإجهاض مع صفعة مشعل لها وبسببه كان شيئا فوق احتمالها وجعا وألما فهي مازالت عاجزة عن استيعاب صفعة مشعل لها كيف هانت عليه عشرة السنين؟؟!! كيف يمد يده على أم أطفاله وابنة عمه؟؟!! كيف يمد يده على... حبيبته؟!!
( أ لستُ حبيبته؟!! ألم يسكرني بهذه الكلمة طوال الأشهر الماضية وفي كل مرة أرتعش كأني أسمعها للمرة الأولى "حبيبتي" ولكنها الآن ماعاد لها سحر أو أهمية!!
كان يعلم أنه يتسلق روحي ويتغلغل فيها يتغلغل في عروقي وخلاياي فلماذا قطع عروقي ونسف خلاياي؟!!)
الجدة هيا تهمس بحنان: مجارة من الشر يأمش والعوض برأسش ورأس مشعل أنا يأمش راح علي وسقطت أكثر من اللي جبتهم سقطت 6 مرات وماعاش علي إلا خمسة
لطيفة تبتسم وهي تربت على فخذ جدتها التي تجلس جوارها: الحمدلله على كل حال يمه ماني بجازعة من عطاء ربي وقسمته عندي 4 الله يخليهم لي ويصلحهم
الجدة هيا باستنكار: ليه تبين تقعدين على ذا الأربعة وأنتي عادش بنية؟؟
لطيفة تتنهد هذا آخر من ينقصها.. الإدعاء والتمثيل مع وضعها الحالي ابتسمت لجدتها باصطناع: ماحد يعترض على رزق ربي واللي الله يكتبه خير وبركة
مريم ابتسمت وهي تقول برقة: خلاص يمه خلي لطيفة ترتاح الدور على عرايسنا الجداد موضي ومشاعل .... والعنود (قالت العنود بتقصد وتأني)
موضي ومشاعل تبادلتا النظرات بخجل أو ربما بعض وجل بينما العنود انتفضت بارتباك وبعض غضب (ماذا تقصد مريم بهذا التعريض؟!!) بينما أم فارس ارتعشت بأمل عميق فارس أوصاها بعدم التدخل.. وهي لن تتدخل.. ولكنها لا تستطيع منع نفسها من الأمل
ومعالي هتفت بمرح: إيه يمه نبي انتاج جديد.. عيال لطيفة لوعو كبودنا ماعندنا بزران غيرهم وهلكناهم دلع وهم قرود ما يستاهلون
لطيفة تحاول أن تبتسم وتبدو طبيعية: كذا ياعلوي.. ربي رحمش إنش قاعدة بعيد مني وأنا مافيني حيل أقوم لش وإلا كان وريتش أم الغزلان وش بتسوي فيش
رن هاتف أم فارس.. كان فارس هو المتصل كان عند باب الصالة الخارجية الذي يفتح على باحة البيت الداخلية.. كان يريد السلام على لطيفة أم فارس همست للطيفة: لطيفة فارس عند باب الصالة يبي يسلم عليش
لطيفة التفتت على العنود بأمر رقيق: العنود فديتش دخلي رجّالش المقلط الداخلي.. شوى وأجي له
لطيفة كانت تريد الذهاب للحمام أولا.. تريد التغيير وتغيير ملابسها قبل الخروج لأخيها
العنود انتفضت بعنف.. وشبح ابتسامة يرتسم على وجهي مريم وأم فارس العنود كانت تفضل أن تُقاد لقبرها ولا تخرج لرؤية فارس ولكنها لا تستطيع الاعتذار أمام هذا الجمع الكبير من النساء وخصوصا أنه لا أحد يعلم بخلافها معه بعد إلا مريم
العنود وقفت وهي تتوجه للخارج وهي تتمنى أن يحدث شيئ ما ينقذها من مقابلة فارس.. معجزة ما
وصلت للباب ومازال لم يحدث شيء ينقذها.. فتحت الباب بأنامل مرتعشة كان يقف وظهره للباب.. بقيت للحظات تتأمل جسده الفارع الطول عرض كتفيه.. وحتى عضلات ظهره شعرت بالألم يجتاحها الكثير من الألم وذكرى الأمس تعاود مهاجمتها بوحشية
همست بخفوت حتى تنتهي من هذه المهمة: فارس
فارس انتفض.. هل يحلم؟؟ هل سمع صوتها؟؟ يبدو أنه بدأ بالهلوسة
همست للمرة الثانية بصوتها الساحر الذي يحي عروقه وينفض خلاياه: فارس تفضل ادخل
أدار وجهه لها.. لحظات مرت والعين بالعين نظرات عتب وألم وندم واشتياق كانت العنود من كسرت خيط النظرات وهي تهمس بهدوء: تعال للمقلط الداخلي
كانت العنود ترتعش والمسافة تبدو لها طويلة لا تنتهي وقلبها المثقل بالوجع والحيرة يتمنى انهاء هذه المهمة بسرعة.. فماعاد بها احتمال وتكاد تنهار باكية وهي تشعر برغبة موجعة في دعك خدها
فارس كان ينظر لظهرها وهي تتقدمه بخطوات قليلة لتقوده للداخل كان يحفظ بيت مشعل وغرفه.. ولكنه اليوم تائه وبوصلته هو هذا الجسد الندي الذي يعبر أمامه والذي مافتئ يعبر أحلامه
العنود وقفت على باب المقلط وهمست بهدوء دون أن تنظر له: تفضل بتجيك لطيفة بعد شوي
كانت تريد العودة لمجلس النساء ولكنها فوجئت بيد قوية تشدها وباب يغلق عليها وعليه
همست بغضب: فارس وش ذا؟؟ خلني أروح
فارس ثبتها على الباب ليمنعها من التحرك وفي ذات الوقت ليتأكد من إغلاق الباب كان قريبا منها.. قريبا جدا وهو يثبت كتفيها بيديه وينظر لها عن قرب وبتمعن هي كل ما يفتنه ويثيره ويؤلمه بكل تفاصيلها رائحتها المشبعة بعطرها الرقيق الموجع أهدابها الطويلة الجارحة كسهام تنغرز في قلبه استدارة شفتيها ونعومة خديها حضورها المختلف العامر بالمتناقضات.. الأشبه بإعصار يكتسح قلبه والأشبه بنسمة رقيقة تغلف روحه استرقت عينه صفحة خدها حيث زلزلت كفه هدوء حياتهما مازال هناك أثر طفيف لجريمته لا يكاد يُلحظ.. ولكنه لحظه وجرحه وأذاه وهو يتذكر موقف البارحة المؤلم.. الموقف الذي كان من الممكن أن يتفاداه.. وليته تفاداه!!!
مازال صامتا وعيناه تطوفان بها وكأنه يريد أن يشبع نظرا إليها وكلما نظر كلما إزداد عطشا العنود ازداد ارتباكها والكلمات تجف على لسانها وكفاه الساكنتان على كتفيها تلسعانها كجمرتين متوقدتين لطالما كانت عاجزة عن مقاومة حضوره الذي يبعثرها ويبعثر مشاعرها ويسلبها الإرادة تكره هذا الإحساس وتكره استسلامها الخانع له الآن.. كانت تعلم أن هذا ما سيحدث.. لذا لم تكن تريد رؤيته لم تكن تريد أن تسمح له بهزيمتها وهزيمة احترامها لذاتها وهذا ما يجب أن تفعله
أخيرا تكلم فارس وصوته الخشن العميق بدا غائرا مثقلا بالمشاعر: ممكن أعرف متى بترجعين لبيتش؟؟
العنود أشاحت بنظرها حتى تبتعد عن أسر نظراته وتستطيع الإجابة: ماني براجعة
تكاد أن تقسم أنها شعرت بارتعاش لايكاد يُلحظ ليديه الممسكتين لكتفيها ولكنه أجاب بهدوء: وممكن أعرف السبب
العنود بألم: أظني إنك عارف السبب
فارس تنهد: العنود حن لا حن أول ولا آخر زوجين يصير بينهم مشاكل هل كل مايصير بيننا شيء بتخلين بيتش وتروحين لهلش؟!!
العنود باستنكار رقيق: فارس لا تبسط السالفة كذا ولا تسخفها وتحاول تبين إني رحت لبيت هلي عشان شيء سخيف لأنك عارف إنه مهوب شيء بسيط لو أني على قولتك بأروح لبيت هلي كل ما يصير بيننا شيء كنت رحت لأهلي من أول يوم في زواجنا.. وكل يوم عقبها ثلاث وإلا أربع مرات
فارس بصدمة: لذا الدرجة شايفة نفسش مستحملة الحياة معي؟!!
العنود بمصارحة أليمة: ليه فارس أنت تجرح ولا حتى تنتبه؟!! فارس إنت على أبسط الأشياء تقسى علي وتحتد وتعصب ما أقدر أنكر إنك مغرقني في حبك.. لكنك في نفس الوقت غرقتني في قسوتك خلاص فارس أنا صرت أخاف منك.. وشي حلو انكسر بيننا شئ اسمه الإحساس بالإمان في حضنك
فارس بألم عميق: تخافين مني؟؟ مني يا العنود؟؟ أنا لو علي ودي أخبيش في عيوني عن كل شيء ممكن يأذيش ودي أخبيش داخل قلبي عن كل شيء ممكن يجرحش
العنود بألم مشابه: وإذا كنت أنت اللي بتأذيني وتجرحني.. أشلون تحميني من نفسك؟؟
ارتخت يدا فارس عن كتفيها وابتعد خطوة للخلف وحزن عميق يخترم روحه تنهد ثم همس: أنتي الحين ارجعي بيتش وعقب يصير خير
العنود بألم جارح ومجروح وهي تبتعد عن الباب للداخل قليلا: آسفة فارس.. أنت حتى لاحظ طريقتك في الكلام أنت ماحاولت ترضيني أو تسمح خاطري.. أو حتى ذكرت مجرد ذكر إن مدك ليدك علي كان شيء خطأ وماراح يتكرر
كان فارس على وشك الكلام لولا أن الباب فُتح ولطيفة دخلت لتغادر العنود وعينا فارس تشيعانها بألم
******************************
بيت عبدالله بن مشعل قبل صلاة العشاء
كان سلطان الصغير يعبر الصالة بعد أن توضأ للصلاة ويريد الآن التوجه للمجلس ليذهب مع والده للصلاة
يرن هاتف البيت.. يلتقطه بسرعة بعد أن رأى الرقم في الكاشف وهو يرد بحماس مرحب: ارحبي يأم سلطان
هيا تضحك: على كيفك سميته سلطان
سلطان بطريقة المغايظة: أصلا أبي يقوله.. يقول بيسمي ولد مشعل سلطان وأنتي تلايطي وعلى بيض.. ماعندنا نسوان يطولون ألسنتهم
هيا تكاد أن تموت من الضحك وهذا دائما مايحدث لها كلما هاتفت سلطان الذي لو لم تجده في البيت تتصل على هاتفه: زين يا سليطين دواك عندي أشرطة الأكس بوكس اللي شريتها كلها بأروح الحين وأقطها في الزبالة
سلطان بنبرة خنوع مصطنع: جعلني فدا خشم أم سلطان وإلا أم طوني وإلا أم اوباما وإلا أم حسنين سميه اللي تبغين إن شاء الله هريدي.. المهم أشرطتي ماحد يجيها
هيا تبتسم: ناس ما تجي الا بالعين الحمراء زين يالموذي وين جدتي؟؟
سلطان (بعيارة): ياكثر ما تهذرين على رأس جدتي.. أنتي كم مرة تدقين في اليوم عليها تراش في أمريكا منتي في سوق واقف.. كل ساعة فاتحة خط وداقة
هيا تضحك: شيء من حلالك.. جعل عمر مشعل طويل وأنت تراك اللي هذرتك واجدة خلصني أبي جدتي
سلطان يبتسم: جدتي طاقة لبيت لطيفة.. طالبة اللجوء السياسي من إزعاجش (لم يخبرها ولا ينوي أن يخبرها بتسقيط لطيفة فهو تعّلم من أهله أن مشعلا لابد ألا يعلم بأي خبر يضايقه وطبعا أصبحت هيا معه الآن في هذا القرار)
هيا بغيظ: ياالمزعج هذا هو رصيدي خلص.. شوف قول لجدتي إنه إن شاء الله بنرجع شهر 5 يعني حوالي شهرين ونكون عندكم مشعل قدموا مناقشته.. وأنا حلفت عليه مايقول الخبر لأحد.. كنت أبي أخذ البشارة بس يالله حلال عليك
سلطان بفرح بدأ بالصراخ: صدق؟؟ صدق بتجون عقب شهرين؟؟
ولكن لا مجيب لأن الخط انقطع
سلطان قرر أن يتوجه للمجلس ويخبر المتواجدين هناك حتى يأخذ البشارة منهم جميعا وبالأخص والده وراكان يعلم أن بشارتهما له ستكون كبيرة فهذه هي عودة مشعل النهائية بعد الحصول على الدكتوراة.. ولابد أن تكون البشارة توازيها
ثم بعد الصلاة سيذهب لبيت لطيفة ينتظره هناك خمس بشارات أمه وجدته وشقيقاته الثلاث
***************************
بما أن الوقت كان مساء في الدوحة فالوقت كان الصباح المبكر في واشنطن
إنه اليوم التالي لمعركة يوسف وباكينام باكينام قضت البارحة ليلة سيئة حينا تبكي.. وحينا تفكر تشعر أن حياتها مشوشة تماما وهي تعقد تحالفا مع المجهول كانت تريد الذهاب للجامعة فلديها محاضرات اليوم ولكنها لا تستطيع الذهاب مع هذا الأثر الواضح على وجهها
اتصلت بهيا وكانت هيا وقتها أنهت اتصالها مع سلطان وتتجهز تريد الذهاب للجامعة
هيا بترحيب: هلا بالهاربة.. وينش؟؟ البارحة كلها أتصل لش ما تردين
باكينام بنبرة غامضة: ممكن تمري عليا ئبل الجامعة وجيبي لي معاكي كريم قوي للكدمات
هيا بقلق: ليه سلامات؟؟
باكينام بذات النبرة الغامضة: لما تيجي هتعرفي؟؟
باكينام أعدت عتابا كبيرا لهيا وتريدها أن تحضر حتى تصدمها به وهي من ناحية أخرى تحتاج فعلا لكريم الكدمات
مشعل يدخل على هيا التي أنهت لباسها قادما من غرفته بعد أنهى لباسه وهاهو ينهي اللمسة الأخيرة بعقد حزامه الجلدي على خصره ويهمس لها بحنان: يا الله حبيبتي أوديش عشان أروح المكتبة
هيا برجاء: ماعليه يا قلبي نمر الصيدلية ثم أنزل عند باكينام شوي؟؟؟ وعقب بأروح للجامعة مشي أنت عارف بيت باكينام قريب واجد من الجامعة
مشعل بهدوء: ماشي يا قلبي بس ماني بمخليش تروحين مشي.. باقعد عند يوسف لين تخلصين وعقب أروح أنا وياش
***************************
بعد صلاة العشاء باحة بيت مشعل بن محمد
كانت سيارة ناصر تتوقف في البارحة قادما لاصطحاب مشاعل ليتعشيا خارجا مع خروجها كان سلطان يصل ويتوقف عند السيارة ليسلم على مشاعل
مشاعل تحتضنه بحنان وتبدأ بسؤاله باهتمام عن دراسته وعن أحواله
سلطان يبتسم: توش سألتيني أمس في التلفون
مشاعل بحنان: بس فيس تو فيس تختلف
سلطان بمودة: فديت الفيس ياناس واسمعيني تراني أبي بشارتي
مشاعل بفضول رقيق: عيوني لك..وش البشارة؟؟
سلطان بسعادة: مشعل وهله جايين عقب شهرين مهوب أربع شهور
مشاعل شهقت بسعادة وهي تحتضنه وتقبله: صدق؟؟ صدق؟؟ أبشر بأحلى بشارة فديت وجهك.. جعلني الأولة
ناصر يطل من سيارته ويهمس بمرح: مطولين يا جماعة؟؟.. تأخرنا ثم أردف بجدية وأريحية: سلطان أمش أراحك معنا..
سلطان همس لأخته بخفوت: يا شين التميلاح.. ما يبي إلا الفكة مني
ثم ألتفت لناصر وهتف باحترام: تسلم يابو محمد.. توكلو على الله
قالها وهو يتأخر ويفتح الباب لشقيقته.. حتى ركبت ثم أغلق الباب ثم توجه للداخل
ما أن تحركت السيارة حتى تناول ناصر يد مشاعل واحتضنها ثم همس بمرح: ما أدري ليه أحس سليطين ما يهضمني
مشاعل تضحك بعذوبة: لأنه فعلا ما يهضمك
ناصر باستغراب مرح: ليه يعني؟؟
مشاعل برقة: يغار منك.. فأنت لا تزودها عليه
ناصر يضحك: يغار مني ليه.. بيني وبينه فرق 16 سنة مهوب شوي قد إبيه يعني
مشاعل بعذوبة: سلطان متعلق فيني واجد.. وقبل أنا اللي مسؤولة عن كل شيء يخصه وبعدين جيت أنت وخذيتني منه.. فلازم إنه يغار منك
ناصر بنبرة مقصودة وهو يشدد احتضانه لكفها: والله المفروض إنا اللي أغار منه جاه في ذا الوقفة النتفة من الأحضان والبوسات اللي واحد مسكين محروم مثلي ما يحلم فيها
مشاعل شدت يدها بخجل: بس ناصر لا تحرجني
ناصر ضحك: فديت المستحيين ياناس.. خفي علي يا قلبي تراني ما استحمل
***********************
بيت مشعل بن محمد بعد العشاء الذي جمع من بقي من نساء آل مشعل
يرن هاتف موضي تنظر موضي للشاشة ثم تخرج بهاتفها لناحية المغاسل ترد باحترام رقيق: هلا راكان
راكان بهدوء فخم: هلا والله باللي طول اليوم مخليتني
موضي بخجل وهي تعتقد في قرارة نفسها أنه يجاملها: وأبي أترخصك أبيت عند لطيفة
راكان شعر بضيق حقيقي لكنه ابتسم وهمس: زين كلها كم يوم وأروح سنغافورة وباتي عندهم على كيفش
موضي برجاء لطيف: تكفى راكان لطيفة تعبانة شوي وأبي أقعد عندها
راكان بصدق شفاف: إذا اليوم عشاني ماشفتش حاس مثل طفل مضيع أمه أشلون بقدر أنام وأنتي منتي بعندي بس خلاص ولا يهمش مثلش مايرد.. ومثل أم محمد تمون وأنا بصراحة بأنام في المجلس.. ما أقدر أرجع للبيت وانتي منتي بفيه
شعرت موضي بألم شفاف.. دائما يخجلها برجولته المغلفة بحنانه المختلف ولكن يبقى دائما إحساسها إنه يجاملها يتجذر كجرح مؤلم في قلبها
أنهت موضي اتصالها وعادت للجلوس بجوار لطيفة.. همست لها لطيفة: راكان اللي متصل؟؟
موضي بهدوء: إيه
لطيفة بحزم: زين وش مقعدش؟؟ روحي لبيتش
موضي تبتسم: وش ذا الطردة؟؟ بأنام عندش
أم مشعل قاطعت الحديث بحنانها المعتاد: لا يأمش مالش حتى أسبوعين من عرستي تبين تخلين راكان أنا اللي بأنام عند لطيفة.. أصلا قلبي مهوب مرتاح دامني ماأنا بعندها
لطيفة وجهت الخطاب لأمها بحنان مغلف بالاحترام: لا يمه فديتش أبي وجدتي وسلطان وريم كلهم ماعندهم غيرش وأنا أصلا ماني بمحتاجة حد جعل يومي قبل يومش خداماتي عندي مالهم حاجة..بأبيت في غرفة الضيوف اللي تحت.. وبأخلي نور تبات معي لين أشد حيلي
أم مشعل بمناشدة: زين امشي عندي لبيتي
لطيفة برفض: لا يمه ما أقدر عيالي عندهم مدارس.. وما أبي أشتتهم وخصوصا انه حن على أبواب امتحانات نص الفصل
لو كان الأمر بيد لطيفة ورغباتها لرغبت بترك البيت لمشعل فهي عاجزة عن مجرد النظر إليه ولكن أبنائها يكسرون ظهرها ماعادوا صغارا.. وأصبحت لهم خصوصياتهم في غرفهم والأسوأ أنهم باتوا يلاحظون كل شيء ليست مستعدة للتضحية براحتهم لمجرد عقاب مشعل فهي لا تشعر حتى برغبة لمعاقبته .. تشعر أنها تقف على الحياد على الــــحـــــيـــــــاد الــــحـــــيـــــــاد تماما!!!!
************************
بعد صلاة العشاء بيت سعد بن فيصل
سعد يدخل للبيت عائدا من المسجد مع ابناءه فيصل وفهد اللذين صعدا للأعلى لينهيا حل دروسهما للغد
سعد ينادي أبا صبري الذي عاد قبلهما بدقيقة من المسجد
- جاي ياواد ياسعد - اسمعنى بو صبري تراني خلصت كل أوراق أم صبري.. أبيها تجي في أسرع وقت.. زواجي عقب أسبوعين ونص - إن شاء الله - الشيء الثاني.. بكرة بيجون عمال بيسوون شوي تجديدات في غرفتي وغرف العيال بعد - ماعلش يابني على دي الكلمة.. بس الست حرمكم هتشوف التجديدات يعني.. مالوش داعي ئلبة الدماغ دي
سعد بغضب: أبو صبري لا تزعلني منك
أبو صبري بلهجة أبوية: عارف إنك مش هتزعل مني أنا راجل كبير وبأخطرف أحيانا.. خدني على ئد عئلي راجل زيك.. شب وزينة الشباب.. صحة وفلوس ومركز يتجوز وحدة ما بتشوفش ليه؟؟ أنا ماسألتش ئبل كده لأني كنت فاكرك بتهزر.. بس دلوئتي اتأكدت
سعد بعتب: أنت غالي يابو صبري.. بس ما اسمح لك تقلل من مرتي وتسمع يابو صبري قول الرسول صلى الله عليه وسلم (الأرواح جنود مجندة.. فماتعارف منها ائتلف وماتناكر منها اختلف) هذا أنا ومريم.. روحها جذبت روحي.. ومافكرت في أي شيء ثاني ثم أكمل في نفسه: وأتمنى ما أندم في يوم
******************************
واشنطن بيت يوسف
مشعل اتصل في يوسف ويوسف أخبره أنه ليس في البيت ولكن في مكتبة الجامعة
فمشعل أخبر هيا أن تنهي زيارتها بسرعة وهو سيعود عليها بعد نصف ساعة فقط
هيا طرقت الباب فتحت لها ماريا وأدخلتها إلى مكتب يوسف كما أخبرتها باكينام حين دخلت باكينام للمكتب فُجعت هيا بمنظر الكدمة التي تحولت للون بنفسجي لم تستطع باكينام أن تعاتبها وهي ترى نظرة الرعب في عينيها ابتسمت وهمست بألم: مش ئلت لك ماتئوليش ليوسف أدي النتيجة
هيا بفجيعة: جعل يده الكسر قولي آمين
باكينام همست بجزع عفوي: ما تدعيش عليه
هيا تقترب وهي تلمس خد باكينام بألم: وماتبيني أدعي عليه بعد يعني وش يبي بعد خيانة ودرا إنش ما خنتيه.. يقوم يكافئش كذا الجاحد
باكينام تهمس كأنها تكلم نفسها: ئال إنو بيحبني وئال لي كلام كتير عمري ماحلمتش إنو ممكن اسمعه فيوم
هيا تبتسم بوجع: يعني يضرب بيد ويداوي بالثانية
باكينام تهمس بحزن: على ئد مابحبه على ئد ما بكرهه
هيا بتساءل مثقل بالشجن: وآخرتها زين؟؟
باكينام بحزن: عاوزة أتطلئ..
هيا بصدمة: وأنتي الطلاق علكة في ثمش.. يعني إذا تطلقتي بتكونين مبسوطة؟؟
باكينام بحزم حزين: أئله هاكون راضية عن نفسي ومحافظة على كرامتي ازاي أعيش مع راجل وراني كل ألوان الإهانة غصبني عليه وسلبني حئي في اختيار شريك حياتي شك فيا وهزئني بكلام جارح اتسلى بيا وهاني في أخص حاجة بين جوزين وختمها بالضرب
**************************
الليل المتأخر في الدوحة ليل وجع للبعض وليل سعادة لآخرين
الليلة الثانية التي يقضيها فارس وحيدا تبدو له كما لو كانت السنة الثانية يلمس يديه بحنان مازال يشعر بنعومة ملمس جلدها تحت قميصها الحريري الذي كان ينزلق تحت أصابعه وهو يثبت كتفيها الليلة في بيت مشعل لِـم لم يشدها بالقوة ويأخذها لبيتها؟!! لِـمَ يعطيها فرصة التفكير لهجره؟!! لِـم يمنحها فرصة التنفس بعيدا عنه؟!! هو عاجز عن التنفس بعيدا عن نسيمها وأعاصيرها فحتى متى سيصبر؟؟ حتى متى؟؟
يريد إنهاء هذه المشكلة بأسرع شكل ولكنه حتى الآن لا يعلم ماذا قالت لأهلها إن لم تخبرهم عن الضرب فحل المشكلة سيكون سهلا ولكن إن أخبرتهم عن الضرب سيطول حل المشكلة يعلم أنها ستحل وأن عمه في النهاية سيجعلها تعود ولكنه لابد ان يأدبه على ضربه لها وهو ماعاد به جلد احتمال على غيابها وليس به طاقة للاعتذار.. فهو يفضل أن يموت ولا أن يقف كتلميذ مذنب أمام أعمامه وابناء عمه فكيف يوفق بين رغباته الموجعة ووسائل التنفيذ المؤلمة؟؟!!
الطرف الآخر العنود هاهي تنام في حضن مريم وتبكي بكت مطولا وهي تتذكر موقف البارحة وموقف اليوم
يا الله كم تحبه!! اليوم بالذات علمت أنه تغلغل في روحها أكثر مما كانت تعلم.. أكثر بكثير ارتعشت بين يديه كعصفور مبلل وكادت أن تضرب بكرامتها عرض الحائط وترتمي بين ذراعيه ووجوده قربها يشتت تفكيرها ويضعفها ويضعف مقاومتها يجب أن تحرص على ألا تراه مرة أخرى فالمرة القادمة التي ستراه فيها ستنهار لا محالة وهي لا تريد أن تنهار ويجب ألا تنسى شيئين أساسيين أنها أصبحت تخاف منه فعلا والشيء الآخر أنه لم يعترف مطلقا بخطئه في حقها ومادام لم يعترف بخطئه فهو سيكرره
مريم تمسح شعر العنود المتمددة في حضنها وتهمس بحنان مصفى: بس ياقلبي خلاص.. هلكتي روحش بكا.. وشو له تبكين الحين
العنود بين شهقاتها: أحبه وأبيه
مريم تبتسم: ارجعي له.. ليه تسوينها قضية
العنود بحزن لاسع: ما أقدر.. صرت أخاف منه.. وهو نهائي مايشوف نفسه غلط علي
مريم برزانة رقيقة: صدقيني إنه عارف إنه غلطان بس يكابر شوي
العنود بيأس: تعبت مريم ما أقدر أعيش حياتي بين قسوته وغيرته وتكبره مافيني أتحمل حتى لو أنا أحبه خليني أطلع من ذا الزواج بأقل الخساير أقلها مابيننا أطفال.. لو كنت حملت.. كان مستحيل أقدر أخليه ويمكن هذي إشارة من ربي إني أخليه قبل ما يربطون بيننا الأطفال للأبد
***************************
بيت جابر بن حمد الساعة 11 مساء الصالة السفلية
الفتيات مازلن ساهرات ونورة تصرخ بهن: أنتو بتقومون تنخمدون وإلا والله لأجيب عقال أبيكم وأكوفنكم فيه شوي
معالي تضحك: يمه حرام عليش.. أنتي تستخدمين عقال إبي أكثر ماهو يستخدمه
نورة بغضب: نعنبو دار عدوكم.. رحت لحجرتي أول ماجينا من بيت لطيفة وقلت لكم كل وحدة لغرفتها.. عندكم مدارس أجي ألاقيكم قاعدين ساهرين
عالية بخجل: وش سهرته يمه؟؟ تو الناس
نورة بغيظ: عالية ووجع.. مدارس مدارس ما تفتهمون.. قدامي فوق يالله
كن الفتيات على وشك الركض لفوق هربا من تهديدات والدتهن التي يعلمن أنها لا تقصدها بحذافيرها رن هاتف المنزل.. علياء كانت الأقرب نظرت للرقم ثم صرخت بوالدتها: يمه مصر.. مصر
نورة كادت تتعثر وهي تركض باتجاه الهاتف بشوقها ووجعها: هلا والله
صوته الهادئ العميق والمحمل باشتياق عميق: هلا والله بش.. ومن جدي
نورة بوجع: قدام أي شيء.. متى بتأتي؟؟
حمد بابتسامة عميقة: بأجي الأسبوع ذا اللي بياتي خلصت دورتي بس أبي أتشرى لش وللبنات وبأجي
نورة بلهفة مؤلمة: مانبي شيء.. تكفى.. بس تعال
حمد بمودة راسخة: مايصير يالغالية تبين بناتش يأكلون وجهي خلاص فديتش والله العظيم.. الأسبوع الجاي بأشوف حجز وجايكم خلاص
***************************
قسم راكان وقت متأخر من الليل
موضي عادت منذ بعض الوقت ولكنها تعلم أن راكان سيبات في المجلس تشعر بضيق غريب لغيابه.. وشعور أشبه باشتياق موجع ولكنها تخجل أن تتصل وتخبره أنها عادت ماذا سيقول؟؟ تتعمد إزعاجه.. وقد يكون نام أصلا ولكنها في ذات الوقت لا تشعر بأي رغبة للنوم لذا قررت أن تقلب البيت وتقوم بتنظيفه وتتلهى عن غياب راكان وفي ذات الوقت تستغل غيابه في التنظيف مادام لن يحضر الليلة
ارتدت بيجامة من القطن.. خليط أنيق من اللونين الأحمر والأسود ببنطلون قصير و(بروتيل) (توب) بحمالتين بعد أن أغلقت باب البيت وسحبت المفتاح حتى لو أراد راكان المجي صباحا لتغيير ملابسه يفتح بمفتاحه ولولا أنها كانت تعلم يقينا أن راكان لن يأتي الآن أو كان من المستحيل أن تلبس مثل هذا اللبس الذي يكشف عن إصابة كتفها كاملة فهي رغم تبسطها في اللبس أمام راكان نوعا ما.. ولكنها أقصى ما لبست بلوزة بدون أكمام وكانت حريصة تماما ألا تكشف أي جزء من نحرها أو كتفها كانت تعتقد أن راكان لم يلاحظ ولكنه كان قد لاحظ.. لاحظ تماما أنها تتجنب أن يرى إصابة كتفها
كانت موضي مستغرقة تماما في التنظيف وشعرها مرفوع بفوضى للأعلى لم تنتبه مطلقا أن هناك عينين تلتهمان مفاتنها بوجع منذ بعض الوقت كان يقف مبهورا تماما بل الانبهار وصف أقل بكثير من حالة الذهول اللذيذ التي صابته
(كيف من لمن كان لها كل هذا الحسن أن تخجل به؟؟ وترى في ذاتها نقصا؟ أين هذا النقص؟؟ هل هناك مخلوقة مكتملة كهذه؟؟ وموجعة كهذه؟؟ وفاتنة كهذه؟!!)
راكان يشعر بضيق ما من نفسه فهو يرى أنها تحرك فيه الرجل بكل الوجع والعنفوان ولكن أين العاشق؟؟ ولكن أ حقا لم يتحرك العاشق النائم في أبراجه العاجية؟!! إن كانت لم تحرك فيه إلا الرجل.. مجرد رجل!!.. فلماذا لم يتحرك هذا الرجل أمام مئات النساء بل الآلاف اللاتي عبرن أمام عينيه؟!! لِـمَ هي فقط من تحركه وتثيره وتذيبه؟!!
راكان شعر بالحرج وهو يتأملها.. شعر كمن يسرق شيئا هو له لا يعلم كيف يستوي هذا الشعور ولكن هذا هو ما شعر به هي حق له.. ولكنه يعلم أنها لا ترضى أن يراها بهذه الصورة فكأنه يسترق شيئا هو له!!
تنحنح راكان.. وأخيرا موضي فُجعت وهي تسمع صوت نحنحته الفخمة كانت تنحني على الرخام تدعكه ألقت بالاسفنجة من يدها وهي تجذب طرف (التوب) الأمامي لتغطي به صدرها وكتفها المصابة ولكنها كانت محاولة فاشلة وموجعة لأنها كشفت أكثر ما سترت لذا قفزت وهي تعود أدراجها للغرفة كان بود راكان أن يوقفها.. أن يرى إصابتها عن قرب فمازال حتى الآن لم يستطع رؤيتها بوضوح يشعر أنه هذه الإصابة تقف بينهما كوحش خبيث مرعب
ولكنه لم يتقدم ولم يوقفها.. خشي أن تعتقد أنه يحاول إعادة ماحدث في دبي لذا تركها تعود للغرفة وهو بقي جالسا في الصالة موضي أغلقت على نفسها باب الغرفة وبكت بكاء موجعا.. لم يكن عويلا ولا نشيجا لكنه بكاء روح.. ويا لا قسوة بكاء الروح!! كان بكاء موغلا في الشفافية والوجع لأنها اكتشفت أنها كلما حاولت خداع نفسها والتناسي صفعتها ألامها المتجذرة بصفعة جديدة وكأنها تستكثر عليها هذا الأمان والسعادة بجوار راكان ستبقى تشعر بالنقص جواره.. ليس تشويه الجسد فقط ولكنه تشويه أقسى للروح
لم تعلم كم مضى عليها وهي تبكي حتى سمعت طرقات راكان على الباب وصوته الحازم يصلها: موضي بطلي الباب
همست بصوت حاولت جعله طبيعيا: الحين راكان.. دقيقة بس
استبدلت ملابسها على عجل وهي تغسل وجهها بماء بارد في محاولة لإخفاء أثار البكاء
ثم فتحت الباب وهي تحاول ألا تنظر ناحيته وتبتسم باصطناع: آسفة.. طولت عليك
راكان همس بحزم: تعال | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 12:36 pm | |
| راكان همس بحزم: تعالي موضي أنا انتظرش في الصالة
راكان حين أطالت عليه الغياب علم يقينا أنها تبكي.. ولم يحتمل مطلقا أن تبقى تعاني وحدها.. ولم يحتمل فكرة أنها تبكي آلمته الفكرة لأبعد حد.. أبعد أبعد حد يريدها سعيدة كما جعلته سعيدا.. حتى لوكانت سعادته مبتورة وغامضة فهو الآن سعيد كما لم يكن طوال حياته قربها بعث فيه روح جديدة مرفرفة.. فلماذا يعود هذا الأثر اللعين ليطل برأسه عليهما ليفسد هشاشة سعادتهما؟!!
موضي تقدمت بخطوات متوترة وجلست قريبا منه
همس بحزم: لا .. جنبي
نهضت بتوتر أكبر وهي تجلس بجواره
همس بحزم حنون: ممكن أعرف ليش البكاء؟؟
موضي تحاول أن تبتسم: من قال لك بكيت؟؟ وليش أبكي أساسا؟؟
راكان مد يده إلى وجهها ليرفعه برقة وهو ينظر لخديها المحمرين كخدي طفلة لفحتها حرارة الصيف وعينيها المحمرتين بوجع همس بألم مثقل بالرجولة: كل هذا وما بكيتي؟!! حرام عليش موضي تسوين كذا في نفسش
موضي بشجن: تكفى راكان لا تشغل بالك فيني
راكان بعبق رجولته الخاص: إذا ماشغلت بالي فيش.. من اللي يستحق يشغل بالي؟؟
موضي بحزن: حد يستحق يشغل بالك ثم أردفت بحزن أشد: راكان أنا ما خدعتك.. قلت لك إن تجربة زواجي الأولى خلتني بقايا امرأة.. ماعاد فيني ثقة في نفسي
راكان باستنكار حقيقي: أنتي بقايا مرة.. موضي أنتي ما تشوفين روحش في المراية أنتي أكثر من مرة بكثير.. وفيش من الأنوثة والجاذبية والجمال اللي لو قسموه على كل نسوان العالم كفاهم وزاد
موضي بألم: راكان بس تنفخ فيني على الفاضي
راكان بحزم صارم: أنتي وعدتيني تحاولين تنسين كل اللي سواه اللي ما ينذكر
موضي بحزن: هذا أنا أحاول
راكان بذات النبرة الحازمة: والله ماشفتش تحاولين شايفش مستسلمة لسلبيتش
موضي صمتت.. وراكان بدأ يحس بالغضب لذا تنهد ووقف ليذهب للحمام ليستحم لأنه كان قادما أساسا ليستحم وهاهو يحتاج للاستحمام فعلا ليبرد أعصابه الثائرة على موضي ومن أجلها
*************************
بيت مشعل بن محمد غرفة الضيوف في الطابق السفلي التي أعدتها موضي قبل مغادرتها لاستخدام لطيفة وأحضرت بعض أغراض لطيفة وملابسها من غرفتها.. ورتبتها في الغرفة والحمام وموضي لم تغادر البيت حتى تأكدت من نوم أبناء شقيقتها في غرفهم ألمها كثيرا إحساس محمد ومريم المبكر بالقلق فالاثنان بالذات لم يكونا يريدان مغادرة والدتهما وهما لا يفتأن يسألانها: يمه أنتي بخير؟؟ أنتي طيبة؟؟ (طيبة= بخير وليست الطيبة المقابلة للشر)
ولا تعلم موضي لِـمَ بدت لها لطيفة مثقلة بالوجع وهي تحتضنهما وتهمس: دامكم طيبين أنا طيبة
والأطفال الأربعة لم يغادروا لطيفة إلا بعد محايلة طويلة من موضي ومعها العنود لأخذهم لغرفهم لتذهب موضي مع البنات والعنود مع الأولاد بدت المهمة للاثنتان متعبة نوعا ما.. واستغربتا كيف تستطيع لطيفة أن تحكم سيطرتها على الأربعة في وقت واحد وفي غرفتين مختلفتين؟؟!!
وهاهي لطيفة تتمدد على السرير وتستعد للنوم ولإرخاء جسدها المنهك وكانت الخادمة التي ستبيت معها تفرش فراشها على الأرض لتنام بقرب لطيفة لولا أن مشعلا طرق الباب ودخل عليهما فطوت الخادمة الفراش وخرجت حتى تعود لاحقا حين يخرج سيدها
مشعل اقترب.. ولطيفة اعتدلت جالسة حين رأته دخل همس مشعل: لا والله ما تقومين خلش مرتاحة
مشعل يشعر بقلق عميق وتوجس متوحش فمنذ البارحة وهو مع لطيفة في المستشفى وحتى اليوم صباحا وهي مطلقا لم تعاتبه على ضربه لها الذي أدى إلى فقدانها جنينها مطلقا لم تذكر الموضوع حتى كان يتمنى أن تصرخ به تعاتبه.. حتى يتصارحان ويتصافيان.. ولكن هذا لم يحدث وهذا الشيء بعث توترا موجعا في روحه
همس وهو يجلس جوارها وهي تتمدد نصف تمدد: أشلونش اليوم؟؟
همست بنبرة باردة.. مشبعة ببرودة طبيعية: الحمدلله على كل حال.. ودوام الحال من المحال
همس لها بحنان: مرتاحة؟؟ تبين أجيب لش شي؟؟
ذات النبرة الباردة وهي لا تنظر له مطلقا: سلامتك
همس مشعل بمصارحة أليمة: أدري صعب تسامحيني.. بس حاولي يا قلبي حاولي لو مهوب عشاني.. عشان عيالنا
لطيفة بنبرة مشبعة بجليد متوحش: مازعلت عشان أرضى.. ولافيه شيء أسامحك عليه
تنهد مشعل بعمق وجرح ما.. جرح جديد يتعمق في قلبه يستحيل أن تكون هذه لطيفة.. يستحيل لطيفة شعلة متدفقة من دفء وحنان هذه ليست أكثر من شبح جليدي
ولكنه يحاول وسيحاول مد يده يمسح بها على ذراعها العاري الساكن جوارها لم تكف ذراعها أو تجذبها.. ولكنه شعر كما لو كان يلمس جثة هامدة برودة لاسعة أرعبته.. ويدها ساكنة تحت كفه بلا ارتعاش بلا اضطراب
حتى في أيام غضبها الأول منه.. وهي تدعي البرود ببراعة هائلة كان ما أن يقترب منها حتى تبدأ بالارتعاش غصبا عنها صدّق تمثليتها لفترة.. لكنه اكتشف ثغراتها بعد عدة أيام وهاهو الآن يحاول إيجاد ثغرة دفء ينفذ منها لروحها ليعاود العزف على مشاعرها كما اعتاد وبرع
ولكن.. لا ثغرة.. لا ثــــغــــرة!! لا ثــــــغـــــــــرة!!
#أنفاس_قطر# . . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 12:53 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كل عام وأنتم بألف ألف خير تقبل الله طاعتكم وعبادتكم وجعلكم من عتقاء الشهر الكريم الذي مضى بحلو أيامه وطهارة لياليه . . ساكنات شغاف القلب ونبضاته الغالية اشتقت لكن جميعا اشتقت لكن كثيرا.. كثيرا بل اشتياقي لكن تجاوز مفردات الشوق وهأنا أعود لكن غير ماكنت معكن في أخر مرة أعود لكن أما..
"أم.. أم !!"
يالا روعة هذه الكلمة وعظمها لا نعرف قيمة أمهاتنا كما يجب إلا حينما نمر بالتجربة العظيمة ذاتها حفظ الله لنا أمهاتنا وأطال في أعمارهن على الطاعة ولا حرم كل زوجة من نعمة الأمومة ومن نعمة احتضان طفل في أحضانها . . خالص خالص شكري لمشاعركن النبيلة التي أغرقتموني فيها عاجزة عن التعبير فعلا ومشاعري تخونني أمام فيض مشاعركن الذي كان أكثر مما استحق . . .
أعود لتشريع أبواب "أسى الهجران" مرة أخرى وللمرة الأخيرة لأني هذه المرة لن أتوقف حتى تنتهي الرواية إن شاء الله لأنها انتهت فعليا فأنا أنتهيت من كتابة أخر جزء منها قبل ولادتي بيوم واحد وشعرت حينها بالفراغ وبافتقاد موجع لكل شخصيات أسى الهجران ليأتي ابني ويشغلني عن كل شيء والحمدلله أنني أنهيت الكتابة قبل أن ألد.. أو ربما كنت توقفت عن الكتابة.. فهذا الصغير الباكي حفظه الله يستنزف وقتي وتفكيري . .
الرواية انتهت.. ولكن متى ستنتهي تحديدا لن أخبركن سترون الجزء الأخير ماثلا أمامكن قد تتوقعنه أنتن ولكن أنا لن أنبه له.. سيمر عليكن كغيره من الأجزاء وما أريده الآن وأتمناه.. ألا تستعجلنني.. فأنتن أصبحتن تعلمن أنها انتهت وانتظاركن سيكون له آخر إن شاء الله لذا دعونا نتمتع معا بما تبقى
تمتعت كثيرا في كتابة هذه الأجزاء التي كتبتها دون ضغط وبراحة نفسية عميقة لأنهي "اسى الهجران" كما تمنيت تماما دون زيادة أو نقصان وأتمنى أن تشعرن بمتعة مماثلة وأنتن تقرأن
والأجزاء هذه المرة جعلتها طويلة طويلة الجزء الواحد مابين جزئين إلى أربع أجزاء من الأجزاء التي كنت أنزلها بشكل يومي لذا وحتى لا تصبن بالتخمة اسمحن لي أرجوكن أن أنزل يوم وراء يومين أو يوم وراء يوم على حسب ظروفي الجديدة ولكن ما أعدكن به أن أكون دقيقة في مواعيدي كما اعتدن مني إن شاء الله وعلى كل الأحوال ما سيرضيكن أنتن هو ما سيحدث.. تدللن نبضات قلبي . . قبل جزء اليوم اسمحن لي أن أعيد تذكيركن بأحداث الجزء الأخير قبل رمضان فأحداث جزء اليوم تكملة لها:
كنا في الليلة الثانية من غضب لطيفة والعنود وباكينام على مشعل وفارس ويوسف لطيفة أجهضت وتتعامل مع مشعل ببرود العنود عادت لبيت والدها ولا أحد يعلم بغضبها وسببه سوى مريم يوسف هو من ترك البيت لباكينام
ناصر طلب من مشاعل أن تختار مكانا ليسافرا له في شهر عسل متأخر
حمد أخبر أهله أنه سيعود قريبا
راكان غاضب من موضي بسبب قلة ثقتها بنفسها على خلفية ماحدث حين رآها تنظف ورأى إصابة كتفها فهربت من أمامه لتعود بعدها ويتناقشان في الموضوع فيشعر راكان أنه قد يثور عليها لذا يقرر أن يذهب ليستحم"
الجزء الجديد سيكمل من هذه النقطة وموعدنا القادم سيكون يوم الإثنين الساعة التاسعة والنصف صباحا إن شاء الله فجزء اليوم طويل وأريد أن أتيح لكن القراءة وإعادة التواصل مع القصة . استلموا . الجزء الخامس والتسعين . قراءة ممتعة مقدما . . لا حول ولا قوة إلا بالله . .
أسى الهجران/ الجزء الخامس والتسعون
ذات الليلة الطويلة بيت راكان
موضي بقيت في الصالة جالسة يلفها حزنها وأساها ويحيط بروحها إحاطة السوار بالمعصم.. وأكثر ما يضايقها أنها ضايقت راكان.. بل ضيقها كله تحول ليكون من أجله.. ومن أجله فقط!! توقعت أنه سيعود بعد أن يستحم.. لذا بقيت جالسة لتطيب خاطره.. لتنتزع ضيقه وغضبه ولكنه لم يعد.. وانتظارها طال حينما طال انتظارها كثيرا.. توجهت للغرفة بخطوات مترددة وجدته فرش فراشه وتمدد
آلمها أنه فرش فراشه بنفسه.. فهي من اعتادت على فعل ذلك وآلمها أكثر أنه نام وهو عاتب عليها.. أو ربما غاضب!!
تنهدت وهي تتوجه للحمام لتغتسل وتنهد هو تنهيدة أعمق وهو يسمع صوت باب الحمام يُغلَق فهو تحاشى فتح حوار معها لأنه يخشى أن يثور..وهو يعلم أن ثورته ستكون مرعبة وهو لا يريد أن يثور عليها.. بل يريد أن يحتويها ولكن مبالغتها في الضعف والانكسار أصبحت تثير غضبه فعلا لأنه لا يرى مبررا لها حين عرضت عليه أن يتزوجها قبل أكثر من شهرين وهي تصف نفسها أنها ماعادت تصلح لرجل لا جسديا ولا نفسيا توقع أنها لابد أصبحت في شبابها امرأة دميمة أو معدومة الجمال أو تعاني من تشويهات حادة.. ومع ذلك وافق أن يتزوجها ولكنه وجد أمامه وفي عينيه هـو آية من الجمال..رآها معجزة لا تتكرر.. وفتنة خالصة ماحسب أنه قد خُلق على الأرض مثلها فتنة هزته بكل العنف والحدة.. علمته معنى الاشتياق والرغبة والالتياع بأقصى معانيها فتنة لا تشبع عيناه من النظر لها بضراعة وإعجاب تجاوز كل مفاهيم الإعجاب!! ومع كل ذلك بقيت تظن أنها تعاني نقصا ما فأين هو هذا النقص سوى في عقلها الذي لا يريد التزحزح عن أفكاره؟!!
موضي خرجت من الحمام توجهت لسريرها وتمددت في الناحية القريبة منه كما اعتادت
دقائق مرت ثم همست موضي بخفوت: راكان.. (لم تستطع أن تنام.. ولديها أمل أن يكون لم ينم مثلها حتى ترضيه)
راكان رد عليها بخفوت مشابه وهو ينام على جنبه وظهره لها: أنا نايم.. ولا تكلميني
موضي اعتدلت جالسة وهمست برجاء عميق: تكفى راكان ما تزعل علي.. والله العظيم ضايقة علي الوسيعة مع زعلك
راكان بهدوء حازم: دامش مخلية ذا الأثر السخيف التافه بيننا.. بأزعل
صمت عميق استحكم للحظات
وراكان مازال يعتصم بوضعيته وهو يعطيها ظهره.. حتى صدمته نقرات ناعمة على كتفه التفت ناحيتها كانت تجلس جواره على الارض بكامل عذوبتها التي تعذبه جلس احتراما لها.. وهما يتبادلان النظرات العميقة
موضي همست بانكسار موجع وهي تمد يدها لأزرار قميص بيجامتها لتفتحها: دام شوفته بتريحه.. أنا ما أبي إلا الشيء اللي يريحك
كانت لم تفتح إلا الزر الأول حين امتدت يد راكان لتمسك يدها بقوة ويهتف لها بحزم: لا .. موضي.. لا
ثم تناول كفيها واحتضنهما وهي أنزلت عينيها للاسفل همس راكان بحنان رجولي: أنا ما أبي أشوفه لمجرد الشوفة أنا أبي يوم أشوفه ما أشوف نظرة الانكسار ذي أبي يوم أشوفه.. أشوفه برضاش ولأنش أنتي تشوفينه شيء عادي ما يستلزم تدسينه عني أنا ماطالبتش بشي يا موضي ولا أبي أضايقش.. بس على الأقل أبي أحس إنه إحنا أصحاب جد وما بيننا حواجز
قال "أصحاب".. ولا يعلم لماذا بدت هذه المرة ثقيلة جدا على لسانه!! تمنى لو يقول كلمة أخرى.. أخرى تماما!!
نفض رأسه وكأنه ينفض أفكاره.. بينما الأفكار تبقى ملتصقة بجزيئات الرأس مهما اهتز!!
*************************
اليوم التالي يوم جمعة صباح الدوحة
بيت محمد بن مشعل الساعة التاسعة والنصف صباحا الصالة السفلية
مريم تجلس مع والدتها أمامهما فطور الصباح العنود نزلت بعد لحظات سلّمت.. ثم قبلت رأس والدتها ورأس مريم وجلست
أم مشعل بنبرة مقصودة: أشوفش ممسية عندنا اليوم بعد؟؟
العنود بابتسامة مُغتصبة: وبأمسي عندكم الليلة بعد..
أم مشعل بحزم: إذا أنتي حامل وتوحمين ومقروفة من بيتش.. حياش الله بدال الشهر سنة أي شيء ثاني.. بيتنا يتعذرش.. وقومي لبيت رجّالش
العنود شهقت بصدمة: كذا يمه؟!!
أم مشعل بذات الحزم: إيه كذا.. المرة العاقلة تحل مشاكلها في بيتها.. ولو رجّالها هو الغلطان تعاتبه أو حتى تأدبه وهي عنده.. ما تطلع من بيتها وتشمت الناس فيها وتفضح روحها
العنود وقفت.. وعيناها تتغرغران بالدموع وهمست بصوت باكٍ: رجعة لبيت فارس ماني براجعة وإذا بيتش يمه ضايق فيني.. رحت لبيت اخي مشعل
قالت جملتها وركضت للأعلى وهي تنشج وتسف دموعها
مريم تنهدت وهي تهمس لأمها: يمه قسيتي عليها واجد
أم مشعل بألم: لو علي يامريم أنتي أكثر وحدة عارفة إنه العنود غلاها غير.. هي حشاشتي (الحشاشة=آخر العنقود) .. ويوم جبتها ناصر عمره 8 سنين وأنا متشفقة عليها (متشفقة=تتمناها) وأنتي عارفة إنه حتى المرض مرضت يوم تزوجت وراحت.. وأفرح ماعلي تقعد عندي وماتفارقني.. لكني ما أبي أكبّر رأسها على رجّالها فارس رجّال مهيب معينه مثله.. أدري إنه فيه ثقل شوي.. لكن حلات الرجّال بثقله.. وهي لازم تعوّد على طبايع رجّالها
مريم تقف لتذهب للعنود وتهمس برقة: بس بعد يمه مهوب كذا.. لأنش ما بعد تعرفين وش بينها وبين رجّالها هي إن شاء الله بترجع بس عطيها وقت
مريم تصعد للطابق العلوي بخطوات ثابتة هادئة حتى وصلت لغرفة العنود طرقت الباب بخفة ثم دخلت كما توقعت: كانت العنود تبكي مشت حتى وصلت السرير ثم جلست جوار جسدها الممدد لتمسح عليها وتهمس بحنان خالص: بس يا قلبي.. أمي تبي مصلحتش
العنود بين شهقاتها: أمي عمرها ما كانت قاسية كذا تقسى علي.. وعشان فارس؟!
مريم صمتت فهي تعرف العنود جيدا ومادامت بدأت بالبكاء فهي لن تتوقف حتى تنهي طاقة البكاء لديها وتهدأ
مضت فترة من الزمن والعنود تبكي ومريم تمسح على شعرها حتى هدأت حينها رفعت رأسها وهمست بصوت مبحوح من أثر البكاء: ممكن خدمة مريم؟؟
مريم بحنان مرح: بالعادة يقولون عيوني لش.. أنا بأقول أذانيي لش.. لأنها هي اللي مقام العيون عندي
العنود بخجل: أنا سألت أم فارس البارحة عن تلفوني قالت ما تدري أنا خليته في الغرفة عند فارس تكفين كلمي فارس خليه ينزله عند أمه تحت.. وأرسلي سونيا تجيبه
مريم بنبرة مقصودة: اخذي التلفون وكلميه
العنود بعتب: مريم تستهبلين علي؟!! ثم أردفت برجاء: تكفين مريم تكفين أبي تلفوني.. عندي كويز يوم الأحد وما أدري وش اللي داخل معنا لأني ماحضرت محاضرة أمس الخميس.. أبي اتصل في البنات
مريم تنهدت: زين ظنش فارس صحا من نومه؟؟
العنود بعفوية: عمره ما تأخر في النوم يوم الجمعة.. على ثقل نومه إلا إنه يقوم بدري
العنود بترت جملتها وهي تشعر بغصة كبيرة تتجمع في حلقها وهي تشعر برغبة حادة للعودة للبكاء كيف هو حاضر في مخيلتها حتى بعاداته التي رسخت بتلقائية في فكرها!!
مريم تشعر بها تماما.. تشعر بألمها ووجيعتها تتمنى لو كانت تستطيع حمل بعض آلام صغيرتها المثقلة بوجعها الشفاف ما اعتادت على الألم ولطالما كانت مريم تحاول احتواءها واحتواء وجعها فلماذا فشلت يافارس؟؟ لماذا؟؟!!
مريم تناولت هاتفها واتصلت به ولكن مالم تعلمه العنود أن عادات راسخة قد تتغير في يومين حينما يأتيها ماهو أقوى من رسوخها ففارس لم ينم مطلقا خلال اليومين الماضيين حتى انهار جسده من الإرهاق ونام بعد صلاة الفجر لذا حينما رن هاتفه كان مايزال نائما رن الهاتف مطولا وهو لم يشعر به
ولكنه نهض من نومه على الرنة الأخيرة والتقط الهاتف دون أن ينظر للاسم وهمس بنعاس غاضب: نعم
مريم باحترام: الله ينعم عليك
فارس حين سمع صوت مريم تحفزت حواسه كلها وهو يقفز جالسا لأنه علم أن مريم لن تتصل إلاَّ من أجل العنود وآه من العنود.. ومن كل ما يخصُّ العنود!!
همس باحترام: هلا والله ببنت محمد.. السموحة يأخيش ماشفت اسمش
مريم برزانة: مسموح طال عمرك في الطاعة أشلونك فارس؟؟
فارس بهدوء راقٍ: طيب طاب حالش... بشريني منش؟؟
مريم بهدوء: يسرك الحال ثم أردفت لتنهي سلسلة السلامات التي يتحرق كلاهما لإنهائها: ممكن خدمة ولا عليك أمر؟؟
فارس شعر بتحفز لم يظهر في صوته الهادئ الواثق: آمري
مريم بذوق: تلفون العنود عندك في الغرفة يا ليت تخليه عند الوالدة تحت وبتجي سواقتي تاخذه
فارس تنهد تنهيدة لم تتجاوز أعماقه.. ثم همس بحزم: وليش العنود ما اتصلت تطلبه مني؟!! يعني عشان زعلانة مني.. حتى من الكلام بتقاطعني ؟؟ أشلون بنتفاهم زين؟؟ بالحمام الزاجل؟!!
مريم ابتسمت: لا تعقدها يا ابن الحلال عطها وقت
فارس بصراحة وثقة: ما أبي أعطيها وقت يامريم.. أبيها ترجع
العنود تهمس لمريم التي تراها تبتسم.. وحوار بدا لها غامضا بدأ يدور: "مريم وش يقول لش؟"
مريم تشير لها أن تصبر وتهمس لفارس برزانة: فارس مافيه شيء ينحل بذا الطريقة لازم تراضيها
فارس بحزم: إذا رجعت لبيتها راضيتها.. قبل كذا لا..
مريم تنهدت: بأقول لها..
فارس بحزم صارم يخفي وراءه أملا شاسعا: عطيني إياها أكلمها
مريم همست للعنود: فارس يبي يكلمش
العنود برفض حازم وصل لمسامع فارس: مستحيل.. ما أبي أكلمه
قبل أن ترد عليه مريم همس فارس بنفس نبرته الحازمة: خلاص مريم خلي سواقتش تجي أنا رايح للصلاة وبأخلي التلفون عند أمي
حينما أنهى الاتصال همست مريم للعنود بخفوت: يقول لش ارجعي لبيتش وعقب بيراضيش
العنود بغيظ رقيق: أمانة عليش شفتي واحد مقفل مثل هذا؟!! أنا أعرف الرضاوة قبل الرجعة وهذا يبيني أرضى وأرجع بدون هو ما يتنازل وينزل من برجه العالي خليه يولي يامريم
مريم بحنان: فكري ياقلبي فكري..المسائل ماتحل بذا الطريقة وأنتي عارفة إنش تحبينه
تنهدت العنود: الحياة الزوجية تحتاج شيء أكثر من الحب تحتاج التفاهم والاحتواء أكثر ثم أردفت: خلينا الحين من ذا السالفة.. أنا بأقوم أتسبح قولي لسونيا إذا راحت تجيب تلفوني.. تستأذن أم فارس وتجيب كل الكتب والأوراق اللي على مكتبي وفي أدراجه ..أبي أدرس
على الطرف الآخر حينما أنهى فارس الاتصال مع مريم نهض ليبحث عن هاتف العنود واتصل به ليرى أين مكانه.. كان يرن ولكنه لا يسمع صوته ثم وجده على ناحيتها التي كانت تنام عليها وكان مكتوم الصوت وكان اسمه مازال يضيء على الشاشة "فــارس قـلـبـي"
شعر بألم عميق ينتاب روحه.. فهو حتى لم يعرف بماذا كانت تحفظ اسمه في هاتفها فهو لم يسبق أن فتش في هاتفها مطلقا فهو مع شدة غيرتها عليها لم يكن مطلقا يخطر له أن يشك فيها أو أن يفتش في هاتفها فهي عنده كانت فوق كل الشبهات أطهر من الطهر حمامة بيضاء عذبة مثقلة بالطهارة كم كان سعيدا ومحلقا بها ومعها!!
(آه.. يا أميرة قلبي أنتِ وحمامتي البيضاء يابهجة أيامي.. ياخارطة عشقي ومسامات روحي النازفة ولهاً أي جريمة ارتكبتها بحق نفسي قبل أن ارتكبها بحقكِ؟!! حبيبتي لا تطيلي أيام عذابي ماعاد بي صبر يومان مرا كأنهما قرنان متطاولان وجعا وألما ويأسا الشمس تشرق باهتة لأنها لا تشرق على محياكِ والنسيم يمر متثاقلا لأنه لا يحمل رائحة عطرك عودي إليَ حبيبتي.. عودي إليَ عودي إلى حبيبكِ المتغطرس المتكبر فهكذا هو فارس الذائب في غرامكِ!! هكذا خُلقت!! فلا تحاولي كسري)
فارس تنهد وهو يعود للهاتف في يده والذي أخذته ذكرى صاحبته إلى عوالم أخرى عوالم مثقلة بالشوق اللا متناهي.. فتح الهاتف.. كان هناك عدد من الاتصالات لم يُرد عليها من أشقائها وصديقاتها وكان على الشاشة تذكيرا لورقة عمل لأحد مقرراتها فتح فارس التقويم كان على التقويم تحديد دقيق لأيام دورتها الشهرية خلال الشهرين الماضيين ثم لأيام التبويض بدايتها ونهايتها كانت العنود تخطط (بإذن الله ومشيئته) للحمل بأمل عميق ولكنه جاء بقسوته لينسف كل أحلامها ويفسد كل ماهو جميل بينهما
تنهد بعمق موجع لاسع.. بصق وجعه نزفا وهو يتوجه للحمام ليستحم حينما انتهى وارتدى ملابسه تناول الهاتف بحرص وهو يحتضنه في كفه بحنو وكأنه يحتضن بعض رائحة العنود أعطاه لوالدته في الأسفل ثم توجه للمسجد
حينما عاد بعد الغداء في المجلس جلس مع والدته قليلا ثم توجه لغرفته عاد بعد أقل من دقيقة وهو يهمس بغضب حاد: يمه وين كتب العنود؟؟
أمه ببعض حزن لأنها عرفت ما أغضبه: عطيتهم سواقة أختها لأنها جات تبيهم البنية تبي تدرس دورسها
تنهد فارس بحزن عميق..موغل في روحه المثقلة بالوجع روحه ماعادت تحتمل.. فأي هم جديد هذا؟!! اليوم أخذت كتبها.. سحبت بعضا من عبقها من حياته ما يدريه أنها غدا لن تأخذ ملابسها وبقية أغراضها لتتركه محروما حتى من رائحتها التي تصبره على بعض غيابها ولتعطيه بذلك إشارة نهائية إنها لن تعود
*********************
ذات يوم الجمعة الساعة التاسعة والنصف صباحا بيت مشعل بن محمد
لطيفة تصحو من نومها على مداعبة جود لخدها ابتسمت بعمق وهي ترى وجه صغيرتها وابتسامتها البريئة ولكن ابتسامتها تحولت لكدر عفوي وهي ترى مشعلا يقف بجوار سريرها رغم تضايق مشعل من تغير وجهها حين رأته.. لكنه استمر في ابتسامته وهو يهمس بعمق حنون عامر بعبق رجولة خاصّ: صباح الخير حبيبتي
همست بذات النبرة المحايدة التي باتت نبرتها معه مؤخرا: صباح النور
مشعل بحنان: أشلونش اليوم ياقلبي؟؟
لطيفة بهدوء: الحمدلله
مشعل بهدوء حانٍ: ترا عمتي أم مشعل هنا من الساعة سبع جابت لش ريوق.. وسبحت جود وعبودي ومشطت شعر مريم عقب ماخلتها تسبح وقعدت ورا حمود لين سبح ولبس.. وتوها راحت الحين
حينها ابتسمت لطيفة بشفافية: فديت قلبها.. وليه ماصحتني؟ وإلا قعدت؟؟
مشعل ابتسم بعمق لعودة ابتسامتها: تقول بترجع بس تبي تشوف أخوانش وجدتي أول
عادت لطيفة للكدر وابتسامتها للاختفاء ولكنها قربت جود منها وهي تحتضنها بحنان وشجن كبيرين
مشعل جلس جوارهما واحتضن الاثنتين لم تمنعه من احتضانها لكنها في ذات الوقت لم تتجاوب معه
شعور كريه ومؤذٍ وجارح ومتوحش لأبعد حد كما لو كنت تحتضن تمثالا.. لا يشعر بدفء أحضانك تمثال خالٍ من الحياة والدفء والتدفق الإنساني
أكثر ما كان يفتن مشعل في لطيفة هو ذوبانها بين يديه كانت تنصهر بعذوبة في أحضانه ولكنها الآن تبدو كما لو كانت مخلوقا مجردا من أي إحساس معه بالذات لأنه يرى لطيفة الطبيعية المتدفقة مع كل أحبابها عداه
"أحبابها؟!!"
هم أحبابها.. و هــو ماذا؟؟!!
************************
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل الساعة 10 صباحا
"أسبانيا" همس عذب خافت
ناصر يفتح عينيه ويبتسم بشفافية وهو يرى وجه مشاعل القريب منه وهي تتمدد جواره على بطنها وترفع جزئها العلوي استنادا على كوعيها وذراعيها وتهمس له من قرب
يهمس بنعاس: يالله صباح خير..الناس يقولون صباح الخير وإلا قوم ياحبيبي وانتي مقومتني بأسبانيا
مشاعل بدلال رقيق: أبي أسافر أسبانيا
ناصر يبتسم وهو يضع كفيه تحت رأسه: وش معنى؟؟
مشاعل بعذوبة: ماجيتها قبل وحابة أشوفها
ناصر بخبث رقيق: وغيرها ماله من الحب نصيب؟؟
مشاعل بمودة دافئة: غيرها الحب كله له
ناصر بتمثيل مصطنع لطيف: إيه كلام في كلام..
مشاعل مالت عليه وطبعت على وجهه عدة قبلات رقيقة ثم همست بخجل: مهوب كلام بس
ناصر بانشراح ودود: آه يا قلبي.. وش أفطرتي اليوم الصبح؟؟ كل يوم لازم تاكلينه
مشاعل برقة: مابعد أفطرت.. ليه أنا تعودت افطر قبلك؟!! ثم أكملت بمرح لطيف: وبعدين هذا شغل تمسيح حق سفرة أسبانيا
ناصر يلقي بالغطاء ليجلس وهو يهمس بمرح: صدق إن كيدهن عظيم
ثم مد يده لتحت السرير ليتناول ساقه.. مشاعل أمسكت بيده وهي تحتضن ظهره ثم تهمس عند إذنه برقة: أنا وش قلت؟؟ هذي مهمتي أنا
ناصر احتضن ذراعيها المحيطتين بصدره بقوة وحنان.. ثم أفلتها وهو يبتسم: زين ياصاحبة المهمات الصعبة.. قومي خلصيني عشان أسبح وأروح لصلاة الجمعة
**************************
مرت أيام ستة على الأحداث الماضية ومازال الوضع على ماهو عليه كل الجبهات عدا جبهة ناصر ومشاعل اللذين سافرا قبل ثلاثة أيام إلى أسبانيا بعد انجاز الفيزا على أن يعودا قبل موعد زواج مريم وكان وضعهما أكثر من رائع مودة وتفاهما وحبا بالتأكيد مازالت مشاعل خجولة ولكنه الخجل الأنثوي الرقيق الذي بات يفتن ناصر ويراه يميز شخصيتها العذبة وناصر بات يعرف كيف يتعامل معها تماما وكيف يحتوي خجلها بحنانه ومرحه وهي من ناحيتها باتت شديدة التعلق به وتحكم سيطرتها على حياته وقلبه في ذات الوقت الذي برع فيه هو في العزف على أوتار قلبها
راكان وموضي وضعهما على ماهو عليه "أصـــــــــحـــــــــاب"
صحبة عميقة وود متأصل واحترام متبادل ولكن الوضع بات صعبا على راكان خصوصا مازال يحكم سيطرته على نفسه ولكنه لم يتوقع أن قرب موضي جواره سيحيي مشاعر من أي نوع فيه وهي تقتحم بدون قصد منها كل حصونه لتدكها دكاً
سفره لسنغافورة سيكون الليلة وهو يراه جاء في موعده تماما حتى يبتعد قليلا عن الجو المشحون ولكنه في ذات الوقت لا يريد الابتعاد عن هذا الجو ولا عنها بقربها أصبح لحياته معنى آخر ونكهة أخرى أكثر سعادة وحلاوة واختلافا
موضي قررت أن تعود لعملها فور سفر راكان حتى تلتهي عن غياب راكان عنها لا تستطيع أن تنكر أنها ستفتقده وستفتقده بشدة تشعر مع اقتراب موعد سفره بما يشبه الضياع.. شيء يشبه الحرقة والوجع غير المفهومين لا تعلم ماذا فعل بها راكان.. لكن الأحاسيس التي تعيشها جديدة عليها ولذيذة.. لذيذة جدا "أ هكذا تكون المشاعر بين الأصحاب؟!!!!!!!!"
جبهة العقاب والعقاب المضاد مشعل ولطيفة.. فارس والعنود.. يوسف وباكينام مازال الحال على ماهو عليه
لطيفة تحسنت بعد يومين وعادت لممارسة حياتها بصورة طبيعية مع الجميع هي لطيفة التي يعرفها الجميع عدا مشعل.. هي أنثى أخرى مثقلة بالبرود تمارس مهامها بطريقة آلية.. فهي عادت لترتيب أغراضه وملابسه والاهتمام بكل ما يخصه.. ولكن بطريقة آلية تماما يفتقد لمستها الحانية الدافئة إلى حد الوجع المتوحش لا تناقشه ولا تشاكسه ولا تعانده.. بل لا شيء.. لا شيء إطلاقا إن أمسك بيدها لن تمنعه.. ولكنه ما أن يمسكها على أمل أن يقرأ على رعشة أناملها عودة حبيبته حتى يعود لإفلاتها لأن هذه الأنامل الساكنة المسكونة بالجليد ليست أنامل حبيبته!!
فارس والعنود مازال كل منهما في مكانه ولكن قضيتهما باتت أكثر تعقيدا العنود أخبرت والدها أن هناك خلافا بينها وبين فارس ولا تريد العودة له حاول محمد ومعه أبناؤه مشعل وراكان وحتى ناصر قبل سفره إقناعها بالعودة لبيتها ولكنهم فشلوا مع إصرارها على رأيها ثم انهيارها في البكاء الذي نحر قلب والدها الشيخ وهو يراها تنتحب في حضنه لذا طلب من أشقائها وقبلها من فارس أن يصبروا عليها قليلا لأنه لا يستطيع إجبارها على العيش مع فارس إن كانت رافضة للعودة بهذه الصورة الحادة
فارس يعاني بصمت من غيابها..ويعتصم بكبريائه العتيد وإن كان يكاد يجن اشتياقا لها ومايصبره أنها مطلقا لم تأخذ أي شيء من أغراضها مازالت كل أغراضها عنده وهو يتصبر على أمل أنها تركتها لأنها ستعود لها ولكن مالم يعلمه أن العنود لم تأخذها لأنها لا تحتاجها فعليا فلديها من الملابس الكثير في غرفتها في بيت أهلها وهي تشعر بالخجل أن تتوجه لأخذ ملابسها من بيت فارس
يوسف وباكينام يوسف استأجر له غرفة في سكن طلابي قريب من الجامعة ولم يعاود الاتصال بباكينام مطلقا ولكنه يعرف أخبارها من ماريا وسانتياغو لذا كان إصراره عليها أن تبقى في البيت.. حتى يستطيع الاطمئنان عليها وعلى كل أخبارها وباكينام خفت كدمة خدها وعادت للجامعة ولكنها تشعر بألم وحشة متزايد لأن جدتيها سافرتا اليوم عائدتين كلٌ لبلدها التي لا تحبها ولكنها لا تستغني عنها صفية لمصر.. وفيكتوريا لبريطانيا كان بود الجدتين البقاء مع باكينام ولكنهما تعلمان أن حفيدتهما قوية وتعرف كيف تتصرف في حياتها الجدتان لم تخبرا أحدا بما حدث بين باكينام ويوسف ولا تنويان إخبار أحد فبما أن باكينام لا تريد أن يتدخل أحدا بينها وبين زوجها فهما لابد أن تستجيبا لطلبها وتحترمانه
ساكنا واشنطن الآخران: مشعل وهيا وضعهما مستقر ودافئ وربيعي ومنعش مستغرقان في الدراسة.. والتفاهم بينهما أكثر من مدهش
الصغار.. سلطان الصغير سعيد وغير سعيد.. سعيد لأنه حصل على الكثير من البشارات على تبشيره برجعة مشعل وغير سعيد لأن مشاعل سافرت وستغيب لفترة يراها طويلة وهو حاقد على ناصر الذي سافر بها
فيصل وفهد أبناء سعد.. يشعرون بالتوجس والترقب كيف سيكون هذا الوجود الأنثوي في حياتهم؟؟ وهذه الأم الجديدة؟؟ أمهما توفيت وهما صغيران.. فهد بالذات لا يذكرها جيدا ولم يعرفا لهما أما سوى عمتهما وضحى وجدتهما أم والدتهما قبل أن تتوفى أو ربما بمعنى أصح لم يعرفا لهما أما وأبا سوى والدهما الذي حاول أن يقوم بالمهمتين معا
***************************
واشنطن الساعة العاشرة والنصف مساء بيت يوسف
باكينام تدور في البيت.. تشعر بوحشة عميقة اشتياق عميق لجدتيها واشتياق موجع.... لـــــه تتمنى لو تعود للسكن.. ولكنها عاجزة عن التنفيذ ولا تعلم السبب هل لأنها هنا قريبة من رائحة ذلك المتوحش الكريه؟!! رغم كل شيء.. وبكل الجنون غير المفهوم: قربها من عبق رائحته يهدئ ألم قلبها ويبعث إحساسا عميقا بالأمان في روحها
قررت أخيرا أن تجلس في في الصالة السفلية وتقرأ لها كتابا كانت حينا تقرأ وحينا تسرح في عالم أفكارها ثم سمعت صوت باب البيت يتحرك شعرت بالرعب وهي تقفز لتتناول السيخ الذي يقلب به الحطب من المدفأة المطفأة وتقترب بتحفز من الباب كانت تقرأ آيات من القرآن الكريم في قلبها وهي تحاول أن تستمد بعض القوة رغم الخوف الشديد الذي تشعر به
فُتح الباب بهدوء وهي شهقت من الرعب وهي ترفع السيخ لتهوي به على رأس اللص المقتحم لتتفاجأ أن اللص ليس سوى يوسف
باكينام تنهدت براحة وهي تنزل السيخ ولكنها عادت للتقطيب وهي تهمس بغضب مكتوم: انته جاي ليه؟؟ وفي الوئت ده؟؟
يوسف ينظر لها باستغراب: إيه الاسئبال الغريب ده؟؟
باكينام من بين أسنانها: فزعتني.. كنت فكراك حرامي
يوسف يجيل بصره فيها وفي قميص نومها القصير: وأنتي كنت ناوية تضربي الحرامي وأنتي لابسة كده ده أنتي كده خطر أكتر من الحرامي
باكينام تراجعت بخجل وهي تنتبه للبسها: ليه كنت عاوزني أئول للحرامي استنى لحد ما أغير ملابسي وأرجع لك
يوسف بهدوء حازم وهو يقول بجدية: ما يهمنيش.. لو كان فيه حرامي بجد خليه يسرء اللي هو عاوزه بس أنتي ما تطلعيش ئدام أي حد كده
ثم همس بعمق وهو يقترب من أذنها: أنا ما أسمحش لحد يشوف حاجة بتاعتي أنا وبس
باكينام تراجعت بوجل وهي تهمس بحياد: أنته جاي ليه؟؟
يوسف تجاوزها وهو يخلع جاكيته ويلقي به على المقعد: مش هادايئك محتاج شوية كتب من مكتبي وهامشي
باكينام بنبرة محايدة: الليلة؟؟
يوسف يبتسم: زي ما تحبي.. لو عاوزاني أمشي الليلة هامشي
يوسف فعليا لا يريد شيئا.. لكنه علم من ماريا أن العجوزين سافرتا لذا قدم يريد الاطمئنان على باكينام فقط
تنهدت باكينام بحزم: آه عاوزاك تمشي الليلة
يوسف قطب حاجبيه ثم همس بحزم مشابه: عشر دئايئ..بس أخد كتبي وأمشي حالا وبما إن ستاتك مشيو..لما تخرجي مكان ابئي اديني خبر رايحة فين وراجعة امتى.. ولو هتخرجي بالليل أنا اللي أوديكي وأرجعك
******************************
ذات الوقت في الدوحة ولكن توقيت مختلف الساعة السابعة والنصف صباحا بيت مشعل بن محمد
لطيفة تعود لغرفتها بعد ذهاب أولادها لمدارسهم وإنهائها لجولتها الصباحية في أرجاء البيت
كان مشعل يستحم حين دخلت للغرفة أخرجت ملابسه وعطرتها كما اعتادت ووضعتها في غرفة التبديل.. فعلت ذلك كعادة.. كواجب.. كالتزام اعتادت عليه.. وليس كروح!!
حين خرج مشعل وارتدى ملابسه وجدها ترتب السرير اقترب منها ليحتضن ظهرها بقوة حانية وهو يطبع قبلة دافئة على جانب عنقها لم تتحرك مطلقا ولم تتجاوب.... كما لم تمنعه تنهد مشعل في داخله بألم محرق يخترم روحه كالجمر.. ولكنه حاول الابتسام وهو يهمس في أذنها: لطيفة حبيبتي.. ترا مشروع العمرة ما انلغى بس مؤجل شوي لين تطهرين ونروح وش رايش؟؟
لطيفة بهدوء تام: على راحتك
مضى لها فترة وهي لا تهمس باسمه مطلقا..مــطـــلــــقـــا!! اسمه غائب تماما في حوارتهما.. وهو بدأ يلاحظ هذا ولكنه يعلم أن مافعله بحقها ليس بسيطا ولا سهلا لذا (مــــــازال) يبحث عن العذر لها وهو مستمر في محاولاته الدؤوبة لإذابة جليدها
*************************
الدوحة بعد صلاة المغرب
بيت راكان
موضي تغلق حقيبة راكان بعد أن أنهت ترتيب ملابسه وأغراضه بعناية بالغة بينما كان راكان يقف عند التسريحة ويضع جواز سفره وتذكرته في حقيبة رسمية صغيرة موضي تتحاشى النظر لراكان وتشعر أنها على وشك البكاء وهي تتمترس خلف قوة زائفة وتحاول ألا تنظر لناحية راكان حتى لا تتبخر هذه القوة
همست بصوت حاولت جعله طبيعيا: راكان خلصت شنطتك
راكان التفت لها ولاحظ أنها تتلهى بإعادة ترتيب بعض الأشياء في الدولاب همس بهدوء: موضي تعالي
موضي اقتربت بتردد ودون أن ترفع بصرها إليه همس لها بلطف: تدرين إنش اليوم من صبح ماحطيتي عينش في عيني تعاقبيني أنتي؟؟
همست بجزع: لا والله.. بس ثم صمتت
حينها مد راكان يده لذقنها ورفع وجهها بحنان لتلتقي عيناها الدامعتان الوجلتان بعينيه الحنونتين العميقتين وحـيـنـهـا.......... سالت دموعها بصمت مد راكان كفيه الاثنين ومسح دموعها بحنان مصفى ثم همس برجاء فخم: موضي لا تبكين واللي يرحم والديش
موضي بمصارحة شفافة وصوتها يختنق: باشتاق لك
راكان بذات الشفافية الموجعة: وأنا باشتاق لش بأكثر
غريبة هذه الشفافية!!.. ومصارحتهما العذبة بمشاعرهما دون ارتباك أو حواجز!!! ولكن أ ليس الأغرب هو عجزهما عن تصنيف هذه المشاعر وإدخالها في خانتها الفعلية التي تنتمي لها؟!!
همست له بحنان ودموعها مازالت تسيل برقة على خديها: خلي بالك من نفسك.. ونبي ذهبية
همس لها بذات حنانه المصفى: إن شاء الله.. بس ما أبي أروح وأنا آخر شيء أشوفه دموعش.. تكفين
موضي مسحت دموعها وابتسمت: خبرك حن النسوان نحب نسوي أفلام هندية أو ما نرتاح
راكان بفخامة: مافيه في النسوان مثلش.. فلا تحطين نفسش معهم في الخطاب ولا تقارنين نفسش بحد
انتفضت موضي بخفة وهي تنظر بشجن عميق لراكان (هل تقصدها ياراكان؟!! هل تقصدها؟!! أ حقا لا ترى من تساويني؟!!)
قطع لحظاتهما الخاصة رنين هاتف راكان.. كان مشعل يستعجله وينتظره في الخارج ليوصله للمطار
همس راكان بهدوء: هذا مشعل ينتظرني برا.. ما تبين شيء
موضي تتذكر شيئا: بعد أذنك أبي أستأذنك.. فيه ناس محتاجين مساعدة.. وحدة من صديقاتي قالت لي عنهم.. تقول حالتهم تعبانة تعبانة.. أبي أروح لهم أعطيهم المقسوم.. ماني بنازلة.. بس بأروح مع السواق والخدامة.. عشان أتأكد إن السواق بيعطيهم اللي أنا عطيته كله أروح؟؟؟
راكان ابتسم بحنان: جعل خيرش واجد والله يكتبه في ميزان حسناتش.. روحي
قالها وهو يمد يده لمحفظته ويستخرج كل مافيها ويمدها لها ويردف: وعطيهم هذي بعد
موضي بهمس متأثر: ماخليت معك شيء
راكان بهدوء عميق: الخير واجد يابنت الحلال.. ولئن شكرتم لأزيدنكم.. الحمد لله وألف شكر
موضي بتأثر: جعل خيرك واجد.. والله يردك سالم غانم
راكان علق حقيبته الرسمية في حقيبة ملابسه وكلاهما من طقم واحد بالغ الفخامة بلونه الأسود اللون الذي قد يمثل راكان بفخامته وغموضه سحبهما بيد واحدة وهو يتجه للخارج وموضي معه وتشعر بضيق عميق كما لو كانت روحها تغادرها تكاد تشعر بألم حقيقي يمزق شرايينها وكأن الدم توقف عن عبور شرايينها احتجاجا على سفر راكان
حين وصل راكان للباب التفت لها وهمس بحنان حازم: خلي بالش من نفسش ولا تقعدين في البيت بروحش.. وأي شيء تبينه دقي علي في أي وقت
ابتسمت له: لا تحاتيني راكان.. الحين بأسكر البيت وبأروح لبيت هلي وما أبي شيء إلا سلامتك بس
كان راكان على وشك الخروج لكنه عاد بنظرة عميقة مختلفة.. وموضي نظرت له مستفهمة
همس راكان بعمق خرافي: لو بغيت منش شيء.. ممكن ما تسألين ولا تزعلين ولا تحملينه بأي تفسيرات؟؟
موضي باستغراب: وش ذا الطلب الغريب؟؟ بس على العموم عيوني لك
حينها اقترب راكان منها.. اقترب كثيرا وضع كفه على مؤخرة رأسها بحنو ليقربها منه أكثر موضي شعرت أن قلبها سيتوقف.. بل ربما توقف وهي تتلقى قبلته التي لم تتوقعها مطلقا قبلة تشبهه في عمقها وحنانها واختلافها شعور صادم وثوري وعميق ورائع ومختلف وموجع تبادله الاثنان لم يستطع أن يسافر دون أن يحمل معه ذكرى تصبره على بعد هذه المرأة التي أصبحت تزحف عبر كل مسامات جسده إلى حد الامتلاء لم يعد يسأل كيف؟؟ ولماذا؟؟ فهذه المشاعر الثورية أعمق من كل شيء مُتخيل أو كوني أو معقول شيء يتجاوز الأساطير والخيالات مهما كان كانت عصية على التصديق
ثم كما فاجئها بقبلته... فاجئها بافلاتها برقة وهو يلوح لها بيده ويخرج ويغلق الباب خلفه لتنهار موضي على أقرب مقعد عاجزة عن التنفس عاجزة عن التخيل عاجزة عن الاحتمال أي فيض مشاعر هذا !! أي فــيــض!!
*************************
بيت عبدالله بن مشعل بعد ذلك بساعة
"هيه.. هيه أنتي ماتسمعين"
"نعم.. هلا لطيفة"
لطيفة تبتسم: انبح صوتي أدعيش..ياموضي.. ياموضي ثم أردفت بخبث: اللي ماخذ عقلش.. تو الطيارة ماطارت
موضي بحنين حقيقي لم تحاول أبدا إخفاءه: الله يرده سالم.. كن الدوحة خالية بسلامة أهلها كلهم
لطيفة بنبرة تمثيلية: تارارارااااااااااا.. وانزلوا الستار.. وعاشو في سبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات
موضي تقذفها بإحدى مخدات المقعد الصغيرة: تدرين إنش سخيفة
لطيفة تضحك: مافيه سخيف غيرش.. وعلى طاري الصبيان والبنات خلصينا انتي واختش.. دمكم ثقيل بأموت أبي بيبي ألاعبه
موضي تبتسم: صدق مشفوحة.. انتظري ست الشهور الراحة اللي عقب التسقيط وعقبه جيبي لش واحد حقش..
لطيفة ترقص حاجبيها وهي تعيش شخصيتها الطبيعية بعيدا عن مشعل: لا يأختي أبي واحد جاهز ألاعبه متى ما كنت رايقة مهوب في حلقي 24 ساعة
موضي بخجل تحاول اخفائه بالمرح: مشاعل وناصر أول
لطيفة تبتسم: بس أنتي وراكان أكبر
موضي تحاول تغيير الموضوع: زين أنتي وش كنتي تبين؟؟
لطيفة تتنهد: أبيش تروحين معي بكرة السوق.. فيه أغراض كثيرة أبي اشتريها لمريم وأبي مساعدة
موضي بأريحية: حاضرين.. مريم لو تبي عيوني ما تغلى عليها يالله ياكريم سعد يعرف قيمتها ويسعدها
لطيفة بعمق: أنا والله خايفة عليها.. شايفتها متوترة أكثر من طبيعتها.. بالعادة مريم تتحكم بنفسها عدل
موضي بهمس: ما تنلام.. الموقف صعب على أي وحدة.. أشلون وحدة بوضعها
******************************
ذات الوقت بيت محمد بن مشعل غرفة مريم
العنود تقف أمام المرآة وتجرب أحمر شفاه جديد ثم تهمس لمريم: ترا خلاص حجزت لش وحدة مكياج ووحدة شعر بس شنو شغلهم... خيااااااااال
مريم بهدوء رقيق: ماكان فيه داعي العنود
العنود باستنكار: وليه مافيه داعي.. أنتي عروس وبعدين أنتي حلوة وتهبلين ولازم سعد يشوفش متعدلة ويعرف إنه انتي عروس صدق حقه وإلا لأ؟؟
مريم تبتسم: حقه... وصايرة تعرفين تكلمين في الحقوق
العنود تبتسم: أفا عليش.. تربيتش
العنود مازالت تنظر للمرآة.. انتقلت لشعرها تمشطه وتنظر لطوله ثم همست لمريم: تدرين مرايم شعري يبي له شوي قص أبي أقص لي قصة جديدة قبل عرسش
مريم بأمر هادئ: استأذني فارس قبل
العنود باستنكار جزع: نعم؟؟
مريم بذات الهدوء: سمعتيني عدل
العنود بذات الاستنكار الجازع: وليش استأذن حضرة جنابه إن شاء الله
مريم تبتسم: توش تكلمين في الحقوق.. وهذا حقه أنتي مرته وعلى ذمته
العنود بغيظ: خلاص ما أبي أقصه إذا فيها مكالمة فارس
مريم بذات الابتسامة: والله أنتي غريبة
العنود تبتسم: أنا.. ليش؟؟
مريم بهدوء باسم تهدف لما هو أبعد منه.. أبعد بكثير: الحين أنتي ما تبين ترجعين له.. وفي نفس الوقت لا جبتي سيرة انفصال ولا طلاق ولا شيء وش يعني؟؟ تبين تقعدين معلقة كذا؟!!
العنود بتوتر خجول: ما أبي أرجع.. بس بعد ما أبي أتطلق.. ما أتخيل نفسي وأنا ماني بمرت فارس بس رجعة لا لا.. مابي.. أنا هنا مرتاحة من عصبيته
مريم تريد أن تضحك فعلا على غرابة شقيقتها التي تمثل نموذجا لغرابة المحبين ولكنها اعتصمت بالهدوء وهي تهمس بخبث مُغطى: زين ولو بغى يتزوج.. يخليش على ذمته بعد؟؟
العنود بحزع مفجوع حقيقي: ويش؟؟ يتزوج؟؟
هنا كادت مريم أن تنفجر ضحكا من نبرة أختها المفجوعة ولكنها أكملت بذات الهدوء الخبيث وهي تشدد النبر على كل كلمة: إيه يتزوج.. أنتي ما تبين ترجعين.. وفارس شاب توه صغير ومزيون.. مزيون زيادة عن اللزوم.. ولازم يحصن نفسه
حينها توجهت العنود للباب وهي تقول لمريم بنبرة غضب انفعالي: تدرين إنش سخيفة يامريم.. وإن شاء الله سعد ليلة عرسكم يعطيش طراق مثل اللي فارس عطاني عشان تعرفين تحريني وتحرقين قلبي كذا
ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها بصوت مسموع حينها انفجرت مريم بالضحك الذي كتمته حتى كادت تنفجر حين كانت العنود معها
*****************************
اليوم التالي مع آذن الفجر الدوحة... مكانان مختلفان غرفة فارس.. غرفة موضي في بيت أهلها
فارس نهض من نومه قبل الآذان بدقائق فتناول هاتفه ليغلق الجرس قبل أن يرن فتفاجأ بل صُدم وهو يرى اتصالا لم يرد عليه من العنود شعر بقلق عميق وأمل أعمق ماذا تريد منه؟؟ ولماذا اتصلت في هذا الوقت المتأخر؟؟ الاتصال كان في الساعة الواحدة وهو كان قد نام وقت الاتصال ولم يصحُ عليه
وطبعا ما يستحيل أن يعلمه أن العنود من بعد محادثتها مع مريم البارحة وهي تغلي وتغلي وتكاد تشعر ببخار حرائقها يخرج مع مسامات جسدها الذي اشتعل غضبا وغيرة فهي تثق كثيرا بكلام مريم.. ومريم لن تقول أنه سيتزوج مالم تكن قد سمعت شيئا بهذا الخصوص (ما لي إلا أسبوع وشوي من طلعت من بيته بدل ما يراضيني يبي يتزوج الأخ يمكن الشيخ فارس من أنصار نظرية أدّب النساء بالنساء)
لذا تهورت واتصلت به حينما بلغ غليانها منتهاها كانت تريد أن تسمع صوته فقط.. فهي تعرف أنه لا يقاوم صوتها تريد أن تثبت لنفسها سيطرتها عليه وعجزه عن مقاومتها وتثبت هي لنفسها شيئا.. شـيــئـا مــا!!!
ولكن ما أن رن هاتفه رنة واحدة حتى قطعت الاتصال وهي تشعر بالندم على تهورها بدا لها تصرفها سخيفا وخاليا من العقلانية وربما أن هذا ما أرادته مريم.. أن تثبت لها أنها تغار عليه إلى حد التصرفات المجنونة.. كما كان هو يغار عليها إلى حد التصرفات القاسية
لذا حمدت الله أنه لم يرد وحمدت الله أنه لم يعاود الاتصال وأرجعت ذلك إلى كبريائه العتيد الذي لم يسمح له بالتنازل للاتصال بها.. لتعود للشعور بالحزن لأنه تجاهلها وهي تدور في دائرة مغلقة متناقضة من المشاعر
وهاهي ماتزال نائمة.. لأنها في بيت أهلها تحب أن تصحيها مريم للصلاة لذا لا تنبه هاتفها رن هاتفها تناولته بنعاس وهي تهمس: وش ذا الإزعاج؟؟
لتتساقط شرايين قلب فارس شريانا شريانا وصوتها الخرافي يهزه كأعصار استوائي هادر ويقلب كيانه حتى بعد ما أصبحت العنود زوجته واستماعه واستمتاعه اليومي والدائم لصوتها وبصوتها ولكن صوتها بقي له ذات السحر الأسطوري الذي يشعر الآن كما لو أنه تضاعف أضعافا موجعة وخصوصا مع بحة النعاس التي تأسره وتذيبه وتبعثره
ولكنه يبقى ملك التحكم في الأعصاب.. همس بهدوء: صباح الخير
العنود قفزت وهي تكح من الحرج ثم شرقت وهي تسمع الصوت الرجولي الخشن والعميق
فارس ابتسم ابتسامة شاسعة ولكن الابتسامة لم تتسلل لصوته الثابت: سلامات
العنود بحرج: الله يسلمك
فارس بهدوء: أنتو كلكم بخير؟؟
العنود تكاد تبكي من الحرج وهي تسب نفسها على تهورها البارحة: كلنا طيبين
فارس بتساؤل خبيث: زين ليش اتصلتي البارحة؟؟اشتقتي لي؟!!
العنود توشك على البكاء فعلا ووجهها يحمر حرجا وهي تفكر بشيء ما تقوله.. ثم وجدت شيئا غبيا لتقوله: كنت أبي أسالك عن ساعتي اللي وديتها لوكالتها
فارس يرفع حاجبا وينزل آخر: متصلة فيني الساعة وحدة في الليل عشان تسأليني عن ساعتش؟؟
صمتت وهي تكاد تختنق حرجا وخجلا ووجهها يشتعل احمرار وحرارة
فارس تنهد ثم أردف بعمق حازم: العنود خلش من لعب البزارين وارجعي لبيتش
العنود بهمس مختنق: وليش أرجع؟؟
فارس بذات الحزم: لأن المرة مكانها بيتها
العنود بخيبة أمل: وبس؟؟
فارس بثقة: وبس
العنود بألم: زين يافارس وأنا ما أبي أرجع لبيتي عشانه هو مكان المرة ولاحظ فارس إنه هذا ثاني حوار يصير بيننا عقب ماطلعت بيتك وأنك ما فكرت تراضيني أو حتى تعتذر عن اللي سويته فيني وأنا مستحيل أرجع وأنت ما عرفت ولا اعترفت بغلطتك في حقي
فارس بحزم: وأنا قلتها لمريم وقلتها لش.. أراضيش إذا رجعتي لبيتش المكان اللي زعلتش فيه هو المكان اللي بأراضيش فيه
العنود بحزم مشابه: وأنا آسفة.. ماني براجعة يا فارس
***************************
ذات الوقت بيت عبدالله بن مشعل غرفة موضي
كانت موضي تخرج من الحمام وهي تجفف وجهها ويديها بالمنشفة من أثر الوضوء رن هاتفها.. ركضت له بلهفة لأنها علمت أنه لن يتصل بها أحد في هذا الوقت إلا هو التقطته لترد بلهفة حقيقية: هلا والله
جاءه صوته العميق مثقلا ببعض إرهاق: هلا بش
موضي بحنان ممزوج بالحنين الغامر: الحمد لله على السلامة.. وبشرني عنك عسى ما تعبت؟؟
راكان بهدوء: الله يسلمش.. والتعب شوي.. الرحلة كانت متعبة شوي
موضي بحنان: خلاص ارتاح لا تنسى البطولة تبدأ بكرة..وانت وعدتني بذهبية
راكان بمودة صافية: زين بسولف معش لين أنام.. تعودت أخر شيء أسمعه قبل أنام صوتش
موضي بتأثر عميق: زين بأصلي الصبح وأنا بأدق عليك
***************************
بعد خمسة أيام يوم السبت الدوحة
الساعة التاسعة والنصف صباحا
موضي متخشبة أمام شاشة التلفاز تتنظر انطلاق المباريات اليوم بقلق حاد فراكان تجاوز التصفيات وسيشارك اليوم في نهايات الفردي كان تلفزيون قطر ممثلا بقناة الكأس لم ينقل التصفيات الأولى ولكن مع وصول أحد لاعبين الفريق القطري للنهائيات قرروا نقل النهائيات طوال الأيام الخمسة الماضية كان راكان يبدأ يومه بصوت موضي وينهيه به في مكالمات شديدة الطول مشبعة بالمشاعر الدافئة وبرونق الحديث ومتعته ورغم الفارق الكبير بين توقيت الدوحة وسنغافورة ولكن هذا لم يكن عائقا بينهما وموضي تقلب جدولها اليومي على توقيت سنغافورة وحمدت الله أن المنافسات اليوم في يوم إجازتها من العمل
كانت المنافسات ستبدأ بعد نصف ساعة لذا هاهي تجلس متخشبة وبيدها كأس من (الكرك) فوجئت بدخول لطيفة يتبعها أولادها الأربعة موضي بانزعاج لطيف: وش جايبكم يالمزعجين؟؟ اليوم نهائي راكان اسحبي شواذيش واطلعي برا
الأطفال الأربعة ركضوا للأعلى ولطيفة ألقت بحقيبتها على المقعد: نعنبو دار عدوينش حتى السلام ماخليتني أسلم وبعدين وش نهائي راكان.. أبي أروح أنا وأنتي للسوق.. قومي
موضي برفض استنكاري: وش سوقه أنتي بعد؟؟ أقول لش نهائي راكان تقولين لي سوق؟؟ وبعدين كل يوم كنت أروح معش.. اليوم سوري.. نهائي راكان
لطيفة تضحك: سجليه وشوفيه عقب
موضي تضحك ضحكة تمثيلية: الله يخلف على مشعل اللي أنتي مرته وأمي اللي أنتي أكبر بناتها قومي طسي روحي للسوق بروحش.. حافظة أسواق قطر مجمع مجمع وشارع شارع وداعوس داعوس يمكن لو احتاجوا خبير في الأسواق يأخذونش
لطيفة تضحك: الله وأكبر عليش يأم عيون وش أسوي يوم إنكم كلكم مافيكم فايدة.. لا سوق عرايس نافعين ولا سوق عيد نافعين.. ولا حتى سوق رمضان نافعين
موضي ترقص حاجبيها: وليش نتعب نفسنا وعندنا وحدة مشفوحة على السوق وممنونة تسّوق وتشرى لنا وللجيران بعد
لطيفة تبتسم: الشرهة علي مهيب عليش.. وإلا حد يتكلم مع وحدة عقلها في سنغافورة أنتي وأنتي عقلش في رأسش مامنش فود.. وأشلون لا صار في ديرة ثانية ثم ألتفتت لطيفة حولها: زين وين أمي وجدتي؟؟
موضي بابتسامة: مسيرين على بيت عمي محمد يتقهوون عندهم
لطيفة تضحك: مسيرين؟؟ وإلا أمي هيا درت بزعل العنود على فارس ورايحة تغسل شراعها.. كل شيء عندها ولا فارس
موضي تضحك: هذا أنتي عارفة سبب الزيارة.. والله يعين العنود عليها ثم أردفت باهتمام: إلا الشباب وش مزعلهم من بعض؟؟
لطيفة هزت كتفيها: ماحد منهم راضي يقول.. يقولون خلاف وبس ثم أكملت بجدية: وبعدين أنتي وفارس اللي صحوبية.. إسأليه
موضي باستنكار: لا لا لا.. أنتي صاحية؟؟؟.. كنش ما تعرفين فارس.. ما يحب حد يتدخل في خصوصياته
وهما في حوارهما نزل سلطان بوجه منقلب وبه آثار النوم قبل رأس كل من شقيقتيه ثم جلس وهو يسكب لنفسه كأسا من الحليب
لطيفة همست لموضي: وش فيه الأخ ماد البوز شبرين؟؟
موضي ابتسمت وهمست لها بخفوت: عطيه دقيقة وبتدرين كل يوم على ذا الموال
وبعد أقل من دقيقة كان سلطان يهمس من بين أسنانه: لطيفة.. حماش الشيخ ناصر بيطول وهو ذالف بأختي
لطيفة تبادلت النظرات مع موضي وهي تكاد تنفجر من الضحك ثم همست بمرح: "أختك"؟؟؟ ليه أنا وموضي وريم ويش؟؟ قطاوة الفريج؟؟
سلطان بمزاج مقلوب: لطيفة تكفين لا تستهبلين علي أنتي عارفة أنكم كلكم خواتي وعلى الرأس والعين بس هذا أنتو ثلاثتكم قدامي وملوعين كبدي.. أسال عن مشاعل لأنها هي اللي مسافرة
لطيفة تعيد جملته: "تسأل عن مشاعل لأنها هي اللي مسافرة"؟؟ ثم أردفت بنبرة عادية مصنوعة: أمس ناصر اللي هو رجّال مشاعل اتصل في مشعل ويقول هناك خوش جو ويبون يسوون جولة على كل أسبانيا..فيقول يمكن يأخذون شهر كامل
كان سلطان يرتشف من كأسه وهي تتكلم.. فشرق وكح وموضي قفزت مرعوبة وهي تتناول الكأس يده وتمسح وجهها و تهمس بغضب للطيفة التي استغرقت في الضحك: حرام عليش بغيتي تذبحين الصبي
لطيفة تضحك: خليه.. لمتى وهو واقف للمرة ورجّالها ماعاد هو ببزر خليه يصطلب شوي
سلطان وقف وهو يهمس بغيظ: بأروح أبدل ثيابي ما يسوى علينا ذا السؤال.. طلع علينا بأكثر من بيع السوق
لطيفة مازالت تضحك وهي ترى سلطان يغادر.. وموضي التفتت لها: حرام عليش فجعتيه
لطيفة تحاول أن تتماسك لتهمس بهدوء: يأختي خليه يفك من مشاعل شوي ماصدقنا يزين وضعها هي وناصر ثم أردفت باستعجال: هاه بتروحين معي؟؟
موضي بهدوء ثابت: لا فديت عينش.. أصلا كلها خمس دقايق وتبدأ مناف | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رد: رواية اسى الهجران الجمعة يناير 27, 2012 1:12 pm | |
| موضي بهدوء ثابت: لا فديت عينش.. أصلا كلها خمس دقايق وتبدأ منافسات النهائي فأنتي توكلي على الله
لطيفة وقفت لترتدي نقابها وتعدل عباءتها: خلاص بأروح بروحي ولو أنه مشعل ما يحب أطول في السوق وأنا ما معي إلا الخدامة
وهي تقف عند الباب همست لموضي بعفوية: إيه نسيت أقول لش حمد ولد عمتي وصل من السفر البارحة في الليل قولي لأمي عشان تهني خالي وعمتي بسلامته
وقتها كانت موضي تصب لنفسها كأسا آخر من الكرك وعائدة لمقعدها ولطيفة قالت جملتها وخرجت ليسقط الكأس من يد موضي على الرخام وينكسر بصوت مدوٍ ويتناثر السائل الساخن على قدميها
#أنفاس_قطر# . . . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحات البهجة على قلوبكم الطاهرة
عاجزة عن احتمال وطأة روعة مشاعركم التي غلفتموني بها
لا حرمني الله منكم
.
.
استلموا
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
أسى الهجران/ الجزء السادس والتسعون
بيت جابر بن حمد
غرفة حمد التي أعادت والدته وشقيقاته تجديدها وفرشها
الساعة 10 ونصف صباحا
نورة تدخل الغرفة بهدوء
تعلم أنه لم ينم إلا بعد صلاة الفجر
ولكنها مشتاقة له وماعاد بها صبر حتى ينهض من نومه
والساعات التي قضتها معه البارحة لم تروِ اشتياقها له
كانت ليلة البارحة ليلة فرح غامر لها ولزوجها ولبناتها
فحمد كان عائدا بشخصية جديدة مثقلة بالحنان والاشتياق والهدوء والثقة
شخصيته الجديدة والغريبة عليهم أثارت استغرابهم وفرحتهم
وهم يتمنون جميعا ألا تكون هذه الشخصية شخصية مؤقتة يعود من خلفها حمد القديم
.
.
.
تتذكر كيف دخل عليهم بالأمس بشكل مفاجئ
فهم لم يعرفوا بموعد وصوله المحدد
.
كانت الساعة العاشرة والنصف مساء
جابر جاء من عشاء عند نسيبه عبدالله بن مشعل وصعد للأعلى ليستبدل ملابسه
بينما نورة وبناتها كن جالسات في الصالة السفلية
يتعشين عشاءً خفيفا (فطائر وحليب كرك)
نورة تمنع بناتها من شرب الكرك مساء في أيام المدرسة حتى لا يسهرهن
ولكن بما أن غدا يوم إجازة فكان مسموح لهن بالسهرة
نورة تهتف لبناتها: يا بنات ترا مشاعل كلمتني وتسلم عليكم
معالي بحماس: ياحليلها ميشو مانست منا.. لو أنا منها والله ما أتذكر حد منكم
وش أبي فيكم.. أسبانيا ونويصر المزيون!!
نورة تضربها على موخرة رأسها: صدق شين وقوات عين.. أنتي ما تستحين يا بنت
معالي تتمسح في والدتها.. وتهمس باستجداء مرح: يمه فديتش اليوم عطلة وبكرة عطلة.. أنتي ما تأخذين عطلة؟!!
نورة تبعدها عنها.. وتهمس بغضب مصطنع: وخري مني.. وش ذا التلزاق يالقطوة؟!!
ولكن معالي تلتصق فيها أكثر وهي تموء: مياو.. ميااااااااو.. أحبش.. مياو..أحبش.. مياااااااو
"وش فيكم؟؟ مربين قطاوة داخل البيت؟!!"
صوت رجولي طال اشتياقهن له قاطع أجواءهن بجملته المرحة
النساء الأربع التفتن بحدة للباب
للجسد الطويل النحيل الواقف بقرب حقيبة ضخمة
كان شكله مختلفا في بنطلون الجينز (والتيشرت) السماوي.. وشعره الذي طال قليلا ليصل أسفل عنقه
ألجمتهن الصدمة للحظات.. الصدمة الكاسحة الرائعة الموجعة.. والجالبة للترقب!!
الأربع تراكضن للباب مع استيعابهن للاطلالة التي طال اشتياقهن لها
ولكن الفتيات الثلاث توقفن قبل أن يصلن له..وذات التفكير يدور في رؤوسهن
توقفن لسبيين
الأول شعورهن بالوجل من حمد نفسه..
والثاني أنهن أردن أن يفسحن المجال أولا لأمهن اللاتي يعلمن أن قلبها ذاب اشتياقا له
نورة وقفت على بعد خطوة منه تملأ عينيها منه
مهما كانت الأم ترى ابنها سيئا بالنظرة الموضوعية.. فحبها له بعيد عن قياسات المنطقية
فالأم لا تحب ابنها لأخلاقه ولكن تحبه لأنه ابنها.. قطعة منها..مزيج دمها وروحها
خلاصة سهر الليالي.. والحمل وهنا على وهن.. تعب التربية.. وعناء الشغف
هو ابنها وكفى!!
حب مصفى لا قياس له ولا حدود
الابن قد يقسو ويجفو.. ولكن الأم لا .. لا يمكن..
هكذا تكوينها!! وهكذا خُلقت!!
كان حمد من بادر وهو يشد والدته ويقبل رأسها ثم يحتضنها بكل قوته
اشتاق لها.. اشتاق لعبق رائحتها
اشتاق لدفء أحضانها.. اشتاق حتى لشدتها وحرصها
"اشتحنت لش فديت عينش.. اشتحنت لش"
نورة تهمس بألم وهي تملأ روحها من رائحة ابنها: اشتحنت لي وأنت مخليني ذا كله!!
حمد يبعدها قليلا ليحتضن وجهها ثم يقبل رأسها ويهمس بألم مشابه: والله العظيم غصبا عني
ثم التفت حمد للوجوه الغضة الثلاثة التي تقف خلف أمه.. ابتسم بحنان وهو يفتح ذراعيه على اتساعها : والقطاوة ما يبون يسلمون
تقدمن الثلاث بخطوات خجولة تتقدمهن معالي
ليشدهن حمد إليه ويحتضهن بحنو وهو يوزع قبلاته عليهن ويهمس بصدق موجع:
وحشتوني يا بنات.. والله العظيم وحشتوني فوق ما تتخيلون
حينها انخرطت الفتيات في البكاء وهن يشهقن: وحن بعد اشتقنا لك واجد
حمد بحنان: بسكم.. حد قايل لكم إني كنت مهاجر ورجعت.. كلها دورة كم شهر.. يعني مافرقت عن يوم كنت أدرس ماجستير
كانت نورة من أجابت: لا فرقت.. يوم رحت ماجستير.. تلفونك عندي وكل مابغيتك كلمتك..
لكن دورتك ذي يالله أسمع صوتك مرة كل كم أسبوع
حرام عليك يأمك.. ماعاد فيني حيل
حمد عاد لها ليحتضن كتفيها ويقبل رأسها ويهمس بود عميق: السموحة يالغالية جعلني أخذ شرش
نورة بهمس موجوع: إلا جعلني أخذ شرك أنت وخواتك
معالي تمسح دموعها وتبتسم: بنكتبها في التاريخ.. نورة بنت مشعل قالت لنا كلمة حلوة
ثم أردفت بمرح تزيل به بقايا تأثرها العميق: إلا حمد وش ذا النيولوك.. طالع واو
حمد يلتفت لها ويقرص خدها بحنان: وش نيولوكه أنتي بعد؟؟ هناك كنت أرتب لحيتي بنفسي بس الشعر ماقصيته
وبكرة بأروح أقصه..
معالي برقة مرحة: لا.. حرام حلو..
حمد يبتسم باستنكار: يازيني أقابل الرياجيل بجمتي ذي.. مالش لوا
خلكم من شكلي بكرة أضبطه.. أنتو أشلونكم كلكم؟؟
الجميع بحماس ودي: طيبين ناقصنا أنت وبس
نورة تشد ابنها ليجلس بينما همس هو باهتمام كبير: إبي وينه؟؟
نورة بمودة: فوق.. بينزل الحين
حمد يقف ويتجه للدرج: باطلع له
ومع اتجاهه للدرج كان جابر ينزل وهو يرفع أكمامه ويهمس بحزم: وشفيكم صوتكم واصلني
حينها رأى العائد الذي أطال الغياب
شعر أنه عاجز عن المضي وإكمال طريقه للأسفل
وقف في منتصف الدرج
وهو يمعن النظر في ابنه الذي أجبره على السفر قبل أكثر من خمسة أشهر
يعلم أنه يوم أبعده وقسى عليه كان يبعد روحه ويقسو على نفسه
يعلم أنه عندما أجبره على تطليق موضي جرحه وآذاه
ولكنه كان يريد حمايته من انتقام آل مشعل لابنتهم.. أراد أن يسبقهم ويبادر
وأراده أن يعلم أن هذا العقاب مهما كان قاسيا هو نهاية طريقه الذي سار فيه
وهكذا هو التزام الرجولة والقرابة المفروضين
أراده أن يغير حياته.. أن يكون كما أراد وتمنى
وهاهو يراه الآن..
يشعر أنه تغير.. كلاهما يشعر بتغيير الآخر
جابر يشعر بالترقب لأنه يرى ابنه بروح جديدة
وحمد يشعر بالألم لأنه شعر أن والده كبر.. كبر كثيرا
تزايدت كثافة شعره الأبيض.. تزايد وهنه
ما به؟!!
لا يعلم أن غيابه هز جابر كثيرا..
فهو يوغل في شيخوخته وبناته توغلن في الصبا ليزداد قلقه ووجله عليهن..
يخشى أن يتركهن بدون سند
أو مع شقيق قد يكون عدمه أفضل من وجوده..
فماذا فعلت بك الغربة ياحمد وفترة العلاج؟!!
جابر عجز عن إكمال دربه.. كما أن حمد لم يسمح له أن يكمل وهو يركض له صاعدا
ليتناول كفه وينكب عليها مقبلا
جابر ينتزع كفه ليرفع حمد ويحتضنه بحنو كبير
لقاء مختلف.. مختلف وموجع.. حنين وشوق مغلفان بالرجولة
نورة وبناتها تخنقهن العبرات وهن يرين التأثر البالغ البادي على رجلي حياتهن
جابر يهمس بحنان عميق: الحمدلله على سلامتك يأبيك الحمدلله على سلامتك
حمد يقبل كتف والده ويهمس باحترام وشوق: الله يسلمك.. بشرني منك؟؟
جابر بتأثر: الحين يوم شفتك.. أبشرك باحسن حال الحمدلله اللي قر عيني بشوفتك
حمد تناول كف والده لينزل به للأسفل
الفتيات همسن بحماس: بنروح نجيب لك عشاء.. وعقب بنودي شنطتك لغرفتك
حمد بحنان: اقعدوا.. كلت في الطيارة
والشنطة لكم أنتم طلعوها لغرفكم مهوب لغرفتي.. أنا مالي شيء فيها..أنا جاي بس باللبس اللي علي.. اشتقت للبس الثوب والغترة
نورة بحنان: ثيابك وغترك كلها في غرفتك مكوية ومبخرة
حمد يميل على كفها ليرفعها ويقبلها: الله لا يخليني منش
.
.
وهاهي نورة تفتح باب غرفته اليوم بهدوء
ومع دخولها الغرفة فوجئت أنه كان مستيقظا واستحم وهاهو يمشط شعره أمام المرآة
ابتسمت نورة: صباح الخير يأمك
ابتسم وهو يرتدي نظارته ويهمس باحترام حنون: صباحش أخير جعلني فداش
نورة بحنان: تعال فديتك.. خواتك ينتظرونك على الريوق كل وحدة منهم مسوية لك شيء
ثم أردفت بابتسامة: الله يستر عليك لا تسمم بس
حمد بحنان: جعلني ما أذوق حزنهم..
ثم أردف بمرح: حتى لو بأتسمم بأكله.. أكلة تاريخية ذي
بناتش كلهم داخلين المطبخ
كانت نورة على وشك المغادرة للأسفل انتظارا لحمد
وحمد كان واقفا أم المرآة يغلق أزرار جيب ثوبه .. همس بنبرة اجتهد حتى تكون غاية في الطبيعية: يمه أشلون جدتي وخوالي؟؟
نورة وقفت وردت بتلقائية: طيبين كلهم.. ولا تنسى لازم اليوم تروح تسلم على جدتك
حمد بذات النبرة الطبيعية غير الطبيعية: أكيد بدون شك.. وعمتي أم مشعل وعيالها أشلونهم؟؟
حينها انتبهت نورة لمغزى أسئلته وأحبت أن تختصر عليه المسافة وهي تهمس بحزم:
موضي طيبة وبخير ومبسوطة واشتغلت شغل زين في منصب زين......... وتزوجت
حمد كان يستمع بشبه ابتسامة حتى وصلت للكلمة الأخيرة.. حينها تقلصت أصابع يديه بشدة وهو يشعر كما لو أن قلبه قفز ليقف في بلعومه
ورأسه تضرب به آلاف المطارق الثقيلة الموجعة
وهو يهمس بجزع حقيقي: تزوجت.. مسرع!!
نورة بحزم: حمد.. موضي خلاص مالك شغل فيها.. جاها ماكفاها منك
وحتى لو كانت ما تزوجت أنت عارف إنها ماعاد تحل لك
خلها توفق وتروح في طريقها
حمد تنهد بعمق وسحب أنفاسه بدا صعبا عليه كما لو كان مع شهيقه يسحب أمواسا لتشّرح روحه.. ومع زفيره ينفث نارا محرقة
ولكنه يفكر أنه لابد أن يتجاوز كل هذا.. فهو لم يبتعد عن أهله طوال هذا الوقت ويعاني كل هذه المعاناة في العلاج ليعود وينسف كل هذا
همس بهدوء قدر ما يستطيع: الله يوفقها.. من تزوجت؟؟
همست نورة بهدوء وهي تخرج: ولد عمها راكان
نزل الاسم على رأس حمد كالصاعقة.. تمنى لو كانت تزوجت من رجل غير ابن خاله راكان.. شخص يكون بعيدا عن عينيه
ولا يذكره بخسارته الجسيمة لموضي كلما رآه
ثم أن يكون راكان.. راكان بالذات الذي ضربه من أجلها وجعله يغادر الدوحة غارقا في دمائه..
بدت له المصادفة موجعة.. مــوجــعـــة
ثم أن تتزوج شخصا هو بالمنطق الطبيعي وفي نظر الناس قــد يكون أفضل منه
بدت له المقارنة قاسية بل شديدة القسوة ومتوحشة
فراكان أصغر منه سنا وأكثر وسامة.. وفي منصب وظيفي أفضل ويتمتع بالشهرة وبطل رياضي ..هذه هي الشكليات التي قد لا تكون مهمة
لكن الأهم من كل هذا أنه عُرف بشخصيته الجذابة الواثقة الهادئة والمعطاءة
وناتج كل هذه المعطيات أن راكان قد يستطيع الاستيلاء على قلب موضي الذي يعلم حمد يقينا أنه بقي حصنا منيعا أمامه
وكان هذا من الأسباب التي تستثيره لضربها
وهو يعلم على الناحية الأخرى أنه كلما ضربها كلما استحال عليه الوصول لقلبها ليضربها أكثر وأكثر
في دائرة ألم لا تتوقف بين شد وجذب
يتذكر كل هذا ويتنهد بعمق.. ويحاول أن ينفض كل هذه الأفكار من رأسه
لينزل إلى أسرته التي قصّر في حقها كثيرا وهي من يجب أن تكون أولويته الآن
أمّا موضي فقد اكتفت منه ومن وجعه.. وأصبحت السعادة حقا طبيعيا لها
***************************
ذات الوقت
بيت عبدالله بن مشعل
الصالة السفلية
لطيفة وقفت لترتدي نقابها وتعدل عباءتها: خلاص بأروح بروحي ولو أنه مشعل ما يحب أطول في السوق وأنا ما معي إلا الخدامة
وهي تقف عند الباب همست لموضي بعفوية: إيه نسيت أقول لش
حمد ولد عمتي وصل من السفر البارحة في الليل متأخر
قولي لأمي عشان تهني خالي وعمتي بسلامته
وقتها كانت موضي تصب لنفسها كأسا آخر من الكرك وعائدة لمقعدها
ولطيفة قالت جملتها وخرجت
ليسقط الكأس من يد موضي على الرخام
ويتكسر بصوت مدوٍ
ويتناثر السائل الساخن على قدميها
موضي ارتاعت وهي تضغط جرس استدعاء الخادمات لينظفن المكان
وتتوجه لغرفتها بسرعة لتبدل ملابستها.. فجلابيتها الطويلة والخفين حميا ساقيها وقدميها من شظايا الزجاج وخطر الاحتراق
كانت ترتدي ملابسها على عجل وهي تهمس لنفسها:
طول عمرك موذي ياحمد
والغريب وأنه بعد تجاوزها لصدمتها بعودة حمد.. لا يشغل بالها الآن سوى راكان ومنافساته التي تريد أن تشهدها منذ البداية..
وحمد يختفي تماما من عقلها وينزاح أمام اهتمامها براكان في إحساس عميق أشبه بالسحر
فهي كانت أمام موقفين يستدعيان كلاهما أقصى الانفعالات
عودة حمد
ومنافسات راكان
فأيهما يجب أن يكون له أولوية اهتمامها؟!!
راكان وكل ما يخصه كان لهما كل الأولوية والاهتمام والتأثر
لذا عادت للنزول بسرعة بالغة وهي تتخشب أمام التلفاز ولكنها انتقلت للمجلس الداخلي حتى لا يزعجها أحد
لم تكن متفائلة كثيرا بحصول راكان على ذهبية وهي ترى قوة المنافسين
ولكنها أملت أن يحصل على فضية أو برونزية حتى لا يعود خالي الوفاض
وخصوصا أن هذه ستكون بطولته الأخيرة قبل الاعتزال
في الأيام الماضية كان أدائه أكثر من رائع وهو يركز مشاركته على البندقية الهوائية..
رغم أن راكان كان له مشاركات سابقة في المسدس .. ولكنه قرر أن يحصر تفكيره في هذه المسابقة في البندقية فقط
واجتاز مرحلة التصفيات التي كان تتركز على إطلاق 60 طلقة على بعد 10 أمتار.. ليصيب راكان 59 طلقة من الطلقات الستين
ولكن هذه النتيجة أحرزها لاعبون آخرون.. كما أن هناك لاعب صيني استطاع احراز 60 من 60 لذا كان أمل موضي متذبذبا في الذهبية..
رغم أن راكان في كل مكالمة لها كان يطمئنها أنه سيحرز الذهبية هذه المرة
حينما رأت ظهور راكان الأنيق المهيب على الشاشة بلباسه الكاكي المختلط بألوان العلم القطري
بدأت دقات قلبها بالتصاعد حتى شعرت أنها تكاد تصم أذنيها دقاتها المتعالية
راكان اجتاز المراحل جميعها بنجاح.. وصل مع ستة آخرين للنهائي
وشعرت موضي أنها تكاد تصاب بسكتة قلبية وهي تراه يقترب من الذهبية يخطى حثيثة
اجتاز المرحلة الأخيرة (مرحلة الخمسة والسبعون ثانية) بنجاح باهر وبقي فقط انتظار نتائج الآخرين
استرخت موضي على مقعدها قليلا رغم أعصابها المشدودة وهي تنظر له بشغف عميق وهو ينهي الإطلاق بنجاح على الصحن الأخير
كانت الكاميرا تتابعه وهو ينزع النظارة عن عينيه بمهابة
ثم يبتعد للحافة ويمد يده في جيبه ليستخرج هاتفه
استغربت موضي (من اللي هو بيتصل فيه ذا الوقت وفي ذاك المكان؟)
ولكن استغرابها لم يطل.. ليحل مكانه تأثر عميق متجذر اكتسح روحها.. وهاتفها يرن
التقطته بلهفة وشجن وهي تهمس بعمق موجع لراكان وتنظر له عبر شاشة التلفاز وهاتفه في أذنه: الناس كلهم بيسألونك الحين من كلمت؟؟
همس بعمق: ما يهمني حد غيرش.. والذهبية إن شاء الله جبناها
وتراها لش وعشانش
قالها وهو يلتفت للكاميرا ويلوح لها بكفه..
لـــهــا فقط..
ويكفيها أن تعلم أنها المقصودة!!
ليتزلزل قلبها بكل العنف الكوني!!
****************************
ذات الوقت
بيت محمد بن مشعل
المقلط الداخلي
أم مشعل بن محمد تصب القهوة على عمتها وعلى أم مشعل بن عبدالله
الجدة هيا همست بحزم: خلصنا من القهوة.. شكّرنا (شكّر= اكتفى من القهوة)
ثم التفتت لمريم وهي تهمس لها بحنان حازم: مريوم يأمش العنيّد مهيب مسلمة علي..
قد لها كم يوم ما جاتني.. وكل ماسألت عنها قلتوا لي لاهية في الجامعة
اليوم مافيه جامعة وانا جايتها بروحي
مريم تنهدت بعمق.. فهي تعلم أن العنود كانت تتقصد الاختباء من جدتها
فهي منذ انتشار خبر خصامها مع فارس وهي تتحاشى مقابلة جدتها
فهي تعلم محبة جدتها لفارس.. فكونه وُلد يتيما والشيء الوحيد الذي بقي لها من ابنها سعود جعل له معزة خاصة عند جدته
وليس معنى ذلك أن جدتها ستقف معه لو كان مخطئا.. فجدتها لا ترضى بالخطأ
ولكن بما أن العنود ترفض العودة له ولا تذكر لذلك سببا فذلك يجعلها هي في خانة الخطأ في وجهة نظر جدتها
وهي تعلم أن جدتها لابد أن تعاتبها بل قد تتجاوز العتاب للقسوة والتوبيخ
وهي لن تحتمل كلمات جدتها الحادة
ولكن بما أن جدتها جاءتها بنفسها للبيت فلابد أن تنزل لمقابلتها ولابد أن تحتمل ما سيأتيها منها
وهاهي مريم تتصل بها هاتفيا وتهمس لها: العنود انزلي.. جدتي ملزمة تبيش
يا بنت الحلال انزلي واخذي المقسوم قدام تصيدش في مجلس مليان نسوان وتحرجش
الحين مافيه حد غير خالتي أم مشعل
العنود تنهدت بوجل وهي تنزل بخطوات مترددة وتدعو الله أن يكون توبيخ جدتها لطيفا قدر المستطاع
*************************
ذات الوقت
ولكن بتوقيت آخر
الصباح بتوقيت أسبانيا
مدينة قرطبة الأندلسية قديما.. الأسبانية حديثا المعروفة باسم كوردبا Cordoba بالأسباني والانجليزي
والتي تقع على نهر الوادي الكبير في الجنوب الأسباني
وتحديدا في جامعها الكبير المعروف بجامع قرطبة (كوردبا موسكيتا)..والذي يقع قريبا من النهر وسط حارة أموية قديمة بزقاقها الضيقة
تحفة معمارية حقيقية تشهد على روعة المعمار الإسلامي القديم.. فهذا المسجد يرجع تاريخ بنائه لسنة 92 هـ منذ عهد الخليفة الأموي الأول في الأندلس عبدالرحمن الداخل
ومن أشهر معالمة الرائعة اليوم الصحن الذي يتوسط المسجد والذي عُرف بصحن النارنج محاط بسور مبهر في عمارته وينفذ منه سبعة أبواب لنواحي المسجد المختلفة..
والمؤلم والموجع أن هذا الجامع تحول إلى كنيسة مسيحية.. رغم محافظته على طابعه الإسلامي ووجود الآيات القرآنية والمحراب فيه..
ويحضى المحراب فيه بإقبال غير طبيعي من السياح الغربيين..
ناصر يحتضن خصر مشاعل وهما يمشيان في أروقة الجامع ويهمس لها بحنان:
بس ياقلبي.. بسش بكا.. أخاف يقولون إني خاطفش على البكاء ذا كله
مشاعل تمسح أنفها المحمر: يعني تبيني أشوف في كل زاوية في المسجد صليب لا وحاطين فيه كنيسة بعد وما أبكي..
ناصر بهدوء: الإنسان يشوف ويعتظ.. مسلمين الأندلس لما كانوا متمسكين بدينهم حكموا أسبانيا كلها..
ولما تخلوا عن دينهم ولهوا في الدنيا بدت مدنهم تطيح في يد الأسبان مدينة مدينة لين طاحت غرناطة آخر شيء
مشاعل بهمس مبحوح: وبكرة بنروح غرناطة بعد؟؟
ناصر بود: بنروح.. بس أخاف لا شفتي قصر الحمراء تقعدين تبكين بعد
وأقلب الآية وأقول لش مثل ما قالت أم عبدالله بن الأحمر له: إبك كالنساء ملكا لم تحافظ عليه كالرجال
مشاعل بألم حقيقي عميق كعمق التاريخ : بس والله شيء يقهر.. من يوم جيت ذا الديرة وانا مقهورة
كل ما شفت آثار المسلمين ومساجدهم اللي صارت بيد اللي مايرعى حرمتها انقهر
ناصر بجدية: حبيبتي إذا بغيتي نروح مكان ثاني رحنا؟؟ حن معنا تأشيرة للعبور عبر دول الاتحاد الأروربي كلها..
والحين أصلا شهر مارس مهوب شهر سياحة..بنغير حجزنا وين ما تبين؟؟
مشاعل برجاء لطيف: يعني منت بزعلان إني جبتك أسبانيا وعقبه كرهتها؟!!
ناصر بحنان وهما يتجهان خارج الجامع: أنا قلت لش تدللي والسفرة هذي على كيفش..
مشاعل بعذوبة: يعني نطلع باريس مثلا وإلا روما؟؟
ناصر يبتسم: نطلع موزمبيق لو تبين.. المهم نرجع قبل عرس مريم
*************************
قبل ذلك بساعات ولكن بتوقيت آخر
واشنطن
مساءً
باكينام كانت في زيارة لهيا في بيتها والاثنتان في غرفة هيا القديمة
ومشعل كان في غرفته يعمل على أطروحته
مشعل لا يعلم مطلقا بغضب باكينام من يوسف
فهيا لم تخبره لأنها خشيت أن يحتد عليها مرة أخرى ويظن أنهم هم سبب مشاكلها مع زوجها
ويوسف قابل مشعل عدة مرات الأيام الماضية في الجامعة
واكتشف من حديث مشعل أن مشعلا يظنه مايزال في بيته ومع زوجته
لذا فهو طبعا لم يغير تفكير مشعل حفاظا على مظهره عنده
باكينام لم ترَ يوسف منذ أيام
منذ زيارته الليلية الغريبة التي لم تستغرق سوى عشر دقائق خرج بعدها شبه مطرود من بيته
والليلة هي الليلة الأولى التي تتأخر فيها خارج البيت وتذهب في مشوار عدا الجامعة
هيا تصب كأسا من الشاي لباكينام ثم تهمس لها: باكي أنتي استأذنتي يوسف تسهرين عندي؟؟
باكينام تبتسم: حلوة النكتة دي؟؟
هيا بجدية: ومن قال نكتة أتكلم من جدي..
باكينام بغيظ: اسكتي بس واتلهي
هيا ابتسمت: صراحة مخش جزمة قديمة على قولتكم.. يعني أنتي بروحش قايلة لي إنه منبه عليش ما تطلعين مكان إلا قايلة له
ولو بتتأخرين هو يوديش ويجيبش.. يعني سوري باكينام.. بس أنتي كذا عصيتيه متعمدة.. وعصيانه عصيان لربش وأنتي عارفة
باكينام بضيق: خلاص هيا ما تحبكيهاش.. يوسف عارف إني بأزورك على طول
لو كنت رايحة مكان تاني كنت عصرت لمون على ئلبي واستأزنته
هيا بابتسامة: زين اسمعيني إذا رحت أوصلش أنا ومشعل دوري لمشعل أي عذر ليوسف عشانه ماجاء يأخذش
ترا مشعل ما يدري إنكم متزاعلين.. وأخاف يسوي لي سالفة إذا درا
باكينام باستغراب: وأنتو توصلوني أساسا ليه.. أنا وحدة لفيت الدنيا ولوحدي
هأخاف من مشوار ئريب كده
هيا بهدوء: لو ماجاء يوسف يأخذش مشعل مستحيل يخليش تروحين متاخر بروحش.. أنتي صرتي عارفته
على الجبهة الأخرى كان مشعل يخرب مخططاتهما وهو يتصل ليوسف:
شوف مايصير توصل باب البيت وترجع
يوم وصلت مرتك هنا ومادخلت.. عديتها لك
بس الحين إذا جيت تاخذها لازم تدخل وتتقهوى.. عيب عليك
يوسف شعر بالتشويش ولكنه استوعب أن باكينام عندهم.. ومشعل يظنه من أوصلها ومن سيأخذها.. لذا همس بثقة: خلاص ولا يهمك
لما اجي أخذ باكينام هأنزل عندك شوية
وأصبحت معضلة يوسف أنه لا يعرف مكان شقة مشعل
ويستحيل أن يسأله وهو يظنه من أوصل باكينام لذا وجد أن أهون الشرين أن يتصل بباكينام ويسألها
ولكن قبل أن يتصل بها كان مشعلا قد اتصل بهيا وطلب منها أن تعد القهوة والشاي والفوالة وتضعها في الصالة قبل أن يصل يوسف ليأخذ زوجته
هيا التفتت لباكينام وهي تهمس: يوسف جاي يأخذش ومشعل يقول لي أسوي شاي وقهوة
أنا رايحة شوي وبأرجع لش
باكينام فتحت عينيها بذهول: إيه حكاية يوسف جاي يأخدني دي؟؟
هيا تنهض متجهة للمطبخ وتهز كتفيها: وأنا وش دراني
استغراب باكينام لم يطل.. فمع خروج هيا اتصل يوسف فردت عليه بشكل مباشر: إيه حكاية إنك جاي تاخدني
يوسف بغضب: وأنتي إيه حكاية إنك طالعة من البيت لمكان غير الجامعة بدون ما تاخدني ازني مع أني منبه عليكي
لا وكمان سهرانة عندهم.. وعاوزة ترجعي متأخر لوحدك.. مش شايفة إنك زودتيها أوي؟!!
باكينام بحدة: مش هارجع وحدي هيا وجوزها هيرجعوني.. ماتجيش
يوسف بغضب حاد: باكينام ما تحرجنيش مع مشعل.. مشعل مش عارف إنه فيه بيننا حاجة.. فماتصغرنيش ئدام الراجل
ئولي لي فين بيته.. عشان هو فاكرني أنا اللي جبتك.. مش عارف إنك خارجة من ورايا
باكينام أعطته العنوان وهي تغلي من الغضب لاحتداده عليها في الكلام
(أي رجل بغيض هذا!!)
***********************************
مجلس آل مشعل
الساعة العاشرة إلا ربع صباحا
مشعل يجلس مع والده وعمه وينتظرون قدوم فارس
والجميع في حالة ترقب وهم ينتظرون انطلاق منافسات راكان
رن هاتف مشعل
نظر للاسم دون اهتمام.. وضعه على الوضع الصامت ثم ألقاه جواره
أضاء الهاتف عدة مرات قبل أن تتوقف الاتصالات
كان المتصل هو
أم علي
مشعل من بعد إجهاض لطيفة.. وهو يتجنب قدر ما يستطيع مقابلة فاتن أو مكالمتها
فهو تأثر كثيرا مما حدث.. ولا يريد أن تظن لطيفة إنه يحاول إثارة غيرتها أو الإساءة لها
هو وفاتن من أصحاب الأعمال الأذكياء
والعمل بينهما يسير كأفضل ما يمكن
ولا يمكن أن يفسدا مشاريعهما الضخمة بسبب ظروف شخصية يستطيع كلاهما تجاوزها
لذا أصبح التواصل بينهما غالبا عن طريق سكرتيريهما
مازالت فاتن من وقت لآخر تحاول الاتصال به
ولكنها أصبحت تتفهم أنه لا يريد أن يرد عليها
وربطت ذلك باتصالها بزوجته
لامت نفسها على تسرعها
ولكنها فكرت بطريقة عملية.. فبينهما مشاريع بالملايين
لا يمكن أن تفسدها بحساسية النساء
فهي سيدة أعمال قبل أن تكون امرأة حتى!!!
ووصلتها رسالة مشعل واضحة
أنه لا مكان لها في حياته
وأن مكانها هو في عمله فقط!!!
*************************
عودة لبيت محمد بن مشعل
العنود وصلت للجالسات
انحنت لتسلم على جدتها ثم على أم مشعل ثم جلست بجوار مريم
العنود كانت تود سؤال جدتها وأم مشعل عن أحوالهما كالمعتاد.. ولكنها فضلت الصمت وهي تتمنى لو ينسينها جميعهن وينشغلن بالحديث
لأنها حين دخلت كن منخرطات في الأحاديث
ولكنها كانت أمنية مستحيلة.. لأن الجدة هيا جاءت اليوم في مهمة خاصة ولن ترجع قبل تنفيذها
الجدة هيا حين أنهت الجدل حول القضية اللاتي كن يتناقشن بها.. هتفت للعنود بنبرة جهورية مقصودة: أشلونش يالعنيّد؟؟
العنود تكاد تختنق بكلماتها خوفا من جدتها: طيبة يمه جعلني الأولة.. بشريني منش؟؟
الجدة بنبرة مقصودة: أنا؟؟
والله لش علي.. ما الخاطر بسامح
العنود تبتلع ريقها: أفا.. ليه فديتش؟؟
الجدة تصل لمبتغاها وبأقصر طريق وأسرعه: والله انشدي روحش
العنود صمتت فهي ليست لا مقاما ولا قدرة على مستوى محاورة جدتها وفي موضوع كهذا بالذات
ولكن الجدة لم ترحم صمتها فسألتها بحزم: مريضة أنتي؟؟
العنود بضعف: لا
الجدة بذات الحزم: حامل؟؟
العنود بذات الضعف: لا
الجدة بهدوء حازم: زين وش مقعدش عند أمش؟؟ ماعندش بيت؟؟
الحوار مستمر بين الجدة والحفيدة.. والمستمعات الثلاث تحفزت مشاعرهن مع الحوار وخصوصا شعور الشفقة على العنود التي غار لون وجهها تماما
العنود تنهدت وهي تحاول التسلح بالقوة لن تسمح لأحد بإجبارها على العودة إلى فارس......
............. إلا كما تريد هي!!!!!........ وبالطريقة التي تريد!!!!!
همست العنود باحترام: البيت اللي راحتي فيه هو بيتي يمه
الجدة ببعض غضب: وش عندش في ذا الحكي يا بنت محمد؟؟
العنود بهدوء واحترام: اللي أنتي فهمتيه يأم محمد
الجدة بغضب: والله وغدا لش لسان
العنود بعتب: يعني يمه تبغينا ننقهر وحتى الرد ما نرد
الجدة بجزع رقيق: ماعاش من يقهرش
ثم تنهدت وهي تزيح مكانا جوارها: تعالي جنبي يأمش
العنود اقتربت وجلست جوار جدتها لتحتضنها جدتها بحنو
والعنود كانت أعصابها وصلت الحد الأقصى من الشد
وماكان ينقصها هو حركة كهذه لتنخرط في البكاء في حضن جدتها
جدتها بجزع حنون: أفا يذا العلم.. تبكين يأمش
العنود استمرت في البكاء في حضن جدتها
والوضع بات مشحونا في المكان وبين الجالسات
حينما هدأت العنود همست لها جدتها: فارس يأمش مزعلش؟؟
هزت العنود رأسها إيجابا
الجدة باستفسار: مزعلش في ويش؟؟
العنود بصوتها المبحوح: شي بيني وبينه
الجدة ابتسمت لأن العنود رفضت اخبارها.. شددت احتضانها لكتفها وهمست في أذنها: عفيه
ثم أردفت: زين إن خليت فارس يجي الحين ويراضيش.. تروحين معه عشان خاطر جدتش العجوز وحشيمة لجيتها عندش؟؟
العنود ردت بشكل مباشر ومفاجئ وصادم:
الحشيمة كلها لش..
إن جاء وراضاني هنا وقدامش أروح معه على طول وذا الحين
#أنفاس_قطر#
.
.
موعدنا سيكون غدا الساعة التاسعة والنصف صباحا إن شاء الله
لأن هذا البارت مازال له تكملة مرتبطة به غدا
عن كيف تقبلت موضي عودة حمد
إضافة للقفلتين في البارت
على باكينام والعنود نتعرف على ما سيحدث غدا إن شاء الله
وإلى الملتقى
.
.
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 1:38 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباح الورد والفل والياسمين سعيدة جدا بكل ردود أفعالكم وانطباعاتكم وحواراتكم الشيقة والثرية وأحب أرحب بكل متابعي ما خلف الكواليس اللي شرفونا بالقفز إلى الصف الأول حياكم الله ونورتوا أسى الهجران وجيتكم على الرأس والعين . . اليوم نستكمل مشوارنا وتشوفون هل خابت توقعاتكم أو صابت وموعدنا القادم إن شاء الله بيكون الخميس بعد بكرة الساعة 9 صباحا ومازال فيه الكثير وكل ما أثار تساؤلاتكم بيكون عليه إجابة إن شاء الله . . استلموا . . قراءة ممتعة مقدما . . لا حول ولا قوة إلا بالله . . أسى الهجران/ الجزء السابع والتسعون
بيت محمد بن مشعل
العنود استمرت في البكاء في حضن جدتها والوضع بات مشحونا في المكان وبين الجالسات حينما هدأت العنود همست لها جدتها: فارس يأمش مزعلش؟؟
هزت العنود رأسها إيجابا
الجدة باستفسار: مزعلش في ويش؟؟
العنود بصوتها المبحوح: شي بيني وبينه
الجدة ابتسمت لأن العنود رفضت اخبارها.. شددت احتضانها لكتفها وهمست في أذنها: عفيه ثم أردفت: زين إن خليت فارس يجي الحين ويراضيش.. تروحين معه عشان خاطر جدتش العجوز و وحشيمة لجيتها عندش؟؟
العنود ردت بشكل مباشر ومفاجئ وصادم:
الحشيمة كلها لش.. إن جاء وراضاني هنا وقدامش أروح معه على طول وذا الحين
مريم فوجئت تماما من ردة فعل شقيقتها.. ولكنها بعد لحظات ابتسمت وهي تفهم مقصدها (والله ذا البنية مهي بهينة طلعت داهية)
العنود اكتشفت أن حبها لفارس هو أكثر بكثير مما كانت تعتقد أو تظن فهي كادت تجن من مجرد فكرة أنه قد يتزوج عليها ولكنها في ذات الوقت تشعر بالتخوف من العودة له وهو مازال لم يعتذر لها أو يراضيها مع أنه كان من المفترض أن يقدر أنها لم تخبر والدها وأشقاءها بضربه لها وحينها كان سيجبر على اعتذار سيحرجه.. لأنه سيكون في المجلس وأمام الرجال أو ربما يرفض مثل هذا الاعتذار وهذا التصرف هو الأقرب لشخصية فارس.. فتصبح القضية حينها أكثر تعقيدا ..لأن والدها سيري رفضه الاعتذار إهانة له
العنود طيلة الأيام الماضية وضعت كل هذه الاحتمالات في ذهنها والتفكير أرهقها
العنود تريده أن يعتذر لها اعتذارا يؤلم كبرياءه قليلا .. ولكن في ذات الوقت لا يبالغ بكسره ولا بإهانته ومثل هذا الاعتذار جاءها على طبق من فضة مع اقتراح جدتها لها يأتي ويعتذر لها أمام جدتها.. اعتذار مؤلم نوعا ما ولكنه أهون بكثير من اعتذاره أمام والدها وربما أشقائها وعمها أيضا.. وفي اعتذاره أمام جدته تقتص العنود منه وتجعله يفكر ألف مرة قبل أن يمد يده عليها مرة أخرى
والاحتمال الآخر أن فارسا قد يرفض الاعتذار أمام جدته.. وحينها يصبح كل العتب والذنب عليه.. والعنود سترتاح من إلحاح الجميع عليها بالعودة ولكن العنود رأت هذا الاحتمال بعيدا.. أو ربما رأته قريبا!!! أقرب مما تتوقع وهي تتمنى في داخلها وتدعو ألا يحدث
الجدة ابتسمت ابتسامة شاسعة أبرزتها تجاعيد عينيها الباديتين من خلف برقعها وهي تهمس بحزم لأم مشعل: دقي على فارس وعطيني إياه
فارس وقتها كان في سيارته عائدا من الحلاق للمجلس ليشاهد منافسات راكان.. حينها رن هاتفه ورأى اسم أمه أم مشعل.. ابتسم وهو يرد: هلا يمه ومرحبا
أم مشعل بود عميق: هلا بك يأمك.. وينك أمس ماشفتك؟؟
فارس بمودة واحترام: بأجيش الليلة جعلني فداش.. أسلم عليش وعلى جدتي
أم مشعل بحذر: على طاري جدتك.. هذي هي تبغيك
فارس ابتسم: عطيني إياها فديت عينها
الجدة هيا تناولت الهاتف وهي تهمس بحزم: فارس تعال أبغيك ذا الحين
فارس ابتسم: زين خليني أقول السلام عليكم.. أشلونش أول
الجدة بذات الحزم: تعال لي في بيت عمك محمد والسلامات خلها عقب
فارس بحذر: وليه في بيت عمي محمد ومهوب في بيتش؟؟
الجدة بحزمها المعتاد: أنت ما تبغي مرتك؟؟ عاجبكم حالكم تعال راضها قدامي وخذها لبيتها العنود عندي وتقول إنك لو راضيتها بتروح معك
فارس شعر كما لو أن قلبه سيقفز من بين جنبيه لهفة واشتياقا وهو يتمنى انتهاء كل هذا لتعود العنود إلى أحضانه الذائبة شوقا ولكن الرغبات في قاموسه شيء مختلف تماما عما يسمح لنفسه بفعله.. لذا رد على جدته بهدوء واثق: يمه أنا قلت للعنود قبل: إذا رجعت بيتها راضيتها.. وماني بمراضيها قدام حد أنا مازعلتها قدام حد عشان أراضيها قدام حد زعلتها وأنا وهي بروحنا.. وفي بيتنا.. وبأراضيها في بيتنا وأنا وهي بس
الجدة بنبرة غضب: الحين العنود يوم طلعت من بيتها.. طلعت بسبب وإلا بدون سبب.. أنت أزعلتها وإلا لا؟؟
فارس بذات النبرة الواثقة: أكيد طلعت بسبب.. وأنا أزعلتها
الجدة بذات النبرة الغاضبة: وعشان تدري.. تراها عيّت تعلمني بالسبب (عيّت=رفضت) و بنت محمد عداها العيب والمنقود.. تعال راضها واخذها ذا الحين وإلا والله ثم والله ما عاد أنب وراك ولا دونك (= لا أسعى لك في الموضوع) ولا عاد أقول لها شيء.. إن شاء الله تقعد عند إبيها لين تموت
فارس بهدوء واحترام: يمه تكفين ما تزعلين روحش اللي عندي من الكلام قلته للعنود قبل.. وأنا ومرتي نتفاهم
الجدة بغضب: جعلك أنت وياها في دعثور مايثور.. ومالي خص فيكم ثم أغلقت الخط في وجهه
فارس تنهد بعمق.. يعلم أنه هذه المرة تجاوز الحد هو بذاته ضيقه وصل منتهاه.. واشتياقه للعنود يمزقه تمزيقا مرات عديدة وجد نفسه يقف أمام بيت عمه على وشك النزول والاعتذار ولكنه لا يستطيع.. لا يستطيع هكذا خُلق.. لا يستطيع تغيير نفسه لو أهان نفسه من أجل حبها.. لن يبقى لحبها ذات الرونق والعمق والمكانة لأنه أحبها بكامل كبريائه وتكبره وغروره تغير كثيرا من أجلها وهو يتخلى عن كثير من قسوته من أجلها وحتى يحافظ عليها ولكن أكثر من ذلك لا يستطيع.. فالقسوة كانت عارض في شخصيته ولكن الكبرياء ليس عارضا مؤقتا بل صفة مترسخة مستعد هو أن يرضيها حتى آخر نفس في عمره.. أن يغرقها حبا وحنانا ولكن ليس بعد أن تكسره.. لتعد إليه ولأحضانه.. هما فقط.. هو وهي فقط حينها سيغرقها بهذا الكم الهائل من المشاعر الذي بات يخنق روحه
الجدة حينما أغلقت الهاتف التفتت لأم مشعل وهي تهمس بحزم غاضب: قومي نروح لا بارك الله في ولدش من ولد والله لو أنه مشعل وإلا مشعل وإلا راكان وإلا ناصر ماحد منهم يفشلني مثل ما فشلني
عبرة كبيرة تجمعت في حلق العنود.. بحجم الكون ربما لم تتخيل أن فارس قد يفعلها.. كان بينها وبينه خطوة واحدة وهاهي تصبح أميالا ومسافات أبعدها عنه.. أبعدها لأبعد حد.. تشعر أنها عاجزة عن التنفس.. رأسها يدور.. وعيناها تغيمان وهي ترى جدتها تتعكز على عكازها وعلى يد أم مشعل لتخرج ومعهما والدتها..
(أحقا فعلتها يا فارس؟!! أ كان كبريائك أهم مني؟؟ أم أنا من طمعتك فيَ حين لم أخبر والدي بضربك لي فقلت لنفسك: مادامت لم تخبر أحدا فهي تحبني.. وستعود دون أن أكلف نفسي أي عناء؟؟؟ أو ربما كان حبك لي محض ادعاء وجاءتك الفرصة لتتخلص مني؟؟ أحقا هذا يا فارس؟؟ ربما لو أكن بالنسبة لك سوى محض زوجة مكانها البيت وليس حبيبة مكانها القلب!! )
وقفت تريد الهرب لغرفتها ولكنها ما أن وقفت حتى شعرت بدوار شديد لتسقط مغمى عليها على الأريكة وقتها كانت أم مشعل أوصلت عمتها للسيارة وعادت لتتفاجأ بل وتفجع وهي ترى العنود تسقط ولتثير رعب مريم على العنود بصراخها المكتوم القلق على ابنتها
***********************
واشنطن شقة مشعل
يوسف أنهى زيارته لمشعل ويريد المغادرة وقف واتصل بباكينام لتوافيه عند الباب وسلم على مشعل وتوجه للخارج بينما مشعل عاد لغرفته ليخلي المكان لخروج باكينام
باكينام قبل أن تخرج من غرفة هيا نظرت لنفسها في المرآة وهمست لهيا: أوعي تضحكي أنا شيفاكي بتبتسمي يا هبلة
هيا تريد أن تنفجر من الضحك وهي ترى باكينام تتأكد من شكلها بل وتضع بعض أحمر شفاه رغم أنها لم تكن تضع قبلا
أردفت باكينام بما يشبه ابتسامة: أهو هبل.. بس أنا عيزاه يشوفني حلوة
هيا تبتسم: وأنتي حلوة.. ولا تدورين لنفسش عذر عشانش تبين تكشخين لسي السيد
باكينام انهت زينتها برشات من العطر وهي تهمس لهيا: هبلة ومش بحبك
هيا حينها انفجرت ضاحكة: الله المغني عن حبش.. خليه لغيرنا
باكينام رن هاتفها للمرة الثانية ويوسف يستعجلها خرجت بخطواتها الواثقة المعتادة رغم أنها كانت تذوب توترا
كان يقف عند الباب وظهره للبيت يرتدي جاكيتا ثقيلا منحه منظرا مهيبا مع عرض كتفيه همست بهدوء متوتر: مساء الخير
التفت لها يوسف ليتأملها للحظات ثم همس لها: مساء النور.. يا الله بينا؟؟
خرجت معه.. ليغلق باب الشقة وهو يخرج وينزل معها للأسفل.. كان يتحرق ليعقد ذراعه في ذراعها مشتاق لها.. مشتاق.. بل ما يشعر به من اللهفة تجاوز الاشتياق بمراحل عديدة وصل لسيارته.. فتح لها الباب ووقف حتى ركبت ثم أغلقه ركب جوارها في مكان السائق المكان الضيق والمكتوم جعل كل منهما يستنشق عطر الآخر بعمق موجع وكل منهما يتمنى لو يتنفس هذه الرائحة المعذبة عن قرب أكثر دفئا باكينام هزت رأسها لتنفض هذه الأفكار التي يستحيل أن تسمح بها لنفسها حتى ولا في أحلامها بينما يوسف استغرق في أفكاره أكثر وأكثر وهو يرى أنها أخذت وقتا أكثر من كافٍ للتفكير.. فهو تعب من هذا العبث ويريد أن يعيش حياة زوجية مستقرة ككل أزواج هذا العالم أخطأ في حقها.. وأعتذر.. ومستعد لإرضاءها.. ماذا تريد أكثر؟؟ إلى متى تريد تعقيد الوضع بينهما؟!!
والشيء المؤكد أن علاقتهما تغير بها شيء ثوري.. ثوري تماما رغم التوتر الذي يلف هذه العلاقة وخصوصا من جانب باكينام ولكنها أصبحت علاقة مريحة.. قد يُستغرب وصفها بالمريحة.. ولكن بعيدا عن الشك الذي يستزف وجع الروح يصبح كل شيء مقدورا عليه فيوسف تأكد من براءتها لترتاح روحه المعذبة وباكينام ارتاحت من حالة التحفز التي كانت تعيشها وهو يضعها في دائرة الشبهات وهي تتحفز للرد فالخلاف بينهما ماعاد يجرح رجولته ولا يستهين بأنوثتها
السيارة تتهادى على الطريق يوسف كان يحاول تصيد كفها لاحتضانها.. ولكنها كانت تعتصم بالصمت وكفاها معقودان في حضنها لم يعاتبها.. لم يهاجمها.. متعب من كل هذا العبث وهي بدورها بقيت صامتة وهي تتمنى بغرابة أن يطول الطريق.. ويطول..
استمر الصمت هو الحاضر بينهما حتى وصلا للبيت
تمنى أن ينزل لو قليلا.. فهو لم يراها جيدا حتى وهي تمنت بغرابة أن ينزل قليلا أيضا.. يتحادثان قليلا ربما فهي تشعر بوحشة متزايدة في بيت يوسف الذي يُعتبر كبيرا بالنسبة لغرفتها في السكن ولكنها يستحيل أن تسمح له أن يبيت وهو يستحيل أن يحرج نفسه يخشى أن تفعل به كالمرة الأخيرة لذا همس لها ما أن وصلا: انزلي.. وياريت تبئي تحترميني أكتر من كده أنا ما طلبتش حاجة أكتر من أبسط حئوئي.. أعرف أنتي رايحة فين
همست بهدوء غريب غير معتاد وهي تفتح بابها لتنزل: حاضر
كان بوده أن يوقفها لأي سبب وهي تمنت أن يستوقفها لأي سبب ولكن هو لم يفعل.. وهي نزلت وتوجهت للبيت وبقي حتى تأكد من دخولها للبيت وحينها غادر.. وعيناها المتلصصتان تراقبانه من النافذة
**************************
بيت محمد بن مشعل
مريم ووالدتها مفجوعتان من الرعب عى صغيرتهما التي مازالت مغمى عليها مريم تحاول أن تتماسك: يمه رشيها بماي وأسقيها
والدتها تنفذ فورا.. لتشهق العنود المستلقية في حضن مريم مع وصول الماء المفاجئ لوجهها.. ثم تبدأ تئن أنينا مؤلما خافتا دون أن تفتح عيناها
أم مشعل تهمس لمريم بقلق: مريم العنود حامل؟؟
مريم بقلق مشابه: لا يمه فديتش.. وين حامل؟؟.. الدورة الحين عليها أصلا قد لها يومين بس هي أصلا معها نقص فيتامينات والبارحة نامت ما تعشت.. واليوم ما بعد تريقت وجاها ذا الخبر وغثها.. الله يهدي فارس..
حينها انتفضت العنود وصرخت : ما أبي اسمع اسمه.. ما أبي اسمع اسمه..
ثم قامت وهي تتعثر لتركض للأعلى
بعد صلاة الظهر مريم بعدما صلت.. توجهت لغرفة العنود لتتأكد من وضعها.. لم تجدها فيها وجدتها نزلت للجلوس مع والدتها وكأن شيئا لم يكن.. ولكن مريم تعلم أن ماحدث كان شيئا كبيرا وأن العنود تحاول التماسك والادعاء وأن هذا الادعاء سرعان ما سينهار فهي تعرف العنود جيدا وما فعله فارس جرحها لأبعد حد وأهانها وأحرجها أمامهن جميعا وهاهي تشتم من رائحة صوتها المهتز انكسارا موجعا.. ويأسا قاتلا وعزما جديدا محملا برائحة القسوة
مريم عادت لغرفتها وتناولت هاتفها واتصلت بفارس حينها فارس كان في غرفته.. فهو كان يشعر بضيق عميق من كل ماحدث ويخشى من تبعاته هل من المعقول أنه خسرها وبسبب كبريائه المجنون؟؟ فكيف هي من ستعود ودون أن يرضيها.. ليرضيها هو بعد أن تعود؟؟ أي سلسلة معقدة هذه؟!!
هاهو يتمدد على سريره وبيده صورة للعنود كانت تضعها في برواز يمرر أصبعه على الصورة بحنان وحنين غامرين كم اشتاق إليها!! لم يرها من بعد ذلك اليوم في بيت مشعل قبل حوالي أسبوعين يكاد ينتهي ويتناثر اشتياقا لها
خطرت بباله موضي.. هي من تستطيع مساعدته دون أن يحرج نفسه اتصل بها ليأتيه صوت موضي مشبعا بالسعادة: هلا والله باللي ناسينا
فارس ابتسم: شكلش ميتة على روحش من الوناسة.. مبروك الذهبية لراكان
موضي بسعادة حقيقية: الله يبارك فيك.. أنا اليوم رأسي بين النجوم
فارس سعيد من سعادتها: دوم ذا الفرحة يارب ثم أردف بنبرة مقصودة: ودامش مستانسة ونسي غيرش واكسبي اجرهم
موضي بنفس نبرته المقصودة: عيوني لغيري
فارس بشكل مباشر: أبي أشوفها
موضي باستغراب باسم: فارس أنت تستهبل؟!! وإلا شكلك كذا؟!!
فارس بغيظ: مويضي احشميني.. قدام أجيش وأعرفش أصلش ياقليلة الحيا
موضي تضحك: عدال لا ينقطع لك عرق أول خليتك تشوفها لأنكم متملكين والشوفة صعبة وأنا حبيتك تطمن على مستقبلك مع مرة مزيونة بس الحين مرتك.. روح وشوفها
فارس بهدوء: أنتي اللي لا تستهبلين علي.. أنتي عارفة إنها زعلانة في بيت أهلها
ثم أكملت موضي بنبرتها المقصودة: وأنت مع سواد وجهك قصدي بياضه.. فشّلت جدتي ومارضيت تروح لها تراضيها
فارس بهدوء مثير: مأسرع وصلتش العلوم
موضي بعتب: الله يهداك فارس.. جدتي من يوم جات وهي مفولة عليك ثم أردفت بحنين عفوي: فديت راكان اللي عمره ما زعلها
فارس بثبات: الحين رجّالش وش دخله في السالفة.. جدتي أنا أعرف أراضيها بأجيها العصر وأطيب خاطرها.. وأنتي اطلعي انتي ورجّالش من بيننا والحين فكري لي في طريقة أشوفها فيها بشكل يكون غير مقصود وأنتي عاد ما ينخاف عليش
موضي تضحك: والله شر البلية ما يضحك.. خلاص عطني كم يوم أفكر لك في طريقة تشوفها شوفة عدل
فارس باستنكار: وش كم يومه؟؟ راكان واصل بعد بكرة.. وانتي بتلهين مع الشيخ وبتنسين مني أبي أشوفها في أسرع وقت.. خلصيني
موضي تبتسم: ويوم إنك واحد قلبك ذايب كذا.. وشو له العنظزة والنعرة وكسر قلب البنية ترا مهوب ناقص منك يد ولارجل لو أنك سمعت شور جدتي ورحت وراضيتها كان هي ذا الحين بدل منت تكلمني عشان تشوفها.. هي بكبرها نايمة في حضنك بس وش نسوي في يباس الرأس الله يكفينا شره
فارس بغضب: تدرين موضي الشرهة عليّ اللي أطلب منش شيء الله المغني.. واقلبي وجهش
ثم أغلق الخط في وجهها وهو يغلي من الغيظ عليها.. لِـم َ هم عاجزين عن فهمه هكذا؟؟ حتى موضي؟؟ حتى موضي؟؟ لمن يشتكي؟؟ لمن؟؟
كان مازال يمسك بهاتفه حين رن.. انتفض قلبه وهو يرى اسم مريم يلمع على الشاشة رد باحترام: حيا الله بنت محمد
مريم بهدوء راقٍ: حياك الله ثم أردفت: فاضي اتكلم معك؟؟
فارس بحذر لم يظهر في صوته: فاضي طال عمرش في الطاعة
مريم بهدوء: فارس ليش سويت كذا؟؟ ليش تكسر قلب العنود كذا؟؟
شعر فارس كما لو كان قلبه هو ما انكسر.. يسمعها مرتين متتالية أولا من موضي ثم من مريم.. هل حقا كسر قلبها؟؟ يتمنى أن يمزق شرايين قلبه ولا أن يخدش طرف خدها فكيف يكسر قلبها؟؟ كيف؟؟
فارس تنهد وهمس لمريم بصراحة ثابتة: مريم ما أدري العنود قالت لش أنا وش كثر أحبها وهي عارفة ذا الشيء زين هي عارفة إني أحبها حب عمر رجّال ماحبه لمرة وعارفة إني تغيرت كثير عشانها.. بس أكثر من كذا ما أقدر يعني مريم أنتي عارفتني وعارفة عزة نفسي يهون عليش إنها تبي تجيبني كني بزر قدام جدتي عشان أراضيها يعني هي بتستانس يوم تكسرني كذا أنا أموت يا مريم ولا أنكسر
مريم تتنهد وهي تشعر بألم عميق.. فهي تتفهم ألم هذا الشاب المثقل بكبريائه والممزق بين هذا الكبرياء العتيد وبين حبه العميق همست له بهدوء مساند: زين والحل؟؟ عاجبكم حالكم كذا؟؟
فارس بهدوء: يا مريم هي ليش تعقدها كذا قلت لها بأراضيها في بيتها.. أنا مستعد أجيها الحين وأخذها لبيتها والله لأراضيها باللي هي تبي إن شاء الله لو تبي قص رقبتي بس بيني وبينها.. ماحد يتدخل بيننا
مريم بمصارحة هادئة: اسمعني فارس لو كان فيه قبل أمل إنه العنود ممكن تسويها وترجع لبيتك بروحها فالحين الأمل تراجع.. تراجع واجد
فارس بثبات: وليه يعني؟؟ عشان مارضيت أراضيها قدام جدتي؟؟
مريم بثبات مشابه وهي تقرر أن تؤلمه قليلا عله يجد له حلا: العنود يافارس انهارت عقب ما طلعت جدتي واغمي عليها وعقبه صارت تصارخ إنها ما تبي تسمع اسمك يعني مهما كان.. مرتك ما تستاهل منك تحقير كذا
فارس قفز عن سريره وهو يعتصر الهاتف ويهمس بحزم جازع: مريم أنا جايكم الحين أتطمن عليها
مريم بجزع: لا فارس تكفى.. أولا هي صارت زينة وثانيا ما ظنتي توافق تشوفك
*****************************
بيت مشعل بن محمد قبل صلاة العصر
يجلس في صالة غرفته لطيفة والأولاد غير متواجدين في البيت يتصل بلطيفة وهاتفها مغلق واتصل بالسائق قبل نصف ساعة وأخبره أنها والخادمة مازالتا داخل المجمع
بعد دقائق كانت لطيفة تدخل عادت لبيتها أولا.. حتى تستحم ثم تذهب لبيت أهلها حيث تركت أولادها
دخلت سلمت بنبرتها الباردة المعتادة مؤخرا همس مشعل بهدوء: ليش تلفونش مسكر؟؟
لطيفة بهدوء مشابه في المستوى ولكن صقيعي في حرارته..وهي تخلع عباءتها: خلص الشحن
مشعل بهدوءه الاعتيادي: زين لطيفة أنتي منتي بعارفة إني ما أرضى تطولين في المجمعات وانتي مامعش الا الخدامة والسواق؟؟
لطيفة تفك رباط شعرها وتنثره على كتفيها وتجلس وتهمس بذات الهدوء البارد: مالقيت حد يروح معي.. ومريم مابعد خلصت أغراضها
مشعل بحزم هادئ: أنا أوديش
لطيفة نهضت وهي تتجه للحمام: حاضر.. تامر
كانت توشك على الوصول لباب الحمام حين فوجئت بيده تطبق على عضدها وتلفها ناحيته كانت قريبة منه.. قريبة جدا.. تكاد تتنفس أنفاسه من شدة القرب ولكنها كانت ساكنة كسكون قبر موحش وهي تراقب عيني مشعل الدافئتين المستعرتين بغضب ما همس بغضب خفيض: أنتي ليش تتعاملين معي كذا؟؟
ردت بهدوء مرعب في برودته: وش سويت؟؟.. هنتك؟؟.. سبيتك..؟؟ قصرت في حقك بأي شيء؟؟
همس بنبرة مقصودة موجعة ودافئة: نـاديـنـي.. قـولـي مـشـعـل
لطيفة بذات النبرة على ذات المستوى دون تغيير أو تذبذب: لو سمحت خلني أروح أسبح..ثم أروح لعيالي
أفلت يدها وهو يتأخر للخلف وبداخله وجع بات يثقل روحه بينما هي ابتعدت لتختفي داخل الحمام..وبداخلها: لا شــــــــــــيء!!!
******************************
بيت عبدالله بن مشعل غرفة موضي بين العصر والمغرب
لطيفة تتمدد على سرير موضي
موضي تجلس عند ساقيها وتدلكها لطيفة تهمس بتعب: وشدارش إني محتاجة حد يهمزني.. تعبانة حدي
موضي بحنان: فديت قلبش توش من أسبوعين سقطتي.. بديتي فرارة عشان عرس مريم
لطيفة تبتسم: وش أسوي ماباقي إلا كم يوم على عرسها.. مافيه وقت وأنا خلاص أصلا قربت أطهر..
موضي بتساؤل: بتعتمرون؟؟
لطيفة هزت كتفيها: ما أدري.. كيف مشعل
موضي ابتسمت: إلا تعالي قولي لي.. فارس وش سوى مع جدتي.. راكان كلمني وطلعت ماسمعت وش قال لها
لطيفة ضحكت: كل بعقلها حلاوة على قولت المصريين..
موضي ضحكت: جدتش ماحد يأكل بعقلها حلاوة.. هي خلته يمشي عليها وبمزاجها.. لأنها أصلا قلبها ما يقواها على فارس
لطيفة بتأثر: يالله ياكريم الله يهديه ويهدي مرته.. ونشوف عيالهم.. جدتي بتموت من الشِفقة على عيال فارس بالذات..
موضي بتأثر مشابه: آمين ثم أردفت: زين ومن اللي جاي بعد لجدتي؟؟ يوم جيت بانزل قالت لي امي ارجعي.. فيه رجّال جاي يسلم على جدتش
لطيفة صمتت ثم أجابت بنبرة حاولت أن تكون طبيعية: حمد ولد خالي
موضي صمتت لثوانٍ ثم همست بطبيعية: حياه الله
لطيفة بعمق: من قلبش؟؟ تدرين اليوم يوم قلت لش إنه جا وطلعت عقبها..قعدت أضرب رأسي أشلون أقول لش أنتي بالذات وأطلع كأني ما سويت شيء.. خفت عليش وكنت بأرجع.. بس عقبها قلت يمكن الأحسن أخليش بروحش
تنهدت موضي: تدرين لطيفة اليوم الصبح يوم قلتي لي إنه جا ارتبشت وطاح القلاس من يدي وتكسّر وشريط حياتي المرعب معه يمر قدام عيني في دقيقة لكن عقبها ماقعد في ذاكرتي غير راكان.. وحمد اختفى ما أدري أشلون.. عمري ما توقعت إني ممكن أنسى اللي سواه حمد فيني وكنت خايفة من رجعته وتأثيرها على نفسيتي.. لكن عقب مارجع والله العظيم لطيفة حاسة إنه مجرد ولد خالي وولد عمتي.. نسيت حتى إنه كان زوجي لأني ما أبي أكون زوجة لأحد غير راكان.. حتى في ذكرياتي حمد هذا مسحته من ذاكرتي.. مسحته نهائي ما أدري أشلون.. بس هذا تأثير راكان أكيد..
لطيفة بتأثر عميق ودمعة موجعة تفر من طرف عينها: تكلمين جد؟؟
موضي ابتسمت: تبين دليل
قالتها وهي تمد يدها لجيب بلوزتها اللاصقة وتسحب الجيب حتى اتسع ثم تظهر كتفها للطيفة وتهمس بهدوء: هذا من حمد.. وعشان كذا كنت استحي أبدل قدامكم لكن الحين عادي.. ما يهمني
لطيفة انتفضت بعنف كاسح.. و مدت يدها تلمس الأثر بوجع.. ثم احتضنت موضي بقوة وانخرطت في بكاء حاد
موضي بتأثر عميق: لطيفة تكفين مالي خلق أبكي.. ماني اليوم في مود أفلام هندية وبعدين أنتي بالذات ما تعودت إنش تبكين.. لو مشاعل ماعليه أم دميعتين بس أنتي لأ.. فلا تخليني أخورها الحين (يخورها= يفقد اتزانه)
لطيفة تتنهد وهي تلفت موضي: والله العظيم مبسوطة لش.. أنتي وراكان تستاهلون كل خير
موضي تبتسم لمجرد ذكر اسمه: فديت الطاري أبي أغير في شكلي شوي قبل يجي.. بويش تنصحيني؟؟
لطيفة تبتسم وهي تمسح بقايا دموعها: عاد أنتي أخر من يعطى نصيحة في الكشخة راجعة كشيخة وبقوة.. بس تبين نصيحتي؟؟... تحني.. أنتي مالحقتي تحنين في عرسش تحني حنا من قلب.. اليد تحني لين عضدش.. والرجل لين تحت الركبة
موضي تضحك: زين ماقلتي لي اليد لين الكتف.. والرجل لين الفخذ
لطيفة بغيظ: والله أتكلم جد يالعبيطة
موضي تهز كتفيها وعيناها تلمعان: خلاص بكرة بأروح أصبغ شعري وأقصه قصة جديدة.... وعقب بأروح أتحنى.. يستاهل راكان.. جايب الذهبية
(هل هي الذهبية فقط ما أحضرها.. ياموضي؟!!!)
***************************
سيارة فارس التي تدور في شوارع الدوحة دون هدف معين
فارس خرج من عند جدته بعد أن أرضاها ولكنه هو ذاته يشعر بقلق متعاظم منذ أخبرته مريم بانهيار العنود يريد الاطمئنان عليها.. فلِـمَ التردد وهو ما اعتاد التردد؟؟
تناول هاتفه واتصل بها كانت في غرفتها تدرس.. أو تدعي إنها تدرس حتى لا ترى أحدا أو ترى نظرة شفقة في عين أحد تذكرها أن فارسا نبذها وأن كبرياءه كان أهم من كرامتها الكرامة متطلب حياة لكن الكبرياء ترف زائد فترفه كان أهم من متطلباتها
كان الهاتف على السرير وهي تدرس على مكتبها رن مرة.. وليس لها رغبة بالرد.. ثم رن الثانية حينها نهضت بتثاقل لترى اسمه يضيء على الشاشة لا تشعر بالنشوة.. ولا تشعر بالاضطراب.. ولا تشعر بالشوق ولا أي من المشاعر التي كان يثيرها اسمه فيها تشعر..... بالغضب .. الكثير من الغضب (ويجرؤ على الاتصال بي الوقح؟!!)
أغلقت الاتصال
حينها اشتعل فارس غضبا أوقف السيارة على جانب الطريق.. لأنه شعر أنه ماعاد يرى الطريق من احتكام غضبه عاود الاتصال.. فعاودت الإغلاق في وجهه
حينها أرسل لها رسالة "زين يا العنود دواش عندي"
فأرسلت له " أعلى مافي خيلك اركبه ما تهمني أنت ولا اللي بتسويه"
"أنا جايش الحين وشوفي وش بأسوي"
العنود توترت تعلم أنه سيفعلها وهي أيضا تستطيع أن تتصل بوالدها وشقيقها مشعل لتخبرهما بتهديد فارس لها ولكنها تعلم أنها ما أن تفعل ذلك حتى تحول مشكلتهما من شيء بينهما لمشكلة عائلية وهذا ما لا تريده.. يكفيها أن تعيش هي التوتر وتتناساه حين تكون مع الآخرين فلو عممت مشكلتها على الجميع سيصبح الجو العام مشحونا وتعيش ضغطا متواصلا
تنهدت واتصلت به فور انفتاح الخط همست من بين أسنانها: نعم
فارس بغضب مكتوم: أشلون تسكرين الخط في وجهي؟؟
العنود تحاول التسلح بالبرود رغم فشلها الذريع: والله حرية شخصية.. أكلم اللي أبي
فارس بغضب حاد: وبعد؟؟ مع شينه قوات عينه؟؟
العنود تتنهد: ليه فارس هو أنت بس اللي لك حق تعصب ويكون عندك كرامة وغيرك تدوسه بأرجيلك ولا تهتم ليش أساسا أرد عليك.. متوقعة منك كلام حلو عقب اللي سويته فيني اليوم؟؟ أنت خلاص ما تهمني.. انت اللي قطعت اللي بيننا أول وتالي..
فارس بغضب مرعب: زين العنود أنا أوريش
حينها انفجرت العنود: أنا أبي أعرف أنت على شنو شايف حالك أنا ماني بجارية عندك تبيعني وتشتريني ضربتني بدون سبب وحتى الاعتذار ورد كرامتي استكثرته علي اللي تبي تسويه سوه.. أنا في بيت محمد بن مشعل فكر بس تفكير إنك تدهم حرمة البيت عشان تشوف اللي بيصير لك والله إن قد تعيف تكبّارك اللي على غير سنع وتعرف قدرك
فارس لم يعد يرى من الغضب فعلا وهو يكاد يحطم الهاتف بين أنامله: اقطعي واخسي قدام أقص لسانش.. والله إنش خسارة فيش المحبة والحشيمة
العنود بغضب مشابه: وش في يدك؟؟ بيتك وطلعت منه.. تبي تطلقني؟؟ طلقني وبعدين وش محبته وش حشيمته؟؟ الله يلعن أبو الحب اللي تعرفه.. أنت ما تحب حد غير نفسك خلك مع نفسك وحبها على كيفك
فارس أنهى الاتصال لأنه خشي من شدة غضبه أن يتهور ويطلقها فعلا حبه العميق لها بقي الحاجز الأخير الذي منعه من الانغماس في تيار الغضب
كلاهما ينتفض غضبا في مكانه فارس في سيارته والعنود تدور في غرفتها وحزن أكثر عمقا يتجذر في قلب الاثنين والهوة بينهما تتسع أكثر وأكثر
*************************
بعد يومين يوم الاثنين يوم عودة راكان
موضي متوترة تماما.. مشتاقة.. بل نضجت من الاشتياق.. لم تتوقع أن افتقادها له سيكون موجعا هكذا تبدو كل رحابة الأرض أضيق من فتحة إبرة بعيدا عن رحابة وجوده.. اشتياقها له غريب..عميق.. مختلف أ هكذا يكون اشتياق الأصحاب للأصحاب؟!!
موضي لا تفكر مطلقا بتجاوز حدودها معه فهي وإن كانت تجاوزت وبنجاح غير متوقع مأساتها مع حمد.. وعودة حمد هي من فتحت الباب لهذا التجاوز وهي تعلم بعودته بل وتلمحه وهو خارج من بيت والدها ولا تثير عودته لديها أي مشاعر.. فمشاعرها كلها تنبض اهتماما براكان فقط فراكان وحضور راكان احتلا كل مسامحات قلبها وتفكيرها وماعاد هناك مجال لتفكر بسواه ولكنها تتذكر أن راكان قال لها في بداية زواجهما أن الوجود الأنثوي لا يهمه ولا يستهويه.. وهناك شبح حبيبة بينهما.. شبح يؤلمها بوحشية فبأي وجه تستطيع فرض نفسها عليه؟!! ألا يكفي أنه تزوجها بناء على طلبها وشروطها التي لولا أنها ناسبته لم يكن ليوافق عليها فكيف تحاول تغييرها الآن؟!! راكان يستحق كل الاحترام والتقدير.. وهذا ما يجب أن تحرص عليه
موضي أنهت ترتيب بيتها وتبخيره وتعطيره.. استحمت وهاهي تكوي شعرها أمام المرآة وهي تنظر لنقوش الحناء الدقيقة والمبهرة على ذراعيها الناعمين و للون شعرها الجديد وقصته الجديدة التي ناسبتها تماما تدريج خفيف لشعرها على نفس طوله.. ومع كثافة شعرها ونعومته بدا التدريج كأمواج بحر من الشيكولاته والكراميل اللونين اللذين ناسبا القصة ولون بشرتها لأبعد حد
*************************
صباح واشنطن شقة مشعل بن عبدالله
هيا ترتب غرفة مشعل الذي يحتسي قهوته في الصالة ويراجع الفصول الأخيرة من أطروحته
هيا تتناول جاكيته لتعلقه ولكنها تنفضه أولا وتمسحه فوجئت بوجود شعرة شقراء متوسطة الطول على الجاكيت تنهدت هيا بعمق.. وهي تعد للعشرة فهي تعرف أنها تصبح مجنونة حين يتعلق الأمر بغيرتها على مشعل حين وصلت للرقم عشرة تنهدت بعمق أكبر مشعل يستحيل أن يفعل أي شيء من هذا القبيل حتى لو لم يكن لها هي أهمية عنده.. فمشعل شديد التدين والحرص على كل ما يتعلق بدينه.. ويستحيل أن ينحدر لهذا المستوى قد تكون الشعرة التصقت به مع الزحام.. أو شعرة نادلة وقفت جواره لتضع طلبا ما على طاولته أو أي شيء آخر
ولكنها حتى تقطع السبيل على الشيطان ووسوسته.. تناولت الجاكيت وخرجت به لمشعل
همست بحنو: حبيبي بدون ما تعصب علي.. تدري هذي جات من وين؟؟
قالتها وهي ترفع الشعرة عن الجاكيت
مشعل ابتسم: والله كني شايف ذا الحركة في فيلم عربي مـــغــبـــر أيام الأسود والأبيض والشعرة لازم تكون شقراء عشان تبين عدل وعقبها بكرة بعد تقعدين تدورين روج على ياقات القمصان .. وتشمين ثيابي تدورين ريحة عطر نسائي عشان تسوين الجزء الثاني من الفيلم
هيا ألقت الجاكيت على الكرسي وهي تهمس بغيظ: تدري إنك بايخ وتدري إني أغير عليك فلا تحرق أعصابي
مشعل وقف واحتضنها بعمق: وانتي تدرين إني أموت عليش والشعرة والله العظيم ما أدري من وين جات أكيد لصقت فيني مع الزحمة أول كان ممكن أقبل منش ذا التفكير بس ذا الحين لا.. لا يأم سلطان تشكين في أبو سلطان؟!!
*************************
مجلس آل مشعل بعد صلاة العشاء عشاء ضخم وحاشد والمجلس ممتلئ عن آخره بالرجال
الليلة عودة راكان وكان هناك استقبال حاشد له في المطار ورابطة المشجعين أعدوا له مسيرة سارت من المطار إلى الكورنيش إلى مقر نادي الرماية حيث انتهت
وهاهو على وشك الوصول من نادي الرماية لم يغب أحدا مطلقا من أهلهم ومعارفهم حتى حمد كان موجودا حمد خلال الأيام الماضية زار أخواله وجدته وطلب سماح خاله عبدالله واعتذر له بحرارة وكان عشائه عند خاله البارحة ولكنه لم يكن مرتاحا مطلقا.. ففارس ومشعل كلاهما كانا ينظران له شزرا وهما يتذكران منظر موضي قبل عدة أشهر محطمة الأضلاع في المستشفى وكأنهما يتحرقان لإفراغ غضب ما فيه غضب قد لا يكون له هو ذنب فعلي فيه
لذا كان حمد لا يريد الحضور اليوم.. فآخر ما ينقصه هو مقابلة راكان والنظر في عينيه ولكن والده أصر عليه.. ألف شعور متقلب يغزو روحه الغيرة والحزن واليأس والاهانة والألم
راكان مع فارس في السيارة ويسأله عن أخبار الأهل جميعهم
فارس بهدوء: كلهم طيبين
راكان بهدوء حذر: العنود رجعت لبيتها؟؟
فارس بهدوء: مالك لوا
راكان بهدوء: ومطولين كذا؟؟
فارس يريد إغلاق الموضوع: الله يجيب خير
راكان فهم رغبته في إنهاء الحديث فهمس بهدوء: أشلون أمي هيا؟؟
ابتسم فارس: أنت ليش ما تجيبها من الآخر.. وتقول أشلون موضي؟؟
ابتسم راكان: يانظر عيني موضي كلمتها أول ما نزلت من الطيارة.. ما أنتظر أخذ علومها من جنابك
فارس بابتسامة: الله يديم عليكم المودة.. ثم أردف بمرح: أما موضي صارت تحفة اسمك ما يطيح من لسانها.. راكان فديته كذا وراكان فديته كذا حتى لو مالك خص في السالفة لازم تدخلك.. حتى لو الكلام عن رياضة الجمباز وإلا عن طبخ الكبسة.. بتدخلك بتدخلك
راكان باستغراب لم يظهر في صوته الهادئ: موضي؟؟
فارس يبتسم: إيه موضي حرمكم المصون ثم أردف بهدوء: يالله وصلنا انزل
راكان يبتسم: ماشاء الله وش ذا السيارات كلها..
فارس بهدوء: مشعل مسوي لك عشاء كبير وماخلا حد ما عزمه ثم أردف بحذر: وترى ولد عمتك رجع من دورته.. ويمكن يكون موجود
راكان بحدة حاول أن يكتمها رغم أن لون وجهه تغير: أي ولد عمتي؟؟
فارس يفتح الباب ويستعد للنزول: ليه عندك غيره؟!! حــــمـــد بن جـــابـــــر
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 2:33 pm | |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباحات البهجة والاختلاف أهلا بكل اللي عبروا خلال أسى الهجران سواء عبروا عن مرورهم بكلمة أو اكتفوا بنثر عطرهم الصامت بين أروقة أسى الهجران سعادتي لا حدود لها بردودكم وتعليقاتكم وانفعالاتكم وحتى خلافاتكم الله لا يحرمني منكم يا نبضات قلبي . . ننتقل لأسئلة الغوالي قبل البارت متى بنتهي بالرواية؟؟ ليه الاستعجال كذا؟؟ لذا الدرجة تمللتوا مني يعني؟!!أنا قلت لكم إنها خلصت فعلا مافيكم صبر لين تنتهي فعلا أنا مثل ما قلت قبل حابة إنكم تتفاجأون بالنهاية قدامكم عشان كذا استحملونا شوي لين تخلص
هل سأكتب رواية ثالثة؟؟ رغم أني وبكل صراحة أحب الكتابة وعندي فعلا أفكار لرواية ثالثة لكن ما أعتقد إني باقدر أكتب رواية ثالثة أنا كل يوم عن اللي قلبه انسحب أكثر لعوالم الأمومة ومشاغلها وينزاح عن خيالي كل شيء ثاني كفاية عليكم غثيتكم بروايتين تبون مغثة ثالثة يعني؟!! . . بارت اليوم بارت دسم جدا .. وبالنسبة للتوقعات: أعتقد إنه ولا وحدة فيكم توقعت لقاء راكان موضي التوقع الصحيح.. اللي بيصير غير متوقع لكن لقاء حمد وراكان كثير منكم توقعوا اللي بيصير ماشاء الله عليكم . . اليوم بيكون زواج مريم اللي أنا كنت أجهز له ولكل شيء بيصير فيه من البارتات الأولى في أسى الهجران ارجعوا اقرأوا ظهور مريم الأول في الرواية ثم لقاءها مع مشعل لما قال لها عن خطبة سعد كان فيها عبارات وأوصاف مقصودة بتتضح لكم أكثر في البارتات الجاية . . موعدنا الجاي بيكون يوم السبت إن شاء الله الساعة 9 ونصف صباحا إن شاء الله . . يالله استلموا . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . .
أسى الهجران/ الجزء الثامن والتسعون
مجلس آل مشعل بعد صلاة العشاء
راكان يدخل للمجلس ويقف الجميع للسلام عليه
بينما مشعل بعد أن سلم عليه.. خرج لخارج المجلس واستخرج مسدسه من جيبه وأفرغ المشط كاملا في الهواء احتفالا براكان
راكان كان يسلم على الرجال ويستقبل تهانيهم وسلاماتهم بينما عيناه تبحثان عن وجه ما حتى التقت العينان بالعينين تم السلام بصورة طبيعية لم تلفت انتباه أحد ولكن النظرات لم تكن طبيعية مطلقا خليط من غضب حاد وغيرة موجعة
كلاهما يعرفان تماما قيمة المرأة التي خسرها أحدهما وكسبها الآخر خسارة فادحة لأحدهما.. وربح مبتور للآخر
ولكن كلاهما قررا أن يكبرا عقليهما حتى لا ينقلا مشاعرهما للعلن فبينهما قرابة ويحكمهما العرف جلسا كلاهما وفي مكانين متباعدين وكل واحد يغرق في مشاعر عميقة من الوجع
حمد كان يحاول تجاوز كل هذا موضي لم تعد له.. ولن تصبح له يوما.. شعور مؤلم وجارح لأبعد حد ولكن لابد من تجاوزه تكفيه حاليا فرحة صغيراته الثلاث به يريد أن يعوضهن عن كل حرمان أن يشعرهن بأبوته وأخوته.. أن يدللهن كما يستحققن منه
ولكن مشاعر راكان كانت أكثر تعقيدا وألما ووحشية كان ينظر لحمد وهو يود انتزاعه من مكانه وتحطيم وجهه ونسف هذه الابتسامة الرتيبة التي يرسمها على وجهه
(تزوج موضي لأربع سنوات كم مرة لمسها خلال هذه السنوات؟!! وكم مرة ضربها؟!! كم قبلة قبلها؟!! وكم مرة أدمى شفتيها بصفعاته؟!! كم مرة أمسك بأناملها بين يديه؟!! وكم مرة اعتصر أناملها بقسوة؟!! كم مرة مسح على شعرها؟!! وكم مرة مزّق شعرها؟!!)
راكان يكاد يجن من هذه الافكار.. يحترق.. يتناثر.. وجعا وغيرة وألما
(حمد يبتسم بينما موضي مازالت تعاني مما فعله بها سأراها بعد قليل لأجدها تلتف مني وتخفي المها عني وهي ترى نفسها امرأة ناقصة لابد أن تخفي عيوبها بعد أن سلبها هذا الحقير ثقتها بنفسها وامتهن روحها وجسدها جسدها الذي يستنـزفني الاشتياق له.. بينما هي تراه أقل مما استحق بعد أن ترك ذلك الحيوان آثار ضربه عليه)
راكان حينما وصلت أفكاره لهذا المستوى بدت قبضته تتقلص بشدة وهو يحاول السيطرة على نفسه
"وش فيك راكان؟"
راكان يجاوب الجالس جواره بهدوء ظاهري: مافيني شيء أحمد؟؟
أحمد بمودة: زين طال عمرك.. أنا لازم أستاذن.. سمو الأمير الله يحفظه بيسافر عقب يومين للكويت والليلة عندنا اجتماع عشان اللي بيسافرون الفجر في الوفد المرافق اللي بيوصل قبل سموه
راكان بحزم: انتظرني.. والله ماتروح لين تعشى.. ثم بأروح معك.. عندي أصلا شنطة مجهزة في الديوان لحالات الطوارئ
أحمد باستغراب: وين تروح معي؟؟ توك واصل ما حتى ارتحت
راكان بحزم شديد: قلت لك انتظرني
أحمد هز رأسه إيجابا فهو يعرف راكان ومادام أصر فلا شيء سيردعه
راكان كان في رأسه تفكير مختلف.. فهو غاضب.. غاضب لأبعد حد ويخشى أن يفجر غضبه في موضي.. حين يرى انكسارها الذي سيذكره بما فعله بها الجالس أمامه لن يحتمل المزيد من انكسارها.. ولا ترهات نقصها.. ولا خوفها على جسدها ومن جسدها يخشى أن يؤذيها أو يجرحها وهو يود أن يكتوي بنار اشتياقه لرؤية عينيها التي رافقته حتى في أحلامه في الأيام الماضية ولا أن يسبب لها أدنى أذى لذا قرر أن يسافر حتى تهدأ أعصابه.. قرر أن يحرم نفسه من رؤيتها خوفا من مجرد فكرة أن يجرحها
بعد العشاء خرج أحمد لسيارته وراكان همس لوالده وشقيقة مشعل أن هناك سفرا مفاجئا يستلزم ذهابه الآن ولن يتأخر.. سيعود قبل زواج مريم الذي سيكون الخميس بعد 3 أيام ثم خرج للحاق بأحمد الذي كان يستعجل راكان لأنهما تأخرا كثيرا
**************************
قسم راكان الساعة الواحدة بعد منتصف الليل
موضي لم تعد تستطع الجلوس قلقا واشتياقا فراكان تأخر عليها ولم يتصل بها حتى أعصابها تكاد تتلف
وأخيرا رن هاتفها التقتطه بلهفة موجعة: وينك راكان؟؟
رنة اللهفة في صوتها آلمته لأبعد حد.. همس بحنان: سامحيني موضي بس ما أقدر أجي
موضي برعب: ليش؟؟ فيك شيء؟؟
شعر بألم أكبر من أجلها وليس من أجل نفسه: لا والله مافيني شيء.. سالم أنا الحين في الديوان.. وباطلع للكويت
لم يعطها أسبابا ولا تفاصيل.. فهو لا يريد اخبارها بالحقيقة وفي ذات الوقت لا يريد الكذب عليها صمتت موضي بألم بالغ.. لم يخطر ببالها أنه قد يكون هاربا منها ولأجلها كل مافكرت به هو احترام ظروف عمله حتى لو على حساب نفسها ومشاعرها واشتياقها الذي تشعر به الآن يمزقها بوحشية
حاولت أن تبتسم: دامك سالم.. كل شيء يهون
همس لها بحنان مصفى: تبين شيء؟؟ قاصرش شيء؟؟ أنا ماني بمتأخر.. قبل زواج مريم باجي إن شاء الله
همست بألم لم تستطع اخفائه: كنت أبي أقول لك باشتاق لك بس ما أقدر أقولها.. لأن كل الشوق اللي عندي خلص تكفى راكان ما تتأخر
راكان تسلل لروحه إحساس عميق بالندم.. هو أيضا استنفذ كل الشوق الذي في العالم فهل سيصبر لعدة أيام بعد؟؟ همس لها بمودة: ماني بمتأخر.. أدري ما تقدرين ترجعين بيت عمي الحين نادي العنود تنام عندش.. زين؟؟
فهمست له بمودة أعمق: إن شاء الله.. وكلمني أول ماتوصل.. ترا ماني براقدة لين تكلمني
فهمس لها بقلق رقيق: لا موضي نامي.. وأنا بارسل لش مسج
موضي بعذوبة موجعة: مستحيل يجيني نوم.. ناطرتك
طوال الأيام التي مضت من زواجهما اعترفا بصراحة وأريحية وعمق بكل المشاعر التي قد تكون بين العشاق بل وصلا فيها حدها الأقصى.. الأقصى الشوق.. الولع.. اللوعة.. الاحتياج ولكنهما مازالا يعتقدان أن ما بينهما محض مشاعر ود كالتي تكون بين الأصدقاء مازالا كلاهما بعيدين عن الاعتراف بحقيقة الشعور الذي بات يجمعهما بل يمزج بينهما بكل العنف والقوة والعنفوان
انتهى الاتصال وموضي سمحت لأنهار دموعها المحبوسة بالانهمار عميق هو هذا الألم الذي تشعر به تشعر أن قلبها يؤلمها فعليا.. وكأن أحدا يعتصر قلبها بيده بقسوة لتنبثق دمائها من بين أنامله
اقتربت من المرآة لتزيل مشابك الكرستال من غرتها كانت تنتزعها بأسى عميق.. وهي تنظر في المرآة الطويلة لتعبها الطويل في التأنق الذي ذهب هباء دون أن يراه زينتها المتقنة التي اختلطت بدموعها.. لمعان شفتيها وكحل عينيها تسريحتها الأنيقة التي أبرزت القصة الجديدة ولونها بشكل بديع تنظر حتى لصندلها الكريستالي الذي أضفى لنقوش الحناء على قدميها ألقا مثيرا و تنظر بذات الأسى لفستانها الأسود القصير الذي يصل لأسفل ركبتيها في طراز روماني معلق في أحد الأكتاف بخطوط رفيعة من الكريستال بينما يكشف الطرف الآخر عن كتفها المصابة كـــــــامــــلــــــة!!!
*******************************
باريس منتصف الليل شارع الشانزلزيه شارع العرب المفضل في باريس والذي أخذ كثيرا من طباعهم وحبهم للسهر والاستعراض
مشاعل تتأبط ذراع ناصر وتهمس برقة: تدري قبل سنتين جابنا مشعل هنا أنا وسلطان وريم بس ذا المرة عندي غير.. والله غير
ناصر يبتسم: ليه أنتي تبين تقارنين خوتي بخوة مشعل أبو دم ثقيل وإلا سليطين الأذوة؟؟
مشاعل قرصته في ذراعه وهي تهمس بغضب رقيق: حدك ناصر.. كله ولا أخواني
ناصر يدعك القرصة رغم أنه لم يشعر بها حتى.. ويهمس بمرح: يمه.. تصير نمرة مفترسة عند أخوانها.. أمزح أمزح.. أخوانش على رأسي.. وحتى سواقكم وراعي البقالة اللي ناحية بيتكم.. ولا يهمش
مشاعل تبتسم: مليغ
ناصر يبتسم: مليغ بس يحبش
مشاعل تهمس له: وأنا أحب المليغ مع أنه مايستاهل ثم أردفت برقة: متى نرجع حبيبي؟؟
ناصر بابتسامة: تونا واصلين قبل أمس.. زهقتي مني؟؟ توش تقولين باريس معي غير
مشاعل بخجل: حرام عليك مهوب قصدي.. أنا بس عشان أبي أشتري لمريم هدية عدلة.. وأبي أعرف كم بنقعد وأبي أشتري للبنات كلهم بعد..
ناصر يضحك: إلا العنود
مشاعل باستغراب باسم: أمحق أخ.. ليش يعني؟؟
ناصر يبتسم: تأديبا لها عشان ماتبي ترجع لفارس.. حرقت قلب الولد
مشاعل ترفع حاجبها: ياسلام وأنت بتصف مع حزب الرياجيل حتى على أختك
ناصر بحنان: فديتها أختي.. هي صحيح دلوعة.. بس والله ما شفت أذرب منها ولا آدب.. ولا أطيب من قلبها وسموحة خاطرها بس أنا مايهون علي فارس.. أدري إنه متولع فيها
مشاعل تشدد احتضانها لعضده وهي تضع رأسها عليه: والعنود متولعة فيه...و هي ورجالها يعرفون يحلون مشاكلهم مثل ماانحل اللي بيننا.. مصير اللي بينهم ينحل إن شاء الله
ناصر بحنان: ليه هو كل الحريم مثلش؟!! مافيه مثلش ياقلبي
مشاعل ببعض حزن: إلا قلها بصراحة.. أنت اللي مافيه مثلك بس أنا جننتك تدري ناصر أنا أقرب وحدة في خواتي لأمي.. ودايما تدعي لي والأكيد ياناصر إنك أنت بركة دعاء أمي لي.. الله خلاك من نصيبي الله لا يحرمني منك.. والله مثلك في الرياجيل مافيه
************************
واشنطن شقة مشعل بعد صلاة العصر
هيا صلت العصر ثم انشغلت في إعادة ترتيب ملابس مشعل وكتبه فهي انتهى وحمها من غرفته منذ عدة أيام وعادت للنوم فيها منذ أيام فقط وهي ترى أن الكثير من الأشياء يحتاج للترتيب بعد أن كانت تترك له سلة الملابس المكوية على باب غرفته ليدخلها بنفسه لذا كان كل الترتيب يفتقد لمستها الحانية الدقيقة
رن هاتفها ابتسمت: أهلا مدام يوسف
باكينام بابتسامة تخفي بها حزن غير مفهوم: هو يوسف فاكر المدام أصلا
هيا بابتسامة خبيثة: بعده ما أتصل من يوم خذش من عندي قبل أمس
باكينام تنهدت: اتصل امبارح..كلمتين وئفل ازيك؟؟ عاوزة حاجة؟؟ وبس
هيا بابتسامة متسعة: والله العظيم حرام عليش اللي تسوينه في نفسش وفي المسكين
باكينام بألم تخفيه بابتسامة: أعمل فيه الجزمة الئديمة اللي في دماغي على ئولتك ثم أردفت: سيبك مني أنا ويوسف.. تيجي تزوريني؟؟ هاطئ من جنابي
هيا تضحك: تطئي ما تطئي.. ما أقدر.. عندي ترتيب كثير لازم أخلصه
باكينام باستعجال عفوي: هاكلمك بعدين ونتفاهم.. الجرس بيضرب.. يارب يوسف
هيا تضحك على جنون باكينام المستعصي وهي تعود للترتيب
"هاه ما أسرع سويتي الجزء الثاني.. بديتي تدورين الروج والعطر؟!!"
صوته المرح العميق قاطع ترتيبها
التفتت للقامة المديدة التي تتسند على الباب وابتسمت: سخيف.. والله العظيم حدك سخيف
اقترب منها وهي تجلس على الأرض وترتب..أوقفها بحنو وخفة وهمس لها بحنان مصفى: لا عاد تجلسين على الأرض كذا.. هذا أولا ثانيا: يا ويلش تقولين سخيف ذي مرة ثانية
هيا تبتسم برقة: وأنا وش أسوي يوم تستفز أعصابي يعني.. ماعندي إلا ذا اللسان هذا أولا ثانيا: خلصنا من الجزء الأول والثاني.. أبي أرتب ذا العفيسة اللي اسمها غرفة ثم أردفت بمرح وهي تقبل عضده: لكن إن لقيت شي من اللي أنت تقوله خل عمتي أم مشعل ترحم على روحك بس
**************************
ليل الدوحة المتأخر بيت محمد بن مشعل
غرفة مريم
مريم صلت قيامها.. وأنهت وردها.. وتمددت تريد النوم ولكنها سمعت الخطوات الرقيقة إياها التي تسهرها كل ليلة
ابتسمت مريم: الله كاتب علي الشقا كل ليلة كنت مرتاحة منش يوم كنتي عند فارس
كان الرد قفزة ناعمة لجوارها.. ثم جسد لين معطر يتمدد في حضنها وهي تهمس بمرح عفوي: شأسوي أنا وحدة تعودت أنام في حضن أول أنتي ثم فارس.. وفارس بعد مهوب أي حضن.. طول الليل خانقني.. ما يخليني أبعد عنه حتى سانتي واحد تعودت ما أنام إلا مخنوقة
همست لها مريم بحنان وهي تحتضنها برقة: اشتقتي له؟؟
تصلب جسد العنود وشعرت مريم بذلك والعنود تهمس بحدة: لا ما اشتقت له.. يخسي ثم تنهدت وهي تسيطر على أعصابها: لكن باشتاق لش انتي عقب كم يوم
حينها تصلب جسد مريم لتشعر العنود بهذا التصلب وتهمس لها بحنان لتزيل توترها: ترا سعد والله يجنن شفت صوره عند عمتي أم فارس.. ياي يامريم.. وش ذا الرزة؟؟ وش ذا الثقل؟؟ وإلا شكله في اللبس العسكري وااااااو.. وااااااااااو يطير العقل
كانت العنود مستغرقة في وصف سعد الذي كان فيه جزء من الحقيقة وأجزاء من المبالغة تحاول بها تنحية المشاعر السلبية عن مريم حينها مريم قاطعتها وهي تهمس بهدوء: العنود ترا شكله ما يهمني.. حتى لو كان أبشع رجّال في العالم.. أنا وش يهمني؟؟ بأشوفه يعني؟؟ حتى أخلاقه.. أدري الكل يمدحه.. لكن الرجّال مع مرته غير.. والشيء الثاني أخاف إني أنا اللي ما أعرف أشلون أتعامل معه
العنود تبتسم: أنتي بس خليه لين يشوفش ويعرفش.. والله لا تضيع علومه أول وتالي ريحي أعصابش ولا تتوترين.. ماباقي على عرسش شيء
كانا في حوارهما حين رن هاتف العنود.. كانت موضي تطلب منها أن تنام عندها وتخبرها أنها ستفتح الباب وتنتظرها عنده
همست العنود لمريم: الله ريحش من إزعاجي.. بأروح أقط غثاي على موضي
مريم بتساؤل: إلا صدق راكان ليش مامر علينا حتى قبل يسافر مرة ثانية؟؟
العنود تستعد للخروج: سافر مع الديوان مستعجل.. اتصل في أمي وقالها
***************************
قبل ذلك بعدة ساعات بيت جابر بن حمد
غرفة معالي حيث كانت تجتمع هي وشقيقتيها ويدور بينهما حواراتهما المعتادة بين الدراسة والتعليقات
كان الباب مفتوحا.. وأصواتهن عالية دخل عليهن حمد الذي كان عائدا من العشاء ومتوجها لغرفته.. وجذب انتباهه الصوت صمتن ثلاثتهن بتوتر.. خفن أن يؤنبهن أو يوبخهن على علو أصواتهن
ابتسم: أما أشكالكم وانتو عويناتكم ترمش من الخوف تونس
معالي بنصف ابتسامة: والله خايفين تدبغنا على الأصوات الجهورية الجميلة اللي كان لي أنا النصيب الأكبر منها
حمد توجه لسريرها وجلس جوارها ثم احتضن كتفيها بحنان: تستاهلين من يدبغش ويكوفنش شوي.. بس ذا المرة سماح
قفزت معالي لتخلع نظارته ثم تقبل عينيه: جعل عيونك الأربع كلها سالمة
حمد يضحك: احشميني يا بنت.. أنا بو أربع عيون
معالي تنظر للنظارة في يدها وتشير لها وهي تهمس بمرح: والله أنا ماقلته.. هذي تقوله
حمد يلتفت لعلياء وعالية الصامتين: وهذولا وشفيهم كنهم عجايز ماكول عشاهم وإلا معالي محرمة عليكم الكلام..؟! وإلا أكيد خلصت الحكي عليكم؟!!
الاثنتان في نفس الوقت: لا والله فديتك
أشار حمد للناحية الأخرى جواره لتجلسا فيها كلتاهما ثم همس بهدوء أبوي: أشرايكم أوديكم ذا الويكند أي مكان تبونه؟!!
الثلاث صرخن في وقت واحد: أي مكان؟؟
حمد بابتسامة: خرقتوا أذني.. إيه أي مكان الشاليهات.. دبي.. البحرين.. الخبر أي مكان
معالي تهمس قبلهم: هذي تبي لها تفكير.. ممكن؟؟
حمد يهمس لهن بحنان: لا ما تبي لها تفكير.. لأنه كل أسبوع بأوديكم مكان فاللي منتو بجاينه ذا الأسبوع تجونه الأسبوع الجاي
الثلاث بتأثر: صدق حمد..؟!!
الفتيات الثلاث كان سفرهن نادرا.. فوالدهن رغم استطاعته المادية ولكنه رجل كبير في السن.. ويخاف أن يسافر بهن إلى أي مكان.. وحمد طوال عمره كان لاهيا في عوالمه.. بل حتى في داخل قطر هناك الكثير من الأمكنة اللاتي لم يزرنها والتي تحتاج لوجود رجل معهن ووالدتهن بحرصها الشديد عليهن كانت تبالغ في الخوف عليهن لذا كن دائما يشعرن بنقص ما.. وهن محرومات من رفقة شقيق لهن ككل الفتيات.. لم تكن السفرة تهمهن بقدر فرحتهن باهتمام شقيقهن بهن
حمد أجاب بحنان مصفى: أكيد صدق ومن الحين فكروا في المكان اللي تبونه عشان سفرة الصيف اللي بتكون طويلة طويلة تدللوا بس!!!
*************************************
قسم راكان قبل أذان الفجر
الفتاتان مازالتا ساهرتان تتحدثان تتمددان على السرير موضي كانت قد أخذت إجازة في الغد على اعتبار عودة راكان والعنود ليس لديها سوى محاضرة واحدة عصرا لذا قررتا ألا تناما إلا بعد الصلاة
العنود تهمس لموضي: موضي الأكل اللي برا شلتيه أو لا؟؟
موضي تبتسم: أكيد شلته
العنود بابتسامة: أما راكان ذا ماله في الطيب نصيب.. فاته ذا الحلويات كلها أحس بطني بينفجر من كثر ما كلت
موضي بعذوبة: فيه عوافي ربي لبطنش
العنود برقة: بس أنتي ماكلتي شيء
موضي بهدوء: والله ماني بمشتهية.. وعلى فكرة ترا الحلو اللي عجبش.. يحبه فارس موت
همست العنود بألم غريب: أدري.. أنا صرت أحبه من عقبه
موضي برقة: ولمتى والوضع على ماهو عليه؟؟
العنود برجاء عميق: تكفين موضي قفلي ذا الموضوع ثم أردفت وهي تمسك ذراع موضي: أما الحناء عليش خيال صراحة خسارة إن راكان ماشافه ويوم يرجع بيكون بهت.. حرام والله
موضي تبتسم بألم: جعل الحنا وراعيته فدوتن له.. مايهم..
العنود تبتسم: ياسلام على العشاق اللي على مستوى عالي
موضي شهقت بعفوية: عشاق؟؟
العنود ضحكت برقة: عدال على اللي تخرعت.. إيه العشاق.. وإلا بتسوين روحش مستحية علي
ارتبكت موضي ولكنها همست بطبيعية ومرح مصطنعين: تحشمي عنودة.. هذا شيء ما تعرفينه.. إذا كبرتي شوي قلت لش
موضي صمتت وكلمة "عشاق" ترن في رأسها كالمطارق "عشاق" أم "أصحاب" ؟!! عشاق؟! أصحاب؟! عشاق؟! أصحاب؟!
**************************
اليوم التالي قبل صلاة الظهر بساعة
موضي صحت من نومها قبل العنود تنظر للفتنة الطاغية النائمة بجوارها..وتبتسم (ما ألوم فارس بيستخف عليها شوفتها حتى وهي نايمة تفتح النفس)
ثم شهقت وهي يخطر ببالها شيء ( فارس يبي يشوفها.. وهذي أحسن فرصة خلني اتصل له)
نهضت بهاتفها وخرجت للصالة اتصلت بفارس
فارس بهدوء: هلا والله بالشيخة موضي
موضي تبتسم: وهلا والله بالشيخ فارس.. وينك؟؟
فارس بثبات: في الشغل
موضي بخبث رقيق: تقدر تجيني خلال نص ساعة
فارس بنخوة: أفا عليش.. أقدر.. آمريني
موضي تبتسم: فازع الأخ.. مشكور ما نبي فزعة تعال عشان أوريك مرتك اللي نايمة عندي البارحة
فارس تنهد وهو يهمس بثقة: ما أقدر أجي
موضي باستغراب: مهوب توك قبل يومين.. تقول أبي أشوفها أسرع وقت
فارس بثبات حازم: هذاك قبل يومين.. أشياء كثيرة تغير خلال يومين مشكورة وما أبي أشوفها
موضي هزت كتفيها: كيفك
فارس أغلق هاتفه وهو يسب كبريائه المقيت.. كم هو مشتاق لها!! كم هو مشتاق!! يكاد يذوب اشتياقا ولكن يستحيل أن يعبر لها عن اشتياقه بعد كلامها الحاد معه في مكالمتهما الأخيرة فإن كانت غاضبة منه فهو الآن غاضب منها
*****************************
بعد ثلاثة أيام يوم الخميس يوم زواج مريم بيت محمد بن مشعل
الترتيبات على قدم ساق في كل أرجاء البيت لطيفة تقود الترتيبات تساعدها موضي وأم فارس والجو مازال منعشا لطيفا وخصوصا في الليل لذا تقرر ترتيب الحديقة الشاسعة خلف المنزل للحدث
موضي ولطيفة تغطيان وجيههما بالأجلة من فوق النقابات لإبعاد أشعة الشمس ولطيفة تهمس: خلينا نخلص قبل الصلاة
تهمس موضي: هاه..صرتي تصلين ؟؟
لطيفة بهدوء: الحمدلله.. أصلي من البارحة
موضي خطر لها خاطر صادم وبصورة مفاجئة فهي للتو انتبهت لشيء ما حين سألت لطيفة إن كانت تصلي الآن فأجابتها لطيفة بالإيجاب انتبهت أنها تصلي منذ وقت طويل دون انقطاع تذكرت أن آخر دورة جأتها كانت في لندن قبل أكثر من 6 أسابيع لا تعلم كيف لم تنتبه قبلا انشغل تفكيرها بالكثير من الأشياء راكان وعملها ثم بطولة راكان ثم مساعدة لطيفة في التجهيز لمريم توتر عميق اغتالها أ يعقل؟؟ أ يــعــقــل؟؟ أ يــــعــــقــــل؟؟
حتى أنها في الأيام الاخيرة ماعادت تشتهي الطعام بل ورجعت مرتين كيف لم تربط؟؟ كيف؟؟ هي أرجعت ذلك لغياب راكان.. وتأثرها لغيابه لأنها لم يخطر ببالها ولا حتى لجزء من الثانية ولا للحظة أنها ربما تكون
حــــــــــــامـــــــــل
شعرت أنها عاجزة عن الوقوف فجلست على أحد المقاعد
همست لطيفة بقلق: موضي وش فيش؟؟
موضي بنبرة حاولت أن تكون طبيعية: مافيني شيء..خلينا ندخل داخل
موضي لا تريد أن تخبر أحدا حتى تتأكد بل إذا تأكدت.. لن تخبر أحدا أيضا
تشعر بخجل كاسح وترقب موجع تخشى أن تكون حاملا وتخشى أكثر ألا تكون
تخشى أن تكون حاملا لأنها لا تريد أن تربط راكان بها وكأن الله عز وجل يعاقبه على تهوره لليلة واحدة فربما كان لراكان مخططات أخرى بعيدا عنها ربما كان يريد زوجة أخرى هي من تكمل معه حياته.. وتكون هي أم أولاده تبدو الفكرة متوحشة لها في قسوتها.. ولكنها من أجل راكان قد تفكر بكل شيء
وتخشى ألا تكون حاملا فالبنون هم نعمة عظيمة من الله.. فكيف وهذا الطفل هو بعض من رائحة راكان ستنمو في أحشائها؟!!! منذ خطرت الفكرة ببالها وهي تمسح بطنها بيدها بسعادة غريبة موجعة
(أ يعقل أن أصبح أما ولطفل يكون والده راكان أي طفل رائع سيكون؟!! تكفيه جينات راكان ليكون الطفل الأروع في العالم يا آلهي ..يا آلهي بدأت يداي ترتعشان من مجرد تخيلي لفكرة حمله بين يدي وضمه إلى صدري أحقا.. ابني أنا؟؟ أو ابنتي؟؟ طفلي أنا.. مزيج مني ومن راكان رحماك ربي.. لا أحتمل كل هذه السعادة)
*****************************
مازلنا في بيت محمد بن مشعل قبل الظهر غرفة مريم
العنود بقلق: أنا أبي أعرف وش اللي موترش كذا؟؟ طول عمرش أكثر حد يمسك أعصابه
مريم بحزن: يعني عاجبش إنه عرسي اليوم وأخواني مافيه حد منهم موجود إلا مشعل
العنود تبتسم: فديت قلبش.. ناصر وصل أصلا .. وراح رجّالي المبجل المغرور عشان يجيبهم من المطار
مريم بتساؤل: وراكان؟؟
العنود بطمأنة: توه اتصل في أمي.. يقول طيارته الساعة وحدة يعني أنتي خلش في نفسش ولا تدورين شيء يوترش
وهما في حواراتهما دخلت عليهما لطيفة وموضي
لطيفة جلست بجوار مريم بينما موضي جلست على الأريكة بعد أن سلمت وصمتت وأفكارها تأخذها للبعيد وجلا وقلقا وتوترا ولهفة
لطيفة تهمس: شأخبارها العروسة؟؟
مريم بهدوء: أنا زينة.. بس الظاهر أنتم اللي هلكانين تعب..
لطيفة بمودة: تعبش راحة.. ليت كل التعب مثل تعبش
ثم مالت على أذن مريم تهمس في أذنها: مريم أنا وديت أغراضش كلها البارحة لبيت سعد.. وأم فارس راحت معي شوفي أنا بأشرح لش الترتيب حبة حبة.. بس أهم شيء قميص نومش أنا حطيته في دولاب بروحه.. الدولاب اللي في غرفة الملابس ناحية الحمام على طول هو وصندله والأغراض اللي ممكن تحتاجينها أول ليلة وبلاها نظرة الرعب اللي في وجهش ذي.. أنا منقية لش قميص فخم ومستور ولازم تراعين يامريم يا قلبي.. حتى لو أنتي ما تشوفين إنه سعد يشوف
حينما طال الهمس بين لطيفة ومريم.. العنود تمددت على الكنبة وهي تضع رأسها على فخذ موضي موضي تداعب شعر العنود بحنو.. والعنود تهمس لها: وش سويتي بحناش؟؟ يهبل اليوم
موضي تبتسم: رحت البارحة وخليتها تعيد عليه.. النصابة خذت مني ضعف سعره.. تقول الإعادة صعبة وحساسة ومتعبة
العنود تضحك: ماعليه يستاهل أبو محمد.. وعقبه طلعي اللي دفعتيه من ورا خشمه
موضي تضحك بعذوبة: لا توصين حريص
وهما في حوارتهما سمعا صوت (هرن) سيارة.. لطيفة أطلت مع النافذة.. ثم همست بحماس لطيف: مشاعل وناصر وصلوا.. والظاهر فارس يبي الخدامات يأخذون الشناط
لطيفة وموضي كلتاهما أنزلتا نقابيهما على وجيهما وألتفتا بالأجلة الواسعة ونزلتا لاستقبال شقيقتهما وزوجها
حين تأكدت العنود من خروجهما أطلت مع النافذة كانوا ينزلون من السيارة وفارس لأنه لم يسلم على مشاعل في المطار نزل ليلف لناحيتها وليحتضنها بحنو مشاعل وضعت يدها على خد فارس وهي تهمس بحنان: وش فيك ياقلبي.. ليه شكلك تعبان كذا؟؟
فارس وضع يده على يدها باحتواء حانٍ وهمس بهدوء ودود: مافيني شيء.. ضغط شغل بس
مشاعل بهمس عميق: متأكد إنه ضغط الشغل بس؟؟
ابتسم فارس: خليها على الله ثم عاد لاحتضانها وتقبيل رأسها
ناصر بمرح: مسختوها.. وأنت لا تأكل مرتي.. وخر عنها.. تراني أغار عليها
فارس يلتفت عليه ويبتسم: غارو عليك القوم.. قول آمين.. خواتي أحبهم على كيفي مالك شغل
وإذا كان ناصر ادعى الغيرة من باب المرح.. فإن غيره شعر بها فعليا لم تكن غيرة بقدر ماهي غبطة كانت تنظر لهم من الأعلى تنظر لمشاعل وكفها تسكن على خده.. ثم وهي تسكن بين أحضانه تمنت بعمق موجع أن تكون مكانها فكم اشتاقت لأحضان هذا اللئيم الكريه المغرور!! لحضنه الدافئ كدفء الحياة العابق دائما وأبدا بدهن العود الذي تشبعت به مسامات جسده تشعر الآن كما لو كانت تشعر بقوة ذراعيه وصلابة صدره وتشتم رائحته وهي تحتضن نفسها بذراعيها حتى لا تضيع في هذا الفراغ الموحش بعيدا عنه
انتزعها من أفكارها صوت مريم: العنود شتسوين؟؟
العنود بتلقائية: أشوفهم مع الدريشة
مريم ابتسمت: تشوفينهم كلهم وإلا تشوفين واحد محدد؟؟
العنود بشفافية: اشتقت له النذل
مريم تبتسم: اشتقتي له!! ونذل!! أشلون تجي ذي؟؟
العنود تبتسم وهي تمسح دمعة فرت من طرف عينها: هي كذا ثم أردفت بحزن: بس والله العظيم قلبي آجعني.. شكله تعبان
مريم بشجن: الشوق ما يسوي
العنود هزت كتفيها بألم: لا تخافين عليه.. يمكن مشتاق لروحه
******************************
بيت مشعل بن محمد غرفة مشعل ولطيفة الساعة الواحدة ظهرا
لطيفة بعد السلام على شقيقتها مشاعل والانتهاء من تجهيزات الحفل الأولية قررت العودة لبيتها لترتاح قليلا قبل أن تعود لبيت عمها بعد صلاة العصر لاستكمال الترتيبات وللتزين حيث ستأتيها المزينة هناك
وهاهي تتمدد على سريرها بعد أن استحمت دخل مشعل كان يريد استبدال ملابسه والتوجه للمطار لإحضار راكان الذي سيصل في حدود الساعة الثانية وجد لطيفة متمددة على جنبها وظهرها ناحيته.. فتمدد بجوارها بخفة وهو يطبع قبلة دافئة على كتفها ويستنشق رائحتها العطرة بعمق همس لها بحنان: عسى ما تعبتي؟؟
همست بهدوء وعيناها مغلقتان: شوي
اقترب منها أكثر ليلصق صدره بظهرها ويحتضنها بحنو وقوة ويهمس في أذنها: أحجز للعمرة عقب 3 أيام إن شاء الله؟؟
همست بذات هدوؤها: مثل ماتبي
مشعل بات يشعر بضيق حقيقي من برودها الفعلي معه هاهو يحتضنها ويشعر كما لو كان يحتضن جثة هامدة لم يعد يشعر بأي رغبة للاقتراب منها.. ولكنه لديه دائما أمل أن لمسته القادمة ستلقى مصيرا مختلفا أن لمسته القادمة ستحتوي لطيفة المتدفقة الدافئة التي أضناه اشتياقه لها
نهض وابتعد عنها وهو يهمس بهدوء موجع: أنا طالع المطار أجيب راكان
***********************
قسم راكان
الساعة الواحدة والربع موضي تريد أن تبدأ التأنق استعداد لحضور راكان وهي تحاول أن تتناسى فكرة الحمل التي باتت تسيطر عليها وتخاف منها وتسعدها تريد أن تشتري اختبارا للحمل.. وتهاب الخطوة لذا قررت تأجيل هذه الخطوة قليلا
رن هاتفها التقطته بقلق: أشلون تدق تلفون وأنت المفروض في الطيارة؟؟
راكان بهدوء حذر: لأني مانيب في الطيارة
موضي بجزع كاسح: ليه وش فيك؟؟
راكان بثبات حنون: والله مافيني شيء.. بس واحنا في المطار وبنطلع للطيارة واحد من ربعي انفجرت معه الزايدة ماقدرت اخليه وأنا الحين معه في المستشفى
موضي بألم: يعني ما كان فيه غيرك يقعد معه؟؟
راكان برجولته المصفاة: تدرين أنا اللي لازم أتهور وأعرض خدماتي..وأحلف على الباقيين.. حلفت على ربعي الباقيين يسافرون وأنا باقعد معه لين يجي أخيه
موضي بوجع عميق: جعل عمرك طويل وفزعتك ماتوقف ثم أردفت بتساؤل حزين: زين منت بحاضر عرس مريم كذا؟؟
راكان بهدوء: وش أسوي؟؟ بأكلم مريم وأتعذّر منها وخليني الحين أكلم مشعل لا يجيني المطار
انتهى الاتصال ولكن ألم موضي لم ينته.. لم تقل له شيئا ولم تعبر له عن اشتياقها ووجعها فلم يعد للكلمات معنى ماعاد لها معنى!!
أي حظ هذا!! كلما اقترب مجيئه حدث مايمنعه من الحضور متلهفة لأن يراها بروحها الجديدة أن يعلم أنها من أجله تجاوزت كل الآلام والذكريات البشعة وأنه بقي في حياتها ذكرى جميلة واحدة اسمها راكــــــان
*****************************
بعد صلاة العشاء مجلس سعد بن فيصل
سعد كان في غاية الهيبة والأناقة في بشته الأسود ومشعل يجلس جواره بألق مختلف تماما وشديد الإبهار وحزام أسود (مجْند) معبأ بالرصاص يلف عضلات صدره العريض لينتهي بمسدس فخم عند خصره
سعد يبتسم: أنت وش عندك في لبس المجْند.. حتى عرس ناصر وفارس ماشفتك لبسته
مشعل بابتسامة: بتدري عقب إذا زفيناك عند مريم
سعد بذات الابتسامة: زين حن وش مقعدنا؟؟ يالله قومو زفوني
مشعل (بعيارة): يالله جارك من الطفاقة ترا ذا الحين غير عرسك قبل 16 سنة يوم زفيناك عقب صلاة العشاء على طول الدنيا تغيرت اقعد واركد.. بنزفك عشر وإلا عشر ونص
سعد يبتسم: إلا أنت اللي تذكر عرسك.. كان عقبي بسنتين نبي نزفك.. وأنت تقول شوي.. شوي
مشعل بابتسامة: إيه قالوا لك مطفوق مثلك.. الركادة زينة ثم أردف وهو ينظر لأولاد سعد الذين كانوا يجلسون مع أولاده ومع سلطان بن عبدالله في الزاوية ثم همس: عيالك وش أخبارهم؟؟
تنهد سعد: والله ما أدري يأخيك.. الأيام اللي فاتت وهم نازل عليهم سهم ربك ساكتين على طول حتى فهيدان كان هادي على غير عادته.. الله يعين أختك عليهم
مشعل بثبات: أنا كلمت مريم عنهم واجد.. عشان يكون عندها خلفية عنهم وخصوصا عن فهيدان ومشاكله هي بصراحة متخوفة.. بس ظني في مريم ما يخيب.. وإن شاء الله إنها ما تخيبك
سعد بقلق يعيده لعمق مخاوفه: إن شاء الله
زاوية أخرى فارس وناصر
ناصر يهمس لفارس بنبرة قلق: فارس وشفيك؟؟ شكلك منتهي من التعب مريض أنت؟؟
فارس يبتسم: مافيني شيء يا ابن الحلال أنت ومرتك تبون تمرضوني غصب
ناصر بهدوء: يمكن لأنه حن اللي لنا زمان ماشفناك.. نلاحظ الفرق
فارس يغير الموضوع: أما أنت ماشاء الله عليك في ذا السفرة أسبانيا وعقبه فرنسا.. كان كملتوا بعد
ناصر يبتسم ويهمس بمرح: وش أسوي بأختك الدلوعة.. أسبانيا ماعجبتها.. كل شوي هاله الدميعات علي.. وأنا واحد قلبي رهيف مايستحمل يوم أشوف دميعاتها أخق.. وأعطيها الخيط والمخيط.. لو تبيني أنام واقف نمت واقف
فارس باستغراب باسم: أنت ما تستحي.. اصطلب يارجّال.. تقول مرتك امشيتك على كيفها
ناصر (بعيارة): خلها تمشيني على كيفها.. حلالها.. وش حارقك أنت جعلني فدوتن لعيونها بس
فارس صمت.. لطالما حسد ناصر على انفتاحه في التعبير.. يعلم أن ناصر رغم مرونته قد يكون آخر من تفرض زوجته عليه شيئا وأن استجابته لرغبات مشاعل هو شيء من طيب أخلاقه وسماحة خاطره ولكنه مع ذلك لا يتشدق بسيطرته.. بل يمارسها بشفافية تنهد فارس.. (ذلك ناصر وشخصية ناصر لكن أنا شيء مختلف ولا أستطيع أن ألبس ثوب غيري)
*****************************
بيت محمد بن مشعل ليلة استثنائية لعروس استثنائية
الترتيب كان أكثر من رائع.. أكثر من أنيق والكل يبالغ في الاهتمام من أجل مريم ربما هي لن ترى الترتيب.. ولكن مقامها عالٍ عندهم جميعا وبقدر اهتمامهم بمريم كان اهتمامهم بالترتيب والتأنق
المدعوات كن يتوزعن في الحديقة الواسعة خلف البيت بينما مريم كانت تجلس في مجلس الحريم مريم كانت ترتدي فستانا أبيض أنيقا فخما كان من اختيار موضي وهي من أصرت عليه وكان معها العنود ولطيفة وكانت محقة في اصرارها فمريم كانت آسرة بالفعل وإطلالتها مبهرة لأبعد حد
وهاهن الفتيات يتبادلن بالتناوب البقاء معها أو الخروج للترحيب بالمدعوات العنود كانت فاتنة في فستان أسود ناعم بالدانتيل الفضي بينما أميرة اللون الأسود لطيفة تنازلت عنه هذه المرة للعنود لتكون غاية في الإثارة بل فتنة متحركة في فستان أخضر عشبي من الشيفون مشاعل كانت غاية في الأناقة في فستان باريسي مختلف باللون الذهبي أما موضي فكانت متألقة لأبعد حد في قصة شعرها الجديدة لذا اختارت لها فستانا بنفس تدرجات لون شعرها الشيكولاته والكراميل
أما أميرات حمد الجديدات فلأول مرة يرتدين الثلاث نفس اللون والفستان.. ومعالي تقرر أن تتكرم وتلبس مثل شقيقتيها.. لأنهن ذهبن لشراء الفساتين مع حمد.. وهو من أعجبه هذا الفستان لذا قررن ثلاثتهن أن يلبسن على ذوقه.. تعبيرا عن سعادتهن بالمرة الأولى التي يرافقهن للتسوق وبالفعل كان ذوقه رفيعا ومناسبا وهو يختار فستانا ألوانه خليط من الأبيض والأزرق البحري الذي ناسب حيوية الفتيات وسنهن
موضي تهمس للفتيات الثلاث: ماشاء الله أول مرة أشوفكم ثلاثتكم مطقمين
معالي بشبه توتر وهي تحاول رسم ابتسامة: عشان حمد اللي اختاره قررنا نطقم
موضي ابتسمت بعفوية وهي تقرص خد معالي: حلو ذوقه.. وعليكم بالعافية
معالي بابتسامة: جد؟؟
موضي تبتسم: أبو الجد وأمه.. طالعين روعة.. شيء شيء.. شكلكم بيجيكم معاريس الليلة
معالي وضعت يدها على قلبها: آه ياقلبي.. من بئك لباب السما خلاص يمكن تجي وحدة تبي وحدة من خواتي البُرص ذولا.. وتقول أبي البنت اللي لابسة أبيض وأزرق.. يقومون يلزقوني فيها لاني مستحيل انصرف إلا بذا الطريقة..
مشاعل والعنود
مشاعل تهمس للعنود: تراني جبت لش شغلات واجد عشان الجامعة.. جزم وشنط.. بس مابعد لحقت أفك الشناط
العنود تبتسم: لاحقين.. فكيهم براحتش.. المهم حقي محفوظ ثم أردفت بحزن وهي تنظر لمريم: والله الليلة ما أدري أشلون بأنام.. كل ليلة كنت أنام مع مريم.. والله باشتاق لها
مشاعل بابتسامة: خلاص ولا يهمش أنا بجي أنام عندش
العنود بابتسامة: تتكلمين جد؟؟
مشاعل برقة: أكيد.. بس خليني أستأذن ناصر أول
العنود تبتسم: يا بنت الحلال كفاية عرضش.. تبين ناصر يحقد علي بأروح أنام عند موضي..
لطيفة تجلس بجوار مريم وتهمس لها بمودة صافية: ماشاء الله عليش طالعة روعة
مريم بحنان مغلف بالتوتر: وين جود ومريوم؟؟ ماسلمت عليهم
لطيفة بحنان: يلعبون برا.. تبينهم جبتهم
مريم بخفوت: ولا عليش أمر
لطيفة تقف لتنادي بناتها وتهمس بمرح: الله لا يحرمهم منش وأنتي متذكرتهم وأنتي في الوضع وعلى العموم يالله صار عندش ولدين جاهزين.. لا تنسين بناتي زوجيهم فهيدان وفصول.. وخصوصا سميتش اللي سميتها عليش مريوم زوجيها فيصل.. يمدحه مشعل على طول
لطيفة أحضرت ابنتيها لتسلما على عمتهما ثم عادتا للعب بينما كان هاتف لطيفة يرن كان مشعل يهمس لها بهدوء حازم: لطيفة وسعوا درب وتجهزوا بنزف سعد الحين
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 2:57 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباحات الأفراح والليالي الملاح نستكمل الليلة مراسيم زفاف سعد ومريم التي انتظرتموها مطولا وبدء حياتهما المختلفة فعليا معا . . بارت اليوم نقدر نسمية بارت الانفعالات العميقة بعض الأزواج في بارت اليوم سيعصف بهم انفعالات ثورية عميقة ستستمر حتى البارت القادم بارت اليوم دسم وطويل وأتمنى يعجبكم . . أعود قليلا للموضوع الأكثر إثارة للجدل في البارت اللي فات سفر راكان عشان ما يقابل موضي البعض استغرب واعتبره جبن ما يناسب شخصية راكان الشجاعة وهذا كان قصدي تمام شفتو أشلون راكان شجاع ومايهاب شيء ومع ذلك خاف يجرح موضي ماخاف من الموقف لكن خاف عليها من الموقف الشيء الثاني ترا قعدته مع رفيقه اللي انفجرت معه الزايدة ما كان هرب مثل ما البعض فهمه لكن هو فعلا اضطر له رغم شوقه للعودة وهذا اللي بتعرفونه أكثر في بارت اليوم . . نبضات قلبي أنا ولله الحمد والمنة وحدة عمري ما كابرت على الغلط إذا كنت غلطانة أحب أعترف وأتعلم وأسوأ أنواع البشر من يدعي معرفة كل شيء لأن فوق كل ذي علم عليم خالص شكري للعذبتين الرقيقتين لمياء والزهرة المتألقة الله لا يحرمني منهم وعلى تنبيههم اللطيف والراقي مثلهم للخطأ اللي وقعت فيه لمياء وزهرة شكرا مرة ثانية يا قلبي.. جد ألف ألف شكر
أنا يا بنات ما أعرف أحد قريب مني أجهض إلا أمي وخالتي وثنتينهم سقطوا وهم فوق ثلاث شهور والمعلومة الجديدة اللي تعرفت عليها: إن الجنين لو سقط قبل مرحلة التخليق التي تكون بعد 80 يوما من الحمل لا يعتبر الدم النازل مع المرأة دم نفاس ولكنه دم استحاضة لذا تصلي وتصوم عشان كذا الله يعين لطيفة تصلي الأيام اللي عليها كلها وأنا اعتذر عن الخطأ اللي وقعت فيه اللهم أني استغفرك وأتوب إليك . . موعدنا الجاي مع بارت خاص جدا وعاصف جدا بيكون يوم الاثنين مساء إن شاء الله والتغيير عشان رجاءات أهل الدوامات اللي بدت عند البعض اليوم موعدنا الساعة 9 ونصف ليلا إن شاء الله . . يالله استلموا . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . . أسى الهجران/ الجزء التاسع والتسعون
واشنطن صباحا بيت يوسف
كانت ليلة قاسية على باكينام.. لم تستطع النوم إلا بعد صلاة الفجر كانت تعاني من أرق مزعج سبّب لها صداعا أشد إزعاجا وتناولت الكثير من المسكنات وبشكل مبالغ فيه وبدون فائدة حلمت بعشرات الأحلام وكان نومها متقطعا حينا وعميقا حينا آخر هاهي تفتح عينيها وتغلقها و تشعر بالدوار المختلط بالهلوسات حتى وهي متمددة عيناها تعاودان الانغلاق وهي تشعر بالنعاس مرة أخرى
كانت تحلم بيوسف كم اشتاقت له.. باتت تحلم به كثيرا مؤخرا.. بل تكاد لا تحلم بشيء سواه وهاهي تحلم أنه معها في الغرفة.. تحلم أنها تتمدد على السرير وتراه يفتح الدواليب وكأنه يبحث عن شيء معين بهدوء خافت وكأنه لا يريد إزعاجها تهمس له برقة دافئة: يوسف
فينتفض بخفة وهو يهمس لها: صحيتك؟؟
تمد يدها له وهي تهمس برقة مصفاة: لا.. أنا نايمة ماصحيتش
ابتسم لها: حلوة دي
عاودت مد يدها وهي تهمس بخفوت: تعالى حبيبي.. اديني ايدك
انتفض حينها بعنف شديد كما لو كان لسعه تيار كهربائي بالغ القوة وهو يهمس بصدمة موجعة كاسحة: حبيبي؟؟ (نطقها وهو يشدد على كل حرف بوجع)
ابتسمت باكينام بشفافية: آه حبيبي.. تعالى جنبي
يقترب بتوتر بالغ ويجلس جوارها ويعطيها يده.. تأخذ كفه وتضعها تحت خدها ثم تهمس بعذوبة: وحشتني حبيبي.. أهون عليك تسبيني كل ده
يوسف بصدمة حقيقية وعيناه تتسعان: باكينام أنا يوسف
باكينام تبتسم بذات الشفافية: حد يتوه عن ئلبه.. عارفة إنك يوسف.. دي الدنيا كلها مافيهاش رجالة غير يوسف جوزي وحبيبي
يوسف تزداد عيناه اتساعا: باكينام أنتي ماكله إيه؟؟
باكينام برقة: ماكلتش حاجة.. أنا باحلم بس.. باحلم بيك كل ليلة بس النهاردة الحلم حلو آوي.. خليك جنبي شوية يائلبي وحشتني خالص..
قالتها وهي تستخرج يده من تحت خدها وترفعها لشفتيها وهي تقبل كل إصبع من أصابعه بعمق واشتياق وهلوساتها تزداد غرابة حينها بدأت يد يوسف بالارتعاش.. كان عاجزا عن التصديق ومشاعره بدأت تخونه
فباكينام العتيدة ذات الكبرياء العتيد المتأصل لم تكن تحلم.. وهذا الجالس إلى جوارها ليس طيف يوسف.. بل هو يوسف فعلا
يوسف كان في حاجة إلى طقم لباس رسمي يحضر به اجتماعا للجنة المناقشة لذا حضر في وقت مبكر ليختار له طقما لأنه لم يأخذ معه سوى ملابس قليلة دخل بحذر وجد باكينام ماتزال نائمة تغلفها عذوبتها التي لطالما آسرته.. وهو يتذكر أنه كان يقضي معظم الليالي التي قضاها معها في تأملها وهي نائمة دون أن يشعر بتحفزها أو عنادها.. ويراها سحرا خالصا يستغرق في نوم سماوي
وهاهو يمارس عادته التي اشتاق لها قضى عدة دقائق وهو يتأملها وألم اشتياقه لها يعتصر شرايين قلبه بقوة
ولكنه انتزع نفسه من أفكاره وهو يحاول نفض تأثره العميق بها ليبحث بين أطقمه عن طقم مناسب ليخرج بسرعة ولكنه ما أن بدأ بالبحث حتى سمع صوتها الناعم يناديه بعذوبة
انتفض بخفة.. لم يكن يريد أن يوقظها ليبدآن نهارهما بمعركة هو في غنى عنها اليوم بالذات
بدت له آسرة وموجعة وهي تفتح عينيها بخفة وتنادي اسمه بأرق طريقة سمعها في حياته.. لم يتخيل أن اسمه بهذه الجمال حتى سمعه بنبرتها التي كانت موغلة في الدفء والعذوبة ثم أصابته بصدمة أكثر وجعا وبعدا عن التصديق وهي تهمس له بـ "حبيبي" اعتقد أنها تهلوس.. وتمنى بكل الألم ألا تكون.. كان لكلمة "حبيبي" من بين شفتيها سحرا لم يتخيله موجودا في كل هذا العالم ( أ حقا قالت لي: حبيبي؟!! وحقا هل أكون يوما حبيبها؟!! يا لروعة الكلمة من بين شفتيها أتمنى سماعها بعد.. مرة أخرى بعد حتى وإن كانت تهلوس لا تحرمني يا آلهي استمتاعي بهلوساتها)
ولكنه لم يسمعها مرة أخرى فقط بل سمع ماهو أكثر عجبا.. غزلا دافئا رائقا كلمات حب لم يتخيل أنها في قاموس هذه المغرورة المتكبرة
أما مالم يحتمله مطلقا فهو ملمس يديها ثم قبلاتها تعانق أنامله بدأ يرتعش غصبا عنها هو بكل قوته وجَلَده لم يحتمل رقة كلماتها ثم رقة شفتيها على خشونة يديه
حينها أمسك بيدها هو ورفعها لشفتيه ليغمرها بالكثير من قبلاته وهو يهمس لها بين كل قبلة والأخرى "بحبك"
باكينام كانت تنظر له بشجن ووله عميق وهذا الحلم المشحون بالهلوسات بدا لها أكثر من رائع ولكن يديه الدافئتين اللتين تحتضنان يدها ثم شفتيه المرتعشتين على بشرة يدها ثم دفء همساته العميقة الموجعة بدت أكثر دفئا وصدقا من أن تكون حلما
حينها ارتفع الادرنالين عند باكينام لحده الأقصى لتزول كل أشباح الهلوسات بشكل كامل وصادم لها بشكل مرعب (أنا كنت بأهبب إيه؟!!) انتفضت وهي تجلس وتنتزع يدها من بين يديه وتهمس بغضب وهي تريد قلب الطاولة عليه: انته بتعمل إيه؟؟
يوسف يرفع حاجبا وينزل حاجبا: أنا وإلا أنتي؟؟
باكينام بحرج وتوتر: أنا كنت نايمة ومش فاكرة حاجة
يوسف يبتسم نصف ابتسامة: والله؟؟ نايمة؟؟ طيب مش هأعطلك.. ارجعي نامي أنا جاي أخد لي بدلة عشان اجتماع لجنة المنائشة.. وهامشي نامي ياحبيبي نامي (قالها وهو يرص على كلمة حبيبي)
باكينام لم تستطع أن ترد عليه بكلمة وهي تبتلع لسانها حرجا موجعا كانت تعبث بطرف المفرش وهي تتمنى لو تنشق الأرض لتبتلعها وهي تراه ينتقي الطقم ثم يلقي عليها التحية ويغادر وابتسامة شاسعة.. شاسعة جدا ترتسم على وجهه ابتسامة نصر حقيقي (لم ترد!! لم ترد!! صمتت أيعقل؟؟ أيعقل؟؟)
***************************
الدوحة بيت محمد بن مشعل مجلس الحريم الساعة العاشرة مساء
البنات ارتدين عباءاتهن وتغطين عدا مشاعل لأنها أساسا شديدة الخجل فهي توجهت للبقاء مع المدعوات المتواجدات في الحديقة خلف البيت بينما من بقي مع مريم هن لطيفة وموضي والعنود وأم مشعل بن محمد وأم فارس وبعضا من قريباتهن اللاتي كن قادمات للسلام على مريم وحين جاءت الزفة التففن بعباءاتهن وجلسن في الزواية
العنود كانت ملاصقة لمريم ودموعها بدأت بالانسكاب وهي تمسك بكف مريم ومريم عرفت أنها تبكي من صوت النشيج الخافت وهي تحاول التماسك... فهمست لها بحنو: أنا عارفة إنه المفروض أنا أبكي وأنتي تهديني مهوب العكس
العنود احتضنت كف مريم قريبا من قلبها وهي تهمس من بين شهقاتها: مايهون علي فراقش
مريم بحنان: بس يا الهبلة.. أنا بهاجر يعني.. لطيفة تقول لي بيت سعد ورا بيتنا بشارعين بس
مازالت العنود تحتضن كف مريم.. فسمعا صوت أعيرة نارية تُطلق في الهواء من مكان قريب يبدو كما لو كان من باحة البيت الأمامية حينها تصلبت أصابع مريم على كف العنود.. فهمست العنود بابتسامة دامعة: لا خلاص فكيني..
مريم أفلتت يد العنود وهي تقرأ آيات من القرآن الكريم والكثير من الأذكار العنود ابتعدت وجلست جوار موضي بينما لطيفة اقتربت بسرعة من مريم وهي توقفها ثم تتأكد من شكلها وتهمس في أذنها و تعود بذات السرعة لتجلس بجوار موضي من الناحية الثانية
ليدخل في ذات الوقت سعد يتوسط محمد وعبدالله ومشعل وناصر ويقتربون بخطوات ثابتة حتى وصلوا لمريم يحيط بهم جميعا ألق رجولي خاص
سعد حينما دخل كان يلفه توتر ما.. ليس شابا صغيرا.. وليست المرة الأولى التي يتزوج فيها ليشعر بكل هذا التوتر ولكن الاختلاف كان في العروس.. كيف هي عروسه الضريرة؟!! قِيل له أنه جميلة.. وهو فعلا لا يهمه الجمال مطلقا ولكن يهمه روحها التي آسرته..أسرته حتى النخاع الأسر الذي أثار تخوفه فيما بعد هل تهور في خطبتها؟؟ هل استعجل؟؟ هل هي من تصلح له ولظروفه؟!!
هاهي عيناه تقتنصان البهاء الأبيض ليتنهد بعمق وترتعش أعماقه.. وهو يتيقن أن أسره هو أسر أبدي سرمدي تقدم ناحيتها وهي تقف بثبات خجول متوتر عيناه تطوفان بها
(هل هذه مخلوقة حقيقية أم حورية سماوية؟!! هل توجد امرأة بهذا الجمال الرقيق تبدو كما لو كانت تشع.. تشع بكل معنى الكلمة كما لو كانت محاطة بهالة من نور تبدو كما لو كنت سأرى ماخلفها لشدة صفائها وكأنها مخلوق زجاجي كرستالي شفاف موجع في شفافيته وروعته)
كانت مريم تحاول الوقوف بثقة وهي تشتم رائحة خليط من عطور رجالية عرفت أربعة منها.. وخامس مجهول كانت تقف في فستانها الحريري الأبيض الناصع البياض كأنها حمامة بيضاء تستعد للطيران كان الحرير مزموما عند صدرها برشات من الكريستال ليتسع بنعومة في الأسفل ويبدو على قامة مريم الطويلة شيئا خياليا في أناقته الكمان مزمومان بطريقة مبتكرة مختلفة الأطوال ونقوش الحناء تزين الظاهر من يديها لم ترتدِ طرحة ولكن شعرها المتوسط الطول في لفاته اللولبية كان مزينا بمشابك كرستالية موزعة بطريقة أنيقة
كان سعد يتمعن في كل تفاصيلها وهو يحاول جاهدا ألا يعاود النظر لوجهها لأنه شعر أنه على وشك أن يسكر فعلا من ملامحها المسكرة في رقتها استدارة وجهها.. عنقها الطويل أنفها الناعم.. شفتاها الذائبتان فتنة أجبرته على الارتعاش حتى عينيها الخاليتين من الحياة بدت له مشبعة بالسحر وهما تتسربلان بروح حياة مختلفة امتدت اختلافها من روح مريم المختلفة التي أضفت على كل شيء ألقا مختلفا ومبهرا شعر بروحها تناجي روحه فعلا وهو يقترب منها بخطوات هادئة ليصلها ويطبع على جبينها قبلة دافئة حينها انتفضت مريم بعنف وهي تتعرف على شفتين مختلفتين ورائحة مختلفة همس لها بعمق: مبروك
لم تستطع الرد حينها اقترب منها والدها واحتضنها بحنو وهمس لها بحنان مصفى: مبروك يأبيش
ثم التفت لسعد وهمس له بتأثر: ما أوصيك فيها يابوفيصل ترا مريم غالية غالية..
ابتسم سعد رد عليه بنخوة: في عيوني مايحتاج توصيني
مريم شعرت بالاختناق وهي تشعر بعبراتها تخنقها وهي تعاود الارتماء في حضن والدها.. أعاد والدها احتضانها وأطال حتى همس لها عبدالله بابتسامة: وخر يامحمد خلني أسلم على بنتي
سلم عليها عمها بحنان شاسع.. وهو يعرف تماما شعورها وشعور محمد فهو زوج ثلاثا من بناته ويعرف تماما قيمة مريم عند والدها وعندهم جميعا همس لها عبدالله بحنان: مبروك يا بنتي.. وترا سعد رجّال مافيه مثله وإن شاء الله إنش ما تضامين في بيته
كانت ترد عليهم بعبارات خجولة هادئة
جاء دور مشعل.. شقيقها الأقرب لها في السن والروح احتضنها بخفة وحنان عميق ثم همس في أذنها: حسيتي بملمس المجند؟؟ اليوم لبست المجند (قالها وهو يتناول كفها ليجعلها تتحسس الحزام) مثل ماقلت لش يوم كنا بزران.. إني ما ألبس المجند إلا في عرسش أنتي وبس
حينها أسندت رأسها لكتف مشعل وبكت بخفوت فتأثرها بلغ أقصاه حينها شد ناصر مشعلا وهمس بمرح: لا تخربين المكياج ما بعد شافش سعد عدل بيبكي علينا الحين قالها وهو يقبل جبينها ثم همس لها: مبروك يا شيخة آل مشعل.. مبروك
موضي تهمس للطيفة في أذنها: وش عنده رجالش على المجند؟؟طالع شكله غيييييييير.. المجند الأسود مع بياض غترته وثوبه ورزته شيء خيال ماتشوفين النسوان بياكلونه بعيونهم.. جعل عيونهم البط.. الله وأكبر عليهم
لطيفة بهدوء: من جدش شايفته غير؟؟
موضي باستغراب: ليه أنتي ماعندش عيون؟؟
لطيفة بذات الهدوء: عيوني تشوفه عادي
موضي تبتسم لها وتهمس: أنتي دايما تقولين إني أم عيون.. لا تخافين ماني بناظلته.. تبين توخرين العيون عنه تقولين عادي.. لا مهوب عادي.. موتي حرة يجنن ويطير العقل بعد
لطيفة صمتت.. لا تريد أن تُشعر موضي بشيء لأنها كانت ترى مشعلا بدون أي مشاعر خاصة مثله مثل أي شخص آخر بلا إحساس خاص أو شعور خاص أو أي شيء إطـــــلاقــــا!!!
"أحقا يا لطيفة ترينه كما ترين الآخرين؟!! أحقا؟!!"
أم فارس اقتربت من سعد وسلمت عليه بسعادة غامرة.. ولكن يشوبها شيء غامض من الحزن سعيدة وهي ترى الفرحة في عيني سعد بعروسه الجميلة نعم هي لم تخبر سعد بمقدار جمالها ولكنها أخبرته أنها جميلة بدون تفصيل لأنها لا تريده أن يتولع بها لأنها كانت تتمنى في داخلها وحتى اللحظة الأخيرة أن سعد قد يتراجع عن فكرة الزواج (فما فائدة الجمال لضريرة؟؟ هل سيقوم مقام عينيها؟!!)
وأم فارس مثلت شريحة من تفكير كثير ممكن كانوا يرون مريم.. وإذا كانت أم فارس لا تصرح بهذا الرأي فغيرها صرّح ووصل رأيه لمريم حتى (ماذا ستفعل هذه الضريرة بكل هذا الجمال؟؟ مادامت لا تراه ويستحيل أن تتزوج وإن تزوجت ستتزوج ضريرا مثلها فما ستسفيد بهذا الجمال الضائع هباء؟؟ أ ليس غيرها أولى به؟؟)
لم يراعوا مطلقا مشاعرها.. وكأنهم استكثروا عليها أن يمن الله عليها بالجمال بعد أن اختبرها الله بأخذه نور العينين رغم أن مريم وفقا لمقياس الجمال الموضوعي لم تكن بذلك الجمال المبهر.. ومع ذلك هناك من استكثر عليها جمالها الطبيعي.. استكثر عليها أن يعوضها الله بجمال لا تراه لأنها لا حاجة لها به من وجهة نظرهم.. وكأنهم كما يقول المثل الشعبي "يحسدون الفقير على موتة يوم الجمعة!!" وكأن من ابتلاه ربنا بإعاقة لا بد أن يُحرم من كل شيء!! ألا يعلمون أن الله أرحم بعباده منهم على أنفسهم.. وأنه ما أخذ من عبده شيئا إلا عوضه خيرا منه.. في الدنيا أو يدخرها له في الآخرة.
والصفة التي كانت تتميز بها مريم فعلا هو صفاء بشرتها وشفافيتها وكأن صفاء روحها انعكس على شكلها
سعد همس لأم فارس أن تلبس مريم عباءتها ليذهب بها لبيته ولطيفة كانت قد جهزت لها كل شيء لذا تناولت أم فارس العباءة وساعدت مريم على لبسها بدون أن تفسد شعرها أو مكياجها وخصوصا أن المسافة قريبة جدا السيارة تنتظر عند باب الصالة الرئيسية مباشرة ثم ستنزل في باحة بيت سعد
سعد تناول كف مريم.. شعر كما لو أن يدها ستذوب في يده من شدة نعومتها.. مازال يذكر المرة الوحيدة التي رآها فيها.. لم ير شيئا سوى يدها التي انبهر بصفائها ونعومتها من بعيد فكيف وهي تسكن يده الآن.. ويده تحتوي نعومتها المصفاة شعر بيدها ترتعش بعنف بين أنامله.. همس لها بحنان رجولي عميق: لا تخافين
همست مريم بوجع: تكفى لا تطيحني
شعر سعد بألم عميق.. أن تكون الجملة الأولى التي تقولها له خوفا من السقوط وهي تجسد مأساة عماها بوضوح أمامه
كان مشعل هو من سيأخذ سعد ومريم بسيارته وأم فارس ستتبعهم مع سائقها الذي ينتظرها في الخارج لتتأكد من وضع مريم قبل أن تعود لبيت محمد بن مشعل مرة أخرى
خرج سعد وهو يقود مريم بحذر بينما توجه الآخرين للمجلس والعنود حينها توجهت لأم فارس وهمست باحترام: يمه بتروحين مع مريم؟؟
أم فارس بمودة: إيه يأمش
العنود بحذر: من اللي بيوديش
أم فارس بعفوية: سواقي واقف برا
تنهدت العنود براحة: زين بأروح معش.. ممكن؟؟
أم فارس بود: أكيد يأمش.. يالله
الجميع خرجوا
سعد مازال لا يعرف كيف يقودها بالطريقة الصحيحة كان يمشي بها ببطء حتى وصلا لسيارة مشعل وفتح لها الباب دخلت للسيارة بصورة طبيعية وحين تأكد سعد من جلوسها أغلق الباب وتوجه للباب الآخر وجلس جوارها
همس مشعل بمرح: أنت يأخ أنت تعال اقعد جنبي تراني ماني بسواقكم
سعد بمرح مشابه: مهوب حولي.. مكاني جنب المدام.. ماتبي تسوق فينا؟؟ حول وخل سواق بيت فارس يودينا.. هذا هو واقف عقب ماطرده فارس من السيارة
مشعل يبتسم: خلاص بأعديها لك عشان خاطر مريم.. أنا سواق مريم.. لكن أنت تخسى
أم فارس توجهت لسيارتها بشكل مباشر والعنود تتبعها أم فارس تلبس نقابها لذا ترى بوضوح.. ولكن العنود كانت تغطي وجهها بطبقتين من الشيلة حتى لا تفسد مكياجها وشعرها لذا كانت لا ترى سوى خيالات وهي تتبع أم فارس
ركبتا كلتاهما فور ركوبها سمعت آخر صوت تتمنى سماعه وأكثر صوت تتمنى سماعه كان يستعد للتحرك وهو يهمس بحزم بصوته الخشن العميق: يمه أشلون تبين تروحين مع السواق بروحش مامعش حد من الخدامات أنا كنت جاي مع خالي سعد باوصله للباب وبارجع ويوم شفت السواق ينتظرش وهو مامعه حد... قلت له ينزل
أم فارس صُدمت وهي ترى فارس من يقود السيارة.. لم تعرف ماذا تقول ولكن غيرها تجاوز الصدمة للتصرف العنود فتحت الباب رغم أن السيارة كانت على وشك التحرك حينها انتبه فارس للمخلوق الآخر الجالس جوار أمه وخلفه مباشره.. وعرفه... تصاعدت دقات قلبه بشكل هستيري وهو يراها قريبة منه هكذا أوقف السيارة بشكل حاد.. كانا مازالا في باحة بيت محمد نزل فارس وهو يرجع لناحية باب العنود التي كانت فتحت الباب وعلى وشك النزول والهرب
همس لها بغضب ناري وهو يفتح الباب على اتساعه ويقف في مدى انفتاحه: أنتي مجنونة؟؟ تبين تنزلين والسيارة تمشي؟؟
العنود لم ترد عليه وهي تنزل لم تكن تريد الانتظار أو البقاء معه في ذات المكان لدقيقة إضافية بعد فهي منذ المرة الأخيرة التي رأته فيها وهي تخشى أن تنهار في حضرته ولكنه كان يسد الباب بجسده الضخم لم تهتم وهي تنزل فعليا ليلتصق صدرها بجسده وهي تهمس بصوت مبهور الأنفاس: وخر خلني أروح
لم يتحرك.. عاجز عن التحرك.. كأنه مقيد للجسد اللين الغض الملتصق به رأسها تحت ذقنه ورائحة عطر شعرها تسللت لأنفه لتثير مشاعره المنهكة بعنف العنود باتت عاجزة عن التنفس وهي تشعر أنه سيغمى عليها فعليا وآخر ما تريده أن يغمى عليها بين يدي فارس وضعت كفيها في منتصف صدره ودفعته.. شعرت كما لو كانت تدفع حائطا لا يتزحزح همست بجزع: تكفى فارس وخر.. وخر.. طالبتك وخر.. وخر
فارس استجاب آليا لها وهو يتنحى جانبا.. لتركض هاربة وهي تتعثر في خطواتها عائدة للداخل
فارس عاد لمكان السائق وهو يعتصم بالصمت وشعور حزن عميق يتسلل لروحه ويُضاف لأحزانه لهذه الدرجة لا تريد رؤيته ولا تريد قربه!! تهرب منه كما لو كانت تهرب من وباء معدٍ أي تعقيدات باتت تتشابك بينهما؟!! كل يوم يحلم أنها هذه الليلة ستنام في حضنه ليجد في اليوم التالي أن الحلم أصبح أبعد وأبعد
****************************
بيت سعد بن فيصل الساعة العاشرة والنصف مساء باحة البيت الأمامية
سيارة مشعل تتوقف ومريم تتنهد بعمق.. فهي كانت متوترة طوال المشوار القصير رغم أن سعدا لم يجلس ملاصقا لها حتى.. وهو يتركها بحريتها ويترك بينهما مسافة فاصلة
سعد نزل ثم دار من ناحية باب مريم وفتح لها الباب وساعدها على النزول وهي ماتزال تنزل كانت أم فارس تصل وتساعدها بدورها حتى أدخلتها للبيت وساعدتها على خلع عباءتها بخفة سعد مد يده لها وهمس لها بحنان: يالله بنطلع فوق حينها تنهدت مريم وهي وهي تدخل ذراعها في ذراعه وتحتضن عضده بخجل لم ترد أن تكون ضريرة تحتاج من يقودها بل عروسا ذراعها في ذراع عريسها
تأثر سعد بعمق من حركتها المحتمية العميقة فوضع كفه الثانية على كفها الساكنة على ذراعه وهمس لها: سمي بسم الله
همست بخجل: بسم الله هنا كانت تجهل الاتجاهات تماما لذا تعلقت به بقوة أكبر وهي تخطو خطوتها الأولى وكلما شدت على ذراعه كلما انتفض قلبه تأثرا همست بخجل: آسفة لو ضايقتك.. بس أنا خايفة لأني مادل في بيتك
همس لها بابتسامة ودودة: تدرين؟؟ بادعي إنش ما تدلين.. عشان تبقين متقبضة فيني كذا
مريم شعرت بالخجل فأرخت قبضتها قليلا.. فهمس لها بمرح: خلاص يا بنت الحلال سحبت كلامي
وهو يتكلم مع مريم لمح أم صبري التي وصلت من يومين تطل عليهم بحرج نادها باحترام: أم صبري تعالي
تقدمت العجوز الممتلئة قليلا بملامحها الودودة وهي ترتدي جلابية سوداء واسعة وحجابا أبيض اللون وهي تهمس بحرج: مبروك ياعرايس مش عايزة أغلس عليكو.. بس كنت خايفة تكونوا عاوزين حاجة
أم فارس بمودة: هلا والله يأم صبري حياش الله
وسعد همس لمريم بهدوء: هذي أم صبري.. مدي يدش يأم صبري لمريم أم صبري من سكان البيت وأي شيء تبينه يامريم بتساعدش فيه
تناولت العجوز يد مريم الممدودة في الهواء ومريم تهمس لها بعذوبة: حياش الله يأم صبري تراش هنا مثل أمي
أم صبري بتأثر: سعد غالي علينا آوي.. وغلاوتك هتبئى من غلاوته.. وانتي هتبئي زي بنتي.. وهاحطك في عنيا الاتنين
همست لها أم فارس: أم صبري العشاء اللي أرسلته حطيتوه في الغرفة
أم صبري باحترام: كلو زي ما أمرتي..
ثم همست أم فارس لسعد بمودة: يالله اختك.. اطلع بعروسك.. خلني أتوكل على الله
همس لها سعد باهتمام: تكفين وضحى شوفي العيال قبل تروحين
أم فارس ابتسمت: لا توصي حريص فديتك.. وعيالك رياجيل ما ينخاف عليهم
مريم لم تخطئ نبرة اهتمامه وقلقه عليهما.. تمنت أن تستطيع بالفعل مساعدته على الاهتمام بهما
عاود سعد التشديد في احتضانه لذراعها وهو يصعد بها لأعلى ومريم تبرمج ذهنها للتعرف على الاتجاهات وعدد الدرجات
حتى وصلت لغرفته/ لغرفتهما فتح الباب وهمس لها: سمي مريم..
لأول مرة ينادي اسمها منذ بدء زفتهما.. بدا لها اسمها متألقا بنبرته الرجولية أن تسمع اسمها من رجل غير والدها وأشقائها.. بنبرة مختلفة ومشاعر مختلفة اختلاف عميق ودافئ شعرت به يغلف روحها
همست بعمق: بسم الله.. اللهم أعطنا من خيره.. وأكفنا شره
دخلت بتوتر وهي تشتم في الجو رائحة بخور لطيفة المفضل.. شعرت بالشجن والامتنان للطيفة.. لا تعلم كيف ترد للطيفة كل أفضالها عليها وهي ترهقها بالتسوق والترتيب وهي خرجت للتو من إجهاض دون أن تشتكي مطلقا
سعد أدخلها حتى أجلسها على الأريكة حينها سلمت أم فارس عليها وهي تهمس لها: ما أوصيش في سعد ثم سلمت على سعد وهي تهمس لها: ما أوصيك في مريم
ثم أردفت بصوت عالي: ويالله اسمحوا لي أستأذن هذا عشاكم عندكم.. وأنا بجيكم بكرة الصبح قبل صلاة الجمعة
ثم صمتت لدقيقة وأردفت بحزن: وطالبتكم إذا صليتوا ذا الحين إنكم تدعون لفارس والعنود ربي يهدي كل واحد منهم للثاني
سعد احتضن شقيقته وقبل رأسها وهمس لها بحنان: لا تشغلين بالش الله كريم ويهديهم اثنينهم قادر على كل شيء
أم فارس غادرت وأغلقت الباب خلفها مريم حين سمعت صوت اغلاق الباب انتفضت بعنف.. الشيء الذي لاحظه سعد جلس جوارها وتناول كفها واحتضنها بقوة وهمس لها: لا تخافين من شيء وتراني ما أعض ولا أكل مع أنش من حلاوتش الواحد وده ياكلش
مريم صمتت بخجل بينما سعد أمضى دقائق في تأملها تأمل كل شيء فيها.. حتى خطوط الحناء الدقيقة على أناملها الزبدية الساكنة في كفه تنهد بعمق وهو ينتزع نفسه من ضغط أفكاره ومشاعره وهمس لمريم: خلينا نقوم نصلي... تبين توضين؟؟
همست مريم: أنا على وضي.. بس أبي سجادتي.. وصلني للدولاب وأنا بأخذها
سعد بحنو: أنا بأجيبها لش
مريم بهدوء رقيق: لا سعد.. أنت منت بعندي على طول تجيب اللي أبي أنا عارفة مكانها.. أم محمد شرحت لي الترتيب.. بس وصلني للدولاب
سعد أوصلها للدولاب ثم خلع ثوبه وغترته ليتوضأ مريم أزالت المشابك من شعرها ووضعتها في علبة في الدولاب وفقا لتوصيات لطيفة ثم تناولت السجادة وهي تعود أدراجها لتجلس في ذات المكان الذي أجلسها فيه سعد
حينما خرج وهو يجفف وجهه ويديه.. وجدها أكثر ألقا وخصلها الملتوية تتناثر على وجهها الشفاف بشكل بالغ الجاذبية همس بهدوء يحاول به تجاوز تأثره المتزايد بها: ماشاء الله رجعتي بروحش..
ابتسمت مريم بشفافية: كلها خط مستقيم.. يعني مافيها ذكاء الرجعة
همس لها سعد بعمق: تدرين إن ابتسامتش تأخذ العقل
همست مريم بخجل: شكلك تحب تجامل واجد
همس سعد بشفافية: واللي خلق عيونش الحلوة إني ما أجامل
همست مريم بألم حاولت ألا يتسلل لصوتها ولكنها فشلت: زين قول شيء غير عيوني عشان أصدق
كان قد جلس جوارها حينها.. فلمس شفتيها بطرف اصبعه وهمس بعمق: زين ولو قلت واللي خلق شفايفش الحلوة.. مستحيل يكون عندش اعتراض لأنهم مهوب حلوين بس.. إلا موت
أبعدت مريم وجهها بخجل وهمست بخفوت: نقوم نصلي؟؟
*************************
بيت محمد بن مشعل الساعة 11 ونصف
غالبية المدعوات غادرن ولم يتبق إلا لطيفة وموضي ومشاعل والعنود
لطيفة همست: أنا بأقوم أروح لبيتي.. بناتي تأخروا ماناموا
موضي بهدوء: اخذيني معش لأنه أنتي مارة بيت هلي مارة (موضي ستبات في بيت أهلها.. وبيت عبدالله بن مشعل يقع بين بيت محمد وبيت ابنه مشعل فلطيفة ستعبر بيت والدها قبل أن تصل بيتها)
هتفت العنود التي كانت تعاني من صمت غريب من بعد زفة مريم: تكفين موضي امسي الليلة في بيتش.. خلني أنام عندش ما أقدر أنام ومريم مهيب في البيت
التفتت موضي للطيفة وابتسمت: خلاص روحي يأم محمد.. ما نصير نعطلش أكثر.. ذا الزين كله ماله خانة كن أبو محمد ماشافه
مشاعل ابتسمت: زين وأنا براءة خلاص.. أطلع لغرفتي؟؟
العنود تغتصب ابتسامة: توكلي على الله.. ثم التفتت لموضي: وأنتي يا ماما الروحية الجديدة الله يعينش على غثاي.. انتظريني أجيب بيجامتي وأروح معش
*********************************
بيت مشعل بن محمد لطيفة وصلت للبيت وهي تحمل جودي التي تشعر بالنعاس بالكاد أبدلت لها ملابسها ونامت ثم وضعت مريم في سريرها.. وقرأت الأذكار على الاثنتين ثم توجهت لغرفة أولادها ووجدتهما نائمين.. وذلك يعني أن مشعلا هنا منذ بعض الوقت قرأت الأذكار على الولدين ثم توجهت لغرفتها لم يخطر ببالها حتى تنظر لأي من المرايا في طريقها للتأكد من شكلها كما كانت تفعل حتى في أيام غضبها الأول من مشعل كانت تريد أن يراها دائما جميلة ولكن الآن لا يهمها أن يراها جميلة أو بشعة لا تعلم ما الذي حدث لها.. شيء في روحها قد مات.. انتهى.. ذهب للفناء
دخلت غرفتها بخطوات هادئة سلمت على الجالس يقلب أوراقا في يده رد عليها وهو يبتسم لها بإعجاب عميق كانت تريد التوجه لغرفة الملابس لاستبدال ملابسها همس لها بعمق خاص: تعالي جنبي حبيبتي
توجهت له بآلية وجلست جواره همس لها بنبرة إعجاب حقيقية: وش ذا الزين كله ياقلبي؟؟
ردت عليه بهدوء: زانت أيامك
أزاح الأوراق جانبا..ليتناول كفها بلهفة ويطبع في باطنها قبلات عميقة مشبعة بالوله.. ثم نقل قبلاته المشتاقة لباطن معصمها ثم ... توقف وهو ينزل يدها الجليدية الساكنة ويعيدها لحضنها بحركة مقصودة ثم يتناول أوراقه ويهمس بهدوء واثق أخفى وراءه ألما لا حدود له: قومي لطيفة .. أنا ما أبي جسد حلو وراه روح ميتة
******************************
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل
مشاعل صعدت لغرفتها .. أعادت ترتيب زينتها انتظارا لناصر ولم يطل انتظارها له فور دخوله وقفت.. ليقترب منها ويلف حولها بإعجاب ثم يهمس لها بابتسامة: هذا الثوب اللي خذتيه من باريس؟؟
هزت مشاعل رأسها إيجابا وابتسامة ناعمة ترتسم على محياها
همس ناصر (بعيارة): تدرين؟؟ كان على المانيكان اللي في الواجهة أحلى
مشاعل همست بغيظ من بين أسنانها: الشرهة علي اللي قاعدة انتظرك عشان تشوفه
قالتها وهي تتوجه لغرفة التبديل.. لتفاجأ بيده تشدها ليحتضن خصرها وينظر إلى عينيها ويهمس لها بوله: قلت لش ألف مرة.. أنتي في عيني أحلى ماخلق ربي والله ما يملا عيني غيرش.. ولا فيه في النسوان من تسواش عندي
صمتت مشاعل خجلا.. فهمس ناصر لها وهو يقربها منه أكثر: وين لسانش؟؟ كلته القطوة؟؟
مشاعل بخجل رقيق: أنت يعني ما تستانس لين تحرجني
ناصر يبتسم: لا ما أستانس لين أشوف خدودش ولعوا حُمر.. وقتها أعرف إنه هذي مشاعل مرتي
**********************************
واشنطن السكن الطلابي حيث يؤجر يوسف غرفة غرفة يوسف
كان يوسف يعقد ربطة عنقه وهو ينظر للمرآة وابتسامته الشاسعة إياها مازالت ترتسم على وجهه
إذن المغرورة المتكبرة تحبه!! كيف استطاعت أن تخفي عليه مشاعرها بهذه الطريقة؟!! ربما كان هو الغبي الجاهل في دواخل النساء وفي قاعدتهن الذهبية "يتمنعن وهن الراغبات" فحبها له كان واضحا ويستطيع الآن أن يتذكر عشرات الأدلة كم كان غبيا!!!
الآن يستطيع أن يغير مخططاته لينقلها لحقل آخر فهو منذ بداية خطبتهما وهو يعتقد أنها لا تحبه ولكن الآن هناك العديد من الأفكار تختلط في ذهنه ولا بد أن يتأكد من مشاعرها قبل أن يتهور في مخططاته
لذا ما أن أنهى لبسه حتى اتصل في مشعل بعد السلامات المعتادة همس لمشعل بذوق: معلش مشعل ممكن أسألك سؤال تسأله للمدام وبعدين ترجع تجاوبني وياليت السؤال والجواب يبئى سر ماتعرفوش مراتي
مشعل بهدوء رزين: والله يايوسف على حسب طبيعة السؤال.. إذا هو أصلا سر أمنتها عليه مرتك.. مالها حق تجاوبك إذا شيء غيره.. يصير خير
يوسف يتنهد واحترامه لمشعل يتزايد: لا هو سؤال عادي.. أنا عاوز أعرف بس.. لما باكينام دخلت المستشفى هنا ومعاها انهيار عصبي كان السبب إيه؟؟
مشعل أنهى الاتصال وتوجه لهيا بالسؤال
هيا بنوع من الحذر: هو الجواب شيء عادي.. بس أنت لا تعصب علي مشعل باكينام ويوسف لهم طبايع غير طبايعنا
مشعل بنفاذ صبر: خلصيني بلا مقدمات.. خلاص المرة الحين مرته.. إذا الجواب مافيه شيء يضرها.. جاوبيني أجاوبه
هيا بذات الحذر: باكينام تحبه من أيام ماكان يشتغل جرسون في الكوفي.. ويوم رجع لمصر وهم متخاصمين جاها انهيار عصبي
مشعل يضربها بحنان على رأسها ليميل بعدها ويقبل جبينها: وبس؟؟ خوفتيني حسبت فيه شيء كايد.. دامهم عرسوا خلاص بكيفهم وبعدين يعني أنا واحد مخي مهوب مقفل على طول.. أحترم عادات الناس اللي يحترمون انفسهم.. وأنا أشهد إن يوسف ومرته محترمين
مشعل عاد ليوسف بالجواب.. لتتسع الابتسامة أكثر وأكثر وسعادة عميقة تتغلغل إلى عمق روحه التي استزفها الهجر واليأس والأسى وليبدأ برسم مخططاته في اتجاه آخر..آخر
***************************
قسم راكان
الفتاتان استحمتا واستبدلتا ملابسهما وصليتا قيامهما ولكن العنود لا تشعر برغبة في النوم وأفكار عميقة تستنزفها اشتياقها لمريم مشاكلها مع فارس كل ذلك أكثر من طاقة احتمالها.. أكثر بكثير ولكن ماذا تفعل.. لابد أن تحتمل
موضي همست لها بإرهاق: عنادي أنا منتهية من التعب بأروح أنام
العنود بمودة: خلاص أنتي روحي نامي.. أنا بقعد في الصالة أقرأ قرآن لين يجيني نوم وعقب بأجيش
****************************
بيت سعد غرفة سعد ومريم
الاثنان أنهيا صلاتهما ودعائهما مريم خلعت ثوب الصلاة بخفة وطوته في السجادة لتضعها على المقعد
همست بخجل: سعد.. أو تحب أقول لك أبو فيصل؟؟
سعد بمودة: أي اسم من بين شفايش حلو.. اللي تبين
مريم برقة: كلهم حلوين.. بس سعد أخف.. لكن قدام عيالك بأناديك أبو فيصل
سعد بهدوء: كلش ذوق.. ومايجي منش غير الذوق
همست مريم برقة: ممكن تدلني وين غرفة التبديل أبي أبدل ملابسي
سعد أمسك كفها بحنو ليقودها لغرفة التبديل الملحقة بالحمام وهمس لها بهدوء: هنا الحمام وغرفة التبديل
مريم دخلت وأغلقت الباب.. وسعد كان يريد التوجه لرؤية ولديه فهو يشعر بقلق متزايد عليهما ولكنه توجه أولا لهاتفه في جيب ثوبه المعلق لينبهه لصلاة الفجر.. ليفاجأ أن الهاتف المكتوم الصوت يشير باسم راكان
تناوله ليرد عليه ثم عاد لمريم من فوره وهمس لها بحزم: مريم لا تبدلين.. راكان واقف قدام البيت يبي يسلم عليش قلت له يدخل الصالة اللي تحت..
كادت مريم تتعثر فرحا وصدمة محلقة.. وهي تعيد إغلاق سحاب الفستان عليها وتخرج ووجهها يشع بفرحة عميقة وهي تتعلق بجيب ثوب سعد الذي أعاد ارتداءه: صدق سعد؟؟ صدق؟؟ راكان جا؟؟
سعد يحتضن كفيها: والله العظيم إنه تحت.. المسكين متفشل.. قال بأدق دقتين لو حد رد علي أو بأروح للبيت جاي من المطار دايركت هنا.. بس حظه حلو إني مع دقته كنت بأخذ تلفوني أنبهه للصلاة
مريم بتأثر عميق: فديت قلبه.. كنه حاسس إن فرحتي ناقصة بدونه الليلة
سعد بخبث رقيق: يعني أفهم إنش فرحانة بس كان ناقصش راكان؟؟
مريم بخجل: سعد لا تصير لئيم.. يالله نزلني... مافيني صبر والله
احتضنت ذراع سعد وهما يتوجهان للباب ثم همست برقة خجولة: سعد شكلي مرتب؟؟
سعد يحتضن ذراعها ويهمس بمودة: ماشاء الله تبارك الله.. مافيه أحلى من كذا
نزلا معا ليجدا راكان ينتظرهما في الأسفل
وقف وهو يرى شقيقته تنزل.. قد لا تكون تراه ولكنه يراها ويحترمها ولها في روحه بروج مشيدة من التقدير والإعزاز
لم يتركها تمشي طويلا فهو تلقفها فور وصولها أسفل الدرج ليحتضنها بقوة وحنو ويهمس بحنان: مبروك يأم محمد ألف مبروك.. خلاص مالش عذر محمد إن شاء الله بياتي
دفنت رأسها في عمق صدره وسالت دموعها وهي تهمس بتأثر: فديت قلبك ما تخيل أشلون فرحتي بجيتك
راكان يهمس لها بعمق مرح: ما تخيلين وش سويت عشان أجي.. باقي أخطف طيارة..من يوم وصل أخ رفيقي المغرب وأنا أدور حجز حسيت إني ممكن انجلط لو مرت ليلة عرسش وأنا ماسلمت عليش وقلت لش مبروك
مريم بجزع حنون: بسم الله على روحك الغالية..
سعد كان في غاية التأثر من فرحتهما المتبادلة وتأثرهما العميق
راكان أفلتها بخفة ثم تناول كيسا فخما كان قد وضعه على الأرض ووضعه في يد مريم وهمس بحنان: هذي هدية عرسش وأنا اسمحوا لي لازم أروح.. ماحد يدري إني وصلت بعد وسامحوني على قلة ذوقي.. أزعجتكم.. معاريس ليلة عرسهم.. أدري عمرها ماصارت.. بس دوروا لي عذر
مريم بتأثر عميق: مشكور فديتك.. جيتك أحلى هدية جعل يومي قبل يومك
راكان غادر لسيارة الأجرة التي كانت تنتظره خارجا
سعد همس لمريم بحنان: عادي أقول لش الكحل ساح؟؟.. بس والله تهبلين
مريم تحسست وجهها بخجل: ودني عشان أتسبح ثم أردفت لسعد وهما يصعدان: سعد ولا عليك أمر.. عقب ما أسبح لو عيالك صاحين أبي أسلم عليهم
**************************
قسم راكان الساعة الواحدة ليلا تقريبا
راكان كان قد توجه للمجلس ولم يجد إلا (الصبيان) العاملين فيه اتصل بوالدته ثم بموضي ولم يرد عليه أحد فتيقن أن الجميع نيام.. لذا قرر التوجه لبيته لينام
حاول فتح الباب فلم ينفتح.. ومعنى ذلك أن المفتاح موجود في الطرف الآخر شعر بسعادة حقيقية تغلف روحه فهذا يعني أن موضي في البيت.. شعر أنه عاجز عن الانتظار لدقيقة إضافية لرؤيتها فهو منذ هاتفها قبل ثلاثة أيام ليخبرها بسفره للكويت ولسعه رنين اللهفة العميقة في صوتها وهو يتمنى لو عاد في لحظتها فكل غضبه المتعاظم ذاب من همسة واحدة من بين شفتيها والغضب يتحول لنوع من التوجس خوفا على موضي نفسها كيف هو تقبلها لعودة حمد؟؟ هل سيبقى حمد شبحا بينهما؟!! يكره أن يكون لأي رجل تأثيرا أيا كان على زوجته؟؟ ورغم كل هذه المشاعر المتشابكة كان هناك شعور واحد طاغ سيطر على كل المشاعر بقوته وعنفوانه الاشــــتــــيـــاق لها ولم يكن الاشتياق بمعناه العابر أو الطبيعي بل بما يتجاوز كل المعاني والمفردات
تنهد بعمق وهو يطرق الباب فاجأه صوت العنود الخائف: من؟؟
همس بمودة: أنا راكان عنودة
العنود فتحت له الباب بعد أن ارتدت روبها فوق بيجامتها وارتمت في حضنه وهي تهمس بمرح: حرام عليك يا الظالم صار لك اكثر من 10 أيام غايب ماخفت الله في قلب ذا المسيكينة لا وحتى عرس مريم ماحضرته
راكان احتضنها وقبل خدها بحنو ثم تجاوزها وهو يلقي غترته على المقعد القريب من الباب ويهمس لها بهدوء: مريم توني جاي من عندها وسلمت عليها ومن المسيكينة اللي ما خفت الله فيها؟؟
العنود بابتسامة لطيفة: مرتك
راكان بجزع حقيقي: فيها شيء موضي؟؟
ضحكت العنود بعذوبة: أنا أشهد أنكم مستويين أنت وإياها لا مافيها شيء.. بس حرام عليك ليلة رجعتك من سنغافورة مافيه شيء ماسوته كنها عروس حتى الحناء تحنت وانت طنشت وسافرت.. والحين بعد عادت على حناها مرة ثانية.. وكان خاطرها إنك بتشوفها وبعد ماكنت بتجي وهذا هي رقدت.. كسرت بخاطرها مرتين
راكان شعر بشجن عميق وألم شفاف يغزو روحه وأفكار مضطربة تغتاله (هل فعلت ذلك من أجلي؟!! أو حتى تقنعني أن حمد لم يعد له أهمية في مخيلتها بعد عودة ذلك الحقير للظهور؟!! يا الله ألهمني الصواب أتمنى أن أموت قبل أن أوذي موضي بأي تصرف أو حتى تفكير)
العنود صمتت مع صمت راكان وهو مايزال واقفا ثم همست برقة: اسمح لي بأروح البيت
راكان بجدية: وين تروحين؟؟ نامي مع موضي.. وأنا بأنام في الصالة
العنود تبتسم: لا والله ثم لا والله.. قبل ما تتهور وتحلف علي بأروح أنام في غرفتي
راكان بهدوء: زين بأوصلش
العنود تبتسم: وين توصلني.. كلها خطوتين!! بس وقف لي عند الباب.. لين أدخل باب البيت
راكان يبتسم: خلصيني بأوصلش ذا الخطوتين
راكان أوصل العنود وعاد بخطواته الواثقة المعتادة وإن كان يلفها هذه المرة توتر ما أغلق باب البيت وتوجه بهدوء إلى غرفته
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 4:12 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مساءات العتب مني ومنكم أولا عتبكم علي لأنه هو عندي الأهم والله العظيم يا نبضات قلبي إني ما قريت ردودكم إلا اليوم بعد العصر ولا حد قال لي عن رجاءاتكم لتزيل بارت قبل اليوم بنت خالتي صارت نادر تدخل نت وأختي دوبها ودوب ولدي اللي طلعت روحه سامحوني.. مهوب مثلكم اللي ينرد طلبه يالغوالي اليوم نبرد خاطركم ببارت طويل طويل طويل.. وسامحوني للمرة الألف سامحوني يالغوالي . . ثانيا عتبي عليكم.. وهو موضوع بسيط.. بس أنا تعودت على الشفافية معاكم فيه بنات الله يهداهم يهاجمون بطريقة عنيفة يعني يا نبضات قلبي فيه أدب حوار وفيه أسلوب لطرح التساؤل وأنا عمري ما كنت مكابرة على الغلط يعني اللي تشوفني غلطانة ما فيه داعي تغلط علي عشان تثبت إني غلطانة أنا على طول اعترف بغلطي.. وأخاف من ربي وما أخاف من عبيده اللهم أني استغفرك وأتوب إليك سبحان الله وبحمده سبحان ربي العظيم . . وثالثا عتب مشترك فيه بنات زعلانين مني ليش إني ما أنزل كل يوم مثل أول ولهالغوالي أقول ارجعوا للبارتات القديمة اللي كنت أنزلها كل يوم وقارنوا طولها بالبارتات اللي أنزلها الحين البارتات الحالية طولها أربع أو خمس أضعاف البارتات القديمة وأنا أنزل يوم ورا يوم لو علي أنا.. أنا الأحسن لي أنزل الباقي كله دفعة وحدة وأرتاح من الضغط النفسي وأتفرغ لولدي بالكامل لكن أنا اللي أطمح له إنك تحسون بمتعة القراءة والانتظار والتفاعل وخصوصا إنكم عارفين إنه الرواية انتهت وانتظاركم له آخر ما أبي أفسد أسى الهجران وأتخمكم فيها على الأخير هل أنا غلطانة في هالشيء يا نبضات قلبي؟؟!!! . . أحب أرحب بكل المنظمات الجدد وبطلات التعليق الأول في حضور جديد ومبهر ورائع كروعتهم . . ننتقل لملاحظاتكم وأسئلتكم ولو أنا يا بنات نسيت أجاوب على أي تساؤل يكون نسيان مني.. موب تجاهل والله العظيم فياليت اللي ماجاوبت على سؤال لها.. تتكرم وتعيده لو مافيه مضايقة . . قرابة سعد من مريم؟؟ سعد يكون ولد عم محمد أبو مريم . بعض البنات بعدهم يقولون إن طلاق حمد لموضي غير نهائي لأنه ما طلقها ثلاث مرات متفرقة؟؟؟ ورأي جمهور العلماء أن طلاق مثل طلاق موضي من حمد هو طلاق بائن بينونة كبرى ولا يشترط للطلاق البائن أن يطلقها ويعيدها ثم يطلقها ويعيدها ثلاث مرات وخصوصا أن الطلاق تم توثيقه في المحكمة وأمام القاضي
سُئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حكم الطلاق ثلاثاً بكلمة واحدة؟؟؟
فأجاب – رحمه الله - : ( إذا طلق الرجل امرأته بالثلاث بكلمة واحدة كأن يقول لها أنت طالق بالثلاث، أو مطلقة بالثلاث فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها تقع بها الثلاث على المرأة، وتحرم على زوجها بذلك حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ويطأها ثم يفارقها بموت أو طلاق) . لما قال سعد لمريم وعيونش الحلوة؟؟ أنا والله العظيم ما خطر لي نهائي الحلف بغير الله.. مجرد غزل رقيق لكن بما أن البعض فهمه على أنه حلف والذنب ذنبي فأنا أعتذر منكم وتم مراسلة المشرفات لتعديل العبارات قبل ما أضع جزء اليوم اللهم أني أستغفرك وأتوب إليك ربنا لا تحاسبنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تحمل علينا أصرا كما حملته على الذين من قبلنا . البعض استغرب جرأة مريم أو ردات فعلها؟؟ يا نبضات قلبي مريم موب بنت صغيرة ..مريم عمرها 35 سنة.. عشان كذا ردة فعلها لازم تختلف الشيء الثاني أنتو تعودتو على مريم الأخت طوال حوالي 100 جزء مرت فيمكن صار صعب عليكم تخيل مريم الأنثى اللي لازم تصرفاتها بتكون مختلفة مع زوجها وبعدين يا عسل أنتو ليش تتوقعون إن الوحدة لازم تجيب كآبة لزوجها في ليلة زواجهم الشيء الطبيعي إنها تتقبله مادام إنسان لطيف ويعرف ينتقي عباراته.. مثل سعد مثلا!! أنا شخصيا أشوف تصرفات مريم متناسبة مع شخصية مريم كما صنعتها والدليل اللي أنا سعيدة جدا به إن كثير منكم معجبات بشخصية مريم وتطوراتها . .
فديت قلوبكم حد يناديني أم حمودي وحد يناديني أم عبودي وكلهم حلوين بس ولدي لا حمودي ولا عبودي ولدي اسمه يبدأ بحرف السين.. خل نسوي لكم مسابقة ونشوف من تعرف الاسم ومع كذا سموني مثل ما تبون كله على قلبي عسل . . للمرة الثانية والألفين آسفى وسامحوني على أني مارديت على رجاءتكم علي والله العظيم قلبي عورني وأنا أقرأ ردودكم سامحوني . والحين استلموا وتراكم بعد ما توقعتوا لقاء راكان وموضي توقع صحيح أحب لعبة قلب التوقعات هذي لكن بطل لعبة الهجران في هذا الجزء بيكون فارس وبجداره.. الله يعينه بيبدأ تلاعب يوسف ببكينام .. وحياة مريم مع سعد وعياله كم كبير من المتعة والمشاعر والحزن ينتظركم في بارت اليوم . أحبكم.. والله لا يحرمني منكم استلموا . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . .
أسى الهجران/ الجزء المئة
راكان أوصل العنود وعاد بخطواته الواثقة المعتادة وإن كان يلفها هذه المرة توتر ما أغلق باب البيت وتوجه بهدوء إلى غرفته
كانت الأضواء خافتة..فموضي أضعفت قوة الإضاءة ولم تطفئها من أجل العنود عندما تأتي للنوم
شعر راكان بتوتر وترقب متعاظمين مشتاق لرؤيتها.. روحه مثقلة بالاشتياق لها لكل مافيها.. ملامحها.. صوتها.. كلامها.. روحها.. مجرد وجودها ودفء حضورها المختلف في روحه
تقدم أكثر.. كانت مستغرقة في النوم وهي تغطي جسدها كاملا ولا يظهر منها سوى رأسها وشعرها متناثر على وجهها حتى وجهها لم يستطع رؤيته تنهد بعمق.. كان بوده أن يوقظها.. وتمنى أن يوقظها ولكنه لم ولن يفعلها.. أولا لا يريد تكدير نومها.. وهي تبدو مرهقة ومستغرقة في نومها تماما ثانيا: مافائدة إيقاظها إن كان لن يزرعها في صدره وبين أحضانه الذائبة اشتياقا؟!! فهو حتى الآن لا يعلم تاثير عودة (ذاك) عليها.. ربما أصبحت أكثر تحسسا من اقترابه منها؟!! أو ربما تصبح أكثر اندفاعا لتثبت لنفسها شيئا لم يحدث بعد؟!!
لذا فليكتفِ بالنظر وبالكثير من الوجع!!الكثير اللا متناهي منه!! تنهد راكان تنهيدة عميقة طويلة.. وملتهبة.. ثم توجه للاستحمام.. صلى قيامه ثم فرش فراشه وتمدد وهو يدير وجهه ناحيتها وهو يتمنى بكل وجع الكون المتسع لو كان يستطيع تملس خديها.. تنفس أنفاسها..غمر وجهها بقبلاته كان يتذكر بشجن مؤلم المرة الأخيرة التي رآها فيها مازال ملمس شفتيها العذبتين يعذب أحلامه.. وحتى يقظته!!
*****************************
بيت سعد غرفة سعد ومريم
سعد بعد أن دخلت مريم للحمام توجه لغرفة الولدين ووجدهما نائمين تنهد بعمق (تأجلت المواجهة ليوم بعد)
قرر أن يقرأ ورده الليلي مادامت مريم في الحمام والحق أنها أطالت وهي تعاني من استكشاف أرجاء الحمام كان شعورا موجعا وهي تتحسس زوايا الحمام خوفا أن تنزلق أو تتعثر في شيء لا تعرف مكانه ثم معاناة آخرى وهي تريد التعرف على أماكن الشامبو وغسول الجسم في حمامها كانت سونيا تضع كل شيء في مكان محدد ومريم تتجه له بشكل مباشر لكنها الآن اضطرت إلى فتح كل العلب وهي تشمها لتتعرف عليها حاولت أن تعيد ترتيبها ولكنها غيرت رأيها لأنها لم تعد تستخدم الحمام لوحدها.. فمعها شخص آخر سيفسد ترتيبها تنهدت بعمق وهي تشعر بألم ما هذه هي المشكلة الأولى التي تصادفها.. قد تبدو تافهة ولكنها أساسية ويومية فهي في بيت والدها لم يكن هناك من يستخدم حمامها ولا يحرك شيئا في غرفتها عداها.. لذا تعرف مكان كل شيء بدقة وتتحرك بثقة لكن هنا لها شريك أساسي.. له مثل ما لها.. وسترتب وسيغير الترتيب وفقا لما اعتاد
لا تنكر أنها تقبلت سعد بشكل أسرع وأعمق مما توقعت.. فهو كان لطيفا وحنونا ومتفهما ولكن هل سيحتمل ثقل امرأة ضريرة ومتطلباتها؟!!
مريم تأخرت في الحمام وسعد قلق عليها أن يكون قد حدث لها شيء همس لها عند باب الحمام: مريم.. مريم
أجابته من الداخل بهدوء: جايه سعد.. دقيقة وحدة بس
همس لها بنفس هدوئها: ترا العيال نايمين يامريم
سعد عاد ليجلس بينما مريم خرجت ملتفة بروبها وفوطتها ثم أغلقت باب غرفة التبديل عليها وهي تجفف شعرها وجسمها ثم تبحث عن أغراضها وفقا لشرح لطيفة لها ارتدت قميصها الأبيض الملكي الذي كان عليه رداء حريريا فخما بتطريزات أنيقة تعطرت وعطرت شعرها سمت بسم الله وخرجت
سعد هتف لها: بأجيش
همست مريم بهدوء: لا خلك.. بس تكلم شوي خلني أعرف مكانك
سعد ابتسم: وش أقول؟؟ من يوم شفتش طالعة من باب غرفة التبديل أحس الكلام كله ضاع
مريم ابتسمت بعذوبة وهي تتجه نحوه: هذا كله وما قلت شيء؟!! خلاص اللي قلته كفاية.. دليت مكانك
مريم توجهت نحوه بخطوات هادئة وهي تمشي بحذر.. فهي وإن كانت حددت مكانه تماما من اتجاه صوته فهي لا تعرف إن كان الطريق سالكا خاليا من أي عوائق
وصلته وهو وقف وأمسك بيدها وأجلسها جواره.. همس لها بإعجاب: ماشاء الله عليش أبهرتيني.. أشلون دليتي كذا
مريم برقة: وش أبهرتك؟؟ أنا أمشي وأنا مرعوبة خايفة أصدم بشيء
سعد بحنان: لوتبين أفضي الغرفة من كل شيء.. فضتيها.. أخليها بس السرير والكبت والتسريحة
مريم بابتسامة عذبة: لا وش تفضيها؟؟ بس يا ليت تقول للي في البيت كلهم إنهم ما يغيرون أي شيء من مكانه..لين أعرف مكان كل شيء أنا بس أبي لي كم يوم وأعرف الاتجاهات وأماكن قطع الأثاث
ابتسم سعد: هذا عندش أم صبري وخدامتين ثانين واللي تبين بيسونه لش
همست مريم بذوق: سعد بعد أذنك أنا ما أستغني عن سواقتي.. أبي أجيبها عندي لو ماعندك مانع
سعد بمودة: أكيد ماعندي مانع.. اللي تبينه سويه.. بس فيه شيء صغير أبي انبهش له.. ترا أم صبري مهيب خدامة .. هي جاية هنا عشان تساعدش أنتي وبس..
ابتسمت مريم: فاهمة سعد بدون ما توصي صمتت مريم لدقيقة ثم همست بقلق رقيق: وعيالك سعد؟؟
سعد بجدية: وش فيهم؟؟
مريم بذات النبرة القلقة: متقبلين وجودي؟؟
تنهد سعد: ماني بكاذب عليش.. هم ما بينوا لي شيء.. قالوا أنهم موافقين بس أشلون بيتصرفون عقب ما أدري فيصل ماني بخايف منه.. مؤدب وهادي وعاقل.. لكن الخوف من فهيدان.. استحمليه مريم شوي.. أدري إنه بيجننش
مريم برقة: لا توصيني سعد.. والله العظيم إنهم مثل عيالي
سعد بحذر: ولو جبتي أنتي عيال؟؟
مريم بخجل عميق: ولو أن هذا كلام سابق لأوانه.. وأساسا ذا الشيء علمه عند رب العالمين.. يمكن الله ما يكتب لي عيال لكن ولو صار.. عيالك مثل عيالي وربي شاهد علي مابينهم فرق
مد سعد يده ومسح خدها بحنان: الله لا يحرمني منش
انتفضت مريم بخفة وهي تتراجع للخلف قليلا ولكن سعد اقترب منها أكثر وهو يهمس لها بإعجاب عميق: تدرين.. ما تخيلتش حلوة كذا
مريم بخجل أعمق: حلت أيامك.. واسمح لي ما أقدر أقول تخيلت شكلك كذا أو كذا
همس سعد بنبرة مقصودة وهو يمسك بكفيها: وليش ما تكوّنين صورة بنفسش يعني أنا ماني ببشع ترا.. ماشي حالي
قالها وهو يضع كفيها الناعمين المعطرين على وجهه.. مريم شعرت باضطراب عميق ولكنها لم ترد أن تكون قليلة التهذيب وهو يعرض عليها التعرف على ملامح وجهه لذا بدأت تحسسها بخفة لوجهه بأناملها الطويلة الرقيقة بدءا من جبينه فحاجبيه ثم عينيه.. وأنفه شعرت بالخجل من ملامسة شفتيه فنزلت لذقنه وهي تتحسسه برقة ثم تتحسس عارضيه المحددين بأناقة
ثم أنزلت كفيها في حضنها وهي تهمس بخجل رقيق: خلاص كوننا صورة والصورة حلوة ماشاء الله
سعد بعمق أكبر وهو يقترب أكثر ويعاود إمساك كفها: باقي شيء خليتيه
ثم قبل باطن أناملها بعمق وهمس بعمق أكبر: كذا كملتي الصورة
***************************
بيت فارس بن سعود غرفة فارس
مازال فارس ساهرا.. عاجزا عن النوم يلمس صدره بوجع.. يشعر بألم فعلي يمزق عضلات صدره بوحشية في ذات المكان الذي لامسته يدي العنود اليوم تمنى لو أمسك بها وزرعها غصبا عنها في أحضانه المشتاقة أو حتى سحبها بالإجبار إلى بيته وضعه بات مزريا.. والجميع بدأوا بالملاحظة.. قد تكون قوة شخصيته تمثل غطاء لامعا يخفي عن الجميع معاناته في غيابها وهو يتحكم تماما بنفسه ولكن شكله لا يستطيع التحكم به فوزنه بدأ بالانخفاض والإرهاق يبدو على محياه في ظل انعدام شهيته وقلة نومه
أمل مــا يداعبه وهو متعب.. متعب.. مــــــتــــعـــــــب
تناول هاتفه وأرسل رسالة.. ولتكن هذه محاولته الأخيرة!!
أرسل الرسالة وهو يتيقن أنه لن يتلقى ردا لأنه يظنها نائمة ولكنه فوجئ بالرد السريع تنهد وهو يفتح الرسالة بحذر.. فهو مستنزف تماما مستنزف من الشوق.. مستنزف من الكبرياء.. مستنزف من العناد
قرأ الرد.. اتسعت عيناه ذهولا..وصدمةً وألما ساديا شرّح روحه وخلاياه ثم صرخ بألم جارح يتغلغل في قلبه أكثر ويتجذر.. شعر أنها نحرته.. نحرته بدم بارد اعتصر الهاتف في كفه حتى ابيضت مفاصله ثم قذف به إلى الحائط بكل قوته قوة حاول أن يبث فيها بعضا من صدمته وغضبه وجراحه وآلمه غير المحدود ليتهشم الهاتف لأجزاء متطايرة كقلب فارس الذي تهشم تماما
**************************
قبل ذلك بقليل بيت محمد بن مشعل غرفة مريم
العنود عادت من بيت راكان منذ بعض الوقت لم تستطع العودة لغرفتها تسللت إلى غرفة مريم مازال عطر مريم الرقيق يعبق في الغرفة لطالما أحبت العطور الناعمة الرقيقة لأن حاسة شمها المتحفزة تتضايق من العطور القوية حين تكون على جسدها هي
العنود تشعر باشتياق هائل لها.. يبدو البيت كما لو كان قبرا من غير وقع خطواتها الهادئة وهي تشيع في المكان روح السكينة والطمأنينة لطالما كانت مريم جوارها كلما احتاجتها.. ولكنها الآن أصبحت لسعد تشعر أنها عاجزة عن التنفس ومريم ليست في المكان مريم الأم والأخت والصديقة مريم الحنان والاحتواء
العنود تمددت على سرير مريم ووضعت رأسها على مخدتها وبدأت تبكي بكاء خافتا مكتوما موجوعا بكاء تشعر أنها كتمته منذ قرون رغم أنها كثيرة البكاء ولكن هذه المرة كان بكاءها مختلفا.. مختلفا تماما حادا رقيقا متألما مثقلا بالأسى
انتزعها من بكائها رنة رسالة وصلت هاتفها تناولت الهاتف وهي بالكاد تراه من بين دموعها
كانت رسالة منه.. من فارس
"العنود.. خلاص كفاية ارجعي لي أنا تعبان..تعبان.. والله العظيم تعبان بعيد عنش الناس كلهم لاحظوا أنتي ما لاحظتي؟!!"
العنود تشعر الليلة بالكثير من الألم.. وفارس ماكان ينقصها ليكتمل ألمها الليلة تكره نفسها لأنه تحبه ..بل متيمة به .. بينما هو يتسلى بتجريحها وإهانتها وإبعادها.. ثم يقول أنه هو المتعب.. (عن أي تعب تتحدث يا فارس؟!! عن أي تعب؟!!)
العنود كتبت رسالتها المجنونة وأرسلتها
"فارس.. مادريت بأخر خبر؟؟ أنا أكرهك أكرهك أكــــرهــــــك"
اعتقدت أنه سيفهم كلمة "أكرهك" كما تقصدها هي ربما كانت هذه الكلمة أكثر كلمة تقولها المرأة وهي تقصد عكسها تماما ولكن فارس فهمها كما هي فهمها كما هي : "أكرهك"
ذبحته دون أن تعلم.. نحرت مابقي من روحه المتعبة نحرته من الــوريــد إلى الــوريـــد!!
*************************
بيت راكان
صلاة الفجر
راكان يقوم لصلاة الفجر رغم أنه لم ينم حتى ساعة واحدة.. فهو قضى وقتا طويلا يتقلب ولكن موضي لم تنهض من نومها بعد استغرب.. لم يكن نومها ثقيلا هكذا وكانت تقوم على منبهه قبل أن يقوم هو حتى
وهو ماعاد به صبر لرؤيتها.. يشتعل اشتياقا.. يشتعل بكل معنى الكلمة ولكن ربما كانت لا تصلي لعذر شرعي لذا لم تنبه هاتفها للصلاة لأنه طيلة الأسابيع التي كانا فيها معا.. كانت شديدة الحرص على الصلاة في مواقيتها شعر راكان بالحرج من الفكرة فهو لم تخطر له هذه الفكرة مطلقا مع شقيقتيه ولكن التصاق امرأة به لهذه الدرجة جعله يتوقع مثل هذا الشيء قرر أن يتركها تكمل نومها وتوجه للصلاة في المسجد
ولكن مالم يعلمه راكان أن موضي نبهت هاتفها للصلاة.. ولكن شحنه نفذ فانطفى لوحده
راكان تأخر قليلا قبل أن يعود لأنه قابل والده وعمه وأشقائه وفارس في الصلاة بل حتى سعد وحمد ووالده جابر قابلهم في الصلاة فهم جميعهم في بيوت متقاربة ويصلون في ذات المسجد قبل أن يعود للبيت الكبير للسلام على أمه
حاول أن يتجاوز رؤيته لحمد بعد صدمة الغضب الأولى.. فهو سيراه كثيرا.. وليس راكان من يتوتر من وجود أي أحد مهما كان ولن يسمح له أن يوتره مرة أخرى
عاد لبيته.. وتمدد لينام.. بعد أن أطل عليها وتأملها مطولا وهي على ذات الوضعية حتى وجهها غير واضح من تناثر شعرها عليه (هذي شكلها ناوية علي حتى وجهها ماشفته!!)
الساعة السادسة والنصف صباحا موضي تنهض من نومها فزعة وهي ترى أشعة الشمس تتسلل من بين الستائر القاتمة اللون
قفزت للحمام دون أن تنظر للناحية الثانية فالحمام كان عن يسارها وراكان ينام يمينها
توضئت وصلت وهي تلعن الشيطان الذي جعل النوم يسيطر عليها لهذه الدرجة حينما أنهت صلاتها.. استغربت (وين العنود؟؟) توجهت للصالة لم تجدها.. وجدت باب البيت مغلقا من الداخل استغربت أكثر وهي تشعر بالخوف وتسمي بسم الله لينقلب خوفها إلى صدمة سعادة موجعة وهي ترى الغترة الملقاة على المقعد تناولتها بلهفة لتستنشقها بعمق.. رائحة عطره الفاخر التي تغلغت في حويصلات رئتيها تنهدت بعمق وهي تبتلع ريقها بصعوبة ودقات قلبها تتصاعد بهستيرية وتضع الغترة بحنو على المقعد (يعني هو نايم داخل!!)
خطوات ملهوفة متوترة نقلتها للداخل شعرت أنه قد يغمى عليها فعلا قبل أن تراه كانت تسير كالمخدرة المحمومة حتى وصلت مكانه المعتاد كان الجسد الضخم متمددا.. مستغرقا في النوم وغطائه ملقً جواره جلست جواره وهي تملأ عينيها من محياه.. فلا تمتلئ تملأ روحها من وجوده.. فلا تمتلئ تملأ أنفاسها من عطره.. فلا تمتلئ
كان بودها أن تلمس خديه.. شعر عارضيه كم اشتاقت له.. وكم كانت تشعر بالخواء بعيدا عنه!! كانت تشعر أن روحها صحراء بور تشققت عطشا بعيدا عن زخات مطره وهي كانت كمن يمشي في هذه الصحراء حافيا أحرقتها الرمضاء وألهبت خلاياها نار الهجير المحرقة بعيدا عن نسيمه الخالص كخلاصة سر هذه الحياة
لم تعلم كم مضى عليها وهي تتأمله.. المؤكد أنه مضى وقت طويل لم تشعر به حتى بدأت تشعر بالألم في ساقيها من جلوسها على الأرض
حينها انتزعت نفسها انتزاعا بعيدا عنه فلديها الكثير لتفعله بدا لها الابتعاد عنه دون النظر إلى عينيه بعد كل هذا الاشتياق الخانق كإحساس حد المقصلة
ولكنها نهضت لتقوم بعملها أعدت له إفطارا فاخرا.. وضعته في حافظاته صلت ضحاها ثم توجهت للتأنق لم تعلم ماذا ترتدي تحديدا؟؟ لا يليق أن ترتدي فستانا كالذي ارتدته يوم عودته من سنغافورة والذي كانت اشترته خصيصا لتلك المناسبة ولكنها اشترت أيضا أشياء أخرى ارتدت بنطلونا أبيض قطنيا لاصقا (ليقنق legging) يصل طوله لأسفل ركبتيها ثم ارتدت قميصا واسعا طويلا لمنتصف الفخذ زهريا بورود بيضاء بحمالات عريضة يكشف عن جزء كبير من إصابتها ولكن ليس كلها لأن موضي شعرت أنه من الابتذال أن ترتدي لباسا مكشوفا كثيرا حينما وصلت للحذاء ارتدت صندلا شفاف اللون بإصبع وبدون كعب نهائيا ففكرة الحمل باتت مسيطرة عليها تماما وباتت تخشى على جنينها المفترض من كل شيء زينة صباحية خفيفة بتدرجات اللون الزهري ثم فردت شعرها ليتدفق شعرها الكثيف بلونه الجديد وقصته الرائعة ورفعت بعض خصلها الأمامية بمشابك بيضاء
حين انتهت كانت الساعة تقارب العاشرة إلا الثلث قررت أن تجلس في الصالة تنتظره فهو لابد أن يكون نبه هاتفه قبل صلاة الجمعة
جلست على الكنبة ثم رفعت ساقيها وهي تتسند على جانب الكنبة بشكل نصف مائل لا تعلم ما بها؟؟ ولماذا هذا الإحساس بالنعاس؟؟ نامت دون أن تشعر وهي جالسة بشكل مائل
*************************
بيت سعد غرفة سعد ومريم
الساعة التاسعة والنصف صباحا مريم تصحو من نومها قبل سعد وتعرف أنه مازال نائما من صوت تنفسه المنتظم تقرر أن تتركه نائما قليلا قبل أن توقظه لصلاة الجمعة فهما كلاهما لم يناما إلاَّ بعد صلاة الفجر تحدثا مطولا.. وكلاهما يبدأ بالتعرف على تفكير الآخر وشخصيته شيئا فشيئا
مريم اغتسلت واستبدلت ملابسها لترتدي جلابية مغربية حريرية تعرفت عليها باللمس..مشطت شعرها ورفعته ذيل حصان أما الزينة فلم يكن لها نصيب فيها يكفيها صفاء بشرتها ونقاءها عن أي زينة
قررت استكشاف المكان بنفسها وهي تمشي بحذر فتحت باب غرفتها لتسمع صوت تلفاز قريب توجهت ناحيته وهي تمشي ببطء وحذر شديد حتى وصلت للغرفة الصادر منها الصوت كانت جلسة أولاد سعد فسعد أعد لأولاده غرفة منفصلة تكون جلسة لهما وفيها تلفاز حتى لا يستخدما غرفتيهما سوى للنوم والدراسة وهذه الغرفة تقع بين غرفتيهما
حين وصلت مريم.. سلمت كان فهد هو الجالس يشاهد التلفاز حين سمع الصوت الأنثوي الذي يسلم .. رد السلام وهو مازال غير مستوعب
همست مريم بمودة: فهد.. صح؟؟
فهد باستغراب: أشلون عرفتي وأنتي ما تشوفين؟؟
مريم بابتسامة: صوتك حلو.. عرفني عليك
مريم حين سمعت الصوت الطفولي الذي يرد السلام أيقنت أنه فهد.. لأن فيصلا في الخامسة عشرة وبالتأكيد صوته سيكون أكثر خشونة
صمت فهد.. ومريم أكملت برقة: تعال سلم علي
فهد وقف وتوجه ناحيتها.. ومريم تحسست وجهه ثم قبلت خده
همس فهد بعفوية: ريحتش حلوة
ردت مريم بحنان: وأنت ريحتك تجنن
همس فهد بذات العفوية: تبين اقعدش؟؟
مريم برجاء لطيف مقصود: يا ليت.. تسوي فيني خير
فهد تناول كفها وأجلسها على الأريكة وكان يريد العودة للجلوس على مخدته على الأرض أمام التلفاز
همست مريم التي شعرت من حركته أنه يريد الابتعاد: اقعد جنبي لو مافيه مضايقة لك
جلس فهد جوارها.. همست مريم: أي صف أنت؟؟
فهد بنبرة عدم اهتمام: السابع.. اول إعدادي بمصطلحاتكم يالكبار
مريم انتبهت فورا أن فهدا هذا قد يكون أذكى مما يبدو.. صمتت تريده أن يتكلم بما يشاء حتى لا توجه حديثه أو أفكاره
همس فهد بعد دقيقة صمت: تدرين.. ماظنيتش حلوة.. لأنه إبي يوم قال إنه بيأخذ عمة حمود العمياء.. قلت أكيد إنها شينة
قد تبدو الكلمات التي قالها فهد جارحة ولكن ليس لمريم وهي تصدر عن طفل مثل فهد.. وهي تتجاوز معنى الكلمات إلى محاولة جر فهد للكلام
همست مريم بابتسامة: وليش ظنتيني شينة؟؟
فهد بذات النبرة غير المهتمة: لأنه عمياء ومزيونة ومايصير
مريم بحنان: تدري فهد.. الله يوم يأخذ من الإنسان شيء.. يعطيه أشياء يعني الله خذ عيوني..بس عطاني قوة السمع والشم والذكاء.. و عطاني الجمال بعد.. يمكن أنا ما أشوفه بس الناس يشوفونه والحمدلله على كل حال
فهد بسؤال عفوي قد لا يكون عفويا مطلقا: زين.. الله خذ أمي.. وش عطانا بدالها؟؟
تنهدت مريم وهي تتيقن أن فهدا يريد إسقاطها في حفرة الجواب المعقد.. ولكنها أجابت بشكل هادئ ومباشر: الله خذ أمكم عنده رحمة بها أمكم كانت مريضة وتتعذب.. يمكن لو عاشت أنتو تعذبتو وأنتو تشوفون عذابها ولا تقدرون تسوون شي ومن ناحية ثانية الله يوم أخذ أمكم عوضكم بأب حنون.. يعني تخيل لو كان أبيكم قاسي عليكم.. يعني هو موجود في كل الحالات..لكن وجود عن وجود يفرق.. وحنانه عليكم كان تعويض عن غياب أمكم
فهد وقف وهو يهمس بنبرة عدم الاهتمام إياها: كلامش دخل من هنا وطلع من هنا (قالها وهو يشير على أذنه اليمين ثم اليسار) لأنه كلام مسلسلات ما أدري في أي مسلسل بايخ سمعتيه؟!!
ثم أردف وهو يقول بسخرية: أوه نسيت إنش ما تشوفين أنا كنت أقول كلامش دخل من أذني اليمين وطلع من اليسار ومع السلامة
مريم استغربت انقلابه المفاجئ.. فمنذ دقائق كان لطيفا فمابه أصبح حادا ومؤذيا وبشكل صادم وجارح
كان قد خرج ومريم أصبحت متأكدة من ذلك لأنها افتقدت رائحته وحركته في المكان تنهدت مريم وهي تعود أدراجها لغرفتها لتوقظ سعد ليستعد لصلاة الجمعة
***************************
بيت راكان الساعة العاشرة والربع صباحا
راكان نهض من نومه.. فور أن فتح عينيه نظر ناحيتها لم يجدها
تنهد بعمق وهو يقف ليتجه للحمام ليغتسل ويتوضأ وكأنه بماء الوضوء يهدئ بعضا من نار روحه المستعرة ويصفي أفكاره المتشابكة حين أنهى الوضوء نادى موضي.. ولكن لا رد
توجه للصالة ليجد المفاجأة الرقيقة اللذيذة التي بدت له عصية على التصديق الأميرة النائمة أو الفتنة النائمة أو المعجزة النائمة أميرته هو.. وفاتنته هو.. ومعجزته هو!!
الساقان والذراعان المطرزة بنقوش الحناء القصة الجديدة ولون الشعر الجديد بدت له متألقة ومبهرة لأبعد حد إلى حدود الوجع والهلوسات
ولكن كل هذا الألق لا يهم.. لا يهم أمام ما كان يراه يطل عبر فتحة الجيب الواسعة
هل يتخيل؟؟ هل تقصدت أن تريه إياه؟!! هل لكشفها له علاقة بعودة حمد؟؟ هل تريد أن تثبت أنها غير مهتمة وربما كانت العكس؟!! ولكنه طلب منها أنه عندما سيراه المرة القادمة لا يريد رؤية تظرة الانكسار إياها بقي أن تفتح عينيها.. ليرى في عينيها ما يسعده أو يجرحه
همس لها من قرب بنبرة شديدة العمق والخصوصية: موضي..
لم تجاوبه.. استغرب.. ( لطالما كان نومها خفيفا.. ماذا حل بها؟!!)
أعاد الهمس وهو يقترب أكثر منها ويأخذ نفسا عميقا من رائحتها التي أضناه الاشتياق لها: موضي حينها انتفضت بخفة لتلتقي عيناها بالعينين السوداوين العميقتين من قرب.. شهقت بقوة فهمس بجزع: بسم الله عليش
تراجعت للخلف خجلا وهي تلمس شعرها خوفا أن يكون شعرها قد تشعث مع نومتها الغريبة غير المتوقعة
ثم ابتسمت بشفافية وسعادة عميقين: حلوة ذا التخريعة.. الحمدلله على سلامتك
ابتسم لها بعمق: الله يسلمش
تبادلا النظرات العميقة للحظات هو يقف وهي جالسة نظرات بعمق سنوات وسنوات عشرات المشاعر الكثيفة والمتشابكة والمتغلغلة الشوق.. الشجن.. الاحترام.. المودة.. الاحتياج.. اللوعة و الحـــب الذي أضاع طريق التعبير الصحيح
كانت موضي من قطعت خيط النظرات بوقوفها وهي تهمس بعمق شفاف موجع: اشتقت لك.. كن الدوحة خالية من غيرك بسلامة أهلها
فهمس لها بعمق أكبر: وأنا اشتقت لش أكثر.. كن العالم كله خالي من غيرش
وحينها التقطت عيناه جزءا كبيرا من إصابة كتفها شعر بتأثره يتعاظم.. مد أنامله ليلمس إصابتها بحنو لم تتأخر ولم تحاول إخفاءها وهي تقف ثابتة أمام لمسته التي أشعرتها بالاضطراب ليس لأنه يلمس إصابتها.. ولكن تأثرا من لمسته نفسها همس لها بعمق موجع موغل في الرجولة: مقصود توريني؟؟ أو غير مقصود؟؟ ولو مقصود.. مقتنعة؟؟ أو غير مقتنعة؟؟
موضي وضعت كفها فوق كفه وألصقته بكتفها ليلتصق باطن كفه بإصابتها بشكل كامل.. ونظرت لعينيه بشكل مباشر وهمست بشفافية: عيوني شتقول لك؟؟
ابتسم راكان بسعادة عميقة جذرية موغلة: تقول أنا أحلى عيون في الكون
همست موضي بابتسامة رقيقة: قل لها أنتي عيون كذابة..
ابتسم راكان بعمق: بس أنا خلاص شاهدها.. وبصمت لها بالعشر والعشرين إني ماشفت أحلى منها
موضي انتزعت كفها من فوق كفه بخفة.. ووجد نفسه حينها مجبرا أن يرفع يده عن كتفها.. بدت له المحاولة مستحيلة وشاقة ولكنه فعلها وهو يقهر رغبات نفسه
حينها همست موضي بحنان: تعال أفطر ماعاد باقي على الأذان الأول إلا شوي
كانت نظراته تتابع موضي التي كانت تقوده للمائدة.. وقلبه تدق أجراسه على وقع خطواتها.. لا يعلم لماذا أصبح البيت لاهبا فجأة.. بدا له كتنور مفاجئ ملتهب وهو يشعر أن عرقه يتصبب فعليا.. ودقات قلبه تتصاعد بشكل عنيف
جلس وهو لا يشعر مطلقا بأي رغبة لأكل أي شيء.. بل يشعر برغبة حادة للهرب خارج أسوار هذا البيت لأنه يشعر أن السور الأعظم بينه وبين موضي قد تلاشى تماما!! يخشى ألا تكون مستعدة!! يخشى أن يستعجلها من أجل قرار قد تحتاج وقتا له
حين جلس.. همست موضي بنبرة مرحة خاصة: اقعد بجيب لك شيء
موضي توجهت للداخل.. وراكان صب لنفسه كأسا كبيرا من الماء.. سمى بسم الله وشربه دفعة واحدة عله يبرد بعضا من نار جوفه التي تأبى الانطفاء
حين عادت موضي كانت تحمل كيسا لمحل مجوهرات وساعات شهير.. ناولت الكيس لراكان الذي نظر لها مستفهما همست بحماس رقيق: شوف بروحك
استخرج الهدية المغلفة بغلاف فاخر.. فضها بهدوء.. ثم فتح العلبة رفع عينيه لموضي معاتبا: باتيك فيليب مرة واحدة!!
موضي بحذر: من طريقتك ما فهمت ذوقي عجبك أو لأ؟؟
راكان ابتسم بمودة عميقة: أكيد عجبني.. بس كلفتي على نفسش واجد.. والله واجد..
موضي ابتسمت: كنت أبي أجيب لك شيء أحسن بعد.. بس كل ماركات الساعات عندك.. إلا الباتيك.. قلت يالله توكلنا على الله فيه صاحب مثلي بيهديك ساعة باتيك اللي انعرفت إنها ساعة الملوك المفضلة؟!!
هذه المرة هي من قالت "صاحب" لتبدو لها الكلمة ثقيلة جدا على لسانها وقلبها راكان شعر هو أيضا من ناحيته بضيق لم يظهره لها حتى متى وكلمة "صاحب" تقف حاجزا كريها بينهما؟!!
حاولت موضي تجاوز المشاعر الملتبسة التي كادت تخنق بهجتهما.. وهي تهمس بمودة : ممكن ألبسك إياها؟؟
راكان بابتسامة: أكيد ممكن
تناولت الساعة ثم تناولت يد راكان لتلبسه.. بدت له رشاقة أناملها المطرزة بنقشات الحناء شيء يفوق الخيال وهي تعقد له الساعة همست حين انتهت وهي تمسك بيده: وش رأيك؟؟
همس وعيناه على يديها لا على الساعة: خيال والله العظيم
موضي رفعت يديها عنه وهمست بحنان ومودة: ملبوس العافية..الله يعطيك من خيرها ويكفيك شرها
حينها أمسك راكان بكفها.. واحتضنها في كفه وهمس: مشكورة.. الله لا يحرمني منش..
ثم أردف بابتسامة شفافة وهو يستعرض أناملها الساكنة في احتواء كفه: حلو الحناء عليش
همست موضي بخجل وهي تستعيد كفها وتحتضنها بكفها الأخرى: زين لاحظت
راكان بهدوء باسم: يعني تبين تحنين ثم تعيدين عليه.. وما انتبه بعد
موضي بابتسامة خجولة: يمه منك.. أشلون دريت ثم أردفت وابتسامتها تتسع: العنود الفتّانة.. وأنا اليوم الصبح أدورها أثرها فتنت وراحت
راكان باستفسار هادئ: على طاري العنود.. ما تبي ترجع لبيتها.. مسختها بالزعل
موضي تصب له فنجان قهوة وتناوله إياه: ماحد يدري وش اللي بينهم.. والله يصلح بينهم
استغرقت الأحاديث بينهما حوالي ثلث ساعة مدة إفطارهما السريع وراكان يخبرها عن سفرتيه لسنغافورة ثم للكويت على عجالة لينهض بعدها متوجها للمسجد
**************************
قبل ذلك بقليل بيت جابر بن حمد
صالة البيت السفلية الفتيات أنهين فطورهن وتوجهن لغرفهن ليجهزن حقائبهن لرحلتهن التي وعدهن بها حمد
تبقى حمد ووالدته ووالده
حمد بهدوء: يمه فديتش حطي غدانا عقب الصلاة على طول.. عشان نتغدى قبل نروح
أم حمد بهدوء: إن شاء الله يأمك
أبو حمد بحزم: حمد.. الله الله في خواتك
حمد بحنان: لا توصي حريص يبه... بناتي ذولا مهوب خواتي
أبو حمد بثبات: أنا وأمك ماعاد فينا جلد مطامر ورا ذا البنات.. ولا حن من هل الشاليهات والبحر وإلا كان رحنا معكم
حمد يبتسم: إلا قل إنك تبي توزعني إنا وخواتي عشان يخلى لك الجو أنت وعجوزك
أم حمد بنبرة مقصودة: وأنت متى بيغدي عندك عجوز؟؟
حمد وهو يتفهم مقصدها: يمه ذا الحكي ماله داعي.. مالي طربة في العرس
أم حمد بغضب: أشلون يعني؟؟ تبي تقعد طول عمرك عزابي ماتبي لك عيال ومرة.. أنا وأبيك ماحن بدايمين لكم.. وخواتك مسيرهم معرسين وكل واحدة منهم رايحة لبيت رجّال بتقعد بروحك يعني
تنهد حمد بعمق وصمت
بينما كان أبو حمد من تكلم وهو يقول بحنان: يا أبيك.. مايصير قعادك كذا شبابك بيقضي.. ولازم لك عيال يسدون شيبتك وحن نبي نشوف عيالك يا أبيك.. ارحم شيباتنا
تنهد حمد بألم (يروحون ويرجعون على العيال.. وش أقول لهم ذولا؟!! أولا مافيه مرة عقب موضي تملأ عيني وثانيا وش ذنب المرة اللي بأخذها تاخذ واحد عقيم مافيه عيال)
حمد وقف وهو يقول لأبيه لينهي الحوار: يا الله يبه جعلني فداك خلنا نروح المسجد نلحق الصف الأول
***********************
قبل ذلك بيت سعد غرفة سعد ومريم
مريم تتحسس طريقها حتى وصلت السرير تجلس بجوار سعد وتهمس برقة: سعد.. سعد.. بو فيصل قوم
فتح سعد عينيه بكسل.. ولكنه لم يتكلم.. كان يريد تأملها وهي توقظه مريم ابتسمت: أدري إنك صحيت.. مالها داعي ذا الحركات
سعد بدهشة: يمه منش.. أشلون دريتي
مريم تريد الوقوف: بسيطة.. طريقة تنفسك تغيرت
سعد شدها وأجلسها وهو يهمس بمودة: ماشاء الله عليش ثم أردف: ليش مستعجلة على الهريبة.. خليني أمتع عيوني بشوفة وجهش كل صبح قبل يا أقوم بريحاتي شكلي يكسر الخاطر أول وجه أتصبح به وجهي المغبر في المرايه يا أقوم وأتصبح بوجه أبو صبري وهذاك اليوم يكون كئيب اللهم أجرنا
مريم همست بما يشغلها: قابلت فهد
سعد تحفزت مشاعره: عسى مقابلة زينة بس؟!!
مريم بمودة: يجنن.. حبيته وحبيت ذكائه.. باقي أشوف فيصل
سعد يطبع قبلة على جبينها ثم يلقي غطائه وينهض من السرير وهو يهمس: بتشوفينه على الغداء إن شاء الله.. قصدي تقابلينه فيصل حبيب.. دامش قابلتي فهيدان السوسة.. عديتي ثلاث أرباع الطريق
***************************
واشنطن مساء بعد صلاة العصر بيت يوسف
ماريا كانت قد توجهت لشراء بعض الحاجيات.. لذا حُين طُرق الباب.. قامت باكينام لتفتح وهي ترتدي حجابها بسرعة نظرت عبر العين السحرية في الباب.. استغربت شابة جميلة بشعر أسود فاحم وعينين حالكتي السواد وبشرة خمرية جمال هو نقيض لجمال باكينام الشقراء كانت الشابة تحمل بعض الكتب في يدها فتحت باكينام وهي ترحب باللغة الانجليزية ولكن الشابة أجابتها: السلام عليكو (باللهجة المصرية)
باكينام بمودة مغلفة بالاستغراب: وعليكم السلام
الشابة بابتسامة رسمية: مش هاخد من وئتك كتير.. تفضلي كتب جو واسمحي لي أستأزن
لا تعلم باكينام لما شعرت بضيق مفاجئ لماذا تأتيه بالكتب في البيت؟؟ شابة جميلة تأتي لرجل في بيته!! لماذا لا تواعده على اللقاء في الجامعة؟؟ هل اعتادت أن تزور يوسف في بيته؟؟ ثم وهي تقول (جو) ببساطة مما يوحي بتعودها عليه كل هذا أورث باكينام ضيقا عميقا محرقا تعرفه لأول مرة شبح كل سيدة متزوجة (الغيرة) سابقا لم تلحظ على يوسف ما قد يجعلها تغير ولكنها تحبه.. والحب تتبعه الغيرة.. حتى لو كانت تريد الطلاق..فهو الآن زوجها وملكها..
همست باكينام للشابة بنبرة اعتيادية قدر ما استطاعت: أنا شفتك هنا ئبل كده؟؟
الشابة وهي تستعد للمغادرة وتهمس بذات النبرة الرسمية الرتيبة: وأنتي موجودة لأ.. بس جو زرناه كتير هنا
الغيرة أشعلت باكينام تماما (زارته كثيرا؟ الحقير الحقيــر الـــحـــقــــيــــر!!)
والغيرة أعمت باكينام وتفكيرها وحتى سمعها عن ملاحظة شيئين الشيء الأول: كلمة (زرناه) فهي لم تقل (زرته).. بل (زرناه) الشيء الثاني : الدبلة في بنصرها اليسار
والمضحك والطريف والمسلي وربما المبكي لباكينام أن هذا ما أراده يوسف تماما وهو يطلب من صديق مصري له أن يعيد له الكتب التي استعارها منه وأن تعيد زوجته الكتب لأن البيت لا يوجد فيه سوى زوجة يوسف ويوسف يحبك الحكاية بلطف ..ولسبب لطيف وخفيف
تحبه؟؟؟ لتذق بعض الغيرة كما أذاقته
أولا طلب من ماريا الحضور لمقابلته لكي يعطيها نقودا لمصاريف البيت ثم يتصل بصديقه ويخبره أنه بحاجة ماسة للكتب ويستأذنه أن تحضر زوجته الكتب لأن يوسف ليس في البيت وليس من اللائق أن يذهب صديقه بالكتب للبيت في غيابه وتكون ماريا غائبة حتى لا تتعرف على زوجة الصديق التي رأتها عدة مرات مع زوجها في زيارات ليوسف والشيء الآخر شخصية الزوجة التي كان يوسف لا يهضمها وكثيرا ماقال لصديقه: (أنته صابر عليها إزاي؟؟) وصديقه يرد عليه : (هي كده مريحة دماغي) فهي تتعامل برسمية مع الأمور.. وتختلف في طبيعتها عن المصريين الودودين المحبين للحديث.. فهي يستحيل أن تسترسل في الحديث مالم تُسئل وهذا تماما ما أراده يوسف: فهي يستحيل أن تعطي باكينام أي تفاصيل وخصوصا أنها قادمة في مهمة محددة وليست في زيارة
خطة بسيطة يعتورها النقص في عدة جوانب.. ولكنها نجحت نجحت نجاحا باهرا
************************
ذات البلد واشنطن ذات التوقيت مكان مختلف.. شقة مشعل ذات الموضوع.. الغيرة
هيا أحضرت الشاي ووضعته على الطاولة التي تتوسط غرفة الجلوس سكبت لمشعل المنشغل على حاسوبه الشخصي وهو يجلس على المقعد ويمدد ساقيه أمامه
شكرها ونظره مثبت على الشاشة هيا نظرت له وهو مستغرق تماما في عمله وابتسمت بشفافية وحنان.. كم تحبه!! وكم يشجيها رؤيته وهو يستنزف نفسه في أطروحته كم تتمنى أن ينتهيان من كل هذا ليعودا لبلدهما
عادت لمقعدها وهي تتناول كتابا عن مراحل الحمل أصبحت الآن في بداية الشهر الرابع استغرقت في قراءة كتابها
رن هاتف مشعل.. نظر للشاشة.. رقم بدون اسم رد: آلو ..................... أهلا داك (نبرة ضيق حاول ألا يبينها للمتصل من باب الذوق) .................... بخير ........................... على وشك الانتهاء ......................... لا أعلم بموعد المناقشة بعد ........................ لا أستطيع أبدا.. أرجو المعذرة ............................ لا أستطيع ........................ مع السلامة
أنهى الاتصال وأعاد الهاتف مكانه
همست هيا بفضول: من ذا الدكتور اللي ماقلت له عن موعد مناقشتك مع إنه تحدد
مشعل وعيناه معلقتان بشاشة حاسوبه: لأنه ما أبي ذا الدكتور يحضر مناقشتي
هيا بفضول أكبر: ليش يعني
مشعل يبتسم: عشانش ما تحبينه
هيا باستغراب: أنا؟؟
مشعل بذات الابتسامة: يس
هيا باستفسار: من هو؟؟
مشعل مازال مبتسما: دكتورة باتريشيا
حينها ألقت هيا الكتاب من يدها وهي تهمس من بين أسنانها: وهي ليش تكلمك؟؟ وأنت ليش ترد عليها؟؟
مشعل بهدوء: أول شيء اقعدي.. العصبية مهيب زينة لش.. وخصوصا إنه الموضوع تافه وما يستاهل أول شيء رقمها حذفته من زمان.. فهي دقت ماعرفت الرقم والحين أحطه في البلاك ليست.. ثاني شيء بلاها حركات الغيرة ذي.. عيب هيا..
هيا بغيظ وهي تعاود الجلوس: يعني أشلون ما أغير عليك بعد
مشعل بهدوء: أول شيء أنتي عارفتني رجّال مصلي وراعي دين.. وذا السوالف مهيب لي ولا أنا لها ثم أردف وهو يبتسم: وثاني شيء القلب خلاص صار لواحد ماله شريك
هيا توجهت ناحيته وجلست جواره وقبلت رأسه وهمست بعمق: سامحني مشعل لو ضايقتك بس حبيبي حس فيني.. أنا خلاص مالي غيرك أنت أمي وأنت إبي..وزوجي وحبيبي وأبو عيالي يعني كل شيء لي في الدنيا.. أنا أكره الدنيا يوم أفكر إنه فيه وحدة ممكن تشاركني بس في تفكيرك استحمل خبالي شوي.. بأجيب العيال ثم والله بانهد وبارحمك
***********************************
بيت مشعل بن محمد الساعة العاشرة صباحا غرفة مشعل ولطيفة
مشعل يصحو على قبلات ناعمة على وجهه تعرف فورا على صاحبتها وهو يفتح عينيه ويبتسم: فديت الوجه ياناس
جود تضع أصبعها على جفنه وتفتح عينه إجباريا وهي تهمس بنبرتها الطفولية المحببة: دوم بابي
مشعل يبتسم: عطي بابا بوسة بعد وعقبه بأقوم
جود تهز رأسها رفضا: لا مابي.. هبيتك واجد
مشعل ابتسم وهو يهمس بحنان: شوفي.. حبيني.. وأجيب لش فلة جديدة
التمعت عينا جود بفرحة وكانت على وشك تقبيله لولا أنه قاطعهما صوت لطيفة الحازم: لا جودي.. ثم أردفت: عطي بابا بوسه عشانه بابا حبيبش بس فلة مافيه
كانت لطيفة تجلس قريبا منهما على مقعد التسريحة تمشط شعرها ثم ألتفتت لمشعل وهي تهمس بنبرتها الهادئة المعتادة ببرودها: مشعل لو سمحت.. قلت لك قبل.. لا تخرب جود بذا الطريقة.. تخليها تتعلم إنها ما تعطي شيء إلا مقابل شيء
مشعل اعتدل جالسا وهو يهمس بابتسامة: كذا خربتي علي بوستي شوفي أشلون مادة بوزها زعلانة.. فديت البوز السكر
حينها تناول مشعل جود وهو يضعها في حضنه ويدغدها ويقبلها حتى تعالت صرخاتها الضاحكة: بث مابي فلة.. مابي فلة
حينها التفت مشعل للطيفة التي انشغلت برفع شعرها كم تبدو فاتنة!! فـــاتــــنـــة!! البارحة كان غاضبا منها لبرودها معه وهو يطالبها أن تبتعد عنه ولكنه الآن مشتاق لدفنها بين أضلاعه لا يستطيع أن يغضب منها فهذه المرأة تتغلغل في روحه وتتربع على عرش قلبه كلما جرحه برودها معه.. كلما تجدد لديه الأمل في المرة القادمة أمل يشعل جذوته: حبه لها ورغبته في استعادتها
همس لجود الضاحكة في حضنه بخبث لطيف: تبين تروحين لجنغل زون؟؟
صرخت جود بهستيريه طفولية: إيه إيه أبي ألوح
مشعل التفت للطيفة وهو يهمس لجود: خلي ماما هي اللي تعطيني بوسة هنا قالها وهو يشير على خده
حينها قفزت جود لأمها وهي تجر طرف جلابيتها الحريرية وهي ترجوها: ماما هبي بابي.. هبي بابي
لطيفة وقفت بهدوء وهي تستجيب لشد جود لها.. توجهت لمشعل وانحنت عليه تحفزت مشاعر مشعل للحد الأقصى وهو يشتم رائحة عطرها الرقيق ويرى ملامحها الفاتنة من قرب لينتهي تحفزه بقبلتها الباردة
حينها أبعد مشعل خده عن شفتيها وهو يهمس ببرود: تدرين.. ليتني قعدت على بوسة جود أبرك لي.. على الأقل فيها شوي احساس
وقف وهو يبتعد عن السرير ويهمس للطيفة بهدوءه الحازم: جهزي العيال يروحون معي لصلاة الجمعة
*********************************
بيت سعد بن فيصل مقلط البيت في الأسفل فترة الغداء
الغداء مرتب على سفرة على الأرض وعلى الجلسات الأرضية يجلس سعد وأولاده انتظارا لمريم
وسونيا ذهبت لاحضار مريم من الأعلى.. مريم لا تشعر برغبة في الأكل.. فهي تخجل أن تأكل أمامهم ولكنها لا تستطيع أن ترفض النزول فهي متشوقة لبدء حياة أسرية طبيعية مع سعد وولديه
سونيا أوصلتها للباب وهي تهمس في أذنها بعدة كلمات لتخبرها عن نظام المقلط والمتواجدين فيه ثم غادرت للمطبخ
فيصل كان من وقف وهو يقبل رأسها ثم يمسك كفها ليقودها همست مريم بحنان: أشلونك فيصل؟؟
فيصل بتهذيب: طيب جعل شيبانش الجنة
سعد همس له بحنان أبوي خاص: قعدها يأبيك
فيصل أوصلها لطرف السفرة ثم همس باحترام: اقعدي عمتي
مريم جلست بحذر ثم ابتسمت وهي تهمس لفيصل برقة: ترا بكيفك تحب تقول عمتي وإلا مريم ترا كله واحد اللي يريحك
تجنبت مريم التهور الذي يصيب بعض زوجات الأباء حين يطالبن أبناء أزواجهن بمناداتهن أمي فور زواجهن من أبائهم.. ولأسباب كثيرة قد لا يكون الحنان من بينها!!!!
فيصل همس باحترام: عمتي أحسن.. كان ماعندش مانع
مريم بحنان: لا فديتك ماعندي مانع ثم أردفت: وفهد وش يحب يقول؟؟
فهد قلب شفتيه وهو يقول بنبرته المعتادة.. نبرة عدم الاهتمام: كله واحد.. انتي تبين أقول لش عمتي قلت.. تبين مريم قلت.. تبين مريوم قلت
سعد ينهره بخفة: فهيدان احشم عمتك
مريم تبتسم: وشفيك سعد ماقال شيء.. خلاص فهد قل لي عمتي مثل فيصل
سعد نظر لفهد بنظرة حادة.. فهم فهد مغزاها ولم يهتم لها سعد بهدوء: سمو بسم الله
مريم لم تمد يدها وهي تشعر بالخجل المؤلم لأنها لا تعرف أين أماكن الطعام.. وهي اعتادت أن يُغرف لها في صحن تتناول منه ولا تمد يدها لسواه
همس سعد بمودة: مريم مدي يدش
مريم بخجل: فيصل حبيبي ولا عليك أمر.. اغرف لي في صحن صغير وحطه عندي.. لأني ما أعرف وين الأكل فيه بالضبط (اختارت أن تطلب من فيصل احتراما لسعد.. وحتى لا تأمره بشيء أمام أولاده)
سعد شعر بالألم يحز في روحه.. كيف أنه شرع في الأكل دون أن ينتبه أنها بالتأكيد ستحتاج للمساعدة
فيصل همس بلطف: إن شاء الله عمتي.. ابشري.. وكل يوم أنا اللي باغرف لش
فيصل غرف لها في صحنها وهو يخبرها بلطف ماذا وضع لها فيه حتى تعلم بالضبط ما ستأكله.. وإن كانت تريد المزيد من أي شيء
فهد كان ينظر لفيصل ويرقص حاجبيه بينما فيصل ينظر له نظرة نهر حتى لا ينتبه والده لحركاته
فهد (بعيارة): فصّول وش فيك على عمتي؟؟ عمتي ما تشوف.. بس تعرف تذوق يعني مافيه داعي تميلح وتقول فيه عيش ولحم وبطاطس.. وما أدري ويش
سعد كان على وشك نهر فهد.. وغضبه بالفعل يتزايد من قلة تهذيب ولده لولا إن مريم كانت من سارعت بالكلام وهي تهمس برقة: فديتهم اثنينهم شايلين همي الله لا يخليني منكم اشرايكم عقب الغداء تودوني غرفكم.. وتشرحون لي ترتيبها عشان أصير أدل فيها إذا ما عندكم مانع
*****************************
الدوحة بعد صلاة العصر بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل
ناصر ينهي إغلاق حذائه المرتفع (البوت) كخطوة أخيرة في لباس الفرسان وهو يستعد للذهاب للتدريب
رفع رأسه ونظر بشجن عميق إلى مشاعل التي كانت تطرز قماشا في يدها وشعرها الناعم القصير يتمايل بخفة مع حركتها
همس ناصر: مشاعل أنتي من زمان وأنتي تقصين شعرش كذا؟؟
مشاعل رفعت عينيها إليه وهو يقف ويتناول نظارته الشمسية.. تراه على الأقل مرتين في الأسبوع بلباس الفرسان ومع ذلك كل مرة تنظر له كطفلة مبهورة صمتت وعيناها تتعلقان انبهارا بالقامة الفارعة الطويلة
ابتسم ناصر: قلبي ما جاوبتيني
مشاعل انتفضت بخفة وهمست برقة: طول عمري حبيبي.. من يوم وأنا في ابتدائي ما أحبه يطول على طول أقول للطيفة توديني الصالون يقصونه لي يعني أنا ما عرفت عمري إلا بالكاريه ما أطيقه يطول
ابتسم ناصر وهو يميل عليها ويهمس بعمق خاص: ولو قلت طوليه عشاني.. بتقولين ما تقدرين؟؟
همست مشاعل بوله عميق: لا والله ما أقوله إلا بأقول من عيوني الثنتين
****************************
واشنطن ليلا بيت يوسف
باكينام تشتعل .. وتشتعل وتشتعل تريد أن تتصل بيوسف ولكنها تحاول منع نفسها حتى لا تُشمت يوسف فيها يكفيها الخزي الذي تشعر به منذ الصباح منذ زيارة يوسف الغريبة حين ظنت نفسها تحلم وتصرفت تصرفات مجنونة تخجل من مجرد تذكرها
ولكنها أخيرا فعلتها واتصلت وعذرها الطبيعي معها فهناك من جاءت لإحضار كتب له.. ولا بد أن تخبره به
اتصلت به الاتصال الذي كان يوسف يتوقعه وينتظره كان حينها يجلس على مكتبه ويعمل على الأجزاء الأخيرة من رسالته
رن الهاتف ابتسم وهو يرى اسمها رد بهدوء خبيث: أهلا باكينام.. أوعي تكوني بتحلمي كمان
باكينام كحت بحرج.. ولكنها تماسكت بسرعة وهي ترد ببرود: زريف أوي ثم أردفت: فيه ناس جابوا لك كتب
يوسف بنبرة مدرسة: مين؟؟
باكينام بهدوء تشتعل تحته: وحدة ست
يوسف يبتسم: حلوة وإلا وحشه؟؟
باكينام بصدمة: نعم؟؟
يوسف يكاد ينفجر ضاحك | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رد: رواية اسى الهجران الجمعة يناير 27, 2012 4:37 pm | |
| يوسف يكاد ينفجر ضاحكا ولكنه يرد بتماسك هادئ: بسألك حلوة وإلا وحشة؟؟ أصل مراتي عاوزاني أطلئها والواحد لازم يضمن مستئبله
باكينام تكاد أسنانها تتكسر من رصها عليها: حلوة.. حلوة آوي ثم لم تستطع .. لم تستطع انفجرت: عاوز تتجوز وأنا لسه على زمتك.. وبتئولها ئدامي كمان؟!! يائليل الأدب.. يا بتاع النسوان.. يا بصباص
حينها انفجر يوسف ضاحكا: بتغيري..؟؟ صح عارفة يا باكي اللفة الطويلة اللي عملتها تستاهل تعب التفكير والاتصالات لما تبئى حنان ترجع تزورك سلمي لي عليها عشان أنا النهاردة اتصلت بجوزها وئلت له يخليها تودي الكتب عندك ومالحئتش أئول له يسلم عليها
باكينام تكاد تبكي حرجا وهي تكتشف كيف سخر يوسف بها ومنها أغلقت الهاتف وهي تبكي بدموع القهر تود أن تمزقه بأسنانه لو كان أمامها
دائما يعرف كيف يسخر منها!! حتى وهو يشعل غيرتها كان يسخر منها!! أي رجل هذا!! أي رجل!!
#أنفاس_قطر# . . . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اليوم صرنا في صباحات الانتقادات ماشاء الله تبارك الله جمعتوا لي الأول والتالي شكلي أصير دكتاتورة أحسن لأن الديمقراطية ما توكل عيش في البلاد العربية لكن بما أنه تهورنا وصرنا ديمقراطيين لازم نتحمل اللي بيجينا اليوم وقفتنا مع الانتقادات والبنات ماشاء الله جمعوا لي انتقادات عامة من بعد الغياب إلى أسى الهجران وللعلم هي انتقادات وملاحظات فردية يعني بنت بنت لكن أنا ما حبيتهم يظنون إني تقصدت أهمل ملاحظاتهم وأنتو كلكم والله العظيم على رأسي وعيني
الانتقاد الأول: الجرأة تدرون بنات أنا عن نفسي ما أشوف إنه لما أقول أنه زوج حضن زوجته أو قبلها شيء خارج عن الأدب.. مادمت لم أتجاوز الخطوط الحمراء التي أضعها أنا لنفسي قبل أن يضعها لي غيري وهذي قناعة شخصية وأظني إنكم صرتوا تعرفون إني ولله الحمد متدينة ومصلية وعارفة ربي زين يمكن أكون غلطانة في هالقناعة اللهم أني استغفرك وأتوب إليك لكن الجرأة في عرفي واللي كانت تخليني فعلا أتضايق أتضايق لما أشوف رواية تصف حفل مختلط بين بنات وشباب وتصف ملابسهم وتصرفاتهم وفي بلد خليجي بعد أو لما أقرا عن بنت تطلع مع شباب وتبرر لها الوسيلة والغاية الجرأة اللي فيها إفساد وانحلال وقدوة سيئة لجمهور القارئات
ويمكن من هذا الانتقاد ننتقل للانتقاد الثاني
إنه شخصيات رواياتي شخصيات مثالية؟؟ أعترف أني قصدت كذا أولا لأنه كثير من روايات النت مليانة شخصيات شريرة لدرجة تؤلم فعلا وأنا حبيت أعطي نموذج خيّر مازال موجود الشيء الثاني إنه فعلا الشخصيات اللي أتكلم عنها موجودة ولله الحمد شخصياتي وطباعها من وحي المجتمع اللي أنا عايشة فيه ولله الحمد والمنة يعني عندنا في مجالسنا مستحيل تلاقون منفضة سجاير لأنه عندنا مهوب رجّال اللي يدخن وحتى لو كان فيه حد منا يدخن حتى لو كان رجّال في الأربعين يستحي يدخن قدام هله وعياله أو حتى في مجلسه من ناحية ثانية أنا في كل الشباب اللي أعرفهم أخواني خوالي أعمامي عمري ماعرفت عن واحد منهم إنه يغازل أو يكلم في تلفونات بالعكس يستحون اكثر من البنات.. فمن وين أجيب نماذج سلبية؟؟ كفاية النماذج اللي في النت.. وخلونا في الأجاويد الله يكثر منهم
وننتقل من هالانتقاد للانتقاد الثالث
إنه شخصياتي كلها ثرية ثراء فاحش... ما أعتقد إني رسمت لشخصياتي هالثراء أبد الوحيد يمكن اللي نصيت عليه بهالثراء هو عبدالله في بعد الغياب ويمكن مشعل بن محمد بدرجة أقل في أسى الهجران وبس الباقين هو الوضع المادي المرتاح اللي هو لله الحمد والشكر ولئن شكرتم لأزيدنكم هو وضع كثير من هل قطر وأنا أعبر عن حياة مجتمعي مثل ما قلت كثير من قبل ولو هالشيء ضايق حد.. أرجو السماح وياليت يقبل اعتذاري
ننتقل رابعا للملاحظات والتساؤلات فيه غوالي يقولون لقاء راكان وموضي مابرد قلوبهم أنا عارفة إنهم متوقعين مصارحة وتفجر في المشاعر وهالموقف جاي جاي بس في وقته . ومن السؤال للي بعده تساؤل محموم هل فيه حد مثل راكان لأنه مافيه بدوي رومانسي؟؟ حد مثل راكان ما أدري.. لكن الفكرة السائدة إن الرجّال البدوي جلف وماعنده مشاعر رقيقة غير صحيح لأنه حتى التاريخ يثبت عكس ذلك قبيلة عذرة اللي عُرفوا إن قلوبهم تذوب مثل الملح كانوا قبيلة بدوية سكنت بادية الحجاز حتى في العصرالحديث أشهر العشاق هم بدو نمر ابن عدوان.. ابن عجلان يعني رقة المشاعر لزيمة لرجولة البدوي بقلبه اللي ماعرف التلون . . . وحيا الله كل المنظمات الجدد وكل التعليقات وكل الملاحظات وكل الانتقادات وخلاص خفوا علي.. نشف ريقي عطوني تايم آوت بس وعقبه نكمل . .
حياكم الله بعد مرور ثلاثة أسابيع على أبطال أسى الهجران سمعتوا عن نظرية المنحنى؟؟ الحدث يرتفع ويرتفع ليصل إلى قمة التأزم والتعقد ثم بعدها تليه مرحلة الانخفاض مرحلة الحل أو الانفجار يمثل أحد نواحي هذه النظرية ابن خلدون في نظريته الشهيرة انهيار الممالك والدول ونجدها في التاريخ عند أرنولد توينبي المؤرخ البريطاني الشهير وسنجدها في أسى الهجران في هذا الجزء والجزء الجاي . . استلموا . وموعدنا القادم بعد صلاة الجمعة في حدود الساعة الواحدة والنصف ظهرا . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . . أسى الهجران/ الجزء المئة وواحد
مرت ثلاثة أسابيع على الأحداث الأخيرة
الأوضاع المستقرة هيا ومشعل رائعان متفاهمان.. فبعد كل مامرا به كلاهما أصبح تفاهمهما أعمق وأعمق مناقشة مشعل وامتحانات هيا بعد حوالي أسبوعين.. اقترب موعد عودتهما النهائية للدوحة
ناصر ومشاعل.. وضعهما رائع ومستقر.. زوجان طبيعيان تماما في حياة طبيعية مشاعل عملت في المدرسة القريبة.. بعد أن استخدمت أسلحة دلالها ورجاءاتها في إقناع ناصر الذي لم يكن عنده مانع فعليا ولكنه كان يريد الاستمتاع برجاءاتها العذبة وهاهما كلاهما يذهبان لعمليهما.. وناصر هو من يوصل مشاعل قبل ذهابه لعمله وهو من يعيدها كذلك
الزوجان الآخران في ذات البيت وضعهما أبعد ما يكون عن الطبيعية وأقرب مايكون لها كذلك كلاهما عادا لعمليهما.. وهما رفيقان في طريق الذهاب والعودة علاقتهما ببعضهما تتعمق أكثر وأكثر.. وكلاهما بات مستحيلا أن يستغني عن الآخر وخصوصا مع زوال شبح حمد عن حياتهما ولكن وضعهما على ذات الحال "أصحاب" رغم أنهما كلاهما أصبحا يكرهان هذه الكلمة وكلاهما يتحرقان لانهاء الوضع الملتبس بينهما ولكن احترام كل منهما للآخر هو ما يمنعهما فكلاهما ينتظر أن يكون الآخر هو المبادر حتى لا يكون يفرض على شريكه شيئا قد لا يكون يريده فراكان يخشى ألا تكون موضي متقبلة له كرجل رغم أنه بات يلاحظ تأنقها الدائم وألقها المستمر في حضرته ولكنه أيضا لا يريد رسم آمال على مجرد شيء هو يعتقده موضي وضعها أصعب.. فشبح حبيبة راكان السابقة بات يتضخم ويتضخم حتى كاد يخنقها فراكان بات يستولي على مشاعرها لآخر خلية في جسدها وآخر نفس في روحها ولكنها تخشى أن حبيبته ربما مازال لها مكان في قلبه لذا يريد هو أن يبقى الوضع على ماهو عليه الغيرة تحرقها من هذه المنافسة المجهولة التي تستولي على قلب والد طفلها
نعم!! والد طفلها!! موضي حـــامــــل!!
تأكدت من بعد عودة راكان بيومين.. ولكنها لم تخبر أحدا رغم أنها وفقا لحساباتها وحساب الطبيبة تكاد تدخل الشهر الثالث (الحمل يتم احتسابه منذ اليوم الأول لآخر دورة شهرية) وحمها ثقيل جدا.. فهي قليلة الأكل ودائمة الترجيع وإن كان الآخرون لم يلاحظوا شيئا.. فراكان شريكها في السكن لاحظ تماما وقلقه عليها تصاعد ولكنها أرجعت ذلك إلى تهيج القولون رغم أنها غير مصابة بالقولون أساسا واقنعته أنه تتناول علاجا له رغم أنها كانت تتناول حمض الفوليك وفيتامينات للحمل وأقراص للوعة فقط لم تكن موضي تريد الكذب على راكان ولكن هذا ما خطر ببالها.. ولكن هذا لم يمنع راكان من القلق ومعركة يومية بينهما تندلع بعد كل ترجيع لأن راكان يريد أخذها للمستشفى وهي ترفض وراكان بات يشعر بوجع متزايد ورعب متوحش أن تكون مريضة وتخفي عليه مرضها
هناك أيضا من يعاني من التعب وقلة الأكل ولكن وضعه أكثر سوءا بكثير بكثير إنه فارس فارس يكاد ينهار جسديا.. لا أحد يعلم ما حل به فوزنه مستمر في النزول بشكل مرعب.. والتعب والمرض باديان تماما على وجهه من بعد تلك الليلة المشؤومة التي صفعته فيه العنود بكراهيتها له ففارس يمثل وبغرابة فريدة طراز عشّاق انقرض منذ قرون.. العشاق المستيمتون في الغرام.. والذين قد يقتلهم الغرام رغم أن شخصيته القوية الحادة تناقض هذا النوع من العشق ولكن هكذا أراد له الله سبحانه.. أن يبتليه بهذا الحب وإن كان جسده يوشك أن ينهار.. فإن كبرياءه مازال صامدا بل تزايد فهو مازال في شخصيته وطبيعته وحياته على نفس النظام.. يذهب لعمله بشكل يومي.. رغم أن رئيسه بات يرجوه أن يأخذ إجازة ليذهب للعلاج في أي مكان فيهمس له فارس بحزم (هل قصرت في عملي؟!!) فيرد عليه رئيسه(بالعكس في العمل أنت الأفضل ولكن المرض باد عليك) فيرد فارس بذات الحزم (إذن عليك من أدائي الوظيفي وليس شكلي)
وكما رئيس فارس لاحظ فأهل فارس لاحظوا قبل ذلك: والدته وخاله وأعمامه وأبناء عمه وأخواته..وهم يرجونه جميعا أن يجري فحوصات ليتأكد من وضعه الصحي و ناصر بالذات كل يوم يلح عليه أن يذهبا لاجراء فحوصات طبية له وهو يرفض بشكل قاطع لأنه يعلم أن علاجه ليس بيد الأطباء ويستحيل أن يخبرهم أن علاجه بيد من نحرت فؤاده
العنود هي من لا تعلم بوضع فارس فهي من بعد زواج مريم باتت أكثرانعزالا.. وتقضي أغلب وقتها في غرفتها تدرس وليس السبب زواج مريم فقط.. ولكن جرحها بتجاهل فارس لها.. فهي تعيش على أمل أنها ستعود يوما لأحضانه ولكن هذا الأمل بات بعيدا لتفقد هي متعة الحياة ورغبتها في الحديث مع أي أحد والكل بات يتفهم رغبتها في الانعزال وإن كانوا جميعا يستغربون هذه الرغبة والدها حاول معها كثيرا أن تعود لفارس الذي ماعاد يذكر اسمها اطلاقا أمام أحد ولكن العنود رفضت بشراسة ويأس وحزن أن تعود له مع كل هذه التعقيدات بينهما التي مازالت لم تحل.
باكينام ويوسف الوضع المضحك المبكي رأته خلال الأسابيع الثلاثة الماضية عدة مرات زارها فيها ولكن كل مرة تنتهي بعراك فيوسف بعد أن عرف مشاعرها ناحيته بات يتلاعب بهذا الوتر جيدا وهو يقربها ويبعدها بمهارة في محاولة لكسر مقاومتها فهي في البداية حين كان هو مستميتا في الركض خلفها ورفض الطلاق كانت هي مصرة عليه ولكنه الآن بات يلمح لها أنه لا مانع لديه من الطلاق لتشتعل هي بالغيرة وهي تقول له: أن أكثر ما يسعدها هو التخلص منه رغم أنها باتت مرعوبة أنه قد يفعلها.. فهي في البداية كانت تطلب الطلاق وتراه رافضا بشدة لذا كانت مطمئنة بغرابة الأنثى أنه لن يفعلها فهي كانت تقنع نفسها أنها تريد الطلاق ولكنها في أعماقها ترفض شيئا قد يبعدها نهائيا عن يوسف
(مابه تقبل الطلاق فجأة؟!! هل هناك أخرى في حياته يريد أن يتخلص مني من أجلها) شعورها بالخطر وخوفها من فقدان يوسف.. الرجل الوحيد الذي أحبته أشعل مشاعرها للحد الأقصى
عائلة جابر بن حمد العائلة بأكملها تعيش سعادة عميقة بعودة حمد وشخصيته المختلفة الحنونة وأكثرهن سعادة شقيقاته الثلاث وهو يبالغ في تدليلهن وتنفيذ رغباتهن وكأنه يريد تعويضهن عن كل ما مضى ولكن والدته ووالده مازالا يلحان عليه ليتزوج وهو يبحث عن أعذار مختلفة في كل مرة يحاول بجد أن يتناسى موضي.. ولكنه لا يستطيع أن يتناسى عدم قدرته على الانجاب ولا يريد أن يظلم أحدا معه
مشعل ولطيفة الوضع المبكي المبكي فعلا طاقة مشعل للصبر تكاد تنفذ.. فالرجل بطبعه ليس صبورا فكيف حينما لا يجد له سببا للصبر؟!! حينما غضبت لطيفة منه المرة الأولى.. رغم أنها منعته حتى من لمسها لمدة قاربت ثلاثة أشهر ومع ذلك صبر وكان مستعدا للصبر أكثر لأنه كان يعلم أنها تذوب ما أن يقترب منها حتى لو حاولت الإنكار وادعاء البرود ارتعاش أطرافها ورعشة صوتها واضطراب تنفسها واختلاج نظراتها كان يستمتع بقراءة توترها الذي يهز مشاعره بعنف وعمق كان يعلم حينها أنها لا تريده أن يلمسها حتى يطيب خاطرها وتكون بكامل مشاعرها معه لذا صبر وصبر
ولكن الآن الوضع مختلف تماما.. فهي مطلقا لم تمنعه من حقه الشرعي عليها ولكن مشعلا هو من بات يكره الاقتراب منها أو التحدث معها بحديث حميم فهي تجرحه وتجرح رجولته ببرودها الثلجي وما يجرحه أكثر حين يرى انطلاقها ودفئها مع الجميع عداه.. يفتقد لطيفة القديمة بوجع.. ويبدو له كما لو كانت لطيفة تلك ماتت ودُفنت لطيفة ذاتها لا تعلم ماحل بها.. وترى أنها لم تخطئ بشيء فهي تنفذ كل رغباته وتقوم بكل شؤونه.. وأكثر من ذلك ماذا تستطيع أن تقدم؟!! ذهبا للعمرة وعادا خلال يومين.. والحال هو الحال.. لطيفة مازالت تدرس بجدية وهي تستعد لأداء الامتحان النهائي
مريم وسعد وأولاده مريم وسعد بينهما تفاهم رائع.. فكلاهما ناضجان.. تجاوزا طيش الشباب وحماسته لذا كان تفاهمها بعمق نضجهما وكلاهما يجد له بعد طول زمن روحا يسكن إليها وشريك روح يحمل بعض همه تعبا في الأيام الأولى ومازالا يعانيان قليلا وكلاهما يعتاد على طباع الآخر ويراعي نظام الآخر سعد الآن بات حريصا على إعادة كل شيء لمكانه الدقيق حتى تجده مريم فيما بعد ومريم باتت تتفهم طباعه ورغباته ونظام معيشته وطريقة تربيته لأولاده بينها وبين سعد لا مشاكل مطلقا وكلاهما يجد نصفه الآخر بكل معنى الكلمة.. ولكن المشاكل بينها وبين فهد فهي مازالت عاجزة عن فهم هذا الفتى فهو يقلل كثيرا من احترامها وهي ما اعتادت على ذلك.. فهي معلمة لديها طلاب بسنه اعتادوا على احترامها وكذلك أبناء شقيقها مشعل وريم وسلطان ابناء عمها عبدالله.. جميع الأطفال يحترمونها ويحبونها ولكن هو نظام مختلف تماما فيصل باتت تربطها به علاقة مودة تقوى يوما بعد الآخر.. وهو يحرص أن يكون من يساعدها حين يكون موجودا ومريم تجلس ليليا عند رأسه وهي تحادثه حتى ينام.. حتى أنه اعتاد الآن أن يضع مقعدا عند رأس سريره من أجل مريم وقبل أن تأتي لفيصل تتوجه لغرفة فهد لتجلس معه أيضا وتحكي له الحكايات حتى ينام هو أولا.. ولكنه يظل يتأفف أو يلقي عليها كلمات مسمومة مغلفة بالبراءة المصنوعة ولكنها لا تبالي بما يقوله حتى ينام حينها تتوجه لفيصل.. ثم بعد ذلك تتوجه لغرفتها ويكون سعد حينها قد وصل أو على وشك الوصول من جلسته في المجلس وهو يرتاح كثيرا من هم أولاده مع وجود مريم.. وهي تتأكد أن الاثنين لابد أن يكونا قد ناما قبل الساعة العاشرة
ولكن مالم يعلمه سعد أن فهدا بات يبالغ في أذية مريم.. ومريم تحرص ألا يعلم سعد بشيء لأنها تعلم أن هذا ما يريده فهد يريدها أن تخبر والده حتى يعاقبه فيجد له سببا لكراهيتها.. وهي من ناحية أخرى تريد أن تتفهم سبب تصرفات فهد بدون تدخل أحد بينهما رغم أنها وفي داخلها باتت تخاف من فهد فهو مبصر وهي ضريرة وهو طفل لا يزن الأمور وتصرفاته في الأيام الماضية كانت مؤذية وتصرفه الأخير كان مؤذيا جدا وكادت أن تصاب لولا ستر الله وحفظه ففهد كان يتفنن في تنفيذ المقالب لمريم
أولها أنه قال لها مرة : ( فيه شيء على خدش) ثم مسح خدها وذهب وحين دخلت عليها أم صبري همست لها باستغراب : (بت يامريم على وشك صبغة سوداء) حينها تنهدت مريم وهي تنادي سونيا لتحضر لها مناديل معقمة لتمسح وجهها دون أن تخبر أحدا عن سبب الصبغة السوداء على وجهها
المرة الثانية كانت على وشك الجلوس فوضع لها على الأريكة مادة لزجة كالجل لا تطبع ولا توسخ ولكنها توحي بالقرف وخصوصا لمن ستشعر بملمسها دون أن تراها
مريم حين جلست وشعرت باللزوجة تحتها قفزت وكادت تتعثر بينما هو تعالت صوت ضحكاته وهو يقول بخبث : مزحة عمتي.. لا تزعلين
فضحكت مريم برقة رغم تأثرها وخوفها: ماشي ذا المرة.. بس تكفى فهودي بلاها ذا الحركات.. أنا ما أشوف ياماما.. خطر علي كذا
ورغم تحذيرها له ولكنه تجاوز كل حد في مقلبه الثالث كانت مريم تدخل للمطبخ الداخلي.. كانت تريدهم أن يعدوا لها قهوة سارت لناحية طاولة الطعام ثم تحسست المقعد وهي تعده لتجلس عليه كانت على وشك الجلوس فإذا بها تسقط على الأرض بشكل موجع لأن فهد سحب المقعد من تحتها وكان هو من شدة ذكائه أوخبثه يلهيها بالكلام لأنه يعلم أن حاسة السمع عندها حساسة وقد تنتبه لصوت انسحاب المقعد
مريم مطلقا لم تغضب من فهد فهو طفل وتصرفاته هذه لابد من مبرر لها.. ولكنها لا تنكر أنها باتت تخاف أن يؤذيها وهو لا يقصد
*************************
الدوحة يوم جديد يمر في حياة أبطالنا الساعة السادسة صباحا
قسم راكان
راكان يقف عند باب الحمام.. ويهمس بقلق : موضي شأخبارش؟؟
صوتها المكتوم يصله من الداخل: طيبة راكان .. روح أفطر بأجي لك
راكان بغضب وحزم: أي فطوره أنتي بعد؟؟ خلصيني أوديش المستشفى
موضي خرجت وهي تغطي فمها بفوطة صغيرة وتهمس بضعف: مافيه داعي راكان.. الوضع طبيعي وأنا أكل علاجي
راكان غاضب من عنادها: أي طبيعي موضي.. البارحة بالذات كان أكثر من كل يوم.. تقريبا ما نمتي وأنتي كل شوي قايمة ترجعين وبطنش مافيه إلا الماي موضي لا تجبريني أشلش بالغصب للمستشفى
موضي تجلس على طرف السرير وتهمس بتعب: تكفى راكان بس عطني يومين لو ما تحسنت بأروح
راكان جلس جوارها وهو يحتضن كفها ويمسح أناملها بحنان قلقه عليها بات يتصاعد.. كان يستطيع أن يحلف عليها ويعلم أنها لن تعصيه ولكنه هو نفسه بات يخشى الذهاب للمستشفى لأنه يرى اصرارها على الرفض.. يخشى أنها مريضة ولا تريد صدمه بمرضها بات يعيش رعبا متواصلا عليها.. وهو يخشى من لحظة الصدمة مشاعره تضغط عليه بعنف رفع كفه عن كفها ليحيط كتفيها بذراعه وكأنه يريد حمايتها من أي شيء قد يؤذيها أو يأخذها منه موضي وضعت رأسها على كتفه ليشدد احتضانه لكتفيها كم تمنت الاستكانة بين أضلاعه.. وهاهي تستكين سمعت تنهداته المؤلمة التي مزقتها.. همست ورأسها مختبئ في كتفه: راكان والله العظيم ثم والله العظيم إني مافيني إلا العافية
راكان همس بعمق: حلفتي ياموضي
موضي لم تقاوم رغبتها بتقبيل كتفه حيث يستكين رأسها .. قبلت كتفه وهمست برقة: وأنا حلفت وربي شاهد علي
راكان انتفض بخفة ومشاعر عذبة شديدة الوطأة تغتال مشاعره المستنزفة مع ملامسة شفتيها لكتفه لم تعطه موضي مجالا للرد أو التعبير وهي تنهض وتقول: يالله راكان تعال أفطر نلحق نلبس ونروح الدوام
راكان مازال عاجزا عن تجاوز مشاعره وهو يهمس بثقل: أنا بأروح للدوام لكن أنتي لا
موضي بتأفف لطيف: ليش راكان؟؟
راكان تنهد بعمق لينفض بقايا تأثره العميق ثم أجاب بحزم: الوضع الصحي اللي أنتي فيه ما يكفيش قلت اليوم مافيه دوام يعني مافيه دوام
*************************
بيت فارس بن سعود الصالة السفلية الصباح الباكر
أم فارس تجلس أمام الفطور الذي تعلم أنه لن يأكل منه شيئا.. ومع ذلك تحاول فارس ينزل وغترته في يده كعادته ليلبسها أمام المرآة المجاورة للباب
يسلم على أمه ويقبل رأسها ثم يجلس ويصب لنفسه فنجانا من القهوة يرتشفه بعجالة ثم ينهض
أم فارس برجاء عميق: فارس بس قلاص حليب يأمك
فارس يبتسم: مالي فيه فديت عينش.. بأروح للدوام
أم فارس برجاء أعمق: تكفى يأمك عشان خاطري
فارس جلس وهو يقول بحنان: صبي يالغالية
أم فارس صبت له كوبا من الحليب الساخن وحلته بقليل من السكر وناولته إياه وهي تعلم أنه مثل كل يوم سيرتشف منه رشفة من أجلها ثم سيتركه همست له بحنان متألم: يأمك لمتى وأنت على ذا الحال؟؟
فارس تنهد وهو يحاول الابتسام: فديتش مافيني شيء
أم فارس برجاء موجع: تكفى يأمك روح المستشفى خلهم يفحصونك عشان تدري وش اللي فيك
فارس يقف ويقبل رأسها ويهمس لها بحنان: أروح للمستشفى بدون سبب؟!!
ثم ارتدى غترته وخرج
لتتناول أم فارس هاتفها وتتصل.. وعبراتها تخنقها
**************************
بيت محمد بن مشعل الصالة السفلية الصباح الباكر
مشاعل وناصر مع أم مشعل يتناولان افطارهما وهما مستعدان للذهاب لعملهما تنزل العنود بجلابية البيت
تسلم عليهم وتقبل جبين أمها وتجلس
ناصر بمرح: والأخ الكبير ماله حبة على الرأس
العنود وقفت وقبلت رأسه وهي تبتسم: يستاهل اخينا الكبير
ثم التفتت على مشاعل وهي تسألها: شأخبار المدرسة؟؟
مشاعل بعتب أخوي حنون: زين فكرتي تسألين.. ترا صار لي ثلاث أسابيع مداومة؟؟ اشتقت لش ترا
العنود بحرج: سامحيني.. خبرش امتحانات وضغط دراسة
ناصر يهمس للعنود بحنان: امشي أوصلش الجامعة على طريقي
العنود تبتسم: أولا الجامعة مهيب على طريقك.. دوامك وين والجامعة وين ثاني شيء محاضراتي متأخرة شوي.. بتوديني سواقة مريم ثالث شيء فيه فلاش مضيعته عليه شغل مهم لي.. أبي أدوره قبل أروح الجامعة
*****************************
بيت مشعل بن محمد الصباح الباكر
لطيفة جهزت أولادها وذهبوا للمدارس ثم عادت لغرفتها وجدت مشعل أنهى استحمامه ويرتدي ملابسه
توجهت لمكتبها لتدرس مشعل حينما أنهى لباسه توجه للأريكه وجلس عليها ثم همس للطيفة بحزم: لطيفة تعالي أبي أكلمش شوي
سابقا لو بدأ مشعل حديثه بهذه الجملة كانت ستشعر بالتحفز والقلق ولكنها الآن لا تشعر بشيء مطلقا سوى أنها لابد أن تطيعه لأنه زوجها
جاءت وجلست قريبا منه تنهد مشعل ثم همس بهدوء حازم: لطيفة عاجبش حالنا كذا؟؟
لطيفة بهدوء: أي حال؟؟
مشعل بهدوء ثابت: برودش معي..
لطيفة بذات الهدوء المسموم: والله أنت 13 سنة وأنت بارد معي.. ما اشتكيت وبعدين اظني إني ماقصرت في حقك.. لا منعتك من حقوقك ولا قصرت في حق بيتك ولا عيالك
مشعل بذات الهدوء المدروس: شوفي لطيفة الـ13 سنة اللي فاتت أظني إنه احنا تجاوزناها وأنا اعتذرت لش عنها وأنا ماقلت لش إنش قصرتي في حقي.. قلت أنا ما أقدر أتحمل برودش معي
لطيفة بثبات: والمطلوب مني؟؟
مشعل بهدوء موجوع: ولازم يكون فيه شيء مطلوب منش.. أنا تعبان وماتعودت منش على ذا البرود حتى في الـ13 سنة اللي تقولين إذا أنتي منتي بقادرة تحسين فيني.. نكون وصلنا طريق مسدود
لطيفة بذات الهدوء البارد: أنا ماقصرت في شيء.. وأكثر من كذا ما أقدر أسوي..
مشعل يقرر أن يلعب بالورقة الأخيرة والخطيرة وهو يهمس بنبرة مدروسة: الرجّال لو مالقى راحته في بيته.. دورها برا بيته..
لطيفة وقفت وهي تهز كتفيها وتهمس ببرود: دامه في الحلال.. سوو اللي تبيه
مشعل بغضب حقيقي: أكيد بالحلال.. ليه أنتي شايفتني راعي حرام؟!!
لطيفة توجهت لمكتبها وهي تهمس بهدوء غير مفهوم: مبروك مقدما لو تبي اتصلت فيها وباركت لها بنفسي بعد
مشعل شعر كما لو كان ضُرب على رأسة بمطرقة ثقيلة شعر بصداع مفاجئ قسم رأسه إلى نصفين (إلى ذا الدرجة أرخصتيني يا لطيفة لذا الدرجة؟!!)
يتذكر ثورتها الرائعة المفعمة بالحياة حين أخبرها أنه قد يتزوج قبل عدة أشهر تدفقت الحياة في عروقها إلى حد الامتلاء الصارخ الفاتن الذي أشعل مشاعره حتى النخاع ولكنه الآن انطفئ.. انـــطـــفــــىء انطفئ مع انطفاءها!!
****************************
بيت جابر بن حمد الصباح الباكر
الصالة السفلية أم حمد وأبو حمد ومعهما حمد يفطرون سويا
حمد همس بهدوء: يمه البنات وينهم..بيتاخرون على المدرسة كذا وبيأخروني على دوامي
أم حمد بحنان: يامك روح لشغلك.. البنات مريسهم واجد إبيهم بيوديهم.. وإلا وديتهم أنا مع السواق
حمد بمودة: لا أنا بأوديهم..يستانسون لا وديتهم أنا
أبو حمد بحزم: يأبيك لا تخرب البنات بالدلع..
حمد بحنان: خلهم يتدلعون.. جا الدلع على ذا الروحة يعني
أم حمد بحزم أمومي: لا يأمك مهوب على ذا الروحة بس بس أنت صاير تدلعهم بزيادة وهذولاء بنات صغار.. لازم الواحد يحكمهم شوي مايخَلون على كيفهم
حمد بود: والله يمه ماشفت مثل أدبهم وذرابتهم.. ربيتي وأحسنتي التربية ولا تخافين عليهم.. ماني بمخربهم عليش بالدلع لا تحاتين
(بلى خربنا تكفى)
كان هذا صوت معالي المرح وهو تنزل الدرج
قفزت بمرحها المعتاد لتقبل رأس والدتها ووالدتها ثم تتعلق بعنق حمد وهي تطبع قبلة كبيرة على خده
أم حمد تنهرها: بس خنقتيه
معالي تفلت حمد وهي تنظر لأمها بنصف عين وتقول (بعيارة): لا تخافين على دلوعة ماما.. هذا هو كامل ما كلت منه شيء
حمد يقرصها في ذراعها ويهمس بمودة: كم مرة قايل لش بلاها دلوعة ماما ذي.. احترميني يا بنت
معالي تدعك مكان القرصة رغم أنه لم يؤلمها حتى وتهمس بألم مصطنع: لا حول ولاقوة إلا بالله عايلة تخصصها قبص من الجيل الأول للجيل الثالث
حمد بحزم لطيف: خلصوني.. وين خواتش؟؟
معالي ترقص حاجبيها: الكوبي والبيست تدري لازم يقيسون بالمسطرة ملابسهم وشعورهم عشان تكون نفس الشيء
(هذا احنا جينا.. لا احد يكذب علينا)
علياء وعالية تنزلان السلم وهما مستعدتان للذهاب تتوجهان لتقبيل رأس والديهما ثم حمد بمودة كبيرة وهما تهمسان: يالله فديتك
حمد بحنان: لا أول افطروا.. ونمشي
******************************
بيت سعد بن فيصل الصباح الباكر الصالة السفلية
مريم تهمس بحنان: فهودي كلت ريوقك إلا لأ.. مهوب تلعب علي عشاني ما أشوف
فهد بتأفف: كلته.. والله العظيم كلته.. حتى الأكل غصيبة وبعدين قلت لش قبل ما أحب فهودي ذا.. أنا ماني ببزر عمره سنتين
مريم تبتسم: خلاص الشيخ فهد السموحة
فهد يتأفف أكثر: تمسخرين علي؟!!
سعد وصل منتهاه منه: أنت بتصبح وتفلح وإلا وريتك الشغل
فهد بانكسار مصطنع: إيه تعصب علي عشان مرتك.. عشاني يتيم مسيكين.. ماعندي أم تدافع عني
مريم همست بجزع وهي تتحسس حتى وصلت فهد واحتضنت رأسه: تكفى سعد ما تقول له شيء.. أصلا كل اللي هو يقوله عسل على قلبي
فهد يرقص حاجبيه وهو في حضن مريم
بينما فيصل كان الشاهد المبتسم.. الذي يفهم تصرفات شقيقه تماما
سعد همس بحزم لأولاده: قوموا أوديكم في طريقي
مريم برقة: كفاية عليك فيصل.. خل فهد باودية معي وأنا رايحة المعهد
فهد برفض: مهوب حولي.. أروح مع مرة وسواقتنا مرة
مريم ابتسمت: خلاص لا تزعل.. روح مع أبيك
كان سعد يركب سيارته حين رن هاتفه.. تناوله باحترام وهو يهمس: هلا والله بالغالية
فجعه شهقاتها على الطرف الآخر: أفا... تبكين يا وضحى؟!!
أم فارس من بين شهقاتها: تكفى يا سعد تكفى طالبتك يأختك طالبتك
سعد بنخوة وهو يكاد يجن من بكاءها: أطلبي عزش وأنا أخيش لو على قص رقبتي
أم فارس بصوت باكٍ: تكفى.. اليوم تدخل فارس المستشفى.. تدخله اغصبه.. احلف عليه.. المهم تدخله.. خلهم يسوون له فحص كامل الولد بيروح مني يأختك.. ماطلعت من ذا الدنيا إلا بذا الصبي وبيروح مني
سعد بشهامة: ابشري جعل عيني ما تبكيش.. بأروح له دوامه وأسحبه منه وادخله المستشفى يسوون له فحص كامل وإن شاء الله مافيه إلا العافية
****************************
واشنطن مساء بيت يوسف
باكينام تدرس في صالة الاستقبال تقترب منها ماريا بخطوات مترددة تهمس باكينام وعيناها في الكتاب: ماريا مضى عليكِ أكثر من نصف ساعة وأنتِ تدورين.. ماذا وراءكِ؟؟
ماريا بتردد: جو؟؟
تحفزت مشاعر باكينام بشدة: مابه جو؟؟
ماريا بنبرة قلق: منذ خروجه من المنزل وهو كان يهاتفني يوميا ليسألني عن أخبارك ولكنه منذ ثلاثة أيام توقف عن الاتصال.. اليوم رأيت أن تأخره لا يمكن أن يكون طبيعيا.. اتصل بهاتفه ولكنه لا يرد
باكينام بدورها شعرت بالقلق يغزو روحها.. إذن كان يطمئن عن أخبارها من ماريا بينما هي لم تكلف نفسها عناء السؤال عنه لا تنكر أنها اشتاقت له.. فهو يطل عليها كل يومين أو ثلاثة مرة وتكون وصلت منتهاها شوقا له ومع ذلك ينتهي اللقاء بمشاجرة طريفة لا تعلم من منهما افتعلها..
قلقها الآن يتزايد.. اتصلت بدورها في هاتفه ولكن بدون رد تذكرت أنه كتب لها عنوان السكن للضرورة ووضعه في الجارور عند الباب
استبدلت ملابسها وارتدت حجابها ومعطفها وقررت التوجه له في السكن رغم توترها من هذه الخطوة فهي بهذه الخطوة ستكسر كثيرا من الحواحز بينهما فهل هي مستعدة لذلك؟!!
*******************************
بيت محمد بن مشعل بين المغرب والعشاء
بنات عبدالله بن مشعل يجتمعن
لطيفة تجلس بجوار موضي وتهمس لمشاعل القريبة منهما: مشاعل مافيه بيبي في الطريق؟؟
مشاعل بخجل تخفي خلفه توترها من تأخر دورتها الشهرية عدة أيام عن موعدها المعتاد: أنتي ماعندش حد غيري تستلمينه..كل ماشفتي وجهي تبين بيبي.. يا اختي استلمي موضي جنبش شوي وفكي مني
لطيفة تبتسم وهي تخاطب مشاعل: أنتي اللي مسوية فيها مستحية.. والله العالم لو تحملين يمكن تولدين ماعلمتي حد لكن موضي أدري بها.. لو حملت أنا أول حد بتقول له (قالتها وهي تضع كفها على فخذ موضي)
موضي شعرت بخجل عميق يخترم روحها.. كيف ثقة لطيفة بعلاقتهما بينما هي تخفي عليها فعلا خبر حملها
العنود تنزل وتهمس بمرح: يا هلا ومرحبا.. غزلان عبدالله بن مشعل مجتمعين عندنا الليلة.. وين ريمي عشان تكملون
لطيفة تبتسم: الرويم بعد موجودة.. هذي هي داخل هي ومريوم وجودي... جات معي.. إلا أنتي وينش تأخرتي علينا..
العنود بتأفف وضيق: ضايع مني فلاش مهم.. تدرون ما خليت مكان أدور له.. قلبت المكان فوق حدر بدون فايدة
موضي بخبث: يمكن الفلاش في غرفتش الثانية.. الثانية
العنود جلست بخجل جوار مشاعل وهي تتفهم مقصد موضي (فعلا يمكن يكون هناك.. انا أصلا ما شفته من لما جيت بيت هلي)
ومشاعل هي من أكملت بابتسامة: ترا فارس الليلة مهوب في البيت.. تقول أمه مسافر ومهوب جاي إلا بكرة أم فارس أصلا في بيت سعد وبتجينا عقب شوي مع مريم.. لوتبين تروحين تدورين الفلاش روحي
العنود بخجل: إذا جات أم فارس تأكدت منها
بعدها انخرطت مشاعل والعنود في الحديث ومالت موضي على أذن لطيفة وهي تهمس: لطيفة فيه شيء بينش وبين أبو محمد؟؟
لطيفة بهدوء: ليه؟؟ حد قال لش شيء
موضي بجدية: بصراحة راكان اللي قال لي.. يقول إنه ملاحظ على أبو محمد إنه متضايق مع أنه في شغله يقول الأوضاع تمام ماشاء الله ووضع شركته صاير قوي جدا ثم أردفت بنبرة خاصة: يعني تكون الضيقة من شيء ثاني يمكن؟!!
لطيفة بهدوء أخفت خلفه ألما عجزت عن فهمه: كفاية عليه مبسوط في شغله.. يكفيه عن كل شيء
موضي باستغراب: الكلام هذا من جدش؟!!
لطيفة بذات الهدوء: إيه من جدي
موضي باستغراب: بصراحة أنا صار لي فترة ملاحظة عليش التغير من ناحية مشعل.. بس قلت يمكن أنا غلطانة وين لطيفة اللي كانت تموت على التراب اللي يمشي عليه مشعل أول.. يوم يطرا عندش اسم مشعل تفزين الحين لا جا طاريه كنه طاري واحد من أقصى الجماعة
لطيفة بهدوء عميق: مشعل أبو عيالي.. وله عندي الاحترام والتقدير
موضي بعمق: وغير الاحترام والتقدير؟؟
لطيفة هزت كتفيها وهي تهمس بطبيعية: ولا شيء
موضي بدهشة: الكلام ذا مايمشي عندي يأم محمد أنا عمري ماشفت مرة تحب رجّالها قد ما أنتي تحبين أبو محمد قولي السالفة من أولها
لطيفة تنهدت وهي تحكي لموضي بخفوت حكاية خصامها الأول ثم الثاني من مشعل وتحاول أن تكون موضوعية قدر الإمكان ولكن حين يكون هناك طرفان في قضية.. فكل منهما يحكي الحكاية وكأنه المظلوم في القضية وهو يحشد الدلائل ويحورها لصالحه
تنهدت موضي ثم همست بجدية: شوفي لطيفة وهذا أنا سامعة السالفة منش مهوب من أبو محمد.. وانتي اللي أختي اللي أغلى من عيوني لكن بصراحة الخطأ راكبش من ساسس لرأسش الحين مالقيتي حد تسوين فيه كذا إلا مشعل.. مشعل اللي طول عمره فارض هيبته واحترامه على الكل أنا وأنا بزر كنت أخاف من مشعل أكثر ما أخاف من أبي مع أنه عمره ما لاغاني ولا صاح علي.. بس يوم أشوفه أرتبش
من الزعلة الأولى الرجّال اعتذر وكبّر قدرش ومع كذا نشفتي ريقه كم شهر ثم جات الزعلة الثانية اللي والله مالها سنع.. زين ومد يده عليش واعتذر لش على طول.. والجنين اللي راح قسمة رب العالمين ترا الاعتذار صعب على الرجّال... وكسرت الرجّال شينة ليش تبين تكسرينه أكثر
لطيفة تنهدت: موضي أنا لا أبي أكسره ولا شيء.. بس الأحاسيس اللي في قلبي ناحيته ماتت.. ماتت.. وش أسوي يعني.. حقه وعلى راسي وعيني زوجي وأبو عيالي وولد عمي.. لكن أكثر من كذا ماعندي
موضي بصدمة: تبين تقنعيني إن أبو محمد ماعاد يهمش؟؟
لطيفة بثبات: هذا اللي صاير
موضي بجدية ممزوجة بالغضب: والله لو حلفتي لي ألف سنة أنه مشعل ما يهمش إني ما أصدقش ثم أردفت بغضب أكبر وهي تخفض صوتها: قولي لأبو محمد.. إذا بغى يتزوج أنا اللي بازوجه
لطيفة بهدوء مستفز: لا تحاتينه مسنع روحه على الآخر
قاطع حوارهما المتحفز دخول مريم ومعها أم فارس وعودة أم مشعل من مشوار لاحضار حاجيات البيت ليتجه الحديث في اتجاهات مختلفة ومتنوعة
بعد صلاة العشاء جلست العنود بجوار أم فارس وهمست لها بخجل: يمه فيه شيء ضروري أبيه من غرفة فارس (لم تقل غرفتي أو غرفتنا)
أم فارس بعفوية: روحي يأمش المكان مكانش.. فارس أصلا مسافر ومهوب راجع إلا بكرة وأنا بارجع مع مريم لبيتها الخدامات في البيت ومفتاح الغرفة في نفس المكان اللي أنتي خابره
ثم بترت أم فارس حديثها وهي تشعر بالألم على حال ابنها وزوجته الالم الذي تفهمته العنود وهي تقف لتلتف بجلالها ثم تميل على أذن والدتها لتخبرها
أما سر سفر فارس.. ففارس مر به خاله في عمله وأصر أن يأخذه وأن يذهبا للمستشفى الأهلي حيث حجز لفارس جناحا ليجري فحوصات شاملة الليلة وغدا ويبيت لديهم ليراقبوا تحليلاته
لذا وكي لا يقلق عليه أعمامه حين يعلموا أنه في المستشفى اتصل بهم وأخبرهم أنه مسافر.. وطلب من والدته أن تأكد على كلامه فأخر مايريده هو حشد في المستشفى من أجل إجراء فحوصات بسيطة
**********************
بيت سعد بن فيصل غرفة فهد الساعة التاسعة والنصف مساء
مريم تدخل على فهد.. كان فهد يلعب بلعبة psp وهو في سريره همست مريم وهي تقترب منه : بس فهودي حبيبي.. خلص القيم عشان تنام وراك مدرسة
فهد وعيناه مثبتتان على شاشة اللعبة: بس دقيقة وأخلص القيم.. وثاني شيء قلنا فهودي ذي ما أحبها
مريم بحنان: خلاص آسفة حبيبي
جلست جواره وهو أزاح لها جواره بتلقائية.. ثم تذكر وعاد إلى مكانه وهو يحاول أن يضيق عليها المكان
مريم تبتسم: عادي مكان صغير يكفيني ماني بدبة
جلست جواره.. ثم احتضنته بحنو وقبلت رأسه فهد بتأفف: ماني ببزر كل شوي تحبيني
مريم تبتسم: خلاص ياشيخ الرياجيل حرمنا... باحبك في العيد بس.. مسموح؟؟
فهد يتنحنح: ماقصدي بكذا
مريم تعيد تقبيل رأسه وهي تهمس بمرح: يعني قصدك كذا
فهد يتأفف كعادته الدائمة: أنتو يالنسوان تفهمون كل شيء على كيفكم أول كنا مرتاحين منكم أنا وأبي وفيصل وأبو صبري والصبيان اللي يشتغلون في البيت والمجلس وبس.. مرتاحين من حنت النسوان.. الحين البيت صار مليان نسوان.. أنتي وأم صبري والخدامات وسواقتش بعد
مريم تبتسم: زين وش اللي يرضيك؟؟ أرجع بيت هلي وأم صبري والخدامات نرجعهم لبلادهم
فهد يهز رأسه بتأفف: أنتي كل شيء تفهمينه على كيفش
مريم بحنان: زين خلك من ذا.. وخلني أقول لك قصة حلوة بتعجبك
فهد بتأفف: كل ليلة أقول لش ماني ببزر تقولين لي سوالف
مريم تبتسم: بس كل ليلة تقعد تسمع وأنت مبلق عيونك اللي ما أشوفهم بس حاسة فيهم وبعدين من قال لك السوالف للبزران بس.. شفت خواني راكان وناصر لين تزوجوا وأنا أقول لهم قصص وسوالف
فهد بدهشة طفولية: راكان وناصر العمالقة الطوال؟!!.. كذابة
مريم تضحك: زين اسألهم بنفسك وشوف أنا كذابة إلا لأ
فهد بجدية لطيفة: ماأبي قصة.. قولي لي أخوانش وش يأكلون لين صاروا طوال كذا..
مريم تضحك: يأكلون كل شيء صحي ومفيد.. البيبسي والشيبس ما يعرفونها
فهد يتأفف: نرجع للقصة أحسن
مريم جلست مع فهد تحادثه حتى نام.. ثم توجهت لفيصل الذي كان يقرأ في كتيب للأذكار حين دخلت عليه
ابتسم: تأخرتي علي الليلة..
مريم تبتسم وهي تمشي بهدوء حتى وصلت للكرسي المجاور لسريره: فهيدان عنده هذرة واجدة الليلة
جلست وفيصل تناول كفها وربت عليه بلطف وهمس باحترام: الله لا يحرمنا منش واستحملي فهد شوي.. ترا فهد يحبش.. بس طريقته في التعبير عن الحب غريبة شوي
مريم مسحت على شعره وهي تهمس بحنان: ولا يحرمني منك.. أنت يافيصل والله العظيم نعمة من ربي الله يكملك بعقلك ويحفظك من كل شر
فيصل يبتسم: ادعي لي عمتي على طول
مريم بحنان: ادعي لك على طول.. ثم أردفت بمرح: وادعي ان فهد يخف علي شوي
فيصل بهدوء: تدرين عمتي.. فهد مسكين.. يحاول بطريقته إنه يبعدش عنه مع أنه يبي قربش وهو أكثر واحد محتاج لش فهد يبي له أم تحن عليه وتدلعه مثل منتي تسوين الحين.. بس هو يتكبر شوي
فهد ماعرف أمي الله يرحمها.. أمي ماتت وعمره 3 سنين وأنا 6 سنين والله يغفر لها السنة الأخيرة من عمرها قضتها في المستشفى وحن بين بيت عمتي وضحى وبين بيت جدتي أم أمي الله يرحمها وعقب.. ماعرفنا لنا أم غير إبي.. إبي حنون واجد علينا.. بس حنان الأم غير تكفين ما تزعلين عليه ولا من مقالبه أدري هو يسوي فيش مقالب كثير وأنتي تسترين عليه.. هو قال لي وأنا لاغيته والله العظيم
مريم بحنان: فيصل حبيبي لا تهتم.. ولا تحمل نفسك فوق طاقتك عيش سنك وحياتك.. فهد لا تهتم منه.. فهد ولدي مثل منت ولدي.. وأنا وياه نعرف نتفاهم
مريم بقيت مع فيصل حتى بدأ بالنعاس حينها أطل عليهم سعد قادما من غرفة فهد بعد أن تأكد من نومه.. ألقى التحية عليهما ثم سأل فيصل عن تفاصيل معينة في دورسه.. حينها أستأذنت مريم وخرجت وبقي سعد مع فيصل قليلا
مريم كانت قد أنهت الاغتسال وتبديل ملابسها حين دخل سعد وكانت تقف تمشط شعرها
سعد اقترب منها واحتضن خصرها وهمس بمودة عميقة: العيال متعبينش؟؟
مريم مدت يدها تتحسس صدره للأعلى حتى وصلت خده ووضعت كفها عليه وهمست برقة: لا والله.. ماشاء الله عليهم.. أنا أشهد إنك ربيت وأحسنت التربية
سعد تنهد وهو يفلتها ويتوجه للأريكة: لا تبالغين.. قولي ذا الكلام عن فيصل بس فهيدان لحد الحين أربي فيه.. وشكله هو اللي بيربيني
مريم تبعته وهي تتعرف مكانه من مكان صوته.. مد سعد يده لها وأمسكها وأجلسها جواره وهي همست بهدوء: لا تحاتي فهد.. الشطانة والعناد تجي كل اللي في سنه.. بس أساسه طيب لا تحاتيه
سعد بهدوء: وضحى وينها؟؟ مالقيتها في الصالة
مريم بهدوء: ضايقة ما أدري وش فيها.. ومن عقب مارجعنا من بيت هلي عقب العشاء وهي في غرفتها وقالت تبي تنام
سعد يقف ويهمس بهدوء: بأروح أطل عليها..
****************************
قبل ذلك بعد صلاة العشاء في بيت فارس بن سعود غرفة فارس
العنود وصلت للبيت بخطوات مترددة مضى لها حوالي شهر ونصف منذ غادرت هذا البيت مضروبة ومهانة لا تحتمل الذكرى المؤلمة تريد أن تجد فلاشها بسرعة لتعود بسرعة
صعدت للأعلى وخطواتها تزداد توترا وثقلا وجدت المفتاح حيث كانت تضعه دائما يعرف مكانه ثلاثة فقط هي وفارس وأم فارس
شعرت بألم عميق وهي تدخل رائحة عطر فارس الثمين تعبق في الاجواء اهتزت بعنف لمجرد تعرفها على الرائحة وكأن صاحبها موجود شعرت أنها عاجزة عن سحب أنفاسها وثقل عميق يغلف روحها
الغرفة على حالها لم يتغير فيها شيء.. حتى مكتبها في مكانه فقط مكان صورتها هو ما تغير فهي كانت على التسريحة وهاهي الآن على الطاولة بقرب فارس شعرت بألم أعمق..هل يسامر صورتها كل ليلة؟!!! ساعته على التسريحة.. لمستها بحنان غامر وكأنها تلمس معصم فارس ذاته لم تستطع مقاومة فتح دولاب ملابسه وهي تنسى تماما الفلاش الذي كانت تريد أن تجده بسرعة لتعود بسرعة تحسست الثياب المعلقة بحنان وشوق غامرين وكأنها تلمس صاحبها فتحت ناحية ملابسه الداخلية المصفوفة لا تعلم لـمَ شعرت بالألم.. لم تعد ملابسه على ذات ترتيبها.. كان يحب ترتيبها المنظم لم تقاوم مطلقا إعادة ترتيبها (ما الذي سيدريه أني أعدت ترتيبها؟! ولا يوجد أحد في البيت.. أستطيع أخذ حريتي)
لا تعلم كم استغرقت من وقت وهي ترتب كانت على وشك الانتهاء حين فوجئت بصوت باب الجناح يُفتح ثم لتُفجع بأقسى صدمة وهي تسمع الصوت العميق المشتعل غضبا:
من اللي هنا؟!!
#أنفاس_قطر# . . . | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 5:46 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحية مابين الصباح والمساء الوقت المموه الذي غادر الصباح بانبلاجه ومازال في الطريق إلى الليل بسكونه فلا هو بالصباح المنبلج.. ولا الليل الهاجع لا هو ببراءة الصباح.. ولا هو بسكينة الليل وقت قلق.. مريب.. يتأرجح!! يــــتـــــأرجــــــــــح!!! هي هذه تماما!! اليوم هو جزء التأرجح.... وليس أي تأرجح.. بل التأرجح الموجع.. الموجع
هل تذكرن جزء الصفعات الثلاث؟!! الذي أدى لتأزم الوضع بين ثلاثة أزواج من أزواج "أسى الهجران" اليوم نعود للأزواج الثلاثة.. هم فقط سيقتصر جزء اليوم على مشعل ولطيفة فارس والعنود يوسف وباكينام
جزء التحولات السعيدة للبعض الغامضة للبعض والحزينة للبعض فمن سيكون الزوج السعيد بين الأزواج الثلاثة؟ ومن سيكون الغامض؟ ومن سيكون الحزين؟ هذا الجزء استنزفني تماما تماما تـــــــــمــــاما بمشاعره الثائرة والمتناقضة كتبته في حالة أشبه بغيبوبة الحمى لأسقط بعدها فيما يشبه غيبوبة حزن غامض اعتصرني اعتصارا
لن أطيل لأن الحديث ليس ذا معنى موعدنا القادم سيكون يوم الأحد صباحا الساعة الثامنة والنصف . . لا حول ولا قوة إلا بالله . .
أسى الهجران/ الجزء المئة واثنان
بيت فارس بن سعود الساعة التاسعة والنصف مساء
سيارة فارس تتوقف في الباحة قادما من المستشفى.. فهو حلف على خاله أن يعود لبيته.. فهو ليس مريضا ليبقى مرافقا معه وحينما خرج خاله..شعر بالتملل.. فاستأذن الطبيب في الخروج ووعده أنه لن يتناول شيئا حتى موعد الفحص التالي الذي سيكون في السادسة صباحا وأنه سيعود قبله.. لأنه يريد النوم في بيته
وهاهو يدخل البيت.. ينادي والدته.. ثم يتذكر أنها لابد في بيت خاله فيقرر أن يتركها الليلة تبات عندهم.. تتحدث مع مريم وسعد وأولاده فهي تعبت من الوحدة وآه من الوحدة التي كُتبت عليه وتغلغت في روحه بعيدا حتى عن مجرد الأمل في حبها!!
يصعد للأعلى بخطوات هادئة.. يصل لباب غرفته.. ليُفاجأ أن الباب موارب والمفتاح معلق في الباب من الخارج (من سيجرؤ على دخول غرفته في غيابه وغياب والدته؟!! أ يعقل أن تكون واحدة من الخادمات؟!! حتى عندما ترتبن فإن والدته تبقى معهن حتى ينتهين فكيف تتجرأن على الدخول الآن؟!!)
لذا صرخ بغضب وهو يدخل الغرفة : من اللي هنا؟؟
العنود فُجعت.. صُدمت.. انتهت من الحرج وهي تتمنى أن تنشق الأرض لتبتلعها..أن تتلاشى عيناها امتلئت بالدموع ويكاد يُغمى عليها من الخزي والحرج كيف ستبرر وجودها له؟!!كيف؟!! ستهرب.. ستهرب دون أن تنظر له حتى ولكنها لم تستطع التحرك من مكانها حتى لتهرب... قدماها متصلبتان مغروستان في عمق الأرض تحاول التحرك وقدماها يبدو كما لو كان الدم توقف عن الجريان فيهما.. فهي تأبى الاستجابة لها بقيت واقفة متصلبة في مكانها بين فتحتي الدولاب وهي تشعر كما لو ضلفتي الدولاب تتقاربان لتطبق على كل أنفاسها
فارس تجاوز الصالة لغرفة النوم وهو يصرخ بغضب أشد:من اللي هنا؟؟
لاحظ الدولاب المفتوح فتوجه ناحيته وهو يخشى أن هناك ما سُرق وأكثر ما يخشى عليه هو أغراض العنود.. فالعنود لم تأخذ شيئا من مجوهراتها ولا ساعاتها
وقف أمام الدولاب المفتوح بكل غضبه لِـ لِــ لِــــ ماذا يسمي مارآه بين فتحي الدولاب؟!! معجزة؟!! أعجوبة؟!! دعوات أمه؟!! رضى ربه عليه؟!! كانت مفاجأة صاعقة.. لم يتخيلها ولا حتى في أشد أحلامه جموحا المفاجأة الأعذب في تاريخ حياته وخارطة تكوينه وجد سارقا كما توقع..ولكنه السارق الأروع والأجمل.. السارق الذي سرق قلبه واستولى على روحه ليرتحل بهما للبعيد
كانت العنود تقف بين دفتي الدولاب كطفل مذعور عرقها يتصبب بغزارة على جبينها ..وشعرها المشعث يلتصق بجبينها وعنقها حلقها جاف.. وعاجزة حتى عن ابتلاع ريقها لترطيبه ولسانها المتخشب يلتصق بقاع فمها دقات قلبها تتصاعد بجنون متوحش.. تدعك أناملها وهي تضم يديها لصدرها الذي يكاد يتمزق من فرط ارتعاش ضلوعها عيناها تنظران للأسفل.. وهي تدعو الله في أعماقها بكل الوجع واليأس أن ينقذها من هذا الحرج الذي سيقضي عليها تكاد أن تذوي حرجا كمجرم أجبرته مرارة الحاجة أن يسرق للمرة الأولى فيمسكونه بالجرم المشهود
(ليس فارس ليس فارس يارب أرجوك.. ليس فارس ليس هو لن احتمل رؤيته.. لن احتمل رؤيته.. مع كل هذا الاشتياق الذي خنق روحي أخشى أن انهار في حضرته)
فارس تنهد بعمق لاسع وهو ينظر بكل الوجع والشوق واللهفة للمخلوق المرتعش أمامه يشعر ببراكين مشاعره تثور.. وأعاصير أحاسيسه تجرفه في دواماتها العميقة
(أ حقا هذه العنود أمامي؟؟ وفي بيتي؟!! أخيرا.. أخيرا!! كم أنا مشتاق.. مشتاق بل نضجت واستنزفت اشتياقا لاهبا موجعا أخيرا يا أميرتي..هنا.. هنا)
فارس تناسى كل شيء.. عـــداها تناسى الغضب.. وكراهيتها تناسى اليأس والألم ماعاد يشعر بشيء في العالم سوى دقات قلبه الصاخبة التي تنادي دقاتها الأكثر صخباً
اقترب منها وهي تقف وترتعش وتضم كفيها لصدرها.. ودموعها بدأت بالانهمار بغزارة فلا مناص.. ولا مهرب وهي ترى طرف ثوبه أمامها مباشرة
همس باسمها.. وأخيرا من هذا القرب.. همس بخفوت الــعـنــود) همس اسمها بكل وجعه واشتياقه ولهفته العميقة
العنود شعرت مع مناداته لاسمها بماء بارد يسكب على رأسها.. إذن هو رآها !! كانت تحلم أنها قد تحولت لمخلوق غير مرئي.. وأنه لم يراها لكنه ناداها نــاداها!! آه وألف آه من جرس اسمها بصوته الرجولي المشتاق ازدادت رعشتها وهي ترفع عينيها
لـــتــفـجــع تفجع تماما بما رأته أمامها.. ماذا حل به؟؟ مابه؟؟ كان شكله مريضا.. مريضا جدا انخفض وزنه كثيرا.. هالات شديدة السواد تحيط بعينيه يبدو على وشك الانهيار الفعلي
انتفضت بجزع كاسح وهي تنسى كل شيء.. عـــــداه اقتربت منه ووضعت يدها على خده بجزع ورقة واحتواء وهمست بصوت مختنق: فارس وش فيك؟؟
فارس تناول كفها من خده لينقلها لشفتيه وهو يطبع في باطنها قبلة عميقة وهو يتنفس بعمق موجوع عبق رائحة خطوط يدها ويهمس لها بعمق مجروح: هذا اللي سواه فيني غيابش قواش قلبش تهجريني ذا كله؟!! قواش قلبش؟!! أنا كنت كل يوم أموت ألف مرة بعيد عنش قواش قلبش تقولين إنش تكرهيني؟!! تكرهين فارس يا العنود؟!! فارس اللي يتنفس هواش فارس اللي لو قطعتي لحمه لقيتي اسمش على كل وريد وشريان هان عليش تسوين فيني كذا يا العنود؟!!
انتفضت العنود بشدة أكبر وخلاياها تتهاوى مع كلماته ( أ أنا من فعلت به هذا؟!! أنا؟!! أفعل هذا بفارس؟؟ بفارس؟!! أريد أن أبكي.. أبكي كثيرا أريد أن أهرب من أمامه أريد أن أهرب سأنهار الآن.. سأنهار)
العنود خلصت كفها من كفه بلطف وهي تتراجع وعبراتها تخنقها.. وعيناها غائمتان تماما من كثرة الدموع وهمست بصوت مختنق تماما: أنا جاية أبي لي شغلة وبامشي
قالتها وهي تتجه للتسريحة وتفتح الجارور الأول حيث تتوقع وجود الفلاش وتتناوله وهي تهمس بصوت أشد اختناقا وارتعاشا: اسمح لي استأذن.. تأخرت على أمي
كان جلالها على السرير.. تناولته وهي تمر بفارس في طريقها للخروج هربا لتختلي بحزنها المستحكم قبل أن تنهار ولكنها فوجئت بكف قوية تطبق على معصمها وصوته الحازم يهمس: من جدش أنتي تبين تروحين؟؟
العنود بضعف: فكني فارس
ولكن فارس شدها أكثر ناحيته وهو يتناول الجلال من يدها ويلقيه على الأرض ثم يحتضنها من ظهرها بقوة وحنو..وذراعاه تحيطان كتفيها بإحكام وينحني من عليائه ليلصق خشونة عارض خده بحرير خدها ويهمس لها بعمق رجولي موجع: أولا: أنا آسف على كل اللي صار ثانيا: قولي لي الحين فكني ولو أنتي تبين أفكش صدق.. فكيتش
**************************
بيت مشعل بن محمد الساعة الـ11 مساء
لطيفة عادت من بيت عمها منذ وقت.. تعشت مع أولادها ثم نيمتهم وهاهي تدرس دروسها ومستغرقة تماما في الدراسة
دخل مشعل ألقى التحية.. ردت بهدوء دخل ليستحم.. أعدت ملابسه وعطرتها كعادتها تماما.. وضعتها في غرفة التبديل وعادت لدراستها
حين خرج مشعل.. صلى قيامه وشفعه ووتره.. ثم توجه ناحيتها وجلس على الأريكة ثم تنهد بعمق وهمس بهدوء: فكرتي في كلامنا اليوم الصبح؟؟
لطيفة بهدوء وعيناها على كتبها: أظني قلت لك مبروك مقدما
حينها وقف مشعل كأسد جريح ليتوجه إليها وينتزعها من مقعدها وهو يهز عضدها ويهمس بغضب: إذا كلمتيني.. ارفعي عينش وحطيها في عيني تراني رجّالش ماني بأصغر عيالش
لطيفة تنهدت وهي ترفع رأسها له وتخلص عضدها من كماشة كفه القوية: أنت وش تبي مني؟؟
مشعل يحاول السيطرة على غضبه: لطيفة اسمعيني.. أنا زواج عليش ماني بمتزوج مافيه مرة تسواش عندي.. وماني بظالم بنات الناس معي..أتزوج وقلبي معش أنا قلت كذا أبي أشوف ردة فعلش
لطيفة تتجاوزه بهدوء وتجلس على الأريكة: وهذا أنت شفت ردة فعلي
مشعل يعود ليجلس قريبا منها ويهمس بألم عميق يختفي خلف هدوئه الثابت الحازم: يعني أفهم من كذا إنه أنا ماعاد لي أهمية عندش
لطيفة بهدوء: محشوم يا بومحمد أنت رجّالي وأبو عيالي الله يخليك لعيالك
مشعل بتساؤل حذر موجوع: ولش؟؟
لطيفة بذات هدوؤها: إذا سلمت لعيالك كفاية
مشعل يشعر بصدمة فعلية كاسحة من برودها القاسي .. همس بسخرية جارحة ومجروجة: أفهم من كذا إني لو مت بيكون كن اللي مات عنزة جيرانكم
لا تعلم لطيفة لِـمَ شعرت بنغزة ألم حادة حادة وموجعة في عمق عمق قلبها مع ذكره للموت لأول مرة تنتفض مشاعرها بل وبهذا العنف الهائل في حضرته منذ إجهاضها قبل حوالي شهر ونصف
ولكنها همست بهدوء بارد: لو عشت جعل عمرك طويل لعيالك.. ولو مت ماحد يموت قبل يومه
مع انتهاء جملتها شعرت بالنغزة الثانية في قلبها..شعرت مع الألم المتزايد في قلبها أن أنفاسها تثقل وسحبها للأكسجين يصعب
لم يكن هناك بأسا في جملتها (فلا أحد يموت قبل يومه المحدد) ولكن طريقتها في قولها أوحت بمعنى فوق المعنى.. معنى موجع.. موجع لأبعد حد
لذا وقف مشعل وهمس بحزم ملتهب: تدرين لطيفة وش اللي كبر رأسش علي أنش دريتي إنش حكمتي القلب وتحكمتي.. شختي عليّ يا بنت عبدالله!! قاعدة تلعبين بي كني بزر!!.. لا واللي في رفع سبع سماوات بليا عمد ما أكون ولد محمد وأبو محمد إن خليتش تلعبين بي أكثر من كذا
حلا لش الزعل يأم محمد.. قلتي هذا يحبني وما يقوى بعدي.. خلني ألعب به.. أبعده شوي واقربه شوي.. واحرقه شوي لا يأم محمد.. لا.. لهنا وخلاص.. لا أبو الغلا اللي خلاني مسخرة لك أقص عروق قلبي وأحرقها ولا أذل نفسي لش أكثر من كذا أخرتها موتي وحياتي عندش سوا.. مابقيتي شيء أتحسف عليه يأم محمد
باروح أنقلع في قلعة وادرين.. وأنتي مالش شغل فيني.. هذا يعني لو كان الثلج يهتم وإلا يحس
مشعل ارتدى ملابسه وخرج كإعصار غاضب لطيفة كانت جالسة كالمذهولة وكأنها تفيق من حلم طويل.. طويل بل كأنها تصحو من غيبوبة أشبه بالموت لم يهمها قسوة كل ماقاله عدا جملة واحدة أشعلت كل مشاعرها الراكدة تحت الجليد أشعلتها لأقصى حد وهي تنتفض بعنف.. وغشاوة الأسابيع الماضية التي وضعتها هي بنفسها وتحكمت هي بها تُزال عن عينيها وقلبها لم تزال فقط بل تمزقت تمزقت تماما.. ولطيفة القديمة..عاشقة مشعل.. تعود للظهور بكل القوة والحدة والعنفوان لأن الموقف لا يحتمل البرود ولا الجمود ولا حتى التصنع ولا يمكن أن يحتمل (موته وحياته عندي سوا؟؟)
(من اللي يقول كذا؟؟ من؟؟)
************************
واشنطن مساء سكن يوسف.. في المنطقة الجامعية القريبة من جورج تاون
باكينام تصل للسكن تشعر بحرج بالغ وهي تعبر بهو السكن للاستقبال فالمتواجدون في البهو جميعهم شباب ويبدو من أشكالهم أنهم عرب
تتوجه للاستقبال كان الموظف شيخا عربيا يبدو شاميا توجهت له بالسؤال: أنا عاوزة أسأل عن يوسف عزت
الشيخ بنبرة رسمية عفوية: سامحيني بنتي .. غير مسموح بطلوع بنات للسكن
باكينام بهدوء: أنا مرات يوسف
الشيخ رفع رأسه مستفهما: وين عقد الزواج ؟؟
باكينام استخرجت عقد الزواج الذي لا يفارق حقيبتها أصلا وناولته الشيخ
الشيخ نظر في العقد ثم همس بهدوء: غرفة 15 الطابق الثاني.. ربع ساعة بس وتنزلي
باكينام صعدت بخطواتها الواثقة المعتادة ولكنها شعرت بالحرج من نظرات الاستغراب التي طاردها بها الشباب
وصلت للغرفة وقفت على الباب لدقيقة وهي تتنهد بعمق.. ماذا لو لم يكن هناك بأس في يوسف وكل ماهنالك إنه انشغل عن الاتصال كيف ستبرر قدومها له؟!!
طرقت الباب بخفة فتح الباب شاب في بداية العشرينات تمعن في باكينام ثم همس بانجليزية ركيكة بها وضوح اللكنة المصرية: هل أخطأتِ الطريق أيتها الجميلة؟!
باكينام بالعربية وبنبرة حازمة: مش دي اوضة يوسف؟؟
الشاب يطل برأسه للداخل ويهمس بمرح: إلحئ ياعم يوسف.. بت زي فلئة الئمر بتسأل عنك
وصلها صوت يوسف المتعب من الداخل: ئول لها تتسهل.. أكيد غلطانة
الشاب يبتسم: العم يوسف مالوش في الطيب نصيب.. أنا ما انفعش؟!!
باكينام بغضب: أنته ياواد انته.. اتلم وانته متبعتر كده.. أنا مرات يوسف
الشاب بحرج: آسف يامدام.. والله كنت باهزر معاكي.. أنا ئاعد مع يوسف عشان هو بعافيه شويه خلاص اتفضلي وانا هارجع اوضتي
الشاب خرج.. وباكينام دخلت بخطوات هادئة وأغلقت الباب
همس يوسف وعيناه مغلقتان: مشيت البت يامحمود؟؟ ازاي الريسبشن خلوها تطلع.. كلم عم أبو فراس وئول له
(عشان عم أبو فراس هو اللي سمح لي أطلع)
يوسف يقفز جالسا وهو يفتح عينيه على اتساعهما يحتاج دقيقة ليستوعب وجود باكينام في غرفته ثم صرخ بغضب بقدر مايسمح له مرضه: إزاي تيجي هنا؟!!
باكينام ببساطة: يعني لو كنت أنا عيانة مش هتيجي تطل عليا
يوسف بذات الغضب: اتصلي تلفون مش تيجي لسكن كلو شباب
باكينام بهدوء: شوف موبايلك..
يوسف يتناول هاتفه وجده على الصامت.. يبدو أن محمودا من وضعه على الصامت منذ بداية مرضه وهو لم يهتم بالسؤال عن هاتفه وجد عدة اتصالات منها ومن ماريا ومن والديه في مصر ومن عدد من أصدقائه
يوسف تنهد: خلاص اديكي اتطمنتي.. امشي يالله
باكينام جلست جواره وهي تهمس بعناد: لأ لسه ما تطمنتش عليك قالتها وهي تمد يدها لتضعها على جبينه التسعت برودة يدها بحرارة جبينه.. وهو لُسع من ملمس يدها نفسها همست بقلق: انته سخن أوي.. انته بتاخد علاج ايه؟؟
لا ينكر .. لا يــنــكــر.. نبرة القلق في صوتها لذيذة..لذيذة جدا.. قلقة عليه حقا!! كم هو مستمتع بقلقها!!
يوسف بهدوء: شوية برد.. ومحمود جاب لي دكتور وأديني باخد الدوا
باكينام باستنكار: والعيل اللي اسمه محمود هو اللي بيديك الدوا هو بيعرف يلبس البامبرز لوحده؟!!
ابتسم يوسف.. كم هي لذيذة اليوم!!.. (طعمة) كما يقول المصريون (وطعامتها) تجاوزت كل حد!!
همس يوسف بهدوء: خلاص باكينام امشي.. انتي كده بتخالفي قوانين السكن ليكي ربع ساعة بس.. وئربتي تخلصيها
باكينام بحزم: انته اللي امشي معايا البيت مستحيل اسيبك وانته تعبان كده.. ومع اللي اسمه محمود ده.. دا هو بنفسه مش ماسك في بعضو
انتفض داخل يوسف بانتصار.. هاهي تدعوه للعودة وبنفسها ليته مرض منذ زمن.. بل هو يوشك الآن على الشفاء.. اليومان الماضيان كان مريضا حقا.. ومع ذلك همس لها بتعب اصطناعه هذه المرة أكثر من حقيقته: مائدرش باكينام.. أنا تعبان.. ومائدرش أنزل.. وأخاف تيجي لي نكسة
يريدها أن ترجوه أكثر.. وكم هو خائف أن تنسحب ولا ترجوه.. هاهي صمتت.. وهو يسب نفسه في داخله (كنت قاب قوسين أو أدنى للوصول لهدفي ماذا استفدت الآن من تخطيطاتي الفاشلة)
باكينام أنهت صمتها وهي تهمس بحزم: أديني مفتاح عربيتك.. هاجيبها لحد باب السكن وانته خلي محمود ده ينزلك
ابتسم يوسف في داخله بانتصار أكبر بينما باكينام تقنع نفسه أن هذا ما يجب تفعله (بنت أصول) مثلها مع زوجها المريض
ساعدته على ارتداء ملابسه حتى جواربه وحذاءه بينما يوسف يزيد من عيار تمثيل المرض وهو مستمع حتى النخاع بقربها وحنانها المختلف أنهت مساعدتها له بإلباسه جاكيتا ثقيلا
ثم نزلت لتحضر سيارته بينما يوسف كان غارقا في نشوة عميقة .. لمساتها.. قربها.. حنانها.. كل شيء كان مختلفا.. وممتعا.. ولذيذا لــذيـــذا جـــدا
****************************
بيت فارس بن سعود غرفة فارس
العنود تتناول جلالها عن الأرض وتلتف به فارس بدهشة عميقة: العنود وين بتروحين؟؟
العنود بغضب خجول: بأروح بيت هلي
فارس بذات النبرة المدهوشة: من جدش؟؟
العنود بذات النبرة الغاضبة الخجولة: أنت واحد نذل وحقير.. كذا تسوي فيني
فارس بنبرة بدأ يتسلل لها الغضب الذي يحاول كتمه: أول شيء عيب عليش ذا الكلام ثاني شيء أنا ماسويت لش شيء..أنتي مرتي واللي صار صار برضاش
العنود قاطعته بخجل كاسح: لا.. أنت جبرتني..
فارس باستغراب عميق: العنود أنتي تلعبين علي وإلا على نفسش ثم تنهد وأردف بعمق: خلاص خلش من اللي صار أنتي الحين في بيتش وأنا قلت لش إني في بيتش بأراضيش وهذا أنا اعتذرت لش وأعتذر مرة ثانية.. آسف ياقلبي وتنقص يدي لو انمدت عليش مرة ثانية والرضاوة اللي تبينها تجيش.. وش تبين؟؟ تدللي لو مهما بغيتي أنا حاضر.. تدللي بس
العنود بعناد متوتر متذبذب: ما أبي شيء.. أبي أروح لبيت هلي.. أمي تنتظرني
تفكير معين يدور في رأس فارس.. همس لها بهدوء مدروس: براحتش اللي علي سويته.. تبين تروحين روحي
العنود شعرت بالصدمة أنه لم يلح عليها بالبقاء بعد كل هذا.. رغم أنها تمنت بكل اليأس أن يفعلها.. لم ترد أن تتركه وهي تراه على هذا الحال.. ولكنه لم يلح عليها (هل مازال يستكثر عليها رد بعض كرامتها؟!!) همست بغيظ وهي تتوجه للباب ثم تعود لتأخذ فلاشها: حقير.. وأكرهك
خرجت بينما ابتسامة فارس اتسعت.. وشمس جديدة تشرق في روحه بعد أيام المعاناة المرة طيلة الأسابيع الماضية
(قولي أكرهك.. الحين فهمت إنش تقولين أكرهك وأنتي قصدش أموت عليك
قولي أكرهك.. لأنه وأنتي بين أحضاني قبل دقايق همستي لي أحبك ألف مرة
قولي أكرهك.. ماعاد يهمني.. لأنه عرفت مكاني في قلبش خلاص وبترجعين يالعنود.. بترجعين وقريب)
فارس توجه لدولابه ليتناول له غيارات ويستحم وجد ترتيبها الذي يستحيل أن يغفل عنه.. الأنيق كأناقتها اتسعت ابتسامته أكثر: بترجعين ياقلبي.. بترجعين
فارس حين عَلم أنها جاءت ليس لتعود ولكن لتأخذ فلاشها فقط.. لم يرد أن يجبرها على البقاء.. قرر تركها عدة أيام حتى تهدأ بما أنه اعتذر له.. ولابد أن اعتذاره سيطيب خاطرها حتى وإن أنكرت ذلك.. فهو اعتذر لها بكل صدق وبعد ذلك سيأتي لأخذها هو وأمام أهلها.. تكبيرا لقدرها عنده ويكفيه الآن أن قلبه اطمئن بمكانته عندها وتمكنه من روحها لم يعد لديه أدنى شك بمدى تغلغله في طيات قلبها وغياهبه القلب الذي كاد يموت فارس حين ظن أن العنود أبعدته عن أسواره
***************************
بيت مشعل بن محمد الساعة الثالثة بعد منتصف الليل
لطيفة تكاد تجن قلقا مضت أكثر من ثلاث ساعات منذ خروج مشعل من البيت
لطيفة تجلس في صالة البيت السفلية تجلس على الأريكة وهي ترفع قدميها وتحتضن نفسها وترتعش بعنف موجع تريد أن تبكي.. بل تريد أن تنتحب..تريد أن تبكي أنهارا متدفقة ولكنها لا تجرؤ لا تـــــجــــرؤ البكاء فأل سيء.. وهي تخشى من مجرد أفكارها ليت لسانها أصابه البكم قبل أن تقول لمشعل ما قالته كيف طاوعها قلبها أن تقول ذلك لمشعل؟!! لــمـــشــعــــل؟!! مـــــــشـــــعــــل!!!!
أ لم يكن مشعل هو صباها وشبابها ونضجها؟!! رفيق الأيام حلوها ومرها أ لم تكن تزداد جمالا من أجله.. ومن أجله فقط؟!!
بينهما: ليس عاما ولا اثنين ولا خمسة بل يوشكان أن يقطعا السنة الرابعة عشرة معا لا تعرف للحياة لونا أو نكهة بدون مشعل الحياة عندها تمثل مشعل في كل ولادة من ولاداتها كان الاسم الذي الأول تنطق به فور صحوها هو مشعل ويكون الوجه الأول الذي تراه هو وجهه حينما كانت تدخل الشهر التاسع كان يرفض السفر لأي مكان خوفا أن يفاجئها الطلق وهو غير موجود.. كان يصرُّ أن يكون من يأخذها للمستشفى ويبقى يدور في أورقة المستشفى حتى تلد قد يكون طوال السنوات الماضية تعامل معها ببرود تام بينما كانت هي تحترق دفئا له ومن أجله ولكنها لا تستطيع أن تنكر أنه قدم لها شيئين بدونهما انهارت كثير من الزيجات: الاحترام والتقدير ولم يكونا احتراما وتقديرا بمعناهما العابر بل بأقصى معانيهما
ثم بعد أن تصافيا.. جعلها تعيش خلال أشهر حبا عميقا بعمر قرون كان لحبه نضج الكون ودفء العالم وكل أحاسيس الحياة فكيف طاوعها قلبها أن تجفو مشعل كل هذا؟!! ثم كيف طاوعها لسانها أن تقول له ما قالته؟!! موته وحياته سواء؟!! كيف؟؟ كــــيــــف؟!! هل يستوي الجليد والنار.. والثرى والثريا.. والليل والنهار.. الموت والحياة؟!!
حينما أجهضت قبل شهر ونصف على خلفية عراكها مع مشعل برمجت عقلها الباطن على الجمود معه حتى تحمي مابقي من روحها المتهاوية..فهي لن تحتمل مطلقا الصفعة الثالثة.. تريد أن تحفظ مابقي من قوتها لأبنائها.. فحبها لمشعل مع صفعاته المتتالية استنزف كل طاقتها.. كل مشاعرها لو حدثت صفعة ثالثة.. ستنهار الانهيار النهائي..فمن سيكون لأولادها؟!! يكفيها أن مشعلا جوارها وقوتها كاملة محفوظة لأبنائها
لم يخطر لها مطلقا أن الصفعة الثالثة قد لا تكون من مشعل ولكن من أجل مشعل؟!!
في فترة برودها السابقة عجزت كل المؤثرات عن اقتحام جمودها لا مشاعر مشعل الدافئة ولا حتى تهديده أن يتزوج أخرى لأنه في كل الأحوال سيبقى موجودا أمامها وحولها اكتفت بمجرد هذا.. ولم تسمح لمشاعرها أن تتدفق ناحية مشعل لأنها تعبت من الجرح.. وماعاد بها طاقة لذا كان الجمود سلاحها الوحيد للصمود ولكن أن تتخيل الحياة من غير مشعل؟!! حياة بدون خطوات مشعل؟؟ بدون قوة مشعل؟؟ بدون وجود مشعل؟؟ هذا هو ما نسف كل جمودها نفسا هذا هو هو ما مزق كل شرايينها حزنا ورعبا لا بأس بحياة جمود يكون مشعل فيها!! ولكن أي حياة بدون مشعل مهما كانت هي حياة مرفوضة.. مرفوضة!!
لا تعلم كيف استطاعت طمر مشاعرها تحت كل هذا الجليد ولكنها كانت تعلم يقينا أن جذوة حب مشعل المحرقة بقيت تنتظر تحت الجليد تنتظر من ينفض ركام الجليد وهاهو الركام انتفض.. انتفض بكل العنفوان ليعد مشعل الآن.. لــيــعــد.. ويجد لطيفة المشتعلة له ومن أجله كما تمنى لــيــعــد فقط!!
قامت لتتوضأ قبل صلاة الفجر صلت طويلا ودعت الله بكل القوة والوجع والألم أن يحفظ مشعلا لها.. لــها هــي فلا يمكن أن تكون هناك لطيفة بدون مشعل فأي غشاوة حقيرة أحاطت بقلبها وروحها طوال الأسابيع الماضية وهي تبعد مشعل عنها؟!!
(يارب احفظ مشعل بحفظك وأحطه بعنايتك أعده لي يارب.. أعده لي سأعتذر منه ألف مرة.. سأعتذر له حتى آخر دقيقة في عمري سأبكي على كتفه كما لم أبكِ طوال عمري أعده لي ياذا العزة والجلال لا تعاقبني يا آلهي في مشعل.. لا تعاقبني فيه يا ذا المنة والكرم.. أنعم علي برؤيته يدخل علي سليما معافى)
*****************************
اليوم التالي بيت محمد بن مشعل الصالة السفلية الساعة التاسعة صباحا
العنود تنزل وحقيبتها وعباءتها بيدها تقبل جبين والدتها وتجلس وتسكب لنفسها كوبا من الكرك وتهمس برقة: يمه سونيا جات؟؟
أم مشعل بهدوء: جات من شوي وتتتناش في السيارة في الحوش
العنود ترتشف من كأسها بهدوء ووالدتها أردفت بعفوية: اشفيش تأخرتي البارحة في بيت فارس؟؟
العنود شرقت وكحت وهي تُصدم بالسؤال الذي أثار بالغ حرجها ثم تناولت المناديل الورقية وهي تمسح وجهها وتحاول أن تهمس بطبيعية: قلبت الغرفة أدور الفلاش لين لقيته وعقب استحيت أخلي الغرفة معفوسة.. قعدت أرتبها
والدتها ابتسمت: تدرين.. يوم تأخرتي.. قلت يمكن البنت عقلت وبتقعد في بيتها
العنود بحرج: يعني تبيني أرجع بدون ما يكلف فارس على نفسه إنه يجي عندي ويراضيني؟؟
أم مشعل بحنان: يأمش ماطال مسخ.. وفارس عرف غلطه.. وفارس يأمش رجال مثايله نادرين.. لا تضيعين رجالش من يدش
العنود وقفت وهي ترتدي عباءتها ونقابها وتهمس لانهاء الموضوع: مايصير إلا خير يمه.. مايصير إلا خير
******************************
بيت فارس بن سعود بعد صلاة العصر الصالة السفلية
فارس يعود من المسجد.. ويجد والدته تجلس أمام قهوة العصر يقبل رأسها ويهمس بابتسامة شاسعة: يمه عندش حلا.. مشتهي شيء حلو مع القهوة
أم فارس رفعت رأسها لفارس وهي تبتسم بسعادة حقيقية: ماشاء الله وجهك اليوم أحسن.. وأبشر بالحلا الخدامة مسوية بسبوسة.. قلت لها وديها لبيت محمد جنبنا.. ماعندنا حد يأكلها بس مابعد ودتها
فارس بابتسامة: عطوني منها قطعة.. وودو الباقي لبيت عمي محمد.. يستاهلون الحلو
أم فارس باستغراب سعيد: ماشاء الله على ذا المستشفى.. ما أمسيت عندهم إلا البارحة.. وصحتك أحسن وش عطوك؟؟
فارس بابتسامة شاسعة: الله يمه بس على ذا المستشفى.. الله لا يخليني منه فديته.. أحلى ليلة في حياتي ليلة البارحة أصلا
أم فارس تضحك: فارس يأمك أنت صاحي.. تفدى بالمستشفى؟!!!
فارس بمرح: بلاش يمه ماعرفتي ذا المستشفى وحلاته وطيبة قلبه ودلاله اللي يذوب الحجر
أم فارس مستمرة في الضحك: شكلك استخفيت يأمك!!
الحوار المرح مستمر بين فارس وأمه حتى رن هاتف فارس التقطه بترحيب: هلا والله بأم محمد .......................... تغير وجهه وصوته: جايش الحين.. الحين
أم فارس بقلق: وش فيها لطيفة يأمك؟؟
فارس وهو يقف متوجها للباب: ما أدري يمه.. بس تقول تبيني ضروري.. وماتبي حد يدري.. زين يمه؟؟
أم فارس بذات القلق: زين يأمك أبشر.. بس طمني..
************************
بيت مشعل بن محمد الصالة السفلية
لطيفة تدور كإعصار مجنون.. ماعادت قادرة على الجلوس في مكان تكاد تجن قلقا ورعبا مشعل لم يعد وهاتفه مغلق ولم يذهب لشركته.. وسكرتيره لا يعرف شيئا عنه لم يعد ما تشعر به مجرد قلق بل رعب متوحش سادي يمزقها تمزيقا
أرسلت أولادها لوالدتها لأنها لا تريدهم أن يروها وهي على هذا الحال وطلبت من والدتها أن تبقيهم عندها حتى تتصل بها
واتصلت بفارس وهاهي تنتظره لم تمر دقائق حتى كان فارس يدخل عليها لم تسمح له بالدخول للداخل وهي تتلقاه عند الباب وتمنع نفسها من الانهيار في البكاء وهي تخبره بغياب مشعل
فارس بقلق كبير: من البارحة غايب وحتى الشركة ماراح لها.. الله يستر عليه بستره
لطيفة بصوت مختنق: تكفى فارس.. طالبتك تدوره
فارس يتنهد بحزم: على أي سيارة راح؟؟
لطيفة توشك على الانهيار: ما أدري.. ما أدري
فارس يطل في مواقف البيت ليجد أن سيارة مشعل ذات الدفع الرباعي تقف في موقفها المعتاد
يهمس للطيفة بذات النبرة الحازمة: باتصل برفيق لي في كنترول العمليات وأسأله
لطيفة شهقت برعب متوحش: تكفى فارس ما تفاول على مشعل
فارس بحزم: وش أفاول وما أفاول.. مشعل إن شاء الله مافيه إلا العافية بس لازم أتأكد قبل ما أبدأ أدور له
فارس يتصل بصديقه: محمد أنت في الدوام؟؟ - .................. - افتح لي الكمبيوتر.. وشوف لي سيارة بالمواصفات ذي لو جاك أي تبليغ عنها - .............. - مرسيدس s500 سوداء موديل السنة.. رقمها رباعي بس ماني بحافظه - .............. - معك - ................ - ويش؟؟ويش؟؟ ويـــــــــش؟؟ (وجه فارس يسود تماما ويمتقع وملامحه تنقلب لأسوأ أسوأ تعبير وأبشعه وأكثره ألما..)
لطيفة برعب كاسح بل بما يتجاوز الرعب وكل كل معانيه وتفسيراته وأوجاعه: فارس.. وش فيه مشعل؟؟
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 6:31 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباح الفرص التي قد لا تتكرر سمعتن كثيرا عبارة "الحياة فرصة" وهي هكذا!! الحياة بمضمونها وفلسفتها: فرصة أنتن الآن تنتظرن مصير مشعل.. سليم؟؟ مصاب؟؟ أو ميت؟؟ وقبل المصير أ لم تكن هناك الفرصة؟!! أ لم يكن مشعل أمام لطيفة ولم تكتشف قيمته إلا حين شعرت أنها قد تخسره للأبد؟!! هذا ألا يوحي لكن بشيء؟!! لا تنتظري اللحظة الأخيرة التي لا أحد يعلم متى تحين لا تنتظريها لتقبلي كف والدتك ورأس والدك وتهمسي لهما: الله لا يحرمني منكم لتحتضني أختك الصغيرة وتهمسي لها: مهما تزاعلنا أحبك لتصلي كل رحم انقطع.. وتطلبي السماح من كل من اخطئتي في حقه لتدرسي دروسك كما يجب وتحققي النجاح قبل أن تفوتك كل فُرصه . . لتنتقلي للفرصة الأعظم فرصتك في الحياة قبل الممات شبابك فيما افنيتيه ومالك فيما انفقتيه ووقتك فيما قضيتيه الإنسان يغره طول الأمل استغلي الفرصة مادامت في يدك..فأنتي الآن ترفلين بالحياة والصحة بعد ساعة واحدة لا تعلمين ما الذي سيحدث وتجدين أنكِ قد فقدتِ كل فرصة وتندمين حين لا ينفع الندم . . موعدنا القادم الثلاثاء الساعة 8 ونصف صباحا مثل اليوم . استلموا . قراءة ممتعة مقدما . . لا حول ولا قوة إلا بالله . . أسى الهجران/ الجزء المئة وثلاثة
بيت مشعل بن محمد
لطيفة برعب كاسح بل بما يتجاوز الرعب وكل معانيه: فارس وش فيه مشعل؟؟
فارس بحزم موجوع: لطيفة الزمي بيتش.. لا تطلعين منه لين أتأكد وأرجع لش
لطيفة غرزت أظافرها في ذراع فارس وهي تصرخ بهستيرية: وش فيه مشعل؟؟
فارس بحزم: اذكري الله يا لطيفة.. اذكري الله.. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. وانتي مره مؤمنة
لطيفة تكاد تجن.. روحها تصرخ ألما وحشيا: أقول لك وش فيه مشعل؟؟
فارس يحاول أن يتماسك..ولكنه لم يستطع..وكيف يستطيع؟! هذا مشعل.. مــشــعـــل مشعل والده وابن عمه.. سندهم القوي الذي لم يخذل أحدهم يوما فارس ينزف وجعا لا حدود له وجعا سرمديا بلا بداية ولا انتهاء ولا ملامح:
سيارة مشعل لقوها محترقة على طريق الشمال.. ولحد الحين يحاولون يطلعونه (لم يستطع تخيل بشاعة الفكرة!! لم يستطع!!) يطلعون اللي يسوق ولا قدروا . .
فارس غادر بيت مشعل بن محمد وهو يركبه ألف عفريت متجها لطريق الشمال لا يستطيع تخيل مايراه أو بشاعته.. ولكنه قرر أن يتصرف لوحده فهو قد يكون الأكثر جَلَدا فيهم جميعا بعد مشعل بن محمد يريد أن يجنب عميه وأبناء عمه مصيبة رؤية حادث مشعل
فارس شعر بألم يتجاوز مفاهيم الألم وهو يغادر لطيفة أو بمعنى أصح يغادر بقايا لطيفة شلاياها المتناثرة بعد أن مزقتها قذيفته لم تعد تستطيع الوقوف.. جلست بصمت مرعب كمخلوق مجرد من الحياة لا تستطيع حتى أن تشعر بالألم أي ألم هذا؟!! أي ألم؟!! ماعاد للألم معنى أمام ما تشعر به ما عاد للألم قيمة وهو يندحر أمام شعور سادي متوحش يحرث روحها وجسدها بمناجله تشعر أن جميع خلايا جسدها وعقلها ممتلئة حتى آخر نقطة بهذا الإحساس القاتل.. تشبعت تماما به لو لُمست أقل لمسة ستنفجر خلاياها الممتلئة بقيح الوجيعة/والفجيعة
لم تستطع حتى أن تبكي.. مشعل لا يُبكى كما يُبكى كل الناس فهل هناك شيئ يتجاوز البكاء يعبر عن شعورها المتجاوز للألم؟!! كيف تستطيع أن تعيش بعده؟!! كيف؟!! كــــيـــــف؟؟؟!! هل يصبح أولادها أيتاما؟!! كم هي قاسية هذه الكلمات: أرملة وأيتام!! والأقسى هو حقيقتها ومعناها!!
طوال سنواتها الماضية لم تخشَ مطلقا شيئا من مصاعب الحياة ومشعل يقف خلفها سندا حديديا فهل ذهب السند؟؟ هل ذهب؟!!
لم تعلم كم مر عليها وهي جالسة وقت طويل مر.. ساعة.. ساعتان ربما مرت عليها قرن.. قرنان.. فما تشعر به الوجيعة والألم والجرح والأسى أحدُّ من كل شيء وأعمق من كل شيء هاهي تجلس في بيتها.. وبيت مشعل عيناها زائغتان.. وقلبها كقبر مهجور.. تنظر لما حولها لكل شيء حولها رائحة مشعل.. وذوق مشعل.. وإحساس مشعل فكيف تعيش هنا من بعده؟!! كـــيـــف؟!! أي قدمين ستحملانها؟!! وبأي روح ستعيش؟!! هل ما تشعر به هو محض ألم؟!! إن كان يصح تسمية هذا الشعور الوحشي في قسوته ألـــمـــا!! فما شعرت به من هذا الألم يكفيها عمرها كله.. كــــلـــه كــــــلــــــــه!!
(يا نور.. نــــور.. تعالي اخذي السمك لا بارك الله فيش)
انتفضت لطيفة بعنف..وقشعريرة حادة تجتاح جسدها كالزلزال وعظامها تكاد تتحطم لفرط ارتعاشها هل جنّت؟؟ هل تتخيل صوته؟؟
(نور.. نـــور.. السمك باخليه عند الباب)
وقفت لطيفة بشكل حاد وهي تلتفت للباب بحدة كان هو هـــو هـــــــو يقف عند الباب وينزل كيسا ضخما عند الباب
حينها رآها نظر لها ببرود.. وسلّم ببرود وهو يتجه للسلم ليصعد كانت تنظر له بدهشة عميقة وفرحة أعمق.. تكاد تشهق من فرحتها وهي تملأ عينيها من رؤيته عاجزة عن التصديق.. بعد كل هذا الرعب والألم أن تنتقل من النقيض للنقيض في لحظة واحدة
كان يرتدي (برمودا) أسود و(تيشرت) أبيض قذر بدون أكمام ملتصق بعضلات صدره ومتسخ تماما ويعقد غترته فوق رأسه على شكل عمامة (حمدانية) ومازال يرتدي نظارته الشمسية التي خلعها ليمنحها نظرة البرود إياها قد يكون في شكله خالٍ تماما من الأناقة.. ولكنها رأته بعينيها المخلوق الأكثر وسامة والأكثر رجولة كما كانت تراه طوال حياته.. حتى وإن كان الأبشع.. يكفيها أنه عاد لها عـــاد لـــها!!
لطيفة جرت قدميها جرا وقطعت الطريق عليه وهي تقف أمامه مباشرة
مشعل همس لها ببرود: لطيفة وخري خليني أروح أسبح.. حالتي حالة ريحتي سمك وثيابي وسخة
لطيفة مدت يديها وهي تتحسس خصره وذراعيه بوجع.. ثم تتحسس وجهه بكل الحنان والألم الممتدين بلا حدود كامتداد الكون
حــيـنـهـا انخرطت في بكاء حاد ومفاجئ وهي ترتمي في أحضانه لم يستطع مشعل إلا أن يحتضنها ويحتوي بكاءها وهو يهمس لها بقلق: لطيفة وش فيش؟؟ حد فيه شيء؟؟
همست لطيفة بين شهقاتها ووجهها مختفٍ بين عضلات صدره وفي (تيشرته) القذر: كنت خايفة عليك بس..
مشعل تنهد وذراعاه القويان يحيطانها باحتواء: البارحة رحت لرفيق لي عنده مركب في الخور.. وطلعنا للصيد.. أنا فصل شحني.. وهو نسى تلفونه
لطيفة احتضنت خصره أكثر وهي تهمس بوجع صارخ: تكفى مشعل سامحني أنا آسفة حبيبي
تصلب جسد مشعل.. لأول مرة منذ خصامهما تناديه باسمه بهذه النبرة الموجعة.. بل وتقول (حبيبي) تمنى أن يحتضنها بشكل أقوى..يخفيها بين أضلاعه.. ويغمر وجهها بقبلاته الوالهة المشتاقة ولــكــنــه أزاحها بخفة وهو يقول ببرود مستحكم: شوفي السمك ووزعي منه على بيوت أهلنا.. واللي تبين عطيه.. السمك واجد
لطيفة أمسكت معصمه وهي تقول بصوت مختنق: تكفى مشعل سامحني
مشعل خلص معصمه من يدها بخفة باردة وصعد للأعلى
مشعل لم يعد لديه رغبة في إطالة الخصام بينهما.. فحبه لها أعمق وأنضج من هذه المهاترات.. وهو متعب من طول هجرها ومشتاق للطيفة القديمة التي رأى لمعان عينيها قبل لحظات وشعر بها تذوب بين أحضانه ولكنه يريد تأديبها قليلا.. فما فعلته به المرتين الماضيتين لم يكن قليلا.. لم يكن قليلا أبدا!! فهو إن كان لم يتقصد أن يكون باردا معها طيلة سنوات زواجها الماضية فهي تقصدت معاقبته والبرود معه فليذقها من ذات الكأس لتعرف مرارتها
مرارة البرود المتعمد!!!
لطيفة تنهدت بعمق وهي تجلس لتتماسك بعد كل هذا الانفعال (لا بأس.. لا بأس ليفعل مايريده بي فأنا أستحق ما قد يفعله فقد تماديت.. تماديت كثيرا يكفيني أنه عاد سالما لي ولأولادي)
حينها كان هاتفها يرن.. كان فارس.. ردت وجاءها صوت فارس المشبع بالسعادة: أبشرش لطيفة أبشرش.. السيارة مهيب سيارة مشعل.. صحيح نفسها بالضبط.. بس راعيها انجليزي كان سكران اللي يكفينا الشر
لطيفة ابتسمت بشفافية: وأنا أبشرك إن مشعل رجع البيت.. توه واصل وكنت بأكلمك
فارس يضحك بسعادة: الله يبشرش بالخير.. ترا عشاء مشعل الليلة عندي فرحتي الليلة فيه مالها حد كفاية روعتي وروعتش
*****************************
بيت سعد بن فيصل صالة البيت العلوية
بين العصر والمغرب
مريم تجلس أمام القهوة والشاي.. تقرأ لها كتابا.. وهي قررت أن تجلس هنا لأن كلا من فيصل وفهد لديهما مشاريع يعملان عليها ولا بد من تسليمها بسرعة لأن الامتحانات النهائية اقتربت ومريم تريد أن تكون قريبة من غرفتيهما
فهد فتح باب غرفته بخفة.. رأى مريم جالسة تقرأ .. وضع حذائه تحت إبطه وهو يمشي متسحبا لينزل للأسفل فابن الجيران اتصل به ليرى إن كان سيذهب معه ليأخذا جولة على الدراجات ويذهبان لمحل البقالة القريبة
مريم همست بهدوء: فهد تعال
فهد انصدم كيف عرفت بوجوده.. ولكنه قال أنها قد تكون تنادي اسمه دون قصد.. فأكمل مشيه البطيء مريم همست بحزم: فهد تعال.. أو تبيني اتصل في ابيك وأقول له إنك نازل تسحب مثل الحرامية
فهد ألقى الحذاء على الأرض بصوت مسموع وهو يتجه ناحيتها ويقول بغيظ: أشلون عرفتي إني طالع؟؟ أنتي منتي بعمياء؟؟
مريم تبتسم: إلا عمياء.. بس مثل ماقلت لك قبل ربك يأخذ منا شيء ويعطينا أشياء والحين ارجع وكمل مشروعك.. مدرسك يقول إنك أكثر طالب متأخر
فهد يضع يديه على رأسه: وكلمتي مدرسي بعد؟؟ تكفين كله ولا المدرسين لا تكلمينهم.. تبينهم يقولون قدام العيال إن أمي تكلم تبحّث وراي
مريم شهقت بعذوبة..(هل قال أمي؟!!) ولكنها تعلم أنه قالها بعفوية لذا لا تريد احراجه أخفت سعادتها العميقة المحلقة وهي تقول له بحزم: خلاص ما تبيني أكلمهم تصير رجّال وتكمل مشروعك
لم تخبره أن والده هو من هاتف مدرسيه ليسأل عنه كعادته.. قررت أن تجعله يظن أنها من كلمتهم رغم استحالة ذلك.. حتى يهتم أكثر
فهد بتأفف وهو يتجه عائدا لغرفته: زين.. هذا أنا راجع
مريم تبتسم: ترا هديتك مني غير هدية ابيك أخر السنة بأوديك المكان اللي تبيه تختار الهدية اللي تبيها وأنا بأدفع بدون نقاش.. بس بشرط
عينا فهد تلتمعان: يعني ممكن أسحبش وأوديش فيرجن وإلا الرعاية التقنية وإلا مكتبة جرير وأختار أي شيء أبيه؟؟
مريم تبتسم: اللي تبيه بس أنا قلت بشرط
فهد يعود ويقفز جوارها: تشرطي..
مريم تبتسم: هياته في الشوارع ممنوع.. طلعة بدون أذن ممنوع.. سهر ممنوع وأهم شيء تنجح على الأقل بتقدير جيدجدا.. لو أخليت بأي شرط من الشروط ذي ولو مرة وحدة لين نهاية الفصل تروح عليك الهدية
فهد لوى شفتيه: مهوب كنها شروط تعجيزية شوي؟؟
مريم تهز كتفيها: والله بكيفك..
فهد يقفز ويقبل رأسها: موافق.. بس مهوب تغيرين رأيش عقب
مريم تبتسم: أفا عليك..كلام رجّالة
******************************
بيت مشعل بن محمد غرفة مشعل ولطيفة قبل صلاة المغرب ببعض وقت
مشعل توجه إلى الحمام ليستحم ولطيفة بقيت جالسة في الأسفل لفترة من الزمن حتى استجمعت قواها التى كادت تنهار بل انهارت من الانفعال والضغط النفسي المضني
حينها سحبت نفسها لتصعد لمشعل في الأعلى حين دخلت كان مشعل أنهى استحمامه وارتدى ملابسه ويجلس على الأريكة ويكلم في هاتفه الموصول بالشاحن: أنت من جدك؟؟ وشو له العشاء؟؟ .................... يا ابن الحلال أنت سبقتني بالحلوفة.. بس والله ماله داعي.. أنت خبل؟؟.. وش ذا العشاء اللي ماله حِل؟؟ ...............................
كان مشعل مستغرقا في حواره مع فارس.. فلم ينتبه لدخول لطيفة حتى شعر بأناملها تتخلل شعره المبلول.. ثم تنتقل يداها لكتفيه وهي تتحسسه بكل الشجن والحنان لتتأكد أنه أمامها فعلا
شعر مشعل بارتباك عميق وتنهد بعمق أكبر وهو يشعر بملمس أناملها الحانية.. ولكن ارتباكه وتنهيدته لم تتجاوز داخله وهو ينهي اتصاله ويهمس للطيفة بحزم ساخر: ترا عنز الجيران سالمة ماعليها شر.. هذي هي رجعت
لطيفة دارت حول الأريكة لتجلس جواره.. وتمسك كفه وتهمس بعمق: تكفى مشعل.. سامحني.. والله العظيم عرفت غلطي.. آسفة حبيبي.. آسفة
مشعل نفض يده من يدها وقام من جوارها.. ليس لأنه غاضبا.. لكن لأنه لا طاقة له بمقاومتها..
مشعل لم يرد عليها وهو يتجه للتسريحة ليمشط شعره ويحكم إغلاق أزرار كميه ولكن لطيفة لم تتركه وهي تلحق به وتهمس بألم عميق: حبيبي مشعل خلاص واللي يرحم والديك.. يهون عليك تخليني أترجى ذا كله
حينها التفت لها مشعل بحدة وهمس من بين أسنانه بغضب حقيقي: الحين أنتي متكاثرة كلمتين أسف قلتيهم واللحية اللي قدامش.. الرجّال اللي قال لش آسف بدل المرة ألف ماهان عليش؟؟
لطيفة صمتت وهي تتراجع وتشعر بعمق ذنبها في حقه لأنها الآن من أصبحت في مكانه.. ولكنها من الناحية الأخرى لن تسمح له أن يفعل معها مافعلته به.. همست بشجن: مشعل أنت جرحتني واجد.. وأنا قلت لك قبلها إني ماراح أتحمل منك شيء ثاني
مشعل يحاول التماسك وهو يرد عليها بهدوء: هو فيه حياة زوجية تخلى من المشاكل وسوء الفهم؟!! إذا كل مرة بتسوي في رجالها إذا غلط عليها مثل ما سويتي فيني.. خربت الدنيا هذا وأنا اعتذرت لش يا لطيفة بدل المرة ألف.. بس يا سبحان الله مهوب كل إنسان يعطى على قد حبه
لطيفة انتفضت بوجل وهي تحتضن ذراعه وتسند خدها لعضده: تكفى مشعل ما تقول كذا.. والله العظيم إني أحبك.. مهوب أحبك بس إلا أحب التراب اللي تمشي عليه تكفى حبيبي تسامحني
مشعل شعر فعلا أنه عاجز عن الاحتمال.. فهو لا يريد اهانتها أو إذلالها.. ولكنه لا يستطيع أن يسامحها فورا بعد كل مافعلته به لذا خلص ذراعه من بين ذراعيها ببرود وارتدى غترته وخرج.. وهو يتنهد بعمق
بينما عادت لطيفة لتجلس على الأريكة وهي تشعر بحزن عميق غاية في العمق يرهق فؤادها
************************
قبل ذلك وقتا وتوقيتا واشنطن بيت يوسف مساء
باكينام ويوسف يدخلان البيت.. ويوسف يحاول حشد كل مهاراته التمثيلية الفاشلة قد يكون مريضا فعلا ومستنزفا من الحمى.. ولكنه يعلم أنه يعبر المرحلة الأخيرة في مرضه لأنه عانى حمى شديدة وانفولنزا ثقيلة الأيام الماضية
باكينام تسنده رغم أنه لا يحتاج من يسنده.. بل من هو في ضخامة جسده سيطحن رقة عظامها.. ولكنه وضع يده في يدها وهما يصعدان: هيكفيني أحس بيكي جنبي بلاش تسنديني أحسن أكسرك
باكينام انتفضت بوجل رقيق (ايه العيان الفايئ ده؟)
حين وصلا لغرفتهما ساعدته باكينام على خلع ملابسه.. وعلى لبس بيجامته كل ما بينهما يبدو كثيفا ومعقدا ومفعما بالمشاعر أناملها المرتعشة وهي تغلق أزرار بيجامته كفاه الساكنتان على كتفيها العين التي تناجي العين.. والروح التي تنادي الروح وإعصار مشاعر عاتٍ يدور في الغرفة يوشك على قلب كل شيء رأسا على عقب
همست باكينام بهدوء تخفي تحته ضغط مشاعرها: أنا هانزل أشوف ماريا عملت إيه للعشاء يادوب تصلي أنته العشاء يكون العشاء جاهز
يوسف همس بهدوء متعب لا يُعلم حقيقته من تمثيله: مش عاوز عشاء هاصلي وأنام
باكينام بحزم رقيق: عشان كده تعبان بئى لك كم يوم.. ازاي عيان ما يأكلش؟!!
يوسف ينفذ عن ذراعيه ليدخل الحمام وهو يهمس بصدق حقيقي هذه المرة: بجد ماليش نفس.. ماتشغليش نفسك يائلبي
قال (قلبي) بعفوية.. وتقبلتها هي بعفوية فكل واحد منهما يحمل للآخر مشاعر حب حقيقية غاية في العمق والاختلاف فعلاما المكابرة؟!! وحتى متى يستمر العقاب والعقاب المضاد؟!!
******************************
بيت محمد بن مشعل غرفة مشاعل وناصر قبل المغرب
مشاعل تدور في الغرفة متوترة نوعا .. يغتالها نوع الترقب وكثير من اللهفة
يُطرق عليها باب الغرفة.. تهمس بهدوء: تفضل
العنود دخلت وهي تبتسم: مشاعل أمي تسأل عنش.. ما نزلتي من عقب رجعتش من المدرسة.. لا تغديتي.. ولا نزلتي تقهوين معنا
مشاعل تبتسم: أنتي اللي غريبة اليوم متغدية ومتقهوية مع أمي بعد
العنود بابتسامة شاسعة: مزاجي رايق
العنود انتعشت بعد اعتذار فارس لها حتى وإن كان وفق شروطه وفي بيته ولكنه اعتذر لها بعمق وغمرها بدفء مشاعره التي استنزفها الاشتياق لها وهي تشعر الآن بسعادة حقيقية.. فهو لها ومشاعره لها.. وما تنتظره الآن أن يأتي لأخذها من بيت أهلها وأمامهم.. فهو اعتذر وهي قبلت الاعتذار حتى وإن كانت لم تخبره بذلك
ثم أردفت العنود بمودة: خليش مني أنتي وش أخبارش؟؟
مشاعل برقة: طيبة الحمدلله
العنود بابتسامة: يعني بتنزلين؟؟ أمي تحاتيش
ابتسمت مشاعل: قولي لها بأنزل فديت عينها
العنود نزلت .. ومشاعل فتحت حقيبتها لتستخرج علبة مستطيلة استخرجتها من فترة الظهر حتى الآن عشرين مرة وأعادتها لها عدة أيام ينتابها الشك..
متوترة متوترة متوترة تتمنى أن تكون حاملا تتمنى أن تهدي ناصرا هذه الفرحة وتخشى في ذات الوقت تحطم آمالها
تنهدت بعمق.. وهي تتناول علبة الاختبار بحزم وتدخل إلى الحمام
***************************
بيت جابر بن حمد بعد المغرب الصالة العلوية
حمد كان عائدا من صلاة المغرب وجد شقيقاته في الصالة العلوية يدرسن حينا ويتحدثن أحيانا سلّم عليهن ورددن السلام بابتهاج
همس لهن بمودة مصفاة: وين تبون تروحون بكرة
عالية وعلياء تبادلتا النظرات.. ومعالي همست بمرح: بصراحة يابو جابر ماخليت مكان في الدوحة يعتب عليك إنك ماوديتنا له جعلنا مانذوق حزنك يالغالي حنا نبي شيء ثاني؟؟
حمد بمودة: آمروني يالغوالي
معالي بابتسامة: نبيك تزوج
حمد ضحك: أمي وابي اتعبوا مني وكلوكم بالمهمة
معالي بجدية لا تتناسب مع شخصيتها: لا والله العظيم ماقالوا لنا شيء أصلا أمك بتزعل لو درت انه احنا كلمناك.. تقول البنات مايتكلمون في سوالف العرس.. تفكير عجايز أول
حمد يبتسم ويهمس بمرح: لا مهوب تفكير عجايز أول.. عيب عليكم.. اقصروا الحكي أو علمت أمي عليكم يا اللي ما تستحون ماعاد إلا هو.. بنات ويحكون في العرس.. وينش يا بنت مشعل تسمعين بناتش؟!!
علياء بخجل: تكفى فديتك مايصير عايش عزابي كذا.. حتى ربع ماعندك تطلع تسهر معهم..
حمد بمودة: زين ما تخافون أخذ وحدة تصك علي.. ولا عاد أوديكم ولا أجيبكم.. ووقت الدلع القصير يخلص بسرعة
عالية بخجل رقيق: لا ماحنا بخايفين.. لأنه لو جيت للحق أنت قبل ما تأخذ موضي ما عمرك عبرتنا..فما تغير علينا شيء والحين يوم تتزوج نتأمل إنك ما تتغير علينا
حمد احتضن عالية القريبة منه وهمس بحنان: إن شاء الله إن ربي قاله.. عمري ما أتغير عليكم إن شاء الله سواء ما عرست أبد.. أو خذت أربع نسوان حتى
معالي قفزت وهي تصرخ وتحتضن حمد وعالية: حضن.. حضن.. لازم تحضنوني معكم أموت في الأفلام الهندية وبعدين وش سالفة أربع نسوان؟؟ حنا قلنا لك أعرس وجب لنا مصيبة وحدة مهوب أربع مصايب
*****************************
بيت راكان بعد صلاة العشاء مباشرة
راكان عاد إلى بيته ليستبدل ملابسه من أجل عشاء فارس لمشعل لم يجد موضي
كان بوده أن يراها فهو غادرها قبل صلاة العصر وكانت تبدو متعبة بل كانت متعبة منذ عودتها من عملها لم يكن يريدها أن تذهب للعمل اليوم ولكنها رفضت أن تتغيب ليومين متتاليين
في طريق عودتهما من العمل كانت طوال الطريق تسند رأسها للمقعد بشكل مائل وهي تشعر بألم متزايد في معدتها.. خليط من الجوع والغثيان فهي لم تتناول أي طعام حتى لا تتقيأ في العمل
همس لها راكان بهدوء حان: موضي
موضي انتفضت بتلقائية وصوت راكان يأخذها عن إحساسها بالألم: لبيه
همس راكان بحنان رجولي عميق: خلينا نروح المستشفى موضي
موضي بضعف: أنا قلت لك عطني يومين بس راكان.. لو ما تحسنت بأروح
راكان تنهد ثم همس بحزم: هذا كان أمس..
ابتسمت موضي بشفافية: عاد عندي لين بكرة
راكان بشجن: أنا أبي أتطمن عليش يا موضي.. حرام عليش اللي تسوينه في نفسش وفيني وكل يوم حالش أشين من اللي قبله..
موضي أعادت رأسها لتسنده للزجاج وتهمس بعمق: بكرة ياراكان.. بكرة
وها هو اتصل بها من بعد العصر حتى قبل صلاة العشاء عدة مرات ليطمئن عن وضعها الذي بات يمثل رعبا متواصلا له..
لم يكن فعليا يحتاج لتبديل ملابسه.. فملابسه أرتداها لصلاة العصر ولكن ربما كانت مجرد حجة ليطمئن عليها وهاهو لم يجدها أيضا..
اتصل بها جاءه صوتها المرهق: هلا راكان
تنهد بعمق وهو يحاول تجاوز اهتزاز أوتار قلبه من ضعف صوتها البادي.. ثم همس بحزم: وينش؟؟ أنا في البيت
همست وهي تعتدل جالسة عن فخذ والدتها حيث كانت تضع رأسها: عند أمي قلت لك اليوم وأنت طالع لصلاة العصر تبي شيء؟!! تبيني أجي؟!!
كان بوده أن يقول لها: (إيه تعالي.. أبي أشوف عيونش بس) لكنه همس بهدوء: لا خلش عند الوالدة وسلمي لي عليها أنا يمكن أتأخر شوي على العشاء
موضي باحترام عميق: براحتك.. أنا بأرجع للبيت بعد العشاء على طول
موضي أغلقت هاتفها.. احتضنته بعفوية .. وعادت لتضع رأسها على فخذ والدتها التي تجلس على طرف الأريكة أم مشعل كانت تمسح على شعر موضي بحنان.. ثم همست لريم التي كانت تحل واجباتها عندهما وهي تنثر كتبها على امتداد الصالة: الرويم قومي لغرفتش يأمش
ريم بتأفف: يمه..فديتش
أم مشعل قاطعتها بحزم: قلت قومي.. لا تراديني
موضي بهمس متعب: خليها يمه تقعد
أم مشعل بذات الحزم: أنا قلت تقوم لغرفتها تقوم.. ما أبيكم ثنتينكم ترادوني
ريم نهضت وهي تتأفف وتجمع كتبها (بتحلطم) ثم هتفت بصوت عالٍ وهي تقف في منتصف الدرج: إذا خلصتي السالفة اللي تبين تقولينها لموضي وعيب أسمعها.. ادعيني فيه واجب أبي موضي تساعدني فيه قبل تروح لبيتها
موضي ابتسمت وهي ترفع عينيها لأمها: صدق يمه عندش سر تبين تقولينه لي وإلا هذي تأليفة من الرويم الدعلة؟؟
ابتسمت أم مشعل: مافيه دعلة غيرش.. وظنش الناس كلهم مثلهم
موضي ضحكت رغم إرهاقها الواضح: أفا.. تسبيني يأم مشعل؟!!
أم مشعل بحنان مباشر: أي شهر؟؟
شهقت موضي وهي تجلس وتهمس بحرج وعيناها في حضنها: شهر وشو يمه؟؟
أم مشعل قرصت خد موضي بحنان غامر: أنا صار لي تقريبا شهر وأنا طايرة فوق السحاب يعني من قبل ألاحظ الوحم اللي أنتي داسته حتى.. بس كنت أنتظر تفرحيني أنتي؟؟
موضي صمتت بخجل حاد ووهي تشعر بحرج عميق من والدتها
همست أم مشعل بحنان: يأمش أنا ما أتشره عليش.. أنا كنت أبي أسمعها منش بس
موضي بخجل: والله العظيم توني دريت من 3 أسابيع.. واستحيت يمه
أم مشعل بحنان: تستحين مني يأمش؟!!
موضي أبعدت عينيها عن مدى رؤية والدتها حتى تخفي لمعان الدموع في عينيها وحتى لا تقرأ والدتها في هاتين العينين سبب إخفائها خبر حملها: الموقف كله غريب علي بس فديت عينش
والدتها ابتسمت: يعني غريب علي ومهوب غريب على راكان يا مويضي
موضي بحزن: أنا حتى راكان ما قلت له
أم مشعل بهمس غاضب عاتب: لا يأمش ما يصير تدسين على راكان وبعدين ماله عيون يشوف ذا الوحم... هذا وأنتي تدسينه وواضح أجل لو ما تدسينه.. أشلون؟!!
صمتت موضي وحزن عميق يخترم روحها.. ماذا تقول لوالدتها؟!! ماذا تقول لها؟!!
***********************
انتهى عشاء فارس في وقت متأخر نوعا ما فالعشاء لم يكن عشاء اعتياديا بل كان عشاء كبيرا فخما حضره عشرات المعازيم الجميع كان مستغربا من كون العشاء لمشعل وبهذه الضخامة ودون مناسبة ففارس لم يخبر أحدا بحكاية السيارة المحترقة وحالة الرعب التي عاشها
الجميع عادوا لبيوتهم
ليلة جديدة تحمل من المفاجآت الكثير
بيت مشعل بن محمد
مشعل يتنهد بعمق وهو يدخل لبيته ويحشد في قلبه عشرات الدعوات أن يتجلد أمام لطيفة قرر أن ينام فور انتهاءه من صلاة القيام حتى لا يعطيها أي مجال للحديث
ولكن إن كان هو يخطط.. فلطيفة كذلك تخطط حين دخل.. كانت رائحة بخور وزيوت عطرية قوية تفوح من الغرفة مفرش جديد بالغ الفخامة على السرير قد تكون لطيفة بطبيعتها شديدة الاهتمام بهذه الأمور.. تحب البخور كثيرا وكثيرا ما تغير مفرش السرير كل أسبوع تقريبا.. وأحيانا مرتان في الأسبوع ولكن اليوم مختلف.. مختلف تماما أو ربما هو إحساسه من أوحى له بهذا..!!
ولكنه حين رأى لطيفة تخرج من الحمام وهي تجفف يديها وتهمس برقة: "جاي من زمان حبيبي؟؟" تأكد أن اليوم مختلف بل غاية في الاختلاف
فلطيفة كانت فتنة متحركة قد تشكل خطرا قوميا في قميص نومها البحري
مشعل تجاوزها وهو يهمس ببرود كان يحترق تحته حتى آخر ذرة: دامش شفتيني قدامش.. أكيد جيت
دخل للحمام يتوضأ خرج وصلى دون أن يلتفت لها ثم تمدد على سريره الذي كان غارقا في رائحة العطور
ولكن لطيفة لم تتركه في حاله وهي تتمدد جواره أعطاها ظهره وهو يقول ببرود بارع: طفي الليت.. بأنام..
لطيفة اقتربت أكثر
مشعل التبس والتمس (اللهم طولك ياروح يالله ياكريم لا تفشلني .. لا تفشلني)
لطيفة اقتربت منه أكثر وهي تضع كفها على عضده وتهمس في أذنه برقة مدروسة شعر بها تذيب عظامه لتصل إلى عمق النخاع وهو يتنفس رائحة عطرها الموجع ويشعر بنعومة جسدها المستحيل: حبيبي مشعل قلت لك آسفة بشكل مباشر.. وقلتها بشكل غير مباشر لا تصير قاسي كذا والله ما يهون علي زعلك.. تكفى حبيبي تكفى
مشعل أزاح يدها عن عضده بيده الأخرى.. وهو يهمس بذات النبرة الباردة: لطيفة بعدي عني.. ما أقدر أنام وأنتي لازقة فيني كذا
لطيفة انسحبت بخفة ولكن قبل أن تنسحب نهائيا.. طبعت قبلة رقيقة على صدغه ثم نقلت شفتيها لأذنه وهمست: أحــبــك
****************************
بيت محمد بن مشعل غرفة مشاعل وناصر
يبدو أن الليلة ليلة خطط بنات عبدالله بن مشعل مشاعل أيضا لديها ليلة مفعمة بالاختلاف.. ليلة لن تتكرر فهذا الخبر حين يكون في مرته الأولى يكون له أفق فرحة لا حدود لها
ناصر دخل ابتسم حين رأى مشاعل وهمس: وش ذا الزين؟؟ مشاعل كانت غاية في التأنق والألق وهي ترتدي فستانا قصيرا وضيقا باللونين الأحمر والذهبي
مشاعل تقف وهي تأخذ غترته منه وتهمس بعذوبة: يا النصاب يعني أنا ما أتزين لك كل ليلة!!
ناصر باعجاب وهو يمسك بكف مشاعل ويديرها ليراها من كل الاتجاهات: بلى يا قلبي.. بس الليلة حلاش زايد
همست مشاعل بخجل: أبيك تشوف رشاقتي دامني رشيقة
ناصر تناول كفها وقبلها وهمس بابتسامة: أنتي على طول رشيقة
مشاعل تنهدت ( مافهم التلميح الأول... نتتقل للثاني)
ناصر توجه للأريكة وجلس وهو يشير للمكان المجاور له حتى تجلس جواره مشاعل توجهت له وجلست جواره وناصر همس بعمق ووله: جد يا قلبي حلاش الليلة غير طبيعي.. ماشاء الله تبارك الله خايف عليش من عيني
مشاعل بخجل: خلك من حلاي ومن مجاملاتك الواجدة.. كنت أبي أسألك عن شيء
ناصر بمودة: آمريني يا قلب ناصر
مشاعل بنبرة خاصة: مهوب أمر مجرد سؤال الحين الجليلة ممكن تجيب مهر صغير.. عشان أنا أبي لي مهر صغير بس من نوع طيب
ناصر باستنكار: بعيد الشر عنها ثم أردف بابتسامة: الجليلة عادها بعزها.. اللي مثلها ما تخلا تحمل الحين.. إذا كبرت شوي وماعاد تنفع للسباقات.. ممكن تحمل بس..ووش تبين بالمهر يعني؟؟
مشاعل بنفس النبرة الخاصة: زين إذا أبي مهر أصيل وطيب عروق... من وين نجيبه؟؟
ناصر يبتسم: أما أنتي الليلة غريبة على ذا الأسئلة.. اسمعيني يا قلبي.. ترا طِيب الحلال إن كان خيل وإلا أبل وإلا غنم.. تعتمد في الأول على الفحل إن كان الفحل طيب.. طاب نسله.. وإن كان الفحل طيب والأم طيبة.. إن شاء الله يجي النسل من أطيب ما يكون.. (الطيب هنا بمعنى الجودة)
بس لحد الحين ما فهمت وش تبين بالمهر الأصيل الطيب؟؟
مشاعل ابتسمت وهي تهمس بخفوت وتنغم جملتها ببطء كلمة كلمة: يعني أنت تكون عندك فرس طيبة.. وولدك مايصير عنده مهر طيب؟!! أبيه فارس مثل ابيه
***************************
قسم راكان
موضي لم يكن لديها أي مخططات على عكس شقيقتيها لأن راكان دخل عليها ووجدها في الحمام تتقيأ ولأن البيت كان خاليا والغثيان داهمها فهي تركت الباب مفتوحا فُجع راكان وهو يراها تجلس على فوطة على أرضية الحمام وتتقيأ في المرحاض ويبدو أنه مضى عليها وقت طويل وهي على هذا الحال فوجئت موضي بيد قوية تطبق على عضدها وهمسه الحازم: قومي الحين نروح للمستشفى
موضي كان وجهها محمرا وعيناها محمرتان لكثرة ماتقيأت همست بصوت مختنق.. فهي كانت متعبة حقا: تكفى راكان خلني.. المستشفى ما يقدرون يسوون لي شيء
راكان شعر بالجزع وجملتها تخترق روحه اختراقا متوحشا.. همس برعب: أشلون مايقدرون يسوون لش شيء موضي أنتي وش داسة علي؟!!
موضي تحاول أن تقف .. تشعر بالدوار..وتكاد أن تسقط.. فيحتضنها راكان بقوة لم يسندها.. ولكن احتضنها .. احتضنها بكل قوته..بكل شغفه بها وخوفه عليها ماعاد به طاقة للاحتمال.. يشعر كما لو كان على وشك أن يفقدها..
يــفـــقـــدها؟؟!! يستحيل.. يستحيل كيف يفقدها؟!! سيفقد روحه معها!!
موضي همست بضعف ورأسها مختف في عضلات صدره: راكان تكفى هدني.. خلني أتسبح.. ريحتي خايسة كل يوم وأنا أتحلم بحضنك.. ما تحضني إلا وأنا كذا
همس لها راكان بكل وجع العالم ورجولته: موضي لا تخليني.. لا تخليني لا تخليني عقب ما لقيتش
لأول مرة في حياته يشعر بهذا الضعف.. وهذا الاحتياج..!! معها يتجرد من الجبروت والقيود ليتحول مخلوقا صافي المشاعر.. يعبر عن خوفه وولعه وواحتياجه
موضي باستغراب متوجع: وين بأخليك؟؟ أخاف أنت اللي تخليني
راكان بدهشة أعظم: أنا اللي وين أخليش؟؟ وأشلون أخليش؟؟
موضي تخلصت من حضنه بلطف وهمست بعمق: راكان خلني أتسبح الحين عشر دقايق وأجيك.. وأقول لك كل شيء
راكان توجه لينتظرها جالسا على السرير.. بينما عادت هي للحمام شعر أن العشر دقائق مرت عليه عشر سنوات فقلقه ورعبه يتصاعد أن تكون مريضة بمرض خطير تخفيه عنه
موضي أنهت استحمامها خرجت ملتفة بفوطتها وروبها.. والتعب بادٍ تماما على وجهها
قفز راكان واقفا وهو يمد يده لها فور أن رآها موضي وضعت كفها في كفه المحتوية وكأنها تستمد القوة من قوته
راكان احتضن كفها بحنو وهو يقول لها بحزم حنون: شوفي سالفة القولون الملتهب خلاص ما تدخل مخي قولي لي وش فيش.. ولا تدسين شيء علي
موضي أنزلت عينيها للاسفل وسالت دموعها بصمت راكان بجزع حقيقي وقلبه يتمزق شظايا متناثرة: ودموع بعد؟!! والله إن السالفة كايدة
موضي بضعف: راكان يمكن تستغرب بس أنا مبسوطة.. مبسوطة فوق ما تخيل.. سعيدة سعادة عمري ماعشتها
راكان بدهشة عميقة: مبسوطة وأنتي مريضة وتبكين؟!!
موضي بصوت مستنزف من الإرهاق: اسمعني راكان أدري إنه يمكن كان عندك مخططات تبي تسويها في حياتك بعيد عني وفي قلبك حبيبة يمكن باقي لها مكان فيه وأنا ما أقدر أمنعك من أي شيء تبي تسويه بس تكفى راكان تكفى... حتى لو ماكنت مبسوط بالخبر بيّن إنك مبسوط عشاني.. لا تكسر فرحتي
راكان بتوجس عميق: أي خبر؟!!
موضي بتوتر وترقب رقيقين وهي تدعك أناملها بحدة: أنـــــا حـــــامــــــــل !!!
#أنفاس_قطر# . . .
| |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 7:22 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباح متجدد منعش ومتألق كألقكم اليوم أريد أن أرحب ترحيب خاص جدا بكل المنظمات الجدد للرواية والمشتركات من أجل الرواية منذ بدايتها وحتى الآن وبطلات التعليق الأول والوحيد أحيانا بعض التعليقات طوال مسار الرواية كانت أشبه بقطع أدبية ثمينة أشعرتني بالفعل بالخجل الكثير من الخجل أتمنى بالفعل أنني كنت عند حسن ظنكم الغالي . . نتوقف عند بعض التساؤلات التي قد بعضها تأخر ردي عليه كم يوم أرجو العذر فعلا . هل مريم تدرس طلاب بعمر فهد؟؟ أعتقد إذا لم أكن مخطئة.. أن معهد النور يدرس به الطلاب حتى ما يوازي الصف السادس الابتدائي يعني عمر قريب من عمر فهد . هناك من تظن أن سلطان هو شقيق فارس فلماذا لا يسكن معهم سلطان ابن عم فارس وأخوه بالرضاعة أم مشعل زوجة عبدالله هي من أرضعت فارس . ساعة باتيك فيليب التي أحدثت فوضى الغنى؟؟ حين قالت موضي لراكان: هل هناك صديق سيهديك ساعة عُرفت أنها ساعة الملوك؟ في هذا معلومة طريفة قد تسليكم ساعة باتيك ليس المقصود أنها ساعة بالملايين..إطلاقا هي ساعة ثمينة جدا لكن في حدود المعقول ولكن ميزتها الكبرى أنها كانت لتصميمها الرسمي طراز مفضل لعدد من الأمراء والملوك كان أول وأشهر مستخدميها الملكة فكتوريا ممن لبسها الملك فهد رحمة الله عليه والملك حسين رحمة الله عليه والأمير شارلز ولي عهد بريطانيا ملك وملكة الدنمارك وغيرهم لذا عُرفت بساعة الملوك وبس . . والآن استلموا . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . .
أسى الهجران/ الجزء المئة وأربعة
موضي أنهت استحمامها خرجت ملتفة بفوطتها وروبها.. والتعب بادٍ تماما على وجهها
قفز راكان واقفا وهو يمد يده لها فور أن رآها موضي وضعت كفها في كفه المحتوية وكأنها تستمد القوة من قوته
راكان احتضن كفها بحنو وهو يقول لها بحزم حنون: شوفي سالفة القولون الملتهب خلاص ما تدخل مخي قولي لي وش فيش.. ولا تدسين شيء علي
موضي أنزلت عينيها للاسفل وسالت دموعها بصمت راكان بجزع حقيقي وقلبه يتمزق شظايا متناثرة: ودموع بعد؟!! والله إن السالفة كايدة
موضي بضعف: راكان يمكن تستغرب بس أنا مبسوطة.. مبسوطة فوق ما تخيل.. سعيدة سعادة عمري ماعشتها
راكان بدهشة عميقة: مبسوطة وأنتي مريضة وتبكين؟!!
موضي بصوت مستنزف من الإرهاق: اسمعني راكان أدري إنه يمكن كان عندك مخططات تبي تسويها في حياتك بعيد عني وفي قلبك حبيبة يمكن باقي لها مكان فيه وأنا ما أقدر أمنعك من أي شيء تبي تسويه بس تكفى راكان تكفى... حتى لو ماكنت مبسوط بالخبر بيّن إنك مبسوط عشاني.. لا تكسر فرحتي
راكان بتوجس: أي خبر؟!!
موضي بتوتر وترقب رقيقين وهي تدعك أناملها بحدة: أنـــــا حـــــامــــــــل !!!
راكان قطب جبينه وهو يركز في تفاصيل وجهها المتعب اعتقد إنه ربما سمع خطأ.. هل يعقل ما سمعه؟!! هل يعقل؟!! لم يتخيل أن كل هذا الكم المهول من السعادة كان يخبئه له الله عز وجل!!
حلم كثيرا بشيء غامض وعميق سيربطه يوما بموضي رباط أزلي أبدي لم يعلم ماهو هذا الشيء.. تمناه بكل الوجع.. وتمنى أن يحدث هذا الشيء وبسرعة فما عاد به طاقة للاحتمال ولكن لم يخطر له أن يكون هذا الشيء بهذه الروعة طفل!! طفل!!
راكان شعر بثقل في لسانه.. يخشى أن يكون الخبر مجرد خطأ بالسماع.. همس ببطء موجوع: عيدي موضي اللي قلتيه
موضي شعرت بالاختناق: تكفى راكان أنا مبسوطة إني بأصير أم لولدك.. لا تكسر فرحتي.. هذي نعمة من رب العالمين
حـــيـــنــــهـــا أشرق وجه راكان.. أشرق بشكل ثوري.. جـــذري.. غير مسبوق كان وجهه كشمس بزغت بعد طول غياب برزت من خلف سحابات سوداء طال مقامها همس بسعادة حقيقية ونبرة موجعة مثقلة بالرجاء: أنتي اللي لا تكسرين فرحتي متأكدة موضي إنش حامل؟؟.. تكفين لا تمنيني وأنتي منتي بمتأكدة
ابتسمت موضي وسعادة مختلفة عميقة متجذرة تتسلل لروحها: متأكدة إن شاء الله أصلا خلاص بأدخل الشهر الثالث
حــيــنــهـــا احتضن راكان وجهها بين كفيه باحتواء حانٍ وهو يغمر وجهها بعشرات القبلات العميقة الدافئة ويهمس بين كل قبلة والأخرى بسعادة وعمق متجذرين حتى أقصى مساحات الأفق: أحبش.. والله العظيم أحبش واللي خلقش وخلقني أحبش
موضي كانت تشهق بعنف حاد على إثر كل كلمة يقولها.. وأحرف كلمة (أحبك) تنسف روحها نسفا.. وتبعثر مشاعرها المستنزفة ضغطا وأملا لم تصدق إنها تسمع كلمة (أحبك) من راكان الكلمة التي حلمت بها وتمنتها وكانت تظنها بعيدة المنال كنجمة معلقة في السماء لذا انهارت باكية في حضنه وهي تهمس بين شهقاتها: تكفى راكان ما تكون تجاملني عشان أنا حامل وتعبانة.. أنا ما تمنيت شيء في حياتي قد ما تمنيت حبك
راكان احتضنها بقوة حانية وكأنه يخشى أن يؤلمها.... أو يؤذي طفله.. "طــفــلــه!!".. يا الله!! يالا جمال هذه الكلمة!! "طفل ووالدته موضي!!"
أزال الفوطة عن شعرها وهو يطبع قبلاته على شعرها المبلول ويهمس بعمق رجولي موجع.. عمق بعمر قرون وقرون: الحب كله لش يا موضي.. أول وتالي
موضي رفعت رأسها عن كتفه الذي تبلل من شعرها وهي تتتساءل بوجع: وحبيبتك؟؟
راكان مد يده لجيبه وتناول قلما.. ثم فتح كفها وكتب فيه رقما وهمس بعمق: شايفة الخزنة اللي في الزواية.. هذا رقمها لها أكثر من أربع سنين ما انفتحت.. بالتحديد يوم ملكتش من حمد سكرتها ولا عاد فتحتها كانت في غرفتي القديمة.. ويوم كلمني ناصر يبي الغرفة كانت هي الشيء الوحيد اللي وصيت إنه ينحط في غرفتي الجديدة افتحيها.. وشوفي اللي فيها وأنا بأروح أصلي قيامي في الصالة.. ثم بأنتظرش لأنه يمكن تطولين شوي بس باتناش مهما طولتي أنا الظاهر كنت أنتظرش عمري كله فما يضر انتظرش ذا الشوي.. ولو أني خلاص ماعاد فيني صبر
راكان خرج وأغلق الباب خلفه وموضي توجهت بخطوات وجلة مترددة ثقيلة إلى الخزنة.. أي سر تخفي قبع داخلها لأكثر من أربع سنوات؟!!
فتحت كفها وهي تدخل الرقم لخانات الرقم السري بأنامل مرتعشة فتحتها كان يقبع بداخلها دفتر جلدي أسود بالغ الفخامة يشبه راكان في غموضه وفخامته.. كان مظهره وظاهره كمظهر راكان وظاهره.. فهل سيكشف داخل الدفتر عن دواخل راكان؟!!
موضي تناولته بيد مرتعشة جلست على الأرض بقرب الخزنة.. فما بها جَلد للتحرك فتحته بيد أكثر ارتعاشا كان ديوان شعر بخط راكان الفخم.. بعضها له تاريخ محدد وبعضها الآخر لا.. القصائد الأولى تعود لحوالي أحد عشر عاما مضت مازالت موضي لم تستوعب تماما مقصد راكان من طلبه منها أن تفتح الخزنة لتجد هذا الديوان
بدأت القراءة بارتعاش أكثر.. القصيدة الأولى كانت قصيدة رقيقة بمشاعر شابة وثابة يشتكي فيها حرمانه من رؤية حبيبته بعد تغطيتها لوجهها شعرت بألم عميق.. خوف وتوجس.. هي غطت وجهها قبل أحد عشر عاما.. هل هي مجرد مفارقة عفوية؟!!.. شعرت أن ألم قلبها يتزايد ويتزايد مع انثيال القصائد بمشاعرها العميقة
اسمها الصريح لم يرد حتى وصلت للقصيدة الثامنة.. ليتكرر بعدها في كل قصيدة تقريبا حين قرأت اسمها ظنت أنها تتخيل.. وأن هذا مجرد خداع بصري شكّلته رغباتها هي ولكن اسمها تكرر وتكرر في تأكيد فريد لما قاله (إنها كانت كل الحب أولا وأخيرا) حتى وصلت القصيدة الأخيرة وهي تشعر أنها تكاد تفقد وعيها لفرط الانفعال:
يا أغلى من الروح..لا والله من الدنيا!! يا أغلى من الشوف..إلا يانظر عيني!!
تدرين يا موضي هواك الساكن بقلبي.. لكن ظروفي ماخلت شي بيديني!!
ودي أحطك في صدري يابعد حالي.. وأسكر الصدر وتلمك شراييني
لا تحسبني ماحبك يوم خليتك.. بديت قدرك على اللي باقي فيني!!
القلب بعدك قفلته وضاع مفتاحه!! وأشوف روحي تغادرني وتخليني
يحرم علي ذكراك بعد اليوم يا موضي روحي تهني وأنا خلي مع طعوني
كانت تشهق بعنف وهي تتذوق طعم حزنه في القصيدة شعرت بعمق آلمه... وكأنه يبكي فيها مشاعره التي سكبها بين جنبات هذا الديوان طوال سبع سنوات وهو يودع الديوان ومن كُتب لها الديوان!!
ماعادت تحتمل ضغط كل هذه المشاعر (أ يعقل؟؟ أ يعقل ؟؟ كنت أنا منذ البداية؟؟ أنا؟؟ كيف لم أعلم؟؟ ولم أشعر؟؟ أ يكون يحبني كل هذا الحب ومنذ ذلك الوقت؟!! راكان بكل روعته ورجولته يحبني أنا؟!! أنا؟!! أنــــا؟!! أنــــــا؟!!)
موضي انهارت تماما.. فكل هذا كان كثيرا عليها.. كثيرا جدا.. انخرطت في بكاء موجع.. موجع حتى النخاع!! بكت عذابها الذي طال لسنوات بكت فرحا لحياتها المقبلة بكت ألما من أجل راكان بكت كل شيء.. وكأنها تريد توديع البكاء!!
راكان في الصالة أنهى قيامه وجلس ينتظرها ولكنها أطالت عليه.. أطالت كثيرا لذا توجه للداخل.. فتح الباب بخفة فُجع وهو يراها جالسة على الأرض بقرب الخزنة ومنخرطة في بكاء خافت ولكن عميق الشهقات.. كانت تبدو منهارة تماما توجه ناحيتها وهو يرفعها بخفة ويهمس بحنان: حبيبتي لا تجلسين على الأرض.. مهوب زين لش
قال (حـبـيـبـتـي)... يستطيع الآن أن يقولها بكل حرية فهي حبيبته.. وحبيبته.. وحــبــيــبــتــه بل هي أصبحت أقرب له كل شيء تنبض في روحه وتنتشر في كل خلاياه إن كان أحبها في صباه وهي مجرد خيال لا يعرفه حقا فهاهو اليوم يحبها بكل مافيها شكلا ومضمونا ربما لو كان رسم في خياله نموذجا للزوجة الحلم التي يتمناها.. فإن موضي في عينيه تجاوزت كل أحلامه ونماذجه
موضي ارتمت في حضنه بدون أي حاجز لأول مرة لا خوف.. ولا تردد.. ولا ترهات نقص.. ولا شبح حبيبة مجهولة احتضنها بكل قوته.. بكل حنانه الاحتضان الذي يمثل شخصيته تماما: القوة والحنان
كانت تهمس بعمق موجع ورأسها يسكن بين أضلاعه: أحبك راكان.. والله العظيم أحبك قبلك ما عرفت للحب لون ولا معنى ليش خلتيني لحمد.. ليش؟؟ أنا كنت أعرف بزواجك وكان يشرفني أكون مرتك
راكان يمسح على شعرها ويهمس بعمق حنون: هذا اللي الله كتبه وخلاص انسي كل اللي فات ونبدأ من جديد أنا بس يهمني أكون الأول هنا (قالها وهو يضع كفه على الناحية اليسرى من صدرها) يا ترى أنا الأول؟؟
موضي تشدد احتضانها لخصره وهي تطبع قبلاتها على صدره حيث يصل رأسها وتهمس بكل عمق الكون: إيه والله الأول.. وربي إنك الأول.. ولا غيرك أول
*****************************
قبل ذلك بوقت بيت محمد بن مشعل غرفة مشاعل وناصر
الحوار مستمر بين مشاعل وناصر
مشاعل ابتسمت وهي تهمس بخفوت وتنغم جملتها ببطء كلمة كلمة: يعني أنت تكون عندك فرس طيبة.. وولدك مايصير عنده مهر طيب؟!! أبيه فارس مثل ابيه
ناصر شعر تماما مثلما لو كان سُكب على وجهه ماء مثلج بشكل مباشر ومفاجئ شهق بعنف: تكلمين جد؟؟ وإلا تلعبين علي؟!!
مشاعل أدارت جسمها ناحيته بشكل كامل وهي تهمس بجزع: بسم الله عليك يا قلبي.. تنفس.. تنفس.. خذ نفس
ناصر مد يديه ليمسك عضديها بقوة وهو يهمس بترقب موجع غريب: خليش مني... خليني أولي أنتي حامل صدق؟!!
مشاعل تبتسم وهي تهمس بمرح رقيق: أشلون أخليك تولي.. ما يصير تبي ولدي يجي ومايلاقي ابيه
حينها قفز ناصر وهو يصرخ بفرح مجنون: يعني حامل صدق.. صدق وأنا باصير أب.. أنا أب أنا؟!!
مشاعل بخجل وهي تشده لتجلسه: بس ناصر بتقوم البيت كله اللي يشوف صياحك يقول لنا أربع سنين متزوجين وماجبنا عيال ترا مالنا إلا أربع شهور متزوجين
ناصر يعاود الوقوف والصراخ: خليني أعبر عن فرحتي.. لا تجيني سكتة.. قلب ناصر حامل.. وبتجيب ولد لي.. وما تبين أصيح بعد؟! زين ما أروح أطلع برج إسباير في ذا الليل وأصيح فوق رأسه لين ينتفخ رأسي أنا بأصير أب أنا بأصير أب أنا بأصير أب
مشاعل بخجل عميق: تكفى ناصر اقعد.. غرفتنا ملاصقة لغرفة عمي.. لا تقومه من نومه
ناصر يعاود الجلوس ليحتضنها بكل قوته ويهمس في أذنها: خله يقوم عشان أبشره أصلا أنا هو راجعين من عشاء فارس سوا.. مابعد رقد
وبالفعل لم ينهِ جملته حتى كان هاتفه يرن.. كان والده من يتصل رد ناصر بابتسامة شاسعة: حيا الله ابو مشعل
أبو مشعل بغضب: أنت يالمفلوج وش ذا الصياح اللي عندك؟!! ماتعرف السحا أنت؟!!
ناصر بابتسامة و(عيارة): يبه يوم أمي بشرتك بحمالها بمشعل وش سويت؟؟
أبو مشعل يبتسم ابتسامة شاسعة وهو يتفهم مقصد ناصر: طلعت أصيح أدور أمي أبغي أبشرها لبّني جدك مشعل بعصاه
ناصر يضحك: زين تعال لِبّني بالعصا
أبو مشعل بشجن وسعادة عميقين: مبروك يا أبيك.. مبروك.. الله يتمه على خير
أم مشعل التفتت لزوجها بترقب وتوجس: على ويش تبارك له؟؟
أبو مشعل بابتسامة ودودة: أبشرش مشاعل حامل..
أم مشعل قفزت: صدق.. صدق
كانت تريد الخروج.. همس لها أبو مشعل بحزم: وين رايحة؟؟
أم مشعل باستعجال وهي لا تستطيع كتم فرحتها: باروح أشوفها
أبو مشعل بذات الحزم: اقعدي يامره.. من أصبح أفلح
أم مشعل بلهفة: مافيني صبر
أبو مشعل يبتسم بحنان: مايصير يأم مشعل حن أخر الليل
أم مشعل تعاود الجلوس وتهمس بشجن: يالله ياكريم لا تحرمني شوفت عيالهم كلهم ناصر وراكان والعنود ومريم
******************************
واشنطن بيت يوسف الليلة الأولى التي يقضيها يوسف في بيته
باكينام نزلت للأسفل.. كانت من أعدت العشاء بنفسها.. لأول مرة تفعلها.. تشعر بإحساس الزوجة الفعلي ومسؤولياتها الأسرية
ولكنها حين أخذت عشاءه للأعلى.. كان قد صلى ونام بالفعل
شعرت باكينام بالأسى.. فهو لم يأكل شيئا.. ولكنه كان مستغرقا تماما في النوم.. لذا لم ترد أن تكدر عليه نومه
تركت الطعام مغطى على طاولة في الزاوية.. أبدلت ملابسها وارتدت بيجامتها.. ثم صلت أحضرت لها مقعدا.. ثم أحضرت كتابها لتدرس.. فالامتحانات أصبحت قريبة جدا وضعت المقعد قريبا منه.. وجلست مضى عليها وقت وهي تدرس.. ثم نامت وهي جالسة
بعد منتصف الليل بوقت كان يوسف يفتح عينيه.. رآها تجلس أمامه نظر لها بشجن عميق وهو يتمعن في ملامحها المسترخية برقتها ثم همس لها بمودة: باكينام.. باكينام
باكينام فتحت عينيها بكسل وهتفت برقة: أيوه يوسف.. تتعشى؟؟
يوسف بشجن حنون: ليه نايمة كده؟؟
باكينام بصدق شفاف: كنت بادرس.. وخفت تحتاج حاجة..
يوسف يتراجع قليلا للوراء وهو مازال متمددا: تدرسي ماشي.. بس تنامي كده لأ
ثم همس برجاء عميق وهو يشير للمكان الذي انزاح عنه: تعالي نامي جنبي
باكينام وقفت بعفوية وهي تستجيب له بدون عناد لأول مرة منذ زواجهما تعبت من العناد.. تعبت حقا أ ليس لها حق في السعادة؟!! ومع الرجل الوحيد الذي أحبته وتحبه وستحبه؟!
باكينام تمددت جواره وعلى ذراعه.. يوسف احتضنها بكل الوجع والقوة وهو يهمس في أذنها بكل ألم: وحشتيني يائلبي.. وحشتيني مش كفاية هجر ؟!!
باكينام لم ترد عليه ولكنها تناولت ذراعه التي تغفو على خصرها واحتضنتها قريبا من صدرها وسالت دموعها بصمت!!
****************************
صباح اليوم التالي
بيت سعد بن فيصل الصباح الباكر
مريم تجلس أمام التسريحة تبحث عن مشطها لتمشط شعرها لم تجده.. تحسست طويلا ولم تجده
سعد كان يغتسل في الحمام.. انتظرته حتى خرج ثم همست بهدوء: سعد شفت مشطي؟؟
سعد يجفف يديه ويهمس بهدوء: دقيقة باجيبه لش موجود على الطاولة اللي ناحيتي
مريم بهدوء: وممكن أعرف وش اللي وداه هناك؟؟
سعد يبتسم: آسف البارحة خذته حسبته مشطي وعقبه خليته هناك
مريم بعتب: سعد أنت تعرف ذا التفاصيل الصغيرة توترتي.. إذا مالقيت أشيائي الخاصة في مكانها أتوتر..
سعد يحضر المشط ويتوجه ناحيتها.. وضع يديه على كتفيها وقبّل رأسها من الخلف وهمس بحنان: آسف حبيبتي خلاص.. آخر مرة.. سماح ذا المرة
مريم تناولت المشط الذي وضعه في يدها وابتسمت: آخر مرة
سعد يتوجه للدولاب لتناول ملابسه ويهمس بهدوء: فهيدان ذا الأيام أشوفه عاقل.. وش اللي صاير؟!!
مريم تبتسم وهي تمشط شعرها: اللي صاير إنك كنت معطيني معلومات غلط عنه وفهد ماشاء الله عليه عاقل ومؤدب ويسمع الكلام
سعد يرتدي ثيابه ويضحك: أنتي متأكدة إنش تكلمين عن فهد ولدي مهوب حد ثاني لا تكونين متسلفة ولد الجيران؟!!
مريم بمودة: شوف سعد.. لازم تبين إنك مبسوط فيه.. وتشجعه على التغيير لأنه التغيير صعب عليه ولازم له مساندة قوية
سعد يبتسم: قولي إن فيها مخططات.. حاضر عمتي.. إن شاء الله
****************************
قسم راكان الصباح الباكر
راكان يصحو من نومه على صوت منبهه لم ينم هو وموضي إلا بعد أن صليا الفجر ولم ينم إلا أقل من ساعتين ينظر إليها بشجن ووله كبيرين وهي تتمدد جواره ابتسم بعمق وشفافية.. أصبح يعرف سبب نومها الثقيل مؤخرا.. من تأثيرات الوحم يوم تنام بثقل.. ويوم تقضيه تتقيأ مد يده ليلمس خدها بحنان.. يشعر ناحيتها بحنان غامر وبحب غامر وباحتواء غامر كل مشاعره ناحيتها تتدفق بلا قياس بلا مقدار وكأن مشاعره طوال الثلاثين عاما الماضية من عمره كانت تنتظرها لتتفجر بكل العنفوان والتدفق
مسح بظاهر أصابعه على خدها.. ثم أعاد أصابعه لشفتيه وقبلها فتحت موضي عينيها وهمست له بابتسامة عذبة: ترا ممكن تصير بدون وسيط توصيل
ابتسم راكان وهو ينحني ليقبل خدها: أحسن بعد
سعادة محلقة يتبادلها الاثنان.. يعيشان سعادة جذرية تعوضهما عن أيام العذاب التي عاشها كل منهما
موضي ابتسمت بعمق وسعادة حقيقية: حبيبي اليوم بأروح للدوام.. تكفى ما تقول لا
راكان بابتسامة ملولة: وأنا أصلا أبي أطلب منش تأخذين إجازة لين تولدين
موضي تنفض الغطاء عنها وتنهض: لا فديت قلبك بس تعدي أيام الوحم وأكون زينة إن شاء الله ودامني قادرة أداوم تكفى ما تمنعني
راكان ينظر لها بوله عميق.. وكأنه لا يشبع نظرا إليها ويهمس بذات الوله: ولا يهمش يا قلبي بس خليني لين اشتري لي سيارة ثانية واطية.. عشان سيارتي عالية عليش شكلي بأسوي مثل مشعل وسياراته الثنتين ثم أردف بابتسامة: سيارة للقنص.. وسيارة لش
موضي تبتسم: يا سلام عليك وتبيني أقعد لين تشتري سيارة وتخلص أوراقها دامني ما ثقلت أقدر أركب أي سيارة
راكان هز رأسه بابتسامة شفافة: الواحد مايقدر عليش.. والله مايقدر عليش
همس جملته بعفوية وكأنها جملة عابرة ولكنها حملت في عمقها عشرات عشرات المعاني غير العابرة المعاني الأعمق من اليأس والبعد والألم والجرح والعشق والوله والغرام كل قاموس المشاعر الموغلة في قوتها وتجذرها كــــلــــهـــا!!
****************************
ذات الصباح الباكر بيت مشعل بن محمد
لطيفة أنهت مهمامها الصباحية وأولادها توجهوا لمدارسهم عادت لغرفتها وهي تستبدل ملابسها لترتدي جلابية رقيقة وفخمة من الحرير والدانتيل تمشط شعرها.. وتتعطر بخفة ثم تمددت بجوار مشعل وهي تهز كتفه برقة وتهمس بعذوبة: حبيبي مشعل قوم للشغل
فتح مشعل عينيه ببطء عاد لإغلاقها وكأنه غشيها نور ساطع لا طاقة لعينيه به
همست لطيفة بدلال مدروس وهي تقترب أكثر حتى شعر أن رائحة عطرها اخترقته تماما: حبيبي ماوراك دوام؟!!
أعاد فتح عينيه وهو يتنهد بعمق في داخله ثم يهمس ببرود: أكيد وراي دوام... وخري عني خليني أقوم
لطيفة تأخرت قليلا وهي تشعر بحزن يتعمق في روحها ربما مازال في اليوم الثاني من مخطط بروده ولكنها جربت دفئه وتدفقه وحنانه..وطوال الأشهر الماضية لم تعرف سوى مشعل الحنون بمشاعره الجياشة وبروده هذا بات يجرحها وبعمق فهو خلال بروده معها طوال سنوات زواجهما كان برودا اعتياديا نابعا من شخصيته التي لم تجد شيئا يدفعها للتفجر ولكن هذا البرود المتعمد الذي يقصد به معاقبتها بات يجرحها ويجرح أنوثتها في العمق
تنهدت بعمق وهي تشيعه بنظراته وهو يتناول فوطته ويدخل الحمام وهمست بوجع: "مطولين كذا يا مشعل؟!"
*************************
واشنطن بيت يوسف الصباح
باكينام صحت من نومها ولم تجد يوسف.. شعرت بالقلق..ثم شعرت بالرعب أ يعقل أن يكون قد عاد للسكن؟!! لن تسامحه إن فعلها..لن تسامحه!!
نزلت للأسفل.. وجدت ماريا تنظف أعمدة السلم.. همست باكينام بجزع: فين يوسف؟؟ ثم أردفت بالانجليزية وهي تكتشف أنها سألت بالعربية: أين جو؟؟
ابتسمت ماريا: لِمَ الجزع ياصغيرتي؟؟ جو يدرس في مكتبه
تنهدت بعمق وهي تتوجه للمكتب.. طرقت بخفة ثم دخلت حين رآها ابتسم ابتسامة شاسعة وهو يغلق الكتاب ويضعه على المكتب ويشير لها لتجلس في حضنه ولكنها توجهت وجلست في المقعد الآخر المقابل للمكتب
همس يوسف بشجن: هاتعب وأنا بحاول أخطي حواجزك
باكينام بعمق: مش حواجز.. لكن الاستعجال ممكن يخرب كل حاجة
يوسف بهمس عميق يخفي ورآه ألما ما: أو يمكن عشان فيه احساسين مختلفة الأكيد إنو حب كبير من ناحيتي بس أنتي ....
باكينام تقاطعه بألم: يوسف ما تفسرش على كيفك.. وما يجيش في بالك إنه أنته اللي حبيت واتعزبت وتعمل نفسك ضحية.. لأنو أنته أبعد واحد عن دور الضحية
ابتسم يوسف وهو ينظر للبعيد البعيد: أنتي عارفة أنا حبيتك من أمتى؟!! من أول يوم شفتك في الكوفي كنتي لابسة بنطلون أبيض وبلوزة زهر وردة.. وردة شفتها تفتحت ئدامي حسيت إني مش ئادر أئف وئلبي اتخطف مني.. تحركت بس لما شفت إنه فيه واحد من الجرسونات كان ماشي ناحيتك مسكتو وئلت: سيبها.. دي ليا.. سيبها
باكينام شعرت بدهشة عميقة.. حتى لباسها يتذكره!! همست بتساؤل مستغرب: جاوبني بصراحة.. كنت عارفني وئتها؟!!
ابتسم يوسف: أول مرة لأ.. بس بعدها آه ..عرفت أنتي بنت مين
باكينام عضت طرف شفتها السفلية وهي تهمس بارتباك حاولت ألا يظهر في صوتها لتسأله عن شيء يشغلها منذ زمن طويل وكانت تنتظر الفرصة لتسأل عنه وهاهي الفرصة أتتها: والشامة؟؟ عرفت عنها إزاي؟!!
صمت وابتسامة خبيثة تتلاعب على شفتيه: الإجابة أبسط مما تتخيلي
باكينام تسلل لها شبح ابتسامة: اللي هي؟
يوسف بخبث شفاف: مش أنا كنت واد مكسيكاني زي الئشطة وماشبهش الغفر اللي مصر وأنتي كنتي بتلسني ئدامي بالمصري براحتك....
باكينام قاطعته بحرج: ربنا يخليك يوسف ما تفكرنيش
يوسف يضحك: ماهو ده الجواب.. في يوم كنتي أنتي وصاحبتك ئاعدين بتئرو إعلان اتوزع في الكوفي عن دكتورة بتعمل عمليات تجميل بأسعار خاصة بمناسبة الافتتاح وبتعمل ليزر وإزالة شامات.. فصاحبتك بتضحك وتئول: أنا عندي شامة صغيرة عند ودني.. هاروح عشان استغل سعر الافتتاح
وكنت أنا وئتها بأنزل لكم الكوفي وأنتي رديتي عليها بضحكتك اللي دوبت ئلبي: لا أنا عندي شامة كبيرة في آخر ظهري وهاروح أشيلها
ما انكرش إني من يومها وأنا أحلم باليوم اللي هاشوفها فعلا.. لحد ماشفتها
باكينام تقف وهي تهمس بخجل: لازم أروح أدرس شوية امتحاناتي ئربت
يوسف ابتسم وهو يقول لها: طيب تعالي ادرسي هنا.. على الأئل أشوفك ئدامي ثم أردف: وعلى فكرة منائشتي هتكون بداية شهر 6..
****************************
مر أسبوع على الأحداث الأخيرة أصبحنا في بداية شهر مايو
والحال كما هو عليه بالنسبة لغالبية أبطالنا راكان وموضي وناصر ومشاعل يعيشون سعادتهم العميقة والخاصة خبر حمل الاثنتين بدأ بالانتشار موضي مازالت تعاني مع ثقل وحمها.. ولكن مشاعل لم يبدأ معها الوحم فعليا..
فارس والعنود فارس تحسنت حاله كثيرا وصحته تتحسن ووجهه يعود للاشراق وهو يتحرق لإعادة العنود ويريد استغلال أقرب فرصة ليطلب من عمه أن تعود معه لبيته ولكن لأن لديه دورة عمل خلال هذه الأيام ولا يعرف وقتها بالتحديد لم يرد أن يرجعها وهو سيسافر وسيتركها في رحلة عمل
ولكن العنود تشعر بحزن عميق كانت تتوقع على الأقل أنه سياتي لأخذها.. ولكن هذا لم يحدث رغم سعادتها العميقة بخبر حمل موضي ومشاعل.. ولكن حمل مشاعل بالذات بث في روحها حزنا ما فهي ومشاعل تزوجتا في ليلة واحدة.. وهذا ذكرها بخيبة أملها
مشعل ولطيفة مازال الحال كما هو عليه مشعل يمثل البرود ببراعة ومخططه يسير في مساره المحدد.. لطيفة تأثرت نفسيتها بشدة من بروده تحاول بشكل مستميت ومتكرر إرضاءه ولكن كل محاولاتها الكثيرة ذهبت أدراج الرياح
مشعل وهيا مستغرقان في الدراسة فمناقشة مشعل بعد أيام وكذلك امتحانات هيا
ساكنا واشنطن الآخران المخلوقان الأسعد بعيشهما لمشاعرهما بحرية أكبر.. بالتأكيد مازالت باكينام تتحفظ قليلا.. ولكنها سعيدة جدا بقرب يوسف وهو أكثر سعادة بخضوعها النسبي أخيرا
مريم وسعد رائع هو التفاهم الناضج بينهما لا تخلو حياتهما من منغصات بسيطة.. فوضع مريم ليس بالوضع الهين وسعد مازال يعتاد عليه فهو لم يعتد على الوجود الأنثوي منذ سنوات.. فكيف بوجود أنثى ضريرة تحتاج لمراعاة خاصة؟!! ولكن كما مريم تحتاج لمراعاة خاصة فلها حضورها الخاص وهي تشبع حياة سعد التي كانت خالية بروحها الصافية.. بأنوثتها الرقيقة.. بنضجها العميق كانت له أكثر من انثى.. أكثر من صديق.. أكثر من شريك وهي تحكم سيطرتها على سعد وولديه وخصوصا فهد الذي كان بحاجة بالفعل إلى حنان أم.. وجده عند مريم... لا يزال فهد يكابر ويفاجئها بمقلب بسيط من حين لآخر.. ولكن مقالبه خفت وتيرتها كثيرا.. فهو مازال طفلا ويحتاجها.. ولكن هذا لا يمنعه من العناد وادعاء الرجولة أما فيصل فقد كان في عالم لوحده.. قد يستغرب البعض سرعة تفاهمه مع مريم ولكن من يعرف في خفايا المراهقين لن يستغرب لو أن فيصل وفي عمره بالتحديد كان فتاة.. كان سيكره مريم لأبعد حد لأن الفتاة في تلك السن تشتد غيرتها على والدها ولكن المراهق في سن فيصل يبدأ بالانفصال في عوالمه الخاصة وهو يلج عالم الكبار.. ومريم بطبيعتها كانت حنونة ومحتوية.. فلِـمَ العناد والمشاجرة؟!! فهو يحب حضورها الحنون ويستمتع باهتمامها الذي يذكره باهتمام والدته رحمة الله عليها
الجيل الأصغر في الناحية الأخرى سلطان بن عبدالله.. بقدر مافرح لحمل موضي حزن لحمل مشاعل لأنه يرى أن هذا المولود الجديد سيستولي على مشاعل بالكامل ولن يبقى له في قلبها واهتمامها أي مكان
*******************************
واشنطن شقة مشعل بعد صلاة العصر
مشعل يراجع اطروحته باهتمام فمناقشته بعد يومين
هيا تضع دلال القهوة والشاي أمامه على الطاولة ثم جلست جواره وهي تحتضن ذراعه بقوة وتضع خدها على عضده وتهمس بعمق: يالله يا كريم ينصرك عليهم كلهم.. ولا حد من لجنة المناقشة يفتح ثمه بكلمة
مشعل يبتسم وهو يمد يده الأخرى ويربت على خدها: آمين
هيا رفعت رأسها بحماس وهي تقول: توني سكرت من هل الدوحة
مشعل بمودة: شأخبارهم؟؟
هيا ترقص حاجبيها: أختك حامل
مشعل يرفع حاجبه وهو يبتسم: قديمة.. راكان قال لي
هيا بابتسامة أوسع: أنت اللي قديم ومغبر.. أختك العروس الثانية
التمعت عينا مشعل وهي تتسع على آخرهما وهو يلتفت لها بكامل جسمه ويبتسم من قلبه: مشاعل؟!!... ثم أردف بغيظ: نويصر الزفت.. ماحتى كلمني يبشرني
هيا تضحك: أعصابك لا ينقطع لك عرق الشباب في الدوحة عارفين مناقشتك قربت وعشان كذا ماحد منهم يبي يزعجك
مشعل يبتسم : ياسلام على العذر.. وشمعنى راكان ماقال كذا.. وكنت أول حد بشره أختي أعرفها.. تستحي من خيالها.. لكن أبو لسانين نويصر دواه عندي
هيا بابتسامة: خلاص كلها من يوم ونرجع للدوحة.. وداوي نويصر على قولتك
مشعل بابتسامة: مستعدة للرجعة ياقلبي؟؟
هيا بشجن: الله يكفينا شر شفقتي على هلي في الدوحة.. مشتاقة لجدتي وسليطين أكثر شيء وأنت وش بتسوي بانجاز معاملاتنا عقب؟؟
مشعل يعود لمراجعة أوراقه ويهمس: الشباب كلهم ما يقصرون.. قالوا لي ارجع بهلك وحن بنسوي كل شيء
***************************
بيت عبدالله بن مشعل بعد صلاة العصر بساعة
بنات عبدالله بن مشعل يجتمعن مع والدتهن وجدتهن
الجدة هيا بشجن: على البركة يابناتي المذكور (تهنئة العجائز المعتادة بخبر الحمل)
مشاعل أنزلت عينيها بخجل.. بينما موضي هتفت لجدتها: الله يبارك فيش يمه وترا كنها بنت والله ما يكون لها من الاسماء غير هيا إن شاء الله.. قدام تحلفين علي أنا وراكان مثل ما حلفتي على عيالش
الجدة هيا ابتسمت من تحت برقعها وابتسامتها تتضح من تجاعيد عينيها: أنا حلفت على عيالي.. وأنتو ابانكم يحلفون عليكم وأنتو إن سميتو علي أبشروا بالسماوة
موضي تبتسم: كفو يأم محمد.. مايأتي الطِيب إلا من هل الطِيب
ريم قفزت من ناحيتها: وكنه ولد؟؟
موضي بابتسامة شفافة: مشعل إن شاء الله.. راكان يبي مشعل
ريم تحركت خلف مشاعل وضربتها بخفة على مؤخرة رأسها: وأنتي يالمستحية.. وش بتسمين شواذيش؟؟
(الشواذي عيالش يالقردة!! ماعاد باقي اللي تمدين يدش على مشاعل دواش عندي.. بتشوفين شغلش ذا الحين!!)
كان هذا صراخ سلطان الذي كان ينزل من الطابق العلوي
ريم قفزت برعب خلف جدتها: يمه أنا زبيتش.. زبينتش
الجدة تضحك: ولو أنش ماتستاهلين من يزبنش.. بس تراها زبينتي وياويل اللي بيجيها
سلطان وصلها وهو يهمس بغضب لأنه يعلم أنه لن يستطيع مسها وهي في حماية جدته: يعني عاجبش تمد يدها على مشاعل؟!! وتزبنينها بعد؟!! (الزبـين: من هو في حماية شخص آخر)
موضي تضحك: لو ريم رافستني في بطني كان عادي عنده بس تلمس الشيخة مشاعل لا
مشاعل بمودة ورقة: جعلني ماذوق حزن روحه الغالية.. تعال جنبي فديتك
سلطان جلس جوار مشاعل.. ومشاعل احتضنته بخفة وحنان وهي تقبل رأسه سلطان احتضن خصرها وهو يهمس بحزن طفولي: إيه عقب كم شهر بيطيح كرتي
مشاعل همست في أذنه بحنان: تذكر يوم قلت لك إنه غلاك مايلحقه حد أعيدها عليك وأقول لو أجيب عشرين بزر.. غلاك يزيد ما ينقص أنت ولدي الكبير.. الأم إذا جا لها ولد ثاني تعيف ولدها الأول؟!!
ابتسم سلطان: أكيد..ما تلعبين علي؟!!
مشاعل برقة: أفا عليك.. ومتى قد كذبت عليك
موضي تنظر لهما وتبتسم.. وتتسع ابتسامتها مع رؤيتها لابتسامة سلطان الشفافة ثم تميل على لطيفة وتهمس: انحلت قضية الشرق الأوسط والشيخ سلطان رضى
لطيفة انتفضت: هاه؟؟ نعم؟؟
موضي تضحك: اللي ماخذ عقلش... لا .. أنتي كنتي في عالم ثاني يا حجية
لطيفة تهز رأسها: لا يابنت الحلال معكم معكم
موضي تغمز وتهمس بنبرة خاصة: إيه مبين معنا؟؟ شأخبار أبو محمد؟؟ عاده صابر عليش؟؟ والا فاضت به وانفجر؟!!
لطيفة حاولت أن تبتسم وهي تهمس: الحمدلله كل شيء تمام
آخر ما تحتاجه لطيفة هو لوم موضي بها.. وخصوصا أن موضي ويالا المصادفة حذرتها وفي ذات الليلة المشؤومة التي قالت فيها لمشعل ماقالته فما بها من ألم لبرود مشعل وتجاهله يكفيها وزيادة.. ولن تحتمل المزيد
كانت أم مشعل تنهي اتصالا ثم همست للمتواجدين: فارس جاي ذا الحين
الجدة ابتسمت: فديت الطاري
موضي (بعيارة): مهوب ذا اللي كنتي زعلانة عليه قبل شهر عشان العنود.. زعلتي قبل الظهر وماجاء عقب الظهر إلا أنتي راضية
الجدة تبتسم: شأسوي.. عظامي ما تشلني على فارس.. ثم أردفت بشجن عميق: والله يوم أشوف زوله يفز قلبي كني شايفة زول سعود الله يبيح منه..
أم مشعل احتضنت كف خالتها وهمست بمودة: جعلش تشوفين عياله
الجدة بحزن: خلي العنود ترجع ذا الحين وعقبه بشروني بحمالها ثم أردفت بحزم رقيق: والله يامن بشرني بحمال العنود إذا رجعت إن شاء الله.. إن له اللي هو يبي.. إن شاء الله يبي سيارة
سلطان قفز وهو يشرق ويكح: من جدش يمه؟؟ من جدش؟؟
الجدة تبتسم: وليه متى جدتك قالت ولا فعلت
وقتها كان فارس يطرق الباب ويدخل وسلطان يقفز ناحيته وهو يمسك بيده ثم يجلس على ركبة واحدة على الأرض ويهمس باستجداء: تكفى يافارس تكفى طالبك يأخيك طالبك
فارس بنخوة: اطلب عزك
سلطان برجاء حماسي عميق: إذا حملت العنود تقول لي أنا عشان أنا أبشر جدتي.. تكفى جعلني فدا خشمك
فارس يبتسم: زين خلها ترجع بيتها ذا الحين.. وعقب نتفاهم على البشاير
سلطان بإصرار: لا.. لا.. اللي أوله شرط.. هذي طلبه.. ماتعرف الطلبة أفا يا اخي ويا ولد عمي وزوج خطيبتي سابقا
فارس بغيظ مرح: عشانك خطيب زوجتي سابقا.. اقلب وجهك
سلطان يعاود مسك يده: أفا أفا.. يا أخي نمزح نمزح
فارس يزيحه بخفة: خلني أسلم على العرب الحين.. ووعد مايصير إلا اللي يرضيك
*************************
ذات الوقت بيت جابر بن حمد
حمد ينزل من الأعلى ليشرب قهوة العصر مع والدته بعد الأحاديث العابرة وتبادل أكواب وفناجين القهوة والشاي همست نورة بنبرة مقصودة: تدري إن بنات خالك حوامل
حمد يرتشف قهوته ويهمس بهدوء: مبروك.. من من بنات خالي؟؟
نورة بذات النبرة المقصودة: مشاعل... وموضي
شعر حمد برعشة والتبست مشاعره.. ولكنه توزان بسرعة.. فما مضى قد مضى وهو بدأ حياته فعليا بعيدا عن كل حياته السابقة.. لذا همس بهدوء طبيعي تماما وغير مصطنع: مبروك.. الله يتم عليهم بخير
نورة بذات هدوء: آمين الله يتم عليهم بخير ويستاهلون الخير ثم أردفت بالنبرة المقصودة إياها: بس ذا الشيء مايخليك تستغرب
حمد بتساؤل: أستغرب ويش؟؟
نورة تتنهد: موضي قعدت عندك 4 سنين.. وكل ما سألتك عن الحمال لمحت لي إن العيب فيها.. هذي هي حملت على طول من راكان
حمد تنهد بعمق.. من حق والدته أن تعرف.. ربما حينها ترتاح من الإلحاح همس بهدوء موجوع: خلاص أنتي قلتي الإجابة بنفسش
والدته شهقت وهي تشعر بالصدمة الكاسحة التي كانت تخاف منها تخترقها كسهم وجع مسنون: يعني العيب منك؟؟
ألمها لا حدود له.. لا حدود له.. أ يُكتب عليها ألا ترى أولاده؟!! أحفادها؟!! أي ألم هذا؟!! أي ألم؟!! لا ترى أبناء وحيدها؟!! لا تسمع " جدتي" أو "أمي العودة" من شفاههم البريئة؟!! حلمت لسنوات بكل خطوة سيخطونها وبكل سن سينمو لهم وبكل كلمة سيقولونها حلمت بأشكالهم وأسمائهم وهيئاتهم وحتى طباعهم فكيف لن يأتون؟!! كيف؟!! اللهم لا اعتراض اللهم لا اعتراض!!
حمد همس بألم عميق وهو يحتضن والدته التي نحره تقافز الدموع الغالية من عينيها: يمه تكفين لا تضايقين روحش.. هذا اللي الله كتبه لي.. وماحد يعترض على حكم الله سبحانه
*************************
مساء الدوحة
بيت مشعل بن محمد
لطيفة عادت هي وبناتها من بيت أهلها بعد صلاة المغرب مباشرة فهي تريد أن تدرس
أبدلت لبناتها..ثم توجهت لغرفتها والولدان كانا في المجلس..والبنتان تلعبان في غرفتهما
دخل عليها مشعل ارتبكت بشدة.. فهو عاد كما كان طوال زواجهما يبعثرها كأحجار الدومينو وهو وحده القادر على جمعها سلّم وفق مخطط بروده ودخل إلى الحمام ليتوضأ لصلاة العشاء لطيفة تأففت بعمق: أووووف... لمتى وحن على ذا الحال؟!! مايحس هذا..
حين خرج وهو يجفف وجهه ويديه ويستعد للبس ثوبه همست له لطيفة بهدوء وهي جالسة على مكتبها: وين حمود وعبودي؟؟
مشعل يغلق أزرار كمه ويهمس ببروده العتيد: في المجلس عند جدانهم.. واعتقد إنش عارفة
تنهدت لطيفة بحزن.. بالفعل ماعاد بها جَلد لاحتمال بروده فهي عاشت دفئه الذي غمرها به طوال الفترة الماضية أصبحت تعرف تماما نكهة دفئه وحنانه المختلفين تفتقدهما حتى النخاع.. حتى نخاع النخاع تعرف أنها ما جلبت ذلك لنفسها.. ولكن أ لم يكتفِ من معاقبتها بعد؟!!
كان مشعل على وشك الخروج ويريد أن يمر ببناته ليراهن قبل الصلاة دخلت مريم كأعصار باكٍ وهي تصرخ بهستيرية: يمه.. يمه.. الحقي على جود بلعت تيلة (كرة زجاجية صغيرة).. بتموت يمه.. بتموت
لطيفة قفزت لتضرب بعنف في المكتب وهي تركض وتتعثر.. مشعل سبقها ركضا لغرفة البنات ليجد وجه الصغيرة مزرقا وهي عاجزة عن التنفس حينها دخلت لطيفة ورأت وجه ابنتها بدأت بالصراخ الهستيري: ياحيّ بنتي.. ياحيّ بنتي.. بتموت يامشعل بتموت..بنتي بتموت
مشعل يصرخ بها وهو ينكس جود ويمسكها من قدميها: اذكري الله روعت البنيات.. مافيها إلا العافية
مشعل ذاته كان مرعوبا على صغيرته.. ولكنه مر بهذا الموقف عدة مرات.. ابنائه كلهم سبق أن قاموا بذات التصرف وإن كان لم يكن بهذه الصعوبة
قد لا يكون تصرف مشعل بالتصرف الطبي الدقيق ولكن لم يكن لديه أي خيارات فالصغيرة كانت تختنق فعلا لذا حملها بشكل منكوس وهو يضرب على ظهرها من الأعلى.. حينها بصقت الكرة.. وشهقت بعنف لتعود بعدها للتنفس ووجهها يعود للونه
حينها احتضنها مشعل بحنان أخفى خلفه خوفه العميق عليها وهمس بحنان مصفى: كذا روعتينا يالنتفة
الصغيرة بدأت تبكي.. ولطيفة حينها انهارت وبركت على الأرض تبكي بدورها مشعل حمل الصغيرة ووضعها في حضن لطيفة احتضن الاثنتين وهمس بحنان: مافيها شيء يا بنت الحلال.. اذكري الله
لطيفة احتضنت جود بعنف وهي تبكي بهستيرية أكبر.. فهي رأت الموت قريبا من ابنتها وشعرت كما لو أن الروح على وشك أن تسحب منها
حينها التفت مشعل لمريم الواقفة كانت تبكي بصمت.. مشعل أشار لها بحنان أن تقترب منه.. حينها بدأت تشهق: والله العظيم كنت منتبهة لها.. بس هي خذتها وبلعتها بسرعة
مشعل احتضن مريم بحنان: ماحد قال لش شيء.. مهوب ذنبش حبيبتي.. لا تبكين
مريم تشهق ووجهها مختبئ في خصر والدها: أنا خفت عليها تموت
مشعل بحنان كبير: مافيها إلا العافية.. تبي تتدلع على أمها
حينها انحنى مشعل على لطيفة الجالسة على الأرض.. وضع يده على كتفها وهمس بخفوت: لطيفة بس.. روعتي البنيات.. شوفي وجه مريوم
حينها لطيفة رفعت رأسها ومسحت دموعها وهي تفلت جود.. وتهمس لمريم بحنان: تعالي ياقلبي.. شوفي جودي مافيها شيء
مريم جلست على الأرض بجوار والدتها بتردد.. حينها احتضنتها لطيفة بحنان: مافيها شيء فديتش.. لا تخافين
حينما رأى مشعل أن الوضع قد استتب تماما انسحب بهدوء ليذهب للمجلس ويأخذ ابناءه معه للصلاة
**************************
بعد صلاة العشاء بيت سعد بن فيصل
الجلسة الخاصة بأولاد سعد مريم تسمع صوت التلفاز وتتجه ناحيته حتى تطلب من فهد أن يتعشى معها لأنها تعلم أن فيصلا ذهب به والده ليعزي معه على أهل متوفٍ.. أخوه في كتيبة سعد.. وبعد ذلك سيعودان ليتعشيا في المجلس
كانت مريم تتجه بخطوات اعتيادية هادئة لأنها أصبحت تعرف الاتجاهات وأماكن قطع الأثاث تماما
كانت وصلت لداخل الغرفة حين سمعت صراخ فهد الجازع: عمتي انتبهي انتبهي
ولكن صرخته حدثت بعد أن تعثرت فعلا في أشيائه المبعثرة لتسقط بشكل حاد ومباشر
على الطاولة الزجاجية التي تتوسط الغرفة ليتهشم الزجاج وتسقط مريم على أكوامه المتناثرة
#أنفاس_قطر# . . .
قبل ما تقولون أي توقع رجاء رجاء رجاء ارحموني لا حد يتوقع مثل أختي اللي لما قرت البارت صرخت: "مريم بيرجع لها نظرها"
فأنا ضربتها بالمخدة لأن التوقع رفع ضغطي مريم فقدت بصرها في مرض وليس في حادث.. فالعمى ناتج عن ضمور في خلايا العين وليس صدمة حتى تعيده صدمة توقعوا لنا توقعات أخرى . . أعلم أني أنهكتكم بالقفلات طيلة الأجزاء الماضية سامحوني يا نبضات قلبي.. سأعوض عليكم في يوم الخميس بجزئين طويلين الساعة الثامنة والنصف صباحا . موقف جودي حين ابتلعت الكرة الزجاجية استمتعت بكتابته.. لأني بالفعل رأيت هذا الموقف يتكرر كثيرا تذكرون لطيفة حين تصرفت بحكمة في موضوع ابنها محمد بينما مشعل خانه التفكير المنطقي.. والآن العكس وهذا بالفعل ما يحدث في كثير من البيوت حين يُصاب الطفل أي إصابة فإن الأم تبدأ بالعويل الهستيري بينما الأب من يتولى زمام الأمور والعكس لو حدثت مشكلة بعيدا عن الدم والأمراض والأصابات كالتأخر الدراسي أو التدخين أو الهروب من المدرسة مثلا نجد أن الأب يكاد يفقد صوابه بينما الأم هي من تقوم بعملية التهدئة . . نهار عسل للناس العسل . . | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود الجمعة يناير 27, 2012 8:25 pm | |
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته صباحات المحبة والصداقة والأخوة والمودة والألفة والتعود وحتى الروتين اللذيذ وكل المشاعر الجميلة التي جمعتني وتجمعني بكم . . اليوم موعدنا مع جزئين يحملان الكثير من المفاجآت اللطيفة اليوم نستطيع تسميته بارت بنات محمد بن مشعل بعد أن كان البارت الماضي بارت بنات عبدالله بن مشعل اليوم سنتعرف على ماحدث لمريم وما سيحدث للعنود . استلموا . قراءة ممتعة مقدما . لا حول ولا قوة إلا بالله . .
أسى الهجران/ الجزء المئة وخمسة
بعد صلاة العشاء بيت سعد بن فيصل
الجلسة الخاصة بأولاد سعد مريم تسمع صوت التلفاز وتتجه ناحيته حتى تطلب من فهد أن يتعشى معها لأنها تعلم أن فيصلا ذهب به والده ليعزي معه على أهل متوفٍ... أخوه في كتيبة سعد.. وبعد ذلك سيعودان ليتعشيا في المجلس
كانت مريم تتجه بخطوات اعتيادية هادئة لأنها أصبحت تعرف الاتجاهات وأماكن قطع الأثاث تماما
كانت وصلت لداخل الغرفة حين سمعت صراخ فهد: عمتي انتبهي انتبهي
ولكن صرخته حدثت بعد أن تعثرت فعلا في أشيائه المبعثرة لتسقط بشكل حاد ومباشر
على الطاولة الزجاجية التي تتوسط الغرفة ليتهشم الزجاج وتسقط مريم على أكوامه المتناثرة
مريم حاولت ألا تتحرك وهي تشعر بالألم في كافة نواحي جسدها وهي تهمس لفهد: لا تقرب فهد من الزجاج.. قايلة لك يأمك بلاها ذا المقالب أنا ما أشوف
صوت بكاء فهد يرتفع بهستيرية: والله العظيم مهوب ودي.. مهوب ودي أنا كنت ألعب بس
كان يبكي بصوت عالٍ وهو يحاول الاقتراب منها..
مريم بجزع رقيق وهي تتمزق من صوت بكاءه وتشعر بجزع أكبر لأنه تعلم من صوت حركته أنه يمشي باتجاهها: لا تبكي ياماما.. مافيني شيء.. أنت لا تقرب من الزجاج روح اركض.. وادعي أم صبري وسونيا والخدامات
فهد نزل ركضا للأسفل وصوت نشيجه يقطع القلوب
عاد بعد لحظات وهو يسحب أم صبري بيدها.. والعجوز تلهث وأنفاسها متقطعة: فيه إيه ياواد.. ئطعت نَفسي
والخادمات وسونيا يركضن خلفهما.. حين وصلوا فجعوا من المنظر.. الزجاج المهشم ومريم تجلس بشكل مائل على وركها وهي تتسند على كفها دون حراك خوفا من انغراز مزيد من الزجاج في جسدها
سونيا كانت من استلمت زمام التصرف وهي تصرخ بهن أن يحطن بمريم من النواحي الأربعة.. ليرفعنها وحين أوقفن مريم وأبعدنها عن الزجاج أمسكت سونيا بمفرش صغير كان على طاولة جانبية وبدأت تنفض الزجاج بخفة عن مريم ثم نقلوها لغرفتها.. وفي كل هذا كان صوت بكاء فهد لم يتوقف
مريم همست له: حبيبي مافيني شيء.. تعال..
كان فهد يتحرق للبكاء في حضنها.. ولكن أم صبري منعته من الاقتراب منها: ماتجيش جنبها يا بني.. يمكن يكون فيه ئزاز في جسمها
فهد بقي واقفا في مكانه.. وصوت بكائه يتعالى
ومريم تشعر بالتمزق من صوت بكاءه.. فهي لم تسمعه يبكي مطلقا.. بل والده نفسه يقول أنه نادرا جدا ما يبكي..
تشعر أنه بكى بكاءً يكفيه لسنوات.. تود أن تحتضنه وتهدئه.. ولكنها هي نفسها تشعر بآلام في كل جسدها ولا تعلم بالتحديد مدى إصابتها
كانت إصابات مريم غير معلومة بعد.. سارعت سونيا بنفسها للاتصال بطبيبة مريم المعتادة فهي صديقة لمريم وبيتها ليس بعيدا.. وزارت مريم في بيتها الجديد لتبارك لها.. لذا فهي تعرف مكان البيت جيدا لم تستغرق الطبيبة سوى أقل من عشر دقائق لتصل وهي تحضر معها عدتها..
أخرجوا فهد خارج الغرفة.. ليزداد بكاءه هستيرية وهو يتوجه للجلوس على الدرج كان يبكي بطريقة هستيرية موجعة .. كان يخشى برعب طفولي أن يتيتم للمرة الثانية فهو تيتم من أم لم يعرفها.. فكان كل رعبه الكاسح أن يتيتم من أمه التي عرفها حتى ولو كانت لفترة قصيرة ولكنه شعر بحنان سنوات متعاظم في أعطافها الحانية حنان سيجن إن فقده.. سيجن!!
في غرفة مريم الطبيبة قصت ملابس مريم بحذر ووضعتها في كيس وطلبت أن يُرمى.. وبدأت تتفحص جسد مريم جزءا جزءا بعدسة مكبرة وبدقة شديدة ستر الله على وجهها من الإصابة.. والإصابات في جسدها كانت كلها طفيفة وسطحية.. ورأت الطبيبة أنها لا تستلزم الذهاب للمستشفى استخرجت الزجاج.. وطهرت الجروح ووضعت عليها لزقات طبية.. ثم طلبت أن يلبسوها ثوبا واسعا وخفيفا وكتبت لها مضادا حيويا
قبل انتهاء الدكتورة بثوانٍ.. كان سعد يدخل مع باب البيت يتحدث مع ابنه فيصل... فُجع وهو يسمع صوت بكاء فهد الواضح.. ركض للأعلى وفيصل يركض خلفه ليفجع بمنظر فهد على الدرج.. ووجهه المحتقن من كثرة البكاء
سعد شده عن الدرج واحتضنه بقوة وهو يهمس بجزع: وش فيك يأبيك؟؟
فهد بين شهقاته: أمي .. أمي.. أمي طاحت على طاولة القزاز.. والقزاز كله دخل في جسمها..
سعد شعر أنه سيجن.. لم يحتج أن يسأله من أمه.. فهو عرفها.. فهي أصبحت أمهم جميعهم أصبحت رغم الظلمة التي تعيشها السراج الذي ينير ويدفئ حياتهم الباردة
سأله بهستيرية: وينها؟؟
فهد بين شهقاته: في غرفتها
سعد توجه للغرفة وهو في غير وعيه جزعا وقلقا.. فتح الباب فلم ينفتح فهو كان مغلقا من الداخل لم يفكر بطرقة بل رفسه بقدمه.. لينخلع قفله من رفسته القوية
حينها كانت الطبيبة انتهت وتجمع عدتها ومريم تتمدد ببطء بعد أن أبدلن ملابسها
فجعن جميعا من صوت كسر الباب المدوي وأعينهن تتجه ناحيته ليدخل سعد من خلاله كأعصار أهوج وهو لا يرى أحدا في الغرفة عدا مريم توجه ناحيتها لينحني عليها بجزع حقيقي وهو يتحسسها بحنان موجوع: وش فيش ياقلبي؟؟
مريم برقة: والله مافيني شيء كلها إصابات سطحية حتى مستشفى ما أحتاج هذي الدكتورة واقفة إسألها
سعد انتبه للتو للمتواجدات.. تنحنح وهو يسأل الطبيبة عن وضعها والطبيبة تطمئنه تماما
حينها همس سعد لمريم بحنان: بأروح أدعي فهيدان.. ذبح روحه من البكاء
مريم بحنان: إيه تكفى ادعه
كانت الطبيبة تستعد للمغادرة.. انحنت على مريم وهي تهمس في أذنها: ما شاء الله.. شو هالرِجال.. يئبر ئلبي.. سوو رومانتك..
مريم بخجل: تدرين إنش متفرغة
الطبيبة تبتسم: إيه متفرغة.. تاركة جوزي وولادي بهالليل منشانك ومتفرغة ثم أردفت: بمر بكرة تا إتأكد من كِل شي
الطبيبة خرجت.. وسعد استوقفها ليعطيها إجرها.. ولكنها رفضت تماما أخذ شيء وهي تغضب من تصرف سعد الذي كان يجهل أنها صديقة لمريم
بينما فهد دخل باستعجال يتبعه فيصل بخطوات وجلة..
فهد ارتمى في حضن مريم التي كانت تجلس بشكل مائل.. مريم أنّت بخفوت.. انتفض فهد وهو يبتعد عنها: أجعتش؟؟؟
مريم شدته وهي تحتضنه بخفة: لا حبيبي.. بس خلني أنا اللي أحضنك
فهد عاد ليبكي بخفوت وهو يشهق ويقول: تكفين لا تزعلين علي يمه.. والله مهوب ودي
مريم شهقت بسعادة (أ قالها بصراحة؟!! أ حقا قال: أمي.. قال: أمي؟!! أ حقا سمعتها أخيرا؟!!)
مريم احتضنته أكثر رغم ألمها وهي تختنق بعبراتها: أزعل عليك وأنت تقول يمه؟! اللي ما زعلت ولا قاله الله
سعد وفيصل كانا يراقبان الموقف بتأثر
فهد رفع رأسه وهو يهمس لوالده بخجل: يبه.. ماعليه أنام عندكم الليلة بس الليلة.. يمكن أمي تحتاج شيء.. وأنت نومك ثقيل
تجمعت عبرة كبيرة في حلق مريم.. بينما هز سعد رأسه وهو يهمس بحنان: حياك الله.. تنورنا
فيصل بتأثر: زين خلو لي مجال أسلم على عمتي..
فهد تأخر عن مريم.. وفيصل قبل رأسها وهو يهمس بمودة واحترام: ما تشوفين شر..
مريم تمسك بيده وتهمس بمودة: الشر مايجيك يالغالي
فيصل بمودة: الغلا شكل فهيدان خذه وخلانا
مريم بحنان: غلاكم واحد.. وكلكم عيالي
سعد بتأثر عميق: الله لا يحرم العيال وأبيهم منش
***************************
ذات الليلة بيت مشعل بن محمد الساعة التاسعة والنصف
لطيفة تعود لغرفتها بعد أن نام أولادها.. تشعر أنها مرهقة وعظامها محطمة تماما.. من بعد الاستنزاف الذي حدث بعد رعبها اليوم كانت تريد أخذ جود لتنام معها.. ولكن مريم رجتها أن تتركها لأنها لن تستطيع النوم وهي ليست معها
استحمت ولبست بيجامتها وصلت ثم قررت أن تنام
وهي تتقلب على فراشها.. دخل مشعل.. جلست احتراما له حين رأته يدخل.. ألقى غترته على الأريكة وهمس بحنان: تو مريت غرفة البنات.. ماشاء الله جود رايحة في النوم
لطيفة بألم وهي تتذكر موقف الليلة: الحمدلله ألف حمد وشكر ..بنتي ماتت إلا شيء لولا أنت بعد الله اللي كتب إنك تكون موجود أو كان ماتت بسم الله على روحها
مشعل توجه ناحيتها وهو يجلس جوارها ويحتضن كفها.. لطيفة استغربت.. ورعشة دافئة تجتاح أوصالها كان حنونا في موقفهما السابق مع جود.. ولكن لأن الموقف اضطره لذلك فما الذي يضطره الآن؟!!
همس لها بحنان: يعني نسيتي إن حمود ومريوم وعبودي كلهم بلعوا أشياء غريبة
لطيفة بألم عميق: بس ماحد منهم صار له مثلها.. كانت بتروح يا مشعل.. بتروح مني
مشعل شدد احتضانه لكفها وهو يهمس بهدوء: لا تفاولين عليها.. بسم الله عليها
لطيفة التمست بعنف مع تشديده المقصود على كفها.. بدأت دقات قلبها بالتعالي وهي تشعر أن بطنها بدأ يؤلمها تخشى أن تبادر لإرضاءه للمرة الألف فيصدها.. أو تتجاهله فتخسر الفرصة
قررت ترك قلبها يقودها.. مدت يدها لوجهها.. لتمسح عارضه بأطراف أصابعها وهي تهمس بعمق أنثوي شفاف: قلت قبل وش أكثر أحبك؟!!
مشعل تناول أصابعها من خده ليطبع قبلة طويلة على أطرافها ويهمس بعمق: وأنتي تدرين وش كثر أحبش ما أسمح لش مرة ثانية تجفيني.. ولا تلاعبيني.. ولا تشكين فيني والله اللي ما ينحلف فيه باطل.. واللي زرع عروق حبش في قلبي إنش لا تعيدين ذا التصرفات معي.. إني لـ................
لطيفة أسكتته بوضع أناملها على شفتيه.. وهي تهمس بعذوبة: بدون تهديدات ما أبي أعرفها.. خلاص حرمت يا قلبي.. حرمت
مشعل احتضن كفيها الاثنين وألصقهما بصدره ثم همس بعمق دافئ جذري: لطيفة.. شايفة ذا الشيب اللي ملأ رأسي.. كله طلع وأنا معش يوم بيومه.. احشمي ذا الشيبات واحشمي عشرتنا والعيال اللي بيننا واحشمي غلاش اللي ماله حد أنا ما أدري أنتي وش كثر تحبيني بس الوكاد إنه حبش مع الهوا اللي أتنفسه.. مع الدم اللي يمشي بعروقي ما ينفع عقب ذا الغلا كله تسوين معي كذا
لطيفة بحرج رقيق: خلاص حبيبي.. قلت لك حرمت.. آسفة والله العظيم آسفة
مشعل يفلت يديها ليحتضن وجهها ويغمره بقبلاته الدافئة المشتاقة ثم يفلتها برقة ويهمس بخبث رقيق: آسفة كلام ما ينفع أبي لي رضاوة فعلية..
لطيفة تهمس بوله: تدلل ياعمري..
مشعل يبتسم ويهمس بمرح: أبي لي بيبي.. تبين نويصر وراكان أحسن مني.. ويقولون إني شيبت
لطيفة تبتسم: الله كريم.. ولا يهمك.. إذا الله كتب.. أنا أصلا مشتهية بيبي صغير فوق ما تتخيل.. بس خل خواتي لين يولدون.. أمي مهيب قادرة عليهم كلهم.. وعقب إن شاء الله نوريهم انتاج الشيبان الأصلي.. علامة الجودة
************************
ليل الدوحة قسم راكان ذات الليلة
موضي كذلك عادت من بيت أهلها وتعمل على بعض مشاريعها الحاسوبية
دخل عليها راكان.. حين رأته ابتسمت بعمق وهي تغلق جهازها وتضعه على الطاولة اقترب منها وجلس جوارها وهو يسلم.. ردت السلام برقة
راكان مد يده ليلمس بطنها بخفة ويهمس بحنان: مشعل عاده متعب أمه؟!!
موضي تبتسم: متعبها.. أمي تقول ما بعد شافت وحام ثقيل مثل وحامي
راكان يمسح على بطنها ويهمس بابتسامة دافئة: ولدي مهوب سهل..مايبي يجي بالساهل..
موضي بعمق: جعلني فدا الولد وابيه
راكان تناول كفها وهو يطبع قبلات عميقة على كل إصبع من أصابعها ويهمس بعمق: والله لا يحرمه هو وإبيه واخوانه منش
موضي فتحت عينيها باتساع: أخوانه؟!! حرام عليك عادني في وحم الأول تطري علي الباقيين
حينها أسند راكان رأسها لصدره وأنامله تتخلل خصلاتها الناعمة وهو يهمس لها بعمقه الكوني: تدرين حبيبتي.. الأطفال هذولا نعمة من رب العالمين اللي بيجي من الله حياه الله أنا يكفيني أنتي جنبي.. قبلش ياموضي ما كنت عايش والله العظيم ماكنت عايش.. ماعرفت معنى الحياة إلا بش ومعش
موضي تعلقت في جيبه بضعف: أحس أحيانا إنه ذا السعادة كثيرة علي.. أنت ياراكان نعمة من ربي.. والله العظيم نعمة
راكان يحتضنها بقوة حانية.. يطبع قبلاته على شعرها.. ويهمس بخفوت: النعمة أنتي.. كاملة والكامل وجه الله أكيد أنتي الله أرسلش لي لأنه راضي علي.. اللهم لك ألف حمد وشكر
********************************
واشنطن بيت يوسف مساء
باكينام تجلس في الصالة تدرس وتنتظر عودة يوسف تأخر قليلا وكانت باكينام على وشك الاتصال حين دخل
قفزت وهي تهمس بقلق: تأخرت حبيبي
ابتسم يوسف بسعادة: نعم؟؟ ئلتي إيه؟!!
باكينام بطبيعية: بائول تأخرت
يوسف يقترب ويحتضن وجهها بين كفيه ويهمس بعمق: لأ التانية التانية.. اللي بستناها من زمان
ابتسمت باكينام وهي تهمس ببطء: حــبـــيـــبـــي
يا الله أي ثقل يشعر به؟!! وما أشد وطأة مشاعره عليه؟!! يعلم أنها تحبه.. ولكنه كان ينتظر انهيار كل حاجز بينهما ينتظر تماهيهما وتمازجهما التام
اقترب منها بخفة.. قبل عينيها ثم همس في أذنها بخفوت: وأنا بموت فيكي ربنا ما يحرمنيش منك
تناولت باكينام كفه لتطبع قبلاتها الرقيقة عليها.. تشعر بذنب عميق لكل ما فعلته به حينما تصفو الأرواح تصفو الرؤية لو كانت أخبرته منذ البداية بحقيقة علاقتها بحمد كانت وفرت عليه وعلى نفسها الكثير من العذاب كان من حقه أن تبرر له وتريحه.. ولكن كرامتها لم تسمح لها.. فماذا استفادت؟!! أضاعت على نفسها وعليه وقتا طويلا من السعادة كان كلاهما يتمناها
يوسف كانت باكينام تشغل تفكيره ويرى أنها عانت كثيرا في الفترة الأخيرة لذا همس لها بحنان يخفي وراءه توتره أن توافق على اقتراحه: تحبي تروحي لندن لما تخلصي امتحانات؟!!
انتفضت باكينام بخفة: ليه؟؟
يوسف يشدها ليجلس هو وإياها على الأريكة ويحتضنها بخفة ويهمس بذات الحنان: أنتي هتخلصي امتحانات بعد أسبوع وأنا بائي لي شهر لو تحبي تروحي لأهلك.. ولما أخلص أجي لك وننزل سوا مصر زي ما تحبي
باكينام بعتب: عاوز تخلص مني؟!!
يوسف يشدد احتضانه لها ويهمس بمودة مصفاة: لو عليا يا ئلبي أنا عاوز رجلي على رجلك بس أنا عارف إنك تعبتي الأيام اللي فاتت كتير.. فئلت يمكن عاوز تشوفي ماما وبابا.. ماحبيتش أبئى أناني
باكينام احتضنت خصره وهي تهمس برقة: هاشوفهم بس معاك ثم أردفت بخفوت عذب: أنته بتتكلم جد؟؟ عاوزني أسيبك وأنته منائشتك ئربت أمال حبيبتك وحبيبي إزاي لو سبتك في وئت زي ده؟!!
احتضنها أكثر وأكثر وهو يهمس بعمق شاسع: ربنا ما يحرمنيش منك
ردت عليه بذات العمق: ولا منك
************************
بعد أسبوع آخر
عودة مشعل وهيا ستكون بعد يومين بعد أن تجاوز كلاهما العراقيل بنجاح هو تجاوز المناقشة.. وهي تجاوزت الامتحانات بتفوق كبير
وضع الجميع على حاله..
مريم تحسنت كثيرا.. وتعلق فهد زاد بها كثيرا هو وجد فيها الأم التي لم يعرفها وهي أروت في غريزة الأمومة المتدفقة فيها
أم حمد عانت أسبوعا مريرا بعد معرفتها بخبر عجز ابنها عن الانجاب ولكنها الآن تقبلت الفكرة رغم صعوبتها واتجه تفكيرها لناحية جديدة
مازالت مشكلة فارس والعنود معلقة.. فمخطط فارس لإعادة العنود أفسدته دورة العمل التي عاد منها البارحة فقط
*************************
بيت محمد بن مشعل غرفة ناصر ومشاعل الساعة السادسة والربع صباحا
يرن منبه هاتف ناصر.. يمد يده ويغلقه.. ثم يتحسس جواره ليوقظ مشاعل ولكنه وجد مكانها خاليا تلفت حوله لم يجدها.. استغرب فهي نامت جواره بعد صلاة الفجر.. فأين ذهبت ربما في الحمام.. توقع أنها في حمام الغرفة.. لذا ذهب لحمام الصالة
ناصر أيام العمل لا يخلع ساقه بعد صلاة الفجر.. وبشكل عام إن كان سينام لساعة أو ساعتين لا يخلعها.. بل ينام بها
مشاعل فعلا كانت في الحمام ومنذ وقت طويل ولكنها فكرت أنه حين يصحو سيتجه لحمام الغرفة لذا ذهبت لحمام الصالة
حين فتح الباب وجدها تجلس على طرف الحوض وتسند رأسها للحائط.. وشكلها مرهقة تماما توجه لها بقلق وسألها بقلق عميق: وش فيش يا قلبي؟؟
كان ردها عليه أن أزاحته برقة لتقف وتتقيأ في المغسلة.. ولأن معدتها أصبحت خالية تماما.. تقيأت القليل جدا من عصارة المعدة
ناصر يمسك بعضديها من الخلف وهو يهمس بقلق حقيقي وحزم طبيعي: يالله نروح المستشفى
مشاعل غسلت وجهها جيدا وجففته ثم همست بضعف: مافيه داعي حبيبي.. أبي أنام بس.. ماني برايحة الدوام اليوم
ناصر بحنان: مايصير مشاعل.. أنتي تعبانة..
مشاعل بذات الضعف: تعب طبيعي حبيبي..
ناصر بحنان مصفى: خليني أوديش السرير زين.. ولو رجعت من الدوام وأنتي تعبانة.. ماعلي منش.. بأوديش للمستشفى
مشاعل كانت تشعر بضعف شديد لكثرة ما تقيأت إضافة إلى أن بنيتها ضعيفة أساسا.. لذا كانت تمشي ببطء وناصر يسندها حين رأى ضعفها البالغ.. والمسافة طويلة نوعا ما بين حمام صالتهما والسرير في غرفة نومهما قال لها بحزم: وقفي ثم أفلتها ليقترب منها ولكن بوضعية جديدة.. وهو يحملها بين يديه بخفة
مشاعل همست بجزع: نزلني.. تعب عليك
ناصر يتوجه بها للسرير وهو يحتضنها قريبا من قلبه: أي تعب الله يهداش أنا قايلين لي أقدر أشيل أثقال بساقي هذي أنتي على وزنش هذا نجيب أربع منش عشان تصيرون ثقل واحد
حينها تعلقت مشاعل برقبته وطبعت قبلة على خده وهمست بابتسامة رقيقة: يمكن يعجبني الوضع.. وأقول لك يالله كل يوم شيليني
ناصر يبتسم وهو ينزلها بحنان وخفة على السرير: حاضرين.. ندلل عبدالله وأم عبدالله
مشاعل باستغراب: عبدالله؟؟ ما تبي تسمي محمد؟؟
ناصر يبتسم: من يوم حن بزران وحن عندنا ثلاث أبان:جدي مشعل وابي محمد وعمي عبدالله مشعل سمى الكبير محمد.. وصار هو أبو محمد.. وراكان يقول إن شاء الله بيسمي مشعل أنا أصير أبو عبدالله إن شاء الله..وخصوصا إن أخيش مشعل يبي يسمي سلطان ولو جيتي للحق عبدالله بن ناصر اسم رزة.. اسم شيخ صدق.. لأنه ولدي لازم يصير شيخ على بزرانهم كلهم
مشاعل تتمدد ببهدوء وهي تهمس بشجن: الله كريم.. الله يتمه بخير.. ياحلوه اسم عبدالله.. فديت عبدالله العود جعلني ماذوق حزنه
بعد حوالي نصف ساعة كان ناصر ينزل للصالة السفلية وجد والدته والعنود قبل رأس والدته.. والعنود وقفت وقبلت رأسه والدته سألت بقلق وهي تسكب له كوبا من (الكرك): وين مشاعل؟؟
ناصر بهدوء: اليوم تعبانة ومهيب رايحة المدرسة خليتها نايمة ثم التفت لأمه وهمس باحترام: يمه فديتش ولا عليش أمر طلي على مشاعل
أم مشعل بحنان أمومي: بدون ما توصي فديتك.. مشاعل بنتي
العنود بابتسامة: يعني ما تقدر توديني موعدي اليوم؟؟
ناصر يبعثر شعرها بحنان: ليه أنا قد وعدتش بشيء وأخلفت.. تجي على موعد يعني؟!! أفا عليش
العنود تبتسم: قلنا حبيبة القلب تعبانة.. يمكن المخ اختبص
ناصر يبتسم: هو بصراحة من حيث إنه اختبص .. فهو اختبص.. لكن عشانش نسمكره ثم أردف وهو ينهي كوبه: تجهزي عقب صلاة العصر على طول.. مثل موعدنا أمس..
العنود كانت ذهبت البارحة لإجراء فحص الدم الإخير بمناسبة انتهاء برنامجها العلاجي واليوم تعطيها الطبيبة النتائج..
*************************
بعد صلاة العصر بيت حمد بن جابر غرفة حمد
حمد عاد من الصلاة.. ويريد تبديل ملابسه.. ليتجه للنادي حيث بدأ برنامجا رياضيا للياقة وبناء الجسد
دخلت أمه.. عرف فورا من وجهها أن لديها حديثا همس بهدوء وهو يغلق حقيبته الرياضية: آمريني يأم حمد
ثم جلس على السرير لشد خيوط حذائه الرياضي
وجلست أمه جواره وهمست بهدوء عميق: اسمعني يأمك كل إنسان الله يكتب له نصيب.. والواحد ما يدري وين نصيبه يمكن الله ما كتب لك عيال.. أو يمكن يكون كاتب لك مع مرة ثانية.. ماتدري لكن على كل الأحوال أنت توك شباب ومحتاج لك مرة تحصنك.. ترادك الصوت.. تسولف معها مهما كان الرجّال مع مرته غير..
حمد بضيق: يمه فديتش ماخلصنا من ذا السالفة
أم حمد برجاء عميق: يأمك خلني أكمل كلامي.. وأنت فكر.. وعقب براحتك
حمد صمت ليفسح لها مجال الحديث
وأم حمد أكملت كلامها: يأمك فيه بنية من بنات الجماعة.. رجّالها متوفي وهي عندها ولد وبنت.. وتوها صغيرة عمرها حول 28 أو 29 وأنا أعرفها زين ماحدن مثلها.. مزيونة وحشيمة ونفسها خفيفة وهي تراها مخلصة الجامعة وكانت تشتغل بس عقب موت رجّالها خلت الشغل عشان تفرغ لعيالها وأنا أشوفها مناسبة لك واجد..
حمد بهدوء ليتخلص من إلحاحها: ومن هي بنته؟؟
أم حمد بابتسامة انتصار: بنت سالم بن راشد الله يبيح منه.. مالها ذا الحين إلا أخيها راشد.. تعرفه؟؟
حمد بهدوء: أعرفه.. رجّال والنعم ثم أردف بذات الهدوء وهو يقف: زين خليني أفكر جعلني ما أبكي خشمش..
حمد وضع حقيبته على كتفه وتوجه للنزول وهو في منتصف الدرج..خطر له خاطر (خلني أسأل السؤال مهوب حرام..)
ثم عاد أدراجه لغرفة معالي
حمد بذاته ليس لديه أدنى رغبة للزواج.. ولكنه يفكر بشكل منطقي أنه قد يندم مستقبلا على تضييع شبابه في الوحدة ومادام هناك امرأة بمواصفات كهذا... فليحاول استغلال الفرصة قبل تبخرها ولكنه يشك في قدرة والدته على الوصف فقد تكون والدته تبالغ لإقناعه.. لذا قرر أن يسأل معالي.. فهي شابة أعرف بذوق الشباب.. ومن ناحية أخرى لا تعرف المجاملة
طرق الباب بخفة.. جاءه صوتها من الداخل: ادخل
حين دخل كانت تطوي سجادتها.. همس بغضب: توش تصلين الحين؟!! أنا جاي من المسجد قبل نص ساعة
معالي بابتسامة: وش أسوي بأمك توها تقومني وهي رايحة لك وفي وجهها علامات الشر.. تقول شرشبيل رايح يأكل السنافر
حمد يقترب ويشد أذنها برفق: عيب يا بنت.. تراها أمش كنش نسيتي مهيب أختش الصغيرة
معالي تدعك أذنها وهي تقول (بعيارة): شكلي بأعنس وأطيح في كبودكم من كثر الإصابات اللي فيني
حمد لم يستطع إلا أن يبتسم: عيب يا بنت عيب..
معالي حين رأته ابتسم تمادت قليلا: تكفى حمودي ماتعرف واحد مزيون طايح في كبد هله.. يأخذ وحدة مزيونة بتطيح في كبد أهلها
حمد يقعد ويبتسم: أنتي تبين لش أدبن مهوب ذا.. بس ذا الحين ما أنا بمتفرغ أبيش تزوجيني أول
معالي قفزت جواره وهي تهتف بحماس: صدق حمد صدق بتعرس
حمد بابتسامة: ياحبش لطاري العرس ياللي ما تستحين الحين خلينا نتطمن ونسألش على العروس وعقبه يصير خير
معالي بذات الحماس: من هي؟؟ من هي؟؟
حمد بهدوء: بنت سالم بن راشد الله يرحمه
حينها انفجرت معالي بالضحك: شيوخ الدبة
حينها قطب حمد جبينه: دبة دبة.. يعني مافيها طب طبيب؟؟
معالي بابتسامة شاسعة: تدري أمك هذي خطيرة.. ما أدي من وين طلّعت شيخة
حمد بتقطيب: ليه لذا الدرجة طايح كرتها؟!!
معالي بابتسامة شفافة: بالعكس أمي جابت اللي تنفع لك تمام
حمد بدهشة باسمة: أما أنتي الواحد مايعرف لش.. توش تقولين دبة
معالي تبتسم: هي تقول على روحها دبة.. بس لو جيت للحق وبما أنك رجّال بتخطب فحق لك تعرف مواصفاتها هي مليانة شويتين.. بس بالطريقة اللي تعجب العجايز.. والرياجيل بعد: جسمها معزل.. بس تدري احنا نحب الرشاقة ونغار اللي من متان بس أجسامهم ملفوفة.. فلازم نقول دبة
حمد يبتسم: وحلوة؟؟ وإلا بعد دبة وشينة
معالي بصراحة شفافة: مقبولة وجمالها بعد من اللي يعجب العجايز ما أدري يمكن يعجبك أنت بعد.. عيونها كبار وشعرها طويل
حمد يبتسم: عز الطلب.. ليش أحس إنها مهيب عاجبتش
معالي تبتسم: لأنها على طول تعلق على نفسها.. فصار صعب علي أجمع الصورة الفعلية والصورة اللي هي ترسمها لروحها
حمد يضربها على مؤخرة رأسها بخفة: شين الفلسفة ثم أردف: خلينا من الشكل.. دامها مقبولة.. الجمال مايهمني أساسا أنا يهمني أخلاقها
معالي تبتسم باتساع: عاد في هذي ماعليها كلام.. ماعليها كلام أبد.. قمة ماشاء الله تبارك الله
حمد يقف ويبتسم: يعني أتوكل على الله
معالي تقف بدورها وتبتسم: توكل والقلب داعي لك
************************
قبل المغرب بقليل
سيارة ناصر
ناصر يهمس للعنود الجالسة جواره بقلق: وش فيش يالغالية من عقب ما طلعتي من عند الدكتورة وأنتي ساكتة.. وش هي قالت لش؟؟
العنود تبتسم من تحت نقابها وتهمس بصدق: والله العظيم إنها قالت إن كل شيء عندي تمام والنقص اللي كان عندي تعوض بالكامل ورجع كل شيء لمستواه الطبيعي
ناصر بهدوء : زين وش فيش؟؟
العنود بهدوء غامض: مافيني شيء بس متوترة عشاني بأرجع لبيتي اليوم فارس بيجي يأخذني عقب المغرب
ناصر بفرحة حقيقية: من جدش؟؟ وأخيرا؟؟ ما بغيتو؟؟
العنود بغموض: كنا نبي نصفي اللي بيننا.. وصفيناه غصب
ناصر بابتسامة شاسعة: زين ماسويتو.. المرة مالها إلا بيتها
العنود تتنهد بعمق.. بفرحة شاسعة.. بحزن مجهول وهي تستعيد ماحدث خلال النصف ساعة الماضية
كانت تجلس بتلقائية أمام الطبيبة التي كانت تتصفح التقارير أمامها ثم ابتسمت: وقت مناسب للحمل تماما.. كل شيء عندك صار تمام
العنود تتذكر بحزن جلوسها أمام ذات الطبيبة قبل أكثر من شهرين حين جاءت مع أم فارس وهي تظن أنها قد تكون حامل
همست العنود بخفوت: إن شاء الله.. الله كريم.. الله يرسل الخير من عنده
الطبيبة بابتسامة أوسع: لا.. مافهمتيني.. أنا قصدي إنك حامل ووقتك للحمل كان في وقته ولله الحمد لأنه كل شيء عندك في مستواه الطبيعي
العنود شهقت بعنف وهي تقف بحدة وتميل على مكتب الدكتورة: نعم؟؟ أنا ؟؟ أنــــــا؟؟ أنـــا حـ ـ ــ ـامـ ـل
الطبيبة بابتسامة واسعة: ليش فزعتي؟؟ أنتي ماكان عندك شيء يمنعك من الحمل أساسا متى كانت أخر دورة عندك؟؟
العنود عاودت الجلوس وهي مازالت غير قادرة على الاستيعاب وهي تهمس بخفوت: قبل حوالي 24 يوم
الطبيبة بهدوء: يعني أنتي بديتي الأسبوع الرابع من الحمل
العنود قاطعتها: بس.. ثم صمتت ليس لديها ما تقولها سوى ســـــوى ســـــــــوى أنها........ ســعــيــدة.. سعيدة فعلا تسللت ابتسامة حقيقية لشفتيها العذبتين.. (حامل.. وأخيرا.. حامل باجيب لك سعود يافارس صحيح أنت ما تستاهل.. بس هذا اللي الله كتبه يا الله مبسوطة.. مبسوطة.. مبسوطة بس.. بس.. وش أقول لهلي.. صار لي عندهم شهرين وعقب أقول لهم حامل)
زفرت حينها بغضب: ( كله منك يا فارس.. كله منك)
كانت في غرفة الانتظار بعد أن خرجت من الطبيبة التي أعطتها مجموعة من الوصايا وفيتامينات خاصة بالحمل العنود قررت أن تجلس تفكر قليلا قبل أن تتصل بناصر الذي ينتظرها في قاعة انتظار الرجال
هداها تفكيرها لشيء تكرهه ولكنها مضطرة له تناولت هاتفها وأرسلت رسالة
ذات الوقت فارس كان في بيت عمه عبدالله يريه قسم مشعل الذي تم انجازه ولكنه تركه بدون فرش بناء على طلب مشعل الذي يريد فرشه بنفسه
فارس يبتسم لعمه: بصراحة يبه ذوقك ما يعلى عليه.. غطيت على الشباب
عبدالله يبتسم: يأبيك مهوب كله ذوقي.. شيء ذوق أمك أم مشعل.. وشي من ذوق البنات.. والباقي خلاص يكمله مشعل ومرته
فارس بمودة: أنت الخير والبركة
عبدالله بمودة: يالله يأبيك أراحك داخل البيت نتقهوى عندك جدتك..
كان فارس يخرج مع عمه حين اهتز هاتفه في جيبه معلنا وصول رسالة تناوله دون اهتمام.. فور رؤيته اسم العنود يتصدر الرسالة انتفض قلبه بعنف.. وشعر بخليط متوحش من الترقب والقلق والفرحة فهو وصل منتهاه شوقا لها.. وكان يريد التوجه لعمه الليلة ليطلب منه أن تعود معه فهو عاد من دورته البارحة فقط
ليتفاجأ بل يُصدم بالرسالة
" فارس لو سمحت تعال اخذني بعد صلاة المغرب وإلا هذي بعد بتسكثرها علي؟!!"
فارس لم يسألها عن سبب ولا يهمه.. المهم أنها تريد العودة وبنفسها أي فرحة هذه؟!! أي فرحة؟!! همس في داخله: ( وأخيرا يا حبيبتي حنيتي علي.. وأخيرا أدري إني زودتها وحتى أخر يوم يوم جيتي للبيت المفروض ماخليتش تطلعين بس أنا بغيتش ترجعين وأنتي مقتنعة وأنا اللي أجي أخذش قدام هلش والله العظيم بدّيت حشمتش وقدرش على قلبي اللي ذاب)
فارس طبع رسالة وأرسلتها
" أشلون أستكثرها عليش الله يالعنود!! يعني ما تعرفين قدرش عندي؟!! وإلا نسيتي؟!! جاي عقب صلاة المغرب على طول"
#أنفاس_قطر# . . يتبع الجزء106 . . | |
|
| |
بنوتة كول
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 12/10/2011 العمر : 30
| موضوع: رواية اسى الهجران كامله بدون ردود السبت يناير 28, 2012 10:47 pm | |
| أسى الهجران/ الجزء المئة وستة
بيت حمد بن جابر عقب صلاة المغرب
حمد يعود من الصلاة يمر بوالدته في غرفتها وهي تقرأ أذكارها يقبل رأسها ويجلس جوارها على الأرض
أم حمد بابتسامة: وش عندك؟؟
حمد يقطب جبينه: ليش ماقلتي إنها دبة؟!!
أم حمد بغضب: من اللي يقوله؟!! اكيد معالي الكلبة.. زين علوي الزفت دواها عندي
حمد يضحك: بس يمه.. أمزح معش.. توكلي على الله.. إسألي المره قبل وقولي لها يمه بصراحة عن وضعي وإني ما أجيب عيال.. لازم توافق وهي على بينة
أم حمد بفرحة: إن شاء الله أبشر.. وإن شاء الله بتوافق
حمد خرج من عند والدته.. ونورة سارعت للاتصال بلطيفة
**************************
بعد المغرب بيت محمد بن مشعل
سيارة فارس تتوقف في باحة البيت
العنود تنزل من الأعلى مرتدية عباءتها.. ونقابها في يدها تنزل بحقيبة يدها فقط دون أي ملابس أو حقائب كبيرة.. كما جاءتهم تماما
مشاعل وموضي ومريم جميعن متواجدات مع أم مشعل فهن يعلمن أن أم مشعل ستتأثر لعودة العنود حتى وإن أنكرت
العنود عيناها امتلئتا بالدموع وهي ترى والدتها تحاول إخفاء دموعها اقتربت من والدتها لتقبل رأسها وتهمس لها بشجن: مهوب أنتي اللي ماعاد باقي إلا تطرديني.. وكل يوم تقولين لي ارجعي بيتش هذا أنا بارجع.. ليش الدموع جعلني فدا عيونش
أم مشعل بصوت مختنق وهي تخفي سبب حزنها: مستانسة يأمش برجعتش لبيتش
العنود تحتضن والدتها بخفة وهي تحاول منع نفسها من البكاء.. لأنها تعلم استعدادها لإسالة نهر كامل وخصوصا أن أعصابها مشدودة تماما همست في أذن والدتها: يمه بيتي جنب بيتش وبيننا باب.. مافيه شيء بيتغير.. كل يوم عندش يالغالية
موضي بمرح لإنعاش الأجواء: ييمه خليها تفارق لبيتها.. تفضي الأجواء لي أنا وأختي وعيالنا
أم مشعل بشجن: كلن له غلاه يا بنتي.. كلن له غلاه
موضي تبتسم: بس هي غلاها واجد نبي نستولي عليه ونضمه لأملاكنا
ثم أردفت وهي توجه حديثها للعنود: وأنتي روحي لأخي.. خاس في السيارة
مريم شدت العنود ناحيتها وهمست في أذنها بهدوء رقيق: الزعلة ذي إن شاء الله ما تكرر.. رجالش وعرفتي طبايعه ياقلبي ولو مهما صار لا تكررين طلعتش من بيتش.. البيت كبير ازعلي عليه وأنتي في بيته..
همست العنود بضعف: إن شاء الله مريم حفظت درسي
مشاعل تقبل العنود وتهمس لها بدورها بخفوت: فارس يحبش فوق ما تخيلين يالعنود شوفي حاله عقب ماطلعتي من بيته.. الولد كان بيموت.. طالبتش ما تزعلين عليه.. ولو زعلتي ما تطولين عليه الزعل.. روحه معلقة فيش لو أنتي ماحسيتي.. أنا حسيت وزيادة
همست العنود بألم: يصير خير.. يصير خير
العنود خرجت وهي تجر أقدامها حرجا وتوترا وتكاد لا ترى الطريق أمامها
فارس منذ رؤيته لخيالها الأسود يعبر من باب البيت شعر بطبول حرب مجنونة تصطخب في قلبه المستزف اشتياقا والمفعم ولعا اشتاق لها.. ولكل مافيها خطواتها الرقيقة.. صوتها الساحر.. همساتها المشبعة بغنجها الطبيعي.. دلالها اللذيذ كل مافيها يفتنه ويسحره ويحوله لمخلوق آخر هو أسير لها وحدها قلب خُتم عليه باسمها وحدها كيف استطاع أن يصبر على بعدها؟!! كيف استطاع؟!!
العنود وصلت وركبت جواره.. كان يريد احتضان كفها بل يتمنى ولكنها احتضنت كفيها في حضنها وهي تغرق في صمت عميق
فارس همس بعمق: هلا والله وألف هلا.. والله إني صادق اشتقت لش ياقلبي.. مهوب اشتقت إلا ذبت من الشوق
العنود ببرود تشتعل تحته: إيه مبين اشتقت لي
فارس يبتسم بتلاعب.. لن يغضبه شيء مطلقا.. يكفيه أنها عادت له وهو يعرف تماما كيف يرضيها: أفا.. الحلو زعلان
العنود بذات النبرة: ليه الحلو على قولتك حد راضاه؟!!
فارس بذات الابتسامة المتلاعبة: أنا راضيته لو هو ناسي.. وأراضيه بعيوني ثم أردف: وين تبين تروحين؟؟
العنود باستغراب: ليه فيه مكان نروح له غير بيتك؟ (شددت النبر على بيتك)
فارس على ذات النبرة المثيرة بتلاعبها: قصدش بيتش ياقلبي.. وإيه فيه أماكن واجد نروح لها.. تدللي
العنود بحزم: أبي أروح للبيت.. فيه أشياء لازم نتفاهم عليها
فارس لم يرتح لجملتها ولا لطريقتها في قولها ولكنه همس بهدوء: حاضرين
خرج من بيت أهلها ليدخل إلى باحة بيته الملاصق
نزلا كلاهما وهو يهمس: أمي راحت تجيب أغراض للبيت.. ماقلت لها.. حبيت أسوي لها مفاجأة كانت متشفقة على رجعتش واجد
العنود تدلف للبيت وهي تهمس بذات النبرة الباردة المشتعلة: على الأقل فيه حد في ذا البيت متشفق على رجعتي
كان فارس على وشك الرد عليها ولكنه أُخرس أُخرس تماما وهي تخلع شيلتها ونقابها بحركة واحدة لتعلقهما على مشجب عند الباب ويتناثر شعرها على كتفيها.. إشعاعها غمر المكان.. غمر المكان بشكل مذهل أشبه بالسحر لا يعلم ما الذي فتنه.. شيء ما بها تغير..شيء تغيّر.. ازدادات فتنة.. وعلائم الغضب الرقيق ترسم على محياها فتنة أشد طغيانا كانت طاغية.. طاغية بكل معنى الكلمة.. أسطورته الفاتنة المسيطرة
لم يستطع أن ينطق بحرف حتى قطعت هي الصمت: ممكن نطلع لغرفتك نتكلم
فارس انتفض بخفة في داخله وهو يصحو من غيبوبة فتنتها اللذيذة ويهمس بهدوء وهو يتجه للصعود: ترا لو قلتي غرفتنا شيء عادي.. ماحد يحاسبش على الكلام يعني
العنود نجحت في إثارة غضبه.. تعلم ذلك.. همست ببرود: هذا أنت انتبهت
فارس مازال محافظا على هدوءه رغم غضبه: والله أنتي تبيني انتبه.. أشلون ما أنتبه
وصلا كلاهما لغرفتهما تناول فارس المفتاح وفتح الباب ليدلفا كلاهما
ثم توجه لأحد المقاعد وجلس بينما توجهت العنود للأريكة وجلست
همس فارس بهدوء: يالله تدللي واسمعيني زين يا العنود.. الحين نتصافي.. ونصفي كل اللي بيننا زعل زيادة ما أبي خلاص
حــيـنــهــا
انخرطت العنود في كل البكاء الذي كتمته منذ أخبرتها الطبيبة بخبر الحمل دموع الفرحة.. ودموع القهر.. ودموع الشجن شعرت أن فرحتها مبتورة من كل ناحية أولا: عادت لفارس بطلبها هي.. وهي تهين نفسها له.. ولا تعود كما تمنت وأرادت ثانيا: تعلم بالحمل وهي غاضبة منه.. رغم أنها كانت تتمنى أن يكون معها ويكون من يسمع الخبر معها ثالثا: يجعلها تشعر بالخجل من حملها فلا تجرؤ على إخبار أمها أو حتى مريم كأنها ارتكبت جرما
فارس انتفض بعنف وهو يقفز ليجلس جوارها ويحتضنها بكل قوته رغم ممانعة العنود ومقاومتها له ومحاولتها التفلت من أحضانه وهي تحاول دفعه بعيدا عنها لتنهار بعد ثوانٍ وتتلاشى كل مقاومتها وهي تتعلق برقبته وتدفن وجهها بين رقبته وكتفه.. وتشهق: كله منك.. كله منك
فارس يمسح على شعرها بحنان ويهمس لها بحنان مصفى: خلاص ياقلبي اعتذرت لش.. وش تبين أسوي أكثر أنا حاضر
العنود مازالت تتعلق بعنقه الذي تبلل من دموعها وهي تهمس من بين شهقاتها: خربت فرحتي بكل شيء أول وتالي
فارس يبعدها برقة ليمسح وجهها بأطراف أصابعه ويهمس لها بعمق: ما تشوفين إنش مزودتها يا قلبي؟!! خربت فرحتش؟!! ليش ذا كله؟!!
صمتت العنود وهي تختنق بعبراتها
وفارس يستحثها لتتكلم: هاه ياقلبي.. وش اللي في خاطرش؟؟
حينها همست العنود بعمق ألم شفاف: وش كثر تحبني يا فارس؟!
فارس أمسك بكفها واحتضنها بقوة وهو يهمس بعمق متجذر: أنتي ما تسألين ذا السؤال يالعنود لأنه حبش ماعاد يقاس ولا ينحسب.. شيء فوق كل خيال وتصور
حينها همست العنود بألم: وأنت تدري إني أحبك واجد.. أكثر حتى مما كنت أنا أظن وأعتقد
فارس بشجن: أدري ياقلبي أدري
حينها ألقت العنود وبشكل مفاجئ بالخبر القنبلة الذي تتحرق لمشاركته به قبل أن تجبن عن قوله: فارس.. أنا حامل..
فارس يفتح عينيه ويغلقهما وهو يهمس بذهول: نعم؟؟
العنود تنكمش قليلا: حامل يافارس حامل
حينها قفز فارس بشكل مفاجئ وحاد وهو يصرخ متوجها للخارج.. كان يصرخ بسعادة مجنونة: يـــــــــمـــــــه يــــمــــه... يــــمــــــه العنود حامل.. العنود حامل
العنود لحقت به بجزع.. كان قد وصل الدرج حين لحقت به وأمسكته وهو يهمس بسعادة لا حدود لها: فكيني..خليني أبشر أمي يا الله ياقلبي.. الله يفرحش مثل ما فرحتيني بس مافيه حد بيفرح كثر أمي
العنود تكاد تبكي: فارس أول شيء أنت قلت لي أمك مهيب هنا
فارس بتذكر: إيه والله
العنود بذات النبرة المختنقة: تعال بأقول لك شيء أول
قالتها وهي تشده للداخل حينها أمسك بها فارس ليحتضنها بكل قوته.. حتى شعرت بالألم في أضلاعها من شدة احتضانه لها.. وهو لم يشعر أنه قد يكون احتضنها أقوى مما يجب حتى أنّت بضعف حينها أفلتها وهو يهمس بحنان: آسف يا قلبي.. أجعتش؟!! والله ما حسيت بنفسي.. فرحان حبيبتي فرحان ثم همس بجذل عميق: مبروك ياقلبي مبروك
حينها همست العنود بخجل عميق: تكفى فارس ما تقول لأحد
فارس تأخر للخلف قليلا وهو يقول مراعاة لخجلها كما يظن: بأقول لأمي بس
حينها اختنقت العنود بكلماتها: تكفى فارس لا تقول لأحد.. لا تفضحني
حينها اشتعل كل غضب فارس: نعم؟؟ أفضحش؟؟ وليه؟؟ حن سوينا شيء حرام عشان ندسه؟؟
العنود عادت للبكاء: يعني إلا تعصب علي أو ما تستانس؟!!
فارس انتفض بخفة وهو يشدها ويجلسها ثم يجلس جوارها ويحتضنها بحنان: ياقلبي يالعنود أنتي الكلام اللي قلتيه يخلي اللي ماعنده دم يحترق دمه.. أشلون واحد دمه حار مثلي
العنود احتضنت خصره وهي تسند رأسها لصدره: افهمني فارس أنا صار لي عند هلي أكثر من شهرين وألف مرة الكل سألوني أنتي حامل.. وقلت لا أشلون أرجع لك وأقول إني حامل في نفس اليوم يعني على طول هلي بيفهمون إني كنت أستغفلهم.. وأنا وأنت متراضين من زمان يرضيك تحرجني كذا؟!!
فارس تنهد وهو يتفهم وجهة نظرها رغم عدم اقتناعه بها.. فهو يرى أنه لم يرتكب أي خطأ حتى يخفيه
همس وهو يمسح على شعرها: حاضر ياقلبي.. ولو أني ماني بمقتنع كان خاطري أفرح أمي أمي من يوم وعيت على الدنيا ودعوتها لي: جعلني أشوف عيالك
همست العنود برقة ورأسها مختبئ في صدره: اصبر فديتك.. بس ثلاث أسابيع ونقول للكل
يبعدها قليلا عنه.. يملأ عينيه منها ثم يبتسم بشفافية: أحلى حامل شفتها في حياتي وأنا أقول من أول ماشفتش إنش محلوة بزيادة أثره ولدي اللي محليش
ابتسمت العنود وهي تمد أصبعها لتمسح برقة على حاجبة الغليظ الشديد السواد وتهبط نزولا إلى خده..وتهمس بعذوبة: حلو مثل أبيه
ابتسم فارس: بنعديها عشان القمر الحامل ماتزعل
ابتسمت العنود: كيفي خلاص.. ولدي وأبيه.. أقول حلو.. أقول شين.. بكيفي مالك شغل
فارس يقترب منها أكثر ويحتضن وجهها بين كفيه وهو يتمعن في كل تفاصيل وجهها بشوق هادر ووله مصفى ثم يهمس بعمق: الحين أكثر من شهرين مروا.. ما اشتقتي لي يالظالمة؟!
العنود بجزع رقيق: ما اشتقت لك؟!! بلاك ماحسيت فيني.. ذاب قلبي من الشوق يافارس تدري فارس حبي لك شيء مافيه شك.. لكن الحياة الزوجية ياقلبي مهوب حب وبس.. الحين بيصير بينا طفل.. وأنا ما أرضى إنك تعصب علي قدام عيالي.. وقبل أي شيء ما أسمح لك تمد يدك علي لو فكرت تمد يدك علي طلقني قبلها أحسن
انتفض فارس بجزع حقيقي: ياشين ذا الفال!! ثم تنهد وأردف بهدوء عميق: مد يدي عليش مرة ثانية.. تنقص يدي ولا أسويها لكن التعصيب أنا أعرف نفسي.. رجّال محراق لكن أوعدش إني أحاول أتحكم في أعصابي قد ما أقدر.. وأنتي حاولي ماتسوين شيء يزعلني وإن شاء الله نبقى دائما في منطقة الوسط متراضين
ثم أردف بابتسامة ذات مغزى: وعلى طاري متراضين.. ماتبين تشوفين رضوتش؟؟
العنود باستغراب: رضوتي؟!!
فارس بابتسامة: أنا أصلا معتبرش رضيتي من المرة اللي فاتت بس قلت خلني أخذش من بيت هلش وقدامهم بس جات دورتي وخربت علي.. وتوني راجع أمس ورضوتش شريتها من قبل أسافر حتى.. لأني قلت لش تدللي واختاري بس أنتي قلتي: ما أبي شيء.. أبي أرجع بيت هلي (يقولها وهو يقلد طريقتها في قولها)
العنود بخجل رقيق: بس لا تحرجني
فارس ابتسم وهو ينهض ليحضر له كيسا فخما من أكياس مجوهرات ريفولي الشهيرة وضعه على فخذها وهمس بفخامة حميمة: إن شاء الله تعجبش
العنود فضت الغلاف الفخم بألوان ريفولي الزرقاء والبيضاء المعروفة لتتفاجأ بالصندوق الجلدي الفخم همست بدهشة: فيرتو؟!!
ابتسم فارس: افتحيه.. وإلا كفاية تشوفينه من برا المفتاح موجود في الكيس
العنود شعرت بحماس متزايد وهي تتناول المفتاح الذهبي الصغير وتفتح به الصندوق الجلدي وتفض الأغلفة الداخلية لتصل للهاتف المتألق البالغ الأناقة والفخامة
همست العنود بدهشة أعمق: ومرصع ألماس بعد.. بكم شريته فارس؟؟
فارس يبتسم: وليمتد إديشن مانزل منه الدوحة إلا تلفون واحد على ذمة البياع اللي في ريفولي.. والواحد ذا صار عند الشيخة العنود
العنود بخجل عميق: فارس واجد كلفت على نفسك.. والله واجد
فارس يحتضنها بحنان وقوة وهو يهمس بكل رجولته الخالصة: عشان تدرين إن زعلش مهوب رخيص عندي
***********************
بعد صلاة العشاء مكالمة تلفونية بين لطيفة وشيخة
شيخة ببساطة: بأصلي صلاة استخارة الليلة وبأرد عليش بكرة
لطيفة تبتسم: بذا السرعة كذا
شيخة تبتسم: ما أحب دلع البنات الماسخ وتمرطاسهم مبدئيا هو عاجبني.. إذا صليت استخارة وكان الله يبي لي الخير معه.. ليش أطولها وهي قصيرة
لطيفة بتحذير: بس تذكري شيخة اللي قلته لش.. حمد كان يضرب موضي صحيح يعز علي أطلع أسرارنا لكن أنا عارفتش زين وإن السر ما يطلع منش.. الشيء الثاني إنش لازم تكونين على بينة حمد تعالج في مصر.. وحتى مشعل اللي ما يطيقه من بعد سالفة موضي يقول إنه متحسن واجد الشيء الثاني إنه مايجيب عيال.. حطي هالشيئين في رأسش وأنتي تفكرين
شيخة تنهدت: اسمعيني لطيفة أنا ما أني بمثل موضي.. موضي صبرت عليه عشان ولد عمتها وولد خالها لكن أنا لو فكر يمد يده علي والله لأسحبه للشرطة ولا يهمني شيء ثم ابتسمت: وبعدين عندي أخي رويشد المقلوع بيموت عشان يكفخ له حد.. بأجيب له حمد يكفخه لو كفخني الشيء الثاني اللي هو العيال.. انا عندي ولد وبنت وولله الحمد.. لو الله كتب لي عيال معه نعمة من الله وفضل.. ولو ما كتب يمكن الله رايد لي وله ولعيالي الخير
وبعدين يا لطيفة وين ممكن يجيني حد مثل مواصفاته أنا كل اللي تقدموا لي يا شيبان مخاريف يا شباب نص لبسة خفت على عيالي من تأثيرهم السلبي وحمد واحد توه صغير ومعه ماجستير ومن ناس معروفين ووضعه المادي زين.. وين ألاقي واحد مثله؟!! أنا ما كنت أبي أتزوج قبل عشان عيالي.. بس لما جاء حمد هذا قلت يمكن هذا يكون الأب المناسب لعيالي.. ثم ابتسمت: ولو ماعجبني وعجب عيالي.. حذفناه ورجعنا على رأس أخي راشد اللي هو بعد لازم يشوف حياته ومستقبله ويتزوج
*******************************
واشنطن بيت يوسف
الظهر
باكينام أنهت امتحاناتها بتفوق وهي مشغولة هذه الأيام مع هيا للتجهيز لعودتها للدوحة
تنزل للأسفل وهي ترتدي لباسا للخروج طقم مكون بنطلون رسمي وجاكيت طويل للركبة باللون الأخضر الفاتح وحجاب خليط من الاخضر الفاتح والغامق
تمر بيوسف الجالس في الصالة والمستغرق في القراءة تتسلل وراءه بخفة لتحتضن عنقه وتطبع قبلة طويلة على خده ثم تهمس في أذنه: بحبك.. وإيدك على المفاتيح
ابتسم يوسف وهو يشدها ليجلسها على حجره ويحتضن خصرها: إيه المادية اللي عندك دي.. مافيش بوسة لله يائمر
باكينام تخلص يديه برفق لتقف وهي تهمس برقة: خلصني ياواد يا بكاش أنا تأخرت على هيا
يوسف يطبع قبلة على أصابعه وينفخها باتجاهها: المفاتيح على الطرابيزة اللي عند الباب.. وما تتأخريش
باكينام تؤدي قبلة طائرة مشابهة وهي تتجه للباب وتلوح له: حاضر يائلبي
ذات الوقت هيا ترتب بعض الأغراض في الحقائب
مشعل يدخل عليها ويهمس بحنان: تعبتي نفسش حبيبتي.. انتظري لين تجي أنطونيا وتساعدش
هيا تبتسم وتهمس بمودة: أولا مافيه تعب صرت في الخامس.. يعني الوحم خلص وتوني مابديت في الثقل.. حتى موعد رجعتنا للدوحة ماشاء الله مناسب لحملي تمام وثاني شيء خل أنطونيا لين أجيب الأغراض اللي بأطلع أجيبها الحين مع باكينام
مشعل بدهشة: أي أغراض بعد مع ذا الشناط كلها؟!!
هيا بدلال لطيف: هاه حبيبي.. خواتك حوامل بأول بيبي ولازم أجيب لهم هدية تستاهل
مشعل بهدوء: لو على خواتي أنا متأكد إنهم مايبون شيء.. الدوحة مليانة.. أنتي ريحي نفسش بس
هيا تقف لتتجهز للخروج تمر بجواره لتقرص خده: مايصير ياقلبي.. مايصير
***************************
بعد يومين
بالأمس حمد ووالده قدما للخطبة بعد أن اتصلت شيخة بلطيفة في الصباح لتخبرها بموافقتها.. ولطيفة اتصلت بعمتها وأبلغتها وجاء حمد معه والده ومعه أيضا محمد بن مشعل وعبدالله بن مشعل اللذان قدما كجاهة لحمد راشد أعلن موافقته المبدئية ولكن لابد من أخذ موافقة أخته واليوم سيعطونهم الرد النهائي
اليوم أيضا وصول مشعل وهيا والعمل على قدم وساق في بيت عبدالله بن مشعل استعدادا لحضور الغاليين الغائبين
***************************
بعد صلاة العصر
مجلس راشد بن سالم
حمد جاء لوحده ليعرف الرد الذي كان إيجابيا
راشد بهدوء: أم طلال موافقة.. ومتى مابغيت تجيب المملك حياك الله
حمد بهدوء: مشعل ولد خالي عبدالله راجع الليلة من أمريكا متخرج.. عشاه الليلة في مجلس خوالي وبكره عشاه عندنا.. وأنت معزوم على العشيات كلها
فخل الملكة عقب يومين عقب صلاة العصر كن ماعندك مانع
راشد بثبات: خير إن شاء الله
حمد همس بهدوء عميق: أبو سالم كن ماعندك مانع أبي أكلم أم طلال ذا الحين دق عليها من تلفونك وبأكلمها قدامك
سالم انتفض بغضب ولكنه تنهد وهو يسيطر على نفسه: ذا الكلام مايصير يابو جابر..
حمد بذات الهدوء: ماحد منا ببزر.. وأنا قلت لك بأكلمها قدامك وهذا حقي وحقها
راشد رغم عدم اقتناعه بهذه الأفكار ولكنه يعلم أنه يطالب بحقه فعلا
اتصل بشقيقته وأخبرها ثم ناول حمد الهاتف وتأخر ليجلس بعيدا ..التصرف الذي حمده حمد له
حمد بهدوء: مساش الله بخير يأم طلال
شيخة بثقة مغلفة بالخجل: مساك الله بالنور
حمد بذات الهدوء: أشلونش وأشلون عيالش؟؟
شيخة بخجل عذب: طيبين طاب حالك
حمد بهدوء رائق: أنا حبيت أسمع موافقتش بنفسي.. أنتي صرتي عارفة بعيوبي.. وأم محمد اتصلت فيني وقالت لي إنها قالت لش كل شيء.. عشان تبري ذمتها قدامي.. فأنا استغربت إنش وافقتي عقب الكلام اللي سمعتيه
شيخة بهدوء رقيق: أنا سمعت إنك تعالجت.. والعلاج النفسي مهوب عيب.. أنا وحدة متعلمة وأعرف ذا الشيء.... وإذا كان على العيال هذي قسمة رب العالمين وماحد يعترض على حكم الله الشيء الثاني مافيه إنسان خالي من العيوب.. فيك عيوب مثل ما فيك مزايا.. ومثل ما بتلاقي فيني عيوب ومزايا.. المهم كل واحد يتقبل الثاني بعيوبه ومزاياه
حمد أعجب كثيرا بمنطقية تفكيرها وصوتها الذي جمع في عمقه هدوء شفاف مغلفة بروح مرحة متبدية حتى في حوارها الجاد
أردف حمد بثقة ثابتة: شوفي يأم طلال.. أنا واحد حياتي مليانة أخطاء.. وأكبر خطأ في حياتي سويته في حق موضي بنت خالي الله يسامحني لكني والله ماكنت في وعيي.. وهذا أنا تعالجت وأوعدش إنه إن شاء الله ما تنضامين في بيتي ولا عمر يدي تنمد عليش ولا أهينش.. لش القدر والحشيمة وتأكدي إنه عيالش عيالي.. ويمكن هذا قضاء الله سبحانه اللي راد يجمعنا إني أكون أب لذا الأيتام.. وإن شاء الله أوعدش إني أكون خير أب لهم
شيخة بتأثر: ريحت قلبي الله يريح قلبك.. عيالي هم أهم شيء في حياتي
حمد بهدوء واثق: زين أنا حاضر لأي شرط أنتي تبينه.. بس أنا عندي شرط واحد.. إنه حن بنسكن مع هلي هلي مالهم غيري.. وبيت الوالد كبير واجد
ابتسمت شيخة وهي تهمس باحترام: جعلك كبير قومك دوم وأنا وحدة أحب الونس والناس.. وهلك هلي بس شرطي الوحيد إنه لكل واحد من عيالي غرفة
ابتسم حمد: ماطلبتي شيء.. لكل واحد منهم غرفة كبيرة بحمامها الخاص وخلاص اسمحي لي أسكر.. أخيش يتفكر فيني كني مسوي جريمة
شيخة أغلقت الهاتف وهي تعيد صلاة الاستخارة للمرة العشرين وتدعو الله بعمق أن يكون حمد بحق والدا حقيقيا لأبنائها أولا.. وسكنا روحيا لها ثانيا
*******************************
بيت سعد بن فيصل بعد صلاة المغرب بقليل
مريم تجلس مع فهد في صالة الأولاد.. وهو ينشد على مسامعها القصيدة المطلوب منه تسميعها..
دخل عليهما سعد وهمس لمريم بمودة: مريم أنا بأروح لمجلس آل مشعل عشان نستقبل مشعل إذا جاء تروحين معي.. أوديش بيت عمش عبدالله؟؟
مريم برقة: لا أبو فيصل فديتك.. الحين مشعل يبي يقعد مع هله شوي.. خلهم براحتهم.. وأنا بأروح لهم عقب ما أصلي العشاء سونيا بتوديني.. تسهل طال عمرك في الطاعة
سعد بحزم هادئ: خلاص فهد قوم معي
فهد بخجل طفولي شفاف: يبه..ماعليه أقعد مع أمي وأجي معها؟؟
سعد بابتسامة: هاه يأمه؟؟ موافقة؟؟
مريم تحتضن فهد وتهمس بحنان: أكيد موافقة
سعد بحزم: بس يجيني في المجلس.. ما ينزل عند النسوان ولا يدخل عندهم
مريم بثبات: أكيد بدون ماتقول
سعد خرج وفهد أدخل نفسه أكثر في حضن مريم وهو يهمس بمودة صافية: يمه.. أنا أحبش واجد
مريم احتضنته بحنان مصفى: وأنا أحبك أكثر
فهد ابتعد عنها قليلا ثم همس: يمه ليه ما تعالجين عيونش عشان تشوفين
ابتسمت مريم بمرح: يعني أنت ما تبيني عشاني ما أشوف؟!!
فهد بجزع: لا والله.. بس عشان ما يصير مثل تيك المرة يوم طحتي على القزاز أنا خايف عليش
مريم عادت لتحتضنه وهي تهمس بحنان: فديت اللي خايف علي ياناس ثم أردفت برقة: أنا يا حبيبي فحصت واجد إبي ما خلا مكان ما وداني له.. وعقبه أخواني كلهم كل واحد منهم وداني ديرة بس لحد الحين مالقوا علاج لحالتي وخلاص يأمك أنا محتسبة أجري عند الله سبحانه.. إن شاء الله ربي يعوضني عن عيوني بالجنة.. قول آمين
فهد بحماس: آمين.. بس أنا بعد إذا كبرت بأوديش أعالج عيونش.. أبيش تشوفيني
مريم بابتسامة عذبة حنونة وهي تبعثر شعره: خلاص يمكن على وقتك يكونون لقوا لي علاج.. الطب كل يوم يتطور
********************************
بيت عبدالله بن مشعل بعد المغرب
الجميع في انتظار وصول مشعل وهيا اللذين ذهب عبدالله ومعه سلطان لاحضارهما رغم أن الشباب جميعهم حاولوا أن يبقى ليرتاح وهم من سيحضرون مشعلا ولكنه رفض وقال إن رجعة مشعل الختامية تستحق أن يكون من يستقبله هو بذاته كما كان هو من ودعه
مشاعل تقف مع جدتها عند الباب وتهمس بحنان: زين إنها أخر مرة توقفين ذا الوقفة الحمدلله.. سيحوا رجيلاتش
جدتها بحنان ممزوج بالتوتر والترقب: أنتي يأمش اللي روحي اقعدي.. لا تتعبين روحش وأنتي توش في شهورش الأولى خلش من خبال العجايز
مشاعل بحنان مصفى: لا والله.. أقعد وأنتي واقفة؟!! يا كبرها عند الله!! ننتظرهم سوا فديتش
موضي بابتسامة: أنتو يانواطير البيبان اقعدوا واللي يرحم شيبانكم
الجدة بصوت مرتفع: على شحم يالملقوفة
موضي تضحك: إيه والله ملقوفة وخذت جزاي.. قلبتي علينا يأم محمد وإلا وشرايش يأم محمد نمبر تو؟؟ (قالتها وهي تلتفت للطيفة الجالسة جوارها)
لطيفة بابتسامة شفافة: بصراحة تستاهلين.. جدتي بروحها ذابحتها الشفقة جاية حضرتش تفلسفين
موضي ترقص حاجبيها: زين يا لطوف.. خلني لين أزوج أبو محمد وأأدبش (موضي قالت هذا لأنها تلاحظ التغيير على لطيفة منذ عدة أيام.. وتريد التأكد)
لطيفة بمرح: تزوجينه في عينش ياقليلة الحيا.. زوجيه عشان أزوج راكان
موضي بمرح مشابه وهي تشعر بالسعادة لتأكدها من انصلاح الحال بين لطيفة ومشعل: لا تكفين كله ولا راكان.. توني ما تهنيت أنا وولدي.. لكن أبو محمد خلاص قد له 14 سنة عندش زهقتي منه
لطيفة بشجن: فديت قلب مشعل.. لو أعيش معه ألف سنة مازهقت منه
موضي (بعيارة): عشتو.. حتى الشيبان يعرفون يحبون.. شِين السرج على البقرة
لطيفة تقرصها في ذراعها: حن شيبان ياللي ما تستحين.. لا وبعد أنتي وذا المثل اللي كنه وجهش
ريم التي كانت تقف في الحوش دخلت كالإعصار: مشعل جاء.. مشعل جاء
الجميع وقفوا وهم في ترقب مفعم بالسعادة وأخيرا يعود مشعل نهائيا مشعل الابن والشقيق والأب مشعل الحنان المصفى والرجولة الصافية والسند الأخوي استنزفهم الشوق له عودة مختلفة هذه المرة.. معه ابنة عمهم تحمل ابنه.. عودة مختلفة مغلفة بالسعادة من كل ناحية يعود وكلهم يعيشون سعادة صافية تزايدت بعودة مشعل وربما كان أكثر أهله سعادة هذه المرة موضي فهو في كل مرة كان يعود فيها في السنوات الماضية كانت محملة بحزن ما.. وهي تخشى أن يكتشف مشعل مأساتها فيثور.. ولكنها اليوم سعيدة.. سعيدة جدا
مشاعل التي كانت تحمل هم شقيقتيها هي أيضا اليوم تحلق في السعادة.. سعادتها الخاصة أولا.. ثم التماع السعادة في عيون شقيقتيها بعد طول معاناة
لطيفة تعيش أيضا في سعادة عميقة تستحقها بعد كل هذه السنوات التي كانت فيها أخت الجميع وأم الجميع
مشعل وهيا يدخلان خلفهما عبدالله وسلطان تتلقاهم الجدة هيا التي ما أن رأتها هيا حتى ارتمت في حضنها وهي تبكي بنشيج خافت
الجدة تحتضنها بحنو وتهمس بصوت مختنق النبرات: بس يامش البكاء مهوب زين لش.. غريرش قده يحس فيش
هيا تقبل رأس جدتها ثم كتفها ثم يدها وهي تبللها بدموعها وتهمس بشجن: اشتحنت لش يمه واجد واجد
مشعل يميل من علو ليقبل رأس جدته وهو يهمس بمودة: وخري خليني أسلم على جدتي زين وإلا هي حقتش بروحتش؟!!
الجدة تحتضن رأس مشعل وهي تهمس بحنان مصفى: هلا والله إني صادقة مبروك التخرج يأمك رفعت رأسنا
مشعل باحترام حقيقي: رأسش مرفوع دوم يأم محمد
مشعل يلتفت لوالدته.. لوالدته دائما الحضور المغلف بالسماوية في روحه طيبة قلبها وتفانيها الصامت.. لم تشتكِ يوما مهما تألمت وحملت هم الجميع دون أن تكل أو تمل.. لا يعلم لِـمَ يشعر حين يرآها بعد غياب طويل بألم عميق يهز فؤاده؟! هل لأن قلبه ينتفض بوجع وطأة شوقه لها؟!! أو لأنه يعلم أن ألم الشوق استنزفها دون أن تشتكي
انحنى مشعل على كف والدته.. ولكنها سحبت كفها لتحتضن رأسه وتقبل خده بعمق.. وتهمس بشجن مشبع بالألم: مابغيت يأمك.. مابغيت.. ذاب قلبي وأنا كل سنة أقول ذا السنة أخر سنة
مشعل يحتضنها ويهمس في أذنها بحنان مختلف: خلاص يأم مشعل.. خلصنا.. مشعل ماعاده برايح ديرة.. قاعد عندش
أفلت والدته وهو لا يريد افلاتها ليتوجه لشقيقاته.. بينما هيا كانت تسلم على عمتها التي همست لها بحنان: بشريني منش يأمش.. عسى ماتعبتي
هيا تقبل رأسها وتهمس بمودة صافية: لا يمه فديتش.. ما تعبت ولله الحمد
مشعل يرى أميراته الأربع أمامه أميراته الأثيرات دائما وأبــدا
همس وهو يوزع أحضانه العميقة وقبلاته الدافئة عليهن وهو يحمل ريم التي تتعلق برقبته: أم محمد لا تكونين أنتي بعد حامل؟!!
لطيفة همست بمرح: والله كان فيه مشروع بس الله راد ما يكتمل
مشعل بقلق: سقطتي؟؟ ثم أردف بغضب: ولا حد قال لي
موضي تبتسم وهي تعيد احتضان مشعل وتقبيل خده: يا أخي خل ذا العجوز توخر من دربنا عيالها حلوين تبيها تجيب واحد معنا يأكل الجو على شواذينا
مشعل بعتب: بس بعد زعلان عليكم كلكم.. يعني لطيفة تسقط ولا حد يقول لي.. حسابكم بعدين ثم أردف وهو يلتفت لمشاعل ويهمس بحنان: وآنسه مستحية وش علومها مع الحمل؟؟
مشاعل بخجل رقيق: تمام جعلني الأولة
ثم التفتن لهيا التي أنهت السلام على عمتها وهن يهتفن بحماس: يا الكرشة الكرش عليش تجنن.. وش ذا؟؟ محلوة واجد مع الحمل تجننين
لقاء مفعم بالمشاعر جمع بين هيا وبنات عمها.. مودة صافية وحقيقية لقاء حافل جعل دموع هيا تتساقط وتختنق بعبراتها وهي تتذكر كل مرة تعود فيها للدوحة هي وأمها فقط تفتحان بيتا مهجورا مغبرا تعوي الرياح والوحدة في أرجاءه يلفهما السكون والحزن وذكرى سلطان تغتالهما كلاهما تزايد تساقط دموع هيا وهي تتذكر والدها ووالدتها وحياة الوحدة والوحشة التي عاشتها طوال سنوات
حين عادت المرة الماضية كانت تعود بتوجس كيف سيستقبلونها آل مشعل ولكنها عادت هذه المرة بحماس وشوق غامرين لعائلتها المثقلة بالحب والحنان والتكاتف والكبرياء.. حتى كبرياءهم الممقوت كان رائعا في عينيها لأنه يتلبس عائلتها التي لن تتكرر..
بعد انتهاء السلامات هيا جلست ومشعل جلس جوارها
وسلطان هتف بحماس: هويه شوفي عندش فرصة لين عقب عشاء الرياجيل تطلعين أشرطتي اللي وصيتش عليها ياويلش لو طلعتي ناسية شريط واحد
أبو عبدالله ينهر سلطان: سلطان تركد.. قشانك مهي بطايرة جعلك تخرفها إن شاء الله ( = أغراضك مهيب طايرة جعل عمرك طويل)
ثم التفت لمشعل وهو يهمس له بحنان رجولي خاص: مشعل أنا بأروح للمجلس.. وأنت الحقنا يأبيك.. الرياجيل يتنونك
مشعل هتف لوالده باحترام عميق: أبشر يبه
ثم التفت لهيا التي كانت تبكي بصمت وبشكل غريب وهمس في أذنها بخفوت حنون: ياقلبي أنا أبي أعرف ليه من يوم نجي للدوحة تصيرين صياحة المرة اللي فاتت والمرة ذي.. في أمريكا ما سويتي كذا
هيا تدير عينيها في أهلها المحيطين بها: جدتها وأم مشعل وموضي ومشاعل ولطيفة وبنات لطيفة.. وعمها وسلطان اللذين يغادران وتفكر فيمن تعلم يقينا أنهن سيأتين: عمتها وبناتها وأم مشعل وبناتها وأم فارس وعمها محمد.. كل أهلها بلا استثناء يحتلون تفكيرها إلى جانب ذكرى ضخمة أبدية هي ذكرى حصة وسلطان.. همست لمشعل بصوت خافت بشجن عميق بعمق آلامها وأحزانها التي عاشتها طوال سنوات وسنوات:
الحين يا مشعل مالي حاجة أمثل القوة الله يخليك لي ويخليهم كلهم لي.. ولا يحرمني من حد منكم
#أنفاس_قطر# . . تمت بحمد الله أيام "أسى الهجران" ولياليها
دعاء ختم المجلس
"سبحانك الله وبحمدك، أشهد ألا إله إلا أنت.. أستغفرك وأتوب إليك"
لابد لكل شيء من اكتمال ونهاية وهاهي أسى الهجران انتهت ومضت أيامها بحلوها... وحلوها فأسى الهجران ستبقى ذكرى أبدية رائعة في مخيلتي رغم كل الصعوبات والمضايقات التي مررت بها خلال كتابتها كانت رفيقتي في ثلاث من أهم مراحل حياتي حملي الأول ثم تخرجي ثم طفلي الأول كانت مفتاحا لقلوبكم الأطهر.. جمعتني بكم على المودة والخير أعترف أن الفراق صعب فأسى الهجران كانت معي طوال ستة أشهر شخصياتها هم بعض من أهلي والحوارات معكم حولها بعضا من دفء حياتي ولكن جمال الشيء باكتماله واكتماله كان أولا وأخيرا بكم ولكم
نبضات قلبي أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه وأرجو منكم فقط أن تدعو لي ولأهلي كلما مررت بخاطركم . . أنفاسكم أنفاس قطر . .منقوووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول .
| |
|
| |
| رواية اسى الهجران | |
|